Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

قصه البطل عبد الظاهر

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إهــــــداء

 

 

بــلدى أحببــتك يا بــلدى

بلدى أحببتك يا بلدى  ..  حبا فى الله و للأبــد
فثراك الحر تراب أبى ..  و سماك يزُف صبا ولدى
بــلدى أحببــتك يا بــلدى ..  وطنى و الله رعى وطنى
حرا فى الاهل و فى السكن ..  ماض يختالُ على الزمن
وغــدٌ يـزدان لبعد غــدِ ..  بــلدى أحببــتك يا بــلدى
أهواك ضفافً لم تزل  ..  مرعى للحب و للغزل
أهواك ربيعا كالأزل  ..  للعيش الحلو و للرغد
بــلدى أحببــتك يا بــلدى

 

شاهد عيان يروى لنا ما حدث له يوم السادس من أكتوبر 73

 

ملازم اول/ عبد الظاهر محمد

من أرض المعركة أثناء حرب اكتوبر 73 , يروى لنا أحد أبطال المدرعات ما حدث في ذلك اليوم السادس من أكتوبر ومابعده , نعيش معه ذكرياته فى المعركة كفرد من افراد الجيش المصرى , كان وقتها برتبة ملازم أول , رتبته العسكرية وقتها جعلته قائد فصيلة دبابات فى أحد سرايا اللواء , ومثله مثل أى شاب في هذا الوقت كان يتطلع بفارغ الصبر الى هذا اليوم الذى يتخلص فيه من آثار الهزيمة الجاسمه على صدور كل المصريين بل والعرب جميعا ...

أسمه ملازم اول/ عبد الظاهر محمد , قائد فصيلة دبابات من السرية الثانية التابعة للكتيبة الثانية من الواء 25 مدرع المستقل الذى كان بقيادة /عميد أحمد حلمي بدوي , تحددت له المهمة حسب الخطة المرسومة لدعم الفرقة السابعة مشاة والتى كان يقودها العميد/ أحمد بدوى وقت قيام الحرب , الجانب الأيسر لقطاع الجيش الثالث بقيادة اللواء/عبد المنعم واصل ولنترك البطل يروى الينا قصته كالآتى :

البدايــــــــــة

كنت ضابطا في اللواء 25 المدرع والذى يحتوى على أحدث الدبابات في تلك الفترة ، الدبابة    ت 62 وكانت قيادة اللواء فى الجبل الأحمر في مدينة نصر بالقاهرة ، بعيدا عن جبهة القناه المشتعلة بحرب الاستنزاف , وكنا نستخدم أتوبيسات اللواء للذهاب لمبيت الضباط لكل احياء القاهره , كنت عائدا فى شهر سبتمبر1973من إجازتي السنوية التى بلغت 15 يوم , وذهبت لأركب اتوبيس اللواء من خط السيدة زينب بالقاهرة , وجدت المساعد جاد الذى كان معى فى سريتى ينتظر الأتوبيس  , وسألته ايه الأخبار ؟؟  .                                                     

قال : والله يافندم بيقولو اللواء بتاعنا منقول السويس , او حيعمل مشروع هناك وراجع  , جاء الاوتوبيس وركبت , وكان الحديث بين الضباط هو ذلك الموضوع الذى حدثنى به المساعد جاد (النقل) , البعض يكذب والبعض يصدق والبعض يقول لو انتقل لواء بهذه القوة يبقى فيه حرب , والبعض ينفى الى ان وصلنا الموقع , ازدادت الإشاعة وقويت يوما بعد يوم الى ان جاء اليقين بأمر قاطع للواء  : بأن جميع دبابات الكتيبة تقف طابور على هيئة قول على طريق القاهرة السويس الساعة الواحد ظهرا يوم 29سبتمبر73 ، وممنوع اخذ أي مهمات من الموقع عدا الملابس , وستكون هناك منطقة للانتظار معدة سلفا قرب قناة السويس وتبعد 2 كيلومتر فقط من شاطئ القناه , وقد سبقنا الى هناك 3 مساعدين لانتظارنا وإرشاد كل سريه عن اماكن حفرها وكنا نمزح مع هؤلاء المساعدين ونقول لهم اجمع الشهداء الثلاثة .                                  

الساعة الواحدة ظهرا انطلقنا سيرا على الجنزير لمسافه حوالى 80 كم , وقبل ان ندخل منطقه الانتظار وقفنا للإفطار من صيام ذلك اليوم عند المغرب , أعطيت الأوامر لنا بعمل صمت لاسلكي أى ممنوع استخدام اللاسلكى , ودخلنا بدون أي انوار الى حفر الدبابات , وحتى لايلاحظ العدو وصولنا مع ظهور شمس اليوم التالى قمنا بفرد شبك التمويه , وتم عمل الصيانة اللازمة لمعداتنا حتى الصباح .                                                                                    

يوم واحد اكتوبر73 ركبنا نحن جميع ضباط الكتيبة ومعنا معدات الاستطلاع حتى وصلنا الى ضفة القناة , كانت هذه أول هذه المرة الأولى التى أرى فيها الساتر الترابي من ناحيتنا , كان كالجبل ارتفاعه 40 متر , صعد ضباط السرية الأولى ومعها قائد الكتيبة وقائد اللواء لإعطاء المهام على الأرض , ثم صعدت السرية الثانية وانا فيها , ولأول مرة انظر الى سيناء في الضفة الأخرى , لأجد ساتر ترابي آخر في الضفة الشرقية موازى للساتر الترابى بالضفة الغربية الذى نقف عليه الآن , شاهدت جندي إسرائيلي يجلس على كرسي متكئ ينظر جهة الشمال ولا يعيرنا أي انتباه , حدد لنا قائد الكتيبة مهام كل سرية على الأرض الممتدة بعد الساتر الشرقي والنقط الإشارية التي تحدد الفواصل بين المهام وكيفية تنظيم التعاون , وهكذا عدنا الى مواقعنا ظهرا , وبدا الجدل بيننا نحن الضباط هل فيه حرب ؟؟                                                        

غير معقول ان يكون هناك حرب وأنا ارى هذا المظرالمرعب أمامى , فالمانع المائي ضخم وشرس , والمياه مندفعة بتيار شديد ومؤثر من الجنوب (البحر الاحمر) الى الشمال (البحر المتوسط) , واسلاك شائكه والغام على الجهة الأخرى لا يوجد سنتيمتر فارغ , ونقاط قويه محصنة تشرف على المياه مباشرة , البعض يقول يا جماعه دا تدريب ولازم نأخذ كل هذه الاجراءات كأنها حقيقة .                                                                                  

الضابط شلتوت كان مكلف بالإشراف على ميس الضباط , وكان يجمع مبلغ من المال من كل ضابط ويذهب الى مدينة السويس ليشتري محسنات على الوجبة الميرى.                          

وفى يوم الخميس 4 أكتوبر1973الضابط شلتوت حضرمن السويس , وقال يا جماعه هناك بعض الضباط فى السويس بيقولوا الحرب بكرة يوم الجمعة 5 اكتوبر , ولذلك كل واحد منكم ياخد باقى نقوده علشان انا لو مت لا اموت مديون , للعلم كان جده الشيخ شلتوت شيخ الازهر فقلنا له يا عم مسامحينك لكنه أصر أن يعطينا باقى النقود , وبدأنا العشاء وعبد الفتاح  يقول      يا خوفي يا بدران لا يكون دا آخر عشاء , نضحك ولكن ليس كما الضحك .                        

يأتى يوم الجمعة 5 أكتوبر ولا يحدث شيء كما سمعنا من الإشاعات التى نقلها الضابط شلتوت , ونقول له مرة أخرى يا شلتوت ماذا نأكل اليوم يقول طيب كل واحد يدفع على قدر وجبة اليوم فقط , اروح اجيبها من السويس وارجع .                                                               

يعود شلتوت ببشرى انتهاء المشروع الاستراتيجي وانتهى القلق وسوف نعود الى موقعنا بالقاهرة وانتظمنا فى العمل الرتينى الى صباح يوم 6 أكتوبر 73 .                                        


   

اليوم هو السبت 6 اكتوبر , نعلم بأن قائد كتيبتنا ذهب امس لقيادة اللواء , ولكن لانعلم ماهو الأمر حتى صباح اليوم وفى حوالى الساعة السابعة صباحا شاهدت جنديا يأتى مسرعا فى اتجاه فصيلتي , يقترب منى ويقول اجتماع السادة الضباط عند قائد الكتيبة , اتوجه على الفور الى مكتب قائد الكتيبة , لأجد بعض الضباط , اجلس في مكاني وأشاهد قائد الكتيبة معه ظرف اصفر عليه شمع أحمر , يتمم علينا بالاسم ثم يقول هل سلمتم الكرنيهات , يرد أحدنا.. لا , ينادى مساعد التعليم , يرد عليه .. افندم , فيقول له قائد الكتيبة اجمع الكرنيهات من السادة الضباط , كل واحد منا يستخرج الكارنيه فى ذهول وينظر للآخرين ولكن بدون همس , فالموقف اصبح رهيب , ثم يفتح الظرف , ويقرأ ..                                                                                    

بسم الله الرحمن الرحيم ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفى صدور قوم مؤمنين ) ... صدق الله العظيم ..                                                                              

لقد تحددت سعة (س) للقوات المسلحة اليوم( ى1) قتال , العدو دفع بعدد 5 لواءات مدرع فى بئرسبع , وهكذا... وقرأ علينا تعليمات لمدة ساعتين , ثم قال على بركه الله , نهضنا واقفين مهللين ومكبرين نعانقه ونتمنى النصر لنا وخرجنا من الدشمة الى سطح الأرض.                  

 فرحين ويهنئ كلا منا الآخر , شد حيلك يا سامح , شد حيلك يا كمال يا شعراوى , نأخذ بعضنا بالأحضان الحارة , فمنا من سيسقط شهيدا وقد حدث , يتوجه كل منا الى فصيلته , الجنود تسال فيه حاجه يا افندم ؟؟ اقول الحرب النهار ده الساعة 2 , تنطلق الزغاريد والرقص , وصيحات الله اكبر , أطقم الدبابات تحت شباك التمويه تلملم الاشياء , يمسحوا فى المدفع والرشاش , يرتبوا الاشياء خليه نحل , اقف خلف دبابتي , واخرى على يميني فى الحفرة , واخرى على يساري فوق الأرض , لا توجد عصفورة ترفرف بجناحها , الصحراء على امتدادها المترامية أمامنا لا يوجد شيء يتحرك على السطح , رغم علمنا أن مئات الآلاف من البشر والمعدات فى باطنها , الضابط عبد الفتاح خلف فصيلته يجلس على الارض ماسك ركبتيه ويقول السنيما ح تبدأ امتى يا عُبد , اقول بعد ثلاث دقائق , الساعة 2 ودقيقتين ويقول 2 و ثلاثة , وقبل ان اكمل تنطلق فوق رأسى ما يشبه الصاروخ من الغرب الى الشرق فأجلس تلقائي ناظراً لأعلى المح طائرة كالبرق , ثم اخرى , وطوابير الى اليمين واليسار, هاهى النسور فوق الرؤوس , وبجرد مرورها من فوق رؤوسنا إنشقت الأرض عن مئات الآلآف من البشر تزأر , الله اكبر , تهتز الأرض والجبال والوديان , تعبر الطائرات وتقصف بانتقام , ويهدر 2000 مدفع ثقيل , يرسل الحمم الى شرق القناة وسيناء على امتدادها كره من اللهب اقفز في دبابتي , لا زالت حالة الصمت بالاسلكى , وفجأة سمعنا اشارة بها أمرا الى جميع محطات سوكار , وعلى أثرها اعطى امرا لسائقى .. دور مكن ,  في نفس اللحظة تزأر جميع الدبابات تحت سطح الارض , اصبح الجو كيوم البعث , ثم اشاره أخرى الى جميع محطات سوكار , افد عن تمام استعدادك , كل سريه تعطى تمام الاستعداد للتحرك , ثم يقول قائد الكتيبة جميع محطات سوكار اتبعني , على بركة الله ..          

تخرج دبابة القائد من تحت الارض , متجهة لأعلى مثل صاروخ الفضاء وتنطلق الى الشرق في اتجاه القناة , القائد خارج الفتحة يمسك ببيرق صغير(علم صغير) يشير به في اتجاه القناة مناديا في اللاسلكي , بأسماء السرايا التابعة للكتيبة دهب وفضة وشاى , اتبعني على بركة الله لست شاعرا ولا أديبا لأ صور ما كان , وان كنت فلن يكون كما كان .                                      

ينطلق وخلفه رتل الكتيبة المكونة من ثلاث سرايا وأنا معهم فى السرية الثانية كقائد لأحد فصائل السرية الثانية , وبعد الخروج نرى طائرتين إسرائيليتين , ثم نسمع اشارة في اللاسلكي جميع محطات سوكار هجوم جوى .                                                                            

الآن أي غارة جويه لها إجراءات تتم حسب التدريب , انظر في السماء اجد طائرتين آتيتين من الشمال الى الجنوب فوق القناة بالطول ثم تستديران الى الغرب لتضرب على الرتل من الخلف فعندما توجهت الى الغرب , اتبعنا نظام الحماية لعمل ستائر من النيران برشاشات الدبابات , خرجت وانا اتابع الطائرتين واطلق نيران البندقية في اتجاههم , لكنى ارى صاروخ يأتي من الغرب من الجبل المرتفع خلفنا وهو يومض وفى مسار متموج وليس مستقيم يمر يمينى الى الشرق وينغرس في مقدمه الطائرة الامامية فتنفلق مقدمتها وتسقط على يميني حوالى 800 متر , وتستدير الأخرى الى الشرق فتمر فوق قاعدة الصواريخ على يميننا الى الشرق فتنفجر فوق القناة

تعبر الكتيبتين الآخرتين التابعتين للواء كتيبة ديب وفهد , وتحولت كتيبتنا سوكار الى معبر تبادلي آخر نظرا للتكدس أمام منطقة العبور , وصلنا الكبرى التبادلي بالوثبات , نتقدم الى الكوبرى .. ثم تأتى غاره أخرى جوية ننتشر تحت النخيل , ونكرر وانا اقف مع بعض الضباط على جسر سكه حديد قديم , والطائرة الإسرائيلية تحاول ان تقصف الكوبرى , فيأتي جندي صغير الحجم لا يتبع كتيبتنا ويقفز بيننا بخفه كبيرة ويعدل في وضعه ويطلق صاروخه ونجد انفسنا فى وسط كومه من التراب بتأثير رد فعل الصاروخ  , والطائرة الفانتوم تنفجر فوق القناه , والرائد سمير حسنى يقفز على العسكري ويحتضنه , ويقول لنا فرحا الولد ده وقع الطيارة الولد ده وقع الطيارة .                                                                                           

القصص طويله وعريضة ومليئة بالمواقف والبطولات الشجن والفرح , الكوبرى الذى كنت امامه للعبور تم تدميره , وعبرت كتيبتي على عوامات على سطح الماء , نقلتنا بالسحب على سطح الماء من الضفة الغربية الى الشرقية , فكان علينا الصعود من سطح الماء الى الفتحة التى صنعها رجال المهندسين فى الساتر الترابي الذى كان على ارتفاع اكثر من 20 متر, اذكر هنا بعضا من المواقف التى تجول فى خاطرى علما بأن هناك الكثير منها ولكنى الخص البعض منها دون شرح التفاصيل                                                                                       

الموقف الأول  : تم تدمير الكوبرى الذى كنا سنعبر عليه ككتيبة دبابات , وتحولت كتيبتي سوكار الى كوبرى آخر تبادلي نظرا للتكدس بينما عبرت الكتيبتين الآخرتين ديب وفهد من اللواء ,  على هذا الكوبرى .                                                                                              

وصلنا الكوبرى التبادلي , السرية شاي اول من سيعبر , ثم سريتي فضه التي بها فصيلتي , ثم السرية دهب , كلما تندفع السرية شاي الى الكوبرى يأتي الطيران يقصف الكبرى  ولا يصاب ينتشر شاي وننتشر نحن , ثم نصطف فى اتجاه الكبرى واستمر هذا الحال عشرات المرات , واخيرا يقتلع الكوبرى ويطير فوق قمم النخيل , يستمر الطيران في قصف الكوبرى رغم تدميره , كنت اقف بجوار قائد الكتيبة وقائد اللواء ومما لفت انتباهى اشمئزاز وسخط قائد اللواء من الطيار الاسرائيلى فكان يسبه ويقول ايه الغباء ده مخلاص الكوبرى احنا مش عايزينه , فالتفت الى قائد كتيبتنا وقال , انا سأعبر القناه لإدارة المعركة للكتيبتين اللتان عبرتا من الكوبرى الأول وأنتم ستعبرون على معديات تسحب على سطح الماء الى الجهة الأخرى.                                

تتقدم أول دبابه من كتيبتا وكان النقيب سيد النحاس قائد السرية شاي فى داخلها وتتجه الى الفتحة في الساتر الترابي , وتهبط الى اسفل في اتجاه سطح المياه الذى ينخفض عن مستوى الفتحة للأسفل حوالى 15 ال20 متر , المياه مندفعة بتيار من الجنوب الى الشمال , وفى الأسفل يوجد معديه صغيرة يمسك بطرفها لنشان من جهة واثنين آخرين من الجهة الأخرى , هناك مسافة بين المعدية والشط حوالى من 3 ال 5 امتار ، توجد ثقالتين تمتد من الشط الى المعدية , الضابط شلتوت يقف على المعدية لينبه كل سائق دبابة كي يضبط الجنزيرين على الثقالتين , وتتقدم الدبابة الى المعدية وتسحبها اللنشات الى الضفة الأخرى , وفى اثناء العبور يهتف الطاقم في اللاسلكي ، الله اكبر، حسب التعليمات لرفع الروح المعنوية للذين لم يعبروا بعد , ويستمر الهتاف والدبابة تصعد لأعلى من الجهة الشرقية بعلو 15 الى 20 مترا  , كان منظرا يدعو الى الفخر ، انه يوم المشهد العظيم , حتى وصلني الدور فكان الشعور نسيان الموت والاحساس بالنشوة , اننا سنضع اقدامنا بعد لحظات على ارض سيناء ارضنا .                                 

الموقف الثانى : عبرنا الى سيناء قبل غروب شمس السادس من أكتوبر , وكل فصيلة تعبر تحتل مرابض لها وتعطى ظهرها للساتر الترابي , والمدافع فى اتجاه الشرق لحين استكمال عبور باقي الفصيلة , ثم باقي السرية وباقي الكتيبة , عندما عدلت دبابتي لتمشى أولى خطواتها على أرض سيناء وجدت الأرض رمال بيضاء ناعمة غرز عميقة وآثار معارك , واسلاك متقطعة وأشياء متناثرة على الأرض هنا وهناك , تحركنا حتى وصلنا الى الفاصل بين الكتيبتين التي سبقتنا بالعبور على الكوبرى الآخر , التراب والدخان ورائحة البارود يملأ الجو من هول القتال , وملايين الطلقات باللون الأحمر منطلقة من الكتيبتين المجاورتين امامنا بحوالي 500 متر , ومثلها آتى من جهة العدو فى إتجاه قواتنا , حل الارهاق بنا فنحن طوال اليوم مابين محاولات العبور بالإندفاع فى اتجاه الكوبرى ومهاجمة طيران العدو , ثم الانتشار بين زراعات النخيل , ثم الاندفاع مرة أخرى الى الكوبرى , وهكذا طول اليوم .                                                

الشمس غربت الآن , وحان وقت الافطار فناديت على الجندى معمر الدبابة بأن يعطينى جرعة ماء  , وذلك بعد ان وضعتها فى مربضها  فى ظهر الساتر الشرقي , وخلعت هلمت الللاسلكى من رأسى , وعندما مد يده ليعطينى الماء , فإذا بى أسمع فى الهلمت الذى وضعته على كتفى لحظة ابتلاعى لشربة الماء ، انتبااااااااه جميع محطات سوكار , استعد للقتال فورا لان العدو بدأ يتقدم فى الفاصل بين الكتيبتين الآخرتين , هذا الفاصل الذى هو مخصص لنا فاندفعنا الى الأمام سريه شاى فى اليمين والى الامام , وسريتي فضه فى المنتصف والى الخلف قليلا , وسريه دهب فى اليسار والى الأمام ايضا , وخصص قائد اللواء سريتي فضه لتكون تحت سيطرته وممنوع تحركها الا بعلمه , تم غلق الفاصل بين الكتيبتين وتمركزنا بعد التقدم شرقا , وتعرضنا للإضاءة ليلا مع القصف الجوي والمدفعي وقمنا بعمل التحرك بطريقة معينة لتفادى ذلك , واحداث اخرى كثيره لايسع المجال لذكرها بالتفصيل .                                                                 

جاءت البلدوزرات صباحا وحفرت لنا حفر لكل الدبابات , امامنا الان لواء مدرع إسرائيلي  جاء لاقتلاعنا من موقعنا ، وكان هدفه ضرب رأس الكوبرى الذى نحن نمثل عصبه لكن هيهات هيهات ، فهذه مهمتنا عمل رأس كبرى والتمسك بالأرض حتى الموت حتى تأتى الفرقة الرابعة المدرعة فى حراستنا وتطور الهجوم الى العمق , استخدم العدو كل الاساليب يوميا وعلى مدار الأربعة والعشرين ساعة يقصف بكثافه رهيبة بالمدفعية والصواريخ كتيبتين من اللواء ويهاجم الثالثة بالدبابات وهكذا بالتبادل طول الليل والنهار.                                                    

الموقف الثالث : يوجد بعض المشاهد التي سجلتها في رأسي وهى كثيره منها هذا الاتصال اللاسلكى , انتباه شاي , هنا شاى2: فيه دبابتين جايين في اتجاهي , شاي علم وانتظر دخولها المرمى المؤثر واشتبك , شاى2: علم حول , خرتيت ينادى خرتيت ينادى ممنوع الضرب على دبابات العدو الا بعد دخولها المرمى المؤثر انتهى , هنا شاى2 دمرت دبابة يا فندم وهربت الأخرى , شاى تمام شايف , استمر في المراقبة.                                                        

يتوقف هجوم دباباتهم لتعرضهم لخسائر كبيره ثم يزداد قصف المدفعية الثقيلة من مسافه 3كم والصواريخ ثم اشاره , ديب مشتبك الان (الكتيبة المجاورة) .                                         

 بعد حوالى 20 دقيقه من الهدوء النسبى وصلت اشاره , ديب (الكتيبة الثانية) دمر واحد وعشرين دبابه , فقلت للضابط كمال الذى يقف بجواري ومعه راديو ترانزستور صغير ، نشوف الإذاعة بتاعتنا فى الراديو حتقول كام .                                                                  

وبعد حوالى 15 دقيقه سمعنا بلاغ عسكري بالراديو يقول ان قواتنا فى القطاع كذا دمرت 21 دبابه , الكتيبة ديب كانت بقيادة الشهيد البطل المقدم جمال مهدى الذى استشهد  فى احدى المواقف اللاحقة عندما تم سحب اللواء من موقعه الحالي ودفعه بطريقه غير منظمة الى الشمال لمسافة 65 كم عند شرق البحيرات.                                                                      

الموقف الرابع : هذا اليوم هو اليوم السادس بعد اندلاع القتال , ورغم المعارك والقصف اليومي لم نخسر أي دبابة أو جندي من كتيبتي حتى الآن غير جندي واحد , استشهد وهو في عربه الشئون الإدارية , كان مؤهلات عليا , وكان يجلس فى عربه الشئون الإدارية التى بها ملابسنا , قصفها الطيران بقنابل البلى , واصيب جندى آخر اسمه غريب كان طباخا للسرية , ولفد شاهدته يمشي بجوار دبابتي يتألم من ظهره , وارسل للسرية الطبية وتم علاجه بعد أن استخرجوا من ظهره بليه , وكان ذلك في اليوم التالي بعد أن احتلينا موقعنا في سيناء , تركنا السيارة مشتعلة على الطريق خلفنا , والضابط عبد الفتاح دبابته بجواري يقول لى متيجى نشوف الشنط بتاعتنا فى السياره المشتعلة , اقول له شنط ايه يا عم , مش لم نعرف الاول أيه اللى هيحصل , اذا كنا احنا مش عارفين حنعيش ولا حنموت , احنا لسه فى أول الفيلم .                                        

قرب الغروب وقفت مع الضابط كمال شعراوى متكئين على دبابتي , واذا بغاره جويه على دبابات شاي امامنا لجهة اليمين وتصاب احدى الدبابات , يعود كمال بسرعة لدبابته , واقفز انا في دبابتي لمتابعة ما يحدث باللاسلكي , وكانت هذه أول خسارة فى دبابات الكتيبة , بعد اليوم السادس من القتال وتسببت في ارباك شديد , سيد النحاس قائد سريه شاي يصرخ في اللاسلكي انتباه سوكار(قائد الكتيبة) , هنا شاى عندى خسائر جسيمه , ادفع لى فضه باقصى سرعة لسد الفاصل , سوكار تمام , وانتظر ينادى ايضا على فضه (الشهيد مصطفى حنفي قائد سريتي) يافضة دور مكن والحق سد الفاصل , فيه دبابات متقدمة فى اتجاه الدبابة المصابة , يتدخل خرتيت يقول اوعى تتحرك يا فضه من غير ما اقولك انتهى , قائد الكتيبة سوكار يقول انتباه براندي , انا رايح للدبابة المصابة تولى القياده , بعد دقائق انتباه براندي , أحمد اسماعيل ( رامى دبابة قائد الكتيبة سوكار) دمر ثلاث دبابات كانت متقدمة فى اتجاه دبابة شاى المصابة , وكان افضل رامى فى التدريب , كان لا يخطئ طلقه واحدة سواء من المدفع او الرشاش , ثم اشارة انتباه براندي تم السيطرة على الموقف واخلاء المصابين طاقم الدبابة أحمد السائق وخله المعمر ومحمود قائد الدبابة وأستشهد وجيه الرامي , لم يتوقف هجوم اللواء الاسرائيلى , كل صباح نشاهد عشرات البقع المدخنة على حواف تباب العدو , كانت اى بقعة سوداء تظهر جهة العدو تدل على ان هناك دبابة دمرت , فالرماه كانوا يتعاملون معها فى الحال , لدرجة انك لا تميز من اصابها انت ام غيرك من كثافة الرمي الدقيق , اشارة تم تدمير اللواء الإسرائيلي فى مواجهتنا وانسحبت باقي دبابته.                                                                                  


   

الموقف الخامس : يوم 17 أكتوبر وصلت أوامر بتحريك اللواء من موقعنا هذا الى اتجاه الشمال ووقف اللواء طابور متجها للشمال , وجاءت الأوامر جميع محطات سوكار أفد عن تمام استعدادك للتحرك , تمت الإجابة بتمام الاستعداد , أتبعني على بركه الله , انهالت الاشارات , زود السرعة , زود السرعة , الدبابات تتحرك على الطريق الأسفلتي المتجه للشمال شرق القناه , زود السرعة , زود السرعة , ونحن ننطلق الى الشمال موازيين للقناه من جهة الشرق تهاجمنا بعض الدبابات من الشرق , اشارة جميع المحطات لليمين دور واشتبك , إتجهنا لليمين واشتبكنا مع دبابات العدو , التى تفر الى الشرق ونتوغل الى حوالى 500 متر , تعود الاوامر مرة أخرى شكل رتل على الطريق , وزود السرعة إلى اتجاه الشمال .                                          

من السابعة صباحا ونحن منطلقين إلى جهة الشمال , نخوض اشتباكات جانبيه متعددة , ثم نشكل قول وننطلق بأقصى سرعة جهة الشمال وهكذا , حتى وصلنا الى بداية البحيرات التي اولها نقطة كبريت التي تبعد الآن اكتر من 65 كيلومترعن موقعنا الذى تركناه , مررنا شرقها بحوالي 800 متر وهى الآن غربنا , وتقع على اول مياه البحيرات من الجنوب , كانت نقطة قويه للعدو , الآن عليها علم مصر غربنا , وجنود من الصاعقة عليها تلوح لنا , ونحن متقدمون جهة الشمال , كان منظر يبعث على الفخر والثقة , ثم نبتعد شمالا عن نقطة كبريت لنشاهد وادى منخفض شرق البحيرات تنمو فيه شجيرات تسمى الكوديا لحشائش كثيفه , الأرض شبه مبللة من نشع البحيرات غرب هذا الوادي , تحيط به من جميع النواحي تلال ومرتفعات رمليه صفراء , قطر هذا الوادي اكثر من 4 كم , بدأت تظهر على المرتفعات المحيطة به بعض دبابات العدو وتختفى...            لماذا كان هذا التحرك وترك موقعنا ؟؟ لم نعلم حينها على مستوانا كضباط صغار ماهو الداعى لذلك , فقد كنا على عجل وبهذا الاسلوب المخالف لقواعد التدريب حتى اننا سبقنا مدفعيه اللواء بل وسبقنا بعض عناصر الاستطلاع , فلم يأخذوا فرصة الاستطلاع , كنا لا ندرى اننا متوجهين لقطع وغلق الثغرة من جهة الشرق , بل كنا لا ندرى ان هناك ثغرة تمت فى الشمال ولم ندرى اننا اصبحنا على بعد 5 كيلومترات منها , طبعا القادة الأعلى يعلمون كل شيئ عن ذلك .           وهنا امريكا واسرائيل ادركت انه لا يمكن وقف هذا اللواء بالمدرعات من تجارب الايام السابقة واليوم 20 اكتوبر ولم تخسر كتيبتي غير دبابه واحدة الخاصة بزميلى الشهيد وجيه , وبالمناسبة هذه الدبابة كانت دبابتي انا قبل ان انقل من سرية شاي الى سرية فضة قبل العمليات بأسبوع , هذه التنقلات لعمل توازن فى قوى السرايا , سبحان الله لكل اجل كتاب , ولذلك عندما شاهدت امريكا اللواء من السابعة صباحا متوجها الى الشمال جهزت هذا الوادي ليكون كمينا محكما للواء 25 المدرع , فبعثت على عجل لإسرائيل صواريخ التاو الباحثة عن الحرارة , ونصبت ستائر صواريخ داخل الشجيرات على شكل حرف ( لـ ) وبعثت بطائرات هليكوبتر مجهزة بهذه الصواريخ تقذفها من خلف التباب المحيطة بالوادي وهذه الأسلحة قد وصلت الى اسرائيل مع مساعدات امريكا يوم 14أكتوبر بطائرات عملاقة هبطت مطار العريش اقرب مكان للجبهة .    

الموقف السادس - الكمين : كان منظر الشجيرات فى هذا الوادى يثير الريبة فلا يمكن ان نواصل السير على الطريق الأسفلتي الى الشمال وهذه الشجيرات تحيط بنا فى دائرة قطرها اربعة كيلومترات فما كان منا الا ان تحركنا يمينا من الطريق على شبه قوس فى هذا الوادي من جهة الجنوب الغربي , الدبابات الاسرائيلية تقصف من بعيد من أعلى التلال المحيطة بنا قصف عشوائى اى غير مباشر لان المسافة اكثر من 4 كيلومترات , تحرك قائد الكتيبة وخلفه سريه شاي بقيادة النقيب/سيدالنحاس جهة الشمال عل الطريق الأسفلتي , يسار الطريق حقل الغام بعرض حوالى 100 متر ثم مياه البحيرات غربا , اسفل الطريق مباشرة من جهة الشرق حفر تشبه ترعة قديمة جافه , ثم يمتد الوادي بعدها الى الشرق والشمال بقطر 4كم , يتقدم سوكار (قائد كتيبتى) وخلفه شاى (قائد السرية الأولى) شمالا , وسريتي الثانية فضه مكانها نعمل قوس مع السرية الثالثة دهب , ينحدر الطريق لأسفل جهة الشمال فلا نرى دبابات سوكار وشاي المتجهة شمالا , تسقط بين دبابات سريتي بعض القذائف , قائد سريتي مصطفى حفني يقول ، انتباه سوكار هنا فضه افد عن مكانك , فضة تقدم على الطرق واتجه شمالا ستراني , فضه عُلم , يتقدم فضه وانا خامس دبابه تسير خلفه , وقد أخذنا اتجاه الشمال وموجهين المدفع واجهزة الرؤيا للشرق , شاهدنا فجأة كره بيضاء ملتهبة آتيه من الشرق وتدخل دبابة النقيب مصطفى حنفي ويستشهد ومعه طاقم الدبابة , تتقدم الدبابة التي خلفه فتأتى كره أخرى من الشرق وتدمرها , وهنا اسمع صيحات الله اكبر , وأرى دبابات شاي المتجهة الى الشمال تعدل من اتجاهها وتنطلق الى الشرق بسرعة وتقصف داخل الوادي , اقول للسائق عباس تقدر تنزل فى هذه القناه الضيقة , قال اقدر , نزل واوقفنا المحرك وبدانا نفتش فى الوادي والشجيرات عن اهداف .                         

فوجئت دبابات سرية شاي المندفعة للشرق وهى تهاجم بستارة صواريخ تقصفها من الشمال , هنا ادرك الجميع ان هناك كمين ولابد الخروج منه , ولقد تعلمنا طرق نتبعها للخروج من هذا الكمين منها عمل ستائر الدخان للاخفاء وفعلنا ذلك , وقف بعض الضباط على الأرض يرفعوا ايديهم للدبابات التى لازالت تتقدم ويشيروا اليهم بالعودة ويقولون كمين ارجع كمين , خلف كتيبتي كانت الكتيبة ديب التي كان قائدها المقدم جمال مهدى الذى دمر واحد وعشرين دبابه فى ليله واحدة , عندما كنت أشاهد حركة الدبابات شاهدت زميلى ملازم اول على المصري يعتلى برج دبابته , فقد كان زميلى فى سرية شاي التابعة لكتيبتنا الثانية , وكنا نبيت فى مكان واحد , فجأة شاهدته ينسلخ من كتيبته وينطلق بثلاثه دبابات بأقصى سرعة مدمرا بعض دبابات العدو ومواصلا الانطلاق والتوغل داخل الوادى , سمعت النداءات فى اللاسلكي من الجميع ارجع  يا على يا مصرى ارجع يا على يامصرى يوجد كمين , ولم يستمع لاحد ولا يريد أن يستمع فلقد استجمع قوته وبأعلى صوته كان يصرخ فى اللاسلكي ويبعث باشارات لدباباته , دمر العدو , دمر اولاد الكلب , دمر اولاد الكلب , يبتعد لأكثر من كيلومتر شرقا وبعيدا عن دبابات اللواء , شاهدت حينها ثلاثة صواريخ تنطلق نحو دباباته الثلاثة , احداها يشطره نصفين وهـو واقف خارج الفتحة المخصصة لقائد الدبابة  , وتدمر الدبابتين الآخرتين هناك على بعد كيلو جهة الشرق , الشهيد على المصري مع رفاقة من أطقم الدبابات الثلاثة لقوا ربهم وبقيت الدبابات الثلاثة تدخن وسط شجيرات الوادي , وبقينا نحن ننتظر مصيرنا الذى لانعلم عنه شيئا , ظللت داخل هذه القناة الجافه اشاهد مايجرى حولى , رأيت حوالى سبعه دبابات تأتى مسرعة من دبابات سرية شاي للخروج من الكمين , ففكرت ان اوقفها لأجعلها تنزل مثلى , ونوجه جميعا المدافع جهة دبابات العدوالمتجمعةفى اتجاه الشرق , ونصد أى هجوم تالي , قلت للسائق ياعباس عايزك تصل لأول دبابه من الامام فى هذا الطابور المتوجه للجنوب حتى تتوقف باقى الدبابات ويستتروا مثلنا فى هذه الحفره ونستطيع مواجهة العدو من خندقنا هذا , خرج بى السائق وباقصى سرعة ليصل لأول دبابه , واذا بنا نحس بصدمة كانت لنا فى البرج خفيفه , لكن السائق بدأ يصرخ ظهرى يا فندم انكسر , ثم صدمة اخرى اعتقدت انه مطب , ونظرت اثناء السير بسرعه الى اتجاه الشرق فوجدت بعض الدبابات الإسرائيلية تهبط من مرتفعات فى نهاية الوادى وتثير الغبار الكثيرالناتج عن كثرة عددها , فقلت للرامى شايف يا عبد الحميد الدبابات التى تهبط هناك وتتجه الى اليمين , فرد على بالإيجاب , فأعطيته امرا بالتجهيز لإطلاق النار , فقلت عمر, فاستجاب المعمر فى لحظه سمعت صوت الطلقة تدخل فى الماسورة , ويقول الرامى جاهز , اقول اضرب يقول بسم الله - الله اكبر, انتظر خروج الطلقه لم تخرج , الرامى يخبط على ركبته ويقول يافندم المدفع لايضرب , ماذا يحدث أهو عطل فى جهاز الضرب ؟؟ تبين لنا وجود عطل كهربائى فى جهاز الاطلاق , تركت التلسكوب ونظرت لأعلى البرج لأجد دخان كثيف , سألت الطاقم عن سبب وجود الدخان , الجميع لايعلم شيئا عن سبب تواجد الدخان , فتحت فتحة القائد واخرجت رأسى من الدبابة , واذا هى من الخارج كرة من اللهب مندفعه فوق الأرض , ماهذا يا إلاهى الدبابة تحترق , كانت هناك نارا تشتعل فى أشياء دائما ماتكون موجودة على سطح الدبابة , فهناك نار تشتعل فى شبكة التمويه التى نستخدمها عندما نخفى الدبابات , أخرجت يدى اليسرى من الفتحة لأزيح تلك الشباك التى تسببت فى هذه النيران وألقيها على الأرض , وجدتها ملفوفه حول البرج بالعديد من الاحزمه , ولامجال لفك الأحزمة الآن , فبدأت ادخل يدى لجذبها وتقطيعها حتى لاتمتد النيران الينا بالداخل وتنفجر الدبابة , مر وقت وأنا أقطع وارمى على الأرض كررت هذا عدة مرات حتى تخلصت من الشبكة واية مواد تساعد على الاشتعال , كانت التضحية بيد واحده شيىء هين , فى سبيل عدم فقدان كامل المركبه بمن فيها  حيث اننا فى هذه الحاله ليس لنا مخرج من القتل او الاسر, الرامى والمعمر يقولان نقفز يا فندم من الدبابه اقول لهم لا حتى انتهيت من إطفائها , إحترقت يدى وتفحمت  ولكنى حمدت الله على ان نجانا من ماهو أفدح من ذلك , لكن ماهو سبب ذلك الحريق ؟؟, نظرت الى مقدمة الدبابه لم اجد باعث الاشعة تحت الحمراء فى مكانه , واسفله مجرى محفور فى حديد البرج يلمع بعرض حوالى 20سم وطول اكثر من متر , اذن سبب هذا الحريق هو ذلك الصاروخ اللعين الذى دمر باقى دباباتنا واصابنا , فقد قضم الباعث وعمل هذا المجرى فى سقف الدبابة وخرج لأعلى وقوة الاحتكاك ولدت حرارة عالية نتج عنها هذا الحريق , ولو كان نزل لاسفل بضع سنتيمترات لاخترق البرج وتفحمنا جميعا , لانه يرفع درجة الحراره داخل البرج الى 5000 درجه مئويه , وكان سبب عدم احساسنا به هو ان البرج اثناء التحرك يكون محمل على الجهاز الحاكم الذى لا يسمح باهتزاز المدفع , اثناء الحركه حتى فى المطبات يمكن التنشين والضرب من الحركه , لذلك لم يشعر السائق  بارتطام الصاروخ بجسم الدبابة , فلقد كتب لنا عمر جديد.                                                                  

وجدت الدبابات الاسرائيليه لازالت تتقدم الينا والطلقة لازالت بالمدفع قلت للرامى اضرب بعتله الضرب , فضرب المدفع عن طريق عتلة الضرب فما كان الا خرجت الطلقة مدمرة الدبابة القادمة نحونا وتوقفت بعد ان اشتعلت النيران بها بعد تفجيرها بمن فيها وظهرت بقع سوداء على الارض من آثار تدميرها هللنا الله اكبر لقد نجحنا .

توقف السائق ووجدت الدبابات التى كنت اريد ايقافها واقفه هى الاخرى , خرجت من الدبابة فوجدت نقيب اسمه مصطفى درويش من كتيبه اخرى يقف ويقول حمد الله على السلامه , كان هناك كمين وربنا ستر واحنا سندخل نقطه كبريت , لكن انتظروا لما نعرف الثغره التى سنصعد منها لأنها محاطة بالألغام .  

وضعت دبابتى خلف ساتر ترابى وبدأ قصف الهاون علينا , وجدت بجوارى ملازم اول قلت له تبع كتيبة ايه قالى انا تبع كتيبة فهد وانا ضابط احتياط , جاء الملازم كمال شعراوى بدبابته منطلقا لأعلى النقطه فتفجرت فى دبابته الألغام وانفرد جنزيري الدبابه , فخرج من الدبابة وبدا يقفز من عليها رأيت وميض هاون انبطحنت على الارض اثناء قفزه من الدبابة , بعد الانفجار الناتج عن الهاون , وقفت وجدت وجهه ويديه مليئة بالدماء , قال جت سليمه بعض الخدوش فقط سائق دبابته اسمه محمد , أحضر شاش وربط يد كمال , وقال سيادتك مصاب اربط لك ايدك فربط يدى المحترقة .                                                                                     

حل الظلام وحددنا الثغرة التى نصعد من خلالها , صعدت كل خمس مركبات خلف بعضها , صعدت ووضعت الدبابات فى مرابض فوق النقطة والهاون لا يتوقف , إنبطحت على ميول ساتر ترابى , شخص ما من اعلى الساتر فى الظلام يقول مين اللى تحت , قلت انا ضابط من اللواء 25 , اللى جاء من الكمين المغرب , قال إتفضل هنا صعدت عنده وقلت له انتم مين يقول انا من الصاعقة ومعى صواريخ الموليتكا دى , رأيت 2 صاروخ قصير منصوبين بجواره , يقول الصبح النهار ده دمرت دبابتين هنا تحت وجاءت عربه جيب دمرتها والصاعقة اسرت الاثنين الى كانوا فيها الصباح .                                                                                     

قمنا بتسجيل أسماء الحضور من الجنود والضباط لحصر اعداد المفقودين والشهداء , وعندما شرحت حقيقة ماحدث لفصيلتى للضابط سامح عجلان , كان قائد الكتيبه جالس على جانب الساتر الترابى ويقول لسامح اوعى يكون بيسرح بيك , فرد عليه لا والله يا افندم كل الناس قالت خلاص عبد الظاهر اكيد استشهد هو والطاقم من منظر دبابته ,

وعندما شاهد يدى قال مال ايدك قلت مفيش حاجه دى بسيطه , قال لا ورينى فك الرباط ,  أزحت الرباط عن يدى وعندما رآها قال لى يا ابنى ايدك بايظه وتقولى بسيطه إذهب معاه  يا سامح سريه الصاعقه الى معانا هنا فيها دكتور, توجهنا الى الدكتور وقال لابد من ذهابه الى مستشفى جنفيه , رجعنا الى قائد الكتيبة قال لازم تروح وترجع هنا , فرفضت لاننى لاأضمن بقائهم فى هذا المكان , اصر قائد الكتيبه وبعت معى سامح الى اللنش المطاطى , الى  مستشفى جنيفة فارسلتنى بسياره اسعاف الى مستشفى السويس الموجودة تحت الأرض , وبعد يومين تحت الملاحظة أرسلتني مستشفى السويس الى مستشفى هليوبوليس  بالقاهره.                              

الموقف السابع : فى المستشفى وجدت رفيق الغرفه ضابط من المشاة واسمه عبد الحميد وجندى اخر بجواره , فقلت لعبد الحميد ضابط المشاه ماذا حدث لك , قال لهب ال ار بى جى اصاب عينى والحمد لله مفيش حاجه , واستكمل انا قائد جماعه كنا على الساتر الترابى عندما عبرت الطائرات لم ننتظر القينا بانفسنا وقواربنا فى القناة , اليهود خرجوا للدفاع عن النقطه القويه بنظام الدفاع الدائرى وبدأو يطلقوا الرشاشات علينا , بالاضافه الى عربه نصف جنزير تضرب برشاش نصف بوصه اقتربنا نحن الجماعه 10 , كل من يصاب منا يسقط فى القناه والباقى يكمل ليصل الى الساتر الترابى ويصعد , وهكذا الى ان وصلنا الى أعلى نقطة للساتر الترابى بالضفة الشرقية  جندى ال ار بى جى قام بتصويب مدفعه على العربة الجنزرة فدمرها , وكانت هى سبب معظم الخسائر بالنقطة التى لا يمكن اختراقها بالمواجهه , فالتففنا حول النقطة الحصينة واقتحمناها من ناحية الشرق . حيث كنا نتحرك بالوثبات حتى وصلنا الى الجهه الشرقيه فاصبحت ظهور جنودهم التى يدافعون عن النقطة واضحة لنا , تقدمنا جهة الباب وتسلل احد جنودى للداخل وبدأ يضرب وكل ما يسقط واحد منهم معه رشاش يأتى آخر وعندما شعروا ان هناك أحد يتسلل من الخلف ويقوم بمهاجمتهم من الخلف , وجهوا الرشاشات جهة الباب لقفله بالرصاص , كانت كل مجموعه منا مصممة على الدخول فاندفعوا بصدورهم يسقط من يسقط ويدخل الباقى , الى ان شعروا بزياده عدد الذين دخلو النقطه فاستخدمو القنابل اليدويه ونحن استخدمناها ايضا , ولما ادركو ان العمليه ليست ابرار عادى وان الاف البشر تتدفق وليس لها نهايه من الغرب ,  سلموا ورفعوا ايديهم فكتفناهم وأرسلناهم لقائدنا خارج النقطة , الغريب اننا حتى اليوم التالى اتى واحد رافع ايديه ولا نعرف هو كان فين من كثر المخابىء .                   

الحمد لله على سلامتك , طيب مين الى جنبك زميلك ولا نتعرف عليه , قال لا دا مدرعات قلت له ايه الاصابه ضحكوا هم الاثنين , وقال عبد الحميد احكى له قال انا ملازم لسه متخرج وانا فى اللواء الاول مدرعات عندما عبرنا دمرنا كل ما هو اسرائيلى من مركبات ودبابات وتوغلنا بقوه لأكثر من المخطط لنا من فرط الثقه الا أن جاءت لنا اوامر بالرجوع للخلف فوقعنا فى كمين اصيبت دبابتى ورجعت ماشى مع الطقم بتاعى الى الخلف , فجأة طلعت لى دبابه عليها نقيب اسرائيلى قال تعالوا تقدمت نحوه واشرت الى مسدسى بما يعنى هل القيه على الارض اشار بلا واشار ان نتقدم , عندما اقتربنا رامى الدبابته اطلق علينا دفعات من الرشاش سقطنا نحن الاربعه شعرت انى مصاب لكن لم افقد الوعى نزل فرد من دبابته قلب فينا بقدميه وركب بسرعه وهو مذعور ثم نظرت بطرف عينى لاجد النقيب الاسرائيلى ينظر الى الجنب الشرقى فمددت يدى لاخرج المسدس لكن رامى دبابته كا شايفنى فاطلق دفعات رشاش على ولم ادرى بعد ذلك الا وانا هنا , قلت طيب فين الاصابه فكشف لى صدره فيه طلقتين اسفل الصدر الايمن ثقبين بمسافة واحد سم بينهم , وقال المره الثانية طلقتين اخريين دخلتا وانا مستلقى على الارض اسفل الذقن وخرجتا من خلف الذن ورفع لى الشاش من على ذقنه واذنيه لاجد ثقبين دخول مقذوفين من اسفل الذقن وثقبين خلف الاذن – وانت متأكد انك عايش انت شككتنى انك لسه عايش , قال عمر الشقى بقى القصه طويله وتفاصيل ضخمة تركتها لعدم اتساع المجال .                                      

هناك بطولات وابطال بسطاء ضحو بحياتهم بكل شهامه واخلاص حبا فى مصر, ما اجمل الشعور بالتفوق وانت فى الميدان ما اعظم الثقه التى كانت فى الجنود , فكانت ترمى وهى واثقه من اصابه الهدف , الجنود كانوا جميعا خريجى جامعات وكفاءات متميزه , بعضهم قضى خمس سنوات فى التدريب القاسى

المشاهدعديدة وطويلة ومثيرة ولكن اردت من هذا التعليق ان ابرز فقط العبارة الخالدة القاهرة للظلم على مر العصور " اللة اكبر" والفت النظر الى النعم التى ينعم بها الانسان وتبدو لة زهيدة وهى فى الواقع عظيمة , كم تساوى رشفة ماء؟ , عندما يعز الماء فى الصحراء هل تدرك نعمة الماء الذى بين يديك ولو بضع قطرات؟ , كم تساوى لحظة امان؟ قد يتطلع المرء الى بضع دقائق يلتقط فيها انفاسة بأمان هذة لاتقدر بثمن , كم يساوى انتظا رالموت فى كل لحظه ولعديد من الايام فى جحيم القتال المتبا دل , كم تساوى رقعة ظل ونسمه هواء بارده فى وهج الصيف , كم يساوى صراخ مصاب من الالم يستجدى من حوله ان يطلقوا عليه النار ليتخلص من آلامه , كم يساوى فقد الحياة لشاب يمتد العمر امامه طويلا عريضا والمستقبل له فارد زراعيه , كم يساوى فقد عضو ولو ضئيل من اغضاء شاب؟ , كم يساوى فقد صديق او زميل فى لحظه بين يديك؟ , كم يساوى فجيعة ام فى فقد ابنها او اب فى فقد ابنه او اخ فى فقد اخيه ، كم يساوى فقد زوجه لزوجها وابناء لأبيهم , لا تستغرب ان كان ما يساويه كل ما سبق زهيدا امام قيمة الحرية والتحرر واسترداد الكرامة ودعنا نقدر تضحيات أولئك الذين خاضوا وعانوا تلك الاهوال كم يساوى السلام القائم على العدل .                                                                     

هنيئا لكم يارجال مصر الشرفاء... لقد ضربتم لنا أروع الأمثال في التضحية والفداء... ومنحكم القدر أن تتبوءوا أعلى مراتب الشرف فى هذا الوقت من الزمن المليئ بالكثير من قصص البطولة والفداء... تقبل الله الشهداء منكم وأسكنهم فسيح جناته ...وامد الله فى عمره ومتعه بالصحة والعافية من كتب  له الحياه ..... وعاشت مصرنا حرة أبية برجالها الشرفاء الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الواجب والشهادة

 

                                                                    م / محمد عبدالسميع

 

 

 

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech