Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

الحرب والحب – رحله حياه- الجزء الاول

 

  الجزء الاول

 

الكاتب – المقاتل سامي أبو أحمد – روايات من أرض المعركه  
إلي شهداء الحياة وإلي زينب رحمها الله
كتبت ما كتبت ربما ليسجل التاريخ ما إعتاد أن يهمله... سيرة شهداء فارقوا ولم يعرفهم أحد ولم يمنوا بحياتهم علي أحد ولم يعرفهم أحد... وهبوا حياتهم ببساطة فداء حبات رمال غالية...
إلي الشهيد الذي إفتداني بصدره الصول عبد العزيز محمد السيد
إلي الشهداء أبناء بورسعيد
محمد حمد قاسم إبن بورفؤاد
أحمد محمود حلبية إبن المنطقة الرابعة
يوسف محمد عوف إبن شارع البلديو وحارة العباني
أحمد أبو سليمة إبن حي العرب
الي الشهيد محمود إسماعيل شحاته الجملإبن البحيرة
الي الشهيد البطل جميل رضوان إبن المنوفية
الي الشهيد محمد سالم مصطفي إبن الشرقية
الي الشهيد فرغلي محسب علي إبن إلمنيا
الي الشهيد محمد أبو سليمة إبن نجع العجيب مركز أبو تشت محافظة قنا

وغيرهم أحياء عند ربهم يرزقون أهدي دموع كتابي ...

خلال هذه الرحلة عرفت زينب رحمها الله كنت أطل عليها من خندقي وهي في أرض أبيها الزراعية أكلت من طهي يدها التي لم ألمسها إلا بعد 37 سنة مصافحا مرحبا بها في مكتبي ببورسعيد.

فارقني جميع من أحببت شهداء ورفاق السلاح وفارقتني زينب..

إليهم وإليها أهدي هذه الرحلة.

=============================

قارئة الفنجان


نادت أم يونس وهي جارة لنا يا سامي هات بقرش بن وتعالي أشوفلك الفنجان  اشتريت البن وصعدت لأم يونس وعملت لنا القهوة ثم شرعت في قراءة الفنجان    اللهم صلي علي النبي   ياسلام علي الخطوط
   بص   شوف   وإيه فيه ورقة زرقاء في طريقها لك  الظاهر ورقة حكومة  زي ما تقول ورقة معافاة
من الجيش   يبقالك الحلاوة    والنبي الورقة واضحة قوي   بص أهي   هات عربون الحلاوة 
خذي عشرة صاغ أهي ولما الورقة تيجي يبقي فيه جنيه بحاله  صحيح يا أم يونس أهو الواحد يخلع من التجنيد
نزلت الشارع وقبل أن يذهب طعم البن من فمي رأيت عم عبده شيخ الحارة أمامي  شخط وقال هو أنا هلف عليك البلدولا إيه  ؟ يا فرج الله   خير يا عم عبده  إن شاء الله بكره هتسافر التل الكبير علشان تلبس 
هات إيدك أبصم وأستلم الورقة دي 
بصمت وأستلمت ورقة زرقاء فيه أنه تقرر تجنيدي مع دفعة مؤهلات 65 والسفر باكر !!
يا أم يونس الورقة وصلت بس بالتجنيد    وذهلت أم يونس   معقول الفنجان يكذب ؟
قلت لها لا البن هو اللي مغشوش  يا سامي بس هترجع ومعاك المعافاة 
رجعت بعد أكثر من تسع سنوات ومعي شهادة إنهاء الخدمة بسبب إنتهاء الحرب   


(( البداية ))


كانت أكبر دفعة مؤهلات    وعند وصولنا أخذونا علي طابور نظافة نلتقط أي ورقةعلي الأرض وأي أعقاب سجاير  وهكذا البداية "لم سبارس"   تم توزيعنا علي الأسلحة المختلفة وبدأت رحلة المكتوب علي الجبين
ذهبنا إلي القاهرة إلي معسكرات التدريب (( الأساسات )) كان قائد السرية ملازم أول   نبيل عزمي  أمر لنا بأجازة 48 ساعه من عادات بورسعيد أنه إذا ركبنا الأتوبيس وصعدت إمرأة أو شيخ نبادر بالوقوف لتجلس السيدة أو الشيخ  المهم ركبنا أتوبيس المعادي وركب معنا قائد السرية وجلسنا  صعدت إمرأه وقف وراءها أربعة من الرجال وأخذوا في مضايقتها قمت من مكاني وأجلستها فتعرضت لتهكمات لا يطيقها بشر كنا حوالي ثلاثين جنديا من بورسعيد   قائد السرية جالس يترقب رد فعلنا  أخذنا المبادرة وعلقة لا تمحوها الذاكرة مع التصميم علي إلقائهم من الأتوبيس لم يلتفت القائد ناحيتنا  بعد الأجازة وقف أمام الطابور ونادي  اللي كان في الأتوبيس وعمل المشاجرة يطلع أمام الطابور  جبن الكثير من الخروج فقد كان مكشرا عن أنيابه 
خرجت فأنا المتسبب في المشكلة وخرج معي أربعة أفراد   برافو ياوحش أنت وهو يا حضرة الصول إعمل لكل واحد سبعة أيام أجازة   لم يكن معي من النقود سوى عشرون قرشا الأجرة ربع جنيه ذهبت إلي محطة السكة الحديد باقي علي ثمن التذكرة خمسة قروش  أكيد هتقابل مع زميل أقترض منه المبلغ    رأيت بعضهم ولكن ليس معهم ورأيتهم مبتسمين  "إحنا هنسافر مسطحين فوق القطار  "لن أغامر هذه المغامرة حتي لو عدت إلي وحدتي   سيتحرك القطار  الجميع فوق القطار    تحرك القطار    وصل القطار إلي بورسعيد  نزلت من فوق القطار في أول تجربة تسطيح     توبة أكرر هذا العمل  معايا فلوس أنزل أو أجلس بوحدتي  إنتهت الأجازة وقفت في طابور التذاكرممسكا بنقود التذكرة عندما وصلت إلي شباك التذاكر
وضعت الربع جنيه في جيبي وتسللت خارجا من الطابور  وصل القطار محطة مصر نزلت من فوق القطار نظفت ملابسي من التراب  في محطة رمسيس اشتريت علبة سجائر بعشرة قروش وأكلت في مطعم بثلاثة قروش ركبت خط المعادي بقرش قصصت علي زملائي هذه المغامرة فضحكوا وقالوا مغامرة إيه هو فيه حد بيقطع تذاكر   منذ هذا اليوم لم أقف أمام شباك التذاكر حتى قامت معركة 67 .

 

الجندي مبارك أحمد الدرملي


عند توزيعنا علي الوحدات المقاتلة إندمجنا وتصادقنا وبعد معركة67 التحمنا لدرجة عدم الصبر علي فراق الأجازات   كانت فاكهة الجيش الجنود المؤهلات 
كان معنا جندي من الصعيد محافظة قنا  كان نحيفا وقصيرا   مرح لدرجة كبيرة كـنت أراقبه عندما يريد أن يستحم  ثم أهجم عليه وأحمله وهو مجرد من ملابسه وأسير به بين الجنود إلي أن أصل إلي أطول جندي وهو صعيدي أيضا من سوهاج وأطلب من مبارك أن يقبل عمو الضمراني فيقبله ثم أطلب منه أن يبصق علي عمو وقبل أن يفيق عمو الضمراني أترك الدرملي ليجري محتميا في شاويش السرية  كان لمبارك شارب كبير  وفي يوم قال لنا مبارك أريد أن أتعلم القراءة والكتابة وكانت هذه مهمتنا لا بد أن يتعلم مبارك الدرملي كان في الدفعة مدرسون أحضروا الكتب والكراسات   في زمن قياسي تعلم مبارك الدرملي كانت طموحاته كبيرة كان يشاركنا حل الكلمات المتقاطعة  فجأة أراد أن يتعلم الإنجليزية تعلم بعض الكلمات كان يعاكس بها ذوي المؤهلات العليا    تم تعيين مبارك الدرملي فراشا بمدرسة قنا الثانوية  في حرب أكتوبر73 طلب مني مبارك أن أكتب خطابا من الجبهة للمدرسة وأطلب من ناظر المدرسة أن يقرأ الخطاب في طابور الصباح
كتبته له وطلبت منه أن ينقله بخط يده  وصل الخطاب وقرأه الناظرفي طابور الصباح رسالة من عم مبارك بالجبهة   إنقسمت المدرسة علي نفسها  وصل خطاب من الناظر يطلب رسالة أخري فالمدرسة منقسمة فريق يقول هذا أسلوب عم مبارك وفريق يقول هذا أكبر من قدراته    وفي رسالة أخري كان العتاب علي المتشككين فإن الذي حدث لنا يجعل من الأمي شاعرا وأديبا  عند انتهاء الحرب وعودة الجميع إلي أعمالهم عاد مبارك الدرملي فراش المدرسة ليتقدم لإمتحان القبول منازل وظهرت النتيجة   الأول علي محافظة قنا
الطالب منازل(( مبارك أحمد الدرملي )) قنا 1975.



الحرب والطعام والشراب


سؤال أساله لنفسي هل يطلع القادة العسكريون علي تجارب من قبلهم؟؟؟
هل قاموا بدراسة أسباب هزيمة نابليون بونابارت في روسيا؟ هل درسوا هزيمة هتلر؟
(( إن الجيوش تحارب علي بطونها )) من قالها لم يقلها إعتباطا  
في حرب 67 إنهزمنا قبل بدء المعركة فلم يكن هناك طعام ولا ماء   وكانت العلاقة بين الجندي والضابط سيئة كنا نقوم بالحفـر في ظروف صعبة دون طعام ولا شراب ولكن تأتي عربة مجهزة مطبخ ليصعد الضابط ليتناول الفطار الساخن والغذاء والعشاء ونحن نتضور جوعا    كنت أراقب الجندي المراسلة (( خادم الضباط )) وهو يحمل زمزمية مياه لوضعها في دورة المياه الخاصة بالضباط وقبل أن يأتي الضابط أزحف وأتناول الزمزمية وأفرغ نصفها في جوفي وأعيدها مرة أخري مكانها   أنهكنا الجوع والعطش قبل بدء المعركة     وكانت المسافة بين النسق الأول والشئون الإدارية بعيدة وقد فطن العدو وضرب ضربته
فقطع الإمداد  في حرب أكتوبر73 كانت قيادة علي دراية بالحروب   كانت شنطة القتال عامرة    علب اللحمة وعلب السردين و المكرونة والارز وكأنه مطهي حالا الشاي السكر المربي قوالب البلح اللبن البودره أقراص السبرتو المياه + العلاقة الطيبة بين القائد وجنوده لم نشك في هذة المعركة من جوع ولا عطش  رحم الله السادات فقد علم أن الجيوش تحارب علي بطونها لم يكن للجندي أي رأي ولكن بعد 67 كان يؤخذ برأى الصغير المجرب قبل الكبير قليل الخبرة  


هل نحن مسيرون في حياتنا أم مخيرون ؟؟؟


إن حياتي كلها قصة لم أختربدايتها إذا ليس من حقي إختيار النهاية  قصة تجنيدي تشابه قصة فيكتور هوجو البؤساء فالبطل في البؤساء قضي جزء كبير من حياته من أجل رغيف خبز سرقه ليأكله  أما كاتب هذه القصة فتختلف قصته عند تجنيدي قالوا لنا اللي عنده عاهة أو مرض ييجي علي جنب  كنت شقي وصاحب نكته   وقفت مع ذوي العاهات التي تعوق تجنيدهم   سألني الضابط طبيب ماذا عندك؟؟ أشرت إلي قدمي وقلت تقوس في القدمين  خلعت بنطلوني وقفت أراقب الطبيب وهو يمر يده بين الساقين وعندما مرت ((كتب غير لائق طبيا إنفراج حاد بالساقين ))اللي بعده  إيه الحلاوة دي وأخذت بالضحك علي زملائي في زيهم العسكري الجديد المهرول عليهم  أما أنا فسوف أخذ الملف الخاص بي صباحا في ملابسي المدنية والذهاب لرئاسة القومسيون للتوقيع وأستلام شهادة الإعفاء    وقفنا طابور المعاقين في إنتظار رئاسة القومسيون    كنت أول الصف وتفتق ذهني عن نكته قلت ألقيها علي طابور المعاقين لرفع الروح المعنوية  وقلت نكتتي وعندما ضحكوا عاليا لم نفيق إلا علي كلمة إنتباه  صمت رهيب .. أشار لي الأقدم رتبه   تعالي هات الملف نحن نحتاج لأمثالك لإضحاك الجنود ووقع في الملف :
(( لائق عسكريا ولا يوجد به شيئا ))
ونظر في وجهي ولم ينظر إلي قدمي التي إعتدلت من الصدمة وقال سنة ونصف تحكي ما تريد من نكت  
سنة ونصف تنتهي في 1 /7 /1967 ولكي تكتمل القصة قامت الحرب قبل خروجي بأقل من شهر ليؤجل خروجي إلي إبريل 1974 بعد العبور   قرابة تسع سنوات والسبب نكته ؟ لا السبب مشيئة الله قدر الله وما شاء فعل ، ضحكت من زملائي بالأمس علي هرولة ملابسهم فزدادوا ضحكا علي منظري وأنا بملابس أكثرهرولة     كان معي زميل (( رحمه الله )) كان كبير أسرته عندما طال الأنتظار ولا أمل في الخروج تفتق ذهنه عن موضوع قام بتنفيذه فورا وهو أن يقوم بتطليق أمه من أبيه ويخرج هو تحت بند كبير أمه المطلقة  وسارت الأمور إجراءات تتطلب أسبوعين ويخرج صبري عبد المطلب وهذا إسمه   نزلت أجازة ميدانية كانت شدة ضربات طيران العدو في العمق شديدة  نفس الظروف عندي   بدأت الحديث كان أبي رحمه الله في أجازة هو الأخر  مش صبري هيخرج من الجيش   أصله طلق أمه من أبيه وبعدين يتجوزها عرفي   أصل هو زيي كبير الأسرة  ولما فهمت أمي مغزى كلامي قالت خلاص يابو سامي قوم طلقني علشان سامي يخرج من الجيش وأروح أنا وبناتك نحارب    بكيت وأبديت أسفي وندمي وقلت ما قلت هذا إلا للتعب اللي أنا فيه وأقسمت لأحرم نفسي من الأجازة وسافرت إلي وحدتي وكلمة أمي تصدع رأسي  أخذ الزميل صبري شهادة المعافاة وقبل أن نعبر القناة في73 كان صبري في قبره ميتا من مرض أصابه   كان يريد الهروب من الموت شهيدا فهل هرب

 

قبل حرب يونية67 كنا في منطقة التمد في سيناء مكثنا فيها حوالي سبعة شهورتلاحقت الأحداث كانت كتيبتنا تشرف علي حقل ألغام خلف الحقل توجد خنادق مهملة وملاجيء جنود طلب منا تطهير الخنادق وإعدادها للمعركة المسافة بين موقع الكتيبة وحقل الألغام خمسة كيلومترات في الصباح كنت أنا المسئول عن هذه المهمة المقرفة..ذهبنا دون وجبة إفطار أو مياه...كانت مشاعر الجنود أو الاهتمام بهم أخر شيء تفكر فيه القيادة في هذا الوقت ..قالوا سنرسل لكم الأكل والماء عند الألغام ..قطعنا المسافة في نصف ساعة وبدأنا
العمل بسرعة ..لم يأتي الطعام ولا الماء ..قل المجهود ..كنت أحاول أن أحث الجنود علي العمل
قبل المغرب جاء ضابط وقال يا عريف نظف هذا الملجأ وأجمع العساكر وإرجع إلي الكتيبة.. طلبت من الجنود السرعة قبل الليل..ولكن أين السرعة ولم نتناول أي شيء منذ الصباح..
هناك جندي يضحك مع زملائه...رفعت صوتي كل واحد يشتغل وهو ساكت.. رد الجندي ..هو لا أكل ولا ضحك..كان اسم الجندي فرغلي محسب علي.. نهرته ثم توجهت ناحيته ودفعته أمامي...قال يا فندم
"متلزنيش الجيش مفهوش لز" ..لم أفهم الجملة ومعناها بالمنياوي لا تدفعني...كررت دفعي له فدفعني هو الأخر...يا دي المصيبة يدفعني أمام العساكر ..كان الجنود منهكون فلم يتحرك أحد لفض المشكلة..وصل إبليس في سرعة البرق دون دعوة توجه له ووسوس في نفسي أتترك هذا الجندي يرد عليك ؟؟
كان سني في ذلك الوقتت 22سنة ورأيت نفسي أمام الجندي وجها لوجه...وبكل غباء يتواري خلفه أي نوع من أنواع الغباء وجهت له ..ياليتني ما وجهت يا ليت يدي أعطبت قبل هذا ..وجهت إلي وجهه لكمة فيها الغباء كله
وبالقوة نفسها رفع صخرة كبيرة ورماني بها عندما أردت أن أتلاشاها بيدي تسببت في حدوث جرح قطعي كبير..هنا تحرك الجنود وأمسكوا بنا.. خلعت سترتي وبالفانلة الداخلية ربطـت جرحي..وأردت الهجوم مرة أخري ..يا للهول ماذا أري لقد تغيرت ملامح وجه فرغلي وظهر ورم كبير في وجهه وألوان كثيرة لا تمت للون الجلد بصلة ..تراجعت للوراء وطلبت من الجنود التحرك للكتيبة..الدم ينزل مني كثيرا .. إنقسم الجنود فريقين
فريق يريد تصعيد الموضوع لقائد الكتيبة وفريق المسامح كريم..فاز فريق المسامح كريم..جاء فرغلي وقبل رأسي وعندما قبلت رأسه رأيت نتيجة غبائي ظاهرة
أول شيء فعلته وكان الليل في دخول عزمت عليه بكوب شاي وأشتريت بخمسة قروش برشام ريفو ..عشرون حبة..خذ يا فرغلي الحبيتين دول علشان الورم يخف..عندما فرغ من الشاي كنت أقنعته بأخذ العشرون حبة ريفو!!!!!!!!
ذهبنا للنوم ..وأنا أغط في نومي جاء عسكري من الخيمة المجاورة وأيقظني ..أمباشي سامي قوم فرغلي مات..قفزت وأسرعت لأجد الجنود وقوف وفرغلي ممدد وأحد الجنود ممسك بكوز فيه جاز وقطعة قماش مشتعلة
وفرغلي ممدد لا حركة فيه..أشعلت عود كبريت وقربته من أنفه لا يتحرك اللهب..إنصرف الجنود وتركوني معه أتخيل حبل المشنقة ..صفعته بقوة عدة صفعات دون جدوي...فرغلي فرغلي ..دموعي تبلل وجهه دون جدوي..حبل المشنقة يزداذ وضوحا ..عندما أقترب الفجر أصابتني حالة هيستيريا وأنا أري هذه الجثة أمامي ..أمسكت صدره أهزه بقوة ..قوم قوم قوم يا إبن الكلب أنا مش عاوز أتعدم ..إزددت خبطات في صدره ..فجأة خرج بالون من أنفه.. ثم أن أنين خفيف ..إزددت في الحركة فخرجت رغاوي من فمه وعلا أنينه
ثم تقيأ بشدة ..أرتميت بجواره مغمى علي.. لم أفق إلا علي صوته..في الصباح حملته عربة الإسعاف إلي مستشي المثلث بالسويس..عصبيتي فوق جسمه عملت عملية تدليك في صدره فجاء ستر الله ورحمته..
الأشعة شرخ كبير في الجمجمة..عندما علم فرغلي بالإصابة أقسم ليضربني بالنار



وظهرت بوادر المعركة


وطلب إخلاء المستشفيات العسكرية وكل من يستطيع السير يسلم نفسه لوحدته وتحركنا إلي منطقة الكونتيلا علي الحدود مع العدو..وجاء فرغلي ليحتل خندق ورائي ويناور ليضربني بالنار من الخلف..تلاحقت الأحداث
هزيمة ..أوامر انسحاب ..بعد شهر تقابلت مع فرغلي بالجبهة علي القناة مازالت هناك هالة زرقاء علي عينيه تذكرني وهو بما حدث ..مع وجود عدو مشترك عادت الأمور طبيعية..مع طول البقاء زاد الحب بيننا جميعا ...ولأنني مسؤل النكت وكتابة الخطابات الغرامية لزوجات وخطيبات المقاتلين..وفي نهاية كل خطاب أزيل
كاتب الخطاب سامي من بورسعيد يهديكم السلام..فكانت تأتي لي السلامات من جميع البلاد ومنهم فرغلي محسب علي ..رحمه الله استشهد بينما كان معي في مهمة في22 أكتوبر ودفنته بيدي

 

حمام الهنا


في الجيش صابون الغسيل هو صابون الإستحمام . كان لدخول الرغوة في العنين مفعول السحر أنك تبحث علي من يسحبك من إيدك حتي الوصول الي الخيمة مع نوبة لحلحة من الحرقان ثم إضافة اللون الأحمر الي بياض العين ... في مشرع قتالي في الصحراء الواسعة إبتعدنا كثيرا عن منابع المياه يادوب بنشرب .. المشروع التدريبي ممتد وأصبحنا نشعر بتحركات غريبة داخل الجسم إكتشفنا أنها جحافل من القمل قامت بإحتلال الملابس الداخلية ... فجأة وجدنا عربة زيل تقف بيننا ونزل منها جنود وقاموا بنصب خيمة كبيرة ظننا أنه سيرك الحلو .. علمنا بعدها إنها خيمة ميدانية للإستحمام بها عدة أدشاش وجائت عربة فنطاس مياه وطلبوا مجموعة بخلع الملابس والوقوف تحت الدش ...
أحضرت الصابونة والغيار الداخلي وإنتظرت الدور .. المسؤل عن فتح المياه يقوم بالتنبيه علي الجنود بأن مدة الدش دقيقة واحدة للمجموعة .. دخلت وعندما فتح المياه قمت برغوة الصابونة علي رأسي ووجهي وجميع جسدي حتي أصبح الصابون يملأ كل جسدي .. ورفعت يدي لإستقبال الماء الذي توقف فجأة فقد إنتهت الدقيقة ... أخذت في الصراخ فقد إمتلأت عيني برغوة صابون الغسيل ... إضطررت لتنشيف الصابون وألقيت بالملابس الداخلية بما تحوي وناديت علي زميل يمسك يدي .. لم نري هذه الخدمة مرة أخري .

 

 

المعتـــــــــــــــــــوه وأنا


بكيت كثيرا عندما أفتقدته وأبكي الأن وأنا أكتب حكايته معي..
في منطقة سكني ومكان مكتبي وجدنا معتوه يعيش في عمارة تحت الإنشاء..كان هاديء جدا ومدخن شره تعاطفت معه وأحبه الجميع .. كل أسبوع نأتي بالحلاق وملابس جديدة وشوز ويقوم عامل دار المسنيين بتنظيفه بحمام ساخن ونطهي له الفراخ (( كل يوم جمعة )) كان يتمم ببعض كلمات إنجليزية .. أنزل من بيتي صباحا
معي السندوتشات أجلس معه علي الرصيف بعد أن أغسل له يده جيدا وأتناول معه الفطور وأشرب معه الشاي وندخن سويا أتكلم وهو صامت .. رضيت بصمته .أتركه وأنزل السوق كي أتاجر فأجد أبواب الرزق تلاحقني أعود لكي أحضر له وجبة الغداء... في المساء أشتري له فطيرة مرشوش عليها السكر من حلواني خلف مكتبي.. تأخرت عليه يوما فذهب إلي الحلواني ومد يده وأخذ فطيرة دون إذن من صاحب المحل فضربه وأخذها منه وطرده..كان هذا في المغرب   بعد حوالي نصف ساعة كانت هناك عربتان مطافيء يقوما بإخماد حريق قد شب في محل الحلواني وأتي علي المحل كله...جائت عربة مرسيدس ملاكي دقهلية فيها قوم وجهاء عندما رأهم نهرهم وتكلموا معه ب

دموع وطلبوا منه الرجوع معهم فرفض.. سألناهم من هذا فقالوا هو الدكتور فتحي أبو ضيف من المنصورة...أرادوا ترك أموال له فرفضنا..أحيانا ما كان يجلس علي المقهي يداعب لعبة الشطرنج....
لم يسعد أحد معه مثلي ...عندما يراني البعض يسألوا أتبحث عن فتحي ؟؟ ثم يرشدوني عن مكانه...
كنت أرهن سجائري له بتناول طعامه كله وإلا سيحرم من التدخين... كنت أبتهل إلي الله بعملي مع عبده فتحي فيكرمني الله...في حادث السياح بالأقصر قامت حملة لتطهير الشوارع من هم علي أمثال الدكتور فتحي...
إختفي فتحي وكأنه أخذ معه مفاتيح خزائني الذي فتحتها عنوة لأجدها خاوية... المكان الذي كان يبات فيه أسفل العمارة تحت التشييد أصبحت محلات بيعت بأعلي الأسعار وهي دون حسد أكثر مبيعا من محلات حولها... إنتهيت من كتابة قصة المعتوه الدكتور فتحي ولم أنتهي من البكاء علي زمن كان فيه فتحي

 

صورة


صورة أتحدي أن تكون لها مثيل في أي دولة في العالم ..صورة لو وضعت في متحف اللوفر لفازت بجوائز عدة...
ليست صورة حرب ولا طبيعة ولا أثار ولا معالم إنها صورة جدتي تتوسط بناتها الثلاثة منهن أمي وهن الأربعة حوامل
الجدة والخالتين وأمي وكان الإنتاج ثلاثة زكور وبنت ... كانت الأعمار متقاربة ... في الصورة تسريحة شعر الحرب العالمية الثانية ..موديلات الملابس النمط الإنجليزي ..الحذاء الكعب العالي .. البروش علي الجاكت.. كانت جدتي وهي حامل أجمل من بناتها.. بعد الولادة أخرجت ثديها للجميع كل اللي يهفه الشوق لرضعة يحبو ويتعلق بالثدي وينهل .. بعدها جلس الجميع ليفرز من أخو الثاني في الرضاعة علشان ده لا يتزوج دي وده يتزوج ..قالت بقول إيه أنا اللي مسؤلة لم يرضع مني أحد رضعة مشبعة ...كان اللي موجود يرضع ..كان لبن ثدي جدتي جاموسي ممتاز ولهذا ألقت نسوة العائلة بأولادهن وبناتهن لها.. هل عند أحدكم صورة مثل هذه الصورة كان مولودها ذكر أكبر مني بشهر ونصف عندما وصلنا لسن أربعة سنوات كان يلعب معنا ثم يجري علي ثدي أمه ليرضع ثم يعود للعب ...ألا يستحق التسجيل في الموسوعة

 

 

سلبيات


سيتم التدريب بعمل مشروع هجوم قوات المظلات علي منطقة تشبه مناطق الممرات في سيناء (( ممر متلا ))
و (( ممر الجدي )) تم تكليف دبابتين من الكتيبة لعمل دور العدو المدافع عن الممرات ومعنا جنود مظلات يمثلوا
العدو...منطقة الإسقاط في غرب القاهرة ..في أول ضوء جائت الطائرات وأسقطت المظلات لتهاجمنا ..تعاملنا معها كأعداء ...تغلبوا علينا وقاموا بإحتلال الممرات ...نجح المشروع القتالي وجاء قائد المظلات فشكر جنوده علي ما أنجزوا وشكرناعلي تمثيل دور العدو..تم توزيع عدد 2 سندوتش طعمية وجبنة ..وجائت العربات وحملت رجال المظلات وقالوا سنرسل لكم الترلات لتحمل دباباتكم ..وذهبوا وتركونا في الجبل لا طعام ولا ماء...إشتد بنا الجوع وأتي الليل والمنطقة موحشة..ذهبنا وجمعنا كعوب السندوتشات التي رماها جنود المظلات ...في الصباح تحركنا في إتجاه شركة النصر للسيارات...لا يوجد معنا نقود وفي إنتظار حاملات الدبابات.. وضعنا الدبابتين بجوار سيدة تبيع الطعام وتعمل الشاي وعندها سجاير ولا يوجد معنا نقود   الجوع كافر
والحاجة أم الإختراع...جلست بجوار الحاجة   إزيك يا ست    تشتري بطانية   ؟؟ مكثنا أسبوع دون أن يسأل فينا أحد نهاية الأسبوع كنت أعطي الست البائعة المخلة مجانا لتضع فيها الأشياء التي أشترتها مني بشرط
عند حضور الضابط تقول أنها تريد منا خمسة جنيه ثمن الطعام والشاي   جاء الضابط أسمه عادل ويصا فهبت السيدة أنتم رايحين فين أنا عاوزة خمسة جنيه   علي مضض دفع الضابط خمسة جنيهات كانت نسبتها واحد جنيه  حاول الضابط إسترداد المبلغ قمت بتهديده بتصعيد الموضوع    بعد أربعة شهور تم إستقطاع المبلغ عنوة من مرتبي   هل أخطأت التصرف؟؟ لست أدري

 

 

النخلة هذه الشجرة الطيبة


في طفولتي كانت تأتي بائعة من الأرياف تبيع لنا الجميز والذرة المشوي والتوت وشيء أبيض إسمه
(( الجمار )) وهو بطن النخلة الصغيرة .. كانت القطعة الكبيرة بمليم !! بالطبع الكثير لا يعرف هذه العملة النحاسية التي كنا نلمعها بالرمل قبل إعطائها للبائع... الجمار فيه سكريات وألياف خفيفة وماء وسبحان الله..
في بداية الإنسحاب صعدنا إلي أعالي الجبال نستطلع الطريق .. وجدنا فوق هذه الجبال حفر عميقة مليئة بالماء
وكأنها أحواض سباحة مياه صافية .. دون تفكير خلعنا ملابسنا ونزلنا نستحم .. كان للعدو نقط مراقبة علي البعد فتحت علينا النيران أخذنا ملابسنا وأسلحتنا ونزلنا إلي الوديان ...رأينا مياه أمطار راكدة وأشجار نخل صغيرة كثيرة ..مكثنا في هذه المنطقة لا نريد المغادرة فقد أعطتنا أشجار النخيل (( الجمار )) فكان طعام طيب من شجرة طيبة عندما جاء المساء تجمعنا علي راديو ترانزستور كان مع أحد الجنود الذين حضروا من اليمن ودخلوا سيناء ..عرفنا حجم الهزيمة من خطاب عبد الناصر والذي تنحي فيه... غادرنا هذه المنطقة الطيبة لنتوه في أرض التيه وفي صحراء الهزيمة وبلاتوه النكسة الواقعي

 

. اللقا نصيب
مشوار استمر قرابة العشر سنوات وللأسف


خرجنا من الحرب بلا شكر وينال الشكر من لا يعرف كلمة حرب إلا أنها

مكونة من ثلاث حروف
خرجت من الجيش وتزوجت ورزقني الله بالأولاد والبنات وفي يوم من أيام عام 83كنت أركب تاكسيا بالنفر داخل بورسعيد وجلست بجوار سيدة ذات ملامح معروفة لدي قلت لها لو سمحتي أسألك سؤال؟
كشرت عن أنيابها وقالت هل تعرفني؟ قلت هل اسمك كوثر ؟ فانتفضت من أنت ؟ قلت لها هل تذكرين زينب بنت الشلوفة
هل تذكرين سامي ؟ كاد يغشى عليها قبل أن أصل لمحطتي قلت لها "مسير الحي يتلاقى" ونزلت بعد أن دفعت لها الحساب

جمعتني الظروف عدة مرات بالممرضة كوثر فقد كانت بمكتب صحة في دائرة منطقة سكني وكنت أراها عند استخراج شهادات ميلاد أولادي لم أتطرق لموضوع زينب معهاأخر شهادة ميلاد قلت لها مدام كوثر ألا تعرفي شيئا عن أحوال زينب بنت العمدة ؟ نظرت في وجهي وقالت هل عرفت أن زوجها حامد قد توفى بعد زفافها بأقل من سنة قلت علمت..أين هي الأن؟ قالت هي الأن زوجت أخي..لقد زوجتها أخي لأنني كنت أحبها جدا وهي مقيمه معه بالأسماعلية ورزقت بابنتين وولد ..قلت بارك الله فيهم ...وانقطعت أخبار كوثر عني مدة ثلاث عشرسنة...
كنت أجلس في مكتب لي شارد الذهن مشتت الفكر أحاول أن أعيد ذكريات ماضية وتذكرت زينب..
وانا والله ما نسيتها حتي اتذكرها...قمت من مكتبي وذهبت للوحدة الصحية وسألت هل يوجد ممرضة هنا إسمها كوثر؟
قالوا :ياحاجة كوثر ناس عوزينك..وجاءت سيدة عجوز ونظرت لي وقالت إنت سامي أهلا وسهلا..
ممكن أتكلم معاكي بدون حرج قالت نعم ..قلت أريد أن أرى زينب.. قالت وهي كذلك نفسها تشوفك..
أعطيتها عنوان مكتبي وطلبت منها زيارتي..بعد يومين جاءت كوثر وقالت إنها ذهبت للإسماعلية وقصت علي زينب ما حدث..ثم طلبتها بالتليفون ..وأعطتني السماعة قلت ألو قالت أهلا يا حبيب القلب كيف حالك؟ قلت لن أصف حالي بالتليفون أرجو أن تحضري لأراكي وقبل أن توعدني بالحضور سمعت صوت ابنتها تقول ضاحكة إلحق يا محمد أمك بتحب واحد اسمه سامي ..ردت علي ابنتها إتلهي ده كان حب لم يتعدي إزيك ؟ الله يسلمك ورغم هذا كان أقوى من أي حب..كان الحوار في أذني ورأت كوثر دموعا تجري من عيني مبتسما فقالت إن شاء الله سأحضرها لك.. ..
في النصف الثاني من رمضان2  3 وبعد 37 سنة دخلت زينب مكتبي تحمل حفيدتها كانت جدة صغيرة جميلة
وبعد السلام قالت: سامي لماذا لم تبحث عني؟ قلت الحرب منعتني.. قالت: أما أنا فبحثت عنك كثيرا قلت: يا زينب لو رأيتك قبل أن تتزوجي من شقيق كوثر لتزوجتك ولكن الآن أتمني من الله أن تحملي أولاد من تحمليها الان
بعد حوالي أربع ساعات شاركتنا كوثر الزكريات قامت وقالت أنا لا أخشى شيئا أنا لم أحب في حياتي إلا أنت
فقلت يعلم الله أنك شريكة الذكريات وحبيبة كل الأوقات حتي الممات 
انصرفت زينب وصافحتها للمرة الثانية
علمت من زينب أن أباها قد توفي وكان لها أخ صديق لي أسمه صالح أختفى في الثغرة ولم يعثروا علي جثته
منذ عامين قابلت كوثر لتخبرني بأن زينب ماتت منذأسبوعان بعد أن حجت بيت الله وقامت ببناء مسجد لم تكمله فحضر إبنها من قطر وأكمل بناء المسجد في الإسماعلية

 

عامل فهلوي


ـــــــــــــــــــــ
جائت الأوامر بتسليم موقعنا بمنطقة كبريت للكتيبة السودانية والرجوع لمنطقة صحراء بلبيس لعمل مشروع
ضرب النار لمدة شهر..مع الشقاوة إتفقنا إننا نجعل الإخوة السودانيين يمسكوا الخدمة الليلية بدل منا
ونسهر إحنا نلعب كوتشينة وشاي وضحك وراحة من الحراسة..مساء الخير يا زول زول يعني (راجل)

إشرب الشاي..شكرا :أنا مابشرب وَكِت (يعني وقت) الخدمة..في سري إنت حر !!!!!
النكت والأكل والسجاير..ليلة جميلة..نسيت أأخذ كلمة سر الليل..تركت زملائي لقضاء حاجة..
أخينا السوداني مفنجل عنيه ..مساء الخير يا زول..لم يرد ..إنت حر أكيد متغاظ من المقلب بتاع الخدمة..
سرت حوالي عشرون خطوة وقضيت حاجتي..وهممت بالرجوع للدشمة ..الجو برد..
إثبت ..أيوه يازول..إثبت مكانك وبسرعة شد أجزاء بندقيته أرجد علي الأرض ..يازول ..أرجد..
رقدت علي الأرض..يا حامد يا عزبي يا أشرف..حد يجي يفهم البني أدم ده...حد جاب كلمة سر الليل??
..لأ ..طيب بلغوا الضابط..ساعة راقد علي بطني والسلاح متوجه ناحيتي...حضر ضابط مصري وضابط سوداني وبعد مداولات وافقوا علي وقوفي..البرد هيموتني..وجه لي الضابط السوداني الكلام..
سؤال :  إنتي غلطانة؟؟ قلت أعترف وأخلص..أيوه يا فندم غلطان ..وهو إنت جايل
روحك في بيت أبوك
عشان ما تخد كلمة سر الليل.. اليهودي ال جدامنا ده عارف إنك نايم علي روحك يجوم يدخل في الفوضي ال عملتها دي...توبة يا زول ...إستمر الحوار أكثر من أربع ساعات في إنتي غلطانة وليه الغلط؟يارتني مسكت خدمتي كان أحسن وأوفر بساعة ونص....

 

عضة كلب



ذهبنا إلي الفيوم لنتعلم كيف نقود الدبابات البرمائية ..في قرية إلياس وبجوار البوريفاج علي بحيرة قارون كان المعسكر
ممنوع منعا باتا الإجازات..أوامر صارمة بعدم ترك المعسكر..هموت وأنزل..شماتة الزملاء تغيظني..شهر ممنوع النزول..أخذت في التفكير ..كنت أجلس بمفردي فوجدت كلبا يمر من أمامي رميته بحجر ..وجاءت الفكرة
أحضرت إبرة خياطة أحدثت بقدمي عدة خدوش وأظهرت بجوار الخدوش أربعة ثقوب صغيرة أسالت الدم....

إنتظرت مرور أحد الكلاب وصرخت إلحقوني إلحقوتي أه أه أه الكلب ده مسعور عضني جري الجميع وراء الكلب وساعدهم بعض الفلاحيين بالمنطقة..وتبرع الزملاء بإسعافي وتضميد عضة الكلب ..قتلوا الكلب ..مسكين هذا الكلب قتل بلا ذنب..قال طبيب الوحدة لا بد من أخذ مصل الكلب 21 حقنـنة بالمستشفي العسكري..في طريقي إلي المستشفي
طلبت من السائق توصيلي لأقرب محطة أتوبيس ..من القللي ركبت للمنصورة..مكثت أسبوع وعدت للفيوم...
لساني زالف قصصت الموضوع ...وصل الموضوع للقائد ..دخلت مكتب قال لي القائد....
لأن هذه الحركة جديدة سأكتفي بسبعة أيام حبس

 

ثلاثة جنيه بدل تعيين للمتزوجين

الشقاوة والبحث عن الضحك وأخر نكتة وصلت مع عربة الأجازات وجلسات السمر والغناء بعد توزيع الخدمة الليلية... والعبد لله حكم عليه أن يكون مطرب الكتيبة وكاتب الرسائل العائلية والغرامية ومعايا علبة ألوان أرسم حمامة وقلب ووردة وأجمل الخطاب ..كل ده بسيجارة وواحد شاي ..مع الوقت أصبحت ملم بجيع أفراد أسر من أكتب
لهم..الجماعة الصعايدة متحفظين عند كتابة الجوابات علي أسماء النساء بمعني وسلامي للست حرمنا .. وبس .. وصلت إشارة المتزوجين يصرفوا ثلاثة جنيهات بدل تعيين.. كل واحد يجيب بطاقته العائلية..
لم يدرك أي واحد منهم لتربصي بهم عملت الكشوف وأحتفظت بصورة..أعدت توزيع البطاقات بعد أخذ البيانات..

وأنا بوزع البطاقات أسأل مش برضه إسمها عزيزة ؟؟ حلو قوي إسم فوزية!! عشر بطاقات وقامت مظاهرة تطالب بالقصاص من سامي..وذهب البعض إلي قائد الكتيب يشكوني له ..يا فندم الأومباشي سامي بيجرسنه..
بيقول أسامي النساويين والحرمات ودي يروح فيها رقاب..إستدعوني لمكتب قائد الكتيبة..
إنت قلت لهم هذا الكلام؟؟ نعم يا أفندم .. لماذ ؟؟ لكي أتأكد أن الإسم صح قبل ما أرسل الكشوفات وترجع تاني!!! إنصراف .. وخرجت ولأنني الأومباشي لا بد الرجوع للسرية بطابور.. في كتابة الرسائل أكتب وسلامي للست حرمنا ودون أن يدري أكتب أسمها .. يا تري هل مازال إسم المرأة عورةفي الصعيد؟؟ عند صرف المرتب وزيادة ثلاثة جنيهات مش برضه إسمها فوزية .. ؟ ياعم فوزية ولا فتحية لايمني عالجرشنات

سيادة العقيد يمني



حكاية من حكاوي ألف ليلة


إنقطعت أخبار صديقنا محمد دياب فقد سافر مع القوات المحاربة في اليمن ومن يذهب إلي اليمن وتنقطع أخباره فهو ميت ولا أقول شهيد !! في صيف عام 1963وصل بسلامة الله صديقنا دياب وخرج من الجيش فقد كان يكبرنا في العمر..كانت تجمعنا ليالي السهر فقص علينا أنه وقع أسير لقوات الملك البدر التي كانت تحاربها قواتنا وقوات عبدالله السلال قائد الإنقلاب.. قص علينا ..كان يمر عليهم في الأسر عقيد قصير للغاية ومعه عصا المرشال
ويشتم ويشخط ومعه بعض الرجال وقد تركوه يفعل ما يريد!! تعددت زيارة العقيد وكانت لهجتة قريبة للمصرية عن اليمنية...في هجوم لقواتنا تم تحرير الأسري والقبض علي عناصر تابعة للملك ومنهم العقيد الذي إكتشفوا أنه جندي مصري وقع أسير ولأنه يشبه لهم جندوه معهم فوافق خوفا علي رقبته وطلب أن تكون رتبته عقيد .. تمر الأيام ويتم تجنيدي وتوزيعي علي اللواء 113 مشاه الكتيبة 337 وكانت في اليمن ولكننا لم نسافر لليمن فاللواء سينزل غيار فكانت فرصة إننا نزوغ ونغيب عن المؤخرة أسبوعان ثم نفاجيء بنزول اللواء وإكتشاف غيابنا والحكم بحبسنا س

بعة أيام .. دخلنا السجن الذي كان يضم مساجين كثيرة ورأيت العقيد مسجون معي
كان الجميع يسخر منه تعالي يا عقيد روح يا عقيد حتي أصبح العقيد إسمه المعروف به.. جلست معه وقصصت عليه أنني سمعت عنه من أكثر من سنتان.. أخبرني أن قوات الملك هي اللي جندته غصب عنه كي يهين العساكر المصريين وقال أنا كنت أشتم بس لا أمد يدي علي أحد وعندما قبض علي وحكم بالسجن وإعادة تجنيدي من جديد.. خرجنا من السجن وخرج العقيد وكان عرضة للشتائم والمسخرة .. عندما يقف المقدم حسين رضوان الله يرحمه ويقول بلاش حركة في الصف يا عقيد يا إبن كذا وكذا علما بأن العقيد أعلي من المقدم وكان العقيد دائما ينظف دورات المياه...
تمر السنين ونعود إلي بورسعيد وحركة التعمير وتأتي الأنفار من الصعيد لبناء البنية التحتية وكنت أعمل في قطاع كهرباء مصنع بورتكس عندما سمعت والله العظيم وعلي غفلة إشتغل يا عقيد يا زفت وإنت ساكت..
ذهبت إليه وقلت له أمام الجميع منور بورسعيد يا سيادة العقيد ليقفز محتضني ويطلب مني إخبار الجميع
عن شخصيته فقلت لهم والله فعلا كان برتبة عقيد وسبحان المعز المزل

 

 

الشهيد



في المعارك الحربية تنتاب المقاتل رعشة البداية ثم يندمج في المعركة فلا يشغل باله أحد إلا الهدف وكيفية الوصول ولا يري أمامه إلا ما يجب أن يري... يسقط بجوارك زميل فلا تجد نقطة دموع واحدة فأنت في إنتظار هذة اللحظة.. عندما كنت أواري الزملاء التراب لم أجد فزع الموت علي الوجوه ولكن أجد إطمئنان عجيب حتي عندما أحضرت
رأس الشهيد محمد سالم مصطفي ووضعتها علي كتفه لم أحزن فقد رأيت إبتسامته ..مكثنا وسط الشهداء يومان وكان الجو حار ولكن لم نشعر بشئ.. عندما تحرك العدو وأخلي منطقة الأدبية وكان قد مر علي المعركة حوالي
شهرين دخلنا منطقة الأدبية وجدت قبر شهيد عبارة عن كوم حجارة وتظهر الملابس من الحجارة ..أردت ترتيب
القبر رفعت الحجارة أقسم بالله أنني شممت رائحة وكأنها عطر وكأنه قد دفن منذ لحظات قليلة .. في هذة اللحظة بكيت فلم تكن معه ما يدل علي شخصيته .. أحضرت قطعة خشب ووضعت عليها الخوزة وكتبنا يوجد هنا شهيد

 

لكل أجل كتاب


الحقيقة الوحيدة في الحياة هي الموت فكم من سليم مات بغير علة وكم من سقيم عاش حين من الدهر
دائما أذهب لصلاة الظهر في مسجد تقام فيه دائما صلاة الجنازة وأصبحت الوجوه المترددة علي المسجد معروفة... وقفت بجانبه بعد أن صافحته بعد صلاة الجنازة إستأذنته بكتابة قصته فوافق دون أن يسأل ماذا سأكتب..
السعيد جمعة كان ضمن مجموعة العذاب قي شقة الزقازيق عندما تم إستدعاؤنا لمعركة أكتوبر سافر كل واحد في جهة مختلفة
وأنقطعت الأخبار ...في هدوء الجبهة بعد زيارة كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية تم الإذن لنا بالنزول أجازات قصيرة
فذهبت لصرف مرتبي من الزقازيق ثم عرجت علي شقة العذاب لأكتب علي باب الشقة أنني مازلت حي أرزق..وجدت خمسة أفراد سبقوني وكتبوا ما عدي السعيد جمعة .. خرجنا من الحرب وأجتمعنا وجائت الأخبار بأن السعيد أستشهد ورحل جثمانه مع مجموعة الشهداء إلي إحدي المستشقيات العسكرية ... كانت بطن السعيد مفتوحة من بداية الرقبة حتي بعد الصرة
نظر إليه الطبيب فوجد شفتيه تتحرك نظر إلي أمعاؤه فوجدها تنبض وتهتز فطلب رفعه من وسط الأموات ليحضر لنا بعد أن أخذ لقب الشهيد.. أراه دائما يتوكأ علي عصاه .. لم يظهر عليه أي تكريم من الدولة وكأنه إصيب في مشاجرة.. والله لو إضطلع أحد علي بطنه لخر مغشي عليه ..كتبت إسمه علي باب الشقة السعيد جمعه ما زال حيا

 

الناي الحزين


عودة إلي الجبهة وحرب الإستنزاف فلقد سمعت صوت الناي مع بائع المزامير فتزكرت !!!
بجوار موقعي في كبريت هناك أرض زراعية واسعة إسمها أرض عكرش تأتي بنت بدوية ترعي أغنام القرية إسمها رابحة
تتقن العزف علي الناي .. الإشتباكات ممتدة بيننا وبين العدو حتي أننا والمتبقي من المدنيين الفلاحين قد تعودناها ..
معنا جندي لاسلكي إسمه فتحي الباشا من المنوفية قابع في نهاية الملجأ حتي لا يطلب منه أحد عمل شيء من تحضير طعام أو غسيل لأواني الطعام.. لا يخرج من الدشمة إلا إذا سمع صوت عزف رابحة علي الناي فيخرج مسرعا ومعه أي شيء يهديه لها من طعام أو صابون حتي أنه كان يقاسمها نصيبه من الطعام .. تعودنا علي رؤيتهما هي تعزف وهو يداعب الأرض بقطعة حطب بيده وعلامات الحب علي وجهه وهي تعزف له الألحان .. شردت إحدي الغنم فدهمتها عربة أسرعنا بدبحها وطلبنا من رابحة تقيم ثمنها فكانت بمبلغ عشرة جنيهات جمعناها وتحمل فتحي الباشا بمفرده مبلغ جنيهان .. عند حدوث غارة ليلية نجري إلي الحفرة البرميلية ومعنا بطانية نغطي بها الحفرة فوقنا لنتلاشي النابالم.. كانت حركة فتحي بطيئة وكثيرا ما رفض الخروج من الدشمة ... في إحدي الغارات قمنا بالحركة المعتادة من نزول للحفرة البرميلية ولم يخرج فتحي فلقد أصابة الملجأ عبوة مباشرة من النابالم فأستشهد فتحي الباشا ... في الفجر حملته عربة الإسعاف وفي الصباح جائت رابحة تعزف علي الناي منتظرة خروج
فتحي طال أنتظارها ولما رأت دموعنا سألت فقلنا لها لقد إنتقل إلي مكان أخر إنصرفت ولكنها عرفت في القرية أنه كان بالأمس شهيد أسمه فتحي.. تغيبت مدة ولكنها عادت بعدها لتعزف لنا علي الناي الحزين

 

عندما نزع الشيخ العمامة


في إعادة ترتيب الأوراق بعد نكسة 1967 كان الإهتمام بالروح المعنوية للجنود وتهيأت القوات المسلحة للجولة القادمة مع العدو .. كان مرور القيادة العليا وعلي رأسهم الرئيس جمال عبد الناصر والفريق محمد فوزي بصفة مستمرة وكانت قوافل الفنانين والترفيه المرسل من الشركات ومصانع الأغذية ..ثم فجأتنا القيادة بإرسال رجال الوعظ الذين خلعوا جلبابهم وعبائتهم وأرتدوا الأفرول والخوذة وأصبح علي قوة كل كتيبة واعظ وكان من نصيبنا الشيخ حسن الذي كان يحاضرنا ويبث روح الجهاد فينا وكان منظره وهو يرتدي الخوذة بدل من العمامة يدعو للضحك .. كان يجمعنا ثم يؤمنا للصلاة فإذا حضرت طائرات العدو وجد نفسه بمفرده ونحن في خنادقنا حتي أعددنا له حفرة برميلية يحتمي بها عند الغارات.. في إشتباكتنا مع العدو كان يجلس للمشاهدة وإبداء رأيه في خطأ التنشين أو يهلل ويكبر عند إصابة الهدف طلبت منه أن تكون حصة للوعظ وحصة للتهريج والضحك ... كان متلاحم معنا ... بكي بكاء حارا عندما إنتهت مهمته معنا وعاد للبس العمامة بعد أن نزع الخوذة عن رأسه

 

فراخ الجمعية يا عديم التربية


في منطقة دهشور وقد عدنا من جبهة القتال للذهاب الي بحيرة قارون بالفيوم للتدريب علي العبور بدبابات التوباز البرمائية ... كنا عشرون فرد وعشر دبابات
طلب مني الزملاء حراسة الدبابات لأنهم يريدون الذهاب الي القاهرة والعودة في الفجر فوافقت... جائت عربة التعيين (( الطعام )) وأعطاني طعام عشرون فرد
عبارة عن خمس فرخات محمرة وكمية من البيض وعشرون صابع موز...

جلست وحيدا أتغزل في هذه الوجبة ... بالطبع بدأت بالفراخ وذهبت الأولي ثم الثانية فالثالثة مع دفن الهياكل العظمية حتي لا يعلم الزملاء مكونات عشاء هذه الليلة...أشعلت سيجارة مع كوب شاي ونظرت إلي الفرختان المتبقيتان ... أنا شبعان علي الأخر ولكن المنظر لا يتحمل التفكير .. بدأت بالرابعة ثم الخامسة ... حاولت الوقوف فلم أستطيع .. المنطقة جبلية والظلام دامس وتحركت الضحايا في بطني كأنها علامات الوضع و الولادة .. فقدت الصراخ لينقذني أحد ... أنقذت نفسي بنفسي عندما وضعت أصبعي في جوفي لأفرغ ما في بطني حتي خلت البطن من هذا الخن الذي كان يبيت فيها خمس فرخات سمان ... الحمد لله فعلا الطمع سيء... ربع ساعة ونسيت ما جري لي فقمت علي أصابع الموز والبيض فإلتهمتها وكأني أنتقم من أولاد الفراخ ولكن كان نصيب البيض أن إختلط مع ما خرج من بطني من فراخ..
بت ليلتي وكأنني لم أتذوق الطعام من يومان... لم أسلم من حسد الزملاء ..
طبعا يا عم خمس فرخات لوحدك ... كنت أريد عمل نصب تزكاري في هذا المكان

 

يونية 1967

فوجئنا في صباح هذا اليوم وكنا نقوم بأعمال الحفر بعربة تحمل ترفيه للجنود هدية من

شركة قها وهي عبارة عن زجاجات من شربات الفراولة وكان بالعربة حبات من البطاطس .. قام الضابط بتوزيع حبات البطاطس ثم وقف عاجزا ماذا يفعل بزجاجة الشربات ولا يوجد ماء لخلط الشربات.. أكلنا البطاطس نية ثم مر علينا الضابط
وهو يعطي كل جندي معلقة شربات مركزة فتحنا أفواهنا كالأطفال في تطعيم شلل الأطفال ثم جاء بعدها العطش الرهيب
... دروس تعلمناها أن للمعركة مقومات لابد منها وهي إعداد ما تريده المعدة
قبل ما تريده البندقية.. صدقوني لا يزل لإنسان أكثر من الماء والطعام.. كنت في حرب أكتوبر حريص علي زمزمية المياه أما الطعام فقد كان كثيرا حرصت القيادة علي توفيره إلي جانب معلبات كثيرة من طعام العدوإستولينا عليها و التي كانت جيدة الصنع خاصة البلوبيف والزيتون والمربي وأنابيب تشبه عبوة معجون الأسنان فيها الكفيار .. فيهم الخير فلقد أحسنوا الضيافة .. نسيت السجاير الأمريكاني... كانوا مرفهين جدا ولاد الكلب

 

 

العيلة كلها إنفراج حاد بالقدمين


وضحكت حتي ظن الأولاد أن بي خبل ونظرت إلي إبني الطبيب وقد عاد من منطقة التجنيد ليخبرني أنه غير لائق طبيا بسبب إنفراج حاد في القدمين !!!
وعادت عجلة الزمن للوراء إثنين وأربعون سنة وأنا أقف أمام الطبيب ليسجل لي غير لائق طبيا لإنفراج حاد في القدمين ولكن بسبب نكته قلتها لطابور المعاقين مكثت بالجيش ما يذيد عن تسع سنوات فيها ما فيها..
نظرت لإبني وقلت له إنت معندكش نكت تقولها ؟ سؤال غريب مني لإبني الطبيب الذي وقف أمام الضابط طبيب ليمرر يديه ويكتب ما كتب !!

نكته تغير مسار إنسان إلي مجهول لا يعلمه إلا عالم الغيب والشهادة فسبحان الله أن يعيش الإنسان تجربة تتكرر مرتين مع إختلاف النهاية ... أن يمتد بي العمر وأخرج من عدة معارك ليخرج الله من صلبي من يقف مثلي بنفس العلة فيحصل علي شهادة غير لائق طبيا وأحصل أنا علي شهادة أدي الخدمة العسكرية..
نظرت إلي إبني قائلا إن شاء الله ورزقت بالذكور فأرجو أن تعلمهم بعض النكات تنفعهم في يوم ما..
نظر الإبن لأمه وأخوته وقال الظاهر بابا السكر عالي عنده شوية هو أكل إيه النهاردة ؟ قلت له ستعرف عندما تقرأ رحلة الحرب والحب ورحلة الحياة

 

هكذا كانت حبيبة جبهة القتال


نخلة بجوار بيتها تؤتي أوكلها كل حين رطب جميل أصفر.
وكرمة عنب علي بابها تتدلي من أغصانها عناقيد عنب أسمر.
سمار العنب في عينها وأصفر البلح في شعرها الأشقر.

تمشي الهوينا كطفلة تلهو مع شقيقها الأصغر.
يتدلي من رأسها ضفيرتين بشريط حرير أخضر.
فسبحان من خلقها بجمالها ووجهها سبحان من صور
موناليزا بجمالها هي جمالها أكثر وأزيد أكثر وأكثر
أخشي عليها الحسد من عين الحساد الله أكبر
ويكفيني يكون إسمها كإسم بنت رسولنا الأطهر
عذرا فنور وجهها كالبدر بل وجهها أنور.
الحب نور في ظلمات الحياة    وعذرا لي فلقد كانت السينما في عهدنا تعلمنا رومانسية الحب فرضعناه فكان ثدي حانيا فكانت سلوكيتنا وتعاملنا مع بعضنا البعض مثاليا    لم نعشق للأنثي
إلا وجهها وروحها ولم نتطرق إلي جسدها الذي كنا نعتبره حد من حدود الله ممنوع حتي التفكير فيه 
أرجو منك أن تعذرني في عشق الروح  
حبيبي غريب الدار
هل فرشت العشب مثلي وتلحفت السماء
الحب عندي أن أحب كل من ينتمي لمن أحب    ولكل قصة حب عناصرها وعناصر قصة حبي كانت
حفر خنادق في جبهة قتال وإشتباكات مع عدو لم أخشي أن يصيبني ولكن كنت أخشي عليها وعلي عائلتها
فكنت أدعو الله كلما مرت من فوق رأسي ذخيرة العدو أن يبعدها عنها فلا يصيبها مكروه  
عندما تطول فترة الإشتباكات ولا تستطيع عربة الطعام الوصول للموقع لكثافة النيران أري مندوب العمدة
يحمل الطعام الكثير لموقعي ولا ينسي الشاي والسجاير    
هذه بعض العناصر الذي جعلتني أتعلق بهذه الأسرة أحبها وأزيد في مقدار الحب لحبيبة قصتي

 

بالأحضان فينك يا أحمد .. تعالي نشرب شاي عالقهوة دي.


حوار تم بيني وبين دفعتي إبن بلدي أحمد محمد أبوسليمة في السويس اوائل عام 1968.. هو في اللواء الأول مشاة يعني بجواري بحوالي 6 كيلو مكانه في عزبة الأبنودي بجوار مطار كسفريت ... سألته عن الزملاء فقال لماذا لا تأتي لزيارتنا فوعدته علي الزيارة ثم توجه كل منا الي موقعه.. كانت الإشتباكات من جانب العدو متقطعة .. أخذت إذن وذهبت لزيارة الزملاء باللواء الأول وسرت بجوار الترعة وعند ما إقتربت فتح العدو النار علي قوات اللواء الأول ... إشتد الضرب منهم ومن قواتنا .. جلست كالمتفرج علي فيلم حربي ... حضرت عربات البوليس الدولي وتم وقف إطلاق النار.. إستمريت في السير حتي وصلت الي مكان محمد أبوسليمة وجدت إخلاء للجرحي مع وجود شهيد لنا .. لم أبالي فلقد تعودنا ... سألت أين محمد أحمد أبوسليمه فقالوا لي إنه هذا الشهيد الذي تحمله عربة الإسعاف... عدت دون أن أشرب معه الشاي فقد ذهب يشرب من رحيق الجنة..


الشويش غريب إبن السويس

 

الأوامر ممنوع الاشتباك مع العدو إلا بأوامر عليا...الجار الشمال لنا كان اللواء الأول مشاة وكان عرضة دائما
لنيران العدو.. مرات عديدة نجلس للفرجة والمشاهدة وحصر الخسائر...بجواري الشاويش غريب من السويس
وهو حكمدار مدفع م / د مضاد للدبابات وترتيبه الأول علي الجيش الثالث في ضرب النار..ضابط الفصيلة ملازم
مستجد اسمه صبحي كامل الخوانكي...اشتباك ..يوجد أمامنا ثلاث نقط ملاحظة للعدو..معني نقطة ملاحظة
عيون المدفعية بعيدة المدي...توجد دبابة تخرج وتطلق القذيفة ثم تعود ..عند خروجها تكون هدفا سهلا لنا ولكن ممنوع الاشتباك إلا بأوامر...غريب ابن السويس ..يا فندم أشتبك ؟ لا ممنوع!! ..فجأة رفع غريب سلاحه في وجه الضابط وتوعده إن منعه ليضربه بالنار...طقم استعد ...إحداثيات الاشتباك...في اتجاه الساعة 11
وعلي مسافة 75 مترا بجوار النقطة الإشارية رقم 3 ..مدفع عمر ...نشن إنتظر خروج الدبابة ...إضرب
واشتعلت الدبابة..ثم وجه المدفع ناحية نقط الملاحظة فدمرها...وسكنت الجبهة....الشاويش غريب كسر الأوامر
محكمة وحكمت المحكمة علي غريب بشهر سجن وتغريمه ثمن أربع قذائف مدفع م / د جاء قائد اللواء الأول لتقديم
الشكر للشاويش غريب فوجده ميتا !! لقد أصابته صدمة عصبية من الحكم فلم يتحمل فمات بعد النطق بالحكم... Top of Form 1

 

‎5 يونية


أحمد سعيد أعلن بدأ الحرب مع إسرائيل ثم جائت البيانات بسقوط العديد من طائرات العدو ... قائد الكتيبة العقيد عادل يتصل بالقيادة ولا مجيب .. فجأة وجدنا
العقيد يصرخ في الجهاز أنا عارف إنك إسرائيلي إبن كلب ثم ترك الجهاز وطلب جندي من كل سرية ليكون همزة الوصل بينه وبين قادة السرايا .. توجد محطة مياه في منطقة الكونتلا القريبة من حدود العدو دمرت في أول المعركة التي قادها العقيد عادل مع دبابات العدو المهاجمة لنا والتي أدار نيران كتيبتنا بكفاءة قائدنا العقيد عادل
رأيت ولأول مرة كيف تنفجر الدبابات أستمر الإشتباك طوال النهار ثم ظهرت طائرات العدو لتهاجمنا دون خسائر... كنا نسمع صوت الإنفجارات في الخلف تهز الأرض من تحت أقدامنا .. كلما سمعنا صوت أحمد سعيد تهيأنا لدخول تل أبيب
في اليوم الثاني جائت الأوامر بإخلاء المواقع وركوب العربات وقيل لنا أننا سنطور الهجوم .. وتحرك كول العربات لنري أثار الدمار وتناثر الجثث وفوضي الإنسحاب

.. كتيبتنا الأولي في خط سير اللواء والعربة التي أركبها هي أول عربة .. فجأة وجدنا جنود يرتدون ملابس الشرطة العسكرية نظيفة لا أثر لإجهاد المعركة ولا يبدو
عليهم الحزن .. سألوا قائد الفصيلة ملازم صبحي أي قوات هذه.. قال الملازم صبحي نحن اللواء 113 مشاة ونحن أول الكول فطلب منا الخروج من الطريق والتجمع للصباح في منطقة معينة حتي الصباح.. أذكر أنني صرخت يا فندم دول
يهود لم ينفذ الملازم أوامرهم وواصلنا السير حتي طلوع النهارلنجد العدو قد قام بإحتلال ممر متلا المنفذ الوحيد لمدينة السويس.. الكتيبة 339 وهي أخر كتيبة في اللواء رضخت لتعليمات الشرطة العسكرية وتجمعت في المنطقة .. كانت هذه المنطقة مرصودة لغلالات من قذائف مدفعية العدو التي قام بضربته ليحدث خسائر
كبيرة في الكتيبة 339.. ثم بدأت رحلة الإنسحاب التي كتبت عنها...
الدرس المستفاد هو اللغة فالعدو يملك هذه الميزة فهو خليط من كل الجنسيات
بما فيهم اليهود المصريين وقد إستفاد منهم كثيرا.. ما بالك إذا وجدت من يحدثك بلسانك ولغتك والكل يعلم أمية أكثر الجنود ..

 

مرارة النصر وحلاوة الهزيمة


حقيقة أن نكسة وهزيمة يونية 1967 كانت صعبة فقد أوهمنا قادتنا أننا علي قاب قوسين أو أقرب في القضاء علي إسرائيل فكانت الطامة الكبري ... بلاتوه الهزيمة لا يستطيع أبرع المخرجين السينمائيين أن يجسمه فيلم من وحي الخيال فالحقيقة أقوي من ما يتخيل القارئ ورغم ما كابدناه فقد خرجنا منها أقوي مما كنا عليه تعلمنا من الهزيمة كيف يكون الطريق إلي النصر عادت الحياة طبيعية حلوها أكثر من مرها تزوج أكثر زملائي من الجنود وشاركنا معظمهم أفراحهم بل أصبحنا نسخر من الصهاينة علي الضفة الشرقية لقناة السويس .. أمالنا وتفاؤلنا ... دبت في الجسد روح القتال وإنتظار الغد بالأمل وعرفنا الله عن قرب فقد كانت القيادة السابقة بعيدة كل البعد عن الله وهكذا كانت للهزيمة حلاوة... ثم جاء نصر أكتوبر وأنتظرنا أن نقطف ثمرته ولكن كان هناك من سبقنا فسرق أحلامنا
ونهب ثرواتنا ونسب النصر له ونسي حتي شهداؤنا فجني العدو من خلالهم مكاسب نصرنا وأخذ منا ما لم يأخذه من هزيمتنا فكان هذا هو الإنتصار المر... أضحك في أسي كلما جائت الزكري وأجتمع القائد الأعلي بضباط وجنود
لم يكونوا من أهل الدنيا ونحن نحارب وننحت الصخر ثم يقول المزيع في الراديو أو التليفيزيون ها هم أبطال حرب أكتوبر !!! أتفرس في الوجوه فلا أجد فيها علامة واحدة تدل علي أنهم عاصروا هذه الحرب التي نقشت علي وجوهنا
خطوط التعب والمثابرة... ثم يمنحهم القائد الأنوطة والنياشين ... حقا يعطي من لا يملك لمن لا يستحق

 

 

كنا زمان


قطار التاسعة مساء بورسعيد القاهرة وكأنه كرنفال من الجنود بعد إنتهاء أجازتهم كل يحمل علي زراعه علامة السلاح وكذلك علي راسه الكاب أو الباريه مفتول العضلات والكل يشغلون وظيفة واحدة الدفاع عن الوطن .. وتذداد الأعداد كلما وقف القطار في محطة إلي أن نصل إلي القاهرة
فتجد السواد الأعظم من الناس هم العسكريين.. وجائت معركة 67 وأستشهد من فاز وقالوا خسائرنا كثير وأعيدت الكرة في حرب رمضان أكتوبر وأستشهد أيضا الكثير ورغم الحروب التي خضناها إذداد عددنا أضعاف ما كنا .. ما أتكلم عنه عشته في منتصف الستينات وحتي منتصف السبعينات ... في يوليو 74 طلب منا الحضور للقاهرة لتسليم مهمات القتال والحصول علي شهادة إنتهاء الخدمة العسكرية والإحتياط ثم بهتت صورة العسكريين حتي تلاشت فأين ذهبوا ؟؟ لماذا لم نعد نري الزي الكاكي والمموه ؟؟ أين ذهب سلاح الصاعقة والمظلات والأسلحة الأخري ؟ أصبح من النادر رؤية هذا الزي الذي يطمئن ... لماذا لا ينزع اليهود زيهم العسكري ونحن لا ننزع الزي الأسود الخاص بالأمن المركزي ؟؟ أصبح النداء للخلف أنظر وليس للأمام سر !! والفرق بين الخلف والأما

م شاسع فالأمام هو النظر للحدود لحمايتها أما للخلف فهو النظر بعضنا لبعض وكأن الحرب بيننا وتركنا العدو يرتع ويلعب مطمئن أن مصر في حالة خمول عسكري .. أتمني من الله أن أكون مخطئ الظن..
أعود لما أريد أن أقول وهو أن حربنا مع العدو لم تنقصنا ولكن زدنا عددا وأنا علي يقين ومؤمن أن العدو يعلم عنا أكثر مما نعلمه عن أنفسنا فأستعان بأيدينا لنضرب أنفسنا .. دخل سيناء محتلا عسكريا فأخرجناه مدحورا فدخلها محتلا سياحيا فأستقبلناه مخمورا .. أصبح عدوي ينام في بيتي أمنا مطمئنا تحت حماية من حمل السلاح في وجهه يوما بل ويطلب المزيد .. عجب العجاب أنه في زمن الحرب كان كل مواطن يعيش منظومة حياته يعلم ما له وما عليه ورغم غارات العدو في العمق لم يجبن الشعب ويطلب الإستسلام بل العكس كانوا في عجلة يطلبوا المعركة فلماذا هذا الخنوع الذي نعيشه .. أكتب هذا بعد أن ألقي صقر الكنانة بصورة إمرأة فلسطينية يحملها خمسة جنود للعدو وأقول للعدو فهو عدو حتي تقوم الساعة فماذا أعددنا لهذا العدو وأنا لم أعد أري هذا الزي العسكري المميز.. والله إن لم تحرك هذه الصورة نخوة كل عربي فإن زكر الأرنب أكثر رجولة من زكور العرب جميعا

 

 

أيام حلوة عشناها راحت وإنقضت بدري
ياريت ترجع ليالينا وأنا وإنت نعيش فيها


لماذا لا أعود لأيام الحرب وهي أجمل ما في رحلة الحياة فعندما أنظر لتجاعيد وجهي أتزكر
نضارته في أيام الحرب وعندما أإن من وهن عظمي أتزكر بروز عضلاتي وعندما أري إنحناء كاهلي أتزكر خيلاء خطوتي وعندما أشعر بكساد حدسي أتزكر الحضور الدائم لزهني...

كل سلبيات الحياة في زمني هذا وكل إيجابيتها في ماضي ذهب مع الريح..
فرق شاسع بين أن تعيش الحياة أو تشعر بها وأتزكر قول الشاعر أبو القاسم الشابي
لو أستطيع هربت من شيخوختي ورجعت أرفل في ثياب الشباب قشيبا ..
وكما قال صديق لي كانت هناك قضية لنا نعيش من أجلها وهي تحرير الأرض ولكن كعنوان فيلم قديم لشكري سرحان لماذا أعيش ؟ أكالأنعام للأكل والشرب وإنتظارنهاية الأجل ؟ أم لماذا ؟ لو عرف الإنسان الغيب لأختار الواقع .. حقيقة كان هناك الكد والتعب ولكن هناك الأمل ..في يوم22 إكتوبر إشتدت المعارك وأستشهد منا الكثير فقلت في نفسي من يكتب له الحياة بعد هذه الحرب الطاحنة سيعيش بقية عمره في راحة ورغد من العيش وكان هذا وهما لم أدركه إلا عندما عشته...
أقول هذا فأنا أري الكثيرمن الذين شاركوني وقد أكون أكثر منهم حظا فهذا يتوكأ علي عصا وهذا يإن مع كل خطوة يخطوها ولكن الجميع شركاء في البؤس الذي يكسو وجوههم فإن تكلمنا لم نتكلم عن حاضر نعيشه ولكن تكلمنا عن ماضي جميل عشناه ورغم أن الكثير منهم يحمل علامة من علامات الحرب علي جسده فهذا يمشي وإحدي قدميه صناعية وأخر مخيط الصدر والبطن يتوكأ علي عصا ترهل جسمه بشحم عدم القدرة علي الحركة والعبد لله كاد السمع يتركه
لثقبين في أذني من صاروخ ضل جسدي فأصاب سمعي .. ورغم هذا ليتنا نعود لأيام الحرب التي كانت أجمل مافي رحلة الحياة

 

ليلة الدخلة الصعيدي
أعود إليكي يا رحلتي أعود إليكي ياقصتي أنفض عنك التراب أتحسس حروفك أتمعن في كلماتك أستعيد معكي زمن كان الجسد منهكا من الحروب والسهر.. كان الضحك
مع الزملاء يخرج من القلب .. زميل لا ترجو منه إلا أن يكون سندك في المعركة تقاسمه العسر واليسر تقص عليه أدق الأسرار وأنت تعلم أنه لا
ولن يخزلك .. أتزكر زميل من عمق الصعيد بتقاليد لا يحيدون عنها أبدا وكان يعد العدة لأجازة الزفاف جلسنا زمرة من الريف والحضر نتكلم عن إسلوب ليلة الدخلة
فقال إن العريس يدخل مع أمها وبعض النسوة ومعهن الداية ثم يغلق الباب ويلف شاش علي أصبعه ثم تهيأها الداية ليدخل أصبعه ليفض غشاء البكارة ثم الزغاريد وعلي الباب الرجال تتعالي أصواتهم لتغطي علي الصرخة المدوية التي أطلقتها العروس !!! قلت والله زواج الحيوان أفضل من زواجكم .. هل هذا هو متعة الزواج

في صعيدكم ؟؟ فطلب المشورة قلت له هل تستطيع التنفيذ ؟ قال وأقسم أنه سيعمل بالمشورة حتي لو توقف هذا علي إلغاء الزواج.. قلت له عندنا ينفض السامر وبعد غلق الأبواب نتوضأ ونصلي رقعتين ثم نقدم لأنفسنا كما أمرنا الله ثم يأتي كل شيء بعدها... جاء الزميل من أجازة الزفاف والفرحة تغمره دون زملاء تزوجوا قبله
ولم يشعروا بهذه الفرحة وبالطبع كان السؤال فأقسم أنه نفذ ما قلنا له وطرد الحريم من الغرفة ورمي بقطعة الشاش علي وجه أمها التي خرجت تستنجد بزوجها وأولادها والرجال الموجودين... بالطبع هو مقاتل علي الجبهة له إحترامه حين ذاك ... عندما توسل له أبوها رفض وقال هذه العادة لا تنفع معي دي زوجتي ولن أدخل بها الليلة فـأنا وهي متعبين .. غادر الجميع الفرح وفي الصباح ذهبت الأم تطرق باب إبنتها
ليفتح مبارك الدرملي الباب ويعطيها قطعة القماش المزينة بدماء العفة والشرف بكت الأم وإختلط صراخها مع زغاريدها... كان لا بد أن يسمع كلامنا فنحن اللذين جعلناه من أمي لقارئ جيد مع بعض الإنجليزية يسبنا بها مثل تعالي يا دونكي إمشي يا كاو... هكذا كانت حياة لا ينغصها حتي القنابل المنهمرة فوق رؤسنا..
وداعا أيها الزمن الجميل


الشهيد العميد أركان حرب حسين رضوان إبراهيم


جاء لإستام قيادة الكتيبة وكنا عائدون من إنسحاب النكسة وظروفها القاسية ونحتاج لتأهيلنا وليس للإحباط
جاء المقدم حسين رضوان الذي يجمع بين صلابة الوجه ورقة القلب فإنتظم كل شيء ولكن كان معه رئيس عمليات لا يتدخل في إشتباك مع العدو في إنتظار أوامر عليا فإن لم تأتي أصبحنا في كراسي المشاهدين رغم وجود أهداف سهلة أمامنا حتي كسر الشاويش غريب إبن السويس الأوامر وقام بتدمير دبابة للعدو + 3 دشم ملاحظة فتم نقل رئيس العمليات.
نعود للشهيد حسين رضوان الذي أعاد الإنضباط للكتيبة وأعاد الوئام بين الجنود.. كان يمر دائما علينا ومعه عصا سوداء ينقب بها في الأرض كأنه عالم أثار.. كنت أنا ومجموعتي قد إستولينا علي ثمار شجرة كاملة من المانجو الخضراء ثم قمنا بدفنها مع القش في حفرة ووارينا عليها التراب .. نبش بعصاه في الحفرة فظهرت حبة مانجو فإستمر في النبش ليكتشف مقبرة للمانجو قد طابت وإستوت فأمرنا بإخراجها وكانت كمية كبيرة جدا ثم أرسل وأحضر عربة من مطبخ الكتيبة لتحمل ما قطفناه لتوزيعها علي الكتيبة بالكامل ولكنه لم ينسي أن يحرمنا منها جزاء علي ما فعلناه .. رحمة الله عليك يا شهيد الوطن .. علي طريق الإسماعلية السويس يوجد معسكر كبير يحمل إسم الشهيد حسين رضوان إبراهيم

 

نقطة مراقبة للعدو وللحبيب



شجرة كافور عالية ضخمة الجزع كثيرة الأوراق في أطراف أرض زراعية يمتلكها عمدة القرية وتطل علي قناة السويس في منطقة الشلوفة...كانت مكان إستراتيجي لمراقبة العدو علي الضفة الشرقية .. الصعود إليها عن طريق قطع من الحديد مثبته بقوة في جزع الشجرة مع وجود حبل سميك للإمساك به عند الصعود ووجود لوح خشب للجلوس للمراقبة بواسطة نظارات الميدان وتقوم الأوراق والأغصان بعمل
التمويه اللازم...مدة المراقبة 4 ساعات للفرد .. يوجد حبل رفيع لربط أي شيء ورفعه للمراقب من طعام ومياه وأي شيء...
في نوبة مراقبتي دائما ما تأتي زينب بصرة الطعام وبراد الشاي وعلب السجائر ثم تنادي لكي أسحب الحبل لكي أتناول طعام يغنيني عن طعام الجيش فأتبرع بحصتي للزملاء الحاسدين لي علي نعمة حبي لزينب...
أتت يوما والهدوء يسيطر علي الجبهة وفجأة حدث إشتباك فطلبت منها الإسراع بالعودة وترك ما معها .. وضعت صرة الطعام علي الأرض وهرولت راقبتها حتي نزولها الي خندق أقامه والدها بجوار المنزل ثم شرعت في الإبلاغ عن الأهداف الإسرائلية .. عندما إنتهي الإشتباك وإنتهت مدة مراقبتي نزلت لأجد زملائي وقد أتوا علي الطعام كله فهرولت أنا الي منزل العمدة صارخا جعان ... رحمة الله عليكي يا زينب وعلي أبوكي وأمك وإخوتك وإعلمي أنني أقول في سجودي اللهم إرحم أبي وأمي وإرحم زينب وأبوها وأمها وسيكون ترحمي لكي في صلاتي دائمة حتي ألقاكي عسي الله أن يحشرني مع من أحب وقد أحببتك

 

الي الصديق الجديد محمد قاسم
قصة الشهيد محمد أحمد قاسم دفعتي من بورسعيد

عندما جائت الأوامر بالإنسحاب من سيناء 67كنا في منطقة تسمي بالوادي الغبي بالكونتيلا كان الشهيد محمد أحمد قاسم هو كاتب الكتيبة وهو دفعتي 65 مؤهلات ..كان ممثل محترف يفوق محمود يس في الأدوار المسرحية لو صدق محمود يس لإعترف بأن محمد قاسم أستاذه.. رغم الجبال وعدم الإمكانيات كان يخرج للجنود مسرحيات بطريقة الإسكتش تزكرته عندما قرأت طلب صداقة من محمد قاسم... ركب عربة العمليات محتضنا سلاحه والألة الكاتبة أستشهد داخل عربةالرئاسة
الشهيد أحمد محمود حلبية وهو من نفس الدفعة التي دفعت ضريبة الوطن كما ينبغي وهي أشهر دفعة علي مر الزمن منذ باكورة الجيش المصري دفعة 1965 مؤهلات الذي شرفني الله أن أكون فرد منها...كان الشهيد أحمد حلبية رجلا بما تحوي هذه الكلمة صحيح لم تأتي الفرصة للتعامل المباشر مع العدو ولكن شهادة أتحمل عواقبها أمام الله أنه بعد نزولنا من العربة للجري إلي الجبال وكنا أمام ممر متلا قال لي إنتظر سأصعد للعربة

لأحضر شوية قنابل يدوية لكي نتعامل بها مع العدو وعاد للعربة وأنا أحثه بالسرعة ولكن طائرة للعدو أصابت العربة بقذيفه جعلتها كتلة من اللهب وأحمد بداخلها ولم أعثر علي جثته...عندما وصلت بورسعيد جاء والده يسألني عنه فأنكرت رؤيتي له.. عند الرجوع للكتيبة وجدت خطاب مرسل من والد أحمد حلبية قبل المعركة ... فتحت الخطاب وجدته يدعوا لإبنه بالشهادة قبل النصر
أخذت الخطاب وفي أول أجازة ميدانية ذهبت الي بيت حلبية وقلت لوالده هل أنت مرسل هذا الخطاب قال نعم ألم يستلمه ؟؟ قلت لا ولكن دعوتك مستجابة وأقسمت له إنه شهيد بما تحمل الكلمة وقصصت له القصة فإبتسم وخرج يبكي ثم عاد مبتسما مرحبا بأخر من رأي إبنه
كنا في اللواء 113 حوالي 137 جندي مؤهلات دعة 65 بعد 67 كنا حوالي 6  جندي بعد 73 كنا أربعة متخلفين من ركب الشهداء ..حامد حسين حامد من أسوان محمد عبده إسماعيل شابون من رشيدمحمد السيد فرج العاصي من بورسعيد والحزين علي فراق الأحبة كاتب الكلمة

 

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech