Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

روايه اسود في قلب العدو - الجزء الاول

 

الكاتب احمد عبد المنعم زايد - مؤسس المجموعه 73 مؤرخين

 

ابو عين حمرا

 

قاربت عقارب الساعه علي الخامسه عصرا ، نظرا أحمد الي ساعته مرة اخري وتنهد بعمق، فقد مر خمس دقائق منذ اخر مرة نظر فيها الي ساعته ، تمر الدقائق بطيئه جدا ، دقق لوهله في عقرب الثواني ويكاد يقسم في داخله ان العقرب لا يكاد يتحرك ، انها نسبيه اينشاتين العجيبه ، فكيف يمر الوقت به سريعا في اوقات السعاده والسرور مع اسرته وابنائه وهو لا يريده ان يمر بمثل تلك السرعه ، وكيف هو الان يكاد يتوقف وهو في لحظات الترقب والانتظار اللعين ويريده ان يمر بأي شكل .

مازال امامه نحو الساعه علي موعده الهام والمرتقب مع حبيبه قلبه ، رغم انه متزوج ولديه ولدين هم عنده بالدنيا كلها ، الا ان له محبوبه يتقاسم حبها مع مليون رجل اخر ، تلك المحبوبه فارقته من سنوات ست ، ورغم انه زارها عده مرات زيارات خاطفه الا انها كانت زيارات عمل لا تكفيه ولا تروي عطشه واشتياقه لها ، ويكاد حبه له يتقاسم حبه لزوجته وابنائه

نظر لمن حوله في سكون وصمت ، وجدهم في حاله تعامل مع القلق المرعب ، فهم في انتظار مرور عقارب الساعه لتصل الي السادسه مساءا حيث تحين لحظتهم الحاسمه .

جميعهم بلا استثناء يكرهون الانتظار والترقب القاتل ، فيتعامل كل منهم بطريقته الخاصه مع مرور الوقت ببطء ، فأثنان منهم يلعبون الطاوله في هدوء تقطعه ضحكات عاليه من اكتشاف كل منهم غش الاخر وقرصه علي الزهر ، واخر يكتب خطابا كالعاده ولا يعرف احد لمن يكتب كل هذه الخطابات ومن اين ياتي بتلك الكلمات ، اما هذا الشخص الضخم الجثه سريع الحركه غليظ الصوت فهو هائم في ملكوت الله وعينيه متسلطه علي السماء ولا يعرف احد ماذا يفكر ، اما بقيه الرفاق فهم يلعبون الكره في سعاده .

استمر احمد في تفكيرة العميق ، فاليوم ليس مثل اي يوم اخر في عمرة ، انه يوم مختلف في حياته وحياه مصر كلها ، يكاد لا يصدق ما مر به في الساعات الخمس الماضيه .

فقرب العاشرة صباحا استدعاه قائده الي مكتبه ، وهو امر متكرر دائم الحدوث ، وكذلك كان الحوار عاديا

– اخبار سريتك ايه يا احمد ؟

– كله تمام يا فندم ، نفذنا طابور لياقه في الفجر كالعاده ، والرجاله رجعت من ساعه ، وهنطلع طابور ضرب نار بعد شويه زي ما سيادتك عارف

– لا يا وحش ، فيه تغيير في الخطه ، هتتحرك مع رجالتك لمناطق التحميل زي الخطه بتاعتك عشان تنفذ التدريب أسد اللي تدربتوا عليه ، المفراءض تكونوا في منطقه التحميل الساعه 1300 ( الواحده ظهرا)

– تمام يا فندم ...............

لاحظ القائد نظرات تساؤل في عين احمد ، فتساءل عما يقلقه

فرد احمد – غريبه يا فندم احنا لسه عاملين التدريب ده يوم الاربعاء اللي فات والنهارده لسه السبت ، ودي اول مرة نعمله مرتين في اسبوع واحد !!!.

القائد – من امتي يا احمد وانت التدريبات بتضايقك

– لا يا فندم انا بس مستغرب ، فيه حركه غريبه في المعسكر بقالها كام يوم وأومر جديده ، والرجاله بتسأل كل شويه

– وانت بترد علي رجالتك تقول لهم ايه ؟

– بقول لهم الحقيقه يافندم ، اننا في مشروع تدريبي علي مستوي الجيش كله

– طيب ايه اللي قالقك ؟

– يا فندم احنا عمرنا ما كنا مستعدين زي ما احنا مستعدين النهارده ، استكملنا كل اللي ناقص عندنا سؤاء ذخائر او أفراد وكمان الرجاله بقت مشحونه جدا معنويا بفضل زيارات رجال الدين ، والشحن المعنوي علي كل المستويات رفع معنويات الرجال كلهم ، ومش عارف لما ننزل تاني من الشد ده هأقول للرجاله ايه ؟

– تقول لهم انها اوامر ويجب تنفيذها ، ثم استطرد– رجالتك كتبت الاقرارات اللي بعتها لك امبارح؟

– قصد سيادتك اقرارت أستلام المرتبات ؟

– ايوة

– كلها مع رئيس عمليات الكتيبه ، دي برضه حاجه جديده علينا يا فندم

– دلوقت تبدأ تجهزسريتك للتحرك وتعمل لي طابور تمام عشان اتمم علي رجاللتك قبل التحرك ، قدامك ساعه تقريبا ، هتطلعوا بعدها علي مطار إنشاص

ثم اخرج مظروفا بني اللون مغلق بشمع احمر قائلا – الظرف ده تخليه معاك لحد ما تجيلك اوامر بفتحه

أستلم احمد المظروف وقد وقف انتباه – تمام يا فندم – اي اوامر تانيه ؟

أومأ القائد بالنفي بينما توجه احمد للباب منصرفا .

تذكر القائد شيئا فأستدعي احمد مرة اخري

– تضبط ساعتك مع ساعه جامعه القاهرة الساعه 12 بالضبط ورجالتك يضبطوا ساعتهم علي ساعتك

فأومأ احمد ايجابا وادي التحيه لقائده وانصرف تجاه خيام سريته وعقله يعمل في اتجاهات عديده ، وعلي الفور اعطي اوامرة لضباط السريه بالاستعداد للتحرك فورا ، وتحرك الرجال بعقل وجسد مدرب ، فتم تجهيز العتاد والذخائر لتنفيذ التدريب الذي قاموا به عشرات المرات من قبل .

تذكر احمد هذا الحوار وهو يجلس في منطقه صحراويه شمال شرق صعيد مصر قرب ساحل خليج السويس بعده كيلومترات

فقد مر وقت طويل امضاه الرجال في التحرك من معسكر قوات الصاعقه في إنشاص الي المطار حيث استقلوا طائرات النقل الانتينوف نقلتهم الي قاعده بير عريضه الجويه ومنها في عربات نقل لمده ساعتين حتي وصلوا الي وادي مخصص لهم ، وتركتهم العربات وعادت للقاعده الجويه ، نفس التحرك كل مرة ، ونفس المكان لكن الزمن مختلف ، ففي كل تدريب يتقلص الزمن بفعل التدريب ومعالجه الاخطاء .

وأصبح هو ورجاله في وسط الصحراء كالمعتاد في انتظار وصول طائرات الهليكوبتر لنقلهم حيث منطقه تنفيذ التدريب وهي منطقه مشابهه جدا لمنطقه الهدف المخصص لهم وقت الحرب .

فقام فور وصوله بوضع شباك التمويه فوق صناديق الدخائر التي تكفيهم لقتال اربعه ايام ، وصناديق التعيينات من اكل ومياه تكفيهم فترة مماثله ، وهو اجراء وقائي عادي تعود ان يقوم به في كل مرة يصل الي هذا الوادي ، ليعطي رجاله الانطباع بجديه التدريب وكأنهم في موقع قتال فعلي ، وطلب من رجاله التأكد من جاهزيه كل الاسلحه بعد السفر من معسكرهم، وإمعانا في وضع رجاله في جو المعركه ، فقد أمر بنشر نقاط مراقبه قتاليه حول موقعه كأنهم في ارض معاديه .

وبعد مرور ساعه علي وصولهم وبينما هو يجلس فوق احد صناديق الدخائر يقوم ببعض الاعمال الاداريه التي تأخر في القيام بها واصطحبها معه لاستكمالها ، وصلت اليه اشارة كوديه من قائد الكتيبه بفتح المظروف وبينما اصابعه تفتح طرف المظروف سمع تهليل وتكبير من الرجال ، ووجد النقيب طاهر يجري نحوة وهو يهلل

(( عبرنا القناه يا قومندان – الجيش عبر- الحرب قامت اخيرا ))

لم يستطع احمد ان يتمالك نفسه في تلك اللحظه فقز في الهواء مهللا ومكبرا ، وهرع اليه الجنود غير مبالين بفارق الرتبه والتف الجميع حوله مكبرين بينما احتضنه طاهر وتبلل وجهه بدموع طفت من عيني احمد رغما عنه

مرت دقائق من النشوه العارمه قطعها البيان الرابع الذي سمعه الرجال في اجهزه الراديو التي يحملونها واعلن فيه نجاح قواتنا في عبور قناه السويس ورفع علم مصر علي الضفه الشرقيه للقناه .

مرت دقائق النشوة سريعا علي الرجال ، وكان يمكن ان تستمر اكثر لولا ان احمد كبح جماح رجاله وأمر ضباط السريه وضباط الصف بجمع الرجال في طابور تمام السريه .

وعلي الفور وفي قمه الحماس والسعاده أصطف الطابور كما اصطف قبل ذلك مئات المرات ، لكن هذه المره الوجوه بشوشه سعيده ، مقبله علي الحرب والقتال والاهم من ذلك مقبله علي الثأر وهي تطلب الشهاده

فتح احمد المظروف وقرأ ما به من تعليمات واوامر بالقتال وتنفيذ الخطه التي تدرب عليها وقت طويل وتوقيات الاقلاع وجداول الاتصال والكلمات الشفريه التبادليه

فوقف احمد امامهم ناظرا لوجوه مائه وخمسين جندي وضابط في سريته وبكل حماس وفي صوت تردد صداه من صخور جبال الوادي

(( يا رجاله ، الجيش دلوقت بيحارب وبيعمل شغله اللي اتدرب عليه لمده ست سنين ، الجيش دلوقت بياخذ تار مصر ، واحنا عارفين عشان الجيش يعمل شغله كويس ، لازم احنا نعمل شغلنا برضه كويس ، مهمتنا زي ما انتوا عارفينها اننا نعطل الاحتياطي المدرع الاسرائيلي من الدخول للجبهه اطول وقت ممكن في القطاع بتاعنا ، عشان الجيش والمهندسين يقدروا يعملوا الكباري والدبابات تعبر ، كل دبابه هتمر من بين ايدينا معناها موت لجنود المشاه علي القنال وفشل الخطه واحتمال خسارة الحرب اللي انتظرناها ست سنين ))

صمت قليلا وهو ينظر لاعين جنوده المحدقه في تركيز ثم استطرد(( القياده اختارتنا للمهمه دي وهي عارفه ان الصاعقه بس هي اللي تقدر علي الشغل ده ، مفيش حد في الجيش كله يقدر يعمل زينا ويحارب زينا ولما انا اخذت الاوامر بتاعت السريه ، قلت لقائد الكتيبه ، احنا قدها وقدود .............. صح يا رجاله؟ ))

رد عليه الجميع في صوت واحد (( الله اكبر الله اكبر –مجد – فداء – صاعقه ))

سرت رعشه في وجدان احمد وهو يستمع لرجاله فصوتهم وهتافهم ليس مثل كل مرة ونبرة صوتهم مختلفه تماما ، انهم رجال يطلبون الموت طلبا ، رجال كثيرون منهم الان من هم في الجنه رغم ان جسدهم وروحهم مازالت بينهم ، فتمالك نفسه سريعا وطلب من ضباطه الاصاغر اعطاءه التمام علي المعدات والعتاد خلال نصف ساعه

الساعه الان الخامسه عصرا ، واحمد ينظر الي ساعته مرة اخري ، باقي ساعه علي وصول طائرات الهليكوبتر الست

التي ستنقل رجال سريته الي داخل اعماق سيناء بعيدا عن كل القوات الصديقه ، وبعيدا عن اي عون او مدد .

جمع احمد قاده فصائله الثلاث ، انهم ثلاث ضباط حديثي الخبرة لكنهم علي درجه عاليه جدا من الشجاعه والاقدام والمهارة في عملهم ، ومنهم من شارك في عمليات خلف خطوط العدو

حضر اليه مدحت وطاهر وعبد المجيد سريعا والتفوا حول قائدهم ، فتناول خريطه في يده وفردها أمامهم قائلا

(( يا رجاله انتوا عارفين ان تشكيل السريه عندنا تشكيل خاص وهدفنا هدف خاص مختلف عن باقي سرايا الصاعقه اللي هيتم ابرارها معانا بعد ساعه ، تشكيلنا فيه زياده عن التشكيلات التانيه رجاله صواريخ الحيه للدفاع الجوي ، ومعانا جماعه قاذف لهب وجماعه صواريخ فهد ))

ركز الضباط الثلاث كل حواسهم في تعليمات قائدهم التي اعادها عليهم مرارا وتكرارا في الاسابيع الماضيه والتي تدربوا عليها ، لكن الان اصبحت الحرب واقعا ويجب التركيز في كل كلمه تقال، واستكمل احمد

((كل فصيله لها طيارتين زي ما اتدربنا قبل كده ومفيش تغيير ، والطيارة الخامسه فيها جماعه قاذف اللهب وصناديق الذخيرة والتعيينات – وانا في الطيارة الاخيرة مع فصيله طاهر ، المطلوب سرعه اخلاء الطيارات في اسرع وقت والتحرك لمنطقه التجمع شمال منطقه الوصول بعشره كيلو))

واشار بيده علي الخريطه الي نقطه التجمع مستكملا (( وبعد كده كل فصيله هتتجه لمكان الكمين بتاعها زي ما اتدربنا علي مسافه 23 كيلو من منطقه التجمع )) ثم نظر الي اعين ضباطه (( الضبط والربط علي الجنود مهم جدا وتنفيذ تعليمات الوقايه والامن علي مستوي الفصايل والهدف لازم يتحقق علي مستوي السريه او الجزء اللي يوصل منها )) فنظر الضباط لبعضهم البعض فأستكمل احمد (( من المتوقع وجود خساير في الطيارات ، وممكن اي حد منا ميوصلش )) وضرب علي صندوق الدخيرة بيده (( لكن المهمه لازم تنفذ بأي شكل سواء وصلنا كلنا او بعضنا ، لازم اللي يوصل يحقق الهدف – الدبابه اللي تمر مننا معانها تعريض رؤس الكباري للخطر فاهمين يا وحوش ؟)) فأواما الضباط رأسهم بالايجاب فأستكمل

(( بعد تنفيذ المهمه المباشرة هنتجمع تاني في المنطقه د 212 ، والقوة اللي متقدرش تتجمع ـ تتصرف علي انها قوة مستقله وتشق طريق العوده لوحدها .))

صرف احمد ضباطه وبدأ في المرور وسط جنوده ليتابع الجنود وهي تفحص معداتها مرة اخري ، بينما جلس عدد من الجنود يتحدثون في راحه وحديث الحرب هو الشاغل لهم .

واستمر احمد في المرور علي جنوده لقتل الوقت حيث استأثر كل ضابط بجنوده يتأكد من جاهزيتم واستعدادهم للمعركه ريثما تصل الطائرات الهليكوبتر

فقد خططت القياده للتمويه علي العدو ، بحيث تكون مناطق تحميل الطائرات بعيدا كل البعد عن المناطق السكانيه والمطارات المعروفه حتي لا يتم كشف تحركات قوات الصاعقه ، لذلك فقد اختارت القياده اماكن معينه في الصحراء بعيدا عن العمران وأقرب ما تكون لخطوط الجبهه لكي يتم تحميل قوات الصاعقه بها ، وها هو احمد يجلس منتظرا وصول الطائرات ، لكنه انتظارا وليس مثل اي انتظار اخر ، فالوقت يمرر ببطء يذبحه ، فعقله يجبرة علي التفكير في زوجته وفي ولديه اسيعود اليهم فاقدا ذراع اوساق من شظيه طائشه او فاقدا لما هو اكثر ؟ ام انه لن يعود اليهم ؟ فقد رافق ضباط وجنود كثيرون في دوريات العبور المقاتله من قبل ، ومنهم من لم يعد واستشهد اثناء التنفيذ ومنهم من عاد فاقدا لكثير من الاعضاء ، ايعقل ان يعود كسيحا او ضريرا من تلك العمليه ؟

تنبه احمد الي انه قام بعمليات عديده ضد العدو ، ولم يكن الخوف والقلق يتملكه مثل الان ، فهو ليس خائفا من مواجهه العدو الذي واجهه مرارا وتكرارا من قبل ولمس عن قرب وبالواقع المادي مدي جبن وخساسه الجنود الاسرائيليين ومدي فزعهم وضعفهم عندما يكون القتال رجلا لرجل ، لكنهم يلتمسون قوتهم من القري المحصنه والجدر التي يحاربون من خلفها

وها انا ذا ادخل اليهم في عمق ارضنا المحتله بعيدا كل البعد عن قواتنا بمسافه تصل الي اربعين كيلو مترا علي الاقل ، ويجب علي ان انفذ مهمتي واعود سيرا لخطوط قواتنا مبتعدا عن قوات العدو .

فالرحله بالطائرة اتجاه واحد فقط ذهاب بلا عوده ، وتهكم في داخله من ذلك الاحساس ، فربما تكون العمليه كلها اتجاه واحد

فالقياده لم تضع له مخططا او جدولا معينا للعوده ، فبعد تنفيذ المهمه يترك لكل قائد تقدير الموقف والتصرف طبقا للموقف المواجهه له

لكنه فكًر نفسه بقسم اتخذه علي نفسه يوم نفذ او مهمه له في حرب الاستنزاف خلف خطوط العدو ، كانت مهمه تصنت واستطلاع بمفرده في عمق العدو ليلا في ديسمبر 67، وقتها اقسم انه لن يتم أسرة وانه يفضل ان يموت شهيدا علي ان يعيش اسيرا .

أستمر في سيرة بين جنوده متابعا بعينه عمل الجنود ولهوهم في سعاده وتساءل في غرابه ، ما هي طبيعه هذا الجندي المصري ، انه ذاهب للحرب والموت ، فكيف يكون سعيدا وليس قلقا مثله ؟ اهو قلق المسئوليه في تنفيذ المهمه والذي يملئ وجدانه كقائد للسريه ولا يحس به الجندي ؟ ان الجندي لديه رفاهيه عدم الاحساس بمسئوليه اتخاذ القرار ، فقرار القائد قد يتسبب في استشهاد هذا ونجاه اخر ، بينما الجندي ينفذ في طاعه بلا تفكير ، فاحس بالارهاق من التفكير ولعن عقرب الثوان في ساعته والذي يكاد يموت من بطء الحركه ، لمح منتصر جندي اللاسلكي يهرول تجاهه فأستبشر به ، واخبرة منتصر ان الطائرات قد اقلعت في طريقها ، وان الوقت المتبقي ربع ساعه فقط علي الوصول ، فتنهد بعمق واردف (( يا فرج الله )) ثم صاح في الجنود بان الوقت المتبقي اصبح خمس عشر دقيقه .

واتجه نحو النقيب طاهر الذي سيكون معه في الطائرة ومعه عدد من افراد فصيلته ومجموعه الصواريخ فهد ، وسأله عن تمام التجهيز ،فرد طاهر بان كل شئ علي ما يرام ، واضاف مبتسما – كالعاده- فتبسم احمد من كلمه طاهر واردف اليه قائلا

(( اعمل حسابك هنفظر في الطيارة )) ففهم طاهر ان يزيد من المعلبات التي مع جنوده لاستثمار الوقت في الطائرة في الافطار ، فهم جميعا مصممون علي الصوم طوال التدريبات ، وحتي بعد علم الجنود بأمر الحرب من الاذاعه ، فقد تعاهد الجميع فيما بينهم علي لقاء العدو وهم صائمون .

عاد احمد الي حيث وضع سلاحه ومعداته ، وتأكد من تمام وجود الدخائر والقنابل اليدويه في مكانها ، فلبس شده القتال وربطها حول جسده بأحكام ووضع الخنجر في جرابه في حزام الوسط وخنجر اخر ذو مقدمه مائله وسن متعرج في الجراب الاخر في ساقه اليمني ، وفي ساقه اليسري ربط جرابا به طبنجه امريكيه الصنع كان قد غنمها من احد العمليات ضد الاسرائيليين في حرب الاستنزاف ، بخلاف الطبنجه الميري التي تزين حزام الوسط ، ثم اعتمر غطاء رأس من الصوف ولبس فوقه خوذه القتال ذات الغطاء القماشي صحراوي اللوان ، وفي النهايه امسك بسلاحه الالي وتأكد من وضع السونكي جيدا علي مقدمته

وتأكد من وجود عده خزائن اضافيه من الذخيرة في جيب الشده ، ووجود البوصله في جيبه ودس المظروف الذي به التعليمات داخل قميصه ، ساعتها أحس بورقه في جيبه لم يكن يعلم مصدرها ، فأخرجها من جيبه فأذا هو خطاب لزوجته كان قد نوي ان يرسله لها في نفس اليوم من المعسكر ، لكنه نسي من غمرة تسارع الاحداث ، وبلا اي شعور او تفكير اعاد الخطاب الي جيبه مرة اخري ، فقد انتهي وقت التفكير والقلق وحان وقت العمل .

ووقت العمل يكون احمد انسانا اخرا غير نفسه ، هكذا قيل له من رفاقه الضباط ومن الجنود ، فقد أشاع احد الجنود انه رأي الشرر يتطاير من عيني احمد اثناء تنفيذ احد العمليات وشاع هذا الخبر في اوساط الكتيبه واطلق عليه الجنود فيما بينهم لقب

( ابو عين حمرا)

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech