Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

روايه فهد الليل- الجزء السابع - رسومات خط بارليف


 

رسومات هندسية لمواقع خط بارليف

 

     اليوم التالي لعودتي من المعتقل ودعت رحيل وأسرعت إلى زيارة ديار قبيلة تراجي ، كان برفقتي شهاب ويرجع السبب في إستخدامه إختصار وقت الوصول وأيضا وقت العودة حتي أستطيع قضاء فترة أطول مع تراجي؛ فقد حرمت من حديث ومشاهدة تلك السيدة الجميلة المشاغبة ؛ كانت الفرحة غامرة حين إلتقيت بالأسرة وأخبرتني تراجي بأنها كانت علي علم بما حدث لي من الأخبار التى أمدتها بها رحيل ، كما أخبرتني بأنها شعرت بمقدار ما تكنه لي رحيل من حب أخوي كنت أتشكك فيه قبل هذا ولكن حينما جمعنا حب مشترك لشخص واحد تباينت المواقف ؛ فهناك حب الأخت الكبيرة والتى شعرت به رحيل تلك السنوات الطويلة وما أسبغته عليها وعلي طفلها من رعاية ودفء أسري كبير وبين حب الزوجة لزوجها والنوعان يصبان فى إطار واحد وهو إطار العلاقات الإنسانية التى تساعد الإنسان على الحياة بسعادة وأمل لمستقبل مشرق ، أيقنت من تلك الكلمات بأن تراجي أخبرت رحيل بنبأ زواجنا منذ عدة أشهر قبل الحكم عليّ بالعمل ستة أشهر بسلاح المهندسين الإسرائيلي ، أيضا كان واضحا علي تراجي حالة الحمل ؛ حيث شاهدت بطنها مرتفعا وشعرت بسرور داخلي وكنت راغبا ًبحضور أمشير معي حتي لا يتعالي "يتأنزح علي شخصي ويعمل فيها سبع البرمبة ومافيش حد أحسن من حد" ، كما ملأني الزهو بأنني سوف أصبح أبا خلال شهرين علي أكثر تقدير ، "ياه .. الواحد كبر وبقي مجوز وح يبقي عنده عيال" كما شعرت بأن هارون وأصدقاءه سوف يسعدهم إنضمام صديق جديد في قائمة الفريق الذي تكون بين الصخور والجبال خلال فترة الحرب والقتال.

 

     أمسكت تراجي بيدي وكان باديا عليها السعادة والإبتسام ثم توقفت بعد أن سرنا عدة خطوات بعيدا عن خيمة عائلتها حيث قالت لي سوف تشاهد شيئا جميلا سوف يسعدك ، إعتقدت بأنها أنجبت وسوف تريني المولود ولكن كيف أنجبت بتلك السرعة؟ شاهدتها تنظر من حولها وتساءلت أين شهاب ، أفادها طفل صغير حينما سمعها تتساءل: أين الحصان الأبيض الذي حضر به صابر فأخبرها بأنه شاهده يسرع فى إتجاه خيمة الشيخ عيد ، هللت مرددة ، هايل ، والله أنت فرس هايل يا شهاب ، مازلت أسير برفقتها والدهشة هي حالي وشعرت أن تراجي إستبدلت حب وعشق الجمال بحب وعشق الخيول ،  سمعتها تنادي .. الخالة أم علي .. يا خاله .. بعد قليل أقبلت الخالة أم علي زوجة الشيخ عيد والذي لم يكن متواجدا حيث رحبت بي السيدة مهنئة على مغادرتي السجن!! تساءلت أم علي:

 

ـ عايزين تشوفوا شهاب؟

 

ـ أيوه يا خاله

 

أفسحت السيدة الطريق وشاهدت عددا ًمن جذوع النخيل المترابطة والمتراصة ومغطاة ببعض الأقمشة البالية ، سارت بنا ودخلنا إلى ممر يمر أسفل جذوع النخيل وشاهدت شهاب ولكن الشيء المدهش أنني شاهدت حصانا آخر أحمر اللون وبجواره مهر صغير يحمل اللونين الأبيض والأحمر ، على الرأس والرقبة ومنطقة الجزع الخلفي اللون الأبيض وباقي الجسم اللون الأحمر ، كان منظر المهر الصغير غاية فى الجمال ، نظرت إليّ تراجي وشعرت بأنها تحمل خبرا وأنها ترغب أن تخبرني به حيث قالت:

 

ـ المهر الصغير ده ابن شهاب!!

 

ـ ابن شهاب !! إزاي؟

 

قصت عليّ تراجي قصة غريبة حيث أخبرتني بأنه منذ أكثر من عام شاهدنا شهاب وأمشير قادمين يهرولان وقد بدا عليهما الإعياء ، كنت أعلم أنهما ملك لك ؛ حيث كنت متواجدة يوم أن أهدتك إياه السيدة العجوز أم سيناء وأيضا أمشير قدم معك يوم أن حضرت إلينا أول مرة تحمل الحصة التموينية لنا ولخالتي ، حينما حضر كل من أمشير وشهاب وضعنا لهما الطعام وحجزهما الشيخ عيد بداخل تلك الزريبة حتى الصباح ، فى تلك الليلة قام شهاب بواجبه نحو "زمردة" فرسه الشيخ عيد التى كانت فى أشد الحاجه كي تعشر "تحمل" وأثناء وجودك بالحبس ظهر هذا المولود الجميل ، كما تشاهد مهرا ذكرا يمرح حول أمه وكما تشاهد أيضا مدي سعادة شهاب بابنه مثل أي إنسان يشاهد ميلاد ابن له.

 

    كانت المفاجأة سارة لأقصي حد وعلمت بأن أمشير وشهاب كانا يجريان على حل شعرهما وأنا أنتظرهما  فى قلق بالغ خشية أن يقتلهما العدو الإسرائيلي وتبين لي أن هناك قصة حب تربط بين شهاب وزمردة أثمرت عن ميلاد "ياقوت" ، لقد سار شهاب على الدرب الذي سرت عليه ، فكما أقمت يا صابر علاقة حب مع تراجي جارة زمردة وتزوجتها وسوف تنجب لك ياقوت صغير قمت أنا بعلاقة نسب مع زمردة وسبقتك وتزوجت وأنجبت ومحدش أحسن من حد .. ياه .. قلتها بدهشة  الدنيا دواره والله يلهم الحيوان كي تستمر الحياة وتبين لي أن أمشير أصبح يعمل خاطبة وقد سبق وأن قام بتزويج نفسه من ناقة هانم أم ابنه بعرور بل وعلمت أنها تنتظر حادثا ًسعيدا ًآخر وأعتقد لو إستمر هذا الحال فسوف تمتلئ المنطقة بالبعارير " جمع بعرور " وبدلا من أن نوزع دقيق وسكر نقوم بتوزيع جمال صغيرة، أضحكني هذا التعبير وحمدت الله بأن الحكومة المصرية ليس لها سلطة علي سيناء وإلا كانت أوكلت حالة العجز في ميزان المدفوعات لكثرة أبناء أمشير كعادتها مع بني البشر ، قضيت ليلتي تلك مع زوجتي الجميلة أبثها حبي وأشواقي عن بعد نظرا لحالة الحمل التي أثرت عليها ، وفي الصباح غادرت القبيلة متجها لعملي.

 

    سارت الحياة بنا سيرا طيبا وخلال تلك الفترة قمت على زيارة أحبائي رجال الحدود وبعد جلسة طيبة أخبرني إدريس بأنه فقد ثلاثة رجال آخرين فى إشتباك عنيف ومسلح حول بئر أبو زنيمة للبترول حينما علم بأن الإسرائيليون نجحوا فى دق بريمة جديدة وأنهم على وشك إستخراج البترول الخام ومن أجل هذا قامت الفصيلة بكامل قوتها وبرفقة رجال البترول بمهاجمة موقع أبو زنيمة وحدث قتال ليلي تدخلت خلاله الطائرات الهليكوبتر ورغم الخسائر التى لحقت بالبئر وببعض رجال البترول الإسرائيليين إلا أننا فقدنا ثلاثة رجال وهم .........,.

 

     اليوم التالي بعد أن ظللت مساء تلك الليلة حزينا على فقد هؤلاء الرجال والتى تربطني بهم صداقة طيبة أخبرت الشاويش إدريس بما قمت به من العمل بتحصين مواقع للعدو على ضفة القناة وأخبرته بأنني سأرسل برسالة مع الشيخ عيد كي يعلم أولي الأمر بما حدث وكنت أتمني بأن أقوم علي رسم ما شاهدته ، أشعر هذا إدريس بالسعادة والراحة وأخبرني بأنه من الواجب عليّ القيام برسم هذا التصميم ، أخبرته بأنني لا أستطيع فلا أمتلك تلك الموهبة ، صمت قليلا مرددا .. الحكاية دية عايزه مهندز .. رباح .. فينك رباح .. إبعت ليا الباشمهندز .. بعد قليل حضر المهندس عزيز وأخبره إدريس بما أحطته به علما ، إبتسم الرجل قائلا تلك مهنتي ومهمتي أيها الرجل الشجاع ، فلنأخذ مكانا ونستعد للقيام بهذا الرسم وما عليك سوي الوصف ومحاولة تذكر الأبعاد والخلطة فى كل المواد والأماكن وأترك لي الباقي.

 

   أحضر الشاويش إدريس دفتر الأوامر الخاص بالفصيلة والذي يدون فيه الأعمال التى تقوم به الفصيلة وهو دفتر رسمي ولم يعد مستغل ويتمتع بورق أبيض نظيف وكبير المساحة حيث تصل أبعاده 30سم × 40سم .. جلست بجوار المهندس عزيز وطالب إدريس الجميع بتركنا كي لا تشغلنا أحاديثهم ، ظللت بجوار المهندس عزيز أكثر من ساعتين والرجل يقوم بالرسم حتى إنتهي وتساءل ، هل هذا الرسم مقارب لما شاهدته وقمت بالعمل به؟ أجبته كأنه هو ، تركنا حوالي الساعة ثم عاد بعد أن أضاف وأزال بعض الخطوط من على الرسم فهتفت .. الله أكبر .. كأنك كنت معنا .. الحمد لله .. كما قام بكتابة كل البيانات التى زودته بها على الرسم حتى اسم الموقع  المحصن وموعد إقامته ، قمت بفصل الورقة التي بها الرسم عن باقي الدفتر ؛ توجهت للشاويش إدريس كي أسأله عن معني اللغز التي أخبرتني به أم سيناء وظل الرجل يفكر وطلب عون زملائه ولم يستطع أحدا منهم أن يقوم بتفسير ما نصحت به أم سيناء ؛ قفلت عائدا كي ألتقي بالشيخ عيد فى أقرب وقت كي أسلمه هذا الكنز من المعلومات كما أخبرني المهندس عزيز ميخائيل مهندس البترول الهمام الذي حذرني من إكتشاف العدو لتلك الرسوم.

 

     وصلت إلى مركز المساعدات ولم أجد رحيل في إنتظاري فدخلت مسرعا إلى حظيرة الأصدقاء وحررت شهاب من السرج ودلكت له جسده بالفرشاة وأثناء ذلك كان يعب من المياه ثم تلي هذا تناول بعض الشعير الموجود ، كانت السعادة والغبطة واضحة على ملامح شهاب فقد رافقني عدة أيام شاهد خلالها ابنه ياقوت وزوجته زمردة وبث لهما بعض الأشواق ورغبته بأن يجتمع الشمل حتي نحيا ونعيش كأسرة مترابطة مثل صديقي أمشير.

 

     أخفيت الرسم الذي قام بتخطيط خطوطه وأجزائه المهندس عزيز ميخائيل بعد أن وضعته بداخل كيس بلاستيك من الأكياس التي تغلف عبوات الشاي الكبيرة ’ أسرعت ووضعت الكيس بجوار قبر أم سيناء والتي دائما ما كنت أتذكرها أثناء فترة الإعتقال ،  أثناء الحفر بجوار قبرها شاهدت بعض سيقان لنباتات قريبة من القبر وقد نبتت بطريقة غير منتظمة ، فكرت بإقتلاعها ولكني تراجعت وتركتها كي تنمو ثم أقدمها لبعرور أثناء لهوه مع صديقيه والذين أقبلوا وكنت أشاهدهم يجرون خلف مكان جلوسي وكل واحد منهم يخرج صوتا ًيختلف عن أصوات الآخرين لكن التفاهم سمة واضحة وقد مضي أكثر من عام ونصف على تلك العلاقة ومازالت الصداقة قوية وقد بدا واضحا بأنها قد أفادتهم جميعا وبالأخص هارون الذي إنخرط فى الحياة وأصبح كثير الإعتماد على نفسه وأصبح قادرا على تكوين جمل كلامية واضحة كاملة بعد حالة اللجلجة التي كانت مسيطرة عليه مع ظاهرة الإنطواء المستمرة ومتابعة رحيل فى كل خطواتها.

 

   قرأت الفاتحة على روح المناضلة المرحومة أم سيناء ، لقد تأكد لي بأن المنطقة القريبة من القبر كانت رائحتها طيبة للغاية وقريبة من الرائحة التي سبق وأن شممت عبقها ليلة وفاتها ، كان الفارق واضحا بين قبر موشيه وبين قبر تلك الأم الطاهرة.

 

     صباح اليوم التالي قمت بعمل فتحة صغيرة بشكارة السكر عبوة زنة عشرة كيلوجرامات ووضعت بداخلها الكيس البلاستيك الذي يحتوى على الرسم ، أخبرت رحيل بقضاء هذا اليوم مع عائلة تراجي ، ظهر على وجهها الغضب والضيق مما إضطرني إلى إلغاء تلك الرحلة حتي لا تغضب مني وتقلب عليّ الأمور رأسا على عقب كما حدث ، بعد قليل أقبلت بعد أن زال العبوس من وجهها وطلبت مني أن أقوم على زيارة تراجي وأنها ترغب بأن أظل بجوارها فهي وحيدة ولا أقارب بجوارها وكأن الله أرسلك لي ولابني ، طبعت قبلة سريعة على خدها مما دفع بدموع السعادة لأن تظهر فى عيونها الجميلة وربتت على كتفي ثم أشارت لي ملوحة بما يعني مع السلامة.

 

     قطعت الطريق الواصل بين المستودع وبين ديار قبيلة تراجي دفعة واحدة وكنت أشعر بشهاب أثناء عدوه برغبته بالوصول مبكرا حيث كان فى شوق لكل من زمردة وياقوت وكأنه يتغني بأغنية عبد الحليم حافظ " إسبقني يا قلبي إسبقني على الجنة الحلوة إسبقني" تعجبت لهذا الحصان الذي سيطغي حبه على حب قيس وليلي العامرية وسوف تكتب رواية عن حب كل من "شهاب وزمردة" ، سمعت صهيل شهاب ولم يتبق سوي عدة كيلومترات لكن سبب الصهيل ظهور دورية إسرائيلية قطعت علينا الطريق وأشار إليّ قائدها بأن أهبط من على صهوة الحصان وأتجه إليه بينما قام آخر بفحص سرج الحصان كأنه يبحث عن شيء ما أثناء هذا كان الضابط يطلب مني هويتي وبعد أن شاهدها أشار إلي الجندي بالتوقف عن التفتيش قائلا له بالعبرية بأنه زميل وصديق ؛ عند هذا رفع الجندي يده عن شكارة السكر حيث كان ينوي فتحها بمطواة بيده ، تركتنا الدورية ولساني يردد الحمد لله .. الحمد لله ، ليس خوفا وخشية منهم ولكن لفقد القيادة بمصر لهذا الرسم الذي أكد لي المهندس عزيز والشاويش إدريس أهميته القصوى.

 

    أمام دار تراجي طلبت من شهاب التوقف كي أهبط من فوق ظهره ولكنه لم يهتم بي وأسرع ودخل إلى الحظيرة مباشرة مما تسبب في إرتطام رأسي بأحد أفرع أشجار النخيل المقام عليها السقف وكانت الإصابة طفيفة لأنني أسرعت بخفض رأسي ، توجه شهاب إلي ياقوت يبثه حبه وشوقه وكأن المهر الصغير يشعر بأن هذا الحصان هو أبوه فظل يقفز ويصهل بصوته الرفيع مما إنعكس على زمردة بالسعادة وكأنها تداعب شهابا بقولها حمد الله بالسلامة يا سبعي.

 

      تركت الأسرة بعد جمع شملها وحملت شكارة السكر فشاهدت الشيخ عيد واقفا مرحبا بي ، أمسك بيدي ودخل بي إلي داخل الخيمة حيث طلب من أم علي زوجته إعداد أقداح القهوة بينما الرجل يربت على ساقي مرحبا ، ناولته شكارة السكر فأسعده هذا وأسررت له بما تحتويه ، إنتفض الرجل ودخل إلي الخيمة وعاد يحمل سكينا ووعاء من البلاستيك وشق الشكارة وأفرغ محتواها فظهر الكيس البلاستيك ، فضه مسرعا ولم يتفهم الرسم لكنه كرجل مخابرات فطن تأكد له أن تلك الوثيقة لا تقل أهمية عن المعلومات التي سبق ونقلتها له عن طريق أم سيناء عن قاعدة الصواريخ بجنوب سيناء منذ ثلاثة أعوام ، ضرب الرجل على ساقي بقوة مكررا .. الله أكبر عليك .. الله أكبر .. والله معلومة واحدة من بتوعك كفيلة إنها تجعلك من الأبطال .. ربنا يحميك ثم تركني وقام مسرعا ثم عاد بعد قليل بعد أن أخفي الوثيقة مقررا بأن ما بها سوف يصل القيادة قبل فجر الغد بمشيئة الله.

 

    قمت على زيارة أسرة تراجي وتناولت معهم طعام الغداء وإنضم إلينا كل من الشيخ عيد وأم علي وبعد أن جلسنا جلسة طيبة قررت بعدها الرحيل فقد تعدي الوقت آذان العصر ، حينما طلبت من شهاب الحضور شاهدته مقبلا وخلفه كل من ياقوت وزمردة ، فى البداية إعتقدت أنهما يودعانه ولكن تبين لي ومن حديث الشيخ عيد بأنهما يرغبان فى مرافقته أو يظل شهاب معنا ، ما رأيك ، أجبته بأنني لا أستغني عن شهاب ، حينئذ قال الشيخ عيد فترحل الأسرة كلها معك ولهذا طلب عون الشيخ إسماعيل والد تراجي حيث قام الرجلان وبمساعدة مني بحمل ياقوت ووضعته على ظهر شهاب حيث لا يقوي على السير تلك المسافة فما زالت أقدامه ضعيفة ، نظرت زمردة لشهاب وصهلت كأنها تداعب صغيرها وسعيدة به وكأنها تطالب شهاب بالإهتمام بياقوت حتي لا يسقط من فوق ظهره ، بعد هذا صعدت صهوة شهاب وتمكنت من السيطرة علي الصغير ياقوت.

 

    ودعت الأسرتين عائدا إلى المستودع ؛ حيث كنت فى غاية السعادة وأنا أراقب حنان وعطف وحب شهاب وزمردة على صغيرهما ، دون حديث واضح مني ، كأنهما زوج وزوجة خرجا للتنزه بصحبة طفلهما وهما يرعيانه بكل حرص وسعادة ؛ حيث كنت أسمع صهيل زمردة فيتوقف شهاب فتسرع إليه تلعق جسد ياقوت وتعضعض بلطف أذنه فيحاول القفز متجها إليها ولكني أضغط عليه طالبا منه الهدوء حتي نصل إلي المستودع.

 

    الحمد لله وصلنا بالسلامة إلي المستودع وقد بدا على الصغير الإرهاق من طول المسافة وعدم الحركة ، توقفنا عن المسير وهبطت من فوق ظهر شهاب وقمت بإنزال ياقوت من فوق ظهره فسقط أرضا لا يستطيع الوقوف فأقبل والداه يساعدانه بلحس سيقانه الضعيفة من أسفل لأعلي حتي إشتد عوده ووقف بأرجل مرتعشة ؛ فجأة أقبل هارون وصديقاه ولم أشاهد ياقوت الذي قفز إليهم وأسرع الأربعة بالجري وشاهدت رحيل بعد أن وضعت يدها على فمها وجحظت عيناها وهي تردد .. آه يا ربي .. ربي .. ما هذا الجمال والروعة وأقبلت وشاهدت زمردة تقف بلونها البني ورشاقة جسدها ، نظرت إليّ متسائلة من أين أتيت بتلك العائلة فأشرت لها بعد أن إنتهي من تقديم واجب الضيافة للسيدة زمردة وواجب الصداقة للسيد شهاب ، إصطحبتهما لداخل الحظيرة وحررت ظهر شهاب من السرج وتبادل الأصدقاء الأربعة النظرات "أمشير وناقة هانم وشهاب وزمردة" تركتهم يتفاهمون وعدت لرحيل كي أبثها كل حب الأخوة وأطيب من خاطرها وأجلس برفقتها فقد أصبحنا جميعا مجموعات بإستثناء رحيل.

 

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech