Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر
  • تعريف بالمجموعة و أعضاءها

     مؤسسة مؤرخي مصر للثقافه ( المجموعة 73 مؤرخين ) المشهرة برقم 10257 لسنه 2016  المجموعه 73 مؤرخين ، مؤسسه ثقافيه للتأريخ والابحاث التاريخيه نشأت عام 2008 - وهي عباره...

    إقرأ المزيد...

بطل الشهر

بطل الشهر /  العميد يسري عمارة 

 

 

الــصـفـحـة الـرئيسيــة

مذكرات اللواء طيار محمد عكاشه


 

المقدمه

بقلم : احمد عبد المنعم زايد

المجموعه 73 مؤرخين

 

جمعني القدر به يوم 5 يونيو 2008 ، ومنذ هذا التاريخ اختلفت حياتي تماما ، فلاول مرة اقابل طيار مصري مقاتل من هؤلاء الابطال الذين قرأت عنهم منذ نعومه اظافري ، فقد تعرفنا بسبب قصه السرب 77 مقاتلات – سرب الاشباح والذي قمت بكتابته ، وود الرجل ان يضيف تعديلات علي القصه بعد ان قرأها في احد مواقع الانترنتالمتخصصه وهو موقع المؤرخ الشقيق لموقعنا ، وبسبب هذا اللقاء تغير مسار حياتي تماما ، فقد شرفني بالدعوة للقاء في منزله الكريم ومعي احد اصدقائي المقربين ، فدخلت المنزل قلقا من اللقاء ، فلاول مرة اقابل طيار ممن ساهموا في صنع حرب اكتوبر ، احد الذين يقودون تلك الصناديق الحديديه لكي يلقوا ما بها من موت فوق اعداء مصر، احد الذين وضعوا ارواحهم علي اكفهم فداء لمصر ، ودار عقلي في ذكرياتي القصيرة حول ما قرأت عن الطيارين وبطولاتهم وتضحياتهم اللامحدوده ، فخطأ صغير كفيل بوضع لقب صغير قبل اسمه وهو لقب سعي اليه الجميع سعيا – لقب الشهيد ، فمنهم من نال شرف الشهاده ومنهم من ينتظر .

توقعت لقاءا مشحونا بالتوتر ، فالرجل يريد ان يري هذا الشاب المدني الذي كتب قصه كبيرة عن الطيارين وهو لم يكن طيارا و لم يقابل طيارا طوال حياته ، فربما الرجل يريد ان يعنفني او يوجهه نظري بضرورة ترك هذا المجال لمن هو ادري به مني .

لكن كل شكوكي التي حملتها علي كتفي طوال درجات السلم الطويله ، ذابت من حسن وحرارة وود الاستقبال الرجل لنا .

احسست انني امام اب بكل معاني الكلمه ، أب يوجه وينصح، أب ينتقد ويحمس ، أب يحتضن ويشجع

وخرجت من هذا اللقاء وقد شُحنت معنوياتي للسماء ، فالرجل فتح لي بابا كنت لا احلم حتي به، فقد وجد بنا من الحماس ومن الحب لمصر ما جعله يرشح لنا مقابله طيارين اخرين لكي نعرف تجاربهم الشخصيه ، وسمعت اسماء من فم الرجل يمكن ان اقابلها واتحاور معها ، وهي اسماء لابطال بكل معاني الكلمه قرأت عنهم في الكتب الاجنبيه والمصريه وحلمت بما قاموا به وتمنيت فقط ان اراهم

فما بالك باللقاء وجها لوجه ، وكان هذا اللقاء شراره تكوين المجموعه 73 مؤرخين.

لكننا اصررنا ان نعرف تجربه الرجل أولا وان ننقلها بأي شكل للجيل الحالي لكي يشاركونا المعرفه

وتكررت اللقاءات وبدأنا نسجل تجربته الشخصيه ، ووضح لي ان الطريق طويل جدا ، وان الابطال هم بالمئات بل بالالوف ولم اكن اعرف ذلك ، فالرجل في كل كلمه يقولها يذكر لنا اسم زميل او قائد او مرؤوس قام بعمل بطولي جدا ولكن طوي الزمان بطولته واختفت تحت الرمال ، فلماذا لا نزيل الرمال عن هذه البطولات ونعيدها لمكانها الطبيعي في صفحات النور بالتاريخ المصري المعاصر؟ .

وسجلنا ما يزيد عن سبعه عشر ساعه من التسجيلات والحوارات والمناقشات لكي نقدمها للقاري هنا في صورة مهذبه .

يمتد تاريخ اللواء عكاشه في القوات الجويه منذ عام 62  حتي ما بعد حرب اكتوبر ، فقد شهد الرجل معارك حرب اليمن وعاد لمصر بعد النكسه ليشهد اول انتصار عسكري مصري في تاريخها الحديث الا وهو حرب الاستنزاف التي شارك الرجل في 40% من هجماتها الجويه ضد اهداف العدو ، ثم كان من الرعيل الاول الذين سافروا الي ليبيا ليعودا لمصر بطائرة الميراج ، اول طائرة غربيه متقدمه تدخل الخدمه بالقوات الجويه المصريه

تاريخ مشرف يفخر ويعتز به اي شخص يقرأه او يسمع عنه ، فما بالك بمن صنعه ؟

لكن علي النقيض نجد الرجل يشير بقوة لبطولات الغير ويشدد عليها بلا ذكر بطولاته ، وعندما اردت ان اتحدث عن بطولاته رد بانه قام بالواجب المطلوب منه فقط وان هذا لا يعتبر بطوله ، فحاورت وناورت وحاولت حتي استطعت ان اعرف ما بين السطور ، فالرجل اوكل اليه اثني عشر مهمه لمهاجمه صواريخ الهوك المضاده للطائرات المتقدمه خلال حرب الاستنزاف ، اذن فلابد للقياده ان تكون واثقه في مهارته وشجاعته في تدمير الهوك ،ثم كان من الرعيل الاول لطياري الميراج في مصر فلابد وانه طيار متميز جدا ؟

وقال لي اللواء تميم فهمي احد طياري الميج 21 في حرب الاستنزاف وزميل اللواء عكاشه في مطار المنصورة خلال حرب الاستنزاف (( لما كنا بنشوف الميج 17 بتحمل قنابل وصواريخ كنا بنعرف ان عكاشه طالع يضرب الهوك، حفظنـا الوضع كويس ، عكاشه هيطلع يضرب اليهود علقه تخليهم يتجننوا ،ويطلعوا بطياراتهم عايزين يضربوا اي حاجه ، فلازم احنا في الميج 21 نطلع لهم علي طول،  يعني هما كانوا بيطلعوا في 10 دقايق يدوا اليهود علقه واحنا نتدبس في القتال طول اليوم))

وبتعدد اللقاءات مع اللواء عكاشه ، اصبح أبانا الروحي الذي جمعنا تحت مظلته ، وحمسنا لكي نزيد من عملنا في نشر بطولات الضباط والجنود في حرب الاستنزاف .

 

مهما فكرت في كلمات فلن اوفي اللواء عكاشه حقه من الشكر لانه بعث فينا روحا جديده من الحب لمصر بشكل مختلف وبكم كبير جدا .

فقد نقل الينا روح الطيار المقاتل ، والذي يحب لمصر بقدر كبير لدرجه انه يوضح روحه تحت طلب مصر ، ويكفي انه مثل باقي المقاتلين القدامي الذي يقاعدوا ، لا يعتبروا انفسهم متقاعدين ، انما يعتبروا انفسهم – أستراحه محارب – اي انهم محاربين في راحه وجاهزين لتلبيه نداء مصر مرة اخري .

يا ليت مصر بها ثمانون مليونا من هذا النوع من الرجال

 

أحمد عبد المنعم زايد

 


 

 

طـالب بالكليـة الجويــة

 

تنويه  : بداية أتوجه بالشكر لكل من سيقرأ هذه الكلمات، وأرجو أن أكون قد ذكرت ما يفيد. وقد تحريت كل الصدق والدقة فيما ذكرته، أما إذا كان هناك غير ذلك فليس إلا بسبب طول السنين التي مضت والذاكرة التي وهنت مع الأيام.

 بدأت قصتي مع القوات المسلحة عامة والقوات الجوية بصفة خاصة عندما التحقت بالكلية الجوية عام 1959 ضمن 46 طالب تمت تصفيتهم من بين 5000 طالب متقدم. وهذا يدل علي المستوي العالي للكشف الطبي الذي مررنا به. وكان النقص في عدد الطيارين المقبولين مشكلة مزمنة عانت وما تزال تعاني منه مصر .. وكان أول عام دراسي لنا في الكلية الحربية مع باقي طلبة الحربية والبحرية والفنية، حتى يتم خلق روح التعايش والتآلف بين الطلبة في مختلف التخصصات، وقد أفادنا هذا طوال خدمتنا في القوات المسلحة .

وفي العام التالي انتقلنا إلى كلية الطيران في بلبيس، وهناك وجدنا وضعا مختلفا، فالحياة العسكرية في بلبيس كانت أشد قسوة وانضباطا عما كان في الكلية الحربية. فمثال واحد هو أن التحرك في الكلية من العنبر إلى المدرج كان يتم بالخطوة السريعة وهكذا كل التحركات ، علاوة على المعدل العالي من اللياقة البدنية الذي كنا عليه. لكن كل ذلك في إطار من الاحترام، الذي أعطانا ثقة واعتزاز بالنفس كبيرين. كنا منبهرين بالدراسة الجديدة ففي كل يوم هناك الجديد الذي نتعلمه.. وكان قدرنا أن نفتتح المبني الجديد للكلية الذي أشرف على تنفيذه الفريق مدكور أبو العز، وكان يتردد علي الكلية رؤساء الدول العربية والأفريقية أو الوفود الأجنبية للزيارة، فقد كانت علي مستوي عالي من التجهيز والإمكانيات.

بدأ تدريبنا في جناح الطيران، كل خمسة طلبة عند مدرس، وكان حظي أني توزعت عند مدرس هندي.حيث كان لدينا مدرسين هنود للتعاون مع الهند في مجال الطيران وذهبت أنا إلى الهند بعد تخرجي للحصول على فرقة تدريس الطيران. كان المتبع أن أطير مع المدرس طيران مزدوج في الفترة الأولي حتى أتمكن من الطائرة فيتم اختباري ثم أقوم بالطيران المنفرد. وفي هذه الفترة وجدت صعوبة في تفهم المدرس وتعليماته لي أثناء الطيران، أتقنت الإقلاع والطيران والاقتراب لكن لمس الطائرة على الأرض كنت فاشلا فيه تماما. كدت أجن وأحسست لما طال الأمر أنني سأتحول خارج الكلية وسأذهب للكلية الحربية وكان يطلق على هذا (أوف كورس) حتى شرح لي أحد زملائي في الدفعة ما يقوله له مدرسه. وفي اليوم التالي تمكنت من عمل الهبوط بصورة جيدة، فما كان من مدرسي الهندي إلا أن طلب منى عمل العديد من عمليات الهبوط، ونجحت في هذا وبعدها قمت بالطيران المنفرد. كل هذا التدريب كان على الطائرة طراز (جمهورية) وهي طائرة ممتازة وآمنة في التدريب الأولي ونفذنا عليها 40 ساعة. ثم انتقلنا إلى الطيران على طائرة أخرى طراز(زلن) تشيكية الصنع كانت تحتاج إلى حساسية عالية من الطالب. لكنها أكسبتنا خبرة جيدة ونفذنا عليها 80 ساعة.

 

كانت اختباراتنا ثلاث أنواع، الأول اختبار الطيران العام يقوم الطالب بعمل كل المناورات والألعاب البهلوانية والهبوط الاضطراري. الثاني اختراق الضاحية، وهو طيران بين 3 مدن على مسافات متباعدة مستعينا بالخريطة والبوصلة، علاوة على تحديد المعالم الأرضية التي توضح الطريق. الثالث هو اختبار الطيران الأعمى، يتم الطيران وكابينة الطالب مغطاة بستارة سوداء، يقوم المدرس بالإقلاع وتسليم الطائرة بعد ذلك للطالب فيطير اعتمادا على العدادات فقط، وهي تأهيل للطيران الليلي. في نهاية الفصل الدراسي الأول أتممنا 120 ساعة طيران.

 

انتقلنا إلي الفصل الدراسي النهائي وكان على طائرات ياك 18 وهي أسرع قليلا من الجمهورية ونفذنا عليها 40 ساعة ثم علي طائرة طراز ياك 11 نفذنا عليها 80 ساعة وهذا الطراز صعب ويحتاج إلي تركيز شديد وسعتها تتجاوز 200 كيلومتر/ساعة وقد دعمت مستوانا، فانهينا فترة التدريب بمستوى عالي. كنا نطير في تشكيلات من 4 طائرات كلنا طلبة، وكان هذا فيه مخاطرة كبيرة لأننا كلنا طلبة وخبرتنا مازالت محدودة ونطير بمسافات متقاربة جدا من بعض. وقد تعدل هذا وأصبح قائد التشكيل مدرس ومعه 3 طلبة. إضافة إلى الطيران كنا ندرس علوم الطيران من محركات وهياكل وملاحة ولاسلكي ونظرية طيران، وكان تقييم الطالب في الطيران يتم في دفتر تقدم لكل طالب يسجل فيه المدرس كل ما يفعله الطالب من لحظة إدارة المحرك حتى إيقافه. ويشمل الدقة في الطيران، وسرعة رد الفعل، ومدي تمكنه من أداء المناورة بالطائرة وبلمحة سريعة فقط على العدادات. وبناء علي هذا التقييم يتم ترشيح الطالب للمقاتلات كمستوي أول ثم القاذفات ثم المواصلات والهليكوبتر. وقد رشحني مستواي للمقاتلات ومعي 21 من الدفعة. وقد تخرجت من الكلية ولم أكمل 20 عاما.

 


 

الطيـار المقـاتـل

بعد التخرج انتقلنا إلى وحدة تدريب المقاتلات في مطار كبريت، وقد أصبحت الآن ضمن منهج الكلية الجوية. وفيها بدأنا نتعلم القتال الجوي وكل ما يخص الاشتباكات الجوية وضرب النار والصواريخ ونفذنا علي الطائرة الميج 15 حوالي 120 ساعة.. في البداية كان الإحساس بأننا أصبحنا ضباط ولسنا طلبة فكان هناك شد وجذب مع المدرسين لكن سرعان ما تآلفنا مع قسوة التدريب والمدرسين الذين أذكر منهم بكل خير العقيد طاهر زكي والمقدم حسن أبو عجوة وتوفيق ولي الدين وداوود مكارم وآخرين. وبعد انتهاء فترة التدريب توزعنا على الأسراب، وفي عام 1963 كان لدينا عدد محدود من المطارات، وتم توزيعي علي سرب في مطار أبو صوير تحت قيادة الرائد طيار علي زين. وبعد أسبوعين تحرك السرب إلى اليمن، نصفه تمركز في الحديدة على طائرات الميج 17 والنصف الثاني في صنعاء على طائرات الياك 11. كنت أنا في صنعاء، كان المطار في صنعاء أرض ممهدة وقصير ومزدحم بالطائرات وغير أمن، لكن عملنا منه لأنه المتاح.

لا نستطيع أن نقول أن معارك اليمن كانت حرب بالمعني المفهوم للحرب، ففي يوم تكون القبائل حليفة لك وللنظام الجمهوري وفي اليوم التالي تنقلب عليك بعد تلقيها أموال من السعودية، التي كانت تدعم النظام الملكي. كذلك كانت التضاريس الجبلية صعبة علي الطيارين بشكل كبير، لأن الطيار كي يتعامل مع الهدف الأرضي كان يطير والجبال حوله أعلي منه وهذه الجبال يتمركز بها اليمنيين الذين يهاجمون الطائرة ببنادق عادية، ورغم الفارق بين البندقية والطائرة لكنه أصابوا عدد من الطائرات والطيارين، مثل راجي عز العرب ويوسف عثمان وسيف حافظ وغيرهم.. لقد ذهبت إلى اليمن وأنا أبن الثورة الغارق في شعاراتها وأغانيها حتى النخاع، كنت منبهر بأني سأساهم في مد تيار القومية العربية، كنت جاوزت العشرين بشهور فقط. وعدت من هناك بعد 3 أشهر وقد تغير فكري وإدراكي كثيرا. اليمنيون لم يكونوا مع الثورة أو ضدها بل كانوا يبحثون عن الأموال، والسعودية تغدق عليهم، فكان على مصر أن تغدق هي الأخرى. وما زاد الموقف المصري سوء أن القرار العسكري كان خاطئا بمطاردة القبائل في الجبال بدلا من التمركز في المدن الرئيسية، فأصبحت الجبال والتضاريس مستنقع غاصت فيه القوات المصرية

ولو راجعنا خسائرنا البشرية والمادية بما أنجزناه لوقفنا علي مدى الخسارة التي لحقت بالقوات المسلحة المصرية.

عاد السرب إلى أبوصوير مرة أخري، وبعد أقل من شهر ترشحت لدورة تدريس في الهند لكي أكون مؤهلا للتدريس في الكلية الجوية. وفي الهند قضينا 4 أشهر كانت مفيدة جدا لنا، كان الطيارون الهنود يطبقون المدرسة الإنجليزية ويشاركهم في هذا الاتجاه باكستان والعراق والأردن، أما نحن فكنا متجهين نحو المدرسة السوفيتية. وللحقيقة لم أكن مرحب أو سعيد بالتدريس في الكلية، رغم أنها أفادتني وأعطتني خبرة كبيرة. كنت أحس بأنني أؤدي عملي كواجب وليس بحب. فالمدرس غير الطيار المقاتل، المدرس مسئول عن تعليم طلبة فنون الطيران ومسئول عن مستواهم.

خدمت في الكلية من عام 1964 حتى 1967 وفي أبريل طلبت النقل من الكلية وانضم إلي توفيق يوسف وهو طيار من دفعتي وحيدر دبوس، لكن إعلان الطوارئ في 14 مايو أفسد كل تخطيطنا للنقل، فقد توجه المدرسين إلى الأسراب كل في تخصصه. كلن أول مطار لي هو كبريت لمدة يومان ثم إلى مطار السر لمدة ليلة، وزارنا المشير عامر ومعه كبار القادة، وكان يصافح كل واحد فينا ويسأله. وعندي كان السؤال" هاتوقعوا طيارات إسرائيلي ؟" فرددت عليه بأنني أستطيع الاشتباك بطائرتي الميج 17 مع المستير أما الميراج فهو يتفوق علي" ولم يعجب ردي المشير عامر فكرر على السؤال وهنا تدخل اللواء الدغيدي قائد المنطقة الجوية الشرقية هامسا في أذنه بشيء فانصرف المشير ومعه القادة المرافقين. بعد الزيارة انتقلت ومجموعة من الزملاء إلى مطار الغردقة، وهناك كانت الفوضى هي السائدة لأن طائرات النقل تهبط في المطار بجنود المظلات المتوجهين إلي مضيق تيران بالطائرات الهليكوبتر بعد سحب قوات الطوارئ الدولية. كل هذه التحركات والمطار عبارة عن ممر واحد وممر مساعد وفقط. وبعد يومان في الغردقة جاءت الأوامر بالتوجه إلى كبريت وقضيت فيه ليلة ثم توجهت إلى غرب القاهرة وفي 30 مايو صدرت لي الأوامر بالتوجه إلى اليمن. كنا 8 طيارين متمركزين في صنعاء لحماية قواتنا البرية هناك. وحدثت هزيمة 5 يونيو ونحن في اليمن.

 

مـا بعـد الهزيمة

 

عدت من اليمن في أخر يوليو1967 ولم أشهد طلعات 14و15 الشهيرة،لكنى سمعت عنها من زملائي وعرفت منهم كيف أن الفريق مدكور أبو العز قائد القوات الجوية أعاد إليهم بهذه الهجمات الثقة والإحساس بالكرامة التي فقدت في 5 بونيو.. وبعد أكثر من 40 عاما علي الهزيمة، ما زال رأي كما هو، فالهزيمة مسئوليه القيادات العليا سياسيا وعسكريا . فالفريق صدقي محمود قائد القوات الجوية وقتها كان يعيش في عالم بعيد عن الواقع والحقيقة، بناء على معلومات المخابرات والاستطلاع الهزيلة عن قدرات العدو. فبني قراره على اساس هش وخاطئ

 

مثلا في عام 1963 اشتبكت طائرتان لنا مع طائرتان للعدو فوق وسط سيناء وأعلنا عن إسقاط طائرة للعدو واحتفلنا بهذا لكن لم يكن هناك حطام طائرة أو صور تؤكد حتى إصابة الطائرة. وفي عام 1966 وقع اشتباك آخر مع 2 طائرة ميج 19 تم إسقاطهما بواسطة طائرتان للعدو استشهد أحد الطيارين وقفز الآخر بالمظلة. وفي نفس العام تم اعتراض طائرة إسرائيلية عند رشيد، وهللنا في الصحف والإعلام عن هذا الاعتراض، ولم يسأل أحد أو يتوقف أمام كيف وصلت الطائرة الإسرائيلية إلى رشيد دون أن تكتشف طوال طيرانها هذا؟؟

لم تتنبه القيادة لكل هذه الإشارات التي تكشف مدى تفوق العدو علينا. بل العكس ما حدث فالاعتقاد لدينا كان أننا نتفوق على إسرائيل دون أدني شك. أيضا موضوع عدم وجود الدشم الذي تسبب في تدمير عدد كبير من الطائرات على الأرض وفي الهجمة الأولى. لم يكن هناك دشم في أى مطار وقد طلب الفريق صدقي من الرئيس عبد الناصر ميزانية لعمل الدشم فكان الرد " أجيب للناس قمح وآلا أبني دشم ؟". ولما ألح الفريق صدقي بعد فترة كلف المشير عامر سلاح المهندسين بعمل دشمة تجريببة في مطار غرب القاهرة، لكن توقف العمل قبل أن تكتمل الدشمة. وسنعرف حين نتكلم عن حرب أكتوبر ماذا كان دور هذه الدشم وأهميته. كذلك كان دهان الطائرات باللون الفضي من العوامل التي سهلت للطيارين الإسرائيليين رؤية الطائرات على البعد لأن الطلاء الفضي يعكس أشعة الشمس فيكشف مكان الطائرة. كما أن الممرات كانت قليلة في المطارات مما سهل إغلاق المطار بـ 8 قنابل فقط.

كان هناك أشياء كثيرة خاطئة في القوات الجوية لكن حين عدت في يوليو 67 وجدت الحال مختلف تماما، فالجميع يعمل بكل جهد وقوة وحماس لكي تقف القوات الجوية مرة أخري، كانت المظلات الجوية هي شاغلنا الأول، وفي أول الأمر كانت تتم بطريقة هستيرية. فالمظلات من أول ضوء لأخر ضوء حوالي 15 ساعة علاوة على حالات استعداد الطيارين داخل الطائرات. فكان الطيار ينفذ في اليوم 2 –3 مظلة + 2 مرة حالة أولي. كنا نطبق المثل ( اللي أتلسع من الشوربة) كان ذلك المجهود فوق الطبيعي، لكن الكل كان يعمل دون أي شكوى. كنا مقتنعين تماما إننا لم نحارب واللي هزمنا قادتنا. كان العمل ليل نهار بمعني الكلمة.     

العودة من اليمن

عدت من اليمن إلى مطار قويسنا كقائد ثاني لسرب ميج 17 وكانت الطائرات قد وصلت من الجزائر وروسيا، وهنا لابد من الإشادة بالموقف العظيم للرئيس الجزائري هواري بومدين الذي دعمنا من يوم 8 يونيو بالطائرات. كان تحت قيادتي 12 طيار تقريبا نقوم بمهام المظلات وحالة الاستعداد الأولي(إقلاع خلال3 دقائق) وكان هذا مجهدا جدا للطيارين والطائرات، كما لم يكن هناك مجال للتدريب أو رفع الكفاءة للطيارين. لذا كنت أستغل فترة من وقت المظلة لعمل تدريب خفيف، وكثيرا ما كنا نفاجأ بالفريق مدكور أبوالعز قائد القوات الجوية بيننا ليطمئن على أحوال الطيارين والمطار وسير العمل. وبعد فترة أدركت القيادة أنها تستنزف مجهود الطيارين، فالطيار يطير يوميا 2 –3 ساعة وهو رقم عالي وأيضا محركات الطائرات المحسوبة بالساعة بعدها تدخل العمرة. صدرت الأوامر في سبتمبر بتخفيض المظلات والاكتفاء بالحالة الأولي..

كنا نطير لحماية المطار فلم تحدث اشتباكات مع اليهود طوال هذه الفترة. ولمحة عن معيشتنا كنا نقيم طوال النهار في المطار ونعود في المساء لننام في بيت الممرضات خارج المطار ولم يكن مجهز إلا بأقل الإمكانيات، وقد تحملنا دون أي شكوي.

 


 

كمين ممدوح طليبة

كان العقيد طيار ممدوح طليبة قائد لواء جوي ميج 21 مقاتلات، وللحد من اختراق الطائرات الإسرائيلية للجبهة والذي كان شبه يومي.فقد تم تدبير اشتباك جوي بطريقة بدائية (الحسابات الملاحية) لأن راداراتنا لم تكن تستطيع العمل على الارتفاعات المنخفضة. تم إرسال 2 طائرة ميج 21 طعم للطائرات الإسرائيلية وفعلا اندفع خلفهم 4 طائرات، وبواسطة شفرة لاسلكية متفق عليها اندفعت 4 طائرات ميج21 أخري كانت مختبئة علي ارتفاع منخفض وفي دقائق تم إسقاط 4 طائرات إسرائيلية بواسطة الرائد طيار فوزي سلامة- علي ماسخ – نقيب طيار أحمد أنور- ملازم طيار مدحت زكي. وعادت طائراتنا سالمة كلها. كان لهذا لاشتباك أثر كبير في رفع معنوياتنا. وتم تكريم الطيارين بواسطة الرئيس عبد الناصر الذي فوجئ بأن هذه ليست أول مرة يسقط طيار مصري طيار إسرائيلي، مما يعني أنه لم يبلغ بما فعله الطيارين في يونيو67 (تفاصيل حرب67 في كتابي- صراع في السماء منشور الان في قسم ادب الحرب علي حلقات)

ساد الهدوء بداية من 1968 وزال التوتر، وبدأ التركيز في التدريب الذي أخذ منحنى أخر عما كان قبل يونيو67. وسط هذه الأحداث شاهدني اللواء بهيج حمزة رئيس شعبة التدريب فأمر بعودتي أنا ونقيب طيار حيدر دبوس إلى الكلية، وقضينا شهر في مطار مرسي مطروح حيث أصبحت الكلية هناك بعيدا عن مطارات الجبهه. لكن بالإصرار نجحنا في النقل من الكلية وعدنا مرة أخري إلي قويسنا. لكن بعد شهرين نقلني اللواء بهيج مرة أخري إلي وحدة تدريب المقاتلات في بني سويف.

بدأت عام 68 وأنا في بني سويف وطلب منا اللواء طيار مصطفي الحناوى قائد القوات الجوية الذي خلف اللواء مدكور ابو العز ، أن نسابق الزمن لتخريج دفعة الطيارين المقاتلين لحاجة الأسراب إليهم، وفعلا أنجزنا المهمة بنجاح بل وقبل الموعد المحدد لنا. كان هذا الإنجاز يتطلب منا جهدا كبيرا حتي أني كنت أقول لزملائي أنا سأربط نفسي في الطائرة طوال النهار وعليهم إرسال الطيارين لي. وبالطبع كانت الإجازات نادرة في هذا الوقت فالمتوسط كان ليلة كل 10 أيام وأحيانا أكثر، فكانت مكافأة اللواء الحناوي لنا أجازه 10 أيام حصلنا عليها وسط حسد زملاؤنا الطيارين الأخرين.

السرب 62 مقاتلات قاذفة

في نهاية عام 68 انتقلت إلي مطار المنصورة وأنا في قمة سعادتي لعودتي لجبهة القتال مرة أخري. التحقت بالسرب 62 مقاتلات قاذفة (ميج 17 ) كقائد ثاني للسرب، كان مطار المنصورة في طور التوسع وإنشاء الدشم للطائرات، وهي ملحمة بكل المقاييس، كان البناء يتم في 30 دشمة تقريبا ولك أن تتخيل بناء بالخرسانة ثم تكسية بالرمل ثم طبقة أخري طينية، كان الشباب والبنات المدنيين حولنا في المطار كالنمل من الصباح حتي المساء ويوميا. لكن هذه الدشم أتت ثمارها في حرب أكتوبر73 فلم تدمر طائرة واحدة على الأرض. ونتيجة للهدوء الذي عم الجبهة عدنا إلي التدريب العنيف والقاسي لرفع الكفاءة القتالية للطيارين.

ولم يكن هذا سهلا فقد خسرت القوات الجوية المصرية 45 طيار في حوادث التدريب. وتغير قائد القوات فأصبح اللواء طيار علي بغدادي قائدا ومعه العميد طيار حسني مبارك رئيسا للأركان. وجاء إلينا في المنصورة خلال العام سرب ميج 21 مقاتلات ثم تبعه بعد فترة سرب أخر.                              

حرب الاستنزاف

 

كانت عمليات الصاعقة تتصاعد مع بداية عام 69 وتسبب للعدو خسائر كبيرة. وكان ردهم المعتاد هو مهاجمة نقط منعزلة، للإرهاب وتحطيم المعنويات. كنا نهاجم مواقعهم على القناة، فيكون الرد مهاجمة قناطر نجع حمادي مثلا. التي هي بدون دفاع جوي أو قوات برية. إلى أن قامت الكتيبة 33 صاعقة بعملية شارك فيها الضابط معتز الشرقاوي، وعن لسانه أقول هاجمنا نقطة لسان بور توفيق نهار10 يوليو وبقوة 140 ضابط وجندي وتم القضاء على النقطة تماما وتدمير 3 دبابات وأسر 2 مات أحدهم أثناء العودة. كانت الضربة موجعة لليهود واحتاجوا بعض الوقت للتفكير في كيفية الرد.

 كان طبيعيا أن يكون الرد بواسطة ذراعهم الطويلة فهاجمت طائراتهم مدينة بور سعيد في حدود الثالثة عصر يوم 20 يوليو69 وكان هذا التاريخ هو بداية حرب الاستنزاف الجوية. كان السرب 62 في أعمال التدريب الروتينية، وصدرت لي الأوامر (كنت وقتها قائد للسرب لتغيب القائد) الساعة 4عصرا بتنفيذ ضربة جوية ضد موقع صواريخ هوك ومنطقة شئون إدارية علي المحور الشمالي في منطقة رمانة وبالوظة.

الميج 17 تهاجم الهوك

 

ردا على هجوم إسرائيل الجوي أقلعنا من المنصورة 8 طائرات+ 8 ميج 17 من قويسنا علي المحور الأوسط وفي حماية 8 طائرات ميج 21 وكانت الطلعة ناجحة تماما فدمرنا الأهداف وأسقطنا 2 ميراج واستشهد طيار واحد فقط من قويسنا.

أتذكر تلك  الطلعة كأنها حدثت أمس. كنا عرفنا الكثير عن الصاروخ الهوك المضاد للطائرات، وكنا نتندر بأن الصاروخ سيطارد الطائرة حتى داخل الدشمة. كانت المعلومات المتوفرة أن نسبة إصابته عالية جدا ويستطيع إسقاط الطائرة حتى ارتفاع30 متر فكان هذا الصاروخ مصدر رعب للطيارين . قبل الطلعة كان القلق داخلي دون شك، هل سأنجح في الطلعة ؟، عائلتي وأهلي واحتمال استشهادي، لو قابلنا الميراج ماذا سنفعل ؟ .. لكن عندما دخلت كابينة الطائرة نسيت كل شيء وأصبح تركيزي كله في تنفيذ المهمة وتدمير الأهداف وعودتي أنا ورفاقي الطيارين بسلام. كانت الطائرة محملة بعدد 2 قنبلة 100 كجم (وهو تعديل مصري تم في المصانع الحربية بمعرفة مهندسين مصريين) + 8 صاروخ عيار 8سم.. نفذنا الهجوم الأول بالقنابل ثم هجمة أخري بالصواريخ. وكانت هجماتنا ناجحة جدا ومنظمة لأقصي درجة. وعدنا إلى مطار المنصورة لنجد المهندسين والفنيين والجنود في حالة فرح عارم ونشوة فحملونا على الأعناق وهللوا لنا كثيرا. وارتفعت الروح المعنوية أكثر عندما تكررت مهاجمة المواقع الإسرائيلية. وأصبح عادة مستمرة وطبيعيه للسرب 62 ، كنا نوقف التدريب ونتوجه للقتال ثم نعود مرة أخرى للتدريب. استغلت القيادة نجاحنا في أول مرة وخصصت للسرب 62 مهاجمة الهوك طوال العمليات.

 

كنت أهاجم بطاريه الهوك بتشكيل ثابت من 4 طائرات( finger 4 ) وأحيانا 8 طائرات، نقلع في صمت لاسلكي تام والطيران على ارتفاع 15 –20 متر لتفادي رصد العدو لنا، وفور ظهور الهدف لنا بأوامر مني يتخذ أفراد التشكيل أوضاع الهجوم ويصبح التشكيل 2 طائرة في الأمام وخلفهم بحولي1.5 كم 2 طائرة، وفور دخول المنطقة الميتة لبطارية الهوك وهي التي لا يستطيع الضرب علينا فيها وإنما يتولي ذلك مدفعية م/ط 40 مم رادارية من طراز L70. نرتفع بالطائرة حتى 400 متر ونهاجم مركز قيادة البطارية الذي بإصابته تتوقف البطارية عن العمل ثم نكرر الهجوم بالصواريخ على مركز القيادة أو أحد الرادارات.

كانت الدقة في التنفيذ بسبب التدريب الشاق الذي حدث خلال عام 1968، فبعد انتهاء فترة المظلات وتفرغنا للتدريب ورفع الكفاءة، أصبح الطيار يطير بمعدل 20 ساعة شهريا بعد أن كان 6 ساعات فقط قبل 67. إضافة إلى نوعية التدريب، الذي كان في السابق على ارتفاعات متوسطة وعالية، بل كان الطيران المنخفض مخالفة تستوجب العقوبة. لكن في عام 68 أصبح أغلب التدريب على ارتفاع منخفض، وفي نهاية كل طلعة يعود الطيار على ارتفاع منخفض جدا ويقوم بمهاجمة المطار مرتين وأنا من على الأرض أصحح له أخطائه ، وأتابع مدي كفاءته في أداء الهجمات.

تكررت طلعات ضرب الهوك على المحور الشمالي. وكانت القيادة تتبع أسلوب ممتاز في استخدام هذه الهجمات. فنقوم بمهاجمة الموقع بعد الساعة الثالثة عصرا، ولأنه يلزم 12 ساعة لكي يعود موقع الصواريخ للعمل مرة أخرى، فكان يتم إرسال طائرات هليكوبتر أو قاذفات إليوشن 28 لقصف مناطق للعدو ليلا دون تهديد من الهوك. ونجح هذا الأسلوب أكثر من مرة. لكن الطيران الإسرائيلي كان ناجح في الكمائن التي يدبرها لنا في منطقة العين السخنة جنوب السويس. فهي منطقة غير مغطاة رداريا فكان يستدرج طائراتنا الميج 21 لاشتباكات مدبرة وأسقط لنا عدد غير قليل من الطائرات في هذه المنطقة.

 

كان برنامج التدريب الشهري للطيار يشمل طلعات اختراق ضاحية على ارتفاع منخفض, واشتباك جوي، وطيران ليلي. علاوة على طلعات ضرب النار والصواريخ وقصف القنابل التي كانت لا تقل عن 8 مرات شهريا، وهو معدل عال. كان ميدان ضرب النار في الصحراء الغربية على شكل مطار وموقع هيكلي للهوك ودشم هيكلية. ومن المواقف التي لا تنسي أن زميل لنا هو فكري الجندي كان ضابط التبة، وسقطت قنبلة خطأ من طائرة فسقطت على بعد أمتار منه لكن الله سلم. وهذا الطيار له مواقف عديدة سابقة، ففي اليمن انفصل المحرك عن جسم الطائرة بعد الإقلاع مباشرة وسقط في منزل ملاصق للمطار. ومرة ثالثة أخطأ أحد الفنيين وضغط على رافعة الكرسي القاذف وهو يقوم بربطه فينطلق الكرسي بفكري لمسافة 15 متر لأعلي ويهبط على جناح الطائرة. كنا نتندر بهذه المواقف لكنها تبين كيف كانت حياتنا على شفا الموت دائما، لكن هذا لم يكن يشغل بالنا.

ولم نكن نغفل التدريب على الاشتباكات والقتال الجوي. نذهب لمنطقة التدريب علي ارتفاع 4 كم وأضع الطيار الصغير بطائرته في وضع مساو لي وعلى مسافة جانبية 1 –2 كم، وأعطيه الأمر بالمناورة ومحاولة ركوب ذيل طائرتي لتدميرها. وطبقا لخبرة الطيار الذي يتدرب معي أعطيه الفرصة وإذا أخطأ نعيد المناورة مرات حتى يصلح خطأه. وجدير بالذكر أن الخبراء السوفييت لم يتدخلوا في التدريب من قريب أو بعيد. بل كنت أحظر عليه أن يتدخل في عمل السرب ونبهت على كل الطيارين والمهندسين ألا يعطوه أي معلومة، وبهذا كان دوره منحصر في ملاحظة نشاط السرب وتدوين تقاريره وإرسالها لرؤسائه. وتقريبا كان هذا موجودا في كثير من الأسراب خاصة الميج 17 والميج 21.

كان معنا في المنصورة سربين ميج21 وهؤلاء الأبطال تحملوا الكثير نتيجة لأعمالنا نحن. فعندما نقوم بمهاجمة مواقع العدو، يكون رد الفعل الإسرائيلي المباشر الرد بقواتها الجوية، ويكون المسئول عن التصدي لهذا أبطال المقاتلات، وكان هذا نمط حياتنا في المنصورة. وأذكر بكل خير صديقي تميم فهمي من أبطال المقاتلات. كان يدخل علينا الميس مع آخر ضوء ليجدنا نشرب الشاي أمام التليفزيون، بينما هو منهك من المظلات والاشتباكات فيعاتبنا بطريقته المحببة ( بأن الميج 17 تضرب العدو في نصف ساعة وهم يتحملون نتائج هذا طوال اليوم) وبالطبع كانت هذه الاشتباكات تحمل خسائر للطرفين، وكان طياروا المقاتلات أبطال بمعنى الكلمة رغم تفوق العدو الإسرائيلي في نوعية وأعداد الطائرات.

من الطلعات التي لا أنساها في مرة بمجرد أن عبرنا القناة، جاء صوت الموجه الأرضي يقول في اللاسلكي ( كل الطائرات ترجع.. فيه ميراج في المنطقة.....) ولم يكن من الممكن أن نعود بالتسليح ونحن فوق اليهود فقررت ضرب أي هدف تحتي، وأكرمني الله فوجدت أتوبيس على الطريق الموازي للقناة فهاجمته بتشكيلي. وفي نفس الوقت تصرف نقيب طيار ماهر قاسم قائد التشكيل الآخر فهاجم موقع مدفعية ثقيلة. كانت صور الضرب أكثر من رائعة ظهر فيها أن الجنود الإسرائيليين يجرون بحثا عن ملجأ للحماية، وسبحان الله كانوا متجهون نحو المكان الذي ستسقط فيه الصواريخ. كان واضحا أننا أصبنا العدو بخسائر كبيرة، وتأكد هذا من رد فعل العدو الهستيري في ذلك اليوم.

كان إحساسنا بالسعادة غامرا عندما نعود من الهجوم ونسمع بياناتنا في الإذاعة المصرية. لأنهم يتكلمون عنا وعن دورنا في الحرب. ونشعر بالسعادة لأننا بدأنا نغير صورة القوات الجوية التي التصقت بنا وبأننا سبب النكسة. ويكفي أن أقول من واقع الأرقام أن السرب 62 الذي كنت قائدا له في الحرب قام بحوالي 40 % من مجهود القوات الجوية في عمليات قصف العدو خلال حرب الاستنزاف، كان نصيبي الشخصي حوالي 9-11 طلعة تقريبا منها 2-3 ضد خط بارليف والباقي ضد مواقع الصواريخ الهوك. والصور السابقه توضح هجمة فوق موقع هوك و8 صواريخ تتجه نحو مركز قيادة البطارية في إصابة مباشرة (الصواريخ هي النقاط البيضاء في الصورة) والصورة الأخرى يظهر فيها دشمة خط بارليف ومحاطة بخنادق متعرجة ومدق للسيارات وتظهر قناة السويس باللون الداكن، ويسار الصورة الساعة تشير إلى توقيت الهجوم.

 

 

ورغم ما قيل عن تحصين خط بارليف، في مرة هاجمته وكان معي  م.أول مجدي كامل وأطلقنا 16صاروخ +4 قنابل فانطلق عامود دخان أسود كثيف من الموقع لارتفاع كبير ظل واضحا لي في البيرسكوب(عدسات أعلى كابينة الطيار تتيح له رؤية ما خلفه مثل بيرسكوب الغواصة) لمدة طويلة، مما يعني أن الصواريخ أصابت الهدف إصابة مباشرة وعلى الأرجح مخزن الذخيرة.

لم نكن متفوقين على اليهود دائما، لكن كنا نتدرب ونجتهد كثيرا لكي تأتي الطلعات أنجح ما يكون، وكان هناك طلعات غير ناجحة لكن لم تتعد أكثر من 3–4 طلعات فقط. كنا في مرة مكلفين بتنفيذ هجمة بقوة 12 طائرة

(3تشكيل،finge 4 ) وانتظرنا لمدة يومان. كان المقرر أن أقود أنا التشكيل الأول لمهاجمة بطارية الهوك كالمعتاد والتشكيل الثاني قائد اللواء والثالث قائد ثان اللواء، لكن قائد اللواء ونحن متجهين للطائرات أخبرني أنه سيكون بتشكيله في الأول، وبهذا رجعت أنا إلى الخلف وأصبحت الثالث، فحدث ارتباك بين الطيارين في الإقلاع وتكونت التشكيلات متأخرة، وانحرف بنا التشكيل الأول عن منطقة الأهداف. وفور دخولنا لموقع العدو أخبرنا مركز العمليات أن الميراج الإسرائيلي موجود في المنطقة، فكان طبيعيا أن يكون الهجوم متسرعا وغير دقيق. واستشهد الملازم أحمد جابر من التشكيل الأول بواسطة المدفعية م/ط. وبعدنا دخلت تشكيلات من طائرات سوخوي 7 واستشهد منهم ملازم أول أمير عبد الغني، واستمرت الاشتباكات بين الميراج المعادية ومقاتلاتنا الميج21 من الصباح حتى الساعة7 مساء، خسرنا فيها عدد من المقاتلات، لكن في نهاية اليوم تمكن ملازم أول مصطفي جامع من إسقاط ميراج إسرائيلي فوق مدينة السنبلاوين وتم أسر قائدها ويدعي زيورا جاكوب روم.Ziora Jacub Rum

ولكي يعرف القارئ ما كان يحدث تفصيلا ، سأذكر بعض الطلعات وما حدث فيها. الأولي كنت أهاجم موقع الهوك، ودخل الرائد طيار سمير فريد خلفي بدقيقة لتأكيد تدمير الموقع، وأصيبت طائرته بواسطة المدفعية م/ط وكنت في طريق العودة حاولت أن أعود لأطير بجانبه لكنه أمر الجميع بالعودة فورا إلى القاعدة، حتى لا يتعرض أحد للميراج. وباللاسلكي علمت منه أن محرك الطائرة يعمل بنسبة 70 % وارتفاعه 150 متر ولا يستطيع الارتفاع لأكثر من هذا حتى يستطيع القفز بالمظلة ( أقل ارتفاع للقفز 300 متر) قمت بعمل مظلة فوق المطار، وكان الله رحيما بسمير فقد عبر فوق مواقع معادية والميراج الإسرائيلي في المنطقة ورغم ذلك عاد إلى المطار. لكن وحتى تبلغ الإثارة قمتها فقد شاهدته وهو يقترب بطائرته من الممر وقبل الهبوط مباشرة انحرفت الطائرة عن الممر وهبطت في الأرض الترابية يسار الممر وهي تدور حول نفسها. أدركت ساعتها أن سمير فريد قد استشهد، وتعجبت في داخلي من الأقدار التي أوصلته إلى المطار رغم كل المخاطر المحيطة به، ثم في الهبوط تتحطم الطائرة. وهبطت بطائرتي وشاهدت طائرة سمير فانتابني حزن شديد ونزلت من طائرتي لكن الفنيين فاجئوني بأن سمير بخير وأنه في الخيمة وكان لقائي به موقف لا أنساه أبدا

وفي أكتوبر 1969 أقلعنا لتنفيذ الهجوم ومعي في التشكيل نقيب طيار حمدي عقل، وعندما رصدت موقع الهوك أبلغت حمدي ليأخذ مسافته ويستعد للهجوم خلفي. وبدأت الهجمة الأولي أنا والطيار الذي معي،

وفوجئت بحمدي يبلغني أنه لا يراني أو يري الموقع، ويبدو أن بوصلة طائرته كان فيها مشكلة فأمرته أن يختار أي هدف للعدو ويهاجمه. ولأن وجودنا فوق أرض العدو كان محسوبا بالدقيقة، وكمية الوقود، وطائرات العدو الميراج، سألته هل وجدت هدف، فرد بالنفي وأنه سيستمر في البحث، كنت قلقا جدا، وبعد ثواني أخبرني أنه وجد معسكر وسيبدأ هجومه. أخبرته أن يسرع فقد أنهيت أنا هجومي على الموقع، وبدأت أسأله عن موقفه كل 10 ثواني. وقام حمدي بمهاجمة المعسكر بالقنابل والصواريخ والمدافع اي انه كان هادئا ومطمئنا لدرجه انه قام بثلاث هجمات علي معسكر العدو في حين انني كنت قلقا جدا عليه وعلي تأخرة فوق ارض العدو ، وبتوفيق الله عاد سالما إلى المطار دون تدخل من طائرات العدو. كان التخطيط المتبع الذي مارسناه بنجاح لمدة عام، هو الدخول لمسافة 35 كم في أرض العدو. كان للعدو نقط مراقبة بالنظر على القناة تقوم بالتبليغ عنا ونحن فوق القناة، ومن تجاربنا مع العدو الإسرائيلي كان البلاغ يستغرق 3 دقائق نكون خلالها قد أصبحنا فوق الهدف، وتستغرق طائرات العدو3 دقائق للإقلاع من مطار المليز نكون نحن قد قصفنا الموقع مرتين، ثم3 دقائق أخري حتى تصل طائرات العدو إلى منطقة هجومنا، تكون طائراتنا في طريق العودة وتعبر القناة غربا والميراج على مسافة 10 –12 كم، وهنا تظهر مقاتلاتنا. وغالبا ما كان العدو ينسحب لأنه دائما يريد الاشتباك بالصورة الذي يجهز له هو. 

وكي نوضح صورة الأفكار التي كنا نبتكرها خلال الحرب. الطائرة الميج17 تحمل تسليح8 صاروخ + 2قنبلة 100كجم. في الأجنحة يمكن حمل2 خزان وقود إضافي أو2 قنبلة250 كجم، حين كنا نهاجم داخل سيناء كنا نضطر لتحميل خزانات الوقود لبعد المسافة، لكن حين نهاجم مواقع خط بارليف على القناة كنا نحمل قنابل 250 كجم لكي نحدث أكبر تأثير وخسائر في المواقع. كانت كمية الوقود تكفي بالكاد لأنه ليس هناك خزانات إضافية، وللتغلب على هذا كنا نسحب الطائرات إلى الممر بالجرار وتأخذ وضع الإقلاع ونبدأ إدارة المحرك ونحن على الممر ثم الإقلاع فورا، حتى نوفر أي كمية وقود، وكانت الطائرات تعود إلى مطار المنصورة والوقود في مستوي لا يسمح بأي اشتباك مع طائرات العدو.

مثال أخر لبيان الفرق التقني بين طائراتنا والطائرات الإسرائيلية في الإمكانات، في يوم كان زميلي الرائد طيار مجدي كمال يطير في منطقة التدريب بطائرة ميج21، وتم إبلاغه بأن هناك طائرة فانتوم تقوم بالاستطلاع في المنطقة فتوجه للاشتباك معها قرب بورسعيد، وفور تنبه الطيار الإسرائيلي لوجود طائرة مجدي خلفه زاد سرعة طائرته(الفانتوم 2 محرك نفاث) فبدأت المسافة بينهما تتسع وهرب الطيار الإسرائيلي بسرعته، ومهما قام مجدي بطائرته فلا يمكن للميج 21 ان تلحق بالفانتوم عندما تفتح اقصي سرعه لها ، كل ما يمكن عمله هو مشاهدتها وهي تهرب .

 


 

تطوير تكتيكات القتال بفكر مصري

يجب أن نتأكد بأن الدولة المصنعة للسلاح ليس بالضرورة هي الأقدر على استخدامه، فالاتحاد السوفيتي صنع طائرات ولم يستخدمها في حروب حقيقية. ونظريات القتال الجوي السوفيتية وليدة تجارب الطيران التدريبي وليس القتال الفعلي ضد عدو. وقد استفاد منا السوفيت في تطوير السلاح وتكتيكات القتال الجوي التي تعلمناها بالجهد والدم والابتكار. ومثال ذلك:

كنا نواجه صعوبة في قصف القنابل أثناء التدريب ونحقق نسبة إصابة منخفضة. فالأرقام التي أقرها السوفيت وتعلمناها منهم تقضي بالتسلق لارتفاع1200 متر ثم الانقضاض وعند سرعة 650 كم وارتفاع300 متر نقذف القنابل. كانت هذه الأرقام لا تتحقق في الطيران الفعلي لأن الطائرات عمرها يتجاوز 15 عاما، إضافة إلي أن ارتفاع الطائرة حتى 1200متر يجعلها هدفا سهلا للمدفعية المضادة (ل-70) ولصواريخ الهوك وكانت هذه نقطة ضعف خطيرة. اكتشفنا هذا طوال الفترة التي سبقت حرب الاستنزاف.

قررت بمبادرة شخصية شاركني فيها رفيق السلاح نقيب طيار حمدي عقل أن نبتكر أسلوب جديد للقذف. فكنت أقوم بالقصف من ارتفاعات مختلفة وحمدي في ميدان الرمي يصحح لي أخطائي، ثم نعكس أقف أنا في الميدان ويقوم هو بالقصف. وبعد مجهود متواصل توصلنا للأسلوب الأمثل. كنا نتسلق حتى 400 متر فقط ونستخدم مقدمة الطائرة وليس جهاز التنشين ونسقط القنبلة فوق الهدف تماما. وتم تعميم هذا الأسلوب في كل أسراب الميج17.

وانتهينا من تلك المشكلة لنواجه مشكلة أخرى. كانت النظرية السوفيتية أن نهاجم المواقع بالتوالي4 طائرات بفاصل 800 متر بين كل طائرة والأخرى، كنا مثل الطابور مما يجعلنا عرضة بنسبة أكبر للمدفعية م/ط المعادية لأنها كلها مركزة في اتجاه واحد. فبدأنا التدريب على الهجوم من اتجاهين بأسلوب جديد استحدثناه بمبادرة شخصية. كنا نقترب من الهدف(4 طائرة في تشكيلFinger 4  )على ارتفاع 50 متر وما أن نشاهد الهدف ننقسم إلى قسمين وبأوامر مني كقائد للتشكيل يقوم القسم الثاني بالتسلق والهجوم أولا، وأظل أنا على الارتفاع المنخفض وعندما يصل إلى ارتفاع400 متر يبلغني في اللاسلكي، أقوم أنا بالتسلق في الوقت الذي يكون هو فيه ينقض على الهدف، وهنا تتشتت المدفعية لأن هناك قسم ينقض من أعلى لأسفل وقسم أخر يتسلق ومن اتجاه أخر مقاطع للقسم الأول. وتمكنا من هذا الأسلوب جيدا وحققنا به نتائج طيبة أثناء هجماتنا على أهداف العدو.                   

 

 

 

مناورة السرعة البطيئة

كان الطيران بالأسلوب السوفيتي يمنع أن نهبط بالسرعة عن أرقام محددة لكل طراز، وكان التنبيه صارم بأن من يتجاوز هذه الأرقام سيواجه مشاكل ومخاطر للطائرة. وكنا نلتزم حرفيا بتلك السرعات، أذكر أن زميلي أحمد أنور كان مشتبك مع طيار إسرائيلي وظل في المناورة حتى وصلت سرعة طائرته إلى الحد الأدنى، فاضطر إلى تخفيف المناورة فتمكن منه الإسرائيلي وقذفه بصاروخ وأصابه فقفز من الطائرة بالمظلة. وفي عام 1971 خدمت قائدا للسرب المتمركز في قاعدة المزة في سوريا، لدعم الجبهة الشمالية.

 تعرفت هناك على طيارين باكستانيين يعملون كخبراء في الأسراب السورية، ومنهم عرفت أن الطائرة يمكن أن تتجاوز الحدود الدنيا المحددة للسرعات. فقمت بتجربة هذا بحرص شديد وبمعدل بسيط. ونجحت التجربة ولما تمكنت أنا شخصيا منها قمت بتدريب باقي طياري السرب عليها. يظهر هذا الاختلاف في المناورة أثناء الاشتباك، فالطائرة الميج17 كان الحد الأدنى للسرعة300 كم/ساعة لكن وصلنا نحن حتى السرعة240 كم/ساعة. كان هذا يفيد في الاشتباك الجوي فأنت لديك عاملين تناور بهما هما الارتفاع والسرعة، فعندما تصل إلى هذه السرعة المنخفضة والتي لا يتوقعها العدو تصبح أنت في موقف خلفه أفضل. كذا في المناورة الرأسية كلما ضيقت دائرة الطائرة وقللت السرعة تكون في وضع أفضل يمكنك من ضرب طائرة العدو. كانت التعليمات السوفيتية أن هذه المناورة تتم بسرعة600 كم/ساعة نزلنا بها نحن بالتدريب إلى500 كم/ساعة ونجحت.         

 حياة الطيارين أثناء القتال

كانت حياتنا تدريب وقتال، وكان الجميع يتسابق للخروج في طلعات القتال. لم يكن بيننا طيار غير كفء، وكان الغضب يتملك بعض الطيارين عندما لا يشاركون في طلعات القتال، وفي الطلعة نفسها كان المشاركون فيها يتسابق لعمل طلعة ناجحة وتحقيق إصابات مباشرة للأهداف. أتذكر الشهداء ملازم طيار عصام حواش ورفعت مبارز وعاصم عبد الحميد وكانوا منضمين حديثا للسرب، وكنا في أوج طلعات العمليات.

 في ذلك اليوم كان لدينا برنامج طيران ليلي وبعد تناول الغذاء كنا نذهب للنوم استعدادا للطيران الليلي، وفي فترة الراحة جاءني أمر بمهاجمة الهوك بقوة 4 طائرات، فأيقظت حمدي عقل ومجدي كامل وثلاثة آخرين لا أتذكرهم وتركت باقي الطيارين نيام، وجهزنا4 طائرات والخامسة الاحتياطي وتم تنفيذ الطلعة بنجاح. وحين هبطنا من الطائرات فوجئت بالثلاثة الجدد غاضبين بشدة لأنهم شعروا بأني اعتبرتهم تحت مستوي المسئولية، فوعدتهم بالدخول مع باقي زملاؤهم في الطلعة القادمة وحدث هذا فعلا. لم يكن هناك أي تفكير في الموت أو الحياة، الكل كان في اشتياق للحرب والثأر والاشتراك في القتال. كنت أراقب الطيار الجديد أثناء تنفيذ المهمة لكن الجميع كان يتفاني، حتى أني كنت أقول للملازم عصام أحمد وعادل محيى أني أنظر في أي لحظة في الطلعة أجدهم في المكان الصحيح، وكان هذا يعطيني فرصة أكبر كقائد تشكيل في التركيز على الطلعة والهجوم.

ولا أنسي دور المهندسين والفنيين(الميكانيكية) كانوا يقاتلون معنا بروحهم العالية في تجهيز الطائرات وتسليحها، كانوا يكتبون آيات قرآنية وأسماءهم على القنابل والصواريخ التي يحملونها في الطائرات. مثلا كان هناك رافعة(كوريك) لتعليق القنابل في الطائرة تستغرق 6 دقائق للقنبلة لكن ثلاثة من الميكانيكية حملوا القنبلة100 كجم بأيديهم وعلقوها في الطائرة في2 دقيقة. نجحوا في أحد الطلعات في تجهيز 14 طائرة في ساعة ونصف وهو رقم استثنائي بكل المقاييس.

ولا يمكن أن نغفل دور العمال والفلاحين في ملحمة بناء الدشم، كنا طوال النهار ونحن في الطيران نشاهد الجهد الخارق الذي يبذل في الانتهاء منها، فدشم تحت الإنشاء وأخرى انتهت ويتم تركيب أبوابها، علاوة على مئات من الصبية والفتيات يحملون (مقاطف) مملوءة بالرمل والطمي لتكسي أجناب وسقف الدشم حتى تمتص انفجار أي قنبلة مباشرة وتبقي الطائرة في أمان بداخلها. وأتي هذا الجهد ثماره في حرب 1973 فلم تضرب طائرة على الأرض.        

وانتهت حرب الاستنزاف وقد انتصرنا فيها دون شك رغم خسائرنا، لكن تعلمنا فيها الكثير من الخبرات. عام1971سافرت إلى سوريا حوالي العام اكتسبت خلال هذه الفترة خبرة طيبة من الحوار المستمر مع الطيارين الباكستانيين، كما وأن التضاريس هناك مختلفة عن مصر. وأذكر للشعب السوري أنه محب جدا لمصر، ثم عدت إلى سربي الذي كان متمركزا في مطار الصالحية، وفيه قضيت شهران ثم توجهت إلى ليبيا للطيران على الميراج

 

صورة مشهورة جدا للميج 17 تقوم بقصف رتل لعربات العدو

ويظهر الهلع علي الجنود الاسرائيليين


 

طيار ميراج

وجود الطائرات الميراج كان له قصة بدأت عام1970 حين أوقف الرئيس الفرنسي شارل ديجول عام 1967 تصدير أي أسلحة لإسرائيل ومنها صفقة طائرات ميراج كانت تصنع لحسابها. وفي عام1970 تقدمت الحكومة الليبية لشراء تلك الصفقة، ولأنه لم تكن هناك كوادر ليبية مؤهلة لتنفيذ التعاقد فقد تم الاستعانة بضباط من القوات الجوية المصرية للتعاقد والإشراف على تنفيذ هذه الصفقة. كان عدد الطائرات بالتقريب هو

32  طائرة ميراج 5 اعتراضية

  50 طائرة ميراج 5 مقاتلة قاذفة

 4 طائرة ميراج  للاستطلاع الجوي 

 15 طائرة ميراج ذات مقعدين للتدريب

كانت الطائرة الاعتراضية مزودة بـ2 مدفع30 مم +2 صاروخ ماترا (جو-جو) أما الطائرة المقاتلة القاذفة فكانت مزودة علاوة على 2 مدفع بحمالات قنابل 8 قنبلة250 كجم أو 2 قنبلة400 كجم أو 32 صاروخ (جو-أرض). كان تجهيز الطائرة يتضمن رادار وأجهزة ملاحية متطورة.كما ضمت الصفقة جناح للصيانة وقطع غيار ومعدات فنية وتسليح وذخائر للطائرات.

وفي عام1971 بدأ 10 طيارين مصريين الطيران على الميراج في فرنسا تحت ساتر أنهم طيارين ليبين، وبعد الانتهاء من فرقة الطيران عادوا إلي ليبيا مع الطيارين الليبين وكانت قاعدة التمركز في طرابلس تحت اسم عقبة بن نافع

 ( قاعدة هويلس الأمريكية سابقا)

كنت أنا على رأس المجموعة الثانية التي اختيرت للطيران على الميراج حوالي10 طيارين من الميج17 كنا جميعا فوق700 ساعة طيران. كانت فرقتنا على الطائرة في ليبيا وليس فرنسا بواسطة طيارين فرنسيين وباكستانيين. وكان الجميع لديهم خبرة قتالية جيدة من خلال حرب الاستنزاف، مما ساعدنا على التمكن من الطائرة بسرعة.

وكان طبيعي أن أقارن بين الميج 17 والميراج5 وهي مقارنة هامة حتى نعرف كيف حاربنا اليهود في الاستنزاف. الميج17 كجسم طائرة ومحرك ومناورة ممتازة لكنها ذات تسليح ضعيف وأجهزة تنشين وملاحة بدائية مما يجعلها طائرة ممتازة في الدعم القريب للقوات البرية فقط، أما الميراج فلديها التسليح الكبير والسرعة العالية وأجهزة التنشين والملاحة المتطورة، ولا نغفل كابينة الميراج التي تتيح رؤية هائلة للطيار، مما يجعلها طائرة متعددة المهام بامتياز وحتى عمق كبير في أرض العدو.                                                            

قضيت في ليبيا عام تقريبا كانت أسرتي بصحبتي، وقد تدربت على يد طيار فرنسي سألني عن عدد ساعات طيراني فذكرت للتمويه أنها300 ساعة وأنني ليبي الجنسية. لكن بعد أن طار معي اكتشف أن مستواي أكبر من هذا بكثير، وبدأ التعامل معي على هذا الأساس، وقد دخل معي اشتباك أثناء التدريب وكانت ساعاتي على الطائرة حوالي10 ساعات فتفوق علي وجاء خلفي، ولا أنكر أني تضايقت بشدة وعلى الأرض بعد الطلعة تحديته أني مجرد أن أكمل30 ساعة على الطائرة سأدعوه لتكرار الاشتباك. وحدث فعلا ولم يتمكن مني ورددت اعتباري. كان الطيارون الفرنسيون متعاونين معنا بأقصى درجة، ولا أنسي طيار يدعي كريبان، لما صدرت لنا الأوامر بالعودة إلى مصر انتحي بي جانبا وقال :

((أنا عارف إنكم حا تنزلوا مصر علشان حا تحاربوا اليهود. لازم تعرف إن القنابل اللي معاكم قنابل أغراض عامة وليست قنابل ممرات)) فقد كان متأكدا اننا يجب ان نضرب مطارات اسرائيل لرد شرف 67

وأعطاني كمية كبيرة من الأوراق بها كافة المعلومات الخاصة بجهاز التنشين مع اختلاف أنواع الذخيرة المحملة في الطائرة. كان موقف رائع من هذا الفرنسي. وكان الدرس الأهم الذي تعلمناه من الفرنسيين هو أننا كنا نناور في الاشتباك الجوي بالخبرة الفردية فعلمونا كيفية عمل الاشتباك  المخطط الجماعي. وهو ما كان يقوم به اليهود معنا. ولا يفوتني أن أذكر حضور الطيارين المصريين على الميج21 إلى ليبيا والتدريب مع طيارين على الميراج، فاكتسبوا خبرات متعددة من هذه الاشتباكات.   

 

السرب 69 ميراج (مستقل)المصري

(مرحبا بالميراج المصري في قاعدة طنطا) كان هذا ما أعلنته إذاعة إسرائيل بعد وصولنا بأيام في أبريل 1973، حيث اعلنت اذاعه اسرائيل ذلك لكي تبعث لنا برساله ان كل تحركاتنا مكشوفه لهم وانهم يعرفون كل شئ عنا .

 

دخلت المقاتلات القاذفة الفرنسية الخدمة في القوات الجوية المصرية في السرب 69، ووضع العلم المصري على الطائرات. كان السرب يتكون من

العقيد طيار/علي زين العابدين عبد الجواد قائد التشكيل

المقدم طيار/ محمد داوود مكارم قائد السرب

المقدم طيار/ محمد عبد المنعم زكي عكاشة

الرائد طيار/ أحمد هاشم – حيدر دبوس – حمدي عقل – محب شهاب الدين- حسين عزت – عبد الهادي حسين – محمد أمين البسومي

النقيب طيار/ مجد الدين رفعت – محمد رضا مشرف – كمال عبد الرؤوف – سعد أبو العلا – محمد فتحي فتح الله- عصام أحمد سيد أحمد – طارق فرحات

علاوة على رف استطلاع من المقدم طيار/شريف الشافعي والرائد/أحمد رمزي

اشترك سرب الميراج في حرب أكتوبر1973 لكن كان مجهوده طوال فترة الحرب (20 يوم) محدود للغاية ربما لأسباب سياسية. لكن هذا الأمر أثار غضب الطيارين في السرب لرغبتهم الاشتراك في الحرب بصورة أكثر فاعلية.

كانت الشهور الخمسة قبل الحرب هي فترة إعداد السرب وتدريبه على مهام العمليات التي ستنفذ، وفي البداية تم تكليف السرب بمهاجمة قاعدة حتسور الجوية في عمق إسرائيل. وقد حددت لنا قيادة القوات الجوية خط سير بالغ الطول

( إقلاع من طنطا ثم شمالا داخل البحر المتوسط 30 كم ثم موازي لساحل سيناء حتى مدينة دير البلح ثم قاعدة حتسور) ويتم الطيران على ارتفاع30 متر.

 

المقدم محمد عكاشه وسط بعض طياري السرب 69

 بدأت عمل الحسابات الملاحية واستهلاك الوقود ومسافة الرحلة علي الخرائط، كان الوقود حرج جدا لا يسمح لنا بأي اشتباك مع أي طائرات إسرائيلية قد تطاردنا، وتم تطبيق الحسابات على الطبيعة فقام أكثر من تشكيل بتنفيذ طلعة مطابقة هيكلية لكن ناحية الغرب، وثبت صحة ما أقول. وبعد تردد لفترة طويلة تم تغيير الهدف وأصبح مطار العريش. وهو أقرب ويعطي احتياطي كبير في الوقود. وتذكرت ما قاله لي الطيار الفرنسي عن القنابل فقمنا بعمل تجربة بأربعة تشكيلات بقنابل حقيقية على مطار مديرية التحرير، وتم القصف بطرق مختلفة ووجدنا الحفر الناتجة عن القصف ليست كبيرة بالحجم المطلوب لكنها مرضية وتغلق المطار الذي سنهاجمه.

 


 

يوميات السرب69 ميراج في حرب أكتوبر1973 

6 أكتوبر: تم الاستقرار من القيادة على مهاجمة مطار العريش في الضربة الجوية الأولي. كنت أنا قائدا لتشكيل الهجوم من8 طائرات، أفطر الجميع في هذا اليوم وتم التجهيز التام للطلعة وكان الإقلاع تقريبا الساعة 35 :1 كنا سنتوجه إلى الطائرات قبلها بـ15 دقيقة وخلال هذه الفترة اتصل بي العقيد علي زين وأبلغني إلغاء الطلعة. فتخيلت أن الموضوع كله تم إلغاؤه، لكن لما ذهبت إلى غرفة العمليات علمت أن الإلغاء كان للميراج فقط بأوامر من الرئيس السادات أما باقي  طائرات القوات الجويه فهي في الجو متجه نحو القناة. 

7 أكتوبر : تم مهاجمة قاعدة طنطا في السابعة صباحا بواسطة4 طائرات فانتوم. كان الهجوم ناجح حيث لم يكن لدينا في طنطا مقاتلات وفشلت الصواريخ في صد الهجوم. فتوقف المطار عن العمل لإصابة الممر الرئيسي والممر المساعد بإصابات مباشرة، لكن لم تكن هناك أي خسائر أخرى

8 أكتوبر : تم مهاجمة مطار طنطا صباح هذا اليوم، لكن الدفاع الجوي استطاع صد الهجوم الإسرائيلي وأسقط طائرة من التشكيل وفشل الهجوم.

9 أكتوبر : قام السرب بمهاجمة وتدمير مركز إعاقة وتشويش للعدو في المحور الشمالي.

10 –11 أكتوبر: لم يتم أي نشاط للسرب خلال هذين اليومين.

12 أكتوبر : قام السرب بعمل طلعة استطلاع بطائرة واحدة للمحور الشمالي. وفي هذا اليوم وصل إلى مطار طنطا سرب مقاتلات ميج21.

13 أكتوبر : قام السرب بقصف سرية دبابات إسرائيلية في عمق سيناء أمام مدينة القنطرة.

14 أكتوبر : في الثانية ظهرا تم مهاجمة المطار بواسطة 8 طائرة فانتوم، ثم تبعهم 8 فانتوم أخري. كانت نتيجة الهجوم فاشلة تماما، فرغم هذا العدد من الطائرات لم يصب إلا عربة وقود وسقف إحدى الدشم وظل المطار مفتوحا حيث لم تصب الممرات بشيء. وقد لاحظت أن أسلوب الهجوم هذه المرة يختلف عن الأسلوب الإسرائيلي المعروف لدينا تماما، وأرجح أن يكون الذين قاموا بهذا الهجوم طيارين أجانب وليسوا إسرائيليين.

15-16- 17أكتوبر : كان السرب خلال هذه الأيام الثلاثة مكلف بالاستعداد لمهاجمة مدرعات للعدو غرب القناة في منطقه الثغرة ، وقمت بتجهيز 2 تشكيل (8 طائرة) وأعطيت التلقين النهائي، وجلسنا ننتظر الأوامر بالتنفيذ، وفي كل فترة تتغير أماكن الأهداف غربا وجنوبا، ونعيد رسم الخرائط، وفي النهاية لم يتم تنفيذ أي طلعة طوال هذه الأيام الثلاث.

18 أكتوبر : فجأة صدرت الأوامر بمهاجمة مطار العريش بقوة 6 طائرة، حيث كانت الإمدادات الأمريكية تهبط فيه. كانت تشكيل الهجوم4 طائرة(حيدر دبوس- رفعت مبارز- محمد البسومي- رضا مشرف)+ 2 طائرة خلفهم (محب شهاب الدين- فتحي فتح الله) وعند منطقة البردويل تم اعتراض التشكيل بواسطة 4 طائرة ميراج إسرائيلية، وأبلغ عنهم فتح الله قائد التشكيل الخلفي فأمر بإلقاء الحمولة والاشتباك. عند إلقاء الحمولة حدث خلل في جسم طائرة رفعت فاصطدم بالمياه واستشهد. تسلقت باقي الطائرات للاشتباك واختلط الأمر بين الطائرات المصرية والإسرائيلية فالجميع ميراج وأصبح التمييز للجانبين مستحيل، فأصدر حيدر أوامره بالعودة غربا علي ارتقاع منخفض وأثناء الدوران كان البسومي يركز على خلفيته فارتطم جناحه بالماء واستشهد. وفي أثناء العودة سقطت طائرة حيدر واستشهد بصاروخ إسرائيلي وعادت 3 طائرات لقاعدة طنطا.

19 أكتوبر : قام السرب بمهاجمة دبابات إسرائيليةغرب فايدبقوة 3 طائرة وعادت سالمة.

20 –21 أكتوبر : لم يقم السرب بأي عمليات في هذين اليومين.

 

22أكتوبر : قام السرب بمهاجمة دبابات إسرائيلية غرب القناة وفشلت المهمة لاعتراض الطائرات قبل الوصول للهدف وأسقطت طائرة لنا قفز قائدها بالمظلة.

وهكذا انتهي دور السرب 69 الميراج المصري في حرب 1973. هو دور محدود بلا شك وكان من الممكن استخدام السرب بصورة أفضل بكثير مما تم، خاصة في منطقة الثغرة. لكن كان للقيادة نظرة لا نعلمها.

 

 

مواقف لا تنسي  :

هناك العديد من المواقف التي لا تنسي في حياتي خلال الخدمة في القوات الجوية، منها المؤثر والحزين بل والفكاهي. من أكثر المواقف المؤثرة لحظات استشهاد الزملاء الذين قدموا حياتهم فداء لمصر دون تردد. أذكر منهم كمثال إسماعيل إمام الذي أسقط طائرة للعدو وفي أثناء هبوطه في مطار الصالحية وقد أنزل العجل قام أحد أفراد دفاعنا الجوي بإسقاطه بصاروخ. وطلال سعد الله شاهدته في حرب الاستنزاف وطائرته مشتعلة أمامي من مدفعية العدو. ومحمود حمدي الذي استشهد فوق خط بارليف وكان يهاجم نقطة حصينة، وقامت كاميرا مدفع أحد أفراد التشكيل بتصويره في 7 لقطات متتالية حتى أصبحت طائرته كتلة من اللهب تصطدم بدشمة العدو. وأحمد جابر السبروت الذي ونحن نهاجم موقع الهوك أصيب بدفعة من المدفعيةم/ط وتحولت طائرته إلي شرائح معدنية تناثرت فوق الموقع. وكثيرين لا يتسع المجال لذكر بطولاتهم مثل زكريا كمال وهاني حسن وحيدر دبوس وعبد القوي شمس الدين وعماد عبد الشفيع.

أبطال مجهولون:

 أهمل التاريخ ذكر العديد من الطيارين منهم من استشهد مثل سامي فؤاد وتوفيق دبوس وسعيد عثمان..... وأخرين. ومنهم على قيد الحياة آخرين سأذكر اثنان منهم حتى تعرف الأجيال الجديدة أنها تجهل تاريخها وما فيه من صفحات مشرفة. أحد الطيارين العظماء محمد عبد الرحمن كان يطير على السوخوي7 وأدي عليها طلعات استطلاع ثم تولي تدريب الطيارين عليها. كانت له تعديلات مؤثرة على الطائرة السوخوي مما أقنع السوفييت فأرسلوا إليه مستر بابلوف سوخوي مصمم الطائرة شخصيا لكي يناقشه في التعديلات التي قام بها واقتنع بها وظهرت في الطرازات التالية في السوخوي. ثاني العظماء ممدوح طليبة الذي قام بمفرده في 5 يونيو67 بثلاث طلعات لصد هجمات العدو فوق مطار كبريت، وهي طلعات انتحارية بكل المقاييس. إن مصر في حاجة لأن تظهر بطولات الطيارين وهي كثيرة لكي تعطي القدوة للأجيال الحالية.

 

 

 

 

 

 


 

قائمه شرف السرب 62 مقاتلات قاذفة (ميج17 ) في حرب الاستنزاف      

كنت قائد ثان السرب في يوليو1969 وفي أغسطس توليت قيادة السرب خلفا لأحد طيارين مصر العظام الرائد طيار سمير فريد. وقد ذكرت في الحوار أن السرب قام حتى أغسطس 1970 بـ40 % من مجهود القوات الجوية في حرب الاستنزاف وقد شارك في هذا الجهد أخوة أعزاء وزملاء هم:

كل من النقيب طيار/ محمود الحديدي - ماهر قاسم- حمدي عقل- حسن ياقوت.

كل من ملازم أول طيار/أسامة حمدي - مجدي كامل – حسن عبد الباقي.

كل من ملازم طيار/ طلال سعد الله- أحمد جابر السبروت- أحمد فؤاد الشامي- جلال زكي عبد الحميد- عصام الدين حواش – محمد رفعت مبارز- عاصم عبد الحميد الفقي- عصام أحمد سيد أحمد- عادل محي الدين – محمود حمدي – خميس علي مرجان

كل من نقيب مهندس/ بهي الدين قنديل – علي الدين نور الدين – أحمد المنصوري 

 

 

Share

مـعـرض الـوثـائـق

مـعـرض الـفـيـديـو

Youtube

Cannot Connect to Youtube Server


Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server

   

 

  

زوار اليوم
زوار امس
زوار الاسبوع
زوار الشهر
اجمالى الزوار
2753
3776
19483
50703
34963191

معرض الصور

المتواجدون حاليا

36 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

اتصل بنا

الراسل 
الموضوع 
الرسالة 
    
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech