Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

السرب 77 قتال - الفصل العاشر

 

إنقلاب

 

إنقلاب تام أحس به طياروا السرب 77 بعد عودتهم لمطارهم السري في اواخر أغسطس 1970

فقد أنعكست حاله الهدوء علي الجبهه وتماسك وقف إطلاق النار الي حاله أسترخاء وسط الفنيين والجنود وبدأ هذا الاسترخاء يتسرب الي نفس الطيارين حتي أحمد نفسه تأثر بذلك، ولعده أيام ظل الرجال علي الارض بدون طلعات مما سَرب الي نفوسهم الملل ، في تلك الايام أجتمع احمد مع قيادات القوات الجويه والتي ابلغته بضرورة الاستعداد للانتقال مع رجال السرب الي احد مطارات الدلتا ، حيث أدي السرب دورة المطلوب منه كاملا في الخطوط الاماميه ، وحتي انتهاء وقف أطلاق النار فأن السرب سيتدرب فوق الدلتا والصحراء الغربيه ، وبالفعل عاد أحمد لقاعدته وأبلغ الرجال بذلك ، ووسط حزن اهالي كفر نور غادرت عشرات السيارات حامله الفنيين ومعداتهم والوقود والذخائر في نفس الوقت الذي أقلعت طائرات السرب لاخر مرة متجهه غربا ، نحو مطار حقيقي سيعمل منه السرب بعد ذلك ، وبناء علي تعليمات احمد فقد قام السرب بدورتين حول كفر نور للتحيه والوداع .

وقبل استقراراة في مطارة الجديد ، وجد احمد ان السرب تم تنظيمه داخل تنظيم اللواء 104 دفاع جوي والذي يتمركز في عده مطارات بالدلتا ومهمته الدفاع الجوي عن الدلتا والقناه ، وبه أكفأ طياري المقاتلات في مصر .

كانت سمعه السرب 77 تسبقه قبل وصوله الي مطارة الجديد ، وأستعد جميع الطيارين لاستقبال هؤلاء النسور الذين أطلق عليهم اليهود لقب الاشباح وقد شاع هذا اللقب بين اوساط الطيارين ، وأصطف عدد من الطيارين بالمطار الجديد لاستقبال نسور السرب 77 وهو يهبطون علي الممر ، وأول ما لفت انتباه الجميع علي الارض ، هو ان طائرات السرب هبطت علي مسافه صغيرة جدا من الممر واندفعت نحو الدشم المخصصه لها في سرعه كبيرة ،وعلي الفور أستعد بقيه الطيارين لاستقبال سيارة النسور التي سرعان ما وصلت الي حيث غرفه الطيارين ، نزل أحمد ومن خلفه طياريه وكان احمد علي علم بأنه سيكون قائدا لسرب الاعتراض الجوي بالمطار ، والذي يتواجد به عدد قليل من طائرات السوخوي الاستطلاعيه وطائرات أقل من اليوشن 28 القاذفه المتوسطه ، أٌستقبل الطيارين أحمد وزملائه بكل حفاوة وقاموا بالتعارف سريعا .

وفي المساء وكعادتهم منذ بدء الحرب ،أجتمع احمد بطياريه لوضع الخطوط العريضه للمرحله المقبله وطبقا للمخطط فانها ستشمل تدريبات قويه جدا تبعا لتعليمات رئيس الاركان الذي زارهم في اليوم نفسه ليشد من ازرهم ويراجع علي تنسيق التعاون بين السرب وبيقيه الاسراب في المطارات المجاورة .

كان فضول بقيه الطيارين في المطار شديدا جدا لمعرفه قصص السرب 77 وبطولاته لكن طياري السرب كانوا حائطا منيعا من السريه كما تعلموا في بدايه تشكيل السرب ، فلم يفلح اي من الطياري الاخرين في معرفه اي شئ من احمد او زملائه عما قاموا به .

وعلي الجانب الاخر ، نجد ان احمد حافظ علي تركيز طياريه الشديد في التدريب علي الاقلاع والهبوط السريع وسط اعجاب بقيه الطيارين من براعه هؤلاء الطيارين في التحرك علي الممرات بسرعه تجاه الدشم المخصصه لهم ، والاقلاع السريع جدا في ازمنه اقل كثيرا من الازمنه المطلوبه

وبعد عده الايام بينما رجال السرب مجتمعين في الغرفه المخصصه لهم بالمطار يتناقشون، دخل أحد الجنود مهرولا ليخبرهم بأن الاذاعه تذيع علي كل تردداتها قرأناَ وكذلك التلفزيون !!

فتعجب الرجال وأسرع عمر الي جهازة الصغير ، ليتأكد الجميع من الخبر ، وبعد فترة صمت وقلق عن سبب ذلك ، خرج صوت المذيع حزينا يقدم نائب الرئيس – السيد انور السادات .

فنظر محمد لاحمد ، فوجد الدموع تترقرق في عيني أحمد وتأبي أن تنهمر ، وبدأ صوت السيد السادات يحمل حزنا وهو ينعي الرئيس عبد الناصر ...................................................................

عم الصمت جنبات الغرفه للحظات ، رغم ان  هؤلاء الرجال المتميزين بسرعه رد الفعل العالي جدا فهم لم يتمكنوا من فهم ما يحدث او بالاحري لم يستوعب عقلهم تلك الكلمات التي ينقلها المذياع .

كان صوت النحيب يخرج من الراديو بجوار صوت السادات المتحشرج والذي وضح انه يجاهد لكي يكمل ما يقرأه بصعوبه بالغ .

وبعد ثوان خرج صوت عمر يشق الصمت ويرج الغرفه رجا وهو يصيح في لوعه (( لا)) ، واندفع محطما نافذه الغرفه بقبضه يده في لوعه والم شديدين ، هب أحمد من مكانه ليمسك بيد عمر الملطخه بالدماء ، وينظر عمر الي عيني احمد غير مصدق ، فلا يري غير الدموع تنهمر ببطء فيتأكد مما يقاومه عقله

(( مش معقول يا فندم – مش معقول )) قالها عمر في حسرة ، ثم ارتمي في أحضان احمد باكيا كطفل صغير ، وشاركهم وليد وخالد في البكاء ، أما محمد فقد وضع رأسه بين يديه وأطلق العنان لدموع متحجرة منذ اعوام ، بينما طارق أستند علي حائط يعلوة صورة الرئيس عبد الناصر ، وفي صمت نزفت عينيه شلالا من الدموع اللا نهائيه .

عم المطار حاله من الانهيار التام بين افراده ، فالرجل الذي كان والدهم والذين عاشوا معه احلي أيام وأقسي أيام قد رحل بلا رجعه ، الرجل الذي علمهم معني الكرامه والكبرياء والحريه مات

فكر عقل احمد لبرهه في التمالك والتماسك ، لكل قلبه كان ينزف بضراوة فأنهارت دفاعته امام الاحساس الفجائي الذي ملئه بالخوف .

هو نفس أحساس الطفل الذي يفقد والده وسنده وظهرة الذي يلجأ اليه وقت الشده ، وها هو يقف وحيدا في صحراء مليئه بالضباع والذئاب والتي تستعد لمهاجمته في اي وقت ، فكيف يدافع عن نفسه وعبد الناصر قد مات ، كيف يقاتل وحده الان .

أحساس قاتل للرجال ملئهم رعبا وهلعا ، كان طارق اول من تحدث بصعوبه بالغه منهيا صمت الغرفه

(( أستغفر الله العظيم – بس انا كان عندي احساس مليني إن الريس مش ممكن يموت !!!)) ويلي ذلك حاله اخري من الصمت والبكاء

يرد وليد (( دا احنا كنا لسه معاه من اسبوعين، خلاص مش هنشوفه تاني بالبساطه دي؟ ))

خالد (( النكسه موتته – حسبي الله ونعم الوكيل في اللي عملوا فينا كده ))

صوت محمد من خلف يديه (( وحدوا الله يا جماعه )) فتتعالي عبارات التوحيد من الرجال ، فيستكمل

محمد (( الموت علينا حق ، ولازم نتماسك ومنكفرش بربنا )) فتعالت عبارات الاستغفار من فم رجال كسرهم خبر وفاه رجل وأب وزعيم لهم جميعا ، فلا غريب ان يحسوا جميعا بالخواء وعدم الامان .

 

وليلا ينزوي كل منهم في غرفته صامتا حزينا دامعا مفكرا في المستقبل الذي ازداد اظلاما بعد رحيل الرئيس ، وتأتي أشاره عاجله من القياده برفع حاله الاستعداد للدرجه القصوي تخوفا من أستغلال أسرائيل لانهيار معنويات الجيش وتقوم بخرق وقف اطلاق النار ، دار في عقل احمد منطقيه ما تفكر فيه القياده ، لكن اللا منطقي هنا هو وضع طياريه بحالتهم السيئه تلك في حاله أستعداد قصوي ،فأمضي جزء من الليل مفكرا في حل لهذه المشكله .

 ومع اول ضوء لبس ملابس الطيران ، وأخبر رجاله بالتعليمات الجديده وامرهم بنسيان ما حدث بالامس وأمضي وقتا في خطبه لشد ازر رجاله وختمها بقوله (( انا هاكون في طيارتي  حاله اولي ،وبعد عشر دقايق عايز كل واحد منكم يجهز ويكون في طيارته – عبد الناصر مات وعايزنا ننتصر ، ومش هننتصر واحنا قاعدين نعيط عليه ، لا هننتصر واحنا في طياراتنا جاهزين ومستعدين لاي عدو ))

ثم انصرف بسرعه مغادرا الغرفه نحو طائرته .

لم يفكر اي منهم في ما قاله احمد ، فبداخل كل منهم عزيمه وقوة وايمان بالواجب ، لكن جلال الخبر هز الرجال من اعماق اعماقهم بكل عنف وقوة ، فبعد ثوان من مغادرة احمد ، تحرك كل منهم بدون ان ينظر للاخر خارجين من الغرفه حاملين خوذاتهم بتثاقل كبير متجهين نحو دشم طائراتهم .

قطع محمد الصمت (( انا هاكون حاله اولي مع كابتن احمد )) ولم يرد احد من طياري السرب ، انما أتجههوا نحو طائراتهم في صمت ، تابعه صمت اخر وحزن من الفنيين ، فالجميع يعمل بجهد وعرق لكن بلا روح فالحزن يملئ الوجوة والاعين في وضوح تام .

أستمع احمد في اللاسلكي الي تبليغات غرف العمليات المتتابعه بعدم وجود نشاط جوي يذكر علي الجبهه ، ومع مرور الوقت أبلغ احمد قيادته بأنه سيخرج عدد من الدوريات المقاتله فوق منطقه عمليات السرب فوافقت القياده ، فأمر عمر وطارق بالاقلاع في دوريه قتال يليهم خالد ووليد ، وبالفعل وعلي مدار ساعه ، نظم السرب عدد من الدوريات المقاتله ،

فقد كان احمد يتذكر نصيحه قائده السابق العقيد تحسين زكي في الهاء الطيارين عن همومهم الشخصيه بالطيران ، وعلي ذلك قرر ان يقوم بعمل تدريب سريع ، بينما هو ومحمد في دوريتهم امر خالد ووليد بالاقلاع السريع لاعتراض عدو وهمي والاشتباك معه ، بينما قام وهو ومحمد بدور العدو ، علي ان يظل عمر وطارق للتعزيز ، وفعلا تم التدريب علي الاشتباك الجوي وعادت الطائرات ، وفي المساء وضع احمد فرضا عليهم بتخطيط نظري لمناورة وتكتيك بين طائرة مصريه واربع طائرات معاديه بهدف خروج الطائرة المصريه من الاشتباك سالمه .

كان ذلك الهاء اخر لهم عما يسمعونه في الراديو من احزان الشعب ، بينما يتوجه الملايين من شتي بقاع مصر متجهين للقاهرة للمشاركه في وداع رئيسهم لمثواه الاخير .

كان الفرض الذي وضعه احمد شبه مستحيل نظريا ،لكنه المح لطياريه بوجود حل لهذا الفرض ، مما شغلهم لفترة ، لكن وصول اشارة من القياده قطع تركيز احمد ، كانت الاشارة تشير الي وجوب وجود مندوب من السرب للمشاركه في الجنازة في اليوم التالي ، وعند طرح الموضوع للنقاش بين طياريه أندفع الجميع بحماس طالبين المشاركه ، ولعدم حدوث أختلافات بين الرجال أقترح احمد عمل قرعه وبالفعل تم عمل القرعه ليفوز محمد بها وسط خيبه امل من الجميع .

وفي اليوم التالي تابع الجميع الجنازة علي الهواء مباشرة ، فبينما قبع احمد في طائرته ومعه طارق في طائرات الاستعداد ، فقد أصطحب عمر الراديو الخاص به تحت جناح طائرته وشاركه وليد وخالد في الاستماع

وبينما شمس الخريف تلفح وجوة الرجال في ثبات ، فقد أستمعوا الي أصوات المذيعيين الباكيين يصفون المشهد الجلل الذي تدور وقائعه في قلب القاهرة حيث غلب صوت الملايين من المواطنين علي صوت المذيع وهم يرددون بدون اتفاق مسبق اغنيه واحده (( الوداع يا جمال يا حبيب الملايين ))  فانهمرت الدموع من الطيارين بينما يسمعون الشعب يودع زعيمه ، وأستمر الحال علي هذا المنوال حتي نهايه الجنازة قرب المغرب ، وبعد عده ساعات عاد محمد في حاله رثه جدا ، واخبرهم ان الجنازة الرسميه قد اختفت بعد دقائق فقط ، حيث اندمج الشعب وسط الجنود والضباط ، وذاب هو وسط حشود البشر الباكيه ،وظل يسير وراء النعش لمسافه طويله حتي وصل لمثواه الاخير بصعوبه بالغه .

مر يومين علي جنازة الرئيس عبد الناصر ووضحت الصورة بأن انور السادات أصبح الرئيس الجديد

وهو ما كان موضوع مناقشات الرجال في اوقات الراحه .

وبعد عده أسابيع من الهدوء تم تعديل البرنامج التدريبي للسرب ، فقد أشترك السرب في عده مناورات للقوات البريه وتم تخصيص السرب للقيام بدور العدو الجوي ، لكي يرفع من مستوي بقيه الطيارين .

وبالفعل أشترك السرب في عده طلعات ضد طائرات مصريه ، ووضح وجود طيارين متميزين جدا في بقيه الاسراب ، فقد أستطاع احد الطيارين اصابه أحمد قائد السرب في مناورة رائعه ، بينما أستطاع أخر اصابه محمد، مما يعني أرتفاع مستوي بقيه الطيارين بصورة كبيرة ، عما كانوا عليه من سنوات مضت .

وفي بدايه عام 1971 اعلن الرئيس السادات ان عام 71 هو عام الحسم ، وبالفعل كانت الاستعدادات في القوات الجويه تسير علي أساس وجود حرب  في نفس العام .

ومع تمدد وقف إطلاق النار بصورة غير رسميه ، فقد وصلت القوات المصريه الي حاله اللا سلم واللا حرب ، فالاشتباك مع العدو في حاله الرد فقط ولا يسمح بأي اعمل هجوميه مع العدو ، وكانت المجموعه 39 صاعقه هي الوحيده المسموح لها العبور ومهاجمه العدو ، تحت ستار اعمال مقاومه يقوم بها عرب سيناء ، بعد ان اصبح اسمها الرسمي (( منظمه سيناء العربيه ))

وفي منتصف مايو 1971 أطاح السادات بمن اسماهم بمراكز القوي والتي كانت تخطط للاطاحه به ،وأصبح انفراده بالحكم واقعا ،  وفي تعليقه علي ذلك اثناء اجتماع مع قاده الاسراب في يونيو ، ذكر الرئيس السادات ان هذه المجموعه حاولت الانقلاب عليه وانهم كانوا يتصنتون علي تليفونه الخاص وانه رفض أن تكون تلك المجموعه بمثابه اوصياء علي مصر ، وبسؤالالرئيس عن موعد معركه التحرير ،بدأ الرئيس يتعلل بأن الوقت غير مناسب نظرا لان السوفيت لم يوفوا بتعهداتهم لعبد الناصر بشأن توريد الاسلحه وان الجيش المصري يعاني من نقص في الدبابات ووسائل الحرب الالكترونيه وطائرات الردع التكتيكيه TU 16 .

كانت محصله الاجتماع يسمعها الطيارين نقلا عن احمد والذي كان الغضب يملئه وهو يحكي وشاركه الجميع

(( يعني مش هنحارب .... )) قالها محمد غاضبا بشده مستخصلا نتيجه الحوار وتابعه باقي الطيارين في مشاعر الغضب ، الا ان طارق كان لديه وجهه نظر مختلفه عندما قال

(( يا جماعه – احنا ترس في منظومه فيها فوق المليون ترس وزي خليه النحل ، احنا النحل الشغال بنفذ الاوامر بس مش بنصنعها )) عمر متسائلا (( تقصد ايه ؟))

طارق (( الغضب والاعتراض مش هيجيب نتيجه – احنا دورنا نتدرب ونتدرب ونتدرب وننتظر الاوامر عشان لما تصدر ،ولو حتي بعد سنه ، نكون جاهزين لها )) صمت الجميع ، وإن كان صوت العقول التي تفكر بقوة يتعالي عاليا في ارجاء الغرفه .

وكما توقع محمد ، فقد حل اول سنه 72 بدون حرب ، وإن كانت التدريبات مستمرة بقوة ولا يكاد يمر يوم بدون طلعات تدريب .

وفي أبريل 72 تم تعيين اللواء حسني مبارك قائدا للقوات الجويه ، بدأ الرجل النشيط والمحبوب في اوساط الطيارين عمله بسرعه وأخذ التدريب مسار اقوي واعقد من قبل .

 

فتم البدء بتدريب السرب 77 للقيام باعمال هجوميه ، فبدلا من تحميل صواريخ جو- جو بدء في تحميل قنابل وصواريخ ، وكان ذلك جديدا علي طياري السرب الذين وصلوا لمرحله تشبع من التدريبات الجويهوالاشتباكات المستمرة فتم تعيين منطقه معينه للسرب للقذف  ، وقبل طلعه القذف تم اصطحاب الطيارين للمنطقه  ووسط ضباط القوات الجويه تم عرض صور الهدف عليهم ، فهو مركز قياده للعدو يقع علي مسافه 40 -45 كيلو من القناه وتحميه بطاريه صواريخ هوك متطورة ، وعلي الطبيعه شاهد الطيارين بأنبهار موقع مماثل لما في الصور من منشأت المركز ومجسمات لدبابات العدو المنتظرة به ، فأعجبوا بدقه الاستطلاع والتخطيط ، وتبقي عليهم دقه التنفيذ .

وتم اعطائهم التعليمات بأن المرحله الاولي من التدريب والتي ستسمر مده ، تتضمن الطيران الطيران علي مستوي منخفض ، فتبسم وليد قائلا (( احنا فعلا متدربين علي الطيران المنخفض )) فأردف الضابط المتولي الشرح بأن ارتفاعهم المنخفض ليس كافيا وإنهم يجب ان يقللوا ارتفاعهم اكثر حتي ارتفاع 15  متر فقط حتي يمكن الاختراق وسط الدفاعات الجويه الاسرائيليه وقصف الهدف بعد التعامل مع رادار بطاريه الصواريخ اولا لتعطيل البطاريه ، وتم وضع الاهداف والخرائط  وعاد احمد ورفاقه الي مطارهم لدراسه الخرائط  والتخطيط للتنفيذ.

في اليوم التالي قام السرب بطلعه استطلاعيه فوق هدفهم التدريبي ومعاينته قبل ان يعود السرب للمطار مرة اخري لدراسه الطريق مرة اخري .

في تلك الليله حضر الدمنهوري لزيارتهم لاول مرة منذ ان تركوا المطار السري منذ ما يقرب عام ونصف

فقابله الجميع بترحاب كبير جدا ، وامضي الرجال ردحا من الليل يتسامرون ويتحدثون في امور الدنيا والحياه بعيدا عن اي احاديث عسكريه .

وأضفت زيارة الدمنهوري روحا جديده علي الطيارين الذين عادوا لنشاطهم مرة اخري ، ناهيك عن كم الهدايا التي احضرها الدمنهوري للطيارين والفنيين في مختلف انحاء المطار .

وفي اليوم التالي بدأت الطلعات للتدريب علي الطيران المنخفض جدا بعد دراسه مسار السرب من مطارة حتي الهدف الحقيقي في عمق سيناء .

وبدأت مسابقه في الطيران المنخفض بين الطيارين ، و برز محمد متقدما علي الجميع ، فطائرته تكاد تلمس قمم الاشجار في فدائيه وتابعه بقيه الطيارين لكن بشئ من الحذر .

ومع توالي التدريبات في يوليو1972 فوجئ الجميع بقرار الرئيس السادات بطرد الخبراء السوفيت من مصر ، وتباينت ردود الافعال بين الطيارين ،

فبينما يري احمد ان السادات لن يحارب وانه اوضحها صريحه الان بعد طرد السوفيت وشاركه معظم الطيارين في ذلك ، الا ان محمد كعادته كان له رأيا أخرا ، فهو يري ان خروج السوفيت مكسب لمصر حيث ان السوفيت عامل هدام وليس بنًاء داخل الجيش المصري وعلل ذلك بأنهم يضربون اهم ما تستند عليه اي قوة مسلحه الا وهي روحها المعنويه ، وانهم يضربون روحنا المعنويه في مقتل ،وأستمر النقاش حتي أمر أحمد طياريه بالاستعداد لطلعه تدريب اخري قبل اخر ضوء، وأقلعت الطائرات متجهه لهدفها التدريب وهي محمله بالقنابل وعلي ارتفاع منخفض جدا ، ثم عادت لمطارها مرة اخري بعد عمل قصف وهمي للهدف .

في ذلك الوقت كان احمد قد استقر علي خطته لتنفيذ الهجوم ،وشارك الطيارين فيها لاول مرة

(( طيارة مننا هتسبق علي اقل ارتفاع وتضرب رادار الهوك ، وتفتح لباقي الطيارات ممر نقدر نشتغل منه فوق الهدف ، لاننا ممكن نلاقي نفسنا مضطرين لعمل دورة تانيه حول الهدف وضربه مرة تانيه ، والدورة التانيه دي هتعني تزايد احتمالات الضرب علينا واصابتنا ))ثم واصل شرحه التفصيلات

(( الطيارة المخترقه الاولي ومعها طيارة تانيه هيكون معاهم صواريخ جو جو كمان ، عشان يحموا الطيارات الاربعه الباقيين بعد كده ، اللي مهمتهم الوحيده دك الهدف بكل قوة ، عايزين نساوي الهدف بالرصيف ))

توالت التدريبات لفترة زمنيه اخري وسط متابعه قاده القوات الجويه ، حتي وصل السرب لدخول منطقه الهدف علي ارتفاع 15 متر فقط ، وهو ما يعد رقما مستحيلا ويتطلب مهارة عاليه

وفورا تم الانتقال للمرحله الثانيه الا وهي القذف الفعلي للهدف وتنفيذ الهجوم بالذخيرة الحيه

تطوع محمد للقيام بدور الهجوم الابتدائي المنفرد ضد رادار بطاريه الهوك ووافق احمد علي ذلك ، علي ان يقوم طارق بحمايه السرب من اي تدخل جوي .

وأقلعت الطائرات واتخذت مسارها علي ارتفاع منخفض ، وقرب  نقطه تماثل قناه السويس ، انخفضت الطائرات اكثر وقللت من سرعتها تاركه محمد يتقدم في الامام ، وبالفعل اتخذ محمد المقدمه بأقصي سرعه حتي وصل لمنطقه الهدف وقذف الرادار ، وسمعه احمد في اللاسلكي

(( النسر الاصلع فتح الطريق للاشباح )) فرد أحمد (( الاشباح في الطريق ، واصل الحمايه – انتهي ))

فأرتفع محمد وطارق وبدأوا في الدوران لتنفيذ مظله لقوة الهجوم

وقرب الهدف ارتفعت الطائرات بزاويه كبيرة لتكتسب ارتفاعا ، وبتنسيق ومهارة ، عادت وانقضت علي اهدافها ، فتم تدمير المبني الذي يمثل مقر القياده الاسرائيلي بأصابات مركزة ، ثم التحم السرب عائدا بينما طارق ومحمد يحميان مؤخرة السرب

وليلا وصلت للمطار اشارة بنتائج التدريب وانها ممتازة جدا ، وختمت الاشارة بضروة استمرار التدريب علي نفس الهدف يوميا يتخلله مرة واحده اسبوعيا بالذخيرة الحيه

وطوال الاشهر الاخيرة من عام 1972 قام السرب بـ 54 عمليه هجوم علي الهدف منها ثماني مرات قصف بالذخيرة الحيه .

وبعد فترة دخل بند جديد في التدريبات والذي كان مشوقا للجميع ، فقد تعلم طياري المقاتلات من الطيارين الباكستانيين في سوريا مناورة جديده ورهيبه جدا من شأنها ان تقلب سير اي معركه جويه لصالح النسور المصريين ، وببطء تم استيعاب مناورة الموت كما اطلق عليها طارق عندما تم شرحها لهم نظريا

فالمناورة ببساطه تقضي ان تصل بسرعه طائرتك الي سرعه الصفر مما يعني ان طائرات العدو التي تحاول الضرب عليك من الخلف لابد وان تمر من خلفك لتصبح امامك لانها لا تستطيع ان تصل لنفس السرعه

ومن ثم يتحول الصياد الي طريده ويتحول الهدف الي صياد .

ورغم ان الكتيب السوفيتي للميج 21 يقول صراحه كما قال احمد انه اذا قلت سرعه الطائره عن اربعمائه كيلو متر في الساعه فأن الطائرة ستسقط لكن الطيارين المصريين العائدين من سوريا شرحوا لهم خلاف ذلك، بل تم اصطحاب الطيارين في طائرة تدريب ميج 21 ثنائيه المقاعد لكي يشاهدوا هذه المناورة علي الطبيعه ،

وبعد عده طلعات استوعب احمد ورفاقه تلك المناورة ، وتم التأكد من امكانيه تنفيذها  واصبح دورهم الان التدريب عليها علي ارتفاعات مختلفه بمفردهم واتقانها تماما،  وكان الجميع متردد في استخدام تلك المناورة علي ارتفاع متوسط ، فبدأ احمد في التلقين بأرتفاع عال لتنفيذ تلك المناورة والتي تتطلب مهاره شديده وثقه عاليه في امكانيات الطيار والطائرة معا ، ومع مرور الوقت بدأ ارتفاع التدريب ينخفض ليصل الي ارتفاع متوسط وهو الارتفاع الاكثر شيوعا اثناء الاشتباكات الجويه .

وفي احد الليالي اجتمع الجميع في الميس بينما احمد في غرف عمليات المطار قطع محمد الصمت صائحا

(( طب ما نجرب نعمل مناورة الموت دي علي ارتفاع واطي ))

ضحك عمر قائلا (( دا انت عايز ترشق زرع بصل في الارض ))

محمد بجديه (( لا لو استعملت الفلابس في الوقت المناسب هخلي الطيارة تلم نفسها بسرعه اكتر وده معناه اني اقدر اكسب ارتفاع بسرعه اكبر ))

طارق مفكرا (( وهتستفيد ايه من المناوره علي الارتفاع ده ؟؟؟))

محمد مبتسما ابتسامه ماكرة (( هستفيد ان اليهودي اللي داخل ورايا هيرشق في الارض لانه مش هيقدر يعمل غير كده او انه يرتفع بعيدا وهو متلخبط ومتبرجس ))

تعالي صوت العقول بينما صمتت الالسنه لبرهه قطع خلالها دخول احمد الميس الصمت متسائلا عما يحدث ، وقص عليه الرجال فكرة محمد وتشكك طارق الا ان احمد انحاز تجاه محمد قائلا بحماس

(( طب ما نجربها هنخسر ايه ، احنا عمالين ننزل بأرتفاعنا حتي ارتفاع 6500 قدم طب ما نجربها علي 5000  مثلا وهنشوف النتائج ولو فعلا فكرة محمد نجحت نجربها علي 4500 قدم ))

عمر (( خطر يا فندم ))

محمد (( لو حد جه من شهرين وقالك انك تقدر تطير بالميج 21 بسرعه صفر هتقول له ايه؟؟ هتقولوا عليه مجنون صح ؟؟ طب ما نطور المناورة دي ومين عارف فعلا ؟احنا عندنا امكانيات كويسه ))

احمد (( احنا هنكسب طيارة يهودي ترشق في الارض بكل سهوله لو الطيار مكنش صاحي ميه ميه ))

وفي اليوم التالي اقلع محمد ليجرب تلك المناورة وفي اعلي برج المراقبه احمد يتابع بنظارته المعظمه بينما انتشر الطيارين حول المطار يتابعون المناورة الجريئه .

استوي محمد علي ارتفاع 2000  قدم وبدأ ينفذ المناورة فوق المطار ، وانطلقت طائرته لاعلي بسرعه عاليه حتي فقدت كل قوه الدفع و توقفت عن الصعود العمودي ، وبدأت تهبط مكانها تجاه الارض بفعل قوي الجاذبيه ، ودوي الصمت في ارجاء المطار والجميع يتابع طائرة محمد تسقط عموديا الي الارض ، وعلي ارتفاع 5000 قدم امال محمد طائرته تجاه الارض وبدأ في اكتساب سرعته مره اخري لكي يتحكم في طائرته مره اخري ، مرت كسور من الثانيه تعادل زمنا علي الرجال وهم يرون محمد يعيد لطائرته السرعه مرة اخري وينطلق بها في سرعه كبيرة فوق المطار علي ارتفاع منخفض فتهلل الجميع فرحا ، واخبره احمد ان يعيد التجربه علي ارتفاع اقل ، فعاد محمد لتكرار تجربته من ارتفاع اقل ، ومرة اخري بدأت طائرته تهوي تجاه الارض .

كان طارق في طائرته مستعدا كحاله اولي لكن عينيه كانت متسمرة علي طائره محمد والتي تهوي تجاه الارض بسرعه ، وبدأ محمد مرة اخري يحاول استعاده السرعه للتحكم في الطائرة وتوقفت الانفاس عن الخروج من صدور الرجال وهم يرون طائره محمد تختفي خلف قمم الاشجار في اخر الممر ، وبسرعه البرق تسرب القلق والخوف في القلوب وتوقع عمرسماع انفجار ، لكن ما سمعوه جميعا هو صوت محرك الطائرة يدوي باقصي قوة ، وظهرت طائرة محمد من خلف قمم الاشجار وهم تخلف عاصفه من الاتربه العالقه بقمم الاشجار ، واستمرت طائره محمد في الانطلاق فوق الممر علي ارتفاع منخفض جدا .

فتهلل الجميع طربا من نجاح تلك التجربه الجريئه ، وعاد محمد للمطار وباطن طائرته ملئ بأثار الاشجار التي مر فوقها ، فارتفاعه كان اقل من 15 متر .

وفي الايام التاليه تدرب الرجال علي تلك المناورة من هذا الارتفاع ، وتواترت الانباء علي مستوي القوات الجويه بالارتفاع الجديد الذي سجله السرب 77 في تلك المناورة وشاركه في هذا الرقم طيار اخر لكن احدا لا يستطيع ان  ينافس هذا الرجل في طيرانه المنخفض ، فهو سمير عزيز ميخائيل  او الاسطوره ، فلا طيار في مصر او في المنطقه كلها يستطيع ان ينافسه في الطيران المنخفض الجرئ ، فهو ليس متهورا او مجنونا بل علي العكس تماما فهو ماهرا وعاقلا لابعد الحدود ، لكن طريقته في الطيران كانت ملهمه لكثير من الطيارين الاخرين .

ومرت الايام والاسابيع علي الرجال والتدريبات مستمرة وعادت حاله الملل تعصف بالرجال عصفا

وفي احد الليالي البارده ، وبينما الرجال يرتشفون الشاي في غرفه الطيارين ودخان السجائر يملئ فضاء الغرفه ، نهض محمد من كرسيه صائحا بغضب (( وايه فايده التدريبات اللي تقطع الحيل دي ؟؟؟))

فقال أحمد تاركا كتاب كان في يده (( مالك يا محمد ؟))

فواصل محمد متذمرا (( يا قومندان بقالنا خمس سنين علي الحال ده ، واليهود لسه طابقين علي نفسنا ، حتي ضرب النار عليهم بقه ممنوع، ده يرضي مين يا عالم ده ؟ ))

عمر (( العمليه بصراحه مش باين لها حرب السنه دي كمان ))

وليد (( الجيش عمال يتدرب علي العبور ، شكله بقي جاهز من مده ))

خالد(( انتوا مش فاكرين الريس عبد الناصر لما قال لنا ان الحرب قربت ؟؟))

محمد (( وادينا لسه قاعدين زي الولايا منتظرين الفرج ))

أحمد (( احنا مش اتفقنا من فترة اننا منتظرين الامر وملناش يد في اعطاء الامر ؟ صح ولا لأ؟؟))

محمد متذمرا (( بس خلاص يا قومندان زهقنا كلنا من القعده دي ))

أحمد منهيا الحوار (( كله بأمر الله متنساش كده ، احنا فقط منتظرين الامر ))

 

 كان اليوم التالي يوما عاديا للرجال من ايام فصل الشتاء وهو الموافق للخامس عشر من فبراير عام 1973، فالجو ملبد بالغيوم والريح عاليه وتوقع الجميع سقوط امطار في هذا اليوم  ، لكن قرب العصر اتصل ايهاب باحمد ودعاه الي غرفه العمليات سريعا ، فهرول احمد ومن خلفه طارق ووليد  وخالد  ، اما محمد وعمر فقد كانا في طائرات الاستعداد حاله اولي

وفور دخول احمد لغرفه العلميات سال عما يحدث ، فاجاب ايهاب (( شكله اشتباك يا فندم ))

احمد مندهشا (( فين ؟)) ايهاب مشيرا الي شاشه الرادار (( قرب الزعفرانه ))

وبلع ايهاب ريقه مستكملا (( طيارتين طلعوا من بني سويف ضد تشكيل من ست طيارات استطلاع يهودي ))

وليد (( نوعهم ايه الطيارات دي ؟؟))

ايهاب (( من سرعتهم كدا يا فندم انا بقول انهم فانتوم ))

احمد (( افتح الصوت ودخلنا علي الموجه بتاعتهم خلينا نسمع ايه اللي بيحصل )) وبالفعل فتح ايهاب مكبرات الصوت وغمر صوت المحادثات بين غرفه عمليات قاعده بني سويف والتشكيل الجوي سماء الغرفه

ومع تركيز الجميع في المحادثات أمر احمد باطلاق طائرات الحاله الاولي سريعا، وفسر احمد قراره

 (( محدش عارف الاشتباك ده ممكن يتطور ازاي ، خلينا عاملين حسابنا ))

ثم نظر لمحمد (( خذ الجماعه وكله علي الدشم )) فأسرع جميع الطيارين لطائراتهم للاستعداد ، بينما قبع احمد في غرفه العمليات يستمع لما يدور وعقله شارد مع قائد التشكيل المصري الذي اقحم نفسه في معركه جويه غير متكافئه ، فأحمد يعلم قرار القياده بترك العدو يقوم بعمليات استطلاع بدون التعرض له والاشتباك معه ، لكن ما هذا الذي يحدث ؟؟

سمع احمد صوت قائد التشكيل المصري يصيح في اللاسلكي (( جاجوار ليدر – انا شايف طيارتين علي وش الميه انا داخل عليهم علي طول )) تنبه احمد الي كلمه جاجوار ليدر ، فهذا هو رمز زميله احمد المنصوري  

فتبسم لوهله فهو يعلم مدي فدائيه وكفاءه المنصوري ، لكن المعركه غير متكافئه بالمرة فدعي له بالنصر

ووضع كل حواسه علي شاشه الرادار يتابع ما يجري ، وبين الحين والاخر يعطي اوامرة الي طائراته التي انطلقت في السماء تحمي المطار علي ارتفاع عال .

مرت الدقائق والمعركه مستمرة واحمد لا ينفك ينظر الي ساعته ، فوقود طائره المنصوري قد قارب النفاذ والمعركه لم تنتهي وطائرات التعزيز التي اقلعت للتدخل من مطار بيرعريضه ما زالت بعيده عن المعركه

صوت المنصوري ينادي زميله الطيار حسن لطفي يدوي في سماء الغرفه (( فري نايس يا حسن خش في وشه )) فتبسم احمد فهو يعلم ما الذي يفعله المنصوري في المناورات لتفادي صواريخ الفانتوم ، لكن الوقت مازال يمر سريعا .

صوت محمد في اللاسلكي يصدح مستجديا (( يا قومندان دخلنا عليهم ، نساعدهم )) لكن احمد كان يعرف ان المسافه كبيرة جدا للوصول لمكان المعركه فأعطي اوامرة بأستمرار المظله فوق المطار ، وهو يتمتم مع نفسه

(( لو انا اللي فوق المطار دلوقت مكنش حد قدر يمنعني اني اخش الاشتباك ده، تسلم ايدك يا منصوري ))

صوت عمر يظهر (( الاشتباك بقاله عشر دقايق يا قومندان ، الجاز هيخلص من الرجاله )) ولا يرد احمد

فهو يعلم حقيقه وضع المنصوري وزمليه حسن لطفي الان ، فالوقود اصبح لا يكفي للعوده لاي مطار ، واصبحت تلك الطائرات في عداد الخسائر رغم انها مازالت في الجو تقاتل العدو في شراسه .

وتصل طائرات التعزيز قرب المعركه وتنسحب الطائرات الاسرائيليه ، وينسحب المنصوري وحسن ، لكن احمد لاحظ عوده طائرات العدو لمطارده طائرتنا فينتفض محدثا الشاشه برد فعل غريزي

(( خذ بالك يا منصوري ، ولاد الكلب في ذيك )) ويشاهد استداره طائراتنا لملاقاه طائرات العدو مرة اخري ، فالعدو يعلم ان الوقود قد نفذ تقريبا من طائراتنا ،

فاراد استهلاك اخر نقطه في وقود لطائراتنا لكي تسقط بدون قتال ويحسب له نصرا ، لكن عندما وجد طائراتنا تعود لملاقاته تريد الفتك به ، فقد اثر الانسحاب تاركا طائراتنا تهوي لنفاذ الوقود

ويدوي صوت المنصوري في المذياع ويملئ ارجاء الغرفه ((وقعنا واحده فانتوم، انا نازل علي الطريق )) فتثور كل خلايا الرجال في السماء وعلي الارض وهم يسمعون المنصوري يردد تلك العبارة السحريه

فياله من نصر غير عادي طائرتين ضد سته في معركه هي الاطول زمنا في تاريخ المعارك الجويه وطائرتنا سليمه ، لكن احمد يتذكر الوقود فيعود القلق للقمه مره اخري

ويظهر صوت في اللاسلكي احمد يعرفه جيدا فهو صوت المقدم تميم فهمي قائد السرب 49 مقاتلات في بني سويف محدثا جميع الطائرات (( اللي معاه معادي يشتبك علي طول ، غطوا جاجوار ليدر )) فتميم يريد ان يحمي طائرات المنصوري اثناء عودتها، ويعود صوت المنصوري للدخول مرة اخري في جو غرفه العمليات معلنا بكل قوة (( معايا ميت لتر يا جدعان )) فيقول احمد لايهاب (( ده 30 ثانيه طيران فقط ))

ويعود صوت المنصوري مرة اخري (( انا نازل علي الطريق )) ويرد عليه قائده المقدم تميم فهمي

(( احنا شايفينك وهنبعت لك طيارة هيلكوبتر حالا ))

 

في المساء تجمع الطيارون في الميس بملابس الطيران والكل في حاله نشوي غريبه وحماسه من المعركه التي حدثت في ذلك اليوم ، فهذا اول اشتباك منذ وقف اطلاق النار والنتيجه كانت غير متوقعه فتحدث محمد بحماس (( تخيلوا يا رجاله ، رجالتنا داخلين معاهم 4 صواريخ واربعمائه طلقه ضد ست طيارات فانتوم يعني 48 صاروخ ما بين سايدوندر وسباروا ، انتوا متخيلين الموقف ازاي؟؟!!!! ))

يتدخل طارق بنفس الحماس (( لا مش بس كده ، دول كمان قعدوا ربع ساعه في الاشتباك ده شئ خرافي ))

عمر (( الرجاله دي ردت فينا الروح تاني يا قومندان ))

أحمد (( والحمد لله طياراتنا نزلت علي الطريق سليمه ))

محمد (( شفت يا قومندان مش احنا بس اللي هنموت ونحارب ، بس كان نفسي تدخلنا معاهم ))

احمد (( الامور متتحسبش كده يا رجاله ، انا برضه كان نفسي اخش معاهم الاشتباك ده ، مش احنا بس كل طيار سمع الاشتباك ده كان هيكون متجنن وعايز يخش ، بس احنا معناش جاز يدخلنا هناك والاهم من كده معنداش اوامر من قياده اللواء او قياده القوات الجويه اننا نشتبك ))

وليد (( الاوامر تاني ، هو امتي الامر هيصدر لنا بقه عشان نشفي غليلنا من الكلاب دول ))

وفي الصباح التالي يستيقظ الرجال علي عناوين الصحف القاهريه تزف للشعب اخبار تلك المعركه الكبيرة

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech