Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

السرب 77 قتال - الفصل الثالث

 

الفصل الثالث

النكسه

 

 

لم يكن صباح الاثنين الخامس من يونيو يوما عاديا في تاريخ الانسانيه بأسرها وهذه ليست بمبالغه بقدر ماهي واقع  فما حدث في هذا اليوم غير مسارالملايين من البشر لسنوات وعقود كثيرة قادمه

وربما لا يدرك القائد الي اي مدي يمكن  أن يؤثر قرارا ما في تاريخ العالم بأسرهوربما تكون معطيات قرارة صحيحه في ذلك الوقت لكنها بالتأكيد كارثيه للمستقبل

فما الذي حدث في هذا اليوم ليؤثر مثل هذا التأثير علي العالم؟؟؟؟؟؟

أشرقت شمس الخامس من يونيو كعادتها كل يوم ، ومن كان ينظر اليها في وقت شروقها لم يكن ليتصور انه مع غروبها قد تتغير او حتي تنتهي حياته .

فقد كان أخر شروق يراه الا لاف من ابناء مصر، جيل كامل من شباب مصرفقد حياته ومستقبله واحلامهم مع كل لحظه تحركت فيها الشمس في السماء .

لمح طارق وعمر ظهور قرص الشمس من بين قمم الجبال مفردة اشعتها علي مطار السر في قوة  

تحرك الاثنان الي مكان الوضوء مع عدد من الضباط والفنيين ، وأقيمت الصلاة بعد فترة وانتهت وتحرك بعدها  الصاوي ومعه محمود الي طائرتهما ليكونا في طائرات الحاله الاولي، غمز الصاوي بعينه الي طارق عندما امسك بعدة مجلات ليطالعها اثناء جلوسه الممل بالطائرة  .

كان طارق شاردا فلسبب لا يجهله أنقبض قلبه بشدة عندما انهي الصلاة ، فكر بسرعه في والدته  ايمكن ان يكون مكروها حدث لها ؟ او ربما والدة؟ ، مجرد التفكير في ذلك اتعبه جدا ،فقرر كتابه خطابل يطمئن عليهم ، ثم خطرت له فكرة ان يستقل سيارة تجاة العريش ويتصل تليفونيا ،لكن رفض الرائد مرعي وقف حائلا امام ذلك .

اما عمر فقد أمضي وقتا في متابعه الفنيين وهم يقومون بالفحص اليومي لطائرته ، وأمسك بقطعه قماش ونظف زجاج الكابينه بنفسه هربا من الملل

اما في مطار فايد فقد كان الوضع مختلفا تماما ، فقد كانت الاستعدادات تتم علي قدم وساق ، ليس للحرب بل لاستقبال نائب رئيس الجمهوريه  السيد حسين الشافعي ومعه الطاهر يحيي رئيس وزراء العراق في زياره لرفع الروح المعنويه

وصلت التعليمات لقيادة المطار صباحا بوجود اثنان وعشرون تحركا جويا صديقا فوق المنطقه لذلك فيجب تقييد نيران الوحدات المضادة للطائرات ، وهذا الامر يعني عدم اطلاق اي نيران الا بأوامر من القيادة العليا ،

علم العقيد تحسين ان المشير سينتقل الي مطار تمادا في وسط سيناء لزياره قواتنا البريه ومعه عدد كبير من المرافقين والضباط

لم يكن العقيد تحسين مستريح لما يحدث من تحركات جويه في المنطقه ، زاد علي ذلك هو تكاثف الضباب الشديد علي المطار في الصباح مما ادي الي تأجيل خروج طلعه تدريب ،فقام العقيد تحسين بالتنبيه علي طياريه والضباط بالاستعداد لاستقبال الضيوف

ومن بين الاستعدادات أختلي أحمد بالعقيد تحسين يسأله عن مصير كتيب الميراج الذي ارسله للقيادة منذ ايام فرد عليه القائد بأنه تحدث مع الفريق صدقي يوم لقاء الرئيس في قاعدة أبو صوير ، وأن الفريق صدقي قد أخبرة بأنها معلومات خاطئه تماما وليس لها اي أساس من الصحه ، وأضاف العقيد تحسين بأن ثقه القيادة في معلومات المخابرات الحربيه لا تشوبها شائبه حتي أنهم رفضوا دراسه الكتيب ، وأنهي القائد حديثه بأن موضوع الكتيب هذا سيكون موضع حوار مع السيد حسين الشافعي بعد قليل بهدف إيصال المعلومه للرئيس .

 

مرت عقارب الساعه وتخطت الثامنه والنصف صباحا بقليل ، الخمول والممل يسيطران علي الرجال في مطار السر،عدد من الجنود يلعبون الكرة خلف الطائرات وعدد أخر منهم يفترش الارض تحت اجنحه الطائرات  ، طلب الرائد مرعي من الطيارين التجمع لمراجعه الخطه فهد1 وتأكيد حفظ كل منهم لدورة ، وفرد الرجل خريطه العمليات علي أحد صناديق الذخيرة،والتف حوله الطيارين في بطء وتكاسل،وبدأ الرجل شرحه للهجوم مرة اخري

 

مرت الدقائق بصعوبه علي الرجال وهم يسمعون صوت قائدهم يشرح برتابه الهدف وخطط الطيران التي سموعها عشرات المرات حتي الان ، ونظراتهم لبعضهم البعض تشع ملل من رتابه الوضع القائم

 

في نفس اللحظه كانت اشارة لاسلكيه تصل الي مطار فايد تنبئ بقرب وصول طائرة الزائرين .

فأصطف الطيارون بملابس الطيران ، وبجانبهم قائد وضباط الدفاع الجوي وضباط الأمن ورئيس مهندسي المطار، بينما العقيد تحسين يراجع برنامج الزيارة الذي يشمل حوار مع الطيارين و يليه مشاهده الطائرات .

 

مطارالسر : الساعه التاسعه صباحا

بينما الطيارون ينتظرون أن ينتهي  قائدهم من اعادة شرح الخطه لكي يهربوا الي ظل ما يستظلون به من الشمس المحرقه ،ويتابعون اعمالهم اليوميه ، تنبه طارق بأذنه المدربه نحو صوت مايسمعه من بعيد

فتنبه الرائد مرعي الي التفاته طارق فسأله عما به، فرد الاخير

(( سامع صوت طيارات من بعيد يافندمهما سمحوا بالطلعات تاني؟؟؟))

تدخل احد الطيارين متهكما (( ممكن سمحوا وكالعادة نسيوا يبلغونا ))

في هذه اللحظه أقترب صوت الطائرات لدرجه ان الجميع سمع صداها وسط الجبال ، فالتفتوا تجاة الصوت ،فصاحالرائدمرعيبتهكم((أكيد طيارات مطار المليز بتعمل دوريه . وباين …….))

لم يكمل الرجل جملته فقد ظهرت من بين الجبال طائرتين فجأة لتمرا علي ارتفاع منخفض فوق الممر بسرعه كبيرة، ويصمت الرجل متابعا الطائرتين مع طياريه   

شاهد الجميع الطائرتين تلقيان شيئا ما أرتطم بأرضيه الممر دون أن ينفجر ، بعدها اهتزت الارض فجأة تحت اقدام الرجال بشدة وتبعها أنفجارين هائلين بالممر اطاحا بأرضيه الممر الاسفلتيه عاليا في الهواء ، وسط صدمه الرجال الذين انبطحوا ارضا برد فعل غريزي ، وخرج صوت الرائد مرعي يصرخ مندهشا غير مصدق

((مش معقولمش معقول الاسرائيليين اتجننوا وبيهاجمونا ؟!))  لم تكن جملته متسائله بقدر انها غير مصدقه لما يحدث

ووسط دهشه الجميع ، حلقت الطائرات المهاجمه مبتعدة عن المطار ،تاركه الممرمشتعل تماما .

كانت صدمه الجميع من الهجوم كبيرة وتفوق الوصف ، فساد الهرج والمرج أنحاء المطار وهرع الرائد مرعي تجاة خيمه اللاسلكي صائحا بتبليغ أشارة لمطار العريش بأن المطار تعرض للهجوم

لم تمر أكثرمن نصف دقيقه منذ ضرب الممر،ومازال الطيارين منبطحين ارضا تحت تأثير الصدمه الشديده التي شلت حركتهم لثوان

نظر طارق تجاة طائرتي الصاوي ومحمود ، فوجد غطاء الكابينه بهما قد أغلق وأديرت المحركات التي لم يظهر صوتها من تأثير أصوات النيران المشتعله والانفجارات الصغيرة ،ثم  بدأت الطائرات في التحرك للاقلاع

صاح عمر (( الممر انضرب – مش هيقدروا يطلعوا – مفيش مسافه كفايه ))

 تمتم طارق بصلابه وهو ينتصب واقفا مرة اخري بجوار طارق((لازم يطلعوا —

– لازم —لازم ))

وبدون أي مقدمات ظهرت طائرتين اسرائيليتين من بين الجبال لتنقضا علي طائرات الحاله الاولي ، القت احدي الطائرتين قنبله ،فأنفجرت مباشرة في طائرة الصاوي مباشرة وحولتها الي حطام متناثر في ثانيه ، تبعتها طائرة محمود هي الاخري ،وأستشهد الطيارين بداخل طائرتهم وهم يحاولون التحرك علي الممرللاقلاع

أدي انفجار الطائرتين الي الاطاحه بالطيارين والجنود الواقفين بالقرب منهما من تاثير تفريغ الهواء الذي يتزامن مع الانفجار .

وقع عمر وطارق علي الارض مرة اخري من تأثير الانفجار، لكن عمر لم يفقد الوعي ، كانت صدمته ما يحدث امامه قد شلته ومنعته من التفكير ، لكن طارق  قام و بدأ في الركض تجاة طائره الحاله الثانيه والتي لا تبعد أكثر من خمسون مترا،صاح طارق في وجه رئيس الفنيين وبنبرة لا تقبل النقاش

 ((دورالطيارة )) أستجاب الفنيين بسرعه تلقائيه ،وبعد ثوان كانت الطائرة تتحرك تجاةالممر  والذي دمر من  منتصفه تماما وحجبت النيران بقيته ،شاهد عمر طائرة طارق تتحرك، لكنه لم يميز شيئا فصدمه انفجار طائرتي الصاوي ومحمود أمامه أفقدته اتزانه ،

شاهد الطيارين يركضون تجاة طائرتهم بعد ان زالت صدمتهم ، لكنه كان  كالذي يشاهد فيلما من العشرينات من تلك الافلام الصامته ، فهو يري بعينيه لكن أذنيه لا تتلقيان اصوات مايراة ، فعقله لا يستطيع ترجمه ما تراة عيناة

وجد احد الفنيين يجري ويشير تجاة السماء ، نظر عمر بدورة متسائلا عما يشير ، فوجد طائرتين أخرتين تهاجمان المطار ، لم يستطع ان يتحرك للاحتماء ، فقد رفض جسدة اطاعه اوامر عقله ، ووقف كالمشلول يشاهد ولا يتحرك ، هاجمت الطائرات المهاجمه الطائرات القابعه بدون حمايه فتوالت الانفجارات بها، قبل أن يصل أي من الطيارين اليهم ،نبهه عقله فجأة الي طارق  فأين طارق ،من بين النيران والدخان علي الممر ، ظهرت طائرة طارق تستعد للاقلاع علي طرف الممر والذي يبدو انه مازال سليما، احس عمر بالارض تهتز تحت قدميه  انه محرك الطائرة  يعمل بأقصي قوة والطائرة مازالت متوقفه  

((ايه اللي بيعمله المجنون ده !! هيموت نفسه !!)) هكذا صاح عقله ، وهو يري طائرة طارق تنطلق كالسهم علي الممر ومن خلفه طلقات من طائره معاديه تريد أصابتها قبل ان تقلع، وقبل الجزء المدمر من الممر  ارتفعت الطائرة في أقلاع مستحيل نظريا ، لكنه حدث

أقبل احد الطيارين جريا تجاة عمر المصدوم واوقعه أرضا للاحتماء من الانفجارات المتتاليه حولهم من جراء القنابل الزمنيه وطلقات طائرات العدو التي أستباحت سماء المطار ، زحف عمر داخلا حفرة صغيرة للمخلفات ، والتفت متابعا طائرة طارق التي اقلعت وسط غابه من الطائرات المهاجمه .

ثم أحس بيد تعتصر كتفه ، فأذا هي يد الرائد مرعي والذي هزة بعنف لكي يفيق من صدمته، شاهد شفاه الرجل تتحرك لكنه لا يسمعه ، صفعه الرجل علي وجهه صفه قويه اوقعته ارضا ، وقتها عادت الاصوات لتخترق اذني عمر من جديد في بطء، أصوات حرائق وانفجارات وصياح للجنود ، وكمن أستيقظ من نومه  أفاق عمر من صدمته سريعا ، وعاد اليه توازنه ووجد لسانه يصيح ((ليه عملتوا فينا كدة؟ )) موجها صرخاته بتكرار للرائد مرعي، الذي تجاهل صراخ عمر والذي تشابك مع باقي الاصوات  في المطار،فجأه تذكرعمرزميله طارق، فقدغاب عن متابعته لثوان، فالتفت نحو الشرق يبحث بعينه عن صديقه

 

 

أنطلق طارق بطائرته وجسدة ينتفض غضبا وثورة ، أنطلق وسط طائرات العدو ،أراد ان يخرقها بطلقاته ، تنحي وقتها المنطق والعقل جانبا ، وطفا حب مصر والحماس والرغبه في الانتقام علي عقله،واصبح لا قيمه عندة  لحساب التوازن والعدد، فكل ما شغل باله هو إبعاد طائرات العدو عن مطارة ، فلمح طائرة تعتدل لمهاجمه المطار ، فأطلق عليها صاروخا فأصابها في مقتل ، وظهر الدخان الرمادى  ثم تحول للاسود دليل أصابه محركها وقرب انفجارها ، فتركها  والتفت نحو طائرة اخري  صائحا في غضب

(( انا هنا يا ولاد الكلاب ، تعالوا حاربوني ))

كان يصيح غضبا وهو يري طائرات العدو لا تكترث بوجودة وتستمر في مهاجمه المطار ، أطبق علي طائرة أخري وهاجمها بمدفعه فأصيبت هي الاخري ، وسرعان ما انفجرت فوق قمه احد الجبال ، لكن ما الفائدة فطائرات العدو ارتفع عددها الي نحو العشرة ، وهي تهاجم المطار الذي لا حول له ولا قوة ، كان يريد ان يجذب الطائرات بعيدا عن المطار لكن بدون فائدة ، فهاجم طائرة ثالثه ، واطلق عليها صاروخا لم يصيبها ، لكنها ابتعدت عن المطار هربا من مطاردته لها،وقتهالم يتبقي له صواريخ يطلقها فكل ما كان معه صاروخين فقط ،

فأستدار بمناورة حادة مهاجما طائرة اخري كانت في وضع ممتاز للاصابه ، لكنه تنبه الي ان طائرة معاديه تلتف من وراءة محاوله اصابته ، تيقن للكمين الذي نصب له ، فأرتفع بزاويه حادة وبسرعه كبيرة محاولا الافلات .

وعلي الارض شاهد الجميع من خنادقهم مناورات طارق الممتازة  ، لكن عمر أشفق عليه ودعا الله  لهبالسلامه، عندما شاهدة يحاول الافلات من طائرتين تتبعتا ذيل طائرته .

أدركت الطائرات المهاجمه بأنها قد دمرت المطار تماما ، فتحولت لمهاجمه الافرد ، وبدأت تطلق النيران تجاة الجنود الذين يحاولون الاحتماء من نيرانها ، لمح عمر الرائد مرعي يطلق نيرانه من مسدسه الشخصي تجاة الطائرات المغيرة في غضب وغيظ  في تصرف لا ينم الا عن قله الحيله واليأس، شاركه عدد من الطيارين في الضرب والطائرات المهاجمه لا تكف عن الهجوم

أحد الطيارين يطلق نيران مسدسه نحو الطائرات وهو يصيح في غضب ((خيانهخيانه ))

لم ينتبه عمر الي مغزي مايقوله زميله،لكن المشهد حفر في ذاكرته تلقائيا

وأختفت طائرة طارق وراءالجبا لولم يستطع احد متابعته من الارض ، مازالت الطائرات الاسرائيليه تهاجم بلا هوادة ، فأصابوا كل شئ بارز فوق الارض ،لم يتركوا شيئا او شخصا الا وهاجموة ،فأحترقت الخيام والتعيينات والعربات وسويت بالارض جميعه اواستشهد وأصيب العديد من الجنود فأطل عمر برأسه من الخندق ، فوجد النيران والدخان الاسود يحيطب أرجاء المطار متعاليا الي عنان السماء ، وطائرات التشكيل كلها مدمرة علي الارض عدا طائرة طارق، والذي لا يعلم مصيرة بعد.

قاوم طارق مهاجميه بكل ما اوتي من قوة ومهارة ، فأنخفض نحو الجبال وأستغل قمم الجبال لكي يناور بعيدا عن مطارة ومازالت طائرات العدو تتابعه ، كان ارتفاعه المنخفض ومناوراته مستمرة سببا في عدم اصابته بأي صاروخ من الصواريخ الاربعه التي اطلقتها طائرات العدو ،فأتجه تجاة الشمال محاولا الاستعانه بدعم من طائرات مطارالعريش ،ثم أهتزت طائرته فجاة بشدة  فنظر خلفه فوجد دخان رمادي يخرج من فتحه العادم بقوة ، لقد تمكنت منه احد طائرات العدو وأصابته بمدفعها،وفجأة لمح الطائرات الاسرائيليه تنسحب يأسه من مطاردته ، فأندهش جدا فمن السهل الان أسقاطه فلماذا أنسحبوا ؟

لكنه أسقط هذا الموضوع من تفكيرة وركز جيدا في طائرته المصابه  وقرر الهبوط الاضطراري في مطار العريش والذي يقرب دقائق من موقعه،امسك بعصا القيادة بشدة  وتحكم في الطائرة بصعوبه ،ثم بدأ في الاتصال اللاسلكي بمطار العريش ، لكن لا أجابه ، فحاول علي عدد من الترددات المتفق عليها ، لكن بدون أجابه ،ثم  ظهر علي الافق عمود ضخم من الدخان الاسود امامه ،سرعان ما تبين انه مطار العريش ، فقد هوجم هو الاخر ،

 ومن مكانه شاهد مطار العريش كله يحترق ، فالمباني مدمرة تقريبا وطائرات زملائه محترقه كلها علي الارض وحطامها متناثر علي الممر مما يحول دون هبوطه، وقتها فقط أدرك سبب أنسحاب الطائرات المطاردة له ، فلا يوجد مكان يهبط به ،فهو ميت لا محاله لوحاول الهبوط  او علي الاقل سيضطر للقفز من طائرته مما يعني خسارته لطائرته علي أحسن تقدير 

 فجأة تلقي أتصالا لاسلكيا علي الموجه المفتوحه وهو فوق مطار العريش تماما

صاح الصوت في اللاسلكي (( يا ميج – يا ميج– انت بتعمل ايه ؟؟ طيارتك مولعه – نط يا بني – نط-نط ))

كان صوتا مميزا لكن طارق لم يتعرف عليه، وفي أستجابه تلقائيه اتجه طارق بطائرته تجاة الصحراء ، وضغط علي رافعه صغيرة قذفته خارج الطائرة تماما، ُفتِحت مظلته سريعا بعد قذفه من الطائرة ، وشاهد طائرته تهوي محترقه ، تلك الطائرة التي لازمته منذ فترة تهوي امام عينيه ، تساقطت دمعه سريعه وهو يشاهد ارتطام طائرته بالارض وانفجارها المدوي.

هبطت المظله بالقرب من المطار ، وبعد دقائق وبينما ما زال دخان طائرته المحترقه يتصاعد من خلفه وحرائق مطارالعريش امامه،وصل طارق الي المطار ليجد حاله من الارتباك والهلع قلما شاهدها الافي السينما .

 مطارفايد :

بدأت طائرة نائب رئيس الجمهوريه تتحركعليالممرالفرعي بعد ان هبطت بسلام ، ومن خلفها طائرة الوفد المرافق له تستعد لملامسه الارض وأصطف الجميع استعدادا لاستقبال الضيوف

أحمد والمليجي يدور بينهما حوار باسم والسمري يستمع في صمت العقيد تحسين ،يدخن سيجارة ويجمع في عقله الاسئله التي سيوجهها لنائب الرئيس،عسي ان تصل للرئيس ويتدخل لتقويم الامور

أنعكس ضوء علي عين العقيد تحسين ، فتابع مصدر الانعكاس ،فأذا هي طائره مقاتله تستدير خلف طائرة الوفد المرافق، لمح العقيد تحسين النجمه السداسيه الزرقاء بوضوح علي جناح الطائرة رغم المسافه البعيدة ، وبلاتفكير صاح فيمن حوله((هجومهجومكله ياخد ساتر!!!!))

لم يتحرك أحد من الرجال للحظه ، ونظروا الي قائدهم الذي ركض تجاة برج المراقبه

تمتم مدحت (( هجوم ايه؟؟!!!)) جاءالرد علي مدحت في صورة صوت طلقات تدوي ، نظر الجميع الذين الجمتهم الدهشه نحو مصدر الصوت ، فوجدوا طائرة مقاتله تطلق نيرانها تجاة طائرة الوفدالمرافق لنائب الرئيس،

صاح أحمد باعلي صوته غيرمصدق ماتراة عيناه  (( مش معقول – مش معقول )) بينما أحمد يردد جملته بدأ الطيارون في الاحتماء خلف اي ساتر ، في نفس اللحظه ، دوي صوت صافرة الانذار بالمطار والتي اطلقها العقيد تحسين بنفسه ، ثم ركض بعدها ليبلغ القيادة بنبأ الهجوم ، وبينما الرجال يركضون للاحتماء ، ظهرت طائرتين اخرتين من خلفهم وقصفتا الممر الرئيسي والذي تهبط عليه طائرة الوفد المرافق ،

كم من المشاهد المختلطه تدور في نفس اللحظه يصعب تخيلها وحصرها

 -طائرة نائب الرئيس تتحرك علي الممر الفرعي ثم تتوقف، ويفتح بابها بسرعه ،ليخرج ركابها يركضون في كل الاتجاهات للاحتماء، بعد ثوان طائرة مهاجمه تقصف الطائرة، لتفجرها وتبعثر حطامها علي الممر الفرعي

- في شجاعه وكفاءة من الطيار - طائرة الوفد المرافق تهبط بسلام ومحركاتها مشتعله،،  وتتوقف علي اول الممر الرئيسي ويخرج ركابها مهرولين في كل اتجاةوسرعان ما تنفجر الطائرة هي الاخري

 

 -طائرات العدو مازالت تقصف الممرات والانفجارات والحرائق تتوالي بطول الممر،ملامح الصدمه والغضب تعتصر الرجال علي الارض

 

 -بعد ثوان قليله، ترتفع الطائرات المهاجمه وتبتعد، بعد أن قصفت الممرات وتركت المطار مشتعل بعد هجوم لم يدم أكثر من نصف دقيقه

 

 -محركات طائرات الحاله الاولي تعمل أستعدادا للاقلاع ،أحمد والمليجي وباقي الطيارين يركضون تجاة طائراتهم للاقلاع بعد ان زالت الصدمه عنهم سريعا ، مدحت يركض والدموع تملأ عينيه، فمكانه ليس علي الارض ،  مكانه الان في السماء حيث القتال والمعارك، أما أحمد فلم يهتم بشئ الا في حتميه وجودة في الجو  بأي ثمن

 

- العقيد تحسين يهبط من برج المراقبه جريا تجاة الطيارين وبأشارة من يدة  يأمرالفنيين بعدم أدارة محرك أي طائرة ، يلتفت اليه الطيارين ، الغضب يملئ اعين الطيارين من هذا الامر

ثم يقترب منهم العقيد  صائحا في حزم (( مش هسمح لأي طيار ، يتحرك بطيارته ويموت علي الارض)) ثم يشير الي الممرات (( مفيش ممرات تطلعوا من عليها هتطلعوا ازاي؟  في ستين داهيه الطيارات ، بس لازم احافظ علي كل واحد منكم)) وتزيد لهجته حدة وشدة ويضع يدة علي جراب مسدسه وهو يصيح منفعلا

 (( اللي انتوا عايزين تعملوه دة أسمه انتحار مش شجاعه ولا بطوله ، واللي  هيخالف اوامري هضربه بالنار قبل مايلمس طيارته ..فاهمين ولا   لأ؟؟؟ )) يصمت الجميع من حوله تاركين صوت النيران تغرد منفردة في سماءالمطار.

يحاول أحمد ان يعارض، لكن يد المليجي تمسك بيدة وتحول دون نقاش غيرمجدي.

يستكمل العقيد تحسين اوامرة (( دلوقتي كل واحد منكم يأخد له ساتر ويفضل محله)) ويلتقط الرجل انفاسه المتقطعه ويوجه حديثه الي كبير الفنيين  (( يا حسن ،— جمع كل العساكر علشان يزقوا الطيارات ناحيه الشجر ، حاولوا تخبوها بسرعه ، قبل الغارة الجايه ))

فيتساءل أحمد في دهشه  (( الغارة الجايه!! هما مش كفايه اللي عملوة؟؟))

 

 

صور نادرة لمطارفايد من الجو وهو تحت القصف الجوي وطائرات مصريه مدمره علي الارض

وفي الصوره اليسري تظهرالممرات المشتعله وطائرة نائب الرئيس علي الممر الفرعي قبل تدميرها

بينما النيران تلتهم طائرة الوفد المرافق

 

يرد العقيد تحسين ((طبعا – هما ضربوا الممرات بس وتأكدوا ان مفيش طيارة هتعرف تطلع ،أكيد المرة الجايه هيهاجموا الطيارات ، والمفروض ان طياراتهم تهاجم في اي لحظه دلوقت– علشان كدة لازم نتحرك وبسرعه ))

فتحرك حسن مسرعا جامعا ما أمكن من الجنود لدفع الطائرات ، بينما تحرك باقي الطيارين علي مضض تجاة خندق بجوار الممر ، الاسي يطل علي ملامحهم ،الدموع قاسم مشترك في الاعين ،أحمد يعتصر قفازة الابيض كمن يكظم غيظا هائلا ،  فما قيمه الطيار علي الأرض ؟ إن قيمته الحقيقيه في السماء وسط السحاب الابيض ليدافع عن بلدة وأهله ومطارة……………………….

نادي العقيد تحسين علي السمري وأمرة بجمع شتات الناجين من طائرة نائب الرئيس واحضارهم بسرعه

فركب السمري سيارة جيب واندفع تجاة الممرات ومن بين الحرائق بدأفي جمع الرجال المشتتين  ، وقف العقيد تحسين مشعلا سيجارة يشاهد ما ألم بمطارة ، قلبه ينزف حزنا علي مطارة وطياريه ،فليس هذا ماتدربوا من اجله، لقد خسر المعركه قبل ان تبدأ ،بل انه حتي خسرها بدون ان تتاح له فرصه القتال فقدت بدأت الحرب وانتهت بالنسبه له ، هون الرجل من الام نفسه  فمن المؤكد أن جميع قواتنا الجويه تقاتل الان ، ومن المؤكد انه سيشترك معهم بعد أصلاح الممرات ويلحق بهم في دك العدو دكا ، لكن همه الشاغل الان كان حمايه طياريه وطائراتهم حتي يحل الليل  فعندما يحل الليل ، ستتاح له الفرصه لتجهيز طائراته للاشتراك الفعلي

 صوت أحمد يصل أذنيه موجها حديثه لمدحت وخميس (( هيكسبوا ايه لما يضربوا مطارنا ؟؟ ما فيه عشرين مطار هيردوا عليهم ))  ويرد مدحت بأسي ((ياما نفسي اكون في الجو دلوقت وانا كنت اوريهم شغلهم كويس ))،وبمرارة يعتصر العقيد تحسين سيجارته بين شفتيه وهو يستمع لهذا الحديث الملئ حماس وأسي في نفس الوقت فأولاده في شوق للاقلاع لكن الممرات مضروبه

يأتي قائد الدفاع الجوي عن المطار مهرولا تجاة العقيد تحسين وقبل ان يتفوة بكلمه يطلق الاخير كلماته كالرصاص في وجه الرجل، يلومه لعدم وجود دفاع جوي عن المطار ، ولماذا لم يطلق رجاله مدافعهم لصد الهجوم ، يرتبك الرجل من هجوم قائدة ،

ويرد في ارتباك (( ما سيادتك عارف الاوامر يا فندم ، التحركات الصديقه، وحبس النيران لغايه الساعه عشرة )) أمتص رد الرجل هجوم العقيد تحسين الذي تذكر هذا الامر اللعين بحبس النيران ودارت فكرة المؤامرة والخيانه في عقله لكنه رفضها بسرعه ، أحس الطيارين الذين تابعوا الحوار بالشفقه علي الرجل الذي ملئ العرق وجهه ، وبادرة العقيد بالسؤال (( ودلوقتي  جهزت ؟؟؟؟)) يرد الرجل ومازال ارتباكه واضحا

)) تمام ي افندمالمدفعيه جهزت وأتعمرت، منتظرين اوامرك ))

يرد العقيد تحسين بنفاذ صبر وغضب (( اوامري؟!! اوامري هي الضرب علي اي هدف معادي يظهر في السما او في مدي مدفعيتك – واضحه الاوامر ؟))يرد الرجل بالايجاب وينصرف بسرعه عائدا لمقر قيادته خارج المطار  

 يأتي السمري بسيارته مليئه برجال لوثت النيران والدخان ملابسهم الانيقه الغاليه وظهرت الصدمه علي وجوههم من هول ما رأوه ، يتعرف العقيد تحسن علي حسين الشافعي نائب رئيس الجمهوريه  رغم ما علا  وجهه وملابسه من سواد ، فتقدم اليه كاتما غضبه ، وبدون تقاليد رسميه او حتي تحيه ، وبصوت منخفض ، أشار الي ممرات الطائرات المدمرة قائلا (( عجبك كدة ؟؟؟- ليه عملتوا فينا كدة ؟؟؟؟)) لم يستطع الرجل او احد من مرافقيه الرد ،فهو رجل ذو منصب صوري ، مجرد لتكمله الشكل الدستوري للدوله ،رجل بلاصلاحيات او مسئوليات .

لام العقيد تحسن نفسه بعدهاعشرات المرات علي هذا القول ،فالرجل لم يذنب بل كاد ان يلقي حتفه ، فليس هو المسئول ،ولا ناقه له ولا جمل فيما يحدث .

طلب نائب الرئيس سيارة لتقله ومرافقيه الي القاهرة ، فسعد العقيد تحسين بذلك كثيرا ، فوجود هذا الرجل بين الطيارين الغاضبين سيكون كمن يضع البنزين بجوار النار

فدبر له سيارة تقله مرافقيه والذين لم يصاب منهم احد بسوء يذكر،وغادروا المطار علي الفور متوجهين للقاهرة.

 الطيارون يشاهدون من خنادقهم عمل الجنود والفنيين في دفع الطائرات نحو الاشجار ،لكن  مازالت ارض المطار تعج بطائرات اللواءالجوي ،

طوال الوقت لم يكف العقيد تحسين عن النظر الي ساعته ، فأقترب منه السمري متسائلا عن قلقه ، يرد الرجل بأن توقعه لزمن الهجوم الثانيقد حان ، طبقا لحسابات السرعه والمسافه.

أستعان رئيس الفنيين بعمال شركه مقاولات (بكير محمد بكير ) لمساعدة جنودة فهؤلاء العمال يقومون باعمال الصيانه للممر الفرعي وتصادف وجودهم وقت الهجوم فهرول العمال في سعادة للمساعدة، وبحماس شديد تعالت وتيرة العمل  لكن مازال هناك الكثير من الطائرات غير محميه بعد .

تسرب القلق الي جميع الطيارين ، وبدأ كل منهم النظر الي ساعته منتظرا الهجوم .

شعور بغيض قاتل ذلك الذي يعتري الرجال ،فهم منتظرين لهجوم في اي لحظه ولايملكون ما يقاومون به عن مطارهم، وطائراتهم كالجثث الهامدة علي الارض لا نفع منها ، وسباق مع الزمن لحفنه رجال في محاوله حمايه عدد من الطائرات ، أتصل العقيد تحسين بقائد الدفاع الجوي عن المطار وتأكد مرة اخري من جاهزيته ، ضابط رادار المطار يصرح متعجبا للعقيد تحسين ان شاشات راداره لم ترصد اي هدف معادي حتي ينذرهم بل انه لم يدر بالهجوم الا والقنابل تنفجر علي ممرات المطار

نظرات الطيارين لبعضهم البعض تحمل جملا وعبارات يصعب ترجمتها لاقوال ، فالمليجي يكاد ينفجر مع كل ثانيه وهو منتظر لذلك الهجوم ، و أحمد فنظراته لا تفارق ذلك الجندي الواقف اعلي برج المراقبه مراقبا الافق البعيد بنظراته مستعدا لاطلاق الانذار لو لم يكتشف الرادار الطائرات المهاجمه قبله ،أما السمري فتابع العقيد تحسين الذي دخل مكتبه لثوان وخرج حاملا بندقيه صيد ، تصرف يائس من قائدة لكنه بالتأكيد أفضل مليون مرة من الجلوس في الخندق ، فأخرج سلاحه الشخصي هو الاخر وتأكد من جاهزيته ، وعندما شاهدة باقي الطيارون ، اخرج كل منهم سلاحه وجهزة .   

يدوي صوت صافرة الانذار ، ينظر العقيد تحسين الي السماء فلا يري طائرات بعد ، لابد وان الرادار قد التقطها هذه المرة قبل الهجوم ، مازال عدد كبير من الطائرات في أرض المطار ولم يخفي بعد، نظر احمد تجاة الجنود والعمال الذين يدفعون الطائرات دفعا تجاة الاشجار ، فوجد ان احدا منهم لم يختبئ ولم يهرب ، وكأن الصمم قد حل عليهم جميعا فلم يحاول احدا الهروب والاحتماء بعد سماع صوت الانذار ،وواصلوا عملهم في بساله تفوق الوصف ، ظهرت تشكيلات المقاتلات الاسرائيليه فوق البحيرات المرة تتجه نحو المطار ، ففتحت المدفعيه المضادة للطائرات نيرانها  هذه المرة ،وصنعت بنيرانها حاجزا فوق المطار .

نظر المليجي الي احمد نظرة يفهمها أحمد جيدا، فرد الاخير بأبتسامه ،فقد تعاهد الاثنان علي القتال معا ، وها هما سيقاتلان معا مع اختلاف الظروف والمكان لكنهما معا وذلك ما يهمهما .

ظهرت تشكيلات الطائرات الاسرائيليه في السماء علي ارتفاع منخفض وأخترقت حاجز النيران المضادة للطائرات ، وبدات في قصف اماكن انتظار الطائرات ، لتدمر ما بها من طائرات ،

وتوالت الانفجارات سريعا في الطائرات الواحدة تلو الاخري ، ها هي طائرتي السمري وأحمد تنفجران في ان واحد من جراء قنبله مباشرة ، اما طائرة خميس فقد سويت بالارض تماما ، ومازالت طائرة المليجي تشتعل والنيران تأكلها اكلا .

لم تكن انفجارات عاديه هذه المرة ، فالطائرات المهاجمه القت بقنابل نابالم لاحداث اكبر قدر ممكن من الحرائق والتدمير ، ورغم انها محرمه دوليا الا ان العدو لا يفرق بين الاسلحه المحرمه والغير محرمه.

بدأت التفجيرات تطول الرجال البواسل في ارض المطار وأحترق العديد منهم حيا ، لكن البقيه منهم لم تتوقف عن محاولتها حمايه الطائرات  ،ورغم نيران المدفعيه المضادة للطائرات المكثفه والتي أصابت طائرتين واسقطتهما ، الا ان الطائرات المعاديه واصلت هجومها بإصرار، لم يعد في ارض المطار أي طائرة لم تصب او تحترق عدا ما يختبئ بين الاشجار ، أطلق الطيارون من الارض طلقات مسدساتهم بغيظ ويأس وبلا فائدة ، وكان صراخ الطيارين يظهر كلما خبا صوت الانفجارات المستمرة ، صراخ يأس وحسرة وغضب ، بينما تحكم العقيد تحسين في اعصابه ووقف ممسكا ببندقيته مصوبا تجاة طائرات العدو ، فقد أطلق عددا لابأس به من الطلقات ، وساعده حبه لهوايه الصيد علي احكام التصويب نحو الطائرات ، لكنه لم يحس بأي قيمه لما يفعله لكنه بأي حال من الاحوال لن يقف مكتوفي الايدي .

شاهد المليجي رجالا يحترقون ويطلبون النجدة علي مبعدة منه ، و عندما هم بالتحرك كان الوقت قد فات ، فالنابالم ليس من السهل اطفائه كالنيران العاديه ، وما ان يمسك بكائن حي يحوله الي كتله من اللحم المتفحم في ثوان .

منظر بشع في السماء وأفظع منه علي الارض ، فالموت يلقي بظله القاتم علي المطار ودام هذا الظلال قاتم ستون ثانيه او اكثر قليلا فقط، حصد خلالها ارواح العشرات من الرجال الابطال والذين اثروا الموت وهم يؤدون واجبهم، كما حصد هذا الظل معظم طائرات المطار ، حيث لم يبقي الا أثني عشرطائره سوخوي فقط من أصل ما يقرب من اربعين طائرة متنوعه هي قوة المطار ، بينما أختفت معالم باقي الطائرات ما بين مدمرة تماما أو محترقه .

أنسحبت طائرات العدو مسرعه تجاة الشرق تاركه مطار فايد كقطعه من الجحيم ، فالنيران تملأ الارجاء ، والتفجيرات مازالت مستمرة من جراء قنابل زمنيه القيت في انحاء المطار، والدخان الاسود الكثيف يتصاعد لكيلومترات فوق المطار ، معلنا عن مطار وارواح وقلوب تحترق

خرج الطيارون من خنادقهم يشاهدون مطارهم يحترق في بطء، نظرات حائرة دامعه  يائسه للخراب الذي حل بالمطار ، ساروا وسط جثث الجنود والعمال المتفحمه باحثين عن ناجين بلا نتيجه ، فالارواح غادرت الاجساد لتقابل ربها في أطهر وانبل ما يكون اللقاء ، فروح الشهيد تغادر الجسد لكنها ابدا لا تفارق دنيانا بل تظل مصباحا مضيئا في تاريخ الوطن تنير لمن بعدها الطريق،مشهد لا يوصف لرجال أختلطت عظامهم بالحديد المنصهر للطائرات المدمرة ، ومُزج الدم معالزيتو الوقود .

تحجرت الدموع  في العيون علي رفاق السلاح ، وشل اللسان عن الكلام ، لكن الاعين كانت تنطق في فزع عن مأساة بكل المقاييس،ومع توقف المدفعيه المضادة للطائرات عن الضرب ، تُرٍِكًت الساحه لصوت النيران تملأ الارجاء ، وبينما الطيارون والضباط  يبحثونفي صمت عن ناجين وسط العمال والجنود، مرقت طائرة أسرائيليه فوق الرؤوس علي ارتفاع منخفض جدا ،حدا بجميع الطيارين بالانبطاح ارضا ذعرا ، فمن اين اتت هذه الطائرة المنفردة ؟؟؟

القت هذه الطائرة بقنبله علي تقاطع الممر الرئيسي مع الممرالفرعي مرة اخري لتأكيد تدميرة  ثم انسحبت عائدة لقاعدتها بدون ان تطلق عليها طلقه واحدة،مخلفه ورائها لعنات الطيارين الذين بوغتوا بها وبارتفاعها المنخفض وصوتها المدوي .

 

طائرات مدمرة في مطار فايد وسط بركه من الزيت والوقود المحترق

 

مطارالسر : الساعه العاشره صباحا

مازال الدخان الاسود يلف ارجاء المطار ويحجب ضوء الشمس عن أعين الرجال الذين أنتشروا فى أرجاء المطار بحثا عن أحياء وسط جثث  الجنود والفنيين ، ورغم مرور أكثر من ساعه منذ الهجوم الا ان عمر مازال غير متمالك أعصابه ، فوقف بقامته الرياضيه الممشوقه قرب ممر الاقلاع او بالاصح ما تبقي منه ، وقف ممسكا بسيجارة هي الاولي له منذ ثلاث اعوام ، تنفس دخان السيجارةببطء ، وملئ الدخان القاتل رئتيه لكنه ساعدة علي تمالك بعضا من اعصابه المهزوزه ، عينيه تمسح جنبات المطار وعقله لايتوقف عن العمل،أحاسيس مضلله تنتابه  فتشتت تفكيرة، تقفز ناديه الي عقله لثانيه لكن عقله يرفضها فليس هذا  الوقت المناسب للتفكير في ناديه وفي المستقبل والذي اصبح منذ ساعه واحده  فقط أسودا.

نظرتجاة الطائرات المدمره ، وطفت صور محمود والصاوي الذين أستشهدا ، مازالت جثامينهم داخل الطائرات ، ولم يجرأ أحدا من الاقتراب لاستخرجهما بعد ،يالترتيباتالقدر،فمحمود علم بالأمس فقط بمولد مولدته الاولي ، وها هو يستشهد وهو لم يري مولودته ، لكنه شهيد  هكذا صًبر عمر نفسه ، وكانت هذه هي التعزيه الوحيدة له وهو يري الجنود يجمعون جثثا وأشلاء لرجال كانوا مليئين بالحياة مفعمين امل منذ دقائق لكنهم الان شهداء أبطال، أعتصر السيجاره بين شفتيه وهو يتابع جمع الجثث الواحد تلو الاخري ،  والتي تم جمعها في ركن قاصي تمهيدا لدفنها ، بينما تم تجميع المصابين بالقرب من الخيام المحترقه لمحاوله اسعافها،

صمت تام بالمطار، صوت الريح يعلن عن نفسه علي فترات،صوت الرائ دمرعي يظهرعلي فترات أيضا معطيا اوامرة للرجال علي أستحياء، فالرجل فقد كل ما يملك ، عدا حفنه من الطيارين بدون طائرات وعدد من الجنود وفقد في المقابل مطارة وطائراته وجميع العربات ، حتي جهازي اللاسلكي دمرا ، وانقطع تماما عنه الاتصال بالعالم الخارجي ،فلم يعد يعرف ما يحدث خارج حدود مطاره وكذلك لا يوجد وسيله مواصلات تصلح لارسال ضابط الي العريش ليحصل علي معلومات وأوامر ، فأسقط في يدة تماما ووقف مشلول العقل عاجزعن التصرف

العريش :

لم يصدق طارق عينيه عندما عبربوابه المطار، فلوهله  تخيل انه بجهنم ذاتها،فلم يري بعينيه سوي نيران ودخان متصاعد من طائرات محترقه وجثث تملئ  جنبات المكان ، وانين المصابين يطلبون النجده ، وهرج كبير من رجال يفترض تماسك اعصابهم جيدا للسيطره علي الموقف ، فوجد نفسه يقف وحيدا وسط رجال يركضون في كل اتجاه فزعا وخوفا ، حاول ان يتحدث مع احدهم  الا ان أحدا لم يعره انتباها نهائيا .

أمسك أخيرا بجندي من ملابسه ليجبره علي التوقف ، سائلا اياه عن مكان قائد المطار ،اشار الجندي بغضب تجاه مبني القياده والذي يتصاعد من طابقه العلوي دخان اسود خفيف ثم مالبث ان انتزع  نفسه من يدي طارق وواصل ركضه، خطا طارق بهدوء وتمالك اعصاب يحسد عليها  تجاه المبني الذي يعرفه جيدا

ودلف داخله ليجد قائد سربه السابق وقائد المطار وعدد من الضباط يستمعون في تركيز لجهاز اللاسلكي  والذي تخرج منه أصوات لبلاغات من القيادات المختلفه

هب قائد السرب بسرعه عندما لمح طارق وسأله في دهشه عما أتي به  للعريش ،فسرد طارق سريعا ماحدث، واندهش طارق عندما ظهرت علامات عدم الاكتراث علي وجه قائد المطار ،وعندما وصل سردة للجزء الذي وصل فيه فوق العريش ،تدخل قائدة وأخبرة بأنه هو الذي ابلغه لاسلكيا بضرورة القفز لان طائرته كانت علي وشك الانفجار لكنه لم يعرف هويته وقتها .

وفجأه أهتز المبني من جراء انفجار قريب، فأنزعج طارق وهم بالخروج من المبني، الا ان قائدة شرح له بضرورة عدم القلق ،فقد القي اليهود بقنابل زمنيه لتلحق اكبر ضرر بالافراد  وانه لا ضروره للفزع ،ثم أمسك الرجل بيد طارق وأنزوي بأحد أركان الغرفه ،كانت عيني طارق تشع أسئله  وملامحه تحمل قدرا كبيرا من الذهول، وبصوت منخفض بدأ قائد السربمحو الغموض من سير الاحداث

(( انت لازم تعرف يا طارق إن كل المطارات تقريبا انضربت في وقت واحد  )) ظهرت نظره فزع علي عيني طارق وفغر فاه من هول الجمله واستند بظهره علي الحائط فهو يعرف ما تعنيه تلك الجمله ،الا أن قائدة امسك بكتفيه ليعيدة الي ارض الواقع بعدان هام عقله لثوان مع ماقاله قائدة، وبنظرات حاده استكمل القائد

(( انت لازم ترجع مطارك دلوقت وبأسرع وقت وتجمع الرجاله وتروحوا علي مطار المليز ، وأشتغلوا هناك ، ومتنساش تتصلوا بيا ، بلغ مرعى إن دي تعليماتي وتعليمات القيادة وهوا هيتصرف ))

 ثم أستدار تجاه قائد المطار مكررا ما قاله فصدق الرجل بايماءه من رأسه علي التعليمات الجديده

تساءل طارق عن وسيله الانتقال ، فرد قائدة بأن يتصرف وفق ما يراه ، ظهر ان القائد قد انهي تعليماته لطارق وواصل تركيزه علي البلاغات المتلاحقه في اللاسلكي من مختلف القواعد الجويه بهجمات عليها ، الا ان طارق مال نحو الرجل وسأله في أستحياء (( هوا أحنا لسه باقي عندنا طيارات نرد بيها يا فندم ؟؟؟؟)) نظر القائد لطارق نظرة ميزها الاخير جيدا ،أذن الوضع أسوأ مما يتخيل بشر، فأدي التحيه لقائدة  وألتفت منصرفا والدموع تكاد تتساقط ، وبعد خطوات قليله نادي عليه قائدة واسرع نحوة ، توقف طارق واستدار ففوجئ بقائدة يحتضنه بشدة لم يألفها من قبل، واردف في صوت متحشرج  (( بلغ الرجاله ان الحرب لسه مخلصتش)) أومأ طارق ايجابا وأنصرف وعقله يكاد يطير من هول ما سمع

عاد طارق لساحه المطار حيث الفزع ما زال يملئ الجنبات ، دار بعينيه يحاول ان يميز سياره تقله الي مطار السر ، وسط الدخان المتصاعد من كل شبر تقريبا بالمطار ، استطاع تمييز سيارة نقل كبيرة تقف بمعزل عما يجري بالمطار ، فأسرع نحوها وصعد الكابينه ليجد جنديا لا يزيد عمره عن عشرون عاما في ارضيه السيارة مكور الجسد يبكي في فزع،ويصم أذانه عن الاصوات التي حوله

سأله طارق (( العربيه دي سليمه؟؟؟))  لم يردالفتي بكلمه وواصل بكائه ونظراته الفزعه تخترق وجه طارق فأستطرد صائحا ((رد علي يا عسكري.. العربيه دي سليمه ؟؟؟)) أومأ الفتي بالايجاب ، فصعد طارق للكابينه ووضع خوذته ،ثم صاح في الفتي بأن يقود السياره ،الا ان الفتي لم يتحرك ولوهله ما ظهرت صوره الخادمه زينب علي مخيله طارق عندما شاهد هذا الفتي الضعيف الفزع ثم ما لبثت ان تلاشت .

وجد طارق ان الفتي مازال تحت تأثير الصدمه ، فقرر أستخدام أخر حيله له ، لأخراج الفتي من صدمته واجبارة علي مساعدته ، فأخرج مسدسه وصوبه تجاه عيني الفتي الذي تضاعف فزعه وتكوره في ارضيه السيارة وبدأ في الصياح بكلام غير مفهوم ، وبصوت قاس قال طارق (( لو عايز تعيش، دور العربيه وخرجنا من هنا )) كانت صيغه الجمع  في جمله طارق هي طوق النجاه للفتي الذي نشط فجأة وقام بضغط أحد الازرار في لوحها لقيادة،وبالفع لبدأ محرك السياره في العمل ، فنظر له طارق وقد ارتسمت علي وجه ابتسامه رضا ، وأمر الفتي بان يقود السيارة ،وبعد ثوان كانت السيارة تعبر بوابه المطار التي تركت دون حراسه ، أمر طارق الفتي بالتوجه جنوبا ، وهنا ولاول مرة يظهر صوت الفتي متسائلا عن الوجهه، وعندمااخبرة طارق بالوجهه  رد الفتي بسعاده بانه يعرف الطريق  حيث كان يقود أحد سيارات المياه والامدادات التي وصلت اليهم هناك ،وعندما لم يتجاوب طارق مع حديث الفتي الذي بدأ يفيق من صدمته ببطء  سأله الفتي  في بلاهه

(( هوا ايه اللي بيحصل يافندم؟))

سند طارق رأسه علي مسند المقعد ولم يجب بل أغلق عينيه ولسان حاله يتمني أن يكون ما حدث ما هو الا كابوس  سيزول عندما يفيق .

 

الساعه الحاديه عشرظهرا : مطارفايد

مازال الدخان يتصاعد من المطار، ومازال الجنود ومن تبقي من العمال يجمعون الجثث والاشلاء ،بينما تم نقل المصابين الي المستشفي ، وبينما الطيارون مجتمعون بقائدهم في ارض المطار ، هرول جندي الي العقيد تحسين زكي واخبرة بان المشير عامر علي التليفون ، هرول العقيد تحسين ،تاركا طياريه وقد علا الذهول علي وجه الجميع ، فالقائد العام ولاول مرة يخاطب العقيد تحسين مباشره متخطيا التسلسل القيادي،فلابد من انه امر هام جدا ، رفع العقيد تحسين السماعه وعقله غير مصدق ان يكون المشير فعلا علي الخط  

تحسين  (( الو مين؟؟  ))   جاءصوت المشير فعلا عبرالاثير

المشير (( أيه الاخبارعندك يا تحسين؟))

تحسين (( المطار انضرب يافندم وباقي أتناشر طياره سوخوي، الممرات مدمره والمهندسين بيفحصوها ، وهيقولولي أمتي هتكون جاهزة ))

المشير (( انت تقديرك أمتي هتكون جاهز ؟؟))

تحسين (( ممكن بكرة الصبح يا فندم ))

المشير )) كويس أوي ياتحسين،علشان عايزك تنفذ الخطه فهد بأي تمن  ))

تحسين وقدعلت الدهشه وجهه  ((الخطه فهد يا فندم؟؟ّّ!!!!!))

المشيرمتجاهلا  السؤال  (( هتصل بيك كمان ساعه وتقولي ايه الاخبار ))

ثم اقفل المشير الخط تاركا العقيد تحسين غاضبا مندهشا متسائلا

خرج القائد لرجاله الذين هرعوا تجاهه متسائلين عن فحوي المحادثه

الا ان الرجل اجاب بجمله واحده الجمت الالسنه (( القيادة عايزاني أنفذ الخطه فهد))

دارت العقول في سرعه تحاول إيجاد تفسير منطقي لطلب القياده الغريب

فكيف وبماذا سيقومون بتنفيذ الخطه ، فليس لديهم ممرات ولا طائرات وحتي لو توافر ذلك فأين التنسيق بين كل المطارات والقواعد الجويه لتنفيذ الخطه ،فعدد الطائرات لا يمكنها تنفيذ ضربه مؤلمه للعدو بأي شكل.

خرج أحمدعن صمته ،وبينما الجميع في دهشه وأحباط، صاح أحمد ((طيب ليه منستخدمش الشارع اللي بره ونطلع من عليه؟؟)) لمعت عيني المليجي والسمري ، بينما أستدار الجميع لرؤيه الطائرات وقياس مدي امكانيه الخروج بها الي الطريق، وعلي الفور بدأت الاراء والتصريحات من الجميع

الا ان صوت القائد تدخل بهدوء وحسم طالبا من السمري أن يدرس هذا الامر الان ، بينما طلب من خميس أن يتوجه الي المهندسين لمعرفه أخر ما توصلوا اليه في امر الممرات .

توجه السمري تجاه سيارته ولحقه احمد والمليجي لدراسه امر الاقلاع من الطريق

القاهرة : الساعه الحاديه عشر والنصف ظهرا 

 منزل الحاج أحمدالشاذلي

بدأت الاسرة في التجمع بالمنزل لمتابعه اخرالاخبار، فقدعاد الاب مبكرا من عمله بعد ان دوت صافرات الانذار بالقاهرة ليجد زوجته تلصق اذنها بالمذياع تستمع الي نشرات الاخبار ، وهي تبكي خوفا علي ابنها ، عاد الاب ليجد ان ناديه قد سبقته في الحضور هي الاخري ، صاحت الام فور مشاهدتها لزوجها

((الحرب قامت يا ابو عمر ، والولد في الحرب )) كانت تصيح في لوعه وقد ارتمت في احضان زوجها،  تاركه ناديه جالسه علي الارض تستمع لمختلف المحطات التي قد تبث خبرا جديدا

أستكملت الام في لوعه (( هوا كان لازم يخش الطيران ، ماهو كان زمانه قاعد جنبا دلوقتي وكنت أطمنت عليه،لكن هوا اللي حكم راسه، يارب رجعه هوا واللي معاه بالسلامه يا رب …يارب انا مليش غيرة ))

كانت لوعتها وصوتها يقطع القلوب فبكت ناديه مرة أخري ، وترقرقت الدموع في عيني الاب ، الا ان طمئنها بكلمات لا تطفئ شوق ام أبنها في الحرب

فأتجه الاب نحو ناديه متسائلا  (( فيه أخبار جديدة يا بنتي ؟؟؟))، مسحت ناديه دموعها وبصوت باكي أردفت (( الاخبار بتقول انهم هاجموا مطاراتنا وان طيرانا تصدي لهم واننا وقعنا لهم 45 طيارة لغايه دلوقت ، وأن الجيش اشتبك بطول الجبهه ، وبدأت قواتنا في التقدم حسب الخطه ))انحني الاب علي رأس ناديه وقبلها مردفا (( ربنا يبارك فيكي ،اهي دي الاخبار ولا بلاش – أكيد أحنا دلوقتي بنديهم علقه سخنه ))

نظرت ناديه تجاة الاب متسائلا (( تفتكر عمر بخير يا عمي ؟؟))

أستدار الاب وهو ينظر لصورة الرئيس جمال عبد الناصر (( ربنا ينصرة هوا وكل ولادنا ))

 

الساعه الثانيه عشرظهرا

مطارالسر

مازال الوجوم يحيط بالرجال بعد ان جمعوا رفات زملائهم تمهيدا لدفنها ، وتعالي الغضب علي وجوه البقيه الباقيه من الطيارين وهم يرون الطائرات الاسرائيليه تغير علي المطار مره تلو الاخري وتعيد قصف الممر بدون ان تتصدي لها قواتنا، وزاد من السخط والحنق لدي الطيارين هو عدم رؤيه اي طائرات مصريه في السماء .

فظل الرجال متخذين سواتر لهم للاحتماء من الاغارات المتكررة والاعين تتعلق بالرائد مرعي مطالبه اياه باتخاذ قرار ما ، لكن ماذا يفعل الرجل سوي انتظار نجده القدر ، فأذا ارسل جنديا سيرا علي الاقدام لطلب النجده ، فأن هذا الجندي هالك لا محاله ، فأقرب موقع به قواتنا يقرب عشره كيلومترات علي الاقل تتخللها جبال شاهقه وهضاب ،كان الرائ دمرعي يتصبب عرقا غزيرا وهو يجلس داخل حفرة ، كان عقله لا يتوقف عن الحركه بينما عينيه تتجنب نظرات الرجال المطالبه بأيجاد حل في هذاالمأزق

لكنه عقد العزم في ذهنه علي التحرك بالرجال ليلا سيرا علي الاقدام لو لم تأت أي نجده  

وفي حفره اخري صنعتها احد القنابل ، أحتمي عمر هو الاخر مثل باقي الرجال  ، توقف عقله عن التفكير بعد أن أٌرهق تماما ، فقد نفذت طلقات مسدسه بعد ان اطلقها في غضب ضد الطائرات المهاجمه بلا جدوي ، ونفذت  معها ايضا كل السجائر التي طالتها يده ، فقد دخن في الثلاث ساعات الماضيه أكثر مما دخن في عمرة كله ، لكن احساسه بالوقت كان منعدما تماما ، فكر في مصر التي تقاتل الان بينما هو محتمي في حفرة

وتمني لو استطاع القتال ، أخذه تفكيرة الي طارق متسائلا عن حاله الان ، وهل مازال حيا ؟

لكن يقينه أخبرة بأن طارق لابد وانه بخير الان .

وبينما جميع الرجال قي صمت  كصمت الشهداء المجمعين بجوارهم ،ظهرصوت بوق سيارة من بعيد، علي الفور اطلت رؤوس الرجال من الحفر والاعين تتساءل عن مصدرالصوت ،ومن بين الدخان ظهرت سيارة نقل عسكريه تجاه بوابه المطار ، فهلل الجنود فرحا بالنجده ، بينما تهلل وجه الرائد مرعي بالسعاده .

توقفت السيارة بجوار أحد السيارات المحترقه ليحجبها الدخان مرة اخري عن اعين الرجال ، فتوجس الرائد مرعي خيفه من هذا التصرف ، فأمر الرجال بالبقاء في الحفر ، وأخرج مسدسه موجهها فوهته نحوالسياره، كذلك فعل باقي الضباط عندما فهموا تصرفهم قائدهم الغريب

وتعلقت الاعين تجاه مقدمه السيارة التي تظهر من بين الدخان ، مرت ثوان كالدهر علي الرجال حتي ظهر شبح من بين الدخان يتحرك تجاههم ، في البدايه لم تكن معالمه واضحه ،الا ان الجميع ميزوا زي الطيران الواضح ،لكن غموض ملامحه وجه جعلهم محتاطين منه ، وفجأه وجد الرائد مرعي  عمر يجري تجاه هذا الشخص ثم يحتضنه ، أنه طارق  هكذا صاح عمر فيهم ، فهب الجميع فرحين بالنجده والتفوا حوله في سرعه فرحين بنجاته

وبعد ثوان انزوي طارق بالرائد مرعي وبالضباط مبلغهم التعليمات التي جاء بها من العريش ،وتجنب عن عمد الاشاره الي المحادثات اللاسلكيه التي سمعها عندماكان بالعريش

وسرعان ماعاد الدم يتدفق في وجه الرائد مرعي وهو يلقي بالتعليمات سريعا في رجاله لاخلاء المطار سريعا .

كان عدد الناجين من المطار يقارب الاربعين من مختلف الرتب وكان لابد للسيارة ان تتحملهم جميعا ، فوضعت الاولويه للمصابين ثم الضباط ثم الجنود .

وبعد دقائق قليله تم دفن جميع الشهداء بدون صلاه ، فالوقت يسابق الرجال بلاهواده

كان الرجال مسرعين لاسباب مختلفه ، فمنهم من يريد الهرب قبل اي غارة أخري قد تقتلهم وتدمرتلك السيارة الثمينه التي ستخرجهم من الجحيم، بينما اسرع الضباط للانتقال الي مطار اخرحيث يقاتلون منه العدو ، ويذيقوه مما اذاقهم نارا ودمارا فالحرب مازالت في بدايتها والنصر أكيد .

وبعد أقل من نصف ساعه من قدوم طارق، كانت السياره تغادر بوابه المطارمتجهه غربا تجاه وادي المليز حيث تقبع اكبر قاعده جويه لقواتنا في سيناء .

ومن فوق السيارة جلس طارق وعمر يشاهدان مطارهم يبتعد شيئا فشيئا وهو غارق في الدخان، كانت سعاده عمر وحماسته كبيره، لكن طارق لم يشاركه في ذلك فظل صامتا

حاول عمر ان يداعبه بأن الموقف ليس سيئا لهذه الدرجه وان الحرب مازالت مستمرة وانه واثق من النصر ،رد طارق بأيماءه مصطنعه،

وأخرج سيجاره يدخنها ، ودهش عندما وجد يد عمر تمتد له مطالبه بسيجارة ، فتبسم من موقف زميله الغريب  ،وسأله عمر وهو يشعل السيجاره (( عملت ايه بعد ما سحبت اليهود وراك ؟؟)) فقص طارق ما دار خلال قتاله واضطراه للقفز فوق مطار العريش ثم استكمل قصته وهو عائد بالسياره من العريش

((كان صوت المدفعيه في كل حته وانا جايلكم ،انا عديت علي كذا موقع لقواتنا وبصراحه كان منظر رهيب، مدفعيتنا بتضرب بكل طاقتها، والرجاله شغالين))

ازدادتسعاده عمر من حديث طارق وصاح في سعادة (( انا مش قلت لك اننا هندي ولاد الكلاب دول علقه سخنه )) فأعتصرطارق سيجارته بشفتيه ولم يرد

خرجت السيارة من الطريق الفرعي الي طريق ترابي ممهد بعد نصف ساعه تقريبا واستمرت في اتجاها غربا

كانت الشمس تلهب رؤوس الجميع حرا وتزيد من معاناه الجرحي الذين ازدادت الامهم مع مرور الوقت ووعوره الطريق

بعد عده كيلومترات فوجئ الجميع بعدد من السيارات العسكريه المحترقه علي الطريق ، كان منظرا غريبا،فلا يوجد جرحي اوقتلي حول السيارات، أذن فمن المؤكد ان هذه السيارت هوجمت بطائرات العدو واستطاع الرجال النجاه بنجاح ، سارت السيارة ببطء بجوار هذه السيارات ثم توقفت فجأه ، ليهبط بسرعه السائق والرائد مرعي واحد الضباط  الذين يركبون في المقدمه جريا تجاه احد السيارات التي لم تحترق بالكامل ، تابعت اعين الرجال من فوق صندوق السيارة ما يجري وتساؤلوا عما يجري ، وجاء صوت الرائد مرعي بهدوء يجيب بانهم يبحثون عن وقود ، فقد شارف وقود سيارتهم علي النفاذ ،

وقبل ان يتسرب الفزع والقلق الي اذهان الرجال جاء صوت السائق فرحا بانه وجد وقودا بهذه السيارة ، وبدون أي اوامر هبط الرجال من الصندوق يساعدون في اخماد النيران حتي لا تتسرب لخزان الوقود ، كان حماس الرجال اقوي من النيران التي اختفت في دقائق .

وبعد ربع ساعه كانت السيارة تواصل تحركها بعد ان أمتلئ خزانها وما فاض منه وضع في خزان حمل هو الاخر بجوار الجنود ، فالوقود ثمين جدا لانه ما سيقودهم لمطار المليز ، حيث الحرب والنصر

وواصلت السيارة سيرها تارهبسرعه  وتارةاخري ببطء لرداءه الطريق

الساعه الثانيه ظهرا

مطار فايد

فشلت محاوله الرجال في اخراج الطائرات الي الطريق نظرا لصغرالطريق مقارنه بحجم الطائرات السوخوي الكبيره ، ووجد العقيد تحسين نفسه مجبرا علي انتظار المهندسين في اصلاح الممر الفرعي وازاله حطام طائره نائب رئيس الجمهوريه

فقد أبلغه قائدسريه المهندسين أن الممر الرئيسي يحتاج ليومين حتي يتم اصلاحه وأن الممر الفرعي هو الاقرب للاستخدام نظرا لعدم قذفه بالقنابل

وكان المهندس مندهشا جدا وهو يحدث العقيد تحسين ، فهو لم ير في حياته قنابل تخلق هذا الدمار بأرضيه الممرات  ، لم يكن العقيد تحسين مهتما بحديث المهندس بقدرأهتمامه  في كيفيه أعاده الحياه لمطاره وذلك بتجهيز ممر للاقلاع والهبوط

كان القلق يعتري الرجل من عدم تمكنه من الاستعداد لتنفيذ الاوامر ، وكمن فاق من شروده ، تدخل العقيد تحسين في حديث المهندس مقاطعا وسائلا ((أمتي الممر الفرعي هيكون جاهز؟))كانت نظراته في عيني المهندس حاده صارمه تطلب أجابه محدده

فأجاب الرجل بعد ثوان من التفكير (( بكره مع اول ضوء يا فندم يكون الممر جاهز إن شاء الله ))

أرتاحت اعصاب العقيد تحسين قليلا من اجابه الرجل والتي كانت تنم عن ثقه وأقتدار

فالأن يمكنه ان يجهز طياريه وطائراتهالمتبقيه للعمل من الغد

فأستدار طالبا من السمري ، عودة جميع الطيارين للراحه والمبيت ثم العوده قبل اول ضوء ، أنصرف السمري يبلغ الطيارين وبعد نقاش وجدل رضخ الطيارين صاغرين للاوامر ،

 اما السمري فتوجه لمكتب قائده يطلب بالالحاح البقاء ومساعدته ووافق القائد ، وبعد دقائق كانت سيارة الطيارين تغادر المطار ، وأعين من بها لا تفارق المطار حتي غاب عن الانظار .

كان الصمت هو القاسم المشترك بين الطيارين في السياره ، لكن كل من فيهم يفكر بطريقته الخاصه فيما حدث اليوم ،فمدحت المليجي ساخط وغاضب مماحدث ومن تقصيره الشخصي ،فكان يجب ان يطير بأي شكل، فوجوده بالجو كان سيخلق وضعا مختلفا غير ما حدث .

اما احمد فقد كان متحمسا أشد ما يكون علي الرغم من تدمير كل الطائرات التي يمكن ان يطير بها ، لكن سبب حماسه هوان الحرب قد قامت وان لديه فرصه للمشاركه في دق عظام اليهود ، فما قيمه تدمير طائرته علي الارض مقابل بقاءه حيا ليطير بأخري وأخري لتنفيذ مهامه ، وكان لديه يقين بان القياده ستمدهم بطائرات جديدة سريعا خاصه عندما نما الي علمه وجود طائرات تحت التركيب بمطار غرب القاهره .

وفي المطار كان العمل علي قدم وساق بين المهندسين والجنود وبين هؤلاء العمال المدنيين العظماء الذين واصلوا عملهم رغم كل الموت المحيق بهم لازاله الدمار من الممر  وتجهيزة للعمل

وفي الثالثه عصرا ، تلقي العقيد تحسين مكالمه تليفونيه أخري من المشير عامر

المشير (( أيه الاخبار عندك ياتحسين دلوقتي؟؟))

العقيدتحسين (( أناأسف يا فندم مش هنقدر نطلع من الطريق،وبأذن الله بكره الصبح هنبدأ الطيران لتنفيذ الاوامر ))

 تمر ثوان صمت يعقبها صوت المشير (( طيب ياتحسين ، شدوا حيلكم ))

وأغلق المشير الخط ، تاركا العقيد تحسين في حيره شديدة ، فصوت الرجل تغير كثيرا عما كان في الصباح ، فأسرع الرجل الي غرفه الاتصالات فقد حان موعد ارسال البلاغات وبدلا من ان يترك جندي اللاسلكي يقوم بأبلاغها أثر ان يتعرف بنفسه علي بلاغات المطارات الاخري

 فجلس جوار جندي اللاسلكي ووضع السماعات علي أذنيه ، وبيده سيجاره مشتعله ووسط الدخان أستمع الرجل علي الموجه المفتوحه الي بلاغات المطارات الاخري،منتظر النداءعليه ليقدم بلاغه في حينه

((مطاربني سويف للقياده تدميركل الطائرات علي الارض،الممرات أنضربت،المطار غير صالح للعمليات ))

((مطاركبريتللقياده-  المطارأنضرب خسرنا 12 طيارة ميج 21 علي الارض وثلاثه طيارات  في قتال جويتم تأكيدأسقاط طيارتين للعدوالمطارخارج العمليات حاليا ))

(( مطارابوصويرعشرين طيارة أنضربت علي الارضخسرنا  4 طيارات ميج 21 في قتال جويتأكيد أسقاط طيارتين للعدو- المطارخارج العمليات مؤقتا ))

كان الفاصل الزمني بين كل تقرير والاخر لا يتعدي ثوان ، ومع كل تقرير كان اليأس يتسرب للعقيد تحسين ، فليس مطاره هو الوحيد الذي تعرض للقصف إذن، لكنهم وصلوا الي بني سويف في شمال الصعيد ، أذن فالضربه اقصي مما كان يتخيل ، فأستجمع كل مشاعرة في أمتصاص دخان السجائر القاتل وهو يستقبل البلاغات والتقارير

((مطارإنشاصأحنا بنتهاجم من الصبح لغايه دلوقتي ،كل طيارتنا انضربت، الممرات مدمرهالمطار خارج العمليات، ننتظر دعم سريع  ))

ثم وقف العقيد تحسين فجأه وكأن مسا كهربائيا سرا في جسده عندما سمع البلاغ التالي

(( مطار الاقصر ينادي القياده – أحنا أنضربنا يا فندم ، ثمان طائرات تيبولوف16 انضربت علي الارض بعد نزولها ، المطار مولع ، نعمل ايه يا فندم معندناش دفاع جوي ولا قوة حمايه  ))

كان صوت المتحدث فزعا ، فبالتأكيد لم يكن اي فرد بالقوات المسلحه المصريه جميعها يتوقع وصول الطائرات الاسرائيليه الي مطار الاقصر، فهو لم يكن مجهزا لان يكون مطارا عسكريا ولم يكن به أسراب جويه ، فكيف وصلوا اليه علي هذه المسافه البعيده؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

قفز كتيب أحمد الذي أوصله الي قائد القوات الجويه الي ذهن العقيد تحسين فجأه ، فضرب بيده بقوة علي الطاوله لاعنا تخاذل قيادته في تقدير اهميه هذه المعلومه الهامه

ثم سمع القياده تنادي مطارفايد ،فأجاب مبلغا تقريرة

((مطار فايد ،تعرضنا لخمس ضربات من الصباح ،كل تشكيلات الميج 19 والميج 21 دمرت تماما،باق أثني عشرطياره سوخوي، هنشتغل مع اول ضوءغدا بأذن الله ))

ثم صمت الرجل بعد ان أستمع لتأكيد بوصول تقريرة وقام مهموما من مقعدة تكاد أعصابه أن تخونه ويسقط من هول ما سمع  .

خرج الرجل من غرفه الاتصالات كمن كبر دهرا كاملا ،فالضربه اقوي بكثير مما كانا لرئيس يتوقع، وخسائرنا في الطيران فادحه، فتوجه بخطي بطيئه نحو مكتبه ولحقه السمري وهو ممسك براديو صغير وعلي وجهه امارات السعاده قائلا((  قواتنا بتتقدم علي طول الجبهه ، بيقولوا اننا وقعنا لهم تسعين طياره لغايه دلوقت )) ثم صمت السمري فجأه عندما رأي قائده مهموما بصورة لم يراها في حياته

فاغلق باب المكتب خلفه متسائلا (( مالك يا فندم ؟؟ انت تعبان ؟؟؟))

العقيد تحسين بحزن (( لا يا سمري ، مصر هي اللي تعبانه ))

السمري (( خير يا فندم ، فيه أخبار جديدة ؟؟؟))

جلس الرجل علي مكتبه وأخفي وجهه بين يديه(( مش أحنا بس اللي أنضربنا ، دي كل المطارات أنضربت ))

السمري مخففا (( مش مهم يا فندم ، احنا لسه عندنا مطارات الدلتا والصعيد ، ودول فيهم اكتر الطيارات ))

العقيد تحسين بعنف (( بقولك كل المطارات ، انت مش سامعني ؟؟ دول وصلوا الاقصر))

سقط السمري علي كرسيه فاغرا فاه من الدهشه والصدمه وهو يردد في ذهول

(( كل المطارات؟ ؟ازاي؟؟ أكيد امريكا دخلت الحرب معاهم ….ايوه أكيد امريكا دخلت الحرب))

العقيد تحسين (( أمريكا ايه بس ،مفيش ولا بلاغ من أي مطار جاب سيره طيارات امريكاني ،انت بتقول ايه ياسمري) السمري معترضا (( ما هو مش ممكن يا فندم …طيب جابوا طيارات منين، دول محتاجين ثلاثمائه طياره علي الاقل علشان يعملوا كده، وكمان معندهمش طيارات توصل للعمق ده   ))

العقيد تحسين (( أو ممكن يكونوا بيرجعوا يحَملوا ويمَونوا ويطيروا تاني مش دة برضه أحتمال وارد ؟؟))

السمري وقد الجمته الدهشه عن التفكير (( وخسايرنا؟؟))

العقيد تحسين بأسي ((مبقاش فاضل طيارات تقريبا من اللي سمعته ))

وضع السمري يديه علي وجهه وأنخرط في بكاء مرير من هول الصدمه والمفاجأه ولم يستطع قائده ان يمنعه من البكاء المكتوم  فالصدمه تفوق تصور اي مصري

تركه الرجل قليلا ليفرج عن همه ثم واصل حديثه بصوت هادئ ممتزج بدموع قليله تطفو علي مقلتيه

(( أنا مش هنفذ اللي المشير عاوزه ، احنا بكره نطلع بطيارتين نضرب لهم أي مطار ، ونبلغ القياده ان باقي الطيارات مش جاهزة ))

السمرى متعجب ((وليه منهاجمش بكل اللي عندنا؟؟))

العقيد تحسن غاضبا  (( انا معنديش أستعداد أخسر الولاد ، دول دلوقتي أغلي عندي من كنوز الدنيا علشان نقدر نكمل ،  المشيرعاوزني أهاجم، طيب الطيارات الفاضله ممكن يعملو اايه في أسرائيل ؟؟ طبعاولاحاجه ، في ستين داهيه الطيارات  بس مش ممكن اخاطر و أخسر الطيارين كمان  ))

السمري وقد أستجمع جزء من رباطه جأشه ((بس انت كده بتخالف الاوامر يا فندم ودة خطر عليك أحنا في حرب دلوقت يعني ممكن محاكمه عسكريه ))

العقيد تحسين منفجرا (( وهو اللي اعطي الامر بأننا نندبح كدة علي الارض مش هوا اللي لازم يتحاكم، ولااللي اعطي اوامر بوقف المظلات اللي بتحمي المطارات ، ولا اللي اعطي اوامر بتقييد نيران الدفاع الجوي؟ ، كل واحد من دول لازم يتعدم في ميدان التحرير مش أنا اللي بحاول أحمي الباقي من الطيارين))

 ووضع الرجل رأسه علي المكتب مخفيا وجهه بعد أن اشار للسمري بالانصراف، وقبل ان يصل السمري الي الباب خرج صوت القائد بصعوبه (( يا سمري ، مش عايز الولاد يعرفوا حاجه عن ضرب المطارات ، انا مقدرش اجازف بمعنوياتهم كمان ، خلي عندهم امل ))

الخامسه عصرا

وسط صحراء سيناء

مازالت السيارة تتحرك غربا حامله الرجال تجاه مطار المليز ، الحر يعصف بالجميع والطريق غير ممهد ، والرجال ينتظرون ان تصل السيارة للطريق الاوسط الممهد لكي يقل عذابهم قليلا ، قدر أحد ضباط الصف ان امامهم اربع ساعات أخري للوصول الي المليز بهذه السرعه ، رد أخر أن حلول الليل سيجعل الامر أسهل

أستند عمر علي كتف طارق وأستسلم للنوم ، رغم كل ما مر به طارق في هذا اليوم الا ان الابتسامه وجدت طريقها لشفتيه من تصرف عمر والذي أستطاع ان ينام وسط هذه الحرارة ووعوره الطريق ، وبدون أي مقدمات توقفت السياره فجأه ، فأخرج الجنود رؤوسهم من صندوق السياره مستفسرين عما حدث ، فوجدوا السائق ينزل من الكابينه ويفتح غطاء المحرك ويختفي تحته ،

وجد الجميع انها فرصه لكي يترجلوا قليلا ويهنأوا بفرد ارجلهم المكورة من فترة من جراء حشرهم في الصندوق ، بينما وجد أغلبهم انها فرصه لقضاء حاجتهم في الصحراء الشاسعه حولهم ، فأنتشر الرجال حول السيارة ، بينما أيقظ طارق عمر لكي يترجلوا من السيارة وبعد ربع ساعه أعلن السائق ان السيارة قد تعطلت وانها تحتاج لقطع غيار غير متوافره معه، فصاح فيه الرائد مرعي غضبا عن اهماله،

وتواصلت لعنات الرجل علي السائق المسكي نوالذي ظهرت دموعه سريعا الا أن الجميع تدخل لانقاذ هذا الجندي الشاب من يدي الرائد مرعي والذي تصرف بانفعال مبالغ ،وبعد دقائق من النقاش بين الضباط ، اتفق الرأي علي الانتشار حول الطريق انتظارا لاي سياره ماره بينما يترك المصابون بالسيارة لراحتهم .

وأسدل الليل ستاره علي الرجال في الصحراء الجرداء، ومن بين الصمت المحيط ، خرج انين الجرحي علي فترات .

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech