Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

المقدم علمي حسين - الكتيبة 133 صاعقة / معركة أبو عطوة

 

أنها قصة فيلم سينمائي من الدرجة الاولي ، بطولات رجال الكتيبة 133 صاعقة في معركة أبو عطوة يرويها أحد ابطالها وكان في سن الشباب وهدفة كهدف الملايين من الشعب المصري وقتها ، النصر أو الشهادة ، يشرف المجموعة 73 مؤرخين ان تلتقي بالبطل الفدائي علمي حسين وتؤرخ معة علي مدار سبع ساعات كاملة عن تفاصيل تلك المعركة ، ونقدمها هدية للشعب المصري ، والذي نتمني من الله ان يقرأ الشباب قبل الكبار تلك الملحمة الرائع

 

حوار البطل 

 

أولا يشرفني أن أسجل مع مجموعة 73 مؤرخين،

الاسم: "عِلمي سيد حسين كامل عبد الفتاح"

تاريخ الميلاد: 1 ابريل 1950

شاهد فيديو للبطل 

 

 

من مواليد القاهرة، وُلِدتُ في حي الحسين، منطقة شعبية، والحمد لله ترعرعتُ فيها.

اسم "عِلمي"

أبويا الله يرحمه كان ضابط في القوات المسلحة وكان له صديق دكتور اسمه "عِلمي" استشهد في حرب 1948، وكان أبي في هذه الحرب قبل مولدي بسنتين.

في المدرسة كانوا يقولوا لي "عِلمي" ، "علي" ، "حلمي"... مزاح مع المدرسين، وعُرِفتُ بإسم "عِلمي".

حتى أولادي الآن وأحفادي ينادونهم "عِلمي" فأصبح إسم "عِلمي" هو إسم شُهرة

ونحن من مواليد حي الحُسين، كنا جيران الشيخ " متولي الشعراوي" كان يسكن في الشقة التي فوقنا ونحن تحته في مدخل 5، شقة 3، وهذا تاريخ جميل جدا في رحاب الشيخ "محمد متولي الشعراوي" وكنت أصاحب ابنه "أحمد شعراوي" أصدقاء جدا وكل يوم نجلس بعد صلاة المغرب مع الشيخ "محمد متولي الشعراوي" رحمة الله عليه واستفدنا من علمه والحمد لله تربيت دينية الحمد لله في حي الحُسين" وتربية في نفس الوقت شعبية كلها الشهامة والنخوة والرجولة، كان كل أصدقائي يجيئون لي على "قهوة الفيشاوي" نجلس ونتقابل، كان مركز تجمع لنا في رمضان، وأصدقائي سباحو النادي الأهلي،

دخلت النادي الأهلي سنة 1958 وحققنا الحمد لله بطولات في السباحة وكرة الماء وبعد ذاك دخلت الكلية الحربية سنة 1970.

الأسرة: أبي وأمي رحمهم الله، كنا تسعة. خمسة أولاد وأربع بنات. أكبرنا اللواء "محمد عبد الفتاح سيد حسين كامل" رُبّان أعلي البِحار، وكان لواء سابق في البحرية. الأخ الأكبر "محمد عبد الفتاح" هو طبعا له أفضال عديدة وهو مواليد 1945، وهو من معلمي البحرية، علموا أجيالا في جناح الإنقاذ البحري، في رأس التين، وكانوا من مشاهير البحرية، وهو دُفعة 17 بحرية. له عمليات خاصة في الحرب وعمليات خاصة في الإنقاذ، قناة السويس، حرب الاستنزاف، وأثناء وبعد وحرب 1973، هو تاريخ لوحده.

بعده الدكتور "علي كامل"...

دخل الكلية الفنية العسكرية، كان متفوق جدا ويعتبر نابغة، كان في مدرسة "خليل أغا الثانوية" مع الرئيس "عبد الفتاح السيسي" ونحن نعتز بهذه المدرسة خليل أغا الثانوية لأن الرئيس " عبد الفتاح السيسي" من الجمالية أصلا ونحن نشأنا من الجمالية، نعتبر جيران وكنت أسمع عنه كل خير، أنا دُفعة 62، وهو سعادة الرئيس بعد ذلك، وكنت أسمع عنه كل خير عن طريق "أحمد شعراوي" ابن الشيخ "محمد متولي الشعراوي" كان بينهم صداقة لكن أنا لم أقابله إلّا في مدرسة الصاعقة، وعندما حصل على دورة الصاعقة سنة 1977 سعادة الرئيس كان في نهائي الكلية الحربية. كان النظام الذي اتُّبِع بعد حرب 1973 كل طلبة الكلية الحربية تأخذ دورة صاعقة ومظلات.

من الأمور الجميلة التي أعتز بها أن رئيس جمهورية مصر العربية من حي "الجمالية" وأنا من حي "الجمالية" وهو كان له اسم مرموق نسمع عنه كل خير من أصدقائنا ومن زملائنا في الكلية الحربية مع فارق الدُفعات والسِن، أنا موليد 1950 وهو 1955 تقريبا، فارق خمس سنوات ليس كبير. أيامها كنت برتبة نقيب في الجناح الراقي - مدرسة الصاعقة، وهو طالب في المدرسة مع طلبة الكلية الحربية ليأخذوا الدورة، هذا شرف لكل فرد أن يفتخر أن رئيس الجمهورية من نفس الحي الجمالية ونفتخر بحي الحُسين ونفتخر بالشيخ "محمد متولي الشعراوي"...

أما عن أخي الدكتور علي، ترك الفنية العسكرية واعتبروها فترة جيش وهو كان يهوى الطب، وتفوق فيه وسافر فرنسا وأصبح الدكتور "علي سيد حسين كامل" الشهير بـ "علي كامل" وله تاريخ عريق جدا فرنسا وحصل على أربع شهادات دكتوراه وكان صديق وزميل "أحمد زويل" رحمه الله. في فرنسا عمل "النادي المصري الفرنسي" شيء جميل جدا كان ثقافته عالية ومتفوق جدا، كان سيتقبل المصريين هناك ويرحب بهم ويساعدهم، هذا أخي، دكتور "علي كامل" وفي نفس الوقت كان بطل مصر في السباحة، وكرة الماء، يلعب مسافات طويلة.

هذا تاريخ العائلة لإن والدي - رحمه الله - كان بطل عالم في السباحة سنة 1936، أيام الملك فؤاد الأول، وحضر أوليمبيات برلين معه "حسن عبد الرحيم" و"عبد المنعم عبده" ومجموعة أبطل العالم - مسافات طويلة، وبعده "أبو هيف" أبي من أول من عبروا المانش سنة 1936 من فرنسا لإنجلترا، وهذا تاريخ لوحده وهو كان من أبطال ومشاهير السباحة، أبطال العالم، بالإضافة لعمله كان مسؤول عن التدريب في قصر الملك فاروق بعد ذلك، في عابدين.

دائما كنا نذهب إلى قصر الملك في عابدين و بداية تعلمنا السباحة في حمام السباحة الخاص بالملك فاروق، في قصر عابدين، كلنا.

أخي "سعيد" رحمه الله، توفى مبكرا، 29 سنة.

وبعده أخي "محمود سيد حسين كامل" دخل كلية حربية أيضا ومنها إلى سلاح الصاعقة وهو من مشاهير الصاعقة ووحدة مكافحة الإرهاب الدولي "777" مع "أحمد رجائي" رحمه الله، وأخي "محمود" بطل خماسي حديث، مِن أول مَن لعب رياضة الخماسي الحديث على مستوى القوات المسلحة المصرية، وكان لاعب سباحة وكرة ماء في النادي الأهلي، وله تاريخ عريق جدا في الصاعقة و 777.

بالإضافة إلى ذلك، انتقل إلى الأمانة العامة وكان نجمه عال، من الضباط المشهورين في قوات الصاعقة، بلياقته وكفاءته وأخلاقه العالية،... بقي فترة طويلة بعدما خرج، إلى اتحاد رياضة الخماسي ثم انتقل من اتحاد الخماسي ليكون أمين عام اتحاد التراثيليون (اللعبة الثلاثية الجديدة) وفيها بطولة العالم انتهت في شرم الشيخ يوم 14، وهو كان ينظم ومعه رئيس الاتحاد "أحمد نصر" بطولة ناجحة بكل المقاييس اشترك فيها 400 لاعب من جميع أنحاء العالم. هذا أخي "محمود" رشحوه للمرة الثانية أمين عام الاتحاد العربي للعبة التراثيليون.

أخواتي البنات، أربعة

أختي الكبيرة كانت متزوجة "فاروق عبد المجيد" مدير الشركة الشاملة وبيع المصنوعات وهو أخو دكتور "علي عبد المجيد" وزير الدولة للتنمية الإدارية، أيام الشيخ "الشعراوي" عندما استلم وزير الأوقاف، هم الاثنان تسلموا وزارة في توقيت واحد، الشيخ شعرواي استلم وزير أوقاف والدكتور علي عبد المجيد استلم وزير الدولة للتنمية الإدارية.

أختي فاطمة، رحمها الله،

بعدها أختي عايدة،

وبعدها أختي نعمة، كانت متزوجة لواء "عادل زغلول" وهو كان مسؤول عن معهد اللغات للقوات المسلحة.

وُلِدتُ في أسرة توجهها عسكرية، أبي رجل عسكري، وله علاقة بالملك.

سنة 1952 عندي سنتين، وأبي طبعا عاش فترة الملك، وقامت 23 يوليو، لم يكن هناك شيء يؤثر علينا، بل نحن عائلة رياضية مجالنا بعيد عن السياسة. ومازلنا متمسكون بهذا نحن أبطال رياضيون ننفذ تعليمات قياداتنا كل في مجاله، لم نتطرق يوما للسياسة... حياتنا كلها في النادي الأهلي، رحمه الله أبي علمنا أو توارثنا منه لعبة السباحة وهو بطل عالم، وعلمنا كلنا ونحن صغار نزلنا المياه وعمرنا ستة شهور، وسنة وسنتين، وتعلمنا كلنا وتربينا ويعتبر النادي الأهلي بيتنا الثاني.

كان عمري ستة سنوات وقت العدوان الثلاثي.

أتذكر عندما يقولون أطفئوا الأنوار، ويدهنون زجاج البيوت بالصبغة الزرقاء،... أتذكر أمي يرحمها الله وأبي ضابط في القوات المسلحة يعني ليس موجود في البيت ونحن صغار وأمي متحملة مسؤولية كبيرة جدا، فلا أنسى عندما كانت توقد "اللمبة الجاز" أو "اللمبة السهاري" لتطبخ لنا أكل... في 1956 أختي مولودة جديدة وفي الرضاعة وضع ليس سهلا وأنا عندي 6 سنوات وأخي "علي" 8 سنوات، و"محمد" أكبر من بخمس سنين يعني عمره 11 سنة تقريبا... أكبرنا عنده 11 عام، وأصغرنا في 1956 أختي مولودة...

وأنا في الإعدادي وثانوي وهذه نقطة هامة جدا، من صغري جريء جدا أحب ماهو فوق المألوف، لدي جرأة وهذا سبب لخوف أمي عليا دائما تسأل إلى أين ذهبت وجاء من أين.

أحب دائما آخذ قراري بنفسي لا أحب أن يقودني أحد، سبحان الله هذا منذ صغري.

كنت في مدرسة "خالد بن الوليد" الإبتدائية وأتذكر جيدا كان لي شخصية مستقلة ولم أكن أقبل أي من زملائي أن يقع في مشكلة، كنت أتدخل ليحصل الناس على حقوقهم.

ودخلت مدرسة "الدواوين الإعدادية" نفس الشخصية ألعب سباحة في النادي الأهلي وبطولات، وأحضر إلى المدرسة الميداليات حصلت عليها ويكرمونني، أمور جميلة.

في هذا الفترة ليس لي هدف محدد، العائلة أخوالي وأعمامي يزوروننا "ماذا تحب أن تصبح؟" فأرُد "أحب أطلع ضابط" يعني مثل أبي. هذا ما أتذكره.

وأخي الدكتور "علي" يقول "أنا أود أن أكون طبيب" رغم أنه دخل فنية عسكرية، خرج وأصبح طبيب.

وأخي الكبير "محمد" كان دائما يقول "أنا عايز أبقى ضابط" ويحدد "ضابط بحرية".

عندنا كانوا يسألونني كنت أقول دائما أود أن أصبح ضابط، مثل أبي. رحمه الله.

دخلت مدرسة "الخديوية" تعتبر في وسط القاهرة بين حي الحسين وسيدة زينب، وهي مدرسة عريقة جدا، وكان فيها رياضة الرماية. وهنا مدرسة الخديوية الثانوية كوّنت شخصيتي ، وبدأت أحقق الهدف (ماذا تريد أن تصبح) وأنا في المرحلة الثانوية.

دخلت هذه المدرسة، لها فضل عليا في أمور عديدة جدا، هذه المَدرسة كانت تشجع الرياضة وأنا رياضي، داخل المدرسة بطَل معي ميداليات والحمد لله فكانت تشجعني جدا، وأتذكر ناظر شديد اسمه "السَلَماوي" كان ناظر شديد جدا، وكان يدور يعمل عسكرية صباحا، طبلة وطرومبيطة و يوقف تشريفة ونرتدي زي الفتُوّة، كانت زمان توجد مادة الفتوَّة، وهذه تصقل الطلبة، تغير مفهومك واتجاهك.

كيف؟

فيها نشاطات عديدة وميدان للرماية، المدرسة تعتبر من أكبر المدارس في المنطقة وأتذكر أن كان فيها 17 فصل ونحن في الثانوية العامة، وفصل متفوقين، وتشجع الرياضة بطريقة غير عادية، ناظر المدرسة كان له دور كبير جدا، يحب الأبطال ويكرمهم في طابور الصباح وكنت حصلت على ميداليات أيام بطولات القاهرة والجمهورية، وأنا في النادي الأهلي.

أتذكر كان معنا مدرس من المدرسين الموهوبين في التربية الرياضية رآني وقوامي الرياضي فقال ألعب رياضة كمال أجسام، المدرسة فيها كل الأدوات الرياضية، فيها متوازيان، عُقلة، حديد،... ملاكمة، رماية، مصارعة، كل شيء، مدرسة الخديوية تشجع كل الألعاب الرياضية،

فلعبتُ كمال أجسام، وأنا في مرحلة أولى ثانوي وثانية ثانوي، وأتذكر حصولي على المركز الثاني جمهورية مدارس لكمال الأجسام وكانت مفاجأة بالنسبة لي، وفي ذاك الوقت "جميل حنّا" من مشاهير كمال الأجسام هو الأول، وأنا الثاني.

الخديوية الثانوية لها تاريخ كبير، خرّجت وزراء ضباط وقادة. وتعتبر بالنسبة لي مرحلة أتذكرها دائما وغيرت اتجاهي في الرياضة فترة، ولعبت كمال أجسام وحصلت على مركز ثاني بطولة جمهورية مدارس، وعلموني الرماية.

1967

كنت في أولى ثانوي، فترة ثانوي، وكانت صعبة جدا على الشعب بالكامل، شعرنا بها، وكانت فيها فترة مظاهرات، والمدارس الثانوية التي بجانبنا يخرجون ويعملوا مظاهرات، ومدرستنا تتزعم

بدأنا نتأثر، بلدنا ومصر،

في هذه الفترة في المدرسة تغير فِكري، عائلتنا عسكرية ومتدينة، وفي 1967 اثنان من اخوتي دخلوا الكليات العسكرية، أحدهم دخل فنية عسكرية والثاني التحق بالبحرية.

وأبي كان في الخدمة وحضر حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973.

تأثر البيت وأتذكر عندما تنحى الزعيم جمال عبد الناصر كنت في المرحلة الثانوية، الشعب خرج كله في توقيت واحد، شيء غير مرتب، الشعب كله في الشارع لا تتنحى لا تتنحى، لا أنساه في هذه المرحلة، الشعب مرة واحدة يتمسك بالرئيس أرى لأنهم يحبوا جمال عبد الناصر وأنا شخصيا كنت أحب جمال عبد الناصر جدا لعدة مواقف، الموقف الأول وأنا عندي 6 سنوات كنت أحب أن أشاهد موكبه عندما يذهب إلى الصلاة في الأزهر الشريف ونحن كنا صغار نقف نحييه... 6 سنوات كان هو يمر ويحيي وأنا طفل صغير كان جسمي يقشعر، أشعر أنه يحييني أنا شخصيا، هذا شعرت به حقيقة، وأحببت شخصيته جدا لأنه زعيم وجريء، وأتذكره يقول "سنقاتل سنقاتل" وفي هذا الوقت 1956 كان العدوان الثلاثي على مصر، كل هذا في ذاكرتي.

الموقف الثاني في 1967 والشعب خرج وأنا خرجت وجدت نفسي فجأة في منطقة باب الشعرية أتجه إلى العتبة ثم التحرير، وفي وسط الشعب والناس تهتف... الشعب كله خرج، شيء غير مرتب، لا أعرف أفسر هذا غير أن الشعب يحب قائده ويتمسك به ويريده أن يكمل معهم.

الموقف الثالث، أثّر فيَّ جدا في مرحلة الثانوي أمشي في الشارع أشاهد الجنود المصريين يركبون الأتوبيسات ونحن في حي الحسين منطقة شعبية ولنا جرأة نحن بلدنا، وهناك لفظ لا أنساه إلى الآن، تحسبها نكتة أو شيء لكن إلى الآن في أذني، واحد من أصحاب المقاهي (الفيشاوي والحسين...) هو يجري على الأتوبيس في شارع الأزهر ونحن كنا نركب أتوبيسات ونذهب للنادي بأتوبيسات والحياة كانت جميلة وسهلة ليس هناك زحمة السيارات الآن ولا هذه المظاهر، كنا بسطاء جدا، فكان عسكري يجري ويركب أتوبيس وهو يرتدي الزي العسكري، فقال له انت لا زلت تجري؟ فهذه الكلمة جعلتني أرجع أكلم أبي أقول له حصل كذا، فقال لي أكيد هذا لا يفهم شيء من قال هذا للعسكري أو الجندي المصري أنك لسا بتجري (طبعا النكسة أثرت على الشعب وأثرت في الناس) وهو شعب نكتة ولكن هذا الموقف أثر فيَّ جدا اخترت وأنا في المدرسة أغير اتجاهي تماما أقول يارب أخلص وأدخل الكلية الحربية، وأدعى الله، أكتب في الكراسات في جميع الكراسات في أول صفحة:

بسم الله الرحمن الرحيم

"وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"

وزمان كنا نجَلّد كراسات المدرسة، أكتب آيات قرآنية في أول صفحة، آيات الشهادة والقتال... وبعدها صدق الله العظيم، حتى المدرسون لاحظوا هذا.

بدأتُ أعد نفسي معنويا من هذا الوقت ولم يكن لدي هدف إلّا الانتهاء من الثانوية العامة لألتحق بالكلية الحربية.

تدين، رياضة، حب الوطن

البيت، أبي رحمه الله ربَّانا أن كل واحد له رغبة ولم يقُل لي مرة ادخل كذا أو اعمل كذا، ولا ذاكر أو لا تذاكر، ربّانا على التدين والرياضة وحب الوطن. أبي وطني جدا لأنه ضابط في الجيش، حارب في 1948، فلما دخلت قال "هذه رغبتك؟"

أمي، متدينة جدا، حياتها كله متفانية في تربية أولادها وخدمة البيت، حصلَت على الإبتدائية من الألسن في سن صغيرة وبعدها لزمت البيت لتراعينا وتربينا كما أمر الله وأنزل نأكل من يديها ونتجمع، الأم المصرية البسيطة الجميلة المتواضعة تحب بلدها، زوجها ضابط وأولادها كلهم دخلوا القوات المسلحة.

كنت جار الشيخ الشعراوي، تعلمت منه التدين الحقيقي، تأثرت به جدا وبحي الحسين، منطقة متدينة، يأتي كل علماء الأزهر يخطبوا في الحُسين.

هو وطني ومتدين. عشت معه في بيت واحد وأولاده أصدقائي، والشيخ متولي الشعراوي جريء لا يخاف ولا يهاب إلّا الله سبحانه وتعالى.

من 1967 إلى 1970 (قبل دخولي الكلية الحربية) إعداد الدولة للحرب، الشعب يقف مع الجيش ومع الرئيس، نتحمل كل شيء، نقف في الطابور لنشتري فرخة، وهذا رأيته، تقف في طابور طويل من أجل كيلو لحمة، أو تموين الأسرة، الدولة كانت تعد للحرب، لا أحد يتكلم، هذا الشعب المصري وقت الشدة يمكن لا يأكل، هذا رأيته، لكن كرامته.

هذا مما شجعني أن أكون مثل أبي واخواتي الذين سبقوني ودخلوا الكلية الحربية والبحرية، لابد أن أدخل الكلية الحربية، والحمد لله وفقني الله ودخلت الكلية الحربية...

أول يوم في الكلية الحربية، طالب مقاتل "علمي" أريد أن أدخل سلاح الصاعقة، سمعت عن "جلال هريدي" مؤسس الصاعقة والعمليات التي كانوا يقومون بها، وعملية "راس العِش" وأبطال المجموعة 39 قتال، والصاعقة بالنسبة لي هدف.

تذكرت الآن في كشف الهيئة كان اللواء أركان حرب "محمود زكي عبد اللطيف" قائد الكلية الحربية في ذلك الوقت، وكبير المعلمين العميد "علي زيوَار" (معلق كرة القدم المشهور) يعرفني شخصيا من النادي الأهلي من بطولات السباحة وأعرفه، في كشف الهيئة كل مؤهلاتي سباحة وبطل سباحة ومجموعي، كل ذلك يؤهلني للكلية البحرية، وقائد البحرية يريدني، و"محمود زكي" رحمه الله سيادة اللواء أركان حرب "محمود زكي عبد اللطيف" من الشخصيات القوية جدا وفي الانضباط العسكري، سألني (لأنه وقتها كان مدير الكلية الحربية) وصوته جهوري وشديد وأنا على مسافة طويلة، الممر طويل إلى أن أصل إلى لجنة كشف الهيئة، شيء له رهبة، أنت داخل كشف هيئة، هذه رهبة كبيرة، مدنيون لم نتعلم العسكرية بعد، كنت رياضي وبطل كمال أجسام وبطل في السباحة، داخلا جسمي مشدود وممشوق فحصل حدة عَليا قليلا،

"ياطالب انت رغبتك ايه" محمود وكي عبد اللطيف يسأل،

أجبت "رغبتي الحربية" فسألني سؤال أتذكره

"مؤهلاتك كلها بحرية" قلت له "يافندم أنا رغبتي أدخل الصاعقة" قال "ماذا تعرف عن الصاعقة؟" قلت " أعرف مؤسس الصاعقة جلال هريدي، وأعرف محمود عبد الله، وأعرف المجموعة 39 قتال، وأعرف عملية راس العِش،..."

"من أين عرفت كل هذه المعلومات؟"

"كل هذا في الراديو والجرائد... أحب أن أكون ضابط صاعقة، وأحب أن أدافع عن بلدي"

"طيب، هذا ستفعله في البحرية أيضا"

حوار دقيقتين...

وأتذكر كان لي أصدقاء ونحن طلبة، والرغبات (مدفعية، دفاع جوي،...) اتجاهي مباشرة للصاعقة، مشاة، زملائي يقولون رجال الصاعقة يموتون، هذا رغبتي أتمني في يوم أكون شهيد، الشهداء يضحوا من أجل مصر، هذه بلدي وهذه جيناتي، أتمني أن أكون شهيد، لكن الله سبحانه وتعالى لم يختارني، لأسباب هو أعلم بها، لا زلت أحب الصاعقة وهي في عروقي ودمي ولا زلت أعتبر نفسي في الصاعقة المصرية، مشروع شهيد.

في الكلية الحربية

أول سنة في الكلية الحربية ، حرب الاستنزاف، 1970 (أنا دُفعة 62 حربية) انتقلنا إلى جبل الأولياء في السودان، ركبنا طائرة أنتونوف صوتها يملأ الأذن.

وفي جبل الأولياء قضينا سنة كاملة، نعيش في خيام، لا توجد مباني والجو صعب وحار جدا، وأول ستة أشهر لم ننزل اجازة إلّا مرة واحدة.

تخيل أن تنتقل من الحياة المدنية للحياة العسكرية ولا يوجد أي نوع من أنواع الرفاهية، فترة المستجدين، فترة بسيطة جدا يُسلمونا المهمات، نتوزع على الفصائل والسرايا، هؤلاء كتيبة أولى وهؤلاء كتيبة ثانية، أتذكر فترة المستجدين لم تكتمل 50 يوما مثل الآن، أتذكر كانت مضغوطة، وركبنا الطائرات وكنا دفعتين كاملتان، دفعة 61 و62، ترحلنا إلى جبل الأولياء سويا.

وجبل الأولياء، ناحية النيل نذاكر ليلا والتماسيح من تحتنا على عمق، ونحن في منطقة صحروية جدا، في خيام، أتذكر عندما تأتي هَبوبة، رياح مثل نافورة تنزع الخيام وكل شيء، حتى كنا نأكل الأكل بالحصى والرمل...

تحَملنا، وكان عندنا هدف. بداخلنا إصرار على مسح عار النكسة والهزيمة، دخلنا الكلية الحربية لهدف، أن نحرر بلدنا، كيف أن العدو على أرضنا، كيف نأكل ونعيش وننام، هذا هو جيلنا وتلك معنوياتنا، دُفعة 62 أسميها دفعة الأبطال، فيها عدد كبير من الأبطال، وأنا أعتز بدُفعة 62، لأن فيهم رموز كثيرة جدا، منهم الفريق "عبد المنعم تراس" قائد الدفاع الجوي، وهو دُفعتي ورئيس الهيئة العربية للتصنيع، اعتز به... نحن في الصاعقة متماسكون جدا، أفتخر بهذا الزمن وهذا الجيل والقوات المسلحة المصرية في هذا الوقت الذي كنا فيه، القوات المسلحة المصرية على الرغم - وأنا أقول هذا - إمكاناتنا في الصاعقة كانت بسيطة جدا، بندقية 762في 39، دِبشك ينطوي، سلاح روسي، قنبلة يدوية وقنبلة هجومية، وآر بي جيه 7، هذا فقط. لكن الروح المعنوية للفرد وإعداد الفرد هو ما اشتغلنا عليه، حب الوطن... حب الشعب، الفرد، الجندي، نجلس نأكل مع جنودنا على الأرض، نأكل عيش ناشف في الدوريات، جبنة، معلبات، نطلع جبال ودوريات ودوريات في الملاحات وتخويض وجبال... جبال حلوان هذه (اسمها جبال مسخرة) نطلع من أول ضوء، وفي آخر ضوء تصل إلى قمة الجبل (جبال عتاقة، دورياتنا، في الجناح الخاص).

رأينا أيام صعبة جدا لكن هذه أحسن أيام عشتها معنويا من وجهة نظري.

متأثر جدا بالصاعقة أعتبرها بيتي، والصاعقة المصرية هي حياتي، إلى الآن.

أما عن فِرقة الصاعقة (وأنا طالب في الكلية الحربية) أيام الفريق وزير الدفاع الفريق صادق، رحمه الله، تخرجنا دُفعة الفريق صادق سنة 1972، في يوليو، بعد سنتين فقط في الكلية، سنة في جبل الأولياء (سنة السودان كانت صعبة جدا)، والسنة الثانية في الكلية الحربية في مصر الجديدة، وقتها وقف إطلاق النار ومبادرة روجرز، استراحت الدنيا ونامت.

الزعيم رحمه الله جمال عبد الناصر توفى، وأصبح الزعيم محمد أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية، كنا نحب جمال عبد الناصر جدا، حتى أول خطبة أتذكرها للزعيم محمد أنور السادات، كانت الناس لم تحارب بعد، ونكسة، وحرب استنزاف، لكن جمال عبد الناصر له كاريزما، نتأثر به جدا ولو حصل أخطاء، لا أقدر أن أقول عن جمال عبد الناصر إلّا أنه كان زعيم.

جاء السادات، لنا هدف، نحارب، والزعيم محمد أنور السادات لا نعرفه بعد.

الهدف واحد، لابد أن نحارب. أتذكر الشهداء زملائي من الصاعقة، من نزلوا خلف الخطوط، هذه بطولات لازال لها تأثير، شهداء ضحوا لتعيش مصر، من ضحّى ونزل خلف الخطوط، أتشرف بهم وأتذكر كثيرون "أحمد العدَوي" رحمه الله، زميلي في الكلية الحربية دُفعتي، و"العدَوي" طيب جدا، والكلية الحربية عبارة عن عنابر، سريره جنب سريري وزميلي في الصاعقة، أحبه جدا لأنه ريفي دائما يحكي لي عن أمه عندما يروح الريف وأخواته، "أحمد العدَوي" كان بسيط جدا لكن يحب مصر جدا، كل حياته يقول لي "أتمنى أن أكون شهيد" ونال الشهادة الحمد لله. لم أكن معه في نفس المعركة نزلوا خلف الخطوط ونحن احتياطي رئاسة عامة (كتيبة 133 صاعقة)، كنا 24 كتيبة صاعقة، لا أتذكر كتيبته، نزل في منطقة شمال سيناء ليعطلوا احتياطي العدو...

آخر السنة النهائية قالوا سيختاروا 25 طالب من الكلية الحربية صاعقة، و25 طالب من الدُفعة 62 مظلات، هذا ما أتذكره (قبل أن نبدأ الفِرقة) ونحن في نهائي كلية حربية، الاختيار على أساس اللياقة البدنية العالية والرغبة، ورغبتي أدخل الصاعقة، في هذا الوقت الفريق "سعد الدين الشاذلي" رحمه الله، كان استقلت الصاعقة عن المظَلّات في 1972 بعد أن كانت قوات خاصة، وحضر دفعتنا 62 حربية 25 منهم التحقوا بدورة المظلات، و25 آخرون في دورة الصاعقة، تم هذا الاختيار والتوزيع ونحن طلبة في سنة نهائي، دخلت وأنا طالب في الكلية الحربية، دُفعتنا 850 كلها مشاة تدخل فِرقة صاعقة، ليختاروا منهم 25 من دفعة كاملة مدفعية ومُدَرّعات وشؤون إدارية ودفاع جوي،... سلاحك المشاة، كل المشاة إلتحق بفِرقة صاعقة، ليختاروا منهم 50، 25 للمظلات، و25 للصاعقة.

الصراع داخل مدرسة الصاعقة، كل منا يريد أن يتفوق، ليتم اختياره في مكان صعب ليس فيه راحة... كان اختيار دقيق جدا من مُعلمي الصاعقة، أتذكر رحمه الله "الضُليفي" مسؤول عن جناح البيانات في هذا الوقت وأنا في جناح الصاعقة، شخصية رائعة، تعلمنا منه الكثير، تأثرت جدا باللواء "نبيل أبو النجا" اعتبره من المعلمين المعدودين، و"معتز الشرقاوي"... مع حفظ الألقاب، وتأثرت بشخصية اللواء "نبيل شُكري" قائد الصاعقة وكان في هذا الوقت برتبة عميد، وفي مدرسة الصاعقة معنا مُعلم شديد جدا، من الضباط الذين استفدت منهم وأعتبره رمز كبير "حسين سيد" وهو كان عملاق، تنظر له ونحن طلبة في كلية حربية، شيء كبير جدا، أيضا "طارق عبد الناصر" أخو الزعيم جمال عبد الناصر، و"محسن عشماوي" رحمه الله... أسماء لامعة في مدرسة الصاعقة، لها أثرها في ذاكرتي إلى اليوم، تعلمنا منهم الكثير، لياقة، قوة، نستيقظ بالمتفجرات، طوال الليل صاحيين في دوريات نمشي، تدخل العنبر تنام، بعد ثلاث أو أربع دقائق يرمي عليك عدسات الصوت، ونسميها متفجرات في هذا الوقت، والطلبة تجري وتجمع، ليس هناك نوم. بلدك محتلة، لن ننام، هكذا يعلموننا، وجدت نفسي في الصاعقة وأصبحت مُعلم في مدرسة الصاعقة وأنا ملازم أول، بترشيح منهم.

وفي هذه الفِرقة أصِبت في جبل عتاقة، كنت أتسلق الجِبال، وأنا نازل الجبل تعثرت قدمي في صخرة كبيرة فوقعت على كوعي اليمين ومعنا في هذه الدورية حفظه الله لواء "نبيل أبو النجا" في هذا الوقت ملازم أول، حتى أنه أوقف الدورية واتصل باللاسلكي (لا أنسى هذا اليوم) وقال "يا فدائي عِلمي، هترجع مؤخرة" يعني دورة الصاعقة بالنسبة لي تم إلغاءها، وهذه فِرقة خاصة على وشك أن أتخرج لأبدأ عملي كضابط، أتمنى أتخرج لأحارب، وأقاتل، هذا القتال في دمي،

فقلت له "سأكمل يافندم" قال "أنت تنزف"... لا أنسى هذا اليوم، ربطوا لي الجرح وكمّلت الدورية وبعد اجتياز الجناح الخاص حولوني لمستشفى كوبري القبة، حصل لي حالة تسمم، تلوث كوعي كله كان عمل بؤرة صديد والعظم بدأ يظهر، وأنا رابط يدي واتحمل، وعلت درجة حرارة جسمي في هذه الدورية.

وهذه كانت آخر دورية، الجناح الخاص. ربنا سبحانه وتعالى يختبرني، ابتلاني بإصابة، هنا ظهرت الإرادة وحبك للسلاح وأن تتخرج، لتكمل وتقاتل من أجل بلدك.

مَن دخل للصاعقة أو المظلات، من سلاح المُشاة، كلهم سيتم اختيار 25 منهم، كلمة حق في دُفعة 62 كلهم يريدون دخول الصاعقة (بالنسبة لرجال المشاة) من سُمعة الصاعقة في ذلك الوقت والمجموعة 39، هذا السلاح الذي يحارب، والقتال في معركة راس العش، والصمود... حتى 1973.

أتكلم على تاريخ

المظلات سلاح قوي، كله تحت قيادة سعد الدين الشاذلي، لكن الرغبة، أنا أتحيز للصاعقة وأعتز بسلاحي، ولازلت بداخلي أجلس في البيت ومع أولادي حتى زوجتي رحمها الله توفت من شهرين كانت تقول لي "طيب يكفي كلام عن الحرب، نتكلم مع الأولاد..." طوال حياتي اتكلم عن الحرب وعن الصاعقة، دفعتنا كلها هكذا، قلت لها لا يمكن كيف أنسى زملائي.

تخرجت في يوليو 1972، وتم توزيعي إلى كتيبة 133 صاعقة.

اختاروني المعلمون وتم ترشيحي من ضمن الخمسة وعشرين، وتوصية مكتوبة أمامي وأتذكرها وقالها لي مدير شؤون الضباط "سعد سليم" بعد سنين قال لي "يا عِلمي انت تم ترشيحك من أكفأ ضباط الصاعقة لكفاءتك في السباحة، كان له علاقة طيبة مع والدي وكان يسأل عني، قال لأنك لديك مواقف حتى في دوريات الصاعقة، عندما كانوا يعبرون ترعة الإسماعيلة، في رياح شديدة فكانوا يربطون الحبل في وسطي وأعبر لأني سباح وبطل مصر في السباحة، كنت أعبر ويعبرون بعدي على هذا الحبل. كنت أول واحد أفتتح العبور وأضع الحبل على وسطي وكان سميك جدا، حبل عبور، يربطونه في وسطي، اللواء "نبيل أبو النجا" حفظه الله، ضابط لديه وطنية وتدريب قاس جدا فوق العادة، له تاريخ وأعتز به، و"معتز الشرقاوي" كل من علمني في مدرسة الصاعقة، أعتز بكل ضباط الصاعقة في مدرسة الصاعقة في هذا التوقيت وأنا طالب في الكلية الحربية عندما تلقيت فِرقة صاعقة خاصة مدتها خمسة أسابيع بعدها مباشرة تخرجنا وتوزعنا على الكتائب لنأخذ فِرقة مُعلمي صاعقة، تخيل الفاصل بين دورة الصاعقة الخاصة وأنت طالب في الكلية الحربية تدخل إلى سلاح الصاعقة (25 تم ترشيحهم للصاعقة) لنبدأ دورة "معلمي صاعقة"

معلم صاعقة، دخلت أصبحت ضابط، قائد فصيلة صاعقة، فلابد أن تدخل فِرقة مُعلمي صاعقة كي تقود فصيلة صاعقة.

أول يوم، أخلع بدلة الطالب، لأرتدي زي ضابط، وأول رتبة، نجمة ملازم على كتفي...

هناك معلمون أعتز بهم، لكفاءتهم لأنهم علمونا يمشون معنا الدوريات، كنا نمشي من الإسكندرية للقاهرة، في الجناح الراقي نختمه أربع وثبات من أبو تلات، ونطلع أربع وثبات للقاهرة والدورية تصل 66 كيلومتر... هذه الصاعقة في الجناح الراقي نختم بها الدورية ونحن طلبة، وبعد الراقي فندخل الجناح الخاص.

بعد الجناح الأساسي نتعلم سونكي واشتباك ودوريات وتجديف... كل تدريب يؤسسك ويصقلك، ومن بعده إلى الجناح الراقي وهو عبارة عن دوريات قصيرة المدى ومتوسطة المدى وطويلة المدى، فيها تخويض، إبرار بحري، 21 يوم في منطقة اسمها أبو تلات في بداية الساحل الشمالي، دوريات عنيفة جدا تمشي في الملاحات وتخوض...

تفرد الخرائط، نعمل مجموعات، يعدك لتصبح ضابط... معي مُعلمين وكل شيء، لكن معي زاوية وبوصلة وأحدد هدفي، أقيس المسافة وزاويتي... أحدد نقطتي البداية والنهاية لكل وثبة، وأين تنتهي دوريتي. هذا إعداد ضابط، المعلمون يوجهوننا إن انحرفت بالبوصلة أو زاوية غير دقيقة يصحح اتجاهك فورا، وحصل أن تاهت مجموعة من عندنا. أتذكر كنا نأخذ فِرقة صاعقة والمعلم "حسين سيد" ومعنا عشرة فدائيون من منظمة التحرير، من فلسطين، بدل من أن نمشي للقاهرة (جنوب)، وصلنا (غربا) للعَلَمين.

مشينا ثلاثة أيام تائهين، توزعنا مجموعات، مشينا 256 كيلومتر، انحراف، حتى الطيران عندما طلع من مطار شرق يبحث عنا، أيام "سعد الدين الشاذلي، كان تسلم مهمته "رئيس أركان حرب القوات المسلحة" في هذا الوقت، يستقبل الدوريات، ويحب الصاعقة والمظلات، وهو مؤسس المظلات. تعلمنا منه كثيرا، الفريق سعد الدين الشاذلي كان يقف في الكتيبة يُعلم الجندي، الفريق سعد الدين الشاذلي أنا أفتخر به، ترك أثر كبير لدي.

معلم وقائد، سعد الدين الشاذلي علّمني كيف أحب الجندي وأنزل إلى مستوى الجندي... وكتب توجيهات، ودليل الضابط،... هدفنا نقاتل، نحقق نصر، بعون الله.

أول يوم في سلاح الصاعقة لأتسلم عملي

تخرجت من الكلية الحربية التحقت بفِرقة معلمي صاعقة، استكمالا لدور الطالب، لكن برتبة ملازم ثان، خلعت الرتبة لأن في مدرسة الصاعقة ليس فيها ملازم أو ملازم أول ولا نقيب ولا رائد ولا أي رُتبة، مدرسة الصاعقة مصنع رجال، كلنا فدائيون، الوطن غالى جدا عرفنا قيمة الوطن في 1967 لأنها كانت صعبة جدا علينا أن ننهزم وفي أرضك عدُو...

ليس لدينا وقت نجلس مع بعض، من قسوة التدريبات، وتُهنا ثلاثة أيام، واجتزنا فِرقة مُعلمي صاعقة ليس لدينا وقت نجلس نتحدث، تدريبات ليل ونهار، ليس لدينا وقت نتكلم في توزيع... فنترك نفسنا لقادتنا ثقة فيهم يوزعوننا كما يرون. بالنسبة لي أسلم نفسي للصاعقة على أساس أن أستعد وأجتاز الدورات لأدخل فصيلة ضمن سرية ضمن كتيبة صاعقة حتى أقاتل، ليس لي غير ذلك.

في مدرسة الصاعقة هناك شيء اسمه استقبال، يجمع لك معلمي الجناح الأساسي والراقي والخاص، يرتدون المموه يقفون لك كالأسود في ميدان مدرسة الصاعقة يستقبلونك بالبلاك جاك (rubber حزام مطاطي أسود يضربون به، ضربة منه تنمل جسم بالكامل)

وأيّ استقبال، هذا استقبال الرجال، وهذه بدايتنا.

لأننا نعرف أن هناك استقبال، والجناح الأساسي ينتهي بعلقة الجنينة.

وبالمناسبة، أنا دخلت علقة الجنينة ثلاث مرات، كل الطلبة دُفعتي دخلوا مرة واحدة، و"الشناوي" هو قائد الجناح الأساسي في ذلك الوقت، وهو من أدخلني، لإن طبيعتي وأنا تربيت في حي شعبي، حي الحُسين، ورياضي وبطل وعندي قوة، ولم أكن أقبل أن أضرَب علقة الجنيبة لابد أن تُضرَب، لماذا؟ تمر في ممر أشجار في الحدائق ينزل لك مُعلم من فوق شجرة أو معه خنجر، هذا الاختبار النهائي للتخرج من الجناح الأساسي، الاشتباك والسونكي والدوريات هذا اسمه "تقييم نهاية الجناح الأساسي" لابد أن تدخل هذا الممر "علقة الجنينة" عبارة عن حركات اشتباك التي تعلمتها خلال حلقة الاشتباك، اشتباك حر تَضرب كما تشاء وتُضرَب كما تشاء كأنك في معركة حقيقية.

دخلتُ أول مرة

دائما الطلبة بعدما يمشون في هذا الممر في الحديقة وهو ممر طويل له بداية ونهاية، تجري هدفك الخروج من الناحية الثانية، بدون تسليح، يتم الهجوم عليك، تخلص نفسك بالحركات التي تعلمتها في حلقة الاشتباك.

معلمو الجناح الأساسي كلهم يقيمونك، ولجنة عبارة عن منضدة يجلس إليها ضباط يقيمون الطلاب.

حصل معي أن معلم جاء ليقوم معي بحركة رمية فوق الظهر، فقمت أنا بحركة رمية فوق الظهر، وأنا أمشي أعمل كل الحركات وأدافع عن نفسي بقوة، لم أضرَب، أول مرة، وصلت وكانت لياقتي عالية جدا الحمد لله رآني قائد الجناح الأساسي، وكنت بطل اللياقة المفتوحة وبطل مصر في السباحة وكرة الماء وبطل كمال أجسام، جسمي وبنياني قويا وكنت أحب الدوريات القوية...

ناداني قائد الجناح الأساسي "فدائي، ابدأ مرة ثانية"

"حاضر يافندم" وهل نقدر أن نقول لا؟         

عدت من الأول، سجل اسمي للمرّة الثانية قال "سجّل للمرة الثانية، فدائي عِلمي" ... "بتضرب المعلمين؟" خش يا حبيبي... وقال هكذا،

وأمَر أن أدخل بدون أفرول وجدت جذع شجرة أو مثل شومة لكن شجر، يضرب على ظهري، لا أعرف كيف، لم أرها، آلمتني وعملت علامة في ظهري قوية، بلغ عني أن لابد أن يرى علامات.

وصلت في الآخر منهك القوى لكن أيضا واقف على قدمي الحمد لله، رأيت من زملائي من وقع على الأرض لا يقدر أن يتنفس من الضرب والجري ويخلص نفسه ويقوم بحركات ويواجه حركات، كلها معركة، تخيل 30 مُعلم في الجناح الأساسي كل واحد يعمل حركة، من يضربك أو يهاجمك بخنجر، وممر طويل، رغم لياقتنا وكنا نجري 10 كيلو صباح كل يوم للتسخين "صباح الخير يارجالة"

"صباح الخير يافندم"

"فدائيين جاهزين؟"

"جاهزين يافندم"

نجري في الحدائق 10 كيلو صباحا، رياضة بسيطة للتنشيط، لم نقوم بشيء بعد، ندخل لنتناول وجبة الإفطار يقول لك "ثابت، 10 عدّات" من 1 إلى 10... ثابت، وفي هذا العد لا تجد وقت للإفطار.

ترى من نزل خلف الخطوط يصمدون 18 يوم، ومن يصمد 15 يوم و 10 أيام، كل أبطال الصاعقة الذين تحملوا الجوع ومن صمد 200 يوم (عبد الحميد خليفة ومجدي شحاتة) و كل هؤلاء الأبطال الحقيقيون تدربوا على هذا.

هدف، نجوع، نتعرض لقسوة في التدريب...

معنا معلم شديد جدا "محسن عشماوي" وفي إحدى المرات خرجنا من الميس لم نأكل (أكلنا في 10 عدات فقط) وقفنا وأنا طالع دورية معي زمزميتان مياه يعني 2 لتر مياه، وسلاح وشَدّة،... فما عمل معنا؟ وهذا مخطط له أيضا...

"ثابت" وقفنا ثابت،

"طلع الزمزمية يافدائي" ، طلعنا الزمزمية،

"فضيها على الأرض"

طلعنا الدورية، مشينا 45 كيلو بدون مياه، وكانت إغارة، هجمنا فماذا فعل؟

كان قال ستركبون عربيات من هناك تصل نعمل غارة وعربيات مدرسة الصاعقة تأتي لتعود بنا،

فلم تأتِ وهذا تم التخطيط له، من ضمن التدريبات

قال أن العدو دمّر العربيات والرتل الذي كان سينقلنا، ضربه العدو بالطيران، عليك أن تأخذ زاوية (ومعك خرائط وبوصلة ومُعدّات) تتوزعوا مجموعات وترجعوا.

عُدنا 45 كيلو مرة ثانية، ليس معاك مياه ولا طعام، نمشي كنا نفقد طاقتنا ونتسند على بعضنا، في وقت أجُر "أحمد العدوي" وأجُر قليلا "صقر" (وهو زميلي، من كفر صقر) واتذكر كنا نسند بعض، ليس لدينا طاقة، كلنا، لكن سبحان الله.

أريد أن أذكر شيء هام، فينا طاقات - وهذه حقيقة - لم أشعر بها إلّا وأنا في الصاعقة ، كيف أمشي دورية 45 كيلو بدون مياه أو أكل، وأحدد زاوية وبوصلة وأعود.

بدأنا التحرك بعد العصر (قبل آخر ضوء بقليل) مشينا ورجعنا على أول ضوء، ماشيا 12 ساعة، ذهاب وعودة.

لم نمشي 90 كيلو، تركونا نمشي حوالي 12 كيلو، وجاءنا "أحمد عيد" رحمه الله وهو من جناح البيانات، كان ضابط 10 على 10، شكلا ولياقة... وهو ممن تأثرت بهم، وأيضا ملازم أول "هارون" وهو قوي جدا، سافر الولايات المتحدة بعد إنتهاء خدمته طلبوه في أمريكا يلعب رياضة وكان قوي جدا، و"هارون" من مشاهير الجناح الأساسي، معلم للاشتباك.

لم نمشي 45 كيلو، لكنها معنويات، هناك من معنوياته اهتزت والصاعقة فيها كل شيء.

عندما تتوقع أن تعمل غارة وتركب وسيلة مواصلات، فوجئت أن ليس هناك عربيات وتحتاج لطعام وشراب ومطلوب أن نمشي للعودة 45 كيلو كيف تكون معنوياتك؟ المنطق يقول أن تتأثر معنويا... المجموعة التي لن تصل، إلغاء الدورة...

دورية من الدوريات،

الشِدّة والقسوة،

تركونا ماشيين بالضبط 15 كيلو للعودة، كنا نقع وكان معنا معلمين، ماشيين معنا وأقوياء، لكنهم كانوا أكلوا ومعهم أكل وشُرب وكل شيء، يضعونك في مواقف صعبة، ولهذه المواقف هدف،

بعد 15 كيلو ثبتوا الدورية وجاء "أحمد عيد" معه رِتل عربيات زِل مكشوفة، ليس لها غطاء، ركبنا.

نريد مياه، فماذا فعل "أحمد عيد" ؟ رحمه الله، وضع لنا جركن مياه (جركن مياه القوات المسلحة، جركن جيش حديد، 40 لتر أو 20 لتر) وضعه وقال "مين عايز يشرب؟" من يريد أن يشرب يجيء هنا ومن لا يريد أن يشرب إلى هنا.

من سيشرب سيلغي له فرقته، ومن قلّت معنوياته ينقص ذلك من علاماته، لا أعلم ما يدور في رأس "أحمد عيد" رحمه الله، لكن واضح منه ان في المواقف الشديد تلك يقيمون ضابط الصاعقة، يقسون علينا في التدريب لأعلى درجة من أجل أن نصل لأعلى كفاءة قتالية.

وزع جركن المياه، عددنا في الدورية حوالي 35 أو 40.

كيف يوزع المياه من الجركن؟ بغطاء الزمزمية، تبل ريقك فقط، وتركب العربية.

بعد فِرقة معلمي الصاعقة موقف أتذكره إلى الآن، دخلت (من 25 التحقوا بسلاح الصاعقة) تم توزيعي على الكتيبة 133 صاعقة، السَّريّة الأولى.

كيف تم التوزيع؟ هناك أمور لا أعلمها، يعرفها القادة، كانت كتائب معينة حددوا أنها تنزل خلف خطوط العدُو (الموجة الأولى)... هذا ما سمعته لكن لا أجزم، رحمه الله "نبيل شُكري" هو يعرف، ومعه القادة. هناك أمور لا خوض فيها، لماذا؟ لإن الأمور سِرية جدا في كل شيء، ولم أعرفها بعد ذلك.

كل ما عرفته بعد ما توزعنا أننا احتياطي رئاسة عامة، مجموعتنا أربعة كتائب في يد الزعيم الراحل "محمد أنور السادات" يدفعها في أي اتجاه، مجموعة 139 صاعقة بقيادة العقيد أركان حرب "أحمد أسامة إبراهيم".

دخلت كتيبة 133 صاعقة، قائدها الرائد "علي أمين" قابلت رحمه الله رائد "صادق عبد الواحد" رئيس عمليات الكتيبة، وهو شخصية طيبة ان نتكلم عليه من هنا لآخر وقت لن نوفيه حقّه.

 

 

بعد فِرقة مُعلمي صاعقة تم توزيعي (أعطوني ورقة) أنت ستطلع إلى المجموعة 139 صاعقة، كانت في هذا الوقت على طريق دهشور، يقيمون في خيام، يتدربون، بعد فرقة معلمي صاعقة (شهرين) وكنا تخرجنا في يوليو 1972، يعني ذلك في أكتوبر أو سبتمبر 1972 قبل الحرب بعام تقريبا. (التاريخ موجود على الشهادة عندي، التي أخذت فيها دورة معلمي صاعقة، في هذه الفترة من ... إلى ... مكتوب فيها التوقيت ورقم الدورة) مكتوب فيها "اجتاز دورة الصاعقة بنجاح ويستحق أن يحمل شارتها" تقاتل وتتدرب حتى تستحق أن تحمل شارة الصاعقة، شهادة قوية، فخر...

أول يوم، إلى المجموعة 139، لم أدخل لقائد المجموعة، أو قائد الكتيبة، ولكن دخلت لرئيس عمليات الكتيبة.

وصلنا إلى كتيبة 133، في خيام، في الهرم في دهشور لم أر الرائد "علي أمين" قائد الكتيبة،

 

دخلت للرائد "صادق عبد الواحد" رحمه الله، رئيس عمليات كتيبة 133، كان هاديء جدا مرتدي الأفرول المموَّه وجسمه ممشوق جميل - ما شاء الله - ويتكلم بهدووء جدا، قال لي "أهلا وسهلا... أنت شرفت الكتيبة 133 صاعقة" وأن سأذهب لنقيب - في ذلك الوقت - اسمه "ابراهيم دسوقي" قائد السَّريّة "توزيعك على السَريّة الأولى وعندما تذهب إليه سيوزعك (يعني أدخل للسرية يقول لي أستلم أي فصيلة).

هذا الاحترام، يحترمون بعض جدا، رجال الصاعقة.

كَتِيبة عبارة عن ثلاث سرايا في خيام،

الفصيلة 30 فرد، وبالدعم تصل 45 (والجماعة 10 فقط، والفصيلة ثلاث جماعات)

يعني السرية بقيادة السرية تصل حوالي 150،

الكتيبة حوالي 500

الدعم (يعني الاحتياطي الذي يدعمك وقت الحرب) القنّاصة، مهندسون، الممرضون.. من يضاف إليك من الوحدات الأخرى نسميهم "الدعم".

وصلت السرية، دخلت لأجد "إبراهيم الدسوقي" رحمه الله، شخصية هادئة جدا، غير ما رأيت في مدرسة الصاعقة، أول شهيد في عزبة أبو عطوة (وسنحكي عن ذلك ان شاء الله) قال لي "أنت سوف تتسلم الفصيلة الأولى".

مِن دفعتي وصل لمجموعة 139 أتذكر رحمه الله "طارق الوديع" و"طارق متولي" و"الحناوي" وأتذكر أيضا "صقر" و"أحمد العدوي"... زملائي ودفعتي من دفعة 62 حربية، ومن الخمسة والعشرين الذين تم اختيارهم من مُعلمي الصاعقة (وبهذا هم أكفأ 25) اختارهم معلمو الصاعقة ورشحوهم توزعوا إلى المجاميع (كانت توجد 24 كتيبة صاعقة) توزعنا إلى 6 مجاميع، وكل قائد مجموعة اختار... بناءا على ترشيحات قيادة الصاعقة،

أول يوم لي كقائد فصيلة صاعقة، الفصيلة فيها ثلاثون عسكري، الفصيلة الأولى، سَريّة أولى، كتيبة 133 صاعقة.

قال لي "فصيلتك تقف في الميدان، في انتظارك" أبدأ تسلم قيادة فصيلتي.

الميدان هو أرض الطابور، نقوم فيه بالتدريبات وتمام الصباح وكل شيء.

لا يقول لك تفضل اجلس، فقط خيمة فيها قائد السَّريّة ، والخيمة حَفَرَ لها تحت الأرض... شيء بدائي لا تتخيله، هو يجلس إلى مكتب بدائي مصنع يدويا (ربما من صناديق الذخيرة).

قائد الكتيبة فقط من لديه مكتب، وله عربية جيب.

ليس هناك أي نوع من الرفاهية،

اعتدت على هذا في دورتين صاعقة، الدورة الخاصة ونحن في الكلية الحربية ودورة مُعلمي صاعقة، أعلم أني مشروع شهيد، وأتوزع إلى كتيبة، يَتِم إبراري لأقابل عدو... مشروع شهيد.

ليس لك ما تفكر فيه أنك ستعيش على المدى الطويل، كلنا هكذا، أنت دخلت الصاعقة لأنك مشروع شهيد من أجل الوطن.

كنا خرجنا من 1967 وحرب استنزاف وبطولات حرب الاستنزاف والدولة كُلها تُعَد للحرب.

وهناك كتائب تحت الأرض في ملاجيء ومنا من لم يصل وبيّت في الصحراء، يريد أن يصل ويسلم نفسه لقائد كتيبته أو اللواء.

مِن 1973، ونحن اليوم 2021 حوالي 50 سنة، جيل يسلم جيل، ونحن جيلنا كانت إمكاناته محدودة جدا ، تسليح بندقية آلية روسي، دِبشِك ينطوي وكنا في الصاعقة نضع ثلاث خَزَن سويا نلفهم، أي تحمل 90 طلقة، كل ذلك تبتكر لأنهم علمونا أن الطلقة بجندي...

قائد السرية يراقب من بعيد، قيادة السرية على ربوة عالية، والميدان تحت...

دخلت للفصيلة في الميدان، ورقيب الفصيلة (وهو أقدم واحد)

فصيلة قوية، واقفة، شَدّة على الظهر، سلاح، خوذة، نسميها "شَدّة قتال" كأنه طالع إلى معركة جاهز بكل شيء.

شَدّة فيها كل شيء.

خوذة يرتديها، معه سلاحه، زمزميتان مياه، الخِزَن الخاصة به، قنابل، كل شيء،

يقف أسد،

دخلت على رقيب الفصيلة، فصيلة لم تبتسم، وجوه حادة، قوة في تعبيرات وجوهم، ثباتهم،

وأنا قائد فصيلة، بكفائتي ولياقتي، واجتزت دورتيّ صاعقة،

لكن أن تدخل لفصيلة صاعقة لتستلمها من رقيب الفصيلة.. رهبة، رهبة، رجال واقفون أسُود، لا أحد يبتسم، لا أحد اهتز. يعطي تمام "تمام يافندم" ويتابع "قوة الفصيلة 30 يافندم" يقول ذلك بقوة.

قشعر جسمي في هذا اليوم، رهبة، موقف جلل، أول يوم في حياتي العسكرية أستلم قائد فصيلة أولى، من سَريّة أولى كتيبة 133 صاعقة، وأقابَل بهذه القوة.

تخيل رقيب الفصيلة يقول لي - بعدما أعطاني التمام - "تفتيش حرب يافندم"

هو استلم توجيهات من قائد السّريّة أن سيأتي لهم قائد الفصيلة أول شيء نفعله تفتيش حرب.

تفتيش حرب على فصيلة يعنى ترى تسليحه، تتعرف عليه من أول أن يقول أن جندي فلان... رقمي العسكري... أحمل سلاح كذا، تسليحي بندقية آلية أو آر بي جيه، يعرف نفسه، من أول بندقية آلية أو فرد مقاتل آر بي جيه أو...

هناك شيء اسمه تشكيل مفتوح، الفصيلة تفتح، اسمه تشكيل مفتوح، كل فرد يضع شدّته ويفتح الشّدّة يضعها في هيئة تفتيش يتنظر ليمر قائد الفصيلة يفتش فرد فرد.

رحمه الله الفريق سعد الدين الشاذلي عمل دليل الجندي الشَّدة ما يكون فيها وكل شيء،

رقيب الفصيلة رحمه الله، شهيد عبد المعطي. "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ"

فتحت تشكيل وقمت بتفتيش

أول ما اعطاني تمام عرّفتهم نفسي "أنا الملازم عِلمي سيد حسين كامل عبد الفتاح، يشرفني أن أكون قائد الفصيلة الأولى من السَريّة الأولى وإن شاء الله أنال معكم خدمة حسنة وأكون جدير بأن أكون قائد الفصيلة الأولى، وأتمني من الله سبحانه وتعالى أن يوفقني وتتقبلوني قائد الفصيلة"

وقلت لهم يا أبطال، ورأيت منهم تشكيل أسود، روحهم المعنوية مرتفعة، فما أقول غير ذلك، لابد أن اختار كلام موزون، دقيق ومُرَتَّب.

أنا تعينت، لكن هذه النوعية من الرِجال لابد أن أتكلم معهم معنويا وباحترام شديد وهذا الذي مارسته طوال حياتي في الصاعقة أن أحب الجندي، وصف ضابط، بدونهم يمكن أن أموت ولا أكمل أي مهمة، هؤلاء أساس النصر، طبعا بالتخطيط الجيد من القادة، لكن قائد الفصيلة المحترف يُحبب جنوده فيه، هذا أولا. كيف؟ يقتنعوا به في التدريب، يشعرون بالأمان معه، أنا في وضع اختبار،

هم خاضوا حرب استنزاف ولهم تاريخ، ليس لي تاريخ بعد، أتمنى أكون مثلهم، وأن يتعاونوا معي لأكون قائد قصيلة ناجح في بداية حياتي في الصاعقة.

هذا تفكيري وأسلوبي، أنزل آكل معهم، أدرب وأقسو وأثبت أني كفاءة وأمشي معهم في الدوريات، مشيت بالقناع الواقي (عندما قالوا سننزل خلف الخطوط سنُضرَب بالكيماوي، وأحضروا لنا أقنعة حرب كيماوية)

وارتديت القناع الروسي، رحم الله الشهيد "ابراهيم الدسوقي" قائد السَّريّة قال لي "علمي، نحن صيام في رمضان" هذا قبل العاشر من رمضان ، بداية شهر رمضان، قبل الحرب،

لبسنا القناع الواقي، كنا 30 فرد (قوة فصيلتي) وكل ضابط يدرب فصيلته ولديه مهمة، جعلتهم يلبسون القناع الواقي وهو صائمون وفي الحر مشينا ثلاثين كيلومتر، تحركنا صباحا و عُدنا وقت أذان المغرب يقول "الله أكبر"

لا أحد منهم قال أن يفطر أو يشرب مياه أو أصابه تعب، وأنا معهم، الحمد لله. وعندنا في الصاعقة تمشي الدورية مع جنودك، لا تركب عربية،

في المدرعات يمكن أن يركب دبابته، وفي المشاة يركب مُجَنزَرة،

حياتنا كلها على أقدامنا، كمائن وغارات، مع الجندي والفدائي ، مقاتل، يحملني أو أحمله. وحصل هذا في معارك عديدة حملنا جنودا وجنودٌ حملونا.

هذا الموقف الأول، مشينا ثلاثين كيلومتر.

أرسل لي قائد السرية يطلب مني أخبار فصيلتي وهو يعلم وصلته معلومات لا أحد أفطر.

هو كان يختبر القناع الواقي وجد قائد فصيلة متحمس واختبر 30 كيلو تعني... إن نزلنا خلف الخطوط وضُرِبَ علينا كيماوي في الممرات، يمكن أن تعود قواتنا دون أن تصاب.

لم نك نعرف في هذا الوقت ما يعني كيماوي، والأسلحة الكيماوية.

قناع واقي فيه فِلتر، نتنفس في القناع لكن كمية عرق تصل للأفرول والقناع الواقي تقلل القدرة على التنفس، والأفرول يمكن أن تعصره.

هذا القناع تدربنا عليه لكن لم نستعمله،

أرى أنه صالح للاستخدام وعملوا علينا تجارب وألقوا أشياء علينا، قناع صالح للاستخدام وكان عندنا سلاح الحرب الكيماوية سلاح قوي جدا، كلهم ضباط مهندسون، معظمهم خريجو كلية فنية عسكرية، ومهندسين ضباط احتياط (أيام سعد الدين الشاذلي وخطته في الحرب وقوته، غذى الجيش بالمؤهلات العُليا والمُتَعلمين، وإن كان موجود من قبل ذلك هو دعمهم بشكل أكبر).

الموقف الثاني، في يوم 7 رمضان وأنا في دورية من الدوريات، ورقيب الفصيلة الشهيد "عبد المعطي" رحمه الله قال "يافندم الفصيلة تريد أن تقعد معك" وهذا يوم 7 رمضان بعد صلاة العشاء، وهنا شيء هام أريد أن أذكره... أن "إبراهيم الدسوقي" قائد السَّريّة كان متدين جدا، طوال الوقت ماسكا المصحف يقرأ قرآن.

أيضا كلنا نلتزم بالصلاة في مواقيتها، الحمد لله،لكنه متدين جدا، يعد نفسه للشهادة، بطريقته،

هذا لم أشعر به إلّا بعد أن استشهد. تذكرت كيف كان يجهز نفسه، وكان يتمنى أن يُحضِر أسيرا كل قعداته معنا يذكر أمنيته أن يحضر أسير.

 

الشهيد الرائد ابراهيم الدسوقي 

 

دخلت لأجلس معهم وظننت هناك شكوى أو تذمر، وأنا كنت شديد في التدريب وحصلت على ثقتهم، نبت حبهم لشيئين، أولا أني أراعي وجباتهم، لأن التدريب شديد، والجندي المصري أو فرد الصاعقة عموما تقسو عليه في التدريب لابد توفر له الطعام الجيد الذي يعوضه هذا أبسط شيء. ليحافظ على لياقته. أما في الصاعقة لا يبحث الجنود عن الأجازات، طوال الليل يقفون حراسات، خدمة قاسية في الصحراء والجبال،

والجندي يمشي دورية 30 ، 40 ، 60 كيلو، فكانوا يطلبون هذا (الأكل) وكنا نطلبه لهم ونوفره لهم بزيادة، ونفتش على الأكل،

كل وحدة مستقلة عندنا في الكتيبة يتم فيها طبخ الأكل (اكتفاء ذاتي)، تعيين الأرز تم صرفه بالجرام، والمربي بالجرام، والجبنة بالجرام،

وكضابط قائد فصيلة أو ضابط نبطشي على الكتيبة، تفتش على الطعام، أتذوق الأرز ملحه مضبوط أو لا، الخضار وكيف حال طعمه... أكل الجندي وشرابه لابد أن أهتم به، وهو يفهم ذلك ويحس به وتصله هذه الرسالة أن قائده مهتم به، أجري لجودة طعامه وشربه.

ذهبت لأجلس معهم في خِيَمهم، بالليل وقت الراحة ينامون ليصحوا مبكرا والطابور الأول الساعة الخامسة فجرا، يصلوا الفجر ويقفوا في الطابور "تمام" ...

ويريدون أن يجلسوا معي مرة، جمعوا بعضهم في الخيمة وأرسلوا لي، في وقت ليس طابور أو تدريب، وهذا وقت راحتهم، طلبوني، على أن أذهب إليهم ولا أقول اجمعهم في الميدان، أحترم وقت راحته، فذهبت إليهم، فوجئت...

يقولون لي "يافندم، يكفي تدريب"

"يعني ايه؟"

"نريد أن نحارب يافندم"

هذا السابع من رمضان،

عندهم إحساس وأعطاهم الله فهما،

قبل الحرب بثلاثة أيام،

قلت لهم أنا معكم، لكن قرار ليس في يدي، تطلبون هذا في يد القيادة العُليا،

"يافندم وصل رساتنا للقائد العام"

كلنا قاعدين على الأرض، بعيد عن أي رسميات، تجمعنا نجلس حول الخيام، في الصحراء، لقاء مع قائد الفصيلة، 30 جندي يتكلم،

ضابط الصاعقة وقائد الفصيلة يأكل مع جنوده،...

"سيد الباز"

بعد سنة كنت حفظتهم جميعا، هناك أسماء لم أنساها "سيد الباز" من سوهاج أود أن أراه، لم أره منذ 49 سنة، أسأل عليه قالوا أنه حي، وجاء في إحدى احتفالات "أبو عطوة" وأنا كنت مسافرا، رأيت صورته... إن تضع أمامه 200 رجل في نظري كضابط صاعقة هو شيء آخر، روح قتالية عالية، رجولة، إقدام في الحرب، رأيت منه بطولات في الحرب، وهو جندي وفّى لبلده ولم ينل نوط أو وسام، لأن الأنواط التي حصلت عليها الكتيبة كل الكتيبة خمسة...

من أكتوبر 1972 إلى أكتوبر 1973 وأنا قائد فصيلة، أود أن أذكر ثلاثة...

أولا في التدريبات، كانوا يركزون مع قادة الفصائل على تدريب التكتيكات الصُغرى (على مستوى فصيلة)، يهتمون بتختة الرمل، الضابط يعرف أن يعمل تختة رمل يضع فيها الاتجاهات (الشَمال، الجنوب، الشرق، الغرب) تمام كما في الخريطة، وهي قطعة من الخريطة، دوريتك مثلا 30، 40 ، 50 كيلو توصل تعمل إغارة على مركز قيادة، أو تعمل إغارة على منطقة شؤون إدارية، أي نوع من الإغارة أو الكمائن، هذا شغل الصاعقة، كمائن وإغارات، فلابد أن أضع المربعات التي على الخريطة أضعها هكذا كما هي على تختة الرمل.

لم أعرف دوري في الحرب القادمة

التركيز على تدريب الفرد وقادة الفصائل، الحرب قامت على تخطيط جيد جدا من القادة هذا عشته ولمسته وأقوله، التركيز كله على الفرد أو الجندي المقاتل، من أول سعد الدين الشاذلي وتوجيهاته بالكامل، النزول لمستوى الجندي المقاتل، لابد أن يتلقى تدريب جيد، وروحه المعنوية عالية جدا، ولابد أن يتصرف في المواقف المختلفة في المعركة.

قبل بداية الحرب

أنا ملازم، قائد فصيلة، بعيد عن الجبهة، في الصحراء، ليس أمامنا تحركات طيران أو طُرُق،

زيارة الفريق سعد الدين الشاذلي، اختار كتيبة 133 صاعقة وجاءنا وقف في الميدان مع الكتيبة وعلَمنا كيف يستحم الجندي في الميدان، كيف يغسل جسمه في الميدان.

استغربنا، عندما وقف رئيس أركان حرب القوات المُسَلَّحة، يزور كتيبة صاعقة (جمع الكتيبة كلها) يعمل بيان على نفسه.

(بيان يعني خلع سترة الأفرول، وأحضر قطعة من السفنج، وكان وقتها عملوا الصابون في أنابيب، وأخذ قطعة من الصابون صغيرة جدا على السفنج وضع عليها غطاء الزمزمية، يوضح لنا قيمة المياه، قطعة سفنج صغيرة وقطعة صابون صغيرة من الأنبوبة وغطاء مياه، ونظف بها جسمه بالكامل،

وقفنا مذهولين، رئيس أركان يعطيك بيان عملي، كيف تنظف جسمك وأنت في الميدان،

الصابونة والسفنج لم تكن لدينا قبل ذلك وهو أضافها في الشَّدة، وتعدلت شَدة الصَّاعقة،

(لما دخل اليهود في الثغرة تركوا الشِّدد التي معهم وهربوا فرأينا ما فيها وجدنا الجندي الإسرائيلي كل شيء في أنبوبة)

والفريق سعد الدين الشاذلي كان فكره متقدم جدا، لكن أنا كضابط وقائد فصيلة تسملت مهمتي من سنة هذا بالنسبة لي شيء جديد ولا أنساه،

(عندما تذهب لفندق من الفنادق يعطيونك أنبوبة شامبو تغتسل بها، نفس الفكرة)

تأثير هذا على العساكر إيجابي جدا، وزع دليل الجندي، وزع دليل الضابط، كنا نحفظه، وكانوا يحبونه جدا.

في توقيت إعداد للحرب، كل معنوياتك وتدريباتك يقولون نريد أن نحارب، هذا ضِمن المهام، أن يكون الجندي نظيف، والعساكر تقبلوا هذا نفسيا.

البيان الذي عمله الفريق سعد الدين الشاذلي له أثر طيب على الجنود والضباط والقادة يفتخرون بهذا القائد رئيس الأركان يعلمهم بنفسه، الفريق سعد الدين الشاذلي لم يكن صديق شخصي لي ولكن أفتخر به لأعماله، هذا ما رأيت منه وتعلمت، وسعد الدين الشاذلي قدوة بالنسبة لي،

لم لا نقول أن سعد الدين الشاذلي كان قدوة لعدد كبير من القادة والضباط والجنود، وكاريزما.

موقف آخر قبل الحرب، استدعاء للحرب، ولا نعرف لماذا، كل فترة وأخرى استدعاء،

معني استدعاء:

الكتيبة كلها، منها جزء (ثلث القوة أو %50 منها) ينزل راحة بعد الساعة 3 (نهاية دوام اليوم العادي) جنود، ضباط صف، ضباط، نسبة (حسب ما يرى القائد) تبقى خدمات ونسبة في استعداد لأي طاريء ونحن في حالة حرب (كنا ننزل لبيوتنا في عربيات زِل، من وسط الصحراء. أفتخر أني كنت من كتيبة 133 صاعقة، وسط هؤلاء الأبطال، أفتخر وسط أولادي وأحفادي).

استدعوا الاحتياط، حسب توزيعة قائد الكتيبة وما حصل عليه من دعم،

الدعم موجود، يدخلون معنا في التدريبات والتكتيكات الصغرى، وبعدما تنتهي التدريبات يتنقلوا إلى وحداتهم المعاونة.

أربع كتائب في مكان واحد، قائد سرية يحصل مثلا على دعم 20، منهم 6 قناصة، يوزعهم على الفصائل بكشف أسماء،

ربما يحصل تعديل في الكشوفات، وهذا وارد في كل شيء، لكنهم معنا في التدريبات دائما ثابتون في كشف الأسماء، ومعروفين،

وأنا كقائد فصيلة معا من سنة دربتهم على تشكيلات معينة، ليس في ذلك تغيير، أعطي إشارة يتم تنفيذ التشكيلات،

عندما أحصل على دعم هناك من يتم تثبيته يتمسك به قائد السرية، وقائد سرية آخر يطلب منه هذا الفرد. هنا روح تعاون لكنك تتمسك بالكفاءات.

دعم الفصيلة حوالي 15، تزيد نصفها من 30 إلى 45 حد أقصى،

ثلث الفصيلة جاء الدعم، قناصة،... وربما لنا بصمات في كل مجموعة أو فصيلة، لم يعرفوها بعد، تعايش، دورات وتدريبات، ومن ضمن الدعم الذي يضاف إليك ممرضين،... هذا اسمه تشكيل حرب، فيه كل شيء، قائد الكتيبة من حقه يطلب كل شيء، حتى عندما يعرض قراره ربما في موقف يقول أطلب دعم مدفعية، أو أطلب دعم قوات جوية...

أما عن الموقف الثاني، الذي هو محفور في ذاكرتي...

يوم 5 أكتوبر 1973

يصلني استدعاء ليلا، وصلت الكتيبة لأجد قائد الكتيبة، كل واحد دخل إلى سَريّته إلَّا أنا، قال لي "اركب" العربية الجيب،

تم استدعائي الساعة 12 ونصف ليلا، كنت في وسط أهلي في رمضان، لم تكن أول مرة يتم استدعائي من البيت. قبل العاشر من رمضان، قبل حرب السادس من أكتوبر، بالتحديد يوم 5 أكتوبر.

كيف وصلت؟

لم تكن هناك مواصلات، الساعة 12 ونصف ليلا لا توجد مواصلات، أوقف عربات في الطريق وأقفز من عربية لعربية إلى أن وصلت ميدان الرماية (عند الهرم) ثم وجدت عربات زِل تنقل الناس من ميدان الرماية، على مجموعات ومراحل، قفزت في عربية زِل مع الجنود عادة الضابط يركب أمام جنب السائق فأنا تعلقت في هذا اليوم وكانت الساعة 2 إلّا رُبع أريد أن أصل سريعا لأن الوقت محسوب علينا في حالة استدعاء، قفزت مع الجنود، من خلف العربية. كل منا يريد أن يوصل ويثبت أنه تواجد في توقيت مضبوط. وصلت وجدت قائد الكتيبة وعربية جيب واحدة قال لي "اركب" هذه الكلمة فقط، اركب العربية.

و رائد "صادق عبد الواحد" رئيس عمليات الكتيبة هو الذي يجمع الكتيبة يتمم عليها، وقادة السرايا في حالة الاستدعاء ويرى من وصل، كل ذلك داخل الكتيبة وليس على بوابة الكتيبة،

وقائد الكتيبة خيمته قريبا من البوابة، وعلى ربوة، قال لي "اركب" ركبت، لا أقول لماذا أو ماذا أفعل،

عندما تم استدعائي لبست أفرولي سريعا لكن الشَّدّة ليست معي، ولكنها في الخيمة قلت له يافندم فقط أحضر الشدة، فقال لا لا نحتاجها الآن، اركب فقط، ركبت، وركب معي العربية الجيب وفيها سائق، وأنا ركبت في الخلف، وجدته يقول لي "انت ضابط استطلاع" هكذا فجأة من قائد فصيلة لضابط استطلاع كتيبة.

استغربت، وماذا عن فصيلتي وجنودي، لواء "حامد شعراوي" كان في هذا الوقت ملازم أول سلّمه ليكون قائد الفصيلة الأولى و"ممدوح أنور حسين" سلَّمه قائد الفصيلة الثانية.

استلم من شهيد وأصبحت الآن تحت قيادته.

قائد السرية "ابراهيم الدسوقي" وأنا قائد فصيلة، تركت فصيلتي في هذه اللحظة التي ركبت فيها العربية الجيب، يقودها الآن ملازم أول "حامد شعراوي" (وكان بعد ذلك قائد الحرس الخاص للرئيس حسني مبارك بعد ذلك، وأصيب في بورسعيد، في إصبعه البنان، وشارك في حماية الرئيس في حادثة اديس أبابا )

 

من اليمين علمي حسين ،  ممدوح انور حسين ، حامد شعراوي

 

ركبت العربية الجيب، وتحرك، لا أعلم إلى أين، دخلنا مقر القيادة العامة (في مدينة نصر) إلى أن وصلنا قبيل وقت الفجر لا أتذكر الساعة بالضبط ولكن قبل الفجر، نزلنا في المصعد دورين، وجدت منظر وأنا رتبتي ملازم، قادة، والفريق "سعد الدين الشاذلي" وقائد القوات الجوية وقائد الدفاع الجوي وقائد الصاعقة "نبيل شكري"... ودخل قائد الكتيبة استلم مهمة وخرج،

ورجعنا

الجو العام خطط وخرائط كبيرة، مسرح عمليات، تخطيط معركة، ترى سيناء كلها أمامك، القناة، توزيع القوات والجيوش بالفِرَق واللواءات،... كل شيء على الخرائط، قرارات وأمر قتال هذا كل ما أسمع، أستلم مهمتي وأخرج.

قائد الكتيبة أخذ مهمته إبرار 2 كتيبة (183 صاعقة، و 103) في الساعة 2،

قرار برقم الكتيبة بالتحديد (ومرسوم على الخريطة ومكتوب) إضافة لكتيبتين احتياطي،

الآن نحن في مرحلة توزيع مهام، وليس مرحلة نقاش. هذا ما رأيت، وكان شيء كالخيال، هؤلاء قادة يعطون أوامر وأنت تنفذ، آخذ مهمتي وأخرج،

هذا بالنسبة لي موقف جلل مع قائد الكتيبة وهو يستلم المهمة موجزة سريعة أن كتيبتك يا "على أمين" 133 وكتيبة 223 صاعقة، احتياطي رئاسة عامة، هذه مهمتك وانتظر أوامر من قائد المجموعة، ذلك في حينه.

قرارت وقّع عليها القائد العام للقوات المسلحة.

تمام يافندم، ويخرج.

القرار تصدق عليه على الخرائط الكبيرة (ملتصقة ببعض كلها) وقائد المهمة يأخذ المهمة الكبيرة التي يفترض أن قائد الكتيبة لا يعرفها، يعني أن هناك أسرار،

مثلا كتيبة 183 صاعقة بقيادة رحمه الله مقدم أو رائد "سمير زيتون" حارب بذراع واحدة وأرادوا أن يقولوا له انت وفيت وعليك أن ترتاح، ويقود الكتيبة ضابط... فما كان رد "سمير زيتون" ؟

إلى الآن من عاش منا من الصاعقة يذكرون هذا التاريخ - رحمه الله "سمير زيتون" قال موشى دايان بعين واحدة و"سمير زيتون" بذراع واحد.

ومن الأبطال الذي خدمت معهم "سمير يوسف" أيضا كان في رأس العش وكان قائد صاعقة رحمه الله، اللواء أركان حرب "سمير يوسف".

لهم معي مواقف عديدة كلها شهامة وشجاعة ورجولة...

نعود لمركز العمليات، أنت اليوم تستلم مهمتك ولا تعرف مهمة الكتيبة الأخرى

في المهمة لم يتم تحديد توقيتات

كتيبة 133 صاعقة، والكتيبة 223 صاعقة، مهمتهم تم تحديدهم احتياطي رئاسة عامة، يعني في يد رئيس الدولة، يدفعهم في التوقيت الذي يرى.

أما عن الكتيبتين الأخرتين،

آخذ المهمة وقائد المجموعة موجود، وقادة الأربع كتائب موجودون، عرفوا المهمة قبلنا ومهمتهم صعبة جدا أنهم سينزلون خلف خطوط العدو،

قائد المجموعة موجود، جالس مع "الجمسي" رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، والفريق "سعد الدين الشاذلي موجود، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وقادة الجيوش وقادة الأفرع الرئيسية كلهم موجودون، في مركز العمليات، والخرائط.

أنا ذهبت مع قائد الكتيبة في عربيته الجيب، ودخلنا،

أما عن أربعة كتائب أسامة ابراهيم تم استدعاءهم، قادة الكتائب دخلوا مع بعض والعقيد أسامة ابراهيم موجود ونبيل شكري أيضا.

في هذه اللحظة تم تعييني ضابط استطلاع الكتيبة. ربما كان غير موجود قبل هذا، لا أعلم. ربما تم استدعاء ضابط استطلاع المجموعة ولم يأت، تأخر لأي سبب، أنا لا أعلم.

(في الأصل كنت حصلت على دورة استطلاع في مدرسة المخابرات في حلمية الزيتون هذا قبل الحرب وتدربنا على أجهزة الرؤية الليلية والتمييز، وكيف نميز الطائرات، والدبابات وأنواعها، وكان كل التدريب على شرائح تعليمية Slides، ويدربوننا لنعرف القادة الإسرائيليين...)

استدعاء، ناس تصل بعد ساعة، أو ساعتين، وناس في الصعيد في عمق البلاد متي سيصل؟ في اليوم التالي.

استدعاء بدون توفير وسيلة مواصلات.

إن كنت تحركت من البيت لمدينة نصر كان أفضل من أذهب لدهشور وأعود لمدينة نصر،

المشهد كالتالي،

هذا ليلة يوم 6 أكتوبر (الساعات الأولى من يوم 6 أكتوبر) والموضوع كان سري للغاية، الحرب كان فيها سرية تامة، وخطة خداع محكمة جدا.

قادة الأربعة كتائب دخلوا مع بعض، مع قائد المجموعة وصلنا لنجده هناك،

العقيد "أسامة ابراهيم" كان موجود، وقائد قوات الصاعقة عميد "نبيل شكري" هذا ما رأيت.

لا تجلس، تستلم المهمة جاهزة (مهمتك كذا) لكن لابد تسليمها في وجود قائد الكتيبة، لأنه سري للغاية، وشددوا على السِّريّة،

عرفنا أننا احتياطي رئاسة عامة، لم أعرف أن الحرب يوم 6 أكتوبر،

تم عرض مهمة الكتيبة 183 والكتيبة 103 في الخطة العامة، يعبروا خلف الخطوط، متي؟ لا نعلم. لكن استلموا مهمة. وعندها أتذكر عندما عدت قال لي الرائد "علي أمين" كأنك لم تسمع شيئا، ولو أي خبر انتشر ستكون أنت الذي فعلت هذا. قلت له يافندم اطمئن، هذه بلدي، الثقة والأمانة...

عندما خرجت من باب غرفة العمليات وعرفت المهمة أننا احتياطي قيادة عامة، أشعر أننا سنحارب، لأنه عندما قال لي ما سمعته كأنك لم تسمع شيء، و"علي أمين" رجل هاديء جدا وهو من قبائل "أولاد علي" فى مرسى مطروح، وكان قليل الكلام، ونحن عائدون في العربة إلى دهشور يدور في رأسي أننا استدعاء وسنبيت وهناك طواريء، لكن متى ساعة الصفر لا نعلم.

رجعنا بالعربة إلى قيادة الكتيبة كضابط استطلاع، وذهبت إلى سَريّتي، وقابلت قائد السَّريّة سألني ماذا تم قلت له ذهبت مع قائد الكتيبة إلى مركز العمليات والحمد لله مهمتنا احتياطي رئاسة عامة، ومعناها "احتياطي" أنك لن تحارب إلّا عند اللزوم.

ولم يعرف قائد السرية أني مع قائد الكتيبة، وفقط من يعرف هذا رئيس عمليات الكتيبة والسائق، مهمة سِريّة لا يريد لأحد أن يعرف.

مهمتنا من قائد المجموعة أننا احتياطي رئاسة عامة أننا في استدعاء لا نعلم سنحارب أو لا.

أول أن بدأت الحرب عبرَت الكتيبتان 183 و 103 لخلف الخطوط كل كتيبة استلمت مهمتها لا نعرف عنهم شيء.

ورجعتُ قائد الفصيلة الأولى كما كنت، وتحركنا، عرفنا خبر الحرب من الراديو، وأول أسير كان من دفعتنا "محمد الحناوي" كان في كتيبة 183 صاعقة، جنوب سيناء.

كيف تعاملت مع عساكري وعرفوا أن الحرب قامت لم نتحرك،

تحركنا يوم 6 أكتوبر، ظهرا، إلى مطار غرب، توزيع مهمة وصلت لقائد الكتيبة فوَزّع السرايا،

وأنا في السَّريّة الأولى ومعي الملازم أول "ممدوح أنور" وملازم أول "حامد شعراوي"

ثلاثة قادة فصائل تحركنا إلى مطار غرب (عند طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي) وبقينا هناك في خيام، مهمة تأمين المطار من أي إبرار مُعادي، وفي نفس الوقت هناك مهام أخرى لكتائب يتم إبرارها من مطار غرب (تحركوا قبل الحرب).

أما عن سَريتي تحركنا ظهر يوم 6 أكتوبر للمطار وأعطانا المهمة رئيس عمليات أركان حرب المجموعة 139 صاعقة، مقدم "مدحت عثمان" (وهو في نظري بطل قومي، هو قليل الكلام عن نفسه لكن ما رأيت في المعركة وهو عند مبنى الإرشاد ويدير العمليات خالعا رتبته)...

يوم 6 أكتوبرـ في مطار غرب القاهرة، عرفنا من الراديو أن الحرب قامت، وكل منا معه راديو ترانزستور صغير بالبطارية، نتابع الأخبار من الراديو، وعرفنا أن لدينا قوات من الصاعقة نزلت خلف خطوط العدو والعبور... كل هذا ونحن في مطار غرب القاهرة (هذا عن سَريتي وفصيلتي)

مكان جديد بمهمة جديدة لم نتدرب عليها من قبل، شُغلنا كمائن وإغارات لكن أن نتحرك ونقعد في خيمة ونجلس هكذا، كان ملل، وتضايقنا لذلك، ومعي زملائي والجنود نستاء لأننا نبقى في دفاع ولو لحظة، ليس هذا ما تدربنا له، وهدفنا كمائن وإغارات، والحرب بدأت، الشيء الوحيد الذي يمكن أن يطيب بالنا أننا احتياطي رئاسة عامة، يعني سيتم دفعنا في التوقيت المناسب، هذا كان يصبرنا أن دورنا سيأتي، بإذن الله، وأراد الله.

كل المصادر من الإذاعة، والبيانات من الراديو، سمعناه في 1967 من قبل فَلَم أثق فيه،

من 6 إلى 16 أكتوبر لم أشهد أي أحداث، نسمع فقط ان مظلات نزلت (وهذا حصل في كل المطارات) في توقيتات متزامنة. أخذنا مواقع دفاعية وليس مهمتنا دفاع، مهمتنا إغارة وكمين، في الخطوط الأمامية، وخلف الخطوط.

زملاؤهم يقاتلون ويستشهدوا، وجنودي الوقت يمر وهم في موقع دفاعي، ولهذا أثر غير طيب على معنوياتهم.

ملازم "عِلمي" قائد فصيلة، اعتبر في هذه اللحظة ضابط دفاع، ونحن في مطار غرب القاهرة، التعيين معلبات (تعيين قتال) دخلت في معركة، ليس هناك مطابخ، وتوزعت الكتائب، هذا الـ packet اسمه تعيين قتال (فول معلب، وبسكوت خشبسكو،...)

"إبراهيم الدسوقي" قائد سرية، وثلاث ضباط قادة فصائل، حافظنا على معنويات العساكر ومعنوياتنا، كنا نتكلم مع الجنود أن دورنا قادم بإذن الله.

في الحرب لا نقلل ولا نزود من شأن أي مهمة، هذه معركة وبعدها نحلل المواقف وما حصل ونكتب التاريخ.

القتال

في الثغرة وقالوا أن هناك 7 دبابات وسنتحرك إلى هناك (ونحن احتياطي رئاسة عامة، أخذنا مهمة) فجأة شارون دخل من الدفرسوار، بين الجيش الثاني والثالث، تم تخصيص المهمة يوم 81 أو 19 أكتوبر (على ما أتذكر) هذا بالنسبة للحركة من مطار غرب القاهرة إلى الثغرة وليس الوصول، أخذنا الطريق الزراعي (الزقازيق) يوصلنا إلى الإسماعيلية.

جاء أمر الحركة وعرفنا أن شارون دخل من الدفرسوار، سبعة دبابات إسرائيلية، مهمتنا أن نأسر من فيها.

قيادة السرية لها اتصال لاسلكي مع قيادة الكتيبة، جهاز 151 كبير يعلقونه على الظهر(يسمونه فرد لاسلكي) اتصال السرية مع الكتيبة فقط (ربط اتصال مع الكتيبة فقط) وليس مع قيادة المجموعة.

وقيادة المجموعة لها لاسلكي خاص بها، ولها شبكة خاصة، هذا شغل سلاح الإشارة.

جاءنا أمر بالتحرك فتحركنا يوم 18 أكتوبر من مطار غرب، وتحركنا على الطريق الزراعي وكان في توقيت الظهر أو العصر، وصلنا الزقازيق "أبو صوير" ليلا، المغرب والعشاء، في جزيرة الفرسان دخلنا من معسكر الجلاء، إلى أن وصلنا مبنى الإرشاد... معنويات عالية جدا، ونحن نتحرك في البلاد التي نمر عليها، الزقازيق، بو صوير، إلى أن وصلنا الإسماعيلية ودخلنا الإسماعيلية، صناديق ذخيرة يتم إضافتها، وقنابل م. د. (مضاد للدبابات) لم تكن معنا وأعطتها لنا مجموعات، والأهالي واقفة تشجعنا سعداء أن الجيش داخل يحمي أرضهم وقُراهم والفلاحون والمزارعون وهذه الأراضي التي دخلنا (عزبة العمدة ونفيشة و أبو عطوة والخشاينة، هذه أراضي لها مزارعة وملّاك. وفيها مزارعون)

طوال الطريق نتلقى دعم نجد صناديق م. د. (قنابل م. د. لها يد، كان اسمها حسام) يتم وضعها في العربات، نجدها ونحن نتحرك يضعها وحدات من الجيش أثناء التحرك، وضعوا لنا كمية صناديق في ابو صوير لم نكن خرجنا بها، كنا تسليحنا عبارة عن آر بي جيه 7، و بندقية آلية 7.62 -39 ومسدسات وقنابل يدوية وهجومية.

العربية الزِل كانوا عملوا لها كراسي يمين وشِمال، لا أتذكر عدد العربات، أتذكر فقط عندما تحركنا ودخل علينا الليل،

القادة أخذوا المهمة على خرائط، وضابط استطلاع المجموعة وجَّهنا ناحية الجلاء، أنا قائد فصيلة ولم أك قائد كتيبة أو ضابط استطلاع الكتيبة كان مقدم في هذا الوقت،

حركة الكتيبة بالكامل، تحركنا من غرب القاهرة لنرجع لمركز قيادة المجموعة وعندما تحركنا من غرب القاهرة لم يستلم مكاننا أحد.

لم نتحرك من مطار غرب مباشرة، تلقينا أمر الحركة يوم 18 أكتوبر، توجها بعربيات زِل (عربيات قيادة المجموعة، أرسلتها لنا قيادة المجموعة لتقلنا) ودخلنا على قيادة المجموعة، وجدنا كتيبتين، كتيبتي متراصة ركبنا عربات مخصصة للكتيبة، مباشرة.

ومعنا قائد الكتيبة الرائد "على أمين" ومعنا الرائد "صادق عبد الواحد" رئيس عمليات الكتيبة، وثلاث سرايا،

بعد ما حمّلنا وعلى وشك أن نتحرك وقف يخطب فينا...

الآية القرآنية التي قالها المقدم "مدحت عثمان" رئيس عمليات الكتيبة، ورئيس أركان مجموعة 139 صاعقة في هذا الوقت، وقال: "رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا"... على بَرَكةِ الله، النصر أو الشهادة.

حفظه الله اللواء "مدحت عثمان" حبيبي وقائد لا أرى أشجع من ذلك...

مع الوقت والسن وهذا بالنسبة له حدث صغير جدا، لأنه رئيس عمليات كتيبة، رأيت كيف يقود المعركة وبجهاز، لم أقعد معه (كان معه المراسلة فقط) كنا نخلع الرتب كلنا، لا يوجد فَرق في هذا، تعود فدائي مدرسة الصاعقة، وما تدربت عليه،

بعد كل هذا لا أحتاج أن أقول شيء لعساكري بعد هذا التحفيز والقرآن من القائد "مدحت عثمان" كنا في غاية السعادة والحمد لله بعد صبر تسلمنا مهمة.

في أرض المعركة نقاتل ويسقط منا شهداء ومصابون، معنوياتنا في السماء وجاءتنا تعليمات (وكنا صائمون) أن نفطر. أخذت القرار ألّا أفطر وأقابل ربنا سبحانه وتعالى وأنا صائم.

للأمانة، ولا جندي في الفصيلة عندي أفطر رغم أنه لنا رُخصة من شيخ الأزهر أن نفطر للقتال في رمضان، لنقدر أن نؤدي مهمتنا بكل قوة، لكن المدد والقوة كانت من الله سبحانه وتعالى.

حفزنا "مدحت عثمان" بينما نركب العربات، تحركنا ودخلنا على طريق الإسماعيلية الزراعي، دخلنا أبو صوير، ومنها إلى الجلاء، ومن الجلاء إلى مبنى الإرشاد مباشرة.

في عربيات زِل، بطيئة جدا، سرعتها 25 ، 30، 40 على الأكثر، ومحملة ذخائر وجنود ونقف في محطات (وقفات) لأن الحرب دائرة.

تحركنا في اتجاه الثغرة، في اتجاه الاسماعيلية، أول يوم وصلنا كانت المهمة أن نعمل قاعدة دوريات في "سرابيوم" على بُعد 12 كيلو من الدفرسوار حتى نأسر سبعة دبابات إسرائيلية (من بداخلها) هذه المهمة التي استلمناها قبل أن نتحرك من "دهشور".

كل ارتباطنا ونحن قادة فصائل كان بقائد السرية، ونركب في الرِتل مع الكتيبة، مرورا بنفيشة وبعدها إلى الجلاء، وأول ما دخلنا من عزبة أبو عطوة من الجلاء، بعدها دخلت يمين إلى العِزَب (قريبا من المستشفى)،

تحركنا ودخلنا مدّق بين الأراضي الزراعية، من الجلاء قريبا من كوبري الجلاء (لم يُنسَف بعد) وكذلك كوبري نفيشة كان موجود، فكنا نمشي طريق زراعي، دخلنا بعربات (وفي ذلك الوقت ليلا) لم نقترب من القناة بعد...

أول ما دخلنا أول شيء على بُعد 3 كيلومتر كان عزبة "أبو عطوة" من كوبري الجلاء (وكل شيء كنا نحفظه على الأرض بالمسافات) وصلنا عزبة أبو عطوة اتجهنا شِمال لنصل إلى سرابيوم، الدفرسوار، ليس هناك لفة أو تقاطع. يميننا وشِمالنا مزارع المانجو،

بينما نمشي على هذا المدّق لا يستوعب غير عربة واحدة فقط (يعني اتجاه واحد) رتل طويل بفاصل مسافات بين العربة والأخرى، وقبل أن نصل إلى سرابيوم (المفترض بها قاعدة دوريات) في هذه النطقة بالتحديد فُتِحَ علينا كمين،

هناك حركة ومهمة، هدفنا ندخل نعمل قاعدة دوريات في سرابيوم، على مسافة 12 كيلو من الدفرسوار، وسرابيوم أرضنا، تدخل تجد العدو وصل فيها، هذه معلومات الاستطلاع التي وصلت لنا خاطئة، فُتِحَ علينا كمين (على رتل الكتيبة بالكامل كله) من فضل الله سبحانه وتعالى علينا أن هذا المدّق عالي قفزنا كلنا من العربات نزلنا في الحدائق وكان مستواها هابط عن المدّق. وهذه معركة حاسمة، وفي الناحية الأخرى على اليمين كانت الترعة،

وبيوت فلاحين مبنية بالطين (في أبو عطوة) وبيوت فلاحين متفرقة وصغيرة وعشش للخرفان والماعز وطيور،... فلاحين يزرعون أرضهم، بلد خير كلها، الإسماعيلية بلد جميلة كلها خير.

دخلنا، نيران فُتِحَت علينا، الكل قفز في توقيت واحد،

كتيبة كاملة، فرد 400، كل عربية زِل فيها حوالي 20 ، يصبح حوالي 20 عربة للكتيبة، غير الدعم، يعني حوالي 30 عربة،وكذلك كتيبة 223، وهي كانت في الثغرة أيضا

(( أتكلم عن كتيبتي فقط، أما 223 لا أعطي عنها أي معلومة أو بيان، لها قائد كتيبة، لا أخوض في أشياء ليس لي فيها معلومة، يمكن ان تتواصل مع لواء "أمين البهي" هو كان في كتيبة 223................... ))

لم تكن معنا في الرتل الذي خرج من دهشور، كنا فقط كتيبة 133.

كتيبة 223 رأيناها يوم 22 أكتوبر (بعد ذلك) لكن متى تحركت وما هي مهمتها، لا أعلم عن هذا إلّا سمعا. هي كانت معنا ولديها مهمة في اتجاه نفيشة.

الآن كتيبة 133 في كمين عندما دخلنا سرابيوم، هل وصلنا سرابيوم؟ أو هذا قبلها؟ يجيب على هذا "أسامة ابراهيم" كل ما أعرفه وشاهدته ونفذته في هذه اللحظة مع جنودي قفزنا من العربات ورقدنا في الحدائق وحصل الآتي... (هذا ما رأيته وأقوله)

العربات كلها في هذا الرِتل محمَّلَة ذخيرة، وشِدَد، وكل شيء، لأننا لا نحمل الشَّدّة على ظهورنا، راكب مريحا الشَّدّة وفي يدي السلاح وشدة خفيفة على وسطي فيها ذخيرة قتال يوم،... وأتذكر عندما قفزنا من عربات الكمين ونزلنا تركنا عربات الرتل كلها في المدّق العالي هذا واتجاه الكمين يأتي من اليمين والأمام، والشِمال كله نرقد في الحدائق،

اليمين ترعة (عرضها قليل)، ويتساقط على الرتل سيل من طلقات النصف بوصة، منطلق من جانب الترعة من الناحية الأخرى، النصف بوصة هذا صوته بالليل مرعب مع صدى الصوت،

الكتيبة كلها قفزت إلى الأرض راقدة في الحدائق على الشِمال، والعربات تتلقى ضرب مدافع النصف بوصة، تشتعل عربة بعد أخرى، فتضيء الليل، وهذا لصالحنا، لكن في ذخيرتنا وشَدّتنا... كنا سنعمل قاعدة دوريات،

هل تعلم معني قاعدة دوريات؟

يعني أن نصل مكان آمن، في أرض نضع بها ذخيرة، تعينات، قوات، نوزع المهام من جديد، نعمل استطلاع واتجاهات.

(( أنا ضابط صاعقة، عندما أواجه كمين، أقاتل. ليس لهذا تكتيك، تدربنا في حلوان على تدريبات "ثلاث دقائق في الجحيم" أن تمشي في وادي ويُضرَب عليك من الجبال نار ذخيرة حية، هذه تدريبات "مدحت عثمان". هذا بعد الحرب، وكنا أول دورة، دفعة 62 أول دورة تلقت تدريب مع "مدحت عثمان" التكتيكات الصغرى، ثلاث دقائق في الجحيم تمشي في وادي ويُضرَب عليك رماية بالذخيرة الحية من مزاغل من الجبال، معلمون يوجهون نحوك وأنت توجه سلاحك مباشرة في اتجاه العدو، وهذا كان نهارا، تُضرَب عليك ذخيرة حية وتَضرب ذخيرة حية، في الجبل موقع ومزغل في دُشمة محمي، وأنت يضرَب في اتجاهك ليس ليصيبك مباشرة، ولكن أمامك أو خلفك... رُماة مَهَرَة، قنّاصة ))

يعني قبل سرابيوم واجهت كمين لم أتدرب عليه، ولا في حساباتنا ولم تأتنا عنه معلومات، فوجئنا،

عنصر المفاجأة هذا من أخطر الأشياء، داخل في أمان إلى أرضك وعندك معلومات استطلاع أنك تذهب تجد سبع دبابات إٍسرائيلية في الدفرسوار، ولديك مهمة أن تعمل قاعدة دوريات على مسافة 12 كيلو نقوم بها مشيا، و12 كيلو بالنسبة لنا (ونحن صاعقة) هذا لا شيء، ومسافة آمنة لقاعدة الدوريات.

عنصر المفاجاة كان قوي جدا

كمية الذخيرة نصف بوصة ضُرِبَت علينا، وابل من النيران،وبدأ ضرب صواريخ SS10 علينا (وكنا نميزهم بأذننا)، ومن كثرة الضرب أصبحنا نميز أن هذا الصاروخ سيقع أمامنا أو خلفنا، راقدون والضرب مستمر في العربات،

عندما نقع في كمين نفاجأ به ونقفز نترك كل شيء ونرقد في الحدائق، لا نعرف موقع العدو... (والإسرائيليون يفضلون كمين حرف الـ U)

هذا حوالي الساعة 9 أو10 ليلا وكنا في إرهاق تحركنا من الظهر، حرب بلا نوم، مشدودون نفسيا، حياة أو موت.

وفجأة وابل من النيران من اليمين والأمام هذه مواقف حياة أو موت. ولذلك أتذكرها،

الوضع الطبيعي أن نقفز، ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أن هذه أرض زراعية منخفضة عن المدّق فجاء الضرب كله من فوق رؤوسنا ولم يصبنا ولا إصابة في هذا الكمين.

وكيف تعاملنا

حفظ الله العقيد "أسامة ابراهيم" عندما قفزت راقدا لأجده وفرد الإشارة وكان معه اللاسلكي، لم أكن رأيته قبل ذلك (وقت أن تحركنا) وعلى بعد منا "مدحت عثمان"

وقف "أسامة ابراهيم" في وسط الضرب، وهذا يُحسَب له، بدأت الصواريخ تُضرَب علينا من الأمام، وتنزل على العربات، وصواريخ تقع خلفنا تعمل صفارة و... "بوم" تقع خلفنا، ولم يُصَب أي فرد صاعقة في هذا الوقت.

صحوة القائد، نادى "على أمين... مدحت" ينادي قادته، وعندما نادى علي أمين ومدحت عثمان، وقف، أسد في الميدان وكلنا راقدون، "معوّض" يأخذ السّريّة الأولى مواجهة للعدو، و"معوّض الصفتي " قائد فصيلة وكان شنبه واضحا وغزير وهو ضابط شجاع... "معوّض الصفتي".

قائد المجموعة كلف سرية من الكتيبة 133 وكان هو يحفظ اسم "معوّض" لأنه كان بارز في هذه السَّرية، لا أتذكر السرية الثانية أو الثالثة،

في وسط الانفجارات أَعطى أمر لسرية تواجه، قال أن يضحي بسَريّة، ثلث الكتيبة مقابل أن باقي الكتيبة تنسحب في الخلف تجهز كمائن للعدو، بمجموعات صغيرة.

وصل الأمر لـ"على أمين" أولا، وهو قائد الكتيبة وقتها أعطى أمر للسرية (التي فيها "معوض") ولها قائد الرائد أو نقيب "ماجد شحاتة" في هذا الوقت، وكان السرية التي بعدها الرائد أو نقيب "صبحي" رحمه الله، هذه الثلاث سرايا.

السرية الأولى خلفها الثانية،... قفزنا ودخلنا مدق العربات ، ضممنا علي بعض ، ولم تكن هناك فواصل أو مسافات كما كنا نتحرك على الزراعي، ولكن هذا مدّق ضيق جدا، مُطفأ الأنوار، صوت عربات الزِل عالي، فوجئنا أننا في كمين.

ضرب وطلقات نصف بوصة على العربات، وتشتعل، وقصف بـ SS10 و SS11 من فوقنا لأننا كنا دخلنا في قلب الكمين، أن وصلوا لنا وعبروا من الترعة (ويقدور أن يعبروا من الترعة) أن يصيبونا بالدبابات، ولكن الترعة حماية لنا.

عرفت الدبابات من صوت الجنازير، والدانات SS10 وSS11 حفظناها، تصفر فوقنا وتقع تحدث إنفجار شديد جدا، نحن في كمين، يطلَق علينا صواريخ، ونصف بوصة، ودبابات،

كتيبة 133 في منطقة حدائق بينها وبين القوات الإسرائيلية في طريق عربات تشتعل ومن بعدنا ترعة، وهم الناحية الأخرى. ضربوا ثم أوقفوا الضرب، هدوء... لأن العدو لا يعرف من يضرب، وجد عربات فأطلق النار نحوها ولكن لم يجد عليها قوات (ومعهم أجهزة رؤية ليلية يروننا كأننا نهار)

أعطي الأمر لـ"علي أمين" قال له "معوض يواجه بسريته..." ربما معوض من رآه أمامه، فقال معوض يواجه الكمين، مواجهة، والباقي يرجع في الخلف مجموعات صغيرة في نفس التوقيت. هذا القائد الشجاع، المتحكم في أعصابه.

لم أر "عمر بن الخطاب"أو الصحابة لكن في تخيلي بعد الحرب أن هذا موقف شجاع جدا أن يقوم في وسط الضرب ليعطي أوامر وتعليمات بدِّقة ويقول لـ"مدحت عثمان" رئيس عمليات المجموعة، وكان راقد جنبنا، أن يتم توزيع السرايا (لم يعد يوجد فصائل أو قائد فصيلة) كل ضابط معه 10 أو 12 ينتشروا من سرابيوم للإسماعيلية في كمائن، يعني قتال فردي بمجموعات صغيرة،

العدو بينه وبين الإسماعيلية مسافة قليلة، دخل من عدة محاور، يوجد محور "أبو سلطان" ومحور "نفيشة" من الناحية الثانية، و"الجندي المجهول" ثلاثة محاور... يحاصر الجيش الثاني الميداني دخل ليحتل مدينة الإسماعيلية. بعد قليل يصل العدو للقاهرة،

والطيران الأمريكي دخل المعركة، وقواعد الدفاع الجوي بالكامل لم تطلق صاروخ واحد بعد ذلك. وأنا عشت المعركة بتفاصيلها وأنا برتبة ملازم. ضباط صغار هم وقود المعركة، القادة أدوا دورهم، وكان معنا جنود أبطال لا يستحقوا فقط نجمة سيناء ولكن أجرهم عند الله.

يواجه "معوض" يعني أن يتراشق ويرُد، ونسمع وابل من نيران من سرية الصاعقة (أو الفصيلة التي واجهت) لا أعلم فصيلة أو اثنتان أو سرية، يعرف ذلك معوض أو علي أمين، تفاصيل التفاصيل للقوة هذه، وهي في نظري تساوي لواء يواجه كمين، من شجاعة وقوة أنعم الله عليهم بها، ملائكة تحارب معهم أو مدد من الله...

بدءوا يتراشقوا، وابل من النيران والطلقات، زاد وطيس المعركة ونحن ننسحب، لا أرى عدُو ليلا، ولكن أصوات دبابات وطلقات نيران من الاتجاهين، معركة، مواجهة، صدام، فاصل اليمين (الحد اليمين) ترعة والعربات واقفة على المدّق، ويمين المدّق أو العربات ترعة، والناحية الشِمال أرض منخفضة نزلنا فيها راقدون. المواجهة ناحية "سرابيوم" (الجنوب) والعدو داخل إلى المدّق لا يقدرون أن يمشوا في الحدائق لا تصلح للدبابات، ربما مظلات العدو نزلت مترجلة (لا أقدر أن أقول هذا، ربما الإسرائليون أجبن من أن يفعلوا هذا وفي الليل)

ما رأيته، "أسامة ابراهيم" أعطى ثلاثة أوامر، "معوّض" للمواجهة،

رتل عربات، موجود على مدق، يمينه ترعة، واليهود بعد الترعة، وأمامي، ومعوض يشتبك للمواجهة،

ونحن في الأرض المنخفضة ليس فيها اشتباك، أرض زراعية في الجنب الشِمال هذا كله وحدائق خدمت كتيبة الصاعقة 133، سهلت لنا ننسحب للخلف في الحدائق، بمجموعات.

سرعة إعطاء الأمر من أسامة ابراهيم، وسرعة تنفيذ الأمر... ثواني لا أقدر أحسبها، أمر وتنفيذ سريع جدا، والانسحاب تم بكل كفاءة، انسحاب تكتيكي، ليس رد فعل عشوائي، انسحاب مدروس والأمر واضح، كل واحد معه 12، أتذكر. يعني قائد فصيلة ومعه 10، ومراسلة، جماعة. و صَف ضباط نعتبرهم في هذا التوقيت ضباط، كل صف رقيب وما إلى ذلك أخذ مجموعة، وهو قائد المجموعة.

كمائن توزعت بمجموعات، وعمليات قتال فردية فدائية من الدرجة الأولى،

لأننا تدربنا على الكمائن أن نفتح الكمين من مدى السلاح الذي معي، نعمل الكمين على مسافة من الدبابات، تؤمّن قائد السرية متخذ موقع الكمين، وفي مدى مرمى سلاحك، يعني الآر بي جيه يضرب على مسافة 200 متر، لا تصل لأقصى مدى، فتفتح له مدى 150 متر،

البندقية الآلية 7.62 ، 39 طلقة تصيب على مسافة، فنعطي لها مرمى مدي أقل سلاح لدي (وهو الآر بي جيه) لأنه يعتبر كالصاروخ يخترق في الصلب في الدبابة 26 سنتيمتر. ويخترق ش. ف. وهناك دبابات دخلت بعد ذلك

(( عندما عرفوا أنهم هُزِموا من الجيش المصري بسلاح الآر بي جيه 7، بدءوا يعدلون دباباتهم، بميركافا، حشوة جوفاء و ش. ف. وهذا ندرسه ونتتبع العدو، دروس مستفادة ))

موقف أسامة ابراهيم وقف شجاع أعطى أوامر وتعليمات،

الموقف الثالث هو الانسحاب بعد إعطاء الأوامر للخلف وتوزيع الكمائن مجموعات.

قائد الكمائن الذي يقول هنا يوجد كمائن، كل مجموعة تصل أولا... مثلا "معوّض" يهاجم، وبعده بمئة متر ونحن منسحبين مجموعات من 12 ترقد، تحفر حُفَر برميلية، بفاصل 3 ، 4 أو 5 متر بين الحفر البرميلية والأخرى، حسب ما يتراءى لقائد المجموعة في وسط الحدائق وحسب رؤيته للمدّق،

كمائن، مجموعات بفواصل حُفَر برميلية على مدى، من أول "سرابيوم" إلى عزبة "أبو عطوة" هذا المنعطف (الـ curve

المسافى نعرفها على الخريطة، المسافة بين الكمين الذي وقعنا فيه هل هو في سرابيوم فعلا، أم قبله بكيلو، على أي حال لم نصل لقاعدة الدوريات، لم نصل لسرابيوم، وقعنا في كمين وكان العدو دخل سرابيوم واحتلها وتقدموا.

وكنا نتقدم بالرِتل، فُتِح علينا كمين، لا أعرف المكان بدقة لأنها كانت دقائق معدودة، كمين وانتهى وقدرنا أن ننجو منه، وإعادة الأوامر والتنظيم وننسحب للخلف،

معلومة لابد أن أقولها، قبل الانسحاب بعد إصدار "أسامة ابراهيم" الأوامر لـ"على أمين" وبدأ الضرب، رقدنا كلنا مرة ثانية وأسامة ابراهيم، حصل تكثيف نيران غير عادي لوقت محدد (دقائق معدودة) دفعنا لننسحب.

كما أقول الدانات SS10 و SS11 بدأت تنطلق مرة ثانية عندما بدأت مواجهة "معوض"

وعلى جهاز اللاسلكي، قائد الجيش الثاني الميداني فتح على جهاز اللاسلكي مع العقيد أركان حرب "أسامة ابراهيم" اِنسحِب، لأننا سنضرب هذه المنطقة كلها بالكامل "بالطيران الثقيل"

والطيران الثقيل لا أعرف ما هذا بالضبط.

من قائد الجيش الثاني الميداني، تكرر ثلاث مرات.

(أنا أتكلم عن تاريخ، أنا مسؤول أمام الله سبحانه وتعالى عن كلمة أقولها)

أنا أسرد تاريخ، وقد كنت راقد جنب قائد المجموعة،

ورَدّ أسامة ابراهيم "الأمر الذي حضرتك تقوله، أمر أم اقتراح؟"

العقيد أسامة ابراهيم قائد شجاع، ونحن من صعيد مصر وهو رجل صعيدي، والصعايدة رجال، و"سيد الباز" من سوهاج... وكل هذه المنطقة لم يعرف نابليون بونابرت أن يدخلها. وأي كلمة نقولها عن قائد 139 صاعقة أو قادة أو ضباط أو مقاتلون في هذه المعركة لا أقدر أن أوفيهم حقهم،

رد عليه قائلا "أمر"

ووضّح أسامة ابراهيم أن الصاعقة لم تتعود أن تدخل مكان وتنسحب منه، النصر أو الشهادة. وقفل المكالمة.

(أنا أحكي واقع معركة عشناه، بقينا نقاتل حتى بعد وقف إطلاق النار، لم يكن معنا طلقة، وهذه بلدنا)

وبعدها لا زلنا راقدون... "من السادات لأسامة..." وهذا سمعته بأّذني ثلاث مرات "احموا مدينة الإسماعيلية ولو على أجسادكم" وهذا في الكمين قبل أن ننسحب،

أغلق الاتصال قائد الجيش، وبعده اتصال السادات.

هذه معركة كبيرة، من 18، 19، 20، 21، 22 أكتوبر كل هذا نقاتل في مساحة ضيقة جدا ندفع العدو لا يتقدم شِبرا، بكل ما لديه من قوة ونحن أفراد على أقدامنا تسليحنا بسيط جدا.

قال السادات، هذا معناه أن القائد العام للقوات المسلحة يعلم تمام العِلم أن السيطرة الجوية حصلت من الطيران الأمريكي، وبدأت خسائرنا تزيد، وتُدَك قواعد الدفاع الجوي وحائط الصواريخ أمام أعيننا، وبالتحديد هناك قاعدة خلف قيادة الجيش أو على يمين قيادة الجيش الثاني الميداني، قاعدة دفاع جوي قائدها مقدم "محمد محمود ابراهيم" قفل قاعدته تماما

الرئيس محمد أنور السادات دخل متصلا على جهاز لاسلكي على قائد مجموعة وهذا لا يحصل.

في نظري الـ 36 فدائي من الكتيبة 133 صاعقة التي دمّرت شارون في عزبة أبو عطوة ودفعت بدباباته تعجن بعضها واليهود تم حرقهم بأيديهم، وكل هذا عشناه مطاردة في الحدائق نخلي مصابينا ضباط وشهداء.

أنا أسرد تاريخ وما رأيته في زملائي، فدائيين، لا أقول ضباط أو جنود أو ضباط صف صاعقة، ولكن فدائيين. ولا يوفيهم حقهم إلّا الله. هم أبطال والشهداء منهم أحياء عند ربهم يُرزقون...

"من السادات لأسامة... من السادات لأسامة... من السادات لأسامة" وكان صوته واضح. "احموا مدينة الإسماعيلية ولو على أجسادكم".

توزعت الكمائن، أوامر سريعة جدا، كمائن بفواصل، ولابد أن أذكر نقطة هامة أن لواء أركان حرب "مدحت عثمان" الرجل الفدائي... في معركة فاصلة هو من قام بتوزيع المجموعات والكمائن وزّعها على الأرض وأنا واحد منهم أعرف مهمة منه، وزعها بذكاء غير عادي، هذا نصر من الله،

كتيبة في يدك، وفجأة تقع في كمين، موقف صعب جدا، وعندك المقدرة أن توزع وتقول فلان مع فلان.. هنا، وهو ماشي ينسحبوا بأقصى سرعة، ومنا من أغمى عليه من شدة القصف، ربما أصابهم هبوط، أو لم يأكل كفاية أو مُرهَق، وحملناهم، حملت جندي المراسلة لدي "علي الصعيدي" وكل فصيلة لها فرد مراسلة، وقد حملته 3 كيلومتر على كتفي، بسلاحه، زملاؤه كل منهم يحمل شَدّة وذَخيرة والتي عرفوا أن يحضرونها من العربات، وأنا حملته عُدت به بسلاحه، الحمد لله أعطاني الله قوة، وكان قد أغمى عليه وأفاق بعدها.

بدأ "مدحت عثمان" يوزع المهام بنفسه، و"أحمد أسامة ابراهيم" وهو قائد مجموعة بدأ يرجع مع "مدحت عثمان"... هذا أثناء الضرب و"معوّض" مشتبك،

رأينا جنود تأخذ شَدّتها وذخيرتها على ما تقدر وتعود بها، والبعض ترك الشِّدد لم يعرف أن يحضرها، الحمد لله كل معه سلاح وذخيرة تكفيه يوم كامل وشدة فيها قنابل ومياه (الشَّدة الخفيفة، يسمونها شَدة قتال)

"مدحت عثمان" وزع كل الكمائن حتى "أبو عطوة" لم يوزع في الـ "curve" (المنعطف) كي أكون دقيق لإن هناك اختلاف كبير في هذه المعركة، عشته " الملازم عِلمي سيد حسين كامل" كنت في المقدمة "علي أمين" يقول هذا لا يفهم شيء أو عنده شجاعة، يضعوني دائما في الأمام في المواجهة في توزيع بعد وقف إطلاق النار...

رجعنا وتوزعنا، "مدحت عثمان" رجع عند مبنى الإرشاد هو و"أسامة ابراهيم" هذا ما عرفناه، ونحن في الكمائن، جنوب "أبو عطوة" بمسافة لا نعرفها لأن ليس لدينا الخريطة، والكمائن توزعت،

بعد ما انتهى "معوّض الصفتي" وخسائره كانت بسيطة جدا لا تُذكَر وهو واجه فِانسحب اليهود (إعادة تنظيم وقتي) "لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ"

قُفِلَ الطريق ويمكن أن يكون لصالحنا، هل هذه العربات سحبها اليهود ليوسعوا الطريق بعد ذلك؟ لأنهم هاجموا صباح يوم 22 أكتوبر. العربات عبارة عن رِتل على مدّق دخلت في مسافات لا تقدر أن تنسحب، هل هذه العربات تم انسحابها من طرفنا؟ لكن كيف؟ هل اليهود عندما انسحب معوض وأخلى وأنهى مهمته وعاد للخلف، اليهود أخذوا هذه العربات بما فيها؟ أو جرافة ترميها في الترعة ليوسع الطريق؟ هذا لا أعرف عنه شيئا.

مدحت عثمان يرص الكمائن، ليست على الطريق، ولكن في الحدائق على هدف أنها تضرب الدبابات الإسرائيلية عندما تتقدم، وتوجد الناحية الثانية ترعة، لم يوصلوا لنا في الترعة لأن الدبابات لن تنزل للمياه، ولكن على الطريق.

وما حصل، رجعوا هم (لم أحضر هذه الواقعة ولكن سمعتها، لأننا كنا في مكان الكمين، وكان معي مجموعة، في الحدائق ننظر للطريق) جاء أمر أن نرجع كلنا للخلف، إلى أين؟ منا من راح إلى مبنى الإرشاد، لكن لم أذهب، وكان "أسامة ابراهيم" و"مدحت عثمان" و"علي أمين"... المنطقة اسمها مبنى الإرشاد، مرابطون بالعربات في الحدائق، يعملون الكمائن عند مبنى الإرشاد،

تركوا منطقة "أبو عطوة" ومعوض انسحب في الحدائق التي عند شونة السوداني... أصبحنا منتشرين في هذه الحدائق التي قبل عِزبة أبو عطوة، هذا أتذكره جيدا، أخلينا الكمائن التي وزعها "مدحت عثمان"...

الفرق بين كمائن مدحت عثمان والأمر الذي جاءنا كان طلع النهار يوم 19 أكتوبر أصبحنا في الحدائق، وزعوا علينا حبوب نتناولها كي لا ننام، أخذت حبة واحدة "الأدرينالين" ولم أجربها مرة ثانية لأنها نمّلت جسمي، ولم أقدر أن أركز، ورميتها، لأنه هذه أشياء كانت دخيلة على جسمي أخذت الشريط ورميته. كنت أخذت حبة وجدت عيني مفتحة مزغللة ليس في الـ mood، ليست طبيعتي، أنا رجل رياضي، فرميتها.

طلع النهار ونحن في الحُفَر البرميلية، يوم 19 أكتوبر، المعركة تحولت بمواجهة "معوض" لم تصبح في هذا الاتجاه والعربات قافلة المدّق، لم أر هذا من مكاني لكن لم تصل إلينا، يومين لم يصلوا إلينا، يوم دخلنا على المدَّق وقعنا في الكمين (لا أعرف يوم بالضبط) يوم 18 كان أمر الحركة، وصلنا يوم 18 أو 19 لا أستطيع أن أجزم في هذه النقطة، لأني لا أتذكر، لكن أتكلم بترتيب الأحداث.

تركنا مدحت عثمان وعادوا لمبني الإرشاد، ونحن تركنا الحُفَر البرميلية، وجدنا "معوض" ورجاله عائدا يقول إصابات خفيفة ولا شهيد.

رجعنا وجدنا شاردين من كتيبة مظلات، (كانوا داخل سرابيوم) وكان فيه مقدم أزال الرتب قابلناهم أيضا ظنناهم عدو، كان يرتدي أفارول زيتي، قابلته وكان كميني موجود مع السرية الأولى. أتذكر هذا المقدم وقال أنهم مظلات، قاتلوا حتي نفاذ ذخيرتهم وهم في طريقهم لاعادة التجمع بإستاد الاسماعيلية الرياضي ( تعتقد المجموعة 73 مؤرخين انهم رجال الكتيبة 81 مظلات )

من جاء من العمق تاركا سلاحه نسميهه شارد، يعني ترك أرض المعركة لا يعرف لأين يتجه بالضبط.

(استشهد في هذه المعركة التي كنا فيها، في نفس التوقيت، المقدم "فطين شرابي" قائد الكتيبة 81) دخلنا بعد ذلك أو في نفس التوقيت، محور تحركه طريق الإسماعيلية الصحرواي ودخل مباشرة على سرابيوم، لم يدخل من عندنا ولكن من الصحراوي إلى "أبو سلطان"...

أنا دارس الأرض جيدا، لدينا ثلاثة محاور،

معارك تمت عند جبل مريم، معارك طاحنة وأبطال، يحكوا عن نفسهم،

ومعركة "أبو سُلطان" و"فايد" وهذه المنطقة بالكامل، الجزء الصحراوي، ودبابات إسرائيلية وصلت أبو سُلطان وضُرِبَت.

سرابيوم، كتيبة 81 مظلات

أبو سلطان، كتيبة 85 مظلات

رأيت المظلّات راجعون من الحدائق (ليس على الطريق) عاد منهم من ينجو بحياته، أعانهم الله وحفظهم ، فقد قاتلوا بدون أسلحة مضادة للدبابات وبسلاحهم الشخصي فقط حتي نفذت ذخيرتهم

يرتدون زي زيتي وكنا سنضرب عليهم ونعرف أن العدو الإسرائيلي يرتدي زيتي، وشارون كان يرتدي زي زيتي، وكل وحدة لها كلمة سِر الليل،

(والقتال في الثغرة كان بمجموعات قتال صغيرة، عمليات فدائية، ولابد أن نقول هذا، لأن هذا فخر. نعمل عمليات فدائية فردية بمجموعات بسيطة، نقوم بها في مناطق ميتة، يعني عندما نقول عزبة أبو عطوة وتتخيل مكان الكمين، منطقة ميتة يعني الدبابة تمشي... المدّق هكذا، والدبابات داخلة إلى المدق، بينك وبين الدبابة في الحدائق خمسة أمتار، منطقة ميتة يعني نحن تحت مرمى مدفع الدبابة، يعني الدبابة عندما تضرب نيران تصل مسافة بعيدة، لكن لا ترى هذه المنطقة الميتة، وهذه هي العمليات الفدائية التي قامت بها الصاعقة ولذلك ضربنا القوات الإسرائيلية وظن الإسرائيليون أن هناك قوات هائلة، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى وكنا عددنا بسيط جدا...)

وصلنا والمظلات راجعون، بدأنا نعيد تمركزنا مرة ثانية، انتقلنا لمجموعات من يقودها، من معه اللاسلكي؟ ليس هناك قيادة غير "صادق عبد الواحد" قائد الكتيبة و"علي أمين" رئيس العمليات، في هذه المنطقة،

العقيد أسامة حفظه الله راح إلى مبنى الإرشاد... هذا عمله وهو مع قيادة الجيش، هو يحكي كقائد عن ما مر به، يفهم هذا أفضل مني، لكن أنا أحكي عن ما رأيت،

هناك من تلقى أوامر وتعليمات... فوجئت بالآتي:

عندما كنا في الحدائق، هناك شونة كبيرة جدا، فول سوداني، شونة ضخمة جدا، اعتبرناها ساتر لنا، وفصيلتي أو جماعتي أصبحوا في هذه المنطقة في الحدائق،

رحمه الله، النقيب "ابراهيم الدسوقي" قائد السرية الأولى من الكتيبة 133 صاعقة، أخذ مجموعة من السرية منتقاة، هنا لم تصبح سرية أو فصائل، ولكن مجموعات قتال، هذا أول كمين (لأنه لم يكن كمين واحد، بل اثنان) وحصل إصابات وناس رجعت للخلف يتكلموا عن الكمين الأول، وهناك من يتكلم عن الكمين الثاني (36 صمدوا في النهاية وتم تجميعهم)... الكمين الأول بالضبط صلى الفجر النقيب الشهيد "ابراهيم الدسوقي" بالمجموعة التي اختارها هو، وتحرك بهم إلى مكان الكمين بعد عزبة أبو عطوة يمين عند المنعطف "Curve" رقدوا في هذا المكان،

من 19 ، 20، 21 أكتوبر ثلاثة أيام فترة سكون، بين مبنى الإرشاد وقيادة الجيش... والمدّق مقفول لا تأتي منه قوات، وفي هذا التوقيت جاءنا "معوض" وقال العدو انسحب، فسنحت لنا فرصة أن نعمل إعادة تنظيم، وبالتالي هناك قيادات في الخلف في قيادة الجيش ليست في الصورة،

في هذه الثلاثة أيام (قبل كمين ابراهيم الدسوقي) لم نتلقى أي تعزيز قوات، الطيران يضرب 48 ساعة، مكثنا في الكمائن، تحت ضرب الطيران، وضُرِبَت قواعد الدفاع الجوي، لا يمكن لقاعدة أن تضرب صاروخ لأن الطيران الأمريكي أبطل مفعولها وقاعدة الدفاع الجوي التي تضرب صاروخ يتم تدميرها، وهذا على قول المقدم "محمد محمود ابراهيم" الذي كان خلف الجيش الثاني، لأني هاجمته كيف قوات الصاعقة تموت في العُمق وتستشهد وأنت لا تضرب صاروخ (عندما كنت أحمل نبيل غراب وعبرت به) وهذا يوم 22 أكتوبر، ليلا،

وفي النهار قبل الظهر كان كمين ابراهيم الدسوقي،

هذا عن الكمين الأول، ابراهيم الدسوقي صلى الفَجر وطلع رقد في الكمين حتى قبل أّذان الظهر، فتح الكمين، دخلوا يوم 22 قبل الظهر دخل شارون بدباباته وكانت المقدمة وهو كتب في مذكراته، قال أصيب في رأسه واختبأ ومعه اثنان في بيت من بيوت الفلاحين، هو كتب ذلك (في أي يوم بالضبط، أي واقعة، لا أعرف) لكن قال أنه كان في المقدمة والهجوم من قوات الصاعقة المصرية عليهم... لم يقدر شارون أن يقدّر قواتنا لأنه انسحب بعدها ودخلوا على السويس،

أما عن هذا الكمين، أول كمين... استشهد فيه رائد "ابراهيم الدسوقي"

ضربوا الدبابة وعربة مجنزرة، وهو جرى وكان معه الشهيد "سعدون" رحمه الله، مراسلة له، كان يحبه جدا ولا يتركه، وهدفه كله أن يحضر أسير إسرائيلي، ويحكي لنا عندما كان قائد سرية أن حياته أن يحضر أسير إسرائيلي ويسلمه، ليحصل منه على معلومات.

ضرب اليهود على المدّق قبل أن يلفوا عند منعطف أبو عطوة، وقريب منه الكمين، وحصل الضرب على المدّق (قبل المنعطف) هناك مصطبة، عندها بيوت فلاحين، وأتذكر هذه المصطبة لأن مات عليها ضابط ملازم هو وجماعته أصابتهم دانة مباشرة، واستشهدوا، لم يكونوا من الصاعقة، ولكن من المظلات، كانوا عائدين، وبدأ الطيران، فلم يلحق أن يرقد فرَقد على المصطبة وأصابتها دانة مباشرة، والطيران كان منخفض يرمي حمولة الألف رطل وينزل بالفيكرز طيران منخفض يضرب الأفراد، طلقة 300 مللي.

الشهيد "ابراهيم الدسوقي" استشهد في هذه الواقعة قبل الظهر يوم 22 أكتوبر.

وعندما ضرب الدبابات ونجح الكمين، جرى دخل على الدبابة ليحضر من برج الدبابة أسير. ما حصل؟ انفجرت الدبابة، قبل أن يصل لها، بحوالي 5 متر، تقريبا.

(لم أكُن في هذا الكمين، كنت مع "حامد شعراوي" في الخلف) اشترك فيه "ابراهيم الدسوقي" بمجموعة، منهم "سعدون"، ومقاتل من الكتيبة اسمه "عباس..." مجموعة بسيطة جدا، وهناك إسناد لهذه المجموعة في الخلف. وشهد على هذا رحمه الله اللواء "حامد شعراوي" الذي استلم قائد سرية بعد استشهاد "ابراهيم الدسوقي"، لأنه كان أقدم واحد بعد الشهيد ابراهيم الدسوقي،

جزء من كتفه طار، دخل "سعدون" كي ينقذه، حاول يجري عليه وهو يراه كتفه طار وهو لا يشعر، فقد ذراع وكتف في الحرب وهو يجري ولم يقع، وسعدون يجري إليه فأصابته مجموعة نيران أو شظية، فوقع الاثنان في حضن بعض.

مقاتل قناص "ابراهيم سعودي" كان سيحضر أسير من الجنود الإسرائيليين، وكان هناك مصابون فضرب الأسير الإسرائيلي بالنار وتخلص منه لينقذ زملاءه، ويحكي هذه الواقعة "ابراهيم سعودي"... لأنه عاش ذلك، وكنت أنا وحامد شعراوي في الخلف في المجموعة وكانوا ينادوا حامد شعراوي، وهو في هذه الحرب قلبه ميت وشجاع، رحمه الله، نظم السرية بعد استشهاد ابراهيم الدسوقي.

انتهى الكمين الأول قبل ظهر يوم 22 أكتوبر تركنا الشهداء، وبعد ذلك في اليوم التالي أحضرناهم

بعد ضرب ثلاث دبابات إسرائيلية، لم أر باقي الدبابات، سمعنا صوت جنازير فقط،

عندما بدأَت المعركة ونجح هذا الكمين لابراهيم الدسوقي، ماذا فعل العدو الإسرائيلي؟ غيّر اتجاهه في اتجاه نفيشة، مجموعات قتال إسرائيلية دبابات دخلت من نفيشة،

(هذا في منطقة الجلاء) من أبو عطوة تكمل 3 كيلومتر تصبح في الجلاء،

توجد ترعة، ومنها أكمل العدو الإسرائيلي إلى نفيشة، وجد طريق مسدود فغير اتجاهه،

وجدت الرائد "علي أمين" يعطي تعليمات جديدة، كان يقف بجوار مكان الكمين الذي ضُرِبَ ليلا في آخر ضوء عند وقف إطلاق النار، كان هناك حوالي وقت بعد الظهر يعني بعد الكمين الأول بدأ يوزع مهام جديدة، أرسل ناس في اتجاه نفيشة... التعليمات الجديدة، كانت هناك سَرية وزعها في اتجاه نفيشة، كان فيها "ماجد شحاتة" (على ما أتذكر) أو التي كان فيها "نبيل غراب"... أعطى أوامر، ومن الأوامر التي أتذكرها قال "زاوية 90" هذا هام جدا، معناه حصل ارتباك وهجوم شرس (هجوم في اليمين) فقال "هذه المجموعةـ زاوية 90" ليس هناك وقت ليقول "اِطلع" اليهود هنا ودخلوا، فيقول زاوية 90 لأن من هناك استنجدوا، عليه ضرب شديد، طيران ودبابات داخلة عليهم، وجميع الإصابات في نفيشة كانت بالطيران، قصف جوي، وطيران منخفض، بالفيكرز، وهناك أصيب "أبو اليزيد" واستشهد "عبد المعطي" ودخلت حملت "نبيل غراب" عندما قال علي أمين "90" اتجهت حملت "نبيل غراب" وأخليته و"سيد الباز" والشهيد "عبد المعطي" راقدا بجانبي، الضرب كان شديد في هذه المنطقة، مسافة بسيطة من أبو عطوة لنفيشة، في اتجاه الناحية الأخرى فاصل ترعة فقط، وبعدها ترعة الإسماعيلية الناحية الأخرى،

الآن نتكلم بعد الظهر، بعد هذا الكمين، ليس هناك هجوم آخر، وقفت الدبابات، بدأوا يسحبوا أغراضهم والجثث الإسرائيلية،

رجعنا للخلف عند بيوت الفلاحين،

عندما استشهد "عبد المعطي"...

دانة الدبابات المواجهة والتي غيرت اتجاها داخلة نفيشة، مسحت هذه البيوت كلها وكنا راقدون نتخذ بيت من بيوت الفلاحين ساتر، سور نرقد بجانبه، فقلت لـ"عبد المُعطي" لا يرفع رأسه، لأن ضرب النصف بوصة لا يترك فرصة أن نرفع رأسنا، ضرب من أعلى، في بيوت الفلاحين يمين وشِمال ومن فوق، ونحن نتدارى في سور من الطين علوه حوالي 75 سنتيمتر، ترفع رأسك ترى الدبابات تهاجم في اتجاه كوبري نفيشة، حتى هذا الكوبري تم نسفه في ظهرنا. رأيت البرج يطير، والكوبري يطير في السماء على ارتفاع 15 ، 20 متر، عمل انفجار شديد جدا، كوبري نفيشة وكوبري الجلاء كانوا مجَهّزين للنسف لأن المعركة أصبحت رهيبة

كم يوم حتى دخل شارون من الثغرة إلى أن وصل الإسماعيلية يعني مقاومة شديدة جدا في الثغرة وناس ضحت وصمدت، الأيام، الدبابات، والمسافة حتى تصل... معركة ليست سهلة، معركة مصير، الإسماعيلية ستُحتَل ويحاصر الجيش الثاني الميداني الذي عبر القناة...

المعنويات مرتفعة ونحن صائمون، النصر أو الشهادة، كلنا نريد أن نستشهد وندافع عن بلادنا.

استشهاد "ابراهيم الدسوقي" قائد سريتي، لابد أن نأخذ بحقه...

بعد يوم 22 أكتوبر، أحداث قوية جدا

أول حدث، والله سبحانه وتعالى أرسل لنا مدد من عنده، والمدد كان في الكمين يوم 22 أكتوبر، والكمين الثاني في هذه المنطقة، العدو أخلوا إصاباتهم وهربوا، وأخلوا أسلحتهم التي تم تدميرها، حملوها وتقدموا، ونحن نسمع صوت الدبابات، لفوا ودخلوا، المسافة في هذا المنعطف إلى بيت الفلاحين (الذي تصورت عنده، جالسا بعدما أعطوني الموقع الأمامي وأنا جالس فترة الراحة آكل مع الجنود وأرفع معنوياتهم، ونعمل لياقة، نرعب الإسرائليين لا نتركهم يناموا، كل يوم نعمل عليهم إغارة، كل يوم، ونحدث فيهم خسائر يوميا) هنا بيت الفلاحين ويلفوا الثلاث دبابات داخلين والكمين في طريقهم وأنا فيه، وابل من النيران، وحصل الآتي...

بعدما أخليت "نبيل غراب" (هنا) وعبرت به وسبحت به، والمقدم "محمد محمود ابراهيم" هو الذي أخرج لي العربة الجيب وحملت فيها... أنا و"سيد الباز" الحي الوحيد الذي تبقى من مجموعتي، وحملت وأخليت المصابين، ضربوا علينا نار، لم يكن معنا كلمة سِر الليل، قاعدة الدفاع الجوي لمحمد محمود ابراهيم، ضربوا علينا نار، من رحمة الله سبحانه وتعالى أننا كنا راقدين تحت التبة التي يضربوا من عليها، يضربون من مكان عال ونحن تحت، ليس معنا كلمة سِر الليل ويظنوا أننا يهود، لأن الطيران مستمر.. ما حصل بعد ذلك؟ مقدم محمد ابراهيم دخلتُ له الملجأ وكانوا خلصوا ذخيرتهم وأنا سيد الباز ونبيل غراب مصاب، خلصوا ذخيرتهم ولم يصب منا أحد،

أنادي أنا ملازم صاعقة... ولم يكن أحد منا علق رتب، عرفوا ودخلنا ملجأ المقدم محمد محمود ابراهيم، نزلت له وهو يجلس في الملجأ تكلمت معه وكنا في الأول في حالة نفسية سيئة معي مصاب وتغمرنا المياه من سباحة ترعة الإسماعيلية ونزحف في الرمل كيلو ونصف، وضُرِبَ علينا نيران، ونزلت له الملجأ، صراحة هاجمته وكنت منفعل جدا وهو كان هادئا جدا، قال "أنا أخذت تعليمات" (وهو صادق) لأننا رأينا بأعيننا ونحن في الداخل ونُضرَب بالطائرات الصاروخ كاد أن يقترب يضرب في الطائرة الأمريكية، ويخطيء يمين، شِمال، خلف،... هذا رأيته، الطيران الأمريكي درس جيد جدا يضرب ومسيطر على أرض المعركة وقوات الصاعقة والمظلات تُباد، وهم مقاتلون من الدرجة الأولى لكن هناك من الناحية الإسرائيلية الأمريكية تفوق جوي أسميه في الحرب أو المعركة أنه داخل يبيد قوات،

قال مقدم "محمد محمود ابراهيم" أن عنده تعليمات ولو أخرج هذه القاعدة سيتم إبادتها (وهذا عرفناه بعد ذلك، ليس في ذلك الوقت) عرف أن يعالج غضبي وهو ذكي جدا، تعامل معي بهدوء وقدم لي مياه، شربتها وكنت عطشان جدا، وقال ما يقدر أن يفعله؟ قلت معي "نبيل غراب" مصاب وينزف، أول ما قلت له في ثواني قال العربة الجيب، طلعها لي، بسائق، عربيته الجيب الخاصة وهو قائد القاعدة، وضعنا "نبيل غراب" وركب معي "سيد الباز" ودخلنا مباشرة اتجه لنا السائق مباشرة إلى الملجأ يسمونه المستشفى الميداني، تحت الأرض وكان موقعها بين قيادة الجيش الثاني الميداني (التي كانت خلف نفيشة) وقاعدة الدفاع الجوي ـ لأن وصلنا لها في وقت قليل. ونزلنا الملجأ وجدت ملجأ طويل جدا عبارة عن جيش أو سَرية من الأطباء ومحاليل... مضيء تحت الأرض... مستشفى حقيقية، يسمونها مستشفى ميداني (يعني تحت الأرض).

أول ما سلمته، أول دكتور، فتح عينيه قال "الحمد لله". وضع له قطرة، حركت عينيه، نقلوه للمحاليل. ركبت العربة الجيب وقولت للسائق أن يعود بي إلى الجلاء وفي الطريق قال لا يستطيع أن يتخطى قيادة الجيش (ولم أكن أعرف أن قيادة الجيش قريبة)

سبحان الله، أنا دخلت قيادة الجيش و"سيد الباز" كان معي في الخلف في العربة.

هذا كلام لم يذكره أحد حتى لواء "نبيل شُكري" رحمه الله.

لماذا لم تسقط مدينة الإسماعيلية.

الجندي سائق المقدم "محمد محمود ابراهيم" قال لا يقدر أن يوصلني لما بعد قيادة الجيش، قلت هنا قيادة الجيش؟ (لا أعرف) وهم يعرفون، وقواعدهم في هذه المنطقة تحت الأرض

دخلت قيادة الجيش قبل آخر ضوء يوم 22 أكتوبر، وجدت في مركز قيادة الجيش "نبيل شُكري" قائد الصاعقة، وباقي القيادات ، وفي هذا اليوم أعطى لي ربع سندوتش صغير مربى (وهو كان يعرفني من بطولات السباحة، وحضر بطولة السباحة سنة 1972 وأخذت المركز الأول على القوات المسلحة) معنوياتي مرتفعة لأني أنقذت زميل لي الحمد لله واطمأنيت عليه وسلّمته، فكانت معنوياتي طيبة... وربنا كرمني أن أصبحت في قيادة الجيش، كيف حصل ذلك، غير مخططا، السائق كي يوصلني مبنى الإرشاد الذي كان فيه "مدحت عثمان" (وذهبت له بعد ذلك، كان موجود في مبنى على بعد 3 كيلو من عزبة أبو عطوة، في الحديقة يدير المعركة، وبدون رُتَب)

دخلت مركز القيادة، فيه نبيل شُكري، معي سلاحي والشَّدّة الخفيفة (الحزام فقط) والأفرول، ليس معي شَدّة ثقيلة ولا خوذة، كنا عبرنا الترعة (عبرت بـ"نبيل غراب" رغم أن التيار كان شديد جدا، عبرت به ورجعت لأحمل "سيد الباز")

دخلنا مركز قيادة الجيش، أول شيء وهو يعطيني السندوتش "خذ هذه ياعِلمي" وهو يعرفني من بطولة القوات المسلحة والسباحة قلت له "يافندم اليهود هنا" ليسوا في نفيشة أو شيء، أنا داخل مبلول مياه وبعدها رمل، وفعلا مركز قيادة الجيش بينه وبين المكان الذي دخل فيه اليهود في نفيشة يعتبر في حدود حوالي 400 متر (ان حسبت ترعة الإسماعيلية ومركز القيادة في الخلف بعد الترعة في الداخل) والدبابات وقفت قبل الكوبري لما نُسِف، وفُم ماسورة الدبابة تجاة قيادة الجيش التي لا تظهر من فوق الأرض، أنا لا أعرفها، هي ملجأ، مركز قيادة تحت الأرض، الدبابات دخلت رأيتها بعيني وأنا أخلي دخلَت وقفَت ونحن تحت، والترعة منخفضة، عبرنا وربنا كرمنا وأنقذنا الملازم أول نبيل غراب وسلمناه الحمد لله.

كيف وصلت قيادة الجيش، تدابير الله، السائق أريد أن يوصلني إلى الجلاء كي ألحق سَريّتي هناك والحدائق عند شونة السوداني،

نبيل شكري كان قائد بمعنى الكلمة، رحمه الله، بسرعة فائقة أخلوا مركز القيادة في أقل من دقائق وجدت نفسي وحدي، أنا و"سيد الباز" نمشي على أقدامنا ، كوبري الجلاء تم نسفه، لفينا ودخلنا من عند مبنى الإرشاد، وجدنا في الحدائق مدحت عثمان جالسا بدون رُتَب ومعه جهاز لاسلكي، وجندي مراسلة، وصلت له قلت اليهود هنا وصلوا نفيشة قال "إلحق علي أمين" هذا كل ما قاله لي...

 

 

للأطلاع علي حوار المجموعة 73 مؤرخين مع اللواء مدحت عثمان أضغط الرابط

 

المستشفى الميداني وقيادة الجيش قريبين من بعض، ملجأ المستشفى الميداني خلف قيادة الجيش، والناحية الخلفية هناك قاعدة الدفاع الجوي يعني مسافة قريبة، كلها حوالي كيلومتر، بين قاعدة الدفاع الجوي وقيادة الجيش،

ليس معنا كلمة سِر الليل، هذه المسافة 3 كيلومتر، يجب أن نرجعها بأقصى سرعة،

قلت له اليهود هنا وأنا أبلغت اللواء أركان حرب نبيل شكري، فقال مدحت عثمان

إلحق علي أمين،

إلى أن وصلت أنا وسيد الباز ضُرِب علينا كمية ذخيرة من قواتنا لأن ليس معنا كلمة سِر الليل، والطريق إلى مدحت عثمان إلى أبو عطوة كمائن، هذه مسافة 3 كيلومتر، قطعناها جري ويُضرَب علينا نيران، ماذا نفعل؟ نزلنا في الحدائق، شِمال، كي نخلي الطريق ولا نكون ظاهرين، دخلنا خبطنا في الكمين الأخير،

في هذا الوقت سني 23 سنة، داخل حرب، في الطريق لم أفكر في أهلي أو مستقبلي، وأتمني شهادة. وأقول تقبلني شهيد.

(أخذت نوط الجمهورية في الميدان من الرائد على أمين قائد الكتيبة)

رجعت من لقائي مع مدحت عثمان، إلحق علي أمين،

وهو مشغول، جالسا في الخلف، على مسافة 3 كيلومتر من مكان الكمين ويدير معركة نفيشة، كتيبتين، 223 و 133، بصفته رئيس عمليات ورئيس أركان مجموعة 139 صاعقة.

أحمد أسامة ابراهيم لم يكُن موجود في مركز القيادة ولا يدير العمليات،

بعدنا عن الطريق جرينا ويُضرَب علينا نار لأن ليس معنا كلمة سِر الليل، وصلنا للمكان بأقصى سرعة وسمعنا صوت الدبابات وهي داخلة، هذا ليلا، عندما دخلت الدبابات لا تزال في المنعطف(Curve) صوتها في المنعطف الذي استشهد فيه ابراهيم الدسوقي، وهي تلف داخلة في اتجاه أبو عطوة عند بيت الفلاحين الذي ضُرِبَ عنده، بيت من الطين والكمين في هذا المكان، في ظهرنا هذا البيت (وأنا تصورت عنده بالجنود)

 

 

كفرد معه رشاش بدبشك ينطوي، أمام هذه الدبابات... بالرشاش والشَّدّة الخفيفة، لا أقول ما سأفعل في هذه المعركة وأنا أجري، الأمر روح إلحق علي أمين، أعرف أن هنالك معركة لأني أخليت نفيشة وضابط مصاب، وأرى هجوم عدو تجاه مدينة الإسماعيلية فأرى الموقف أمامي، أنفذ الأمر كما قيل لي "زاوية 90" كما يقول لك أحد "حريقة" أمر جلل وهجوم شرس، قبلها 48 ساعة طيران يضرب، وقواعد دفاع جوي تُضرَب وسيطرة جوية من الطيران الأمريكي ودبابات داخلة، ونحن داخلين هذه المعركة، عندما يقول لك قائد "إلحق علي أمين" أنتقل من موقع لموقع... هذه حرب، هناك من أصيب، ومن استشهد، ومن وقف دافع...

ليس لدي فِكر في هذا اللحظة إلّا أن أنضم إلى "علي أمين" ويحصل ما يحصل (واللواء "على أمين" لا زال حي ويجب عليه أن يقول هذا التاريخ).

وقفنا عند نقطة نسمع جنازير الدبابات، الكمائن في أماكنها من أول من بعد كوبري الجلاء التي تم ضربه، توجد الكمائن حتى عزبة أبو عطوة قبل المنعطف الذي استشهد فيه في الكمين الأول "ابراهيم الدسوقي". هذا الكمين الثاني، غير الكمين الأول الذي استشهد فيه ابراهيم الدسوقي،

وهؤلاء الصهاينة سحبوا الدبابات ومشيوا وبعد ذلك تقدموا في نهاية يوم 22 أكتوبر.

عندما وصلت للخط الأول في الكمين الثاني، في آخر ضوء، وجدت العساكر والضباط في الكمائن لا أعرف لمن أتجه، انضممت للكمين في توقيت صعب جدا، أنقذت وأخليت مصابين ، مهمة ليست سهلة، وأنقذت قيادة الجيش، وأتلقى أمر جديد من رئيس عمليات المجموعة وهو يدير العمليات على مسافة 3 كيلو، ويقول لي "إلحق..." إذا عنده معلومات على جهاز اللاسلكي ان العدو تقدم مرة أخرى،

موقف جلل، لم يبلغهم أني ذاهب إليهم، كلنا في هذه اللحظات من يقدر أن يفعل شيء يفعله، عمليات فدائية من الدرجة الأولى... كل منا يقوم بمهمة، ما يقدر عليه يفعله، أنا غيرت تسليحي في المعركة، لم يغيره لي أحد،

تسليح ضابط الصاعقة مسدس 9 مللي، وبندقية آلي... بدلت كل هذا وأخذت رشاش جرينوف، أقاتل به لكمية الذخيرة التي فيه، سلاح ثقيل وقاتلت به.

لم أعترف بالبندقية الآلية لأني أحتاج كَمّا من الذخيرة، وآر بي جيه، واستلمت آر بي جيه وضَرَبتُ به...

عندما وصلت للكمين، لا أري فيه أي شيء لأني دخلت في آخر ضوء.

وقف إطلاق النار كان 8 إلَا عشر دقائق، وعرفنا وأعلن السادات أن وقف إطلاق النار 8 إلا 10 دقائق. وأنا كنت في قاعدة الدفاع الجوي وعرفنا وقف إطلاق النار.

إسرائيل تريد أن تكسب أرض، ولا تعترف بوقف إطلاق النار، وتريد أن تصل الإسماعيلية، هي ثلاثة كيلومترات يقطعها عندما يقضي على باقي المقاتلين وعددهم قليل. لأن القوات انتشرت من أصيب ومن رجع ومن تحرك للخلف... المعركة تُدار بمجموعات صغيرة، عمليات فدائية،

من تحركي من كتيبة الدفاع الجوي، إلى قيادة الجيش، و"مدحت عثمان" والرجوع للكمين، فترة من العصر للمغرب، لم أر أي دبابات أو مدرعات مصرية،

موجود في أرض المعركة رجال 133 صاعقة، صمدوا.

رجعنا باقي بالضبط دقائق، ودخلَت الدبابات موقع الكمين، طلعنا من تحت الأرض من الحُفَر البرميلية وسيل من الآر بي جيه والدانات على الدبابات الثلاث لدرجة أن الدبابة الأولى... أول واحد في الكمين اسمه زكريا أو عوض، لا أتذكر بالضبط، وجلّت (أخطأ) منه أول دانة، ورأيت هذا، الدبابات الثلاثة داخلة ودخلت في نطاق الكمين ونحن على مسافة 5 متر، جلت دانة آر بي جيه، طلعت الدانة فوق برج الدبابة، ودانة أخرى أمام البرج، والدبابات داخلة، الدبابة الأولى لم تُضرَب أولا، والدبابة الثانية التي في المنتصف عندما ضُرِبَت وتدمرت برجها طار لأعلى لا يقل عن حوالي 10 ، 15 متر، وكان شيء عجيب، برج دبابة بهذا الثقل بماسورته يطير هكذا في الهواء، من كم الذخيرة التي دخلوا بها ووضعوها فيه، والآر بي جيه اخترق وانفجرت الدبابة وطار البُرج،

الدبابة الثالثة دخلت في الدبابة الثانية،

الدبابة الأولى وقفت وكأنك ميدان رماية، سيل من النيران، معنويات، "الله أكبر" ضرب آر بي جيه نفدت الدانات وذخيرتنا كلها بالكامل وانتهت الدبابة، نُطِرَت جثتان، على موقع الكمين مسكوا في بعضهم وتفحموا، واشتعلت الجثث الإسرائيلية لليوم التالي صباحا، وأصبحت جثث الجنود الإسرائيلية فحم.

لم يكُن وراء الثلاث دبابات شيئا.

بعدما سحبوا دباباتهم في الكمين الأول (وهذا كلام دقيق جدا أقوله) ودخلَت الثلاثة دبابات، بعدما لفت الطريق ودخلَت أمام بيت الفلاحين المبني بالطين، كان هؤلاء الإسرائيليون صيد طيبا لنقيم عليه حفلا، فرح، نصر من عند الله.

ظهر منهم أفراد على برج الدبابة ولذلك نضرب بالرشاشات والبنادق،

(عندما كان الشهيد ابراهيم الدسوقي كل أمله يُحضر من على البُرج هذا أسيرا، هذف بالنسبة له، ونال الشهادة) الحمد لله نجحنا،

ما حصل بعدما دمرنا الدبابات الإسرائيلية وأصبحت تشتعل نيران، وطار برج والجثث الإسرائيلية ملقاة ومفَحّمة،

موقف لابد أن أقوله وأذكره، "علي أمين" قال "عِلمي أرجوك إهدأ " في وسط هذه النيران بعض من الجنود يبكي بكاء نصر، موقف جلل، لا أقدر أن أعبر عنه، و"حامد شعراوي" واقفا (وهو قائد سرية بعد استشهاد الرائد ابراهيم الدسوقي في الكمين الأول) واقفا أسد، قلبه ميت، ليس لديه قلب، واقف يعطي تعليمات يهديء المقاتلين، في موقف صعب جدا، مما واجهوه بعد هذا الكمين...

إرهاق وتعب، حالة من البكاء، لواحد أو اثنان من الشد العصبي، هذه معركة فيها كل شيء، بكاء منتصر، وبطل،

اللواء "علي أمين" كان رائد في هذا الوقت، و"صادق عبد الواحد، واقفون جنب بعض، قال "على أمين لـ"صادق عبد الواحد" أنا أحتاج لأن أنام نصف ساعة فقط،

هذا الكلام ليلا حوالي الساعة 10 أو 11، بعد ساعتين من المعركة، يريد أن يرتاح وهذا حقه.

 

علي امين قائد ك 133 صاعقة وصادق عبد الواحد رئيس عمليات الكتيبة

بجوار دبابة مدمرة في ابو عطوة 

 

 

"صادق عبد الواحد" قال لي أنت وحامد شعراوي... (وهو قائد سَريَة وأنا قائد فصيلة) علمي يمسك ساعة عليا (وهو يريد أن ينام هو الآخر) وحامد شعراوي يمسك ساعة، يعني نبدل.

تحولت من ضابط مقاتل أنا واللواء حامد شعراوي، إلى فرد خدمة (حراسة على القائد، ينام)، عملت ذلك بصدر رحب جدا وأنا أيضا مُرهَق،

الحمد لله في هذا الوقت برتبة ملازم، ولياقة وأصغر سنا.

ونام فعلا "علي أمين" في وسط النار نصف ساعة، والدبابات محترقة، ناموا في بيت الفلاحين المبني من طين، ناموا على الأرض، ليس هناك سجادة ولا حصيرة، ناموا على الأرض، ولا تعرف نام على أي شيء، لا يهم.

وفي اليوم التالي 23 أكتوبر صباحا

صوت جنازير دبابات مرة أخرى، المفترض وقف إطلاق النار لكن هذا لم يحصل،

لم نتلق أي تعليمات...

تدار المعركة الأخيرة بواسطة الرائد "علي أمين" كقائد، والرائد "صادق عبد الواحد" رئيس عمليات الكتيبة ، و"حامد شعراوي" قائد السَريّة الأولى. هذه السرية التي صدت هذا الكمين.

باقي السرايا، سريتان لديهم مهام أخرى في اتجاهات أخرى.

(يعلمها القائد الكتيبة "على أمين" هو من يتكلم، أنا لا أتكلم على أوضاع تكتيكية، ولكن أتكلم عن واقعة رأيتها بعيني وعمليات قمت بها ونفذتها وقام بها زملائي)

يوم 23 أكتوبر صباحا، هذه الليلة نام الجميع في الحُفَر البرميلية،... الدبابات مشتعلة طوال الليل ، جثث إسرائيلية مُفَحَّمَة وجنود إسرائيل قتلى في الحدائق، ومصابون إسرائيليون هربوا...

ما حصل؟

جاء علي أمين والرائد صادق عبد الواحد هو نام وصحي في اليوم التالي باكرا جدا لم تدخل الدبابات بعد، فقال للرائد صادق "تمام الكتيبة يا صادق" ، جمع الكتيبة ليرى من أصيب واستشهد وقوة الكتيبة ليُبلغ قيادة الجيش وهذا لابد منه. لابد يوميا قائد الكتيبة يعطي تمام لقائد المجموعة... جمع الكتيبة في هذا التوقيت أمام الدبابات الإسرائيلية المحترقة عند المصطبة، جمعت الكتيبة المتواجدة في هذا الموقع في هذا التوقيت (اليوم التالي صباحا)

أعطى تمام "36 يافندم، ضابط وصف وجندي" من كتيبة كاملة، هذا تمام "صادق عبد الواحد" لـ"علي أمين" صباح يوم 23 أكتوبر، هناك أخرون أصيبوا وعادوا وجنود في أماكن أخرى لم يجمعوا معنا.

هؤلاء 36 صمدوا في موقع الكمين، قوة الكتيبة نزلت لتُسعها، أي فصيلة.

وقف إطلاق النار تم، اليهود عملوا مواقع في نفيشة ودخلوا نفيشة وبدءوا مواقع دفاعية على امتداد من نفيشة حتى عزبة أبو عطوة، منتشرون وعملوا مواقع دفاعية، والترعة أمامهم لم يتعدوا الترعة، والثلاث دبابات محترقة عند الناحية الأخرى من الترعة في أبو عطوة، كانوا يريدون أن يدخلوا مدينة الإسماعيلية، وتم تدمير الدبابات الإسرائيلية على مسافة 3 كيلومتر،

الأولى لإبراهيم الدسوقي كانت مفرزة استطلاع، هجمت ثلاث دبابات (يعني فصيلة إسرائيلية) يمهد...

الأول 48 ساعة طيران، ضرب وقصف ويظنوا أن هذه الأرض لهم (لكن نحن كنا في حُفَر برميلية لا يرانا العدو) تأكدوا تماما أن المنطقة خالية، ودخل الإسرائيليون ووقعوا في كمين، دخلوا في كمين يعني نجحنا،

وماذا كان يفعل العدو؟ هم أساتذة هاون، كانوا يضربون دانات الهاون لتنزل أمام دباباتهم، يمهد. وفي نفس الوقت قبل أن يتقدموا بالدبابات، قصف جوي 48 ساعة، داخلون بالدبابات متأكدون أنها أرض أمامهم سهلة وسيدخل المدينة في منتهى السهولة وذلك كان هدفهم أن يحتلوا مدينة الإسماعيلية ويتقدم تجاه بورسعيد ويحاصر الجيش الثاني الميداني،

هذا كان مخطط وحرمناه من ذلك.

 

 

يوم 23 أكتوبر صباحا، تمام الكتيبة 36، بكى "على أمين" وبكاؤه ليس ضعف، كتيبتك التي دربتها وبنيتها، دموع القائد هو فارس، شعور وإحساس يبكي عندما لا يجد رجاله.

بعد ما أخذ تمام بدأ صوت الجنازير، لحظات سريعة جدا سمعنا صوت الدبابات، الأمر للـ 36 كان...

ليس معنا ذخيرة، ولا أي طلقة معي ولا مع أي جندي، نفذت ذخيرتنا بالكامل، والجنود تحتاج ذخيرة والدبابات داخلة وليس معنا ذخيرة،

"القتال بالسونكي"

هذا الأمر من صادق عبد الواحد رحمه الله، في وضع هجوم، ليس معي ذخيرة يعني أقاتل بالسونكي، لم يقل نرجع نبحث عن ذخيرة، لكن واقفون في مكاننا صامدون، كمائن من أول بعد الدبابات الإسرائيلية المشتعلة، في اتجاه شونة فول السوداني حتى 3 كيلو للخلف،

توزع الـ 36 في حُفَر برميلية، هذه الحُفَر البرميلية تم حفرها في وقت قياسي (ونحن نسمع صوت الدبابات) كل منا حفر حفرته بالكوريك الذي ينطوي (صغير بسيط) والأرض طينية، حفرت في أقل من دقيقة، يعني في منتهى السُرعة كل واحد نزل حُفرة، بفاصل بين كل منا 4 أو 5 متر،

والأوامر، نطلع فوق الدبابة و تدخل الدبابة التي تعبر أمامنا كل واحد يتخيل الدبابات داخلة وتأتي عنده فيطلع من خلف الدبابة يركب من أعلى ويطعن السائق أو حامل الرشاش، كنا ركَّبنا سونكي في كل بندقية، لنطعن بها جنود الدبابات الإسرائيلية، كل بندقية فيها سونكي، والأمر القتال بالسونكي، ليس لدينا ذخيرة،

فماذا حصل؟ هنا كانت المفاجأة، نقول أن الله سبحانه وتعالى حفظ مصر وهي محمية من الله سبحانه وتعالى وتأكد لي يقينا هذا الكلام، في هذه المعركة.

دخل اليهود، كل هذا ليأخذوا جثث الإسرائيلين المتفحمة والجثث التي في الحدائق، ورجعوا. لم يكملوا.

الغريب أنه لم يحدث، رغم أن كوبري الجلاء نُسِفَ لو التفوا حول الدبابات ودخلوا في مكان الكمين وبدون أن يضربوا علينا بسهولة، يمكن يلتف يمين من مبنى الإرشاد يصلوا الإسماعيلية ويحتلوا المدينة.

وهناك ممر من بعد الكوبري، والعدو وصل جبل مريم ووصل أبو سلطان وهذه كانت الجائزة الكبرى لشارون أن يصل يحتل المدينة، وصل أبو سلطان وَضُرِب لم يكمل على طريق القاهرة الإسماعيلية الصحراوي، ضُرِبَ في أبو سُلطان ودباباته موجودة،

وكانت دبابات M60 A3، دبابات أمريكية ، بعد ما وقفوا جمعوا الجثث الإسرائيلية، رجعوا.

تنفسنا الصعداء، بدأ توزيع إعادة مهام مرة ثانية، ملازم "عِلمي" كما هو، في أبو عطوة،

في هذا اليوم ليس معنا طلقة، ولم نتزود بطعام، نفذت الذخيرة وليس هناك إمداد. ليس معنا أكل ولا شرب. نتعايش في الحدائق، تجد برتقالة تأكلها،... وتدربنا على التعايش.

التعليمات، الملازم "عِلمي" يبقى في المقدمة في عزبة أبو عطوة يبقى كنقطة مقدمة، مكاني في نفس مكان الدبابات الإسرائيلية الثلاثة التي ضُرِبَت، هذا موقعي، أي هجوم علَيَّ أن أصده بفصيلتي (المتبقي فيها من رجال) وباقي السرايا توزعَت للخلف وقيادة السَّرية وقائدها "حامد شعراوي" في مبني مستشفى الجلاء (عند كوبري الجلاء على الشِمال)،

بدأت تصلنا الإمدادات، صناديق ذخيرة 7.62 ، والآر بي جيه،... صباح يوم 24 أكتوبر، أخذت المهمة يوم 23 أني ضابط مقدمة بفصيلتي (الفصيلة الأولى، عددها 30 لكن لم يكن معي 30) تبقى من الفصيلة وصمد معي حوالي 15).

كان تمام الكتيبة 36 جندي، معي 15 منهم، في المقدمة، والباقي عاد للخلف كمائن، والرائد "علي أمين" والرائد "صادق عبد الواحد" عملوا إعادة تنظيم مرة ثانية للمتبقي، وهناك من كان لديه مهام أخرى، في نفيشة كاللواء ماجد شحاتة (كان نقيب، وقائد سرية) وصبحي... إعادة تنظيم، جمّع الكتيبة (المتبقي منها) وعمل إعادة توزيع، مهام ليس لي عِلم بها، كل ما استلمته مهمتي كانت عند الدبابات في المقدمة.

يوم 24 صباحا بدأت تصلنا إمدادات صناديق الذخيرة 7.62 ، دانات الآر بي جيه 7، ودعم قنابل يدوية،...

زارنا الرائد "صادق عبد الواحد" وقال نريد أن نعمل طابور لياقة... !!!!!

كان بيني وبين الإسرائيليين أمتار، أراهم، وبدءوا بناء مواقع دفاعية خلف الترعة (لم يعبروا الترعة) بينهم وبيننا الترعة فقط ومسافة حوالي 50 ، 100 متر، لكن أراهم بالعين المجردة الترعة أمامي وهم من الناحية الثانية من الترعة بدءو يعملوا مواقع دفاعية، هناك موقع دفاعي عملوه وضعوا فيه دبابة تركب الدُشمة وترى الطريق كله، يضرب على أي عربة في طريق أبو عطوة، داخلة أو خارجة.

أنهم عملوا موقع دفاعي، معناه أنهم لن يهاجموا،

ماذا فعلنا؟

أقسمت وإبراهيم سعودي موجود، وكل من كان معي في الكمين ، أقسمنا أن اليهود لا يناموا ولا يكملوا مواقعهم، كل يوم نعمل عليهم إغارة ليلا، بدون أوامر، كسَّرت كل الأوامر، هذا طبعي (وإلّا أرجع للخلف) هذه بلدي ولا يمكن أن أرى أمامي إسرائيلي يحتل أرضي وأتركه، زملائي استشهدوا وقائد سَريتي استشهد وأنا أشاهد؟ وأتخذ موقع دفاعي؟

كل يوم إغارة عليهم، ننزل نجهز نفسنا وذخيرتنا وشَدّتنا (هذا بعد وقف إطلاق النار، بداية من يوم 24 أكتوبر أقاتل اليهود في عزبة أبو عطوة، وأمام عزبة أبو عطوة في الخشاينة وفي العُمدة، وفي كل هذه المناطق أضرب اليهود وأدخل،

وحفرنا مثل المُشاة عملنا نفق وجنود أبطال معي، أرض طينية سهل أن تحفر فيها فحفروا مواقع بطريقة ليست مستقيمة ولكن منحنيات خنادق يمين، شِمال، إلى أن تصل بينك وبين اليهود تراه بالعين المجردة، وكان وصل لنا أجهزة رؤية ليلية عملنا بها ليلا، نضرب وابل من النيران كل يوم إغارة على الجنود الإسرائيليين، من مكان الحفر التي عملناها (خنادق مواصلات) نتحرك فيها، بحيث نصل إلى المنعطف الذي استشهد فيه "ابراهيم الدسوقي".

خنادق فاصل بينها وبين الثاني 2 متر، وتعمل أسلحة الآر بي جيه والرشاشات وأنا كنت أضرب الرشاش، وأخلص صندوق الذخيرة ومعي "سيد الباز" يحمل صندوق ذخيرة على كتفه، لنضرب ونتزود منه ونكمل، وسيد الباز هذا كان من سوهاج أبطال حقيقيون دافعوا من مصر.

 

 

أفراد من الصاعقة المصرية، من الكتيبة 133 صاعقة بمجموعات بسيطة لا تترك العدو ينام، في اليوم التالي نفاجأ بضرب الطيران و دَك المنطقة، هذا كان يزعج قيادة الجيش، ولهم في ذلك حق (نضرب بدون أوامر) وفي اليوم التالي صباحا يمرون عليا و ردّي لن ينام العدو وإن كنتم ترون أن أتركهم، ارجعوني للخلف - ولن أرجع.

وهذا قلته لـ"حامد شعراوي" رحمه الله، كان قائد سرية وقال لي "عِلمي، قيادة الجيش تشتكي..." وكل يوم أحقق فيه في الجنود الإسرائيليين إصابات وخسائر، كل يوم الطلقات تضرب في الجنود الإسرائيليين مباشرة.

وكنت أتمنى الشهادة.

في هذه الهجمات إصابات وقتلى إسرائيليين، المجموعة التي معي قتلت عدد كبير من الجنود الإسرائيليين، والإسرائيلييون لا يقولوا خسائرهم، حققنا فيهم قتلى وإصابات.

وسيد الباز وابراهيم سعودي ومن كانوا معي في الكمين هم من يحكوا... وأحبوني جدا وارتبطوا بي وقالوا الملازم علمي هو بطل حقيقي في عزبة أبو عطوة وأني كنت أحب زملائي وجنودي وأرفع معنوياتهم. كنت آكل معهم وأرفع معنوياتهم أقول الجنود الإسرائيليون لن يناموا، وكان جنودي فرحين جدا بهذا... رأيت فلاحين تركوا بيوتهم بكيت.

بدأنا نقاتل من يوم 24 أكتوبر، 25، 26، وبعد فترة... جاء أمر من العقيد أسامة ابراهيم كان موجود في الخلف وأرسل لي وحضرت وهو كان يعتز بي جدا والرائد صادق عبد الواحد وقائد الكتيبة الرائد علي أمين... وعلى أساس أني في المقدمة فقال لي "ياعلمي لدينا خطة اسمها الخطة شامل، لتصفية الثغرة ونحن (قوات الصاعقة) من ضمن قوات تصفية الثغرة،

يريدون أن يعرفوا مواقع اليهود وأين وصلوا بدباباتهم وعددهم...

حامد شعراوي قائد سريتي أحضر واحد من الفلاحين الشاردين خلع منه الجلباب وارتديته، فقال لي علي أمين احذر، قدمك ظاهرة وفيها علامة البيادة وهم يعرفوا هذا.

حذاء البيادة الذي كنا نرتديه كان جلد، ليس كالآن كنا نرتدي أحذية برقبة، الرباط يعمل علامة في وجه القدم، واليهود يعرفونها.

غطيت نفسي بالطين، وحملت ( ألٌفة ) فلاح وضعتها على رأسي وضعت فيها الخريطة، يعني دور فلاح، دخلت ومعي الخريطة وضعتها تحت الجلباب ودخلت، ليس معي سلاح. (حضرت دورة استخبارات في مدرسة المخابرات، وأعرف ما في هذا من خطورة)

هذه رغبتي وأنا داخل أحضر معلومات عن العدو، شرفت بهذه المهمة، أحصل على معلومات لأفيد الجيش الثاني الميداني بالكامل.

دخلت، الترعة، كيف أعبرها وهُم أمامي؟ وأنا أرتدري فلاح، وأعبر، كيف؟

لابد أن أعبر من منطقة لا يروني منها.

عند الترعة، وفي موقعهم يضعون مدفع الدبابة على امتداد الطريق يرون الطريق بالكامل،

التفيت بين نفيشة وأبو عطوة، وعبرت من مكان والحمد لله في هذه النقطة بالتحديد التي عبرت منها - وبتوفيق الله سبحانه وتعالى - كانت هذه الترعة المياه فيها قليلة جدا، هذا الجزء بالتحديد، كانت تعبر منه مواشي أو دابة والفلاحون قد مهّدوها فعبرتُ منها.

عبرت وبعد حوالي 50 متر وقعت في كمين دبابة، قد موّهوا دبابة تمويها لا يمكن أن تراه وسط الزرع، في الحدائق،

دبابة في منطقة بين نفيشة والخشاينة، عزبة العمدة... دخلت هذه العزب كلها عرفت المواقع وسجلتها،

لم أعرف أن أرجع، وقعت في كمين دبابة، فلّاح، ومثلت دور الفلّاح وعبرت، عارضوني اليهود وتركوني كانوا يتكلمون العربية بطلاقة، شكلي فلّاح أحمل قُفّة وطين وجلباب مهتريء فيه ثقوب... عارضني اليهود في أول كمين وكان درس لي أن أتفادى وعرفت انهم موهوا الدبابات تمويه دقيق جدا بأشجار الحدائق فكانت غير ظاهرة، الدبابات لا يظهر منها غير الماسورة.

وبدءوا يحضرون قضبان سكة حديد ويعملوا مواقع دفاعية، يبنون دُشَم للأفراد والدبابات، بدءوا يعملون (عندهم سلاح المهندسين) بطريقة جادة، تخيلت أنهم سيبنون خط بارليف آخر في هذه النقطة، نقاط قوية في المنطقة

لم أعرف كيف أرجع، دخلتُ عزبة الخشاينة وصلتُ حتى العُمدة، دخلتُ نفيشة، وصلتُ قبيل سرابيوم. رأيت وأنا ماشي جثث متعفنة في المزارع،

نِمتُ في أحد البيوت الطين، دخلت فتحت وجدت طيور ميتة، مقفول عليها، ونمت في هذا المكان، وكان المكان الوحيد الذي أقدر أن أنام فيه.

ولم يكن غيره، بيت مهجور وطيور ميتة، (( زحت الطيور ونمت في ركن )) .

لم أرجع هذا اليوم، ودخلت في النهار قبل الظهر (المهمة استطلاع أحدد أماكن الدبابات والمواقع وأرجع، ولم أعرف أن أرجع)

"علي أمين" قائد الكتيبة يعطي تمام يومي، فبلّغ القيادة، وصل خبر للبيت وأخي كان رائد في هذا الوقت في القوات البحرية، ورجع بعد وقف إطلاق النار، ورحمهم الله أبي وأمي يسألون عني فسأل في شؤون الضباط فقالوا أني مسجل من المفقودين.

كانت بالنسبة لأسرتي صدمة وأمي رحمها الله توفت في سن صغيرة، خمسين سنة، وكانت حزينة جدا الدموع لا تفارقها ليل ونهار، وأبي متماسك لأنه حضر حرب 1948، حرب فلسطين وحروب عديدة، يعرف الحرب وقال لأمي أني مع الشهداء وأن الله اختارني، يُصَبّر أمي وأخواتي وأمي فقدت بصرها من شدة البكاء.

وهنا نجد خطأ، عندا رجعت لماذا لم يبلغوا أهلي أني رجعت.

نمت في هذا البيت وصحيت في اليوم التالي لم أعرف أن أرجع أيضا،

كنت قد سجلت المواقع ومواقع الدبابات، وعلّمت علي تلك المواقع في الخريطة، وأريد أن أرجع بالخريطة بأي طريقة. وأتعايش وأشرب مياه الترعة.

بعد ذلك عبرت الترعة (لم أرجع من ناحية نفيشة) لم أرجع من نفس الناحية وكانوا قد عرفوني وقد عملوا دُشَم، فكلما أبعد عن المواقع الدفاعية وأدخل في عمق العدو أصبح في أمان، فكرت في ذلك والعدو غير متمسك بالأرض،

دخلتُ في اتجاه سرابيوم والتفيت ونزلت في الترعة من قبل سرابيوم (لا أعرف المسافة بالضبط) لا أقدر أن أحدد بالضبط عبرت من أي نقطة لكن كانت سهلة جدا، ونزلت في المياه والتفيت من الخلف، وأصبحت في أرض الحدائق ودخلت على القوات المصرية من الخلف، دخلت في وسط المزارع وأعرف من شغل الصاعقة تدربنا كيف نختبيء في الأماكن الزراعية وكانت المنطقة محمية طبيعية كلها أشجار وحدائق، فسهل جدا أن أختبيء وأنتقل من بيوت الفلاحين وأنام في أي بيت.

وصول الدبابات الإسرائيلية بهذه الجرأة ويعملوا مواقع دفاعية قوية جدا، كيف وصلوا لقضبان السكة الحديد متى أحضروها والدُّشَم التي عملوها بسرعة جدا في خلال أسبوع كانواعملوا مواقع دُشَم، خلال هذا الأسبوع كل يوم أعمل عليهم إغارة.

بالنسبة لعقيدتهم "لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ" فسلاح المهندسين هام جدا أن يبني لهم هذه الجُدُر، هذا ما رأيناه، لا يقاتلك وجها لوجه، أبدا، وهم فُزِعوا عندما عملنا لهم هذا الكمين أصاب الجنود الإسرائيلين الفزع والهلع وتحركوا في اتجاه السويس، ودخلوا مدينة السويس، هربوا.

لم يلتزم الإسرائيليون بوقف إطلاق النار.

بعد عملية الاستطلاع، بقيت إلى أن قالوا القوات ترجع الي المعسكرات

الشهيد نجاتي

لأستعواض الخسائر في الضباط قالوا أن يحضروا لنا النقيب نجاتي من مدرسة الصاعقة، فانضم إلى قوة سَريّتنا مكان الشهيد ابراهيم الدسوقي،

النقيب نجاتي كانت خدمته كلها في مدرسة الصاعقة، وحصل موقف... هناك برج استطلاع، قبل أن نترك الموقع ونعود للقاهرة للهرم مرة ثانية، أعلى هذا البُرج فرد استطلاع يراقب اليهود ومواقع اليهود، هذا الفرد أصابه صاروخ SS11 أو S10، أصبح قِطع على الأرض وجزء منه معلق في الأعلى، وكانوا فتحوا الأجازات وكان الشهيد نجاتي نازل أجازة، كل ضابط ينزل 12 ساعة ويرجع (ليست 24 ساعة) ويسَلّم زميله ينزل دوره، فكان الدور على نزول "نجاتي" في هذا اليوم، تأخر الضابط عن 12 ساعة، والصاروخ أصاب الجندي، كتيبة 133، طلع نجاتي على البُرج (وهو تدرب، ورجل صاعقة) طلع سريعا على البرج يلم أشلاء الجندي ليحمله على كتفه أصابه الصاروخ الثاني في النقيب الشهيد "نجاتي" وأصبحنا نلم في بطانيات قطع الشهداء ودُفِنوا في مقابر الشهداء.

كل يوم نعمل إغارة على اليهود إلى أن أرسل لي العقيد أسامة ابراهيم

حضرتُ، كان يُحضر قادة السرايا أو قائد الكتيبة فأحضر قائد الكتيبة ورئيس العمليات وأخذ رأيي لأني أحضرت معلومات قيَمة جدا سلموها لقيادة الجيش والحمد لله، وما عرفته أن هناك خطة اسمها "شامل" ويتم تصفية الثغرة.

والخطة كانت أمام العقيد أسامة ابراهيم وكان مكانه في الخلف في مدينة الإسماعيلية، موقع اختاره يعرض الخطة الشامل، تصفية الثغرة.

كنا مستعدين وتم إعادة تنظيم (مجموعة 139، أو كتيبتين) مرة ثانية أن نصفي الثغرة، مع قيادة الجيش الثاني الميداني،

هذه الفترة مجموعة من صواريخ (الكاتيوشا)على عربة تقف جنبنا في مدينة الإسماعيلية (أسفل) وتضرب في اتجاه الثغرة، وتم إطلاق ما لا يقل عن 12 صاروخ بالتوالي، تقريبا.

قبل تصفية الثغرة والخطة شامل، كانت المدفعية أو هذه الصواريخ تعمل بكفاءة عالية جدا، إزعاج للإسرائيليين وتحقق خسائر، وترهبهم،

وفي فترة قالوا سيحصل فض الاشتباك والكيلو 101،

رجعنا، والإسرائيليون انسحبوا ورجعنا إلى الهرم، وإلى منطقة "أبو سيد" في مرسى مطروح إعادة تنظيم واستجمام.

أول يوم أجازة أصل البيت، نزلت بعد ما قالوا القوات ترجع، لم أكن أعرف ما حصل وأن تم تسجيلي مفقود، وصلت بيتي وأنا ساكن في حي الحُسين تحت الشيخ "متولي الشعراواي" ويصادف مَن يفتح لي الباب؟ أمي وأنا أرتدي الأفرول المموَّه ليس عليه رُتَب (عندي 12 ساعة أجازة) لم أحلق ذقني وشعري طويل، أمي فتحت الباب تنظر لي في ذهول وصمت، لا تعرفني، قالوا لها أني مفقود، أخذتها في حضني أقول لها "أمي... أنا عِلمي" فهي لا تصدق وبكت، وأنا بكيت، موقف صعب جدا وأبي سمع صوتي وكان في الداخل فأصبح يهلل وأخواتي يزغردن أن عدت، والجيران طلعوا والشارع كله (حي الحسين) طلع في هذا اليوم يسلموا علَيَّ، أن بطل الصاعقة، عاد، عِلمي... نعرف الأحياء الشعبية ووطنيتهم.

عندما دخلت حي الحسين، كل الشارع بالكامل من أول ما دخلت من ميدان الحسين وماشي في شارع الباب الأخضر لأني كنت في مدخل 5، شقة 3، في حي الحسين، كل الشارع يحَييني...

الشعب المصري شعب جميل، واعي، يقف بجانب جيشه وأبطاله، وروحنا المعنوية ارتفعت أكتر عندما وجدنا الشعب وحي الحسين كله يحيينا ونحن داخلين.

كل ما لدي 12 ساعة أريد أغتسل وأغير ملابسي، ليس معي غيار لأنه أفرول واحد ليس هناك وقت أن يُغسَل، فخلعت الأفرول وغيرت ملابسي الداخلية واغتسلت وارتديت نفس الأفرول. تناولت الغذاء مع أهلي ونزلت بعد العصر مباشرة كنت في الإسماعيلية على آخر ضوء واستلم مني ضابط زميلي ونزل بدوره أجازة.

تدرجت وصلت حتى رتبة مقدم في الجيش المصري وكنت قائد كتيبة 43 صاعقة، لها تاريخ.

كنت قائد العائمات وعملت عملية أكيلي لاورو الإيطالية مع الفريق "صفي الدين أبوشناف".

العائمات هي وحدة وسائل إبرار بحري تعمل مع وحدات الصاعقة، تقوم بإبرار بحري مع وحدة مكافحة الإرهاب الدولي في اتجاه البحر. كل شغلها أن تحمل قوات مقاومة إرهاب دولي وتوصلها للهدف، ثم تلتقطها.

أنهيت خدمتي 16 يناير سنة 1990.

 

البوم صور 

 

 
 
 
 
 
 
 
 

20 يونيو 2021

من أبطال الصاعقة المصرية في حرب أكتوبر، مقدم "عِلمي" أحد أبطال كتيبة "133" صاعقة (في حرب أكتوبر 1973)

تم التسجيل في نادي الزهور

حضر التسجيل: أحمد زايد،

قام بالتفريغ: علي سعيد.

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech