Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

روايه فهد الليل- الجزء التاسع - ادريس وقائد الجيش

 

إدريس وقائد الجيش الثالث

هكذا وجدت نفسي مساقا إلي سيارة الترحيلات وقد وضعت القيود أيضا بساعدي ، أثناء الطريق نلت من رجال الحراسة الكثير من الإهانة والسباب وكل كلمة تسبقها كلمة جاسوس وخائن ، تم ترحيلي إلي سجن أبو زعبل حيث تحدث أحد ضباط السجن بعد أن رمقني بنظرة حادة متسائلا: الواد ده الجاسوس ، شاويش عليّ ، خد الجاسوس ده يكسر فى الحجر مع المجرمين العتاة.

     مع المجرمين والمهربين والقتلة سجنت حيث سمعت منهم كل ما هو رديء وحينما تحدثت مع أحدهم بأنه قاتل ومجرم أجاب بأن هذا شرف له لكنه لم يخن بلده ، أيها الخائن الجاسوس وتهجم على شخصي ضربا كدت خلالها أن ألقي حتفي حيث أنقذني الحرس ولهذا أمر مدير السجن بوضعي بحجرة مفردة بعيدا عن هؤلاء القتلة الذين كانوا في حالة من الغثيان والتبرم لوجودي معهم.

***

   مضت عليّ ثلاثة أشهر ولم أرحل إلي السجن الحربي بالواحات وما زلت بغرفة الحبس بقيادة الجيش الثالث وعلمت بأن سجن الواحات كان أحد المعتقلات التي كانت منفي لرجال الإخوان المسلمين ومن دخل هذا السجن لا يخرج منه إلا إلى القبر ، جاء الحرس كي يأخذوا بعض المسجونين لكسح "طرنش المجاري" الخاص بقيادة الجيش ، ظللت أعمل مع المسجونين لثلاثة أيام حتي تم العمل ولهذا فسوف نكلف من باكر برصف طريق يصل بين قيادة الجيش وجبل عتاقة بين الصخور نظرا لأن شركات الرصف المدنية رفضت رصف الطريق للصعوبة وأيضا الخشية من الألغام التي قام اليهود بزراعتها ، أثناء تحركنا طلب منا الحرس التوقف والإنزواء حيث حضر قائد الجيش ولا يجب أن يشاهدنا ، هبط الرجل وشاهدته وعرفته على الفور .. اللواء أحمد بدوي .. حينما أقترب من المكان الذي نقف به صرخت بأعلى صوتي طالبا لقاءه لكن الحرس أنهال عليّ ضربا وصفعا مما لفت إنتباه الرجل الذي أمر بوقف تلك المهزلة وتحويل المسئولين عنها للتحقيق ثم أقبل ونظر إلي المسجونين وتساءل من رغب بلقائي؟ أشرت له فأشار إليّ أن أتقدم منه فشاهد الكلابشات بيدي فطلب من الحرس تحرير يداي ، وقفت أمامه وعدت بذاكرتي لثلاثة شهور مضت ، تساءل الرجل فيما شكواك؟

ـ سيادة القائد ، أنا شاويش متطوع بحرس الحدود ولو سيادتكم تتذكر حينما قمت بمصافحتك بالشرق حينما كنت مع رجالي نرتدي الجلباب السيناوي وكنا نحضر الماء للرجال و..... تذكرتك ولكن ماذا فعلت كي توضع مع هؤلاء؟ أوجزت للرجل ماذا حدث منذ الإنسحاب .. صمت قليلا وطلب سكرتيره العسكري وطلب منه إرسال مندوب علي وجه السرعة لإحضار ملف محاكمة الرقيب إدريس ، أسرعت وأخبرته بحال زميلي صابر ، أضاف هذا وكتب هذا بالأمر ووقع ثم طلب منه أيضا التحفظ عليّ بوحدات الخدمة بقيادة الجيش والقيام علي رعايتي ونظافتي وإستبدال ملابسي.

    مضت عدة أيام ولا حس ولا خبر ، تساءلت فلم يفدني أحد بنتيجة ما ، بينما أحد المساعدين "صول" تهكم عليّ مرددا : أنت فاكر نفسك إيه يا شاويش؟ تفتكر أن قائد الجيش فاضي للي زيك؟ بعد يومين آخرين حضر رائد بالشرطة العسكرية ورافقني ووجدت نفسي بقيادة الجيش بعد قليل قام بتدويري "مكتب" أحد ضباط فرع الأفراد فشاهدت اللواء أحمد بدوي الذي رحب بي بل نهض مصافحا وطلب جلوسي وأنا فى حالة نفسية سيئة فقد إعتقدت أن الأمور إزدادت تعقيدا ، جلست هامدا لكنه ألقي عليّ بالخبر السعيد ، إدريس ألغيت الحكم وأوصيت بالبراءة وعدم خصم أي مستحقات وعودتك لوحدتك أسوة بباقي زملائك مع منحك ميدالية بطل الجيش الثالث والسبب في تأخري تلك الفترة هو إنتظار تصديق السيد رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة لما هو متعلق بالأمور المالية ، أيضا أرسلت وزارة الحربية بأمر إفراج عن صديقك صابر وإلغاء الحكم حتي لا يؤثر على صحيفة الحالة الجنائية ، منحتك أجازة لمدة شهر تعود بعدها لقيادة حرس الحدود بكوبري القبة وهذا تليفون "أشار إلي السكرتير العسكري" لو كنت فى إحتياج لأي شيء فأخبرني ، أنت أحد الأبطال والذي أعتز بمعرفته.

   بعد قليل حضر ضابط "شرف" وأدي التحية العسكرية ليخبر قائد الجيش بأن ميس الطعام ُمعد كما رغبت ، نهض الرجل وأمسك بيدي وسار خلفنا الضباط حتي توجهنا للميس وهناك شاهدت العديد من القيادات العسكرية الذين صمتوا حتي جلس قائد الجيش وأشار إليّ بأن أجلس بالكرسي المجاور له ، كنت في حرج فلم أشاهد مثل تلك الكوكبة من قبل ، أشار بأن نبدأ تناول الطعام منبها علي الجميع بأن يظلوا فى أماكنهم وعدم المغادرة لرغبته بالتحدث معهم.

    كنت أمني نفسي لو تركني قائد الجيش كي أدخل المطبخ وأتناول الطعام مع القائمين عليه حتي أكون علي حريتي ، إرتبكت أثناء تناول الطعام ولم يهتم الرجل بل كان يقدم لي قطعة لحم أو نوعا معينا من الطعام ، إنتهينا من تناول الطعام الذي لا أعرف نوعه ولا طعمه حتي الأن ثم تحدث إلي القادة والضبط قائلاً:

   أيها السادة ، يجلس بجواري أحد أبطال سيناء والجيش الثالث ورجال الحدود ، الرقيب متطوع إدريس ثم نظر إلي سكرتيره العسكري الذي أقبل ومعه ظرف مغلق فتحه ووقف القائد قائلاً: اليوم قررت ترقية الشاويش إدريس إلي درجة رقيب أول ، سمعت تصفيقا ًولم أعد أعلم هل إدريس المقصود بكل هذا هو أنا أو أن شخصا ًآخر يجلس ُيدعي إدريس ، أشار إليّ القائد أن أقف فوقفت وأنا أكاد أن يغمي عليّ ، فتح علبة صغيرة وأخرج منها ميدالية علقها على الجانب الأيسر لصدري مردداً: حيوا معي بطل الجيش الثالث ، سمعت تصفيقا ًوشعرت بأنني أسمع أصوات لطائرات وقصف ومعارك ، لقد حدث تشويش ثم أمر رئيس فرع المهمات بالجيش بإعداد بدلة فسحة تليق بالرقيب أول إدريس وأمر رئيس فرع الأفراد بمنحي أجازة مدتها ثلاثين يوما وخطابا ًموجها ًمن قيادة الجيش إلي قيادة سلاح حرس الحدود وخطاب شكر لمدير السلاح بما قامت به فصيلة الحدود بمنطقة عيون موسي خلال حرب الإستنزاف وخلال حصار الجيش الثالث.

     لم أشعر بما حدث ولمدة يومين قضيتهما بقيادة الجيش حيث أقبلت سيارة جيب تقلني إلي القاهرة وأنا أرتدي بدلة جديدة عليها درجة رقيب أول ومعي ظرف أعطاه لي مدير القسم المالي بقيادة الجيش طالبا مني الحفاظ عليه حتي عودتي لأسرتي هذا بخلاف إستمارة السفر وبعض هدايا من قسم التوجيه المعنوي.

   كنت أتحرك بلا عقل وركبت قطار أسوان وغادرته أيضا ولم أشعر بطول المسافة حيث ظللت صامتا ساكنا ، هناك بأسوان ركبت سيارة نصف نقل أقلتني إلي قريتنا .. قرية ميت عنيبه والتي تتبع مركز نصر النوبة بمحافظة أسوان ، شاهدت بعض أبناء القرية وأحدهم ردد بأن هذا الشخص يشبه المرحوم إدريس والبعض الآخر تأكد بأنني إدريس لكن عفريته الذي صحا وعاد يخيف الناس وقد أسرع البعض بالقرية يرددون: عفريت إدريس يا ناس .. عفريت إدريس يا ناس .. البعض أسرع بالإختفاء والأكثر شجاعة حاول أن يراقبني من خلف باب أو حائط بينما تشجع العمدة ومعه مجموعة من الخفر وشاهدته يقف أمامي فلوحت مرحبا .. أهلا وسهلا ؛ تساءل الرجل: إنس وإلا جن؟ ضحكت متسائلا: جري إيه يا حاج شعبان ، أنا إدريس ، نسيت إدريس ، بس الحرب خلصت وكنت محجوزا بسيناء والحمد لله عدت ، تشجع الرجل وإحتضنني وسار معي فبدأ البعض يقبل عليّ مرحبا خلال هذا شاهدت زوجتى الطيبة أم سلمي مقبلة وتوقفت أمامي وضربت بيدها على صدرها مرددة: والله هوه ، مافيش غيره إدريس أبو عيالي وحامي ضهرى وعرضي ، أقبلت عليها مقبلا رأسها بينما إنحنت تقبل يدي مرددة : الحمد لله .. الحمد لله .. نورت أهلك وبلدك.

    هكذا ُعدت لأسرتي ومساء نفس اليوم وبعد أن إنتهيت من بعض الإستقبالات والعواطف المتبادلة والتي زرفت خلالها الدموع حيث شاهدت ابنتي سلمي وزوجها عطا لله وابنها محمود ؛ بعد أن سكن الدار ونام الصغار جلست مع زوجتي فى حجرتنا وأحضرت الظرف الذي سلمه لي مدير القسم المالي بالجيش الثالث وسميت الله وفتحت الظرف فشاهدت العديد من الأوراق النقدية فئة الـ  10 جنيه "لم تكن الأوراق النقدية قد وصل نموها للمائة والمائتي جنيه كما هو الحال الأن".. وصل المبلغ الذي أهدته لي قيادة الجيش ثلاثمائة جنيه .. وهذا المبلغ يعادل مرتب عام بالتمام والكمال ، قبلت يدي وش وظهر ورفعت يدي أشكر الله ودموعي تنساب علي نعمته وحب الناس ورحمتهم على الفقراء والضعفاء .. عشت فترة رائعة مع أسرتي وبعد إنتهاء الإجازة ُعدت إلي قيادة سلاح الحدود الذين رحبوا بي وأخبرني أحدهم بأن قائد الجيش اللواء أحمد بدوي اتصل بقائد سلاح الحدود وشرح له بعض ما قمت به وأيضا باقي زملائي لمساعدة رجاله أثناء الحصار.

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech