Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

ملحمة السكون والفتح والضم والكسر


وهي الجزء الثاني من ملحمة إبن الجزائر في الثناء على الجيش المصري العابر
والتي أهديتها إلى روح الفريق سعد الدين الشاذلي رحمه الله

ماذا حدث لجيشنا فجأة بعد الظهر ؟
وكيف تجرأ عدونا وجسر
على مهاجمتنا في تحدي للمنطق العسكري وعبر ؟
ألم يكن جنوده صائمين وينتظرون في عيد الفطر؟
ألسنا في شهر رمضان شهر العطش والجوع المستمر؟
أم أنّ الذي نواجهه هو غارات عرب الجاهلية في شهر صفر ؟
أم أنّ الذي نواجهه هي جيوش أحمس ورمسيس وششناق والإسكندر الأكبر
أم أنّ الذي غشينا هو فيضان فصل توت إله القمر؟
إنّه لأمر عجب حقا ومحير
وإلاّ فكيف هزم جيشُهُم المنهزم المنكسر ؟
بسلاح أكثره دفاعي جيشَنا الذي قوة جهوزيته لا تُكسر؟
وهي أضعاف قوة جهوزية كل جيوش الحشر
مجتمعة من المحيط إلى النهر
وسلاحنا هو الأفضل في الجو والبر والبحر
بل ومتى تعافى جيشهم وجَبُر؟
وكيف جاوز القناة وعبر؟
وكيف خطّط لكل ذلك ودبر ؟
والمهندسون والفنيون السوفيات جميعهم قد غادروا مصر
لكنّنا خدعنا بذلك الطعم المُسْكِر
وبإستطالة حالة اللاحرب واللاسلم دون مبرر
والتي أرهقتنا وشوشت على حدسنا المحترف بضبابها المتعكر
وشتتت فينا الإنتباه والتركيز وحسن التفكر
كما خدعنا أيضا بمناورات جيشهم الكثر
والتي ما كانت إلا تكتيكا من قادته وتمويها لكل ما كان لنا يظهر
من وحدات جيشهم وهي تتحرك علنا نحونا ثم تتوقف عن السير
والحقيقة أنّ وحداتهم بكثرة مناوراتها كانت تتقدم لتتمركز بمكر
في أنسب أماكن المهاجم المكر
إستكمالا لخطة الخداع وتأهبا للهجوم وإستعدادا لساعة الصفر
ثم تزرع في عقول قادتنا التعود على شكلية مناوراتهم في المظهر
والتراخي عن الإستعداد لها وحملها على محمل الجد في الجوهر
وكما خدعنا بتفنّن خبراء جيشنا النفسنيين في تحليل رئيسهم الأسمر
وإنتهوا إلى أنّه لايساوي حبة طماطم ذات لون أحمر
وأنّه أضعف من أن يتخذ قرار الحرب علينا أو حتى فيه يفكر
ولكنّه فاتنا أنّه كان مصريا نوبيا أصيلا وصعبا ومشفر
كصعوبة فك شفرة إتصالاتهم النوبية في السر
وكيف إستطاع قادتهم إعادة بناء جيشهم الذي تجمعه كان قد إنكسر
ومضاعفة أعداده ثلاثة أضعاف ما كان لديهم من العسكر
وفي وقت قصير من العمر
وكيف لم ننتبه إلى قوة جاهزية جنودهم ودرجة إستعدادهم الأكبر
وإلى ما أصبح يتمتع به فيهم من نوعية مثالية كل عنصر
من حرفية قتال وإستعابه لكافة أسلحة العصر
كيف لم ننتبه إلى كل ما طرأ على صفات جيشهم المعلول من تغير
ونفهم منه أنّ قرار الحرب قد أتخذ وحسم الأمر
والصفة تتبع الموصوف دائما في النوع والعدد والتعريف والتنّكر
ولقد كان الموصوف ظهيرتها جمعا معرّفا وسالما ومذكَر
وكيف خدعنا بتسريح نصف جيشهم بثلاثة أيام قبل ساعة الصفر
وكل ضابط مسرح منهم كان يحمل أمر تكليف يقرأه على بعد كذا متر
ليجد فيه عد إلى وحدتك على الفور
مما سهل إستدعاء كل الإحتياط من العسكر
بينما قادتنا لم يألوا على أنفسهم جهدا ولو إحترازا للأمر
بأن يعلنوا التعبئة العامة في المعسكر
حتى أدركنا الظهر
وما ذاك إلا لفشلهم الذريع في معرفة ساعة الحسم والكر
ولإفراطهم الكبير في التلذذ بطـَعم الطـُعم المُسَكِر
وكيف لم نتفطن إلى تفريغ كل مستشفياتهم لتستوعب العدد الأكبر
من مصابي الحرب وخدعنا بأّنها تعقم وتطهر
وكيف تحصل قادتهم بالجد وطول السهر
على كل خرائط تحصينات خط برليف وهي غاية في السر
وكيف وصلوا إلى مواقع أنابيب النابالم المنتشرة على طول القناة وتستتر
وكيف تمكنوا من سد فتحات مضخاتها الكثر
وتجميد مادتها الحارقة التي تدفقها يجعل مياه القناة تنصهر
بينما بالمقابل مضخاتهم المائية نجحت في عملها نجاحا منبهر
جعل ساترنا الترابي يذوب بين أيديهم بلا نار تستعر
فكانت بحق معركة مضخات بإمتياز على طول السطر
وفي مواجهة نادرة بين مضخات خط نار ومضخات قناة الغمر
تفوقت فيها مضخات مهندسي جيش مصر
في عمل هندسي عسكري معجز فرعوني الأثر
وفي إبداع أصيل ذي بصمة قبطية ختمت هليغروفيا بختم النسر
وإنّه ما تأتى لهم ذلك النصر
إلا لفشل عملائنا بينهم ولو كان الواحد منهم لرئيسهم صهر
ونجاح عملائهم بيننا حتى كاد الواحد منهم يكون لرئيسنا أمين سر
فلا نحن إستفذنا من مصاهرتنا لرئيسهم ونفرح بوليمته ونـُسر
إذ ضلّلنا النسيب المأمون عن موعدها بخداع مبهر
وهو يدعونا إلى حضورها عشيا في ساعة الفطر
والوليمة يومها لم تكن عشاء بل كانت غذاء بعد الظهر
ولقد كنّا نحن طعام الوليمة ظهيرتها والتي كانت كثيرة التوابل والبَهَر
ولا نحن أمّنا أسرار ولائمنا عن أمينهم الأمهر
وهو ينقلها إليهم خبرا تلو الخبر
وكيف هـُِزمَ جيشنا الباسل وقد كان ولا يزال خير أجناد البر
كيف لا ؟ وهو الذي إكتسح في حرب خاطفة ودحر
كل جيوش الطوق العربي وقهر
وإحتل أرضهم في ستة أيام وكأنه يسوق أغناما وبقر
لا جيوشا جنودهم كانوا أشباه من يتعسكر
ومن أيامها وجيشنا يرفع من جهوزية قتاله ويطور
ويحصن من مواقعه بأقوى الأسلحة والتحصينات والستر
وبموانع مائية ورملية لم يسبق أن واجهها جيش أو عسكر
وهذا ما زاد من حيرتنا كيف هَزمَ جَيشٌ مهزومٌ منكسر
جيشنا خير جيوش البشر
ولكنّها خيرية الجندية إذا تقمصها بحقها جيش مصر
فلا ينفع معها جيوش محترفة ولو كانت جيوش الحلف الأكبر
ولا ينفع معها أسلحة متطورة وتحصينات قوية وجدر
فبشارة خيرية الجندية تضمن دائما للجيش المصري النصر
ولكنّها تفرض عليه في نفس الوقت حقيقتين حكم فيهما القدر
إما الإعداد القوي والإستعداد المستمر
فيكون الجيش المصري بهما هو دائما المنتصر
وإما التراخي في الجاهزية وإساءة تقدير قوة العدو المِكَر
فتكون الإنتكاسة على قدر الإنتصار والهزيمة حينها تكون أمر
وكيف تمكن جيشهم من خيرية الجندية وفيها إنصهر
وكيف تجاوز نكسة الماضي المر ؟
وكيف أعد وحضّر
قادُته جنودَهم للعبور بكل حنكة وصفاء الفكر؟
وفي فترة إعداد كان فيها جيشُنا على حرف القناة علّة قهر
في إحساس وإدراك جيش مصر
وكانا يترأيان لبعضهما البعض وهما ساكنان ويطيلان النظر
وإنّه إذا إلتقى الساكنان حذف حرف العلّة وجوبا على الفور
حذف بجموع تحركت للفتح والضم والكسر
وكيف ومتى حسموا مصير المستقبل بقرار سنعبر؟
وأتخذوا من السين في فعله ساعة للصفر
وحددوها وسطا ما بين لام الشمس ولام القمر
كساعة بدأ هجوم مُوَحَدٍ مع الجيش السوري الحر
في حركة تنويـِن ونصب ورفع وجر
وبعد إستراتجية خداع كبرى منهما بنيت على سكون المكر
و س هو مجهول عددي نـَكِرْ
ولكنه كان ساعة معرّفة فقط لدى قادة أركان جيش سوريا ومصر
حتى ظهيرة اليوم الأغر
ولذا لم نستطع تحديد ساعة بدأ حركة الهجوم علينا على غِر ؟
ساعة فتح جبهة القتال في الثانية من بعد الظهر
والعجب أنّ الظرفَ حركتـُـه فتحة ًهي دائما فيه الأظهر
وكيف ومتى تجهز هذا الجيش المنهزم المنكسر
بكامل أعداده وعتاده في ظل السر ؟
وإستعد لعبورالقناة وإقتحام خط برليف الحصين المعتبر؟
وكيف ناور وموه طوابير دبابته وعرباته الكثر ؟
وصفوف جنوده دون أن تثير حركة عددهم الغبر؟
على طول خط الجبهة المقابلة لجيشنا الفطن الذمر
على إمتداد أكثر من 170 كيلومتر
من البحر الأبيض إلى البحر الأحمر
وأقمار حلفائنا فوقهم ليلا ونهارا تتجسس وتصور
حتى إعتقدنا أنّنا وضعناهم تحت المجهر
وكيف إستطاع جيشهم تحديد كم لدى حلفائنا من قمر؟
وتحديد أزمنة وتوقيتات عبورها في سماء السر؟
وهي تدور حول الأرض على بعد كذا ألف متر ومتر
وبدقة لا متناهية وكأنّها تتحرك أمامه على مرمى البصر
وتفادى أي نشاط مريب له في ظلها بلزومه سكون المكر
كيف ؟ كيف؟ كيف ؟ أسئلة طرحناها ونعيد طرحها ونبقى لها نكرر
كيف لم نستطع تقدير كفاءة عتادهم وهو على شط القنال منتشر
أسالم هو وعن أنيابه قد كشر؟
أم هو معطوب بكسر؟
بل كنّا نشاهده على شط القنال ونضحك عليه ونسخر
وكيف لم نستطع تمييز تزايد أعدادهم من العسكر
وكيف لم نستطع تمييز وضعيتهم القتالية في المعسكر
أساكنون هم أم هم متحركون للفتح والضم والكََسر؟
وهم لم يكونوا بعيدين عن عيوننا وهي إليهم تنظر
بل كانوا مع عتادهم على مرمى حجر؟
بل كانوا على خط الشفر
أم أنّ جيشهم المنهزم المنكسر
قد حنّط بسحر الخديعة والمكر
فأصبح جسما شفافا لا يظهر ؟
أم أنّه قد أختزل حجمه بتقنية النانو فأصبح جُسَيمًا مصغر
فسهل تحريك أعداده وعتاده أمامنا ونحن إليهم ننظر
أم أريد لنا أن لا نشاهد إلاّ سكون العين في قرار سَنـَعْبُر؟
أم هي أغلاط البصر ؟
أصابت عيوننا من شدة إطالة النظر
أم هي صورة سكون جيشنا المطمئن الذمِر ؟
الرابض فوق الساتر الترابي المائل الزاوية المنحدر
كميلان زاوية الهرم الأكبر
وقد إنعكست على صفحة ماء القناة وهي تنكسر
فخيل لنا أنّنا نشاهد صورة لسكون جيش مصر
أم أنّ صورة حركة جيشهم المنهزم المنكسر
كان يُسَكِّنـُها في عيونِنا وهي إليه تنظر ؟
إنعطافها في وسط ما رسمناه لجيشهم بأنه عن الحركة عاجز ولا يقدر
أم أنّ جيشهم كان يتحرك وهو واقف بحركةٍ مُِوِهَتْ بخداع ونُكْر
وكأنّه محرك عربةٍ يتحرك في الوضع المحايد والعجلات ساكنة عن السير
والعرب لاتبدأ بساكن ولا تقف على متحرك بفتح وضم وكسر
حقا إنّه لأمر عجب ومحير
والأعجب منه تأهب جيشُهم للهجوم علينا والكر
في ضوء ذات صبيحة يوم سبت ونحن لا زلنّا إليه ننظر
إلى أن حانت ساعة س في الثانية من بعد الظهر
والسين في الحروب كـَمٌ نـَكُرْ
وساعة تنفيس عما أختزن من غيظ كامن طيلة سنين في الصدر
وفي ملحمة إسمها بدر
بل سنفونية ضَبَطَ إيقاعها قادة أركان جيش مصر
وحسبوها حساب هندسة وجبر؟
حسبوها من بدلة الجندي المتفاوتة في اللون لأصفر
والملائمة لكل فرقة من العسكر
إلى العربة الصغيرة للجندي التي عليها سلاحه يُجر
إلى خزانات الوقود الإضافية في طائرات النسر
حسبوها من ضوء الشمس إلى منازل القمر
ونحن نسترخي في سبات عميق على فِراش ٍ وَثـِر
والفطن فينا صبيحتها كان بعين واحدة على الجبهة يتباهى ويتمنظر
فأمسى عشيتها طريدا يختبيء في كل جحر
وتضللنا معلوماتٌ خاطئة وتـُخذِر
أريد لها أن تصلنا بسند صحيح كلام إنشاء لا كلام خبر
عن عتاد وأعداد جموع الفتح والضم والكسر
وتأهبها وإستعدادِها لساعة الصفر
ساعة بدأ معركة المقابلة والجبر
الساعة 1405 من بعد الظهر
وهل يهزم جيش إذا تحرك وهاجم فجأة بأعداد تثير الذعر؟
من البحر الأبيض إلى البحر الأحمر
من الجو والبر والبحر
وفي وقت واحد مع الجيش السوري الحر
في حركة شد ومد ووصل وقطع وجّر
في ملحمة عسكرية فاعلها كان لنا ببراعة ضميرا مستتر
فلم نر منه حتى ألوان أثوابه الصُفـْر
إلى أن حانت ساعة الصفر
وفعلها أريد له يومها أن يكون فعل أمر
وعلى وزن أعبر
فعل بني على سكون المكر
وأخطر ما في المكر سكونه في حذر
فكيف إذا كان السكون دائما يلازم فعل الأمر ؟
وهل يهزم جيش متحرك وهو ساكن من شدة الحذر؟
وكم لف حركة جيشِهم سكون الكم المنكسر؟
وكم خُدعنا وكُممنا عن السؤال بسكون الكم المنكسر ؟
وكم تفرض الشك والإستفهام عن العدد وتجيب بيقين الخبر
عن جيش كان يبدو لنا كمـًا ساكنا وسرعته الثابتة هي صفر
وهل يفصل حركة جيش يهاجم عن سكونه إلا ساعة صفر ؟
وفجأة وكأنّ أحدا ضغط على الزر
فتحرك جنودهم دون أمر
في سنفونية تمكين في الجو والبر والبحر
فكانت معاركها تبدوا لنا فوضة عارمة وعَبَثُ صِبْيَةٍ وتهور
ولكنّها كانت تسير بإنتظام خلاّق محير
ودون أن نرصد لها أية إشارة أو إتصال أو أمر
وكأنها تسير بنظام ألي الحركة مسطر
فعبثت بجيشنا المتمرس المتماسك فتبعثر
سنفونية وكأنها وصفة دواء لعلّة ظـُنّ أنّها مزمنة إلى أبد الدهر
ولا يبرأ صاحبها منها فهو هالك لا محالة قضاء من الله وقدر
وصفة دواء أشفت معلولا فطاب من جرحه يومها وإنتصر
وأعيت صحيحا فعجزت كل أجهزة مناعته المضادات الأقدر
عن إيقاف مفعول هجومات أدويتها التي تدمر
سنفونية بدأها جيشهم المنهزم المنكسر
في سكون ظهيرة من الهجيرة الرمضاء لواحة للبشر
فكان جنوده فيها يبدون لنا كسراب وهم حقيقة تستعر
لمس لهيبَها جنودُنا وهم يهزمون ويموتون ويقعون في الأسر
ونحن الذين توعدناهم وفي كِبْر
بأن نجعل لهم من القناة جحيم جهنم لا تبقي ولا تذر
فأطفأوها قبل أن تشتعل بتفاعل عدد لامتناهي في الصغر
تفاعله مع مرارة نكسة لازال هاجس كسرها في الأذهان يُجَر
تفاعل رفع عاليا هامات وأسهم مهندسي وجنود جيش مصر
وشحذ عزائمهم وهممهم على العبور من عقدة الهزيمة والكسر
إلى نشوة الفرحة بالنصر
وعلى عبورهم القناة بعقود الألاف من العسكر
وكأنهم يمشون على صفحة ماء الغمر
عبورهم القناة وقد رَكِبُوا ألفي قارب وقارب كانت تمخر
عباب مياهها ذهابا وإيابا متكرر
وكأنها تتسابق وتتصارع مع حركتي المد والجزر
عبورهم القناة في أمواج مد متتاليات فوق عقود الكَمَر
وقد نـُصِبَتْ على حرفي القناة مقابل كل فتحة ثغر
ورُكِّبَتْ وضمت في توقيتاتٍ قياسية بتفان ومهر
عبورهم القناة في صفوف أمواج متوازية كالأسطر
وقد أحكم ترتيبها بإنتظام على خيط المِطـْمَر
أمواج تتحرك مع كل معداتها وفق أسبقية وأهمية كل عنصر
وتتابع وفق جداول توجيه وإرشاد على العبور والسير
في أزمنة محددة وبدقة ونسق وحذر
ومزودة بخرائط خُط َعليها بعدة ألوان محددة كل طريق ومعبر
وبأرقام وعلامات مميزة لدى كل مجموعة متحركة من العسكر
أمواج متتاليات تشد بعضها بعضا وتـَصُر
وتتحرك بسرعة نحونا بإنتظام وفي إندفاع باسل وتدفق مستمر
وهي تقتحم خط برليف أمنع الحصون والسُتـَرْ
بقوة دفع و شحن إيماني أشد وأصّـر
وتتسابق مع أمواج صيحات الله أكبر
وكأنّها تتزايد وتتسارع بناقل الحركة في النظام الألي المسيطر
بل وكأنّ الجيشين يتجاذبان بحجر
بل وكأنّ الزمكان مع حركة الجيش المصري عشيتها كان يقصر
ولقد كانت قوة سرعة حركته أقوى من قوة الممانعة لدي جيشنا الأسبر
وأقوى حتى من قوة رد فعل هجومات جنودنا المعاكسة الواحدة تلو الأخر
سنفونية تسلسل عبور أمواجها المتتالية بترتيب ودقة ونسق وحذر
وفي توقيتات محددة ودون إتصال بينها أو أمر
كان أكبر بصماتها الكثر
سنفونية كانت درسا قاسيا لا طالما ما توعدنا بمثله جنود جيش مصر
توعدناهم به وبأنّهم لن ينسوه أبد الدهر
فوجدناهم تجاوزونا في دراستهم ونحن لازلنا نهدد وننذر
ولقد كان أخر دروسهم عن الحصاد والدّرس والذر
درس كيف حصدوا أصعب ما لدينا من موانع وستر
وكيف دّرَسُوا أمنع نقاطنا بكثافة نيران ورصاص شديد الحر
وكيف ذرُوا أقوى دبابتنا وجنودنا على الجبهة وكأنهم هشيم المحتظر
سنفونية كانت درسا رائعا في الوطنية والشهادة والنصر
أكدوا بها لنا أنّ أرض سيناء الغالية هي من أرض مصر
هي من الوطن الغالي الذي يعيش فيهم ويعمر
لا من الوطن الذي وعدنا به بلفور
بأن نعيش فيه نحن خير شعوب البشر

سنفونية سلاحها الأقوى كان إرادة جيش أصر على أن يعبر
وإنّ جنوده اليوم هم بحق صعيديون جميعا على طول خط السطر
وكيف لا وهم صعدوا جميعا وفي وقت واحد متسلقين أمنع الجدر
سنفونية تفاعلت فيها كل وحدات الجيش المصري في صنع النصر
وبعزيمة كانت أقوى من قوة تفاعل قنابل الذر
سنفونية كما أذهلت قادتنا أذهلت حلفائنا وحلفائهم في المعسكر
وجعلتهم يتساءلون معنا أحقا سقط خط برليف الحصين ودمر ؟
كيف حدث ذلك؟ كيف؟ كيف؟ كيف أتوا ذلك الأمر؟
كيف إقتحموا خط برليف الحصين مباشرة في بسالة لا تتصور
ولم يلتفوا عليه من الوراء مخالفين بذلك كل تكتيكات القتال والكر
كيف جاوزوا مياه القناة وتغلبوا فيها على حركتي المد والجزر
كيف إستطاعوا أن يظهروا على ساتره الترابي المنحدر؟
وكيف إستطاعوا له نقبا ؟ وبأي حيلة ومكر؟
ولكنهم ما أتوا ذلك الأمر ؟
إلا بقيادة أركان عمليات درست كل إحداثيات خطوط السيل والغبر
وأعدت عدتها لتدميرها وجهزت وحضرت لذلك اليوم العسكر
وطعمتهم ضد صروف الدهر
فطوعوا بطاعتهم لها أعتى حروف الفيافي والقطر
حين صدر بذلك لهم الأمر
بعبور القناة والظهور على ساترها الترابي الأوصر
وأنّهم ما إستطاعوا أنْ يَظـْهَرُوهُ إلا بصلاح نفوس جنودهم في الجوهر
وقد إنصهرت بصيحات الله أكبر
مما أعطاهم قوة إيمان لا تقهر
وكأنّها قوة عزم محرك رباعي الدفع من الوضع المحايد قد تحرر
بتسارع حركة ترس مسنن وهو على مثيل له يتدور
قوة عزم على الشهادة والنصر
سرّعت من حركة أطرافهم وهي تجذف في مياه الغمر
وتتسلق ساتر الغبر
بفضل سلالم مدت عليه وضفرت من حبال صفر
حتى يخال لنا أنّ أطرافهم الكثر
مكابس تتسارع مع حلقاتها في حركات ترددية تتماثل وتتكرر
قوة عزم صيرت جنودهم ظهيرتها ليوثا هزبر
وهم يتسباقون إلينا بضمائر ونفوس تِيَاهًة في الفخر
وقد أحل لهم يومها الخيلاء والتبختر
وحق لهم ذلك وقد تجاوزوا أصعب مانع مائي طبيعي يكاد يستعر
وأنّهم ما تجاوزوا مياه القناة الأشهر
إلا بمهندسين صرفيين لقرار سنعبر
فإشتقوا منه كل معبرة ومعبر
وبأوزان تطفوا على صفحة ماء تياره متغير
فسمحت لكل أنواع وأثقال العابرين فوقها بأن تعبر
تعبر قناة أردناها حرف فصل وإذلال وقهر
وعاملا يعيق جنودهم ويؤخر
يعيقهم بصعوبة طبيعتها وما فيها من قوة المد والجزر
فوجدناها عندهم حرف وصل وحب بين تراب وجند مصر
مثلما هي تصل بين البحر والبحر
وعاملا لا يعيقهم ولا يُعثر
بل وجدناها عاملا يقاتل معهم ويؤازر
في نقب الساتر الترابي الأصفر
بضخها عشيتها لماء أوفر
لو كان عذبا لجعل كل تراب الساتر المائل يخضر
ماء وفير نقبوا به أمنع الجدر
ومن غبائنا بل من شدة ذكائنا أنّنا بنينا لهم الساتر الترابي المنحدر
على حافة القناة فوفرنا عليهم جلب الماء الجارف الغزر
وإنّهم ما إستطاعوا أن يَنْقـُبُوهُ إلا بمهندسين كانوا كثعالب القفر؟
وهم منكبون على الحفر
بل وكأنهم ينحتون جوانبه بمنجر
أو يمشطونه بمشط ذي أسنان أكبر
ويجعلون كل فتحة فيه كتعشيقة نقر
بين ضفتي القنال المنشطر
بل وكأنهم يصححون في زاوية الجدار ميلانه المنكسر
حتى توازي زاوية ميلان الهرم الأكبر
بل وكأنهم يُذِيبُونـَهُ في مخبر
كذوبان الحديد المنصهر
بل وكأنهم يُذِيبُونَ جبالاً من ملح أو سكر
يذيبونها بمدافع تقذف بغر؟
وهي تعزف مع ألفي مدفع ومدفع وتزمر
أجمل سنفونيات العسكر
وقد توزعت على غرب القناة الأسطر
كتوزع نوطة أنغام على أكثر من سطر
أداها جوق ٌ أمهر
عَزَف ظهيرتها أروع تمهيد نيراني مدوي كدوي الرعد المتكسر
حتى تطاير له رمل الصحراء وتبعثر
عزفٌ دك معاقل وحدات جيشنا المتسمر
ونسف كل حقول الألغام وطهر
وكان ثاني مظلة حمت الجيش المصري وهو يعبر
وقد دندنت دانات مدافعه الغـُزْر
على إيقاع قانون موسيقي من ألفي وتر ووتر
فدمدمت إنفجاراتها دمدمة زلزلت غرور جيشنا المتكبر
ونحن إعتدنا على مدافع رمضان تعزف في المغرب لا في الظهر
وحتى أخطاء عزفها المدفعي والصاروخي تدمر
وتصيب أفضل مما قد خطط لها ودبر
ولنا في قصف تل أم خشيب بالخطأ خير العبر
حيث تدمر أفضل مركز لدينا للإعاقة والتشويش والتنصت متطور
كان سيكون له بعض التأثير المؤثر
على مجريات العبور ويؤخر
ونحن نقول في مثل ذلك صدفة حسنة وإصطياد عصفورين بحجر
وهم يقولون عنه إنه رمي قدر
وأشد ما في رمي قدرهم وأضَّـرْ
رميه لنا بجنود الصاعقة في إبراري البر والبحر
ولقد كان وقع إبراريهما علينا فاعلا وشديد الأثر
كشدة إصرار جنودهم على الإبرار خلف القناة إبرارا متكرر
ومهامهم كانت إضعاف جيشنا المتنمر
بقطع كل طرق إمداده بالعدد والسند والذخِر
وفصل مواصلاته وإتصالاته عن إحتياطه وقادته الأكبر
وإجباره على دفع وسداد ديون عليه لمصر
بل وأرغموه وأغرموه على التأخر
وكيف دمر جيشهم المنهزم المنكسر
كل ما بنيناه من خطوط منيعة ومشيدة ضد الغدر
ونقاط محصنة على ساتر النـَبـِر
في ست سنوات شاقات من العمر
تدميرا كاملا و متميزا كما وكيفا وتوقيتا غير منتظر
وفي ست ساعات وكأنّ جنوده في نزهة من بعد الظهر
أو في محكمة يرافعون من فوق مصاطب دباباتنا عن حق مصر
في أرض سيناء البركة والطهر
ست ساعات حذفوا فيها حروف ونقاط خط برليف الحصين الأخطر
والتي بنيناها بغرور وتكبر
على شفا جرف تصدع يومها وتهور
تحت ضربات جنود مشاة حركتهم كانت أسرع وعزيمتهم كانت أكبر
وكتبوا مكانها بأجمل حروف خط عربي أصيل على السطر
إنها سنفونية بدر
أجمل ملاحم العزة والفخر والنصر
وقد ختمت هليغروفيا بختم النسر
سنفونية حبروها بمداد من البحر
البحر الذي تسربت فيه بعض وحدات أسطولهم المنتثر
تحت سكون السر
وفي سَلاَسَةٍ و صمتٍ خالٍ من كل إتصال لاسيلكي عادي أو مشفر
ومعتمدة سلاح المكيدة والخداع لبعض وحداتها المرئية في ضوء الجهر
وإنتظمت في حرفية أبانت عن قوة لها وجزالة في التمويه والتسيطر
وأبانت أيضا عن عجز قواتنا وقصورها عن كشف ما يحاك لها ويدبر
ولقد كانت وحدات أسطولهم أول من تحرك إلى مسرح الحرب وتصدر
عملياته القتالية بعدة أيام وكأنّها تنتحر
فماذا لو ألغي قرار الحرب في أخر لحظة من الأمر
وهذه القوات بعيدة عن مواقعها وإتخذت موضع المهاجم المكر
ولكنّها قمة درجة الإستعداد والجاهزية وخيرية الجندية والعسكر
وشدة الإصرار على الشهادة أو النصر
وفجأة وبالتعامد مع ساعة الحسم والكر
وبالتزامن مع توزع بقية وحدات الجيشين في كل شطر
من سوريا و مصر
أكملت وحداتهم البحرية لنا حلقة ً كالصفر
أغلقت بها علينا في البحر
كل منافذه الفغر
وأقامت لنا عليه خطوطا دفاعية كقيود لا تكسر
ونقاطا حصينة على صفحة مائه المُبْيَض والمُحْمَر
وكأنّها سلاسل التفعلة وقوافيٌ لا تنتهك في بحور الشعر
أعجزتنا فلم نجرأ على مهاجمتها أو نلتف عليها من وراء الظهر
وكأنّ قواتهم حرّمت علينا بها في عيد يوم سبتنا ركوب البحر
فلقد كانت لها السيادة المطلقة فيه وكلمة النهي والأمر
وهي تدك يمدفعيتها وصواريخها شمال وجنوب شرق القنال المنشطر
وتمهد الأرض لعبور قواتهم من العتاد والجند المنتشر
ثم تؤمن بقية وحداتهم كل موانيء مصر
سامحة لجيشم بالتزود بكل ما يحتاجه من أسلحة وذخر
ولشعبهم بكل ما يحتاجه من مؤونة تعينه على صروف الدهر
ولقد كنا نعتقد أن طيرانهم كله قد دمر
وأنّ طياريهم من شدة قربهم من ثقل هزيمة يوم النكسة المر
معنوياتهم هي إلى الحضيض كل يوم تنحدر
وفجأة وكأنّه سحر
جعل الطيار المنكسر
ينتفض على إحساس الذل والهوان والقهر
ويقاتل وكأنه صقر
وكأن ساعة الصفر
لا تمضى إلا بحضوره وإذا حضر الصقر
كان له ألف أمر وأمر
في طائرات كانت يومها تقود جموع الكسر
في ساعة كان قد حددها القدر
معلنة بداية القتال وأنّ أمْرَ ذلك بهجومها قد صدر
طائرات كانت أول موجة مد إلينا تعبر
وفي همس وإستفالة لـَيـنين وكأنها تحن لتراب ذلك القفر
حتى كادت تطبق على ظلال أشكالها كالطير
طائرات وكأنـّها خرجت من أعماق جوف الصدر
مع حروف صيحات الله أكبر
لا من مطارات مموهة أدغمت في دشم لفت بسكون الحذر
ولتهاجم مواقعنا معلنة بداية معركة الفتح والضم والكسر
وقد مدت في صفير محركاتها بغنة شديدة النـَبْر
وكأنّها تنادي علينا وتهدر
أنها قد حانت ساعة الحساب والجهر
وحتى ردد صدى هديريها كل من كان من جنودهم على البر
معا وبصوت واحد وفعل مُوَحد سمعا وطاعة للأمر
حين إندفعوا نحو جيشنا بكل جسارة وتحدي لمنطق العسكر
بعدما رأو عبورها في علياء السر
وعودتها بملامح النصر
وقد أفرغت كل حمولاتها على جيشنا المستكبر
ووجهت له على غر
ضربة جوية مفاجئة في جرأتها وفي توقيتها من بعد الظهر
ولكل توقعاتنا وإطمئناننا بأن طيرانهم ضعيف وأنه كان قد كُسِرْ
ضربة جوية مركزة ومباشرة أصابت في جيشنا صميم المَكْسِـرْ
إصابة مباشرة دمرت وحذفت على الجبهة الأسطر
كل ما شيدناه من رسم على النـَــِبر
وأقلبت سكونه وأطمئنانه إلى ضجيج وفوضى وهلع وكَسْر
وألقت في نفوس جنودنا كل رعب وخوف وذعر
فكانت أبلغ رد من جيشهم على ما حدث له في يوم النكسة من غدر
وأنها ضربة بضربة وأنّ الشيء بالشيء يذكر
وأنّ قادته اليوم هم من يتحكمون في زمام الأمر
وأقوى رسالة تحمل بين طياتها أن الجيش المصري قد عُفِيَ وجَبُر
وأنه هو اليوم من فرض علينا القتال وأنه على ذلك قد جسر
وأنه ما فرض علينا توقيته ومساحته وأساليبه وألياته بكل مكر
إلا لقوته وأنه لذلك بكل جدية كان قد حضّر
في غفلة منا ومن وراء الظهر
ضربة جوية نجحت بفضل طياريها الأمهر
ولتدريباتهم المكثفة والصعبة في كل احوال المناخ المتغير
في تقليص الهوة التقنية بين طائراتهم وطائراتنا الأخطر
وإبتكار أساليب قتال مكنتهم من التغلب بها على طائرتنا الأشطر
ولقد كان يحمي جيشهم ويدعم طيارانهم دفاع جوي لا يقهر
ولا يخترق كأنّه حائط من الصخر
ولا حتى أن تنفذ عبر ظله الأسود المستتر
والممتد كحزام أمان على طول حدود السواحل والقفر
تشكله شبكة من عناصر جنودهم دائمة السهر
وفي أحسن تمويه تنتشر
كخير ردارات من البشر
تراقب وترصد بالسمع والبصر
كل صوت أزيز أو حركة غدر
من طائراتنا وهي تحلق منخفضة في سر
مجتنبة مجال كشفهم الرداري المستمر
فمإن تبلغ عناصرهم عن إحداثيات أي هدف معادي خَطِر
حتى تتصدى له باقي عناصر الدفاع الجوي وعلى غر
فتفاجئه بكثافة نيران تجعل الحزام الأسود ساعتها يحمر
دفاع جوي فجأنا بصوريخه الكثر
وبدقتها وفعاليتها الكبيرتين وبقدرتها في السماء على تقفي الأثر
وإنّنا لا نعرف مكانا أخرا في العالم محميا بالصواريخ كما في مصر
وصدق من قال أنّ مصر هي كنانة الله في البر والبحر
وكأنـّه شاهد يومها ملحمة العبور وحضر
دفاع جوي إستوعب سلاح حربه الإلكتروني أصعب أسلحة العصر
وطوعها وشوّش بها على أصعب أسلحتنا التي لا تقهر
ونصب لها كمائنا في السماء حتى إبتلعت الفانتوم الطعم المدمر
وخاض معنا أول وأشرس وأرقى حرب إلكترونية في تاريخ العسكر
وغير بكفائته مجرى الحرب الجوية 180 درجة من النكسة إلى النصر
إلى درجة أنّ هوائياتهم أصبحت تبث وتستقبل تحت الأرض في الحفر
دفاع جوي جعل طيارانهم محميا حين يقاتل ويهاجم ويناور
ويضرب في عمق سيناء ويعود بكامل تشكيلاته تقريبا إلى أمان البر
في تنسيق وتعاون كامل ومبهر
أمام أعين وأذان دفاعنا الجوي الفطن الوعر
الذي لم يدرك أنّ الحرب قد بدأت وأنّنا قد أخذنا على غر
دفاع جوي جعل طياراننا المستنسر
تنكسر نفوس طياريه وتنحسر
وهم يحلقون في العلياء وعيونـُـهم إلى الأسفل تنظر
ودموع الهزيمة على الخدود تنهمر
وهم يتمتمون بين شفاههم طيرانهم كله دمر
يوم النكسة على البر
فعذروا بأنّ طيراننا بهم كان قد غدر
وأي عذر لنا وطائراتنا الفاعلات المتطورات المتفوقات التي لا تقهر ؟
أغلبها سالمات ومحلقات في العلياء كالنسر
ولكنّها عالقات فيها بل راسيات وكأنها موصولات بسلاسل من البر
ولقد إعتدنا على أنّ السفن هي وحدها التي ترسوا بالأنجر
لا الطائرات المقاتلات التي هي كالشبح وتفلت حتى من لمح البصر
وكأنّ المصريين حجزوا لنا في العلياء مقاعدا من القهر
وأجلسونا فيها وكأنّنا جالسون على المِثـْبَر
وقد حزمونا بحبال الأبجر
وجعلونا منها ننظر
ونتفرج على هجومات جموع مشاة الفتح والضم والكسر
الذين أقتحموا خط برليف المنيع الأعسر
ومحوا أسطورته بأنه خط لا يدمر
محوها بنقلات تبييت من لاعبٍ شاذلي ٍمُنّظِر
وللحروب والقتال كان قد خِبر
وقائد بارع مظفر
أحسن تدريب جنوده بإحتراف ومهنية قتال أمهر
وترويضهم على إقتحام أصعب الموانع والجدر
وتوطيدهم على تعظيم حفظ السر
وتوزيعهم وتحريكهم على رقعة شطرنج تستعر
وتمريرهم من شطر إلى شطر
بأمان وحنكة وعلى أفضل مِسْطـَر
فوق قناة تـَيَارت مدادها سرعان ما تتغير
وفي أزمنة ضبطت بإنتظام ودقة ونسق مُشـَفر
وتحت غطاء واق كان أمنع الستر
حرابه أذاقتنا طعم القهر
وقصبت في جيشنا المستنسر
كل سلاح ذي مخلب وظفر
ضمن سنفونية سماها بدر
كان قد كتب فصولها وسطـَّر
ونجح بها في تدمير أقوى الأُسْطـُر
وفي فصل كل قواتنا على جبهة القتال المسْتـَطِر
بكل دهاء ومكر
عن إحتياطها وكأنّ جيشنا الأشطر
عشيتها قد إنشطر
وكيف ضاعف هو بها أعداد جنوده وسيطر
من بيت إلى بيت ببرنامج مسطر
وفي سطر بعد سطر
من البحر إلى البحر
وكأنه يضاعف حبات قمح لا جنود العسكر
حتى أسْتنفذ كل ما يقابلهم لدينا من إحتياط في المعسكر
وقد أصاب في توقعاته لردود أفعالنا وفهمه لنا كيف نقاتل ونفكر
وكأنه هو من يضع لنا خططنا القتالية في الحرب والكر والفر
وصنع لجيشه عشيتها أعظم نصر
وألحق بجيشنا أكبر كسر
بنقلات جعلت من جنوده أشباحا في عز الظـُهر
وجعلت من جنودنا أشباه من يُطارد ويفر
نقلاتٌ قسمت الظـَهر
وتناقصت بل تساقطت بفضلها نقاط خط برليف كتساقط الحجر
نقلاتٌ ضَمُوا بها أرضه من جديد إلى أرض مصر
بضَّمة إعتزاز وفخر
رفعت عليه عاليا رايات النسر
ونحن نشاهد كل ذلك في مرارة وبقلوب تنفطر
كيف جنودنا يموتون ويُسْـتـَخْرَجُون من صَيَاصِيهـِم في الأكر
وأصابعنا على الزناد و لكنها شُلَّت يومها بصواريخ القهر
فلم نستطيع أن نقدم لهم أية معونة تذكر
ونحن نشاهد كل ذلك وننظر
ونشاهد كيف يقتطع مهندسوهم أمامنا أهرامات أكبر
أهرامات كاملة مكتملة وكأنهم في محجر
وقالو لنا بها نحن أحفاذ بناة أهرام مصر
المائلة الزوايا كميلان ساترنا الترابي المنحدر
وكانوا كذلك بل وأمهر
وعلمونا يومها كيف يكون ويلقى درس ألف صبر وصبر؟
وكيف تخاض ألف معركة ومعركة متزامنة في الجو والبر والبحر
وكيف يصنع مجد ألف نصر ونصر؟
مثلما تبنى الأهرمات من ألف ألف حجر وحجر
و يـــــا ليتنا لم ندعي يوما كذبا وزورا وفي كِبْر
أنّ أجدادنا هم من بنوا أهرام مصر
ويــــــــــا لها من لحظة إحساس بالهزيمة هي الأمر من المر
ونحن الذين أمعنا في إذلالهم وتمادينا في التباهي والفخر
وتوعدناهم في القاهرة حين يدخلها جيشنا دخول الغازي المنتصر
فحفظوا لنا الموعد في القاهرة وإستعدوا له جيدا سرا وجهر
وذكّرونا به حين حانت ساعة الصفر
وقالوا لنا فيها هذه هي القاهرة فأين جيشكم الغازي المغتر؟
فلقد حان موعدها ونحن من حددناه لكم توقيتا ومكانا وعلى غر
موعد يوم تـُـوَفىَ فيه النـُذر
نُذر قصاصنا لأسرانا الذين دفنهم أحياء جيشكم يوم الغدر
نذر قصاصنا لكل قتلانا وأولهم أطفالنا في مدرسة تل البقر
ويا لها من لحظة عجز في موعد ذل وقهر
أمام جيش مصر
وهو يصنع معجزة عسكرية كانت بحق سنفونية بدر
فما بين ضحى يوم ومسائه صار بفضلها جيشهم قوة لا تقهر؟
وجيشنا مهزوما مخذولا يتقهقر
وبعدما كان في الحروب السابقة دائما هو الفاعل المنتصر
والذي لا ينهزم ولا ينكسر
أمسى في لحظة غرور مفعولا به منصوبا عليه مجرورا بكسر
وما كسروه إلا بسنفونية لا محل لها في إعراب العسكر
سنفونية سر الإنتصار فيها جيش قال بصدق يومها كلمة الله أكبر
وحفظ طول فترة إعداده فيها كلمة السر
وكلمة السر فيها كانت بدر
سنفونية الأعجب فيها علم قادة جيش مصر
بكل أنواع وأعداد تشكيلات وحدات جيشنا الفطن الذمر
وتوزعها قبل المعركة وأثناءها شبرا شبر
وعلمهم بكل طرق تحركاتنا مترا متر
وعلمهم بكل الممرات الأمنة من الألغام ممرا ممر
بفضل عدة مجاهيل عددية نـَكِرْ
ضمن كتائب إستطلاع وكأنها نزلت علينا من القمر
مدعمة بنظام يقوم على شبكة إرسال وإستقبال على البر
ويمثله مواطنون بسطاء من بدو مهرة في ثقفي الأثر
ورعاة للأغنام والنوق الحمر
وكل واحد منهم هو همزة وصل برمز مشفر
وكانوا هم حرف العين في قرار سنعبر
بل خير عَيْن ٍتـَتـْبَعْ في إعرابها وإشتقاقها ضمير جيش الكسر
ومحلها في وسط جيشنا الوعر
تؤكد وتنقل عنه كل معلومة وحركة وخبر
وكأنّهم مهندسون جيودسيون يمسحون أرض سيناء القفر
ويتواصلون بنظام تحديد المواقع بالأقمار الصناعية متطور
وكانوا يمثلون الخط الدفاعي الأول والمتقدم لجيش مصر
سنفونية وكأنها ألفية نحو في ترتيب قواعدها سطر بعد سطر
أو تآليف صرفٍ إشتقاقاتُ أفعالِهِ أذهلت أولى النهى و قادة العسكر
سنفونية كانت خير جواب على كل شروط تعجيزنا لجيشهم بأن يعبر
سنفونية أحسنت إستغلال إطمئناننا لعدم قدرة جيشهم على إمرار العسكر
فكبلتنا بأغلاله فدفعنا لذلك أغلى سعر
سنفونية تلاحم فيها كبار القادة وصغار العسكر
في التدريب قبل الحرب وحين حانت ساعة الصفر
جنبا إلى جنب في أروع أسلوب قيادة مبتكر
مما أذاب كل الفوارق ورفع من ثقل المسؤولية على الظهر
وفعل في الجنود فعله كالسحر
وهم يشاهدون كل رتب قادتهم العليا معهم بإنتظام وترتيب تعبر
في أروع ملحمة نفذتها منظومة متكاملة صُنِعت في مصر
وصَنعت معها جيلا جديدا من أجيال خيرية الجندية والعسكر
وفق نظرية الجندي مقابل الدبابة وقوة الرصاصة في الرامي الأمهر
وإنّنا لا نعرف أنّ هناك في العالم جيش أخر
بإمكانه أن يحارب أفضل من الجيش المصري ويعبر
سنفونية نسفت نظرية الأمن الإسرائيلي سلاحنا الأكبر
وكل ما أقامنه من خنادق وحصون لطالما بها جيشنا قد إغتر
سنفونية أربكت قادتنا فأيقنوا يومها أنّ جيشنا الذمر
لأول مرة قد هُِزم ودحر
حتى إستنجدت رئيسة وزارئنا التي كادت يومها أن تنتحر
بالأمريكيين أن أنقذوا إسرائيل فهي اليوم إلى زوال وفي خطر
فخط برليف الحصين قد إنتهت صلاحيته اليوم بعد الظهر
فسقط وإندثر
وأنّه أمسى كالجبن المثقوب الأصفر
وإننا لا ندري كيف نوقف أمواج جند عدونا وهي إلينا تعبر
أو أن نصد زحف طوابر دباباته العاديات وهي تتقاطر
فعدونا الذي حسبناه إنهزم وإنكسر
وخارت قواه وعزائمه وتشتت وأمسى كسراب مندثر
قد نادى منادي الإيمان في صفوفه وقال كن أبا ذر
فإسترد عافيته وإستجمع قوته بين صبح وظهر
وكشر عن أنيابه ليس مبتسما وأخذنا على غر
فهي الحرب إذا ًوالحرب عنده خداع ومكر
لا ينفع معها إحتياط أو حيطة أو حذر
أو خنادق أو علو جبال أو أسوار أو موانع أو ستر
سواء أكانت من نار أو من ماء أو من سلاسل الأبْجُر
أو من رمل أو من حديد أو من حجر
وأنّه أصبح له درع واقي يحميه من كل سلاح لنا مستنسر
وسيف قاطع يبطش بكل من يهاجمه منا ويبتر
وإنه قد لاح اليوم في سماء العرب برق ورعد ومطر
دون سحب تعتصر
فوميض برقهم يقصر العمر
وقصف رعدهم يورد القبر
وزخات مطرهم تلهب وتذكي نار صقر
وإن لم تدركونا فسنرمى في البحر
وإنهم قد رفعوا رايات النصر والنسر
فوق جبل الشيخ وجبل المر
وما هؤلاء بجن ولا ببشر
ولاندري أمن تحت الأرض خرجوا إلينا على غر
أم من السماء إنقضوا علينا إنقضاض الصقر
وإذا رمونا كان أول رميهم الله أكبر
وإن لم تدركونا فأعلموا أن سلاحكم قد هزم ودمر
وأن الفانتوم قد أسقطتها الهليكوبتر
سنفونية وكأنها عملية جراحية أجراها جراح حاذق أمهر؟
سنفونية وكأنّها حيكت بذكاء خالد ولـُفـَتْ بدهاء عمرو ؟
كتبها إبن الجزائر

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech