Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

روايه فهد الليل- الجزء السابع - العتبه الثالثة

 

 

 

العـــتبة الثالثــة

 

   شعرت بالراحة بعد أن قمت بإرسال الرسم التوضيحي لنقاط خط بارليف الحصينة وشعرت بأنني قد قمت بعمل ذى فائدة كبيرة لجيش مصر رغم ما أنا فيه من شد وجذب من جراء أفعال وتصرفات رحيل التى سببت لي الكثير من المشاكل والضيق ورغم هذا فإنها سيدة قوية جميلة ساهمت بقدر كبير في إعاشة رجال الحدود ولولا هذا لكانت حياتهم بائسة والله أعلم ما الذي كان سوف يحدث لهم بدون تلك المساعدات ، كان من الممكن أن يصبحوا تحت رحمة حمدان مهرب المخدرات ولكني أعلم معدن هؤلاء الشجعان أبناء النوبة.  

 

    تذكرت نبات الشعير الذي قمت بزراعته منذ أكثر من عام والسبب في هذا أن رحيل أبلغتني بأن الجمال والخيول تحتاج إلى عليقه وبالأخص الشعير وقد إزدادت الأعداد ونحن في إنتظار ضيف قادم أي بعرور جديد سوف يولد بعد ثلاثة أشهر ، فكرت من أين آتي بالشعير فتذكرت الشعير الذي قمت على زراعته ولم أتمكن من حصاده بسبب إعتقالي لأكثر من ستة أشهر منتصف العام الماضي ولم يخبرني رجال الحدود بأنهم قاموا علي حصاد الشعير ، وفى تلك الأيام لم يكن الشعير قد نضج بعد فنحن نهاية شهر ديسمبر من عام 1972 ، تذكرت كلمات الرئيس السادات التي كنت أستمع إليها وأنا فى المعتقل بأن هذا العام هو عام الحسم حيث كان الإسرائيليون يضحكون ويتندرون على هذا الكلام حيث علق أحدهم قائلا بأنه من المحتمل أن مصر قررت الإنتحار فى حالة رغبتها فى التفكير فى شن حرب على إسرائيل ، ونصيحة لهم بأن يستعدوا من الأن بتوفير الطوب ومواد البناء حيث سيدمر جيش الدفاع كل مدن مصر ولن نترك حائطا مقاما.

 

      اليوم التالي توجهت لمنطقة وادى القبقاب محاولا أن اعرف ما الذى جرى لنبات الشعير منذ العام الماضي ، وصلت وكانت المفاجأة الكبرى بأن مساحة كبيرة من الأرض تلونت باللون الأخضر وقد زرعت بالشعير الذي كبر حجمه ونما وإرتفع عن الأرض بمقدار قدم "30سم" ؛ كانت المساحة ضعفي المساحة التى قمت على زراعتها وبتفقد المساحة تبين أن حبيبات الشعير العام الماضي نضجت وفرطت من شدة الحرارة ولم يقم أحد بحصاد المحصول وإنتشرت حبات الشعير بفعل الرياح وغطت الرمال المثارة البذور وجاءت أمطار هذا الشتاء فقامت بري البذور التى نبتت ، كنت في حالة مزاجية عالية من السعادة بسبب زيادة الرقعة المنزرعة والتى تنبئ بأن محصول الشعير وفير وسوف تغطي إحتياجات مجموعة الجمال والخيول التي بحوزتي هذا العام وجزء من العام القادم 1974.

 

   ظلت العلاقة بيني وبين رحيل هادئة إلي أن جاء يوم طلبت مني أن أقوم علي زيارتها فى المساء ، كان هذا الحديث بعد أن تناولنا الطعام فأنا مازلت أعيش معها في نفس الخيمة ، وافقتها الرأي وتوجهت لأصحابي من الحيوانات كي أقدم لهم الخدمة المطلوبة والرعاية وأيضا أشاهد هذا المهر الصغير "ياقوت" ، أيضا شاهدت بعرور وقررت أن أطلق عليه اسما ، فسوف يأتي اخوه بعرور موديل 1973 بعد أشهر قليلة ولهذا فمن الواجب أن أطلق عليه اسما ولم أجد أفضل من اسم البطل "هادي الصغير" ؛ هذا الجمل الذى نال الشهادة أمامي دفاعا عنى وحماية لى من بطش الجنود الإسرائيليين.

 

      طلبت من هارون أن يأتي للعب مع أصدقائه بالمنطقة الخلفية والتي بها قبر الراحلة أم سيناء ، شعر بالفرحة والسعادة بعد أن سبقت وصوله هناك ، بعد قليل شاهدته قادما مع أصدقاءه ومن بينهم "ياقوت" المهر الصغير الذي مازال يسقط أثناء لعبه لضعفه بسبب صغر سنه ، أشرت إليه بأن يأخذه لأمه وأنا فى إنتظاره ، تمنع المهر عن مغادرة المكان فإستعان هارون بليفي الذي نبح فى وجه "ياقوت" فأسرع إلي أمه خوفا من ليفي ، وقفت أمام بعرور كي أخبره بإسمه ، اسمك هادي .. سامع .. هادي ، أشير إلى هارون فيكرر خلفي ، طلبت من هارون أن يقف بعيدا وينادي عليه باسمه الجديد ، هادي ، لم يتحرك وشعرت بأن بعرور يتمتع بكمية من الغباء ، كرر الطفل اسم هادي حينئذ نبح ليفي في وجهه فأسرع بعرور خوفا منه ، نادي هارون .. هادي .. دون جدوى ..  طلبت من هارون أن ينادي عليه بهذا الاسم بإستمرار أثناء اللعب وقد أسعده هذا.

 

   جلست أمام قبر أم سينا وعدت أتفحص النباتات التي شاهدتها منذ فترة وتبين لي أنها نبات أشجار الزيتون ، عادت بي الذاكرة يوم وفاتها بأنني شاهدتها تمسك الخنجر وبنفس اليد كيس صغير وحين سألتها أخبرتني بأنها بذور أشجار الزيتون ، حينما قمت على دفنها ألقيت بالكيس بجوار الرمال وأثناء إهالتى الرمال على جثمانها بقبرها تناثرت البذور وبسقوط الأمطار نبتت البذور ، شعرت بالسعادة فقد نبتت أشجار الزيتون ومازالت الرائحة ندية وأصبحت أمامي آيتان ، واحده بالجانب الشرقي أمام باب المستودع الحديدي لجثمان "موشيه " والرائحة الكريهة والآية الأخرى جثمان الراحلة أم سيناء وعبقها الطيب الذي اشمه منذ وفاتها حتى الآن ونبتت بجوارها أشجار الزيتون المباركة.

 

     هبط الظلام فتوجهت للخيمة وهناك وجدت رحيلاً في إنتظارى رحبت بي ولاحظت أن هيئتها مغايرة وخشيت إندفاعها وتهورها لكن الشكل المغاير لم يكن مموحيا بمثل هذا السلوك رغم أنه كان مخالفا لما إعتدت ملاحظته فلم تكن هناك ألوان وأصباغ على وجهها ، بل كانت ترتدي الملابس الطويلة ذات الأكمام وفسرت هذا بأننا فى وقت الشتاء والبرودة تحيط بنا ومن حولنا.

 

ـ أهلا صابر .. وشك منور وباين عليك الإنبساط .. يا تري إيه السبب؟

 

ـ أبدا .. لما بأشوف هارون وأصحابه باكون طاير من الفرح

 

ـ مش معقول على حلاوة الحصان الصغير .. تعرف بأفضل لوقت كتير أبص له .. جميل جدا

 

ـ فعلا جميل جدا والأجمل من كل ده هارون وأم هارون

 

ـ أيوه ، جينا للجد .. أم هارون .. صابر إسمع اللي ح أقولك عليه وما تقاطعنيش .. صابر أنا قررت الدخول فى الإسلام .. ولا كلمة .. ما تقاطعنيش .. قررت الدخول فى الإسلام مش عشان خاطر كلامك الخايب اللي قلت لي عليه من خمس سنين ، لو عايزة تتجوزينى أعلني إسلامك .. لأ وألف لأ .. أنا قررت الإسلام عشان مقتنعه بأنه دين رائع .. لكن الفضل بعد كلام ربنا يرجع للي قرأ كلام ربنا .. لتلاوتك يا صابر .. تعرف مدة وجودك في الإعتقال وأنا بأسمع لإذاعة لقيتها صدفة ، اسمها إذاعة القرآن الكريم وطالعة من مصر .. عرفت حاجات كتير وأقدر أعلمك إيه إللي عرفته ، سمعت أصوات شيوخ كتير .. كنت سعيدة .. تصور يا صابر إن بعد عشرة شهور ح أصوم رمضان اللي جاي عرفت كده من إذاعة القرآن الكريم.

 

ـ خلاص .. سكتي .. طيب آدي بوسة ..

 

ـ لأ .. لأ إبعد 

 

ـ ليه يا بنت الناس .. مش إحنا إخوات؟

 

ـ إخوات إنسانيا ومعنويا لكن مش إخوات فى الحقيقة ومن الليلة تاخد فرشتك وتروح تنام في الخيمة .. أنت راجل غريب عليا .. الإسلام بيقول كده.

 

ـ الله أكبر .. ربنا يفتح عليكي يا رحيل يا بنت سمعان

 

غادرت الخيمة وجلست بالخارج وشعرت بأن جسدي مخدر مما سمعته وشعرت به .. لم أصدق عينى وأيضا كذبت اذنى .. سبحان الله وهو الذي يهدي ولولا أن هدانا الله لما إهتدينا .. الله أكبر الذي يهدي كل عاص  جلست مخدرا طائرا محلقا فى سماء العلا وسمعت أذناي تلاوة وقمت بترديد ما سمعت من تلك التلاوة:

 

لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنْ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) صدق الله العظيم

 

    دخلت للحجرة وحملت بعض أغراض أعدتها رحيل وتحركت متثاقلا لمخزن المساعدات وأعددت نومتى وأنا شبه سكران وما بين الكذب والحقيقة خط رفيع لا يقوم بالفصل بين الإثنين إلا بالإيمان المطهر لقلوب المؤمنين.

 

   نهضت فجر اليوم التالي وأنا مازلت غير مصدق للذى سمعت وما شاهدت ، توجهت لعين المياه وغرفت منها كمية قمت بالوضوء وعدت أجفف يداي من برودة المياه شبه المجمدة ، وقفت أمام الخالق أعبده مخلصا متضرعا وأنا شبه باك ودفعتنى رغبة فى أن أسأله ؛ هل ما سمعته من رحيل حقيقة يا رب؟ أنهيت صلاتي وجلست متدثرا بملابسي وبدأت فى التلاوة ، لم أتخير سورة أو آية محددة ، بل كنت أسمع قرآنا يتلي بداخل عقلي أو قرآنا يتلي بداخل أذني ، يتلي بصوت شجي وكانت القراءة بصوت سيدة ، صوت ساحر عابد لم أستمع لصوت قبله ، تحركت الدموع فى عينى وهبطت لتغسل بعض غبار شر وصل لقلبي كي أصبح طاهرا.

 

     سمعت من يهمس بأذني ، قم أيها الشاب وترحم على أم سيناء فهي تشاهدك من أعلي من الجنة المباركة ، نهضت وتحملت البرودة التي تجمد الأطراف فشعرت بالدفء يسري فى أوصالي وسرت مرفوع الهامة حتي وصلت لقبرها جلست أرضا وتلوت فاتحة الكتاب وترحمت عليها ، شعرت بتخدير بأوصالي وترنح وكدت أسقط أثناء جلوسي هذا ، حاولت اليقظة لكن النوم كان أقوي وأسرع فخلدت إلى نوم هانئ لا أستطيع تحديد مدته  شاهدتها ، شاهدت أم سيناء تجلس على كرسي جميل لا أستطيع وصفه لأننى لم اشاهد مثله في كل الكراسي التي شاهدتها ، أشارت إليّ أن أقبل يا صابر ، تقدمت إليها راغبا فى تقبيل يدها فرفضت وشكرتني ، صابر كل كلام رحيل إلي عرفتك بيه صحيح ، صدقها فى تلك المرة ، نعمة ربنا نزلت عليها لأنها ساعدتك إنت وزمايلك عساكر الحدود الغلابا وربنا كتبها لها فى الكتاب المحفوظ وقرر أنه يرضي عنها فدفعها للإسلام ، صابر عرفتك وأنا أغادر الدنيا لدار الآخرة إن قدامك تلات عتبات ، فاكر؟ عدت عتبتين وباقي عتبة ، جهز نفسك وماتعرفشي حد حكاية العتبة وخليها سر  العتبة قربت ، يعني السنه الجايه زي الوقت ده يكون ربنا رفع راية الإسلام  صابر متنساش تبقي تزور قبري ، ربنا ح يحميك وينجيك ، لا إله إلا الله  أسرعت مرددا محمد رسول الله ، أستودعك الله الأن يا صابر.

 

نهضت من نومي منشرح الصدر وقد ظهر ضياء يوم جديد فالوقت شروق والشمس تحاول الظهور من خلف الجبال والهضاب ، أسرعت بالعودة إلي المخزن فشاهدت أصدقائي من الحيوانات وألقيت عليهم التحية ورتب على جسد كل واحد منهم وأسعدهم هذا ، دخلت إلي المخزن وألقيت بجسدي ورحت فى نومي لم أنتبه إلا على صوت هارون يحاول إيقاظي كي نتناول طعام الإفطار وخلال ذلك كان في إنتظاره خارج المخزن  الأصدقاء الثلاثة خرجت متجها لخيمة رحيل ونظرت لأصدقاء هارون وأنا أردد ، الله أكبر وسبحان الله.

 

   إلتقيت رحيل وشاهدتها تلتف بطرحة تغطي شعر رأسها ، كدت أن أضحك وتنبهت بأن الموضوع جد ولا يجب العبث بمشاعر السيدة وعقيدتها الجديدة ورجوعها لله ليس مدعاة للضحك ، تناولنا طعامنا بحضور هارون ، كنت أختلس النظرات إليها أثناء قدومها أو غدوها أو أثناء الحديث مرددا ، سبحان الله ، لقد تبدل الحال وأضاءت أنوار الهداية هذا الوجه الجميل ليصبح رائقا صافيا تشاهد منه الصفاء الإلهي وليس الإغراء الشيطاني ، أعقب تناول الطعام شرب الشاي وغادرت الخيمة كي أقوم على أداء عملي فودعتني طالبة من الله أن يوفقني بكل خطوة لصالح الإسلام والمسلمين ، ركنت ظهري بالخارج خشية السقوط فالجرعة الإيمانية كانت كبيرة ولم أكن مستعدا لأن أمسح شريط ذكرياتها الماضي سيء الأخلاق بتلك السهولة.

 

***

 

    قيادة المخابرات الحربية وفي مكتب رئيس قسم الإستطلاع الذي أقبل كي يلقي بكلمة هامة فى مجموعة من الضباط من سلاح المهندسين العسكريين وبعض الخبراء بكليات الهندسة ، أوضح لهم القائد المسئول تكوين النقاط الحصينة من الداخل ومكوناتها والمواد التي دخلت فى الإنشاءات والوسائل المستخدمة في التصميم لتفادي القصف المباشر من أسلحة المدفعية وقنابل الطائرات زنة الخمسمائة رطل ، طلب من الحاضرين دقة الدراسة وأن تكون الرسوم بداخل القيادة مع السرية التامة مقررا بأن هذا الرسم أحضره أحد الشباب المصري الذي أعتقل وعمل فى تلك النقاط ولحساسية الموضوع أرسلنا لنتحقق وجاءت المعلومات التالية مؤكدة رغم أن معلومات الشاب كانت أدق وأشمل لأن من إعتمدنا عليهم من رجالنا لم يستطيعوا إختراق خطوط الحصون والحصول على تلك الرسومات الدقيقة.

 

***

 

    صباح يوم جميل ورائع حيث كنت أشعر بأن الطهارة وبركة الحي القيوم تطغي علي المكان ، شاهدت بثينة شقيقة تراجي الصغرى قادمة مسرعة بالجمل ، وقفت وتساءلت: ماذا حدث يا بثينة؟ بعد أن توقف الجمل وبرك أرضا وحصلت الفتاة علي أنفاسها ، نظرت إليّ بعيون لامعة باسمة مرددة: مبروك .. تراجي خلفت إمبارح وجابت بنت حلوه زي الجمر .. وقفت صامتا وقد إعتقدت الفتاة بأنني حزين لهذا حيث كنت أرغب فى صبي  أقبلت رحيل وشاهدتني وأنا صامت صمت أبي الهول وتساءلت ماذا حدث؟ أخبرتها بثينة بالخبر ، وقفت السيدة ووضعت يدها علي صدرها مرددة .. الله .. الله .. ألف مبروك يا صابر .. صحيح معرفتش معاد الولادة لكن ألف مبروك ، خلفة البنات رزقها واسع .. تنبهت وقمت بتقبيل بثينة ورحيل مرددا .. الحمد لله .. نظرت إلي رحيل أخبرها بأنني راحل إلي زوجتي ، ظهرت بسمة الصفاء والحب مرددة ألف مبروك .. بلغها سلامي .. هكذا أخذت صهوة شهاب عائدا إلي ديار تراجي وخلفي بثينة على ظهر الجمل  وصلنا إلي هناك عصر ذلك اليوم رغم شدة البرودة ، دخلت عليها فشاهدتها ترضع الصغيرة .. كدت أن أصرخ مهللا ، لقد كان المنظر رائعا ًلأقصي درجة ، إنحنيت وجلست أرضا وباركت لها الإنجاب وقبلت يدها فشعرت بسعادة وأمها وشقيقتها يقفان ينظران إلينا بسعادة ، أظهرت المولودة فلم أتبين معالم واضحة لكنني قبلت اللفة القماش التي كانت الرضيعة بداخلها.

 

    اليوم التالي غادرت ديار تراجي عائدا للمستودع حيث كنت أحلم وأتغني بأغان شبابية سعيدة وأسمع صهيل شهاب من حين لآخر فأجيبه بقينا زي بعض يا شهاب ، خلاص ، كل واحد فينا إتجوز وخلف ، كونّا عيلة .. الحمد لله.

 

   وصلت المستودع وتنبهت بأن رحيل موجودة ؛ حيث  كنت أشعر بشيء روحاني يقيم بنفس المنطقة التى أعيش فيها ، رغم خوفي السابق من أي حديث أو تحرك لرحيل أصبحت الأن أتمني مشاهدتها وسماع صوتها ، كنت أستمع لها ولا أعلق ، لقد غشيني شعور طيب رطب نحو تلك السيدة ولم أكن أفكر بأن من المحتمل أن تقوم تلك السيدة بإحترام ديانتي وعقيدتي فقط ثم يصل الأمر فجأة إلي إعتناق عقيدتي ، وكما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " ربح البيع يا رحيل ".

 

     توجهت إلي حظيرة الأصدقاء ونظرت نظرة فاحصة إلي جمل أم سيناء "مسك الليل" ، أنادي عليه ، نظر إليّ دون أي إهتمام ، توجهت إليه ووقفت بجوار رأسه وهو مشغول بطحن ما في فمه من طعام ، أحادثه: ِمسك الليل، أترفض ندائي وأنا صديق أم سيناء! زمجر ورفع رأسه لأعلي ، خشيت علي نفسي فتراجعت إلى الخلف ووقفت علي أول مدخل الحظيرة ، بعد قليل ترك الطعام وشاهدته متجها لي وقد خفض رأسه لأدني مستوي وهذا يدل في عرف تصرفات الجمال بالضيق أو الحزن أو تقديم الإعتذار ، قبلت كل هذا ، وقف أمامي فأشرت إليه فبرك وقفزت علي ظهره ونهض وأسرع بي لخارج المستودع ، قمت بعمل دورتين في المنطقة التي أمام المستودع ولم أكتشف أنه سريع الخطوة مثلما كنت أشاهده حين كانت الراحلة أم سيناء تمتطيه ، إكتشفت أن تلك الميزة كانت خاصة بأم سيناء وليست بالجمل.

 

     جلست أستمع لحفل أقيم بدار سينما ريفولي يقوم فيه بالغناء بعض المطربين بمناسبة العام الجديد ، قدم المذيع الحفل وأخذ يكيل ويمدح فى نجوم حفل تلك الليلة وضمن ما قال ، أنه حفل خاص بمناسبة وصلونا لأعتاب عام جديد ، عام 1973 ونرجو هذا العام أن تتحقق فيه كل الأماني للشعب المصري والعربي كما نرسل بكل تحية وتقدير إلى رجال مصر المكلفين بحماية الحدود رجال القوات المسلحة و................. 

 

      تنبهت ، العتبة الثالثة ، ياه ، هل يحدث ما سبق وأخبرتني به تلك السيدة الطاهرة ، لقد قالت لي هذا أثناء مغادرة الدنيا فى طريقها للحياة الباقية بالآخرة ثم أعادت هذا الحديث أثناء الرؤيا التي شاهدتها منذ عدة أيام وأعتقد أن رؤيا الأموات تكون صادقة فى الغالب ، إذا سوف تحدث الحرب هذا العام وسوف ننتصر لكن متى حتي أستعد لهذا بالماء والطعام كما قالت، قررت ترك الأمر لله فلم أعد قادر على التفكير والإستنتاج.

 

 

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech