Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

مقدمة بين يدي النكسة.. شهادة فاروق جويدة

 

 

- لم تكتمل رؤيتنا وقراءتنا لحدث هزيمة يونيو 1967م إلا باطلاعنا وقراءتنا المتأنية لمذكرات قادة.. ورموز ثورة يوليو 1952م من الضباط الأحرار الذين كانوا على رأس السلطة.. وكانت بيدهم مقاليد الأمور في تلك الفترة التاريخية الحرجة من عمر مصر والعالم العربي بل والعالم كله.

- وقبل أن أهيئ نفسي لعرض الصورة النهائية لتلك الرؤية مطعمة بشهادات منتقاة لأهم الرموز والشخصيات، بحثت في ذاكرتي عن شهادة ارتبطت باعترافات الضباط والقادة وعلقت عليها.. شهادة كنت قد تابعتها بشغف لما وجدت فيها من مصداقية وموضوعية رغم أنها كتبت بيد أحد أبناء ثورة يوليو.

- شهادة ترصد الحدث من البداية وتنبش في جذوره، وتقرأ التاريخ ليس لمجرد الرواية، بل لتعلم الدروس واستخلاص العبر ووضع الخطط لمستقبل مختلف، مستقبل نبنيه بأيدينا واثقين من النصر، مطمئنين لأننا هجرنا أسباب الهزيمة ومحونا من حياتنا عوامل الهوان.

- وساعتها تكون ذكرى يونيو كل عام مجرد ذكرى حزينة في حياتنا، ومجرد حقبة خاملة قابعة في حنايا تاريخنا، وليست هاجسا يؤرقنا وبعبعا يلاحقنا وحدثا نخشى حدوثه وتكراره في مستقبل أيامنا.

- هذه الشهادة المتوازنة الهادئة العميقة الجريئة كتبت بقلم الشاعر المصري الكبير الأستاذ فاروق جويدة على صفحات (دنيا الثقافة) بجريدة الأهرام منذ ما يقرب من عشر سنوات، وكانت تحت عنوان (من يكتب تاريخ ثورة يوليو).

- وكان قد تجاوب معه فيها عدد كبير من الضباط الأحرار وأرسلوا له ردودهم وملاحظاتهم وتعقيباتهم التي نشرها في حينها مما أثرى هذه الشهادة وزادها قيمة.

- ومما يذكر أن ما كتبه الأستاذ فاروق جويدة قد أثار ضجة وأحدث حراكا فكريا وثقافيا حول هذه القضية.. ليس في مصر وحدها بل في العالم العربي كله.

- لنستمع في البداية إلى جويدة وهو يعرفنا بنفسه قائلا :

- ” إنني واحد من أبناء ثورة يوليو، من هنا فأنا مرتبط بهذه الثورة بالعمر والحلم والألم.

- والثورة بمقاييس العمر كانت عمرنا وبمقاييس الحلم كانت أكبر أحلامنا.

- وبمقاييس الألم فهي أعمق جراحنا.

- وحينما أتناول قضية تاريخ الثورة فهي دعوة لإنقاذ العمر وما بقى من أطلال الحلم، حتى وان كان في ذلك الكثير من الألم “.

- هو يكتب التاريخ إذن ليس لمجرد التسلية ورواية القصص والحكايات ولكنها (دعوة لإنقاذ العمر) كما قال.

- وفى موضع آخر من تلك الشهادة القيمة التي كتبها شاعرنا الكبير على صفحات الأهرام، يلخص فاروق جويدة قصة جيله مع ثورة يوليو في كلمات مركزة عميقة تدل على مدى المرارة التي شعر بها أبناء الثورة حينما وجدوها تهوى بأحلامهم وطموحاتهم.

- نشعر نحن بتلك المرارة ونسمع تلك الصرخات المكتومة ونحن نقرأ تساؤلات جويدة عن الحقيقة، وعن العمر الذي ضاع، وعن الأحلام المحبطة ؛ يقول الكاتب والشاعر الكبير :

- “إن قصة جيلي مع ثورة يوليو قصة عجيبة ؛ فيها قدر كبير من الحب وقدر كبير من المرارة، فيها أحلام أبعد من سقف هذا الكون، وفيها انكسارات أعمق من أبعد نقطة في أعماق الأرض.

- فيها رموز تلألأت وتهاوت، ونجوم تألقت وسقطت، ووعود خانت وأكاذيب حاولت أن ترتدي أقنعة الحقيقة.

- وكان السؤال الذي يدور في ذهني دائما :

- أين الحقيقة ؟

- أين حقيقة هذا العمر الذي ضاع ؟

- هل كان خدعة كبرى أم كان إسرافا ً في الأحلام ؟

- أم أننا تركنا أقدارنا في لحظة حب وضعف واستكانة لمن لم يرحموا براءة قلوبنا وصفاء نفوسنا فأسلمنا لهم كل مقاديرنا دون حساب؟؟!!”.

- ويللقدر فقد جمعت الكاتب بالرمز الكبير الذي (أسلم له مقاديره دون حساب) لحظة عتاب مؤلمة بعد وقوع الكارثة المزلزلة، ولنترك كاتبنا يصف لنا تلك اللحظة العجيبة فليس وراء ما قاله كلام ولا تحتاج كلماته المؤثرة إلى تعليق ؛ يقول جويدة في بداية مقالاته مقارنا بين النظرة لعبد الناصر قبل

وبعد الهزيمة :

- “ما زلت أذكر الوجه الكئيب لقوات الأمن المركزي وهى تحاصرنا في قاعة المحاضرات الكبرى بجامعة القاهرة في مظاهرات 1968م التي خرجت ضد النكسة، وكانت أول ثورة من أبناء ثورة يوليو على ثورتهم!!

- ما زلت أذكر جمال عبد الناصر، وكأنه يقف أمامي الآن قبل حرب يونيه بيوم واحد وهو في مؤتمره الصحفي يحملنا إلى أعتاب القدس ويحلق بنا فوق قبابها الخضراء.

- وبعد هذا كله ما زالت صورة عبد الناصر أمامي وهو يصافحني في عام 68م في مبنى جريدة الأهرام والأستاذ هيكل يقدمنا له فردا ً فردا ً.

- يومها نظرت إليه في حزن شديد وأنا أكاد أبكى وكنت أريد أن أقول له:

- لماذا جعلتنا نسرف في أحلامنا معك ؟

- كل هذه الصور بقيت في خيالي ولم تتركني لحظة، وهذه اللحظة ليست ملكا ً لي وحدي ولكنها ملك جيلي الذي حملته ثورة يوليو إلى أبعد نقطة في هذا الكون ثم ألقته مرة واحدة للخوف والضياع والمجهول”.

- أحلام فاروق جويدة وجيله تحطمت على صخرة الانكسار والهزيمة المهينة المخزية في يونيو 1967م، تلك الهزيمة التي أعادت تشكيل عقلية المثقف المصري وجعلته يعيد ترتيب أوراقه من جديد، وجعلته يراجع مواقفه من الثورة ومبادئها ورموزها.

- وجعلته أيضا يفتح كشف حساب ويحاكم الثوار ويطالبهم بتقديم مبررات وتفسيرات لما حدث، ويسائلهم عن دور كل واحد فيهم.

- وإذا كان كل واحد فيهم من خلال مذكراته يبرئ ساحته ويتهرب من تحمل المسئولية فما هي أسباب النكسة الحقيقية؟ كما يقول جويدة في شهادته القيمة :

- “إن اختلاط الأدوار أمامنا جعل المهمة أكثر من مستحيلة، إن أصحاب القرار ماتوا ومعهم الحقيقة، والشهود اختلفوا لأن لهم مصالح، والشركاء حاول كل منهم أن ينسب لنفسه شيئا ربما لم يكن شريكا فيه، والدليل على ذلك مثلا أن يصبح الجميع شركاء في قرار تاريخي مثل تأميم قناة السويس بينما تصبح النكسة من نصيب شخص واحد فقط بعد أن تنكر كل الشركاء “.

- وكما يقول في موضع آخر من المقالات المنشورة على صفحات الأهرام: ” إننا لا يمكن أن نفصل تاريخ الشخص عن مواقفه حتى ولو دفع ثمن هذه المواقف، والفرق بين إنسان وآخر هو تلك المسافة بين شخص يقف شامخا على قدميه ويدفع الثمن بينما يركع الآخر تحت الأقدام لكي يأخذ الثمن، وإذا كان البعض يدعى لنفسه أدوارا ومواقف الآن فلماذا لم تظهر هذه المواقف في حينها ؟!

- لماذا نحاول أن نظهر شجعانا بعد أن يختفي الغبار وتهدأ المعارك ؟

- لماذا ظهرت البطولات بعد اختفاء أصحابها الحقيقيين ؟

- ولماذا يدعى البعض الآن أنه رفض وشخط وضرب، وفى الحقيقة أنه لم يفعل شيئا أكثر من الصمت والصمت المهين؟!

- إن الصمت أحيانا يصبح جريمة لا تغتفر، وإذا كان من السهل على البعض الآن أن يدين وأن يستنكر الأحداث والقرارات، فالسؤال : وأين كنتم والنار تشتعل ؟؟؟ “.

- ولكن الأهم من ذلك كله – في نظري -  أن ذلك الجيل من المثقفين والنخبة راح ينظر ويبحث في الأسباب الحقيقية لنكسة 67م، وراح يقلب في تاريخ الثورة ويبحث في مساوئها وخطاياها بعد أن كان الحديث العام بين معظم طوائف وطبقات الشعب المصري عن منجزات الثورة وفقط.

 

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech