Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

روايه اسود في قلب العدو - الجزء الثاني

 

2- الابرار جوا

قاربت شمس السادس من اكتوبر من المغيب ، وبينما احمد ينظر لقرص الشمس ، ظهرت الطائرات الست قادمه علي ارتفاع منخفض للغايه فأطلق احمد نداء الاستعداد لجنوده ، وعلي الفور تم افراغ منطقه الهبوط ، وبعد ثوان هبطت الطائرات طراز مي 8 ، وعلي الفور بدأ رجال سريه الصاعقه في تحميل الطائرة التي تحمل مخزون الذخيرة والتعيينات من غذاء ومياه بالاضافه الي مجموعه قاذفي اللهب .

تابع احمد تحميل الطائرات بسرعه وهو يقتنص نظرات متكررة الي ساعته ، فكل دقيقه تم حسابها بدقه ويجب ان تكون الطائرات فوق منطقه الابرار في توقيت معين طبقا لخطه القوات الجويه .

وبعد سته دقائق بالضبط اعطي كل ضابط تمام التحميل ، فتوجه احمد الي طائرته والتي صادف ان تكون الطائرة الاخيرة في التشكيل الجوي ، ودخل من الباب الخلفي الكبير ، ووسط ضوضاء محرك الطائرة تلي الشهاده وهو يخطوا داخلها كأخر من يغادر ارض التحميل بعد ان اطمأن علي تحميل جميع الطائرات وان ارض التحميل اصبحت فارغه

استقبله جنوده داخل الطائرة بتهليل وتكبير متكرر يقطعها عبارات تحيا مصر – تحيا مصر ، وارتفعت الطائرة ببطء ومن مكانه استطاع احمد ان يري الارض وهي تبتعد رويدا رويدا عبر الباب الكبير الخلفي للطائرة ، ومع ضجيج صوت المحرك أطفا الطيار الانوار الداخليه واضاء ضوءا احمرا معتما ،وبالكاد يستطيع الجنود الاربع والعشرون وعشرون رؤيه بعضهم البعض

وانطلقت الطائرات تجاه الشرق علي ارتفاع منخفض جدا جدا ، فكان يمكن رؤيه قمم الاشجار القليله تكاد تلمس الطائرة فصاح احد الجنود متهكما (( شكلنا هنموت فطيس يا قومندان ، الراجل ده شكله هيموتنا واحنا مشفناش سينا لسه )) فتبسم احمد من تهكم الجندي ثم امر الجميع بوضع طلاء التمويه علي الوجهه ،

حيث يطلي كل منهم وجهه ويديه باللون الاسود كي لا يتم رؤيتهم في الظلام، وهذا الطلاء مثل طلاء الاحذيه بالضبط وهو لا يعكس اي ضوء ، فيبدو الرجال كأنهم اشباح سوداء في الظلام .

وبعد ثوان اختفت الوجوة خلف هذا الطلاء ، وظلت الاعين فقط هي التي تميز كل منهم عن الاخر ، نظر احمد الي كابينه القياده في مقدمه الطائرة حيث يجلس الطيارين وسط تلك العدادات الكثيرة ، ومن بعدها زجاج المقدمه ظهرت علي مسافه احد الطائرات التي تسبقهم في التشكيل .

لوهله تذكر احمد ابناءه الصغار وفكر ، هل سيعرف اي منهم حقيقه تلك اللحظات والثواني والدقائق البطوليه ؟ هل سيعرف ابناءه قيمه ما قام به لبلده ؟ هل سيعود ليقص عليهم ليفتخروا به ويعلموا ان والدهم حارب ولم يكن جبانا ؟

هاجس غريب مر علي مخيلته وهو يجلس علي مقعده بجوار جنوده ، ونظر مرة اخري تجاه الشمس فأذا بها تغرب ولم يعد ظاهرا منها الا قوسا صغيرا .

فناجاها في عشق ((فيا احلي شمس شرقت علي مصر لا تغربي ، فربما شمس غد لا تكون ببهاءك

فيا شمس السادس من اكتوبر ابقي معنا فقبل غروبك اعدنا لبلدنا الشرف ))

ثم تبسم وتهكم علي نفسه ، فقد تحول الي شاعر وهو الذي يكرة الشعر والشعراء ، فهم في نظرة اشخاص لا يعيشون الا في الاحلام والمدن الفاضله فقط ، فهم يهربون من الواقع بالشعر او يواجهون الواقع بشعر لا يقدم حل، وها هو الان يناجي الشمس مثله مثل الشعراء بالضبط ، فما الذي حدث له بالضبط ؟

خرج من احلامه ومناجاته للشمس علي يد تهز كتفه في هدوء ، انه طاهر يقدم له علبه لحم مفروم محفوظ لكي يفطر

ويقول له مبتسما (( بسم الله يا قومندان – احلي فطار في احلي يوم ))

فنظر احمد ليجد ان الجميع في انتظارة لكي يفطروا معه ، فتبسم وتمتم (( اللهم علي اسمك افطرت – بسم الله – يالا يا رجاله افطروا علي بركه الله )) فبدأ الجميع في تناول الطعام ، وبينما الصمت يلف الاجواء نظر احمد تجاه الباب الخلفي فوجد ان الطائرة قد عبرت خليج السويس وانها الان فوق سيناء

ومع بدء حلول الظلام الا ان الافق كان مشتعلا من بعيد ، فمتع احمد وجنوده اعينهم باشتعال الافق ، فالقتال يدور الان فوق سيناء وجنود وضباط الجيشين الثاني والثالث يحاربون لتحرير موطئ قدم من ايدي العدو

وبينما رجاله ينتهون من تناول افطارهم ، اذ بالطيار يصيح في قوة (( فانتوم – فانتوم )) واذ بالطيارة ترتج فجأه بصورة قويه

اطاحت بعدد من الجنود من اماكنهم وطارت علب الاكل المحفوظ في الهواء مختلطه بعدد من صناديق المهمات والذخائر ، وتدحرج عدد منها خارج الطائرة من الباب المفتوح ، تمالك احمد اعصابه وبلهجه امر لا يقبل النقاش أمر الطيار

(( خذ الفانتوم بعيد عن باقي التشكيل )) وبسرعه مال الطيار بالطائرة مبتعد عن بقيه الطائرات ، وترتج الطائرة مره اخري

ويصيح الطيار (( الطيارة مش مجاوبه ، الفانتوم لسه معانا – انا هحاول أنزل في اي حته – استعدوا لهبوط اضطراري ))

مازلت الطائرة تميل بعنف وترتج وطلقات الطائره الفانتوم تمزق بدنها في كل هجوم ، وملئ الدخان الاسود الطائرة من الداخل واصبحت الرؤيه صفر ، وبصوت عال جدا أمر احمد رجاله بالاستعداد لاخلاء الطائرة فور هبوطها، فحمل كل منهم عتاده وذخيرتهم واستعد للخروج

وتصطدم الطائرة بالارض وتميل علي جانبها الايمن ، ويملؤها الدخان الاسود الكثيف ، ويقع الجنود بعضهم فوق بعض

ومن مكانه قرب الباب الخلفي يصيح احمد في رجاله وسط الظلام (( كله برة الطيارة ، اخلوا الطيارة من المعدات بسرعه ))

ووسط صوت النيران وحركه الرجال السريعه ، يسمع احمد صوت الطائرة الفانتوم تقترب ، ونظرا للظلام الذي اصبح يلف المكان ، فقد اكتفي الطيار الاسرائيلي بالمرور فوق حطام الطائرة واستمر في مسارة عائدا لقاعدته بعد ان شاهد النيران مشتعله فيها ،

تنفس احمد الصعداء عندما جمع رجاله بعيدا عن حطام الطائرة ووجد انه لم يستشهد منهم احد و لم يجد بهم اصابات قويه فكل اصاباتهم بسيطه تتكرر في التدريبات يوميا ، ومن بعيد جاء صوت الطيار يصيح بجوار الحطام طالبا المساعده ، فهرع احمد اليه ومن خلفه جنوده ، فالطيار يحاول اخراج مساعده الذي غاب عن الوعي ويعاني من اصابات شديده والدماء تنزف منه رأسه بغزارة .

الطائرة مشتعله وهو مليئه بالوقود وانفجارها مؤكد بين لحظه واخري ، فأمر احمد طاهر بأخذ جنوده بعيدا والاحتماء بعيدا عن الطائرة ، ودخل احمد برأسه من بين الزجاج المحطم لكابينه القياده وفك اربطه الطيار المساعد ، وبمساعده الطيار الذي رفض ان يبتعد ، حمل الاثنان الطيار المساعد خارج الطائرة وجريا به بعيدا عن الطائرة ، وقبل ان يبتعدا مسافه كافيه انفجرت الطائرة انفجارا مدويا أطاح بالثلاثه في الهواء نتيجه قوة الانفجار .

هرع طاهر وجنوده الي حيث رقد قائده والطيار ومساعد الطيار بالقرب من نيران الطائرة ، فوجد ان الثلاثه مغشي عليهم ، فأفاق احمد سريعا وكذلك الطيار ، اما الطيار المساعد فلم يفق .

فحمله عدد من الجنود ، وابتعدوا عن مكان الانفجارسريعا ، تمتم احمد وهو مستند علي طاهر ((ابعدنا عن هنا يا طاهر ))

فلم يكن قد استرد كامل وعيه بعد ومازال تأثير تفريغ الهواء من جراء انفجار الطائرة مؤثرا علي اتزانه ووعيه لكنه كان مدركا ان قوات العدو لابد وان تأتي سريعا لتفقد مكان الانفجار والبحث عن اسري .

قادهم طاهر بسرعه الي حافه احد الجبال القريبه وهو يعطي اوامرة للرجال طوال الطريق بتأمين المكان والاستعداد للاشتباك مع العدو في اسرع وقت .

بعد فترة كان الرجال قد ابتعدوا مسافه خمسه كيلو مترات من موقع حطام الطائرة ، وبدأ احمد في استرداد وعيه كاملا ، فأمر طاهر بالابتعاد اكثر من ذلك ، فأستمر الرجال في العدو بمعداتهم بعيدا عن الحطام المشتعل، لكن الطيار بدأ في تعطيل المجموعه نظرا لضعف لياقته البدينه مقارنه برجال الصاعقه الذين تدربوا علي الجري او السير لمسافات طويله جدا ، فهذا الموقف خير نتاج لتدريباتهم الطويله .

مرت ساعه من الركض المستمر تجاه الشرق تاره وتجاه الشمال تاره اخري طبقا لتعاريج الجبال في هذه المنطقه الوعرة جدا حتي وصلوا الي وادي في حضن جبل علي شكل نصف دائرة ، وفي الوادي كانت الصخور مثاليه لاختباء الرجال والراحه لتقييم الموقف .

مرت دقائق علي الرجال في الاختباء وتجهيز موقعهم المؤقت للقتال في حال تم اكتشافهم ، وصل الطيار اخيرا الي المكان منهك القوي فالقي بجسده فوق صخرة وانفاسه تكاد تتقطع ، بينما انهمك الجندي الممرض عبد الباسط في الكشف علي الطيار المساعد.

جلس طاهر بجوار قائده احمد يقدرون الموقف وفي ايديهم خريطه ، لكن المشكله التي تواجههم انهم لا يعرفون اين هم الان

فأستدعي احمد الطيار ، وعندما جاء اليه شكرة بعبارات يقطعها تفطع الانفاس ، فهو مازال يعاني من رحله الجري هذه

فتح احمد الكلام : انا الرائد احمد قائد السريه ،

رد الطيار – نقيب طيار – معتز السرب التالت الفرقه 119

استكمل احمد – اهلا بك يا معتز معانا في الصاعقه ، فتبسم معتز بأبتسامه قطعها التقاط انفاسه

- دلوقت يا معتز عايزين نعرف احنا فين بالضبط ، او علي الاقل حدد لنا مكان وقوع الطيارة

وناوله احمد خريطه وطلب منه ان يشرح لهم عليها ، فحدق بها معتز قليلا علي ضوء المصباح اليدوي في يد طاهر

فبدأ معتز يحدث نفسه بصوت عال وهو ينظر للخريطه

- احنا طرنا في اتجاه 090 لمده 9 دقايق بسرعه 280 كيلو متر في الساعه وبعدين اتجاه 045 لمده 12 دقيقه بنفس السرعه ، الفانتوم هاجمتنا قبل 3 دقايق من تغيير الاتجاه ل 010 يعني كنا هنا .

وصمت قليلا وهو يحسب بعقله الحسابات الملاحيه اللازمه ، ثم اشار بأصبعه علي مكان محدد مؤكدا مكان تحطم الطائرة .

سأله طاهر اذا كان متأكدا ، فأجاب بأنه متأكد تماما رغم ان تلك الخريطه غير واضحه مثل خريطته الملاحيه التي كانت في الطائرة الا ان العلامات الارضيه كانت واضحه له تماما .

نظر طاهر للخريطه وحدد النقطه التي اشار اليها معتز واستكمل حساباته طبقا لخط سيرهم من لحظه ترك الطائرة

وفق النهايه نظر الي عين احمد في تركيز ، فتساءل احمد عما يخبئ

- يافندم احنا نزلنا غرب منطقه الهبوط المحدده بحوالي 60 كيلو ، ومكاننا دلوقت في وادي الحسنه جنوب جبل يعلق ، واعتقد إن هو ده الجبل اللي احنا تحته - جنوبنا دلوقت بحوالي 15 كيلو الطريق الاوسط اللي جاي من بير الحسنه تجاه بير تمادا مقر قياده المجموعه 252 المدرعه بتاعت الجنرال شارون وهناك برضه مطار بير تمادا ، وشمالنا بعد الجبل مقر قياده العدو الرئيسي في بير جفجافه وقياده المجموعه 162 المدرعه بتاعت الجنرال ادان في الشرق علي مسافه 50 كيلو تقريبا فيه تقاطع طرق بير الحسنه وهو الهدف بتاعنا الرئيسي .

اطرق احمد يفكر وهو ينظر الي الخريطه التي في يده لتحديد موقعه الجديد ، وعلي ضوء المصباح الخافت بدأ يعيد ترتيب اوراقه ، وساد الصمت الجميع .

الي ان قطعه حضور الجندي عبد الباسط ، معلنا للجميع أستشهاد مساعد الطيار ، فقد نزف الكثير من الدماء ما جعله يصاب بهبوط حاد ادي الي الوفاه .

تمتم احمد بالشهاده ، ظهرت ملامح الحزن علي وجهه معتز وطاهر ، بينما وقف الجندي منتظرا التعليمات ، فأمرة احمد بدفن جثه الطيار بسرعه وبصورة لائقه وطلب من معتز ان يحتفظ بالسلسله المعدنيه الخاصه بزميله .

ظهر الحزن شديدا علي وجه معتز وتأثرة من استشهاد زميله وطفت الدموع واضحه متلئله في عينيه ، الا ان احمد كان حاسما مع معتز

- بص يا معتز ، زميلك مش هيكون اول واحد ولا اخر واحد يستشهد ، احنا داخلين في مهمه انتحاريه وعارفين ان كلنا مش راجعين ، ومش مخطط لنا اصلا اننا نرجع ، عايزك تمسك نفسك وتتماسك وتنسي زميلك وتشوف هنعمل ايه

ثم نظر احمد الي طاهر قائلا – شوف حد من الرجاله يكون مع معتز علطول .

فأوما طاهر متجاوبا ، وتسأل – هنعمل ايه طيب دلوقت يا قومندان ، احنا وقعنا وسط فرقتين مدرعتين ومطار والمنطقه دي مليانه يهود ، مش هنقدر نستلقط هدف وسط المعمعه دي ، وبكرة الصبح هتلاقي الطريق الاوسط ده مليان دبابات وعربيات مدرعه بالكوم وفوقهم طيارات هليكوبتر واحنا ظهرنا الجبل والناحيه التانيه من الطريق صحراء مفتوحه

دقق احمد في تحليل طاهر للموقف ، وهو اقرب ما يكون للحقيقه ، لكنه التفت الي معتز المتابع حوارهم

- تفتكر يا معتز الطيارات التانيه وصلت ؟

- اكيد ، اللي هاجمتنا طيارة فانتوم واحده وكعادتهم بيضرب الطيارة الاخيرة الاول وبعدين يستفرد بالباقي واحده واحده ، لكن احنا لما سحبانهم ورانا ، تاه هو عن التشكيل الاساسي وكان الليل دخل وصعب انه يرصدهم وكمان لاني حذرتهم

- طب مفيش طريقه نتأكد منها انهم وصلوا ولا لأ ؟

- لا للاسف ، بس انتوا معاكم لاسلكي وممكن تتصل تعرف

- لا - اللاسلكي لو اشتغل دلوقت اليهود هيرصدوا مكاننا علطول خصوصا واحنا بقينا وسط عدد من مراكز القياده والتصنت ، احنا لنا توقيتات محدده نسمع فيها بس التعليمات

فتدخل طاهر – انت بتفكر في ايه يا قومندان ؟

احمد – دي عايزة تفكير يا طاهر ، بس انت دلوقت احصر لي السلاح اللي معانا والتعيينات وخلي الرجاله تريح شويه .

ترك طاهر موقعه متوجها لاحد ضباط الصف لابلاغه بالمطلوب ،والمرور علي جنوده سريعا

انهمك احمد في دراسه الخريطه ، وهو يفكر فالساعه قد جاوزت التاسعه بقليل ، ومن المتوقع نشاط العدو صباحا بعد ان يكون قد استعاد توازنه قليلا ، وسيبدأ في دفع الدوريات لتأمين محاور تقدمه ، لكنه حتي الان فاقد الاتزان والسيطرة ، وربما لم يعلم بوجود قوات صاعقه داخل ارضه حتي الان ، لذلك يمكن لهم العمل هذه الليله بحريه ، لكن لابد له من تجهيز مكان محدد ليكون نقطه انطلاق امنه له ولجنوده وهي ما يطلق عليه – قاعده الدوريات ، وتكون امنه لكي يعودوا اليها صباحا ، بعد ان يكتشف العدو تواجدهم ، فعاد يتطلع علي الخريطه وما بها من علامات يعرفها جيدا ويعرف ماذا تعني .

عاد اليه طاهر وقطع سيل التفكير ، مبلغا بأن جميع الجنود كاملي التسليح والذخيرة الشخصيه ، وان مجموع تسليح القوة الان

- أر بي جي و 20 صاروخ ، بالاضافه الي 12 لغم مضاد للافراد و 12 عبوة متفجرة شديده الانفجار قاذف 4

يضاف اليهم فردين من مجموعه صواريخ فهد ومعهم 4 صواريخ وجهازين للتوجيه وفرد صواريخ مضاده للطائرات ستريلا من مجموعه الحيه ومعه 3 صواريخ اضافيه .

ثم ختم – مجموع الافراد 20 جندي – 2 ضابط صف – 3 ضابط بعد ما انضم لنا النقيب معتز .

وضع احمد رأسه بين يديه قليلا مفكرا ، ثم أصدر لطاهر تعليماته

- تدفع مجموعه من فردين لاستطلاع الطريق الاوسط وفردين فوق الجبل يشوفوا لنا الاخبار حولنا ايه ، وتحدد لهم ساعتين للعوده هنا ، مجموعه استطلاع الطريق دي يقودها ضابط صف يا طاهر

- تمام يا فندم

واسرع طاهر يجمع جنود لديهم خبرة بالاستطلاع ، وبعد دقائق بدأ جنديان يتسلقان الجبل في خفه ومهارة انتزعت اعجاب معتز ، فرغم الظلام الحالك الا ان الرجال كانوا يتسلقون الجبل بكل مهارة وخفه

وبعدهم بثوان بدأ الشاويش الجرجاوي ومعه جندي في رحله سير تجاه الطريق الاوسط وقد تخلصوا من احمالهم الثقيله واحتفظوا بالاسلحه الشخصيه والخريطه والبوصله معهم فقط ليكونوا علي اعلي درجات خفه الحركه والسرعه، وبعد لحظات اختقي الرجال من اعين الجميع وسط الظلام الدامس

مر احمد علي جنوده المتحصنين بالصخور وأطمئن عليهم وتأكد من ان الجميع لديه ما يلزمه ، وبث فيهم بعض كلمات التشجيع ، وان تلك العمليه سيكتبها التاريخ في سجله الجديد لتاريخ الجيش المصري ، وكانت كلماته ترفع روحهم المعنويه التي تناطح السحاب الان بالفعل من لحظه علمهم بنجاح قواتنا في العبور ورفع العلم المصري فوق الضفه الشرقيه للقناه .

قبل مرور الساعتين عادت المجموعه من فوق الجبل وكان احمد في انتظارها ، فأخبروه ان الافق مشتعل تجاه الغرب وهناك اضواء انفجارات من بعيد ، ومن ناحيه الشرق علي مسافه 20 كيلو تقريبا شاهدوا عده انفجارات متقطعه ثم اختفت النيران ، غير ذلك فلا اي معالم مميزة يمكن رصدها

انصرف الرجلين، وانفرد بطاهر علي جانب صخرة محدثا اياه

- عايزين نشوف لنا مكان يكون قاعده عمليات في المنطقه دي ، دي منطقه مليانه اهداف ممكن نشتغل عليها

- بس يا فندم احنا معناش ذخيرة كفايه للي بتقوله ، لو كانت معانا ذخيرة كفايه كنت واوافقك الرأي علطول

- بص يا طاهر ، فيه اماكن المخابرات وزعت فيها خلال السنه اللي فاتت كميات ذخيرة وتعيينات كتير في سيناء ، عشان لما نيجي هنا نلاقيها ونستخدمها ، المخازن دي معايا في الخريطه وممكن نستعملها ، فمسأله الذخيرة والتعيينات مش قلقاني

- امال ايه اللي قالقك يا فندم

- موقعنا يا طاهر ، احنا محشورين بين جبل وفرقتين مدرعتين ومطار تمادا ، اي حركه لنا معرضه للكشف ، وبصراحه الموقع هنا قالقني جدا ، عايزك تشوف لنا موقع تاني نقدر نعسكر فيه

- حاضر يا فندم متقلقش خالص

بعد دقائق وصل الشاويش الجرجاوي ومعه الجندي قادمين من رحله استطلاع قصيرة ، وعلي الفور توجهها الي حيث يجلس احمد وطاهر ، وعلي الفور بدأ في سرد نتائج الاستطلاع

- المسافه للطريق حوالي 12 كيلو يا فندم ، الطريق أمن بس مفتوح من الجانبين ، وهيكون صعب نصب كمين هناك لان مفيش مواقع حمايه ، الحركه هادئه جدا علي الطريق ان لم تكن معدومه ، علي الناحيه من الطريق بـ كيلو متر فيه معسكر شئون اداريه تقريبا ، به حوالي 4 عربيات جيب ومبني من دور واحد شكله مخزن والحراسه مش قويه عليه ، فيه ثمانيه عساكر حراسه وبرج فيه عسكري ومعاه رشاش متوسط.

- عفارم عليكم يا رجاله احسن وحوش ، يالا اجهزوا هنتحرك

فتساءل طاهر – قررت ايه يا قومندان ؟

- هنزور المعسكر ده ونمسي عليهم

ثم أستطرد

- دلوقت تبعت 5 رجاله في مجموعه استطلاع وقوة متقدمه تأمن لنا الطريق ، بس القوة دي تفضل بعيد عن الطريق الاسفلت وفي امان بعيدا ، واتفق معاهم علي كلمه سر الليل ، دول هيكونوا سابقينا بنص ساعه تقريبا، هنعمل هجوم صامت علي الموقع

ثم نظر تجاه الجرجاوي طالبا منه عمل رسم علي الرمال لموقع المعسكر ، وبينما الجرجاوي يرسم علي الرمال مستعينا بضوء مصباح صغير، بدأ احمد في طرح اسئله عليه والجرجاوي يرد بأجابات الاسئله

وبعد ربع ساعه من عوده الجرجاوي ، انطلق خمسه افراد مسلحين بكامل عتادهم لتأمين مقدمه القوة الاساسيه

وبعدها بنصف ساعه بدأ تحرك القوة خلف تلك المجموعه ، وهم في تشكيل قتال ، فهناك جنود لتأمين الجانب الايمن وجنود لتأمين الجانب والايسر وجنود لتامين المؤخرة .

ووسط ظلام حالك سواء في السماء او علي الارض تحرك الجنود في خفه الاشباح ومهارة الاسود وصمت الاسود

فالاعين متركزه في كل اتجاه وهي تعدو نحو هدفها ، ساعدتهم الارض الرمليه المتماسكه في العدو بسرعه معقوله

استطاع خلالها النقيب طيار معتز ان يتماشي مع سرعتهم .

وبعد ساعه تقريبا ، سمع أحمد صفير مميز منخفض ومتكرر ، انه علامه الاشارة مع المجموعه التي سبقتهم

فأشار للمجموعه كلها بالتوقف ، فتوقف الجميع في امكانهم وانبطحوا ارضا في وضع القتال ، عدا معتز الذي ظل واقفا ، فشده احد الجنود لينبطح بجوارة ، فالقي بجسده وهو لا يعرف ما يحدث .

زحف احمد وطاهر الي حيث تمركزت القوة التي سبقتهم ، وبدأ احمد في استطلاع المكان ، فوجد انهم علي بعد 200 متر من حافه الطريق الاسفلتي ، وعلي بعد 700 متر تقريبا من السور الشائك المحيط بالمعسكر الصغير

أمر احمد جنوده بالبقاء اماكنهم وخلع خوذته ، وبدأ في الزحف بمفرده للامام ، فقد كان يريد ان يستطلع المعسكر بصورة اقرب ، وظل يزحف حتي وصل لحافه الطريق ، ثم عبر الطريق زحفا بعد ان تأكد عدم وجود سيارات مقبله من اي اتجاه ، وكان الطريق علي الجانبين ممتد لمسافه طويله ، ومن السهل رصد اي سيارة تقترب قبل وصولها بفترة كافيه

أختبا احمد خلف حجرين شكلوا له مكان متميزا للاستطلاع ، وبواسطه نظارة معظمه مخصصه لتكبير ضوء النجوم للرؤيه الليليه ، امكن لاحمد رصد تفاصيل هذا المعسكر ، فوجد انه صغير جدا به مبني واحد متوسط الحجم من دور واحد ، وبه برج مراقبه واحد فقط وعدد الجنود الموجودين به لايزيد عن العشرين بأي حال من الاحوال، الا انه قد تعلم انه لا يجب ان يُفاجأ باي شئ ، فيجب وضع اسوأ الاحتمالات في الحسبان .

ظل في مراقبته لمده ربع الساعه حتي رصد جندي وجنديه خارجين من داخل المبني ، واختفوا خلف احد اضلاع المبني ، وسط ضحكات جنود الحراسه التي وصلت لاحمد وسط سكون الليل .

عاد الي مجموعته وبدأ في تقسيم المجموعه قائلا :

- الجرجاوي ومعاه 4 معاهم ار بي جي وقنابل يدويه يعملوا مجموعه قطع للطريق لو حد صادف وحاول ينجد قوة المعسكر ، طاهر انت هتقود مجموعتين عشان تغطونا بالنيران لو بدأ الاشتباك

انا هاخذ مجموعه ونخلص علي الحراسه لانهم واقفين غلط وفيه ثغرات بينهم ، اول ما اخلص علي الحرس اللي علي الارض ، نخلص علي اللي في البرج ، وبعدها نقتحم المعسكر ، عايز مجموعه من عندك تسيطر علي واد وبت ورا المبني ، ومجموعه تحمي العربيات عشان عايزها سليمه ، ومجموعه تخش تخلص علي اللي جوة المبني وانا هكون معاهم

- تمام يا فندم ، اي اوامر تانيه ؟

تدخل معتز فارضا نفسه علي الحوار (( وانا هعمل ايه ؟؟ ))

فرد أحمد - انت هتكون مع مجموعه القطع اللي علي الطريق

بعد رده السريع والحاد والشافي، انطلق طاهر زاحفا حيث جنوده ، وقام بتوزيع المهام علي الجنود ، وبعد ثوان بدأت المجموعات تتحرك ، وفور استقرار مجموعه قطع الطريق قرب حافه الطريق ، بدأ احمد وطاهر في التحرك كلٌ في اتجاه ومن خلفهم جنودهم .

بدأ احمد يزحف تجاه السور الغربي للمعسكر ومن خلفه جنوده ، وبعد ثوان رأي اشارة من طاهر بان مجموعته في مكانها بالقرب من بوابه المعسكر وتسيطر علي المدخل والبرج في متناول يدها .

اعطي احمد اشارة لاحد جنوده ويدعي فراج فأستمر زاحفا تجاه السور الجنوبي ، وبينما فراج يبتعد عن احمد ، بدأ احمد يتقدم زاحفا وجنوده من خلفه يحمون ظهره وقد اشهروا رشاشاتهم .

وضع احمد كل تركيزه علي الجندي الذي يقف بمفرده مستندا علي السور السلكي وهو يستمع الي اغاني باللغه العبريه ، اقترب احمد الي مسافه عشرون مترا من خلفه ، ومع تعالي صوت الموسيقي اخرج الخنجر ذو النصل المدبب وامسكه بيده اليمني وواصل زحفه ، وكالفهد انتظر في صمت حتي تعالت الموسيقي وزاد صوت المطرب ليشمل الارجاء ، فأنقض خلف الجندي وامسك بيده اليسري التي تحمل الراديو ، وباليد اليمني ذبحه من اذنه اليسري الي اليمني ، لتسقط جثه الجندي صريعه بدون ان يدري ماذا الم به ، ويد احمد مازالت ممكسه بالراديو ، وببطء وضع الراديو علي الارض بجوار جثه الجندي تاركا صوت الموسيقي كما هو وانبطح بجوارها متتبعا الجندي الذي سيكون عليه الدور تجاه باب المعسكر .

نظر الي المجموعه التي تحميه فوجد احد الجنود يشير اليه بان فراج قد غافل الحارس الاخر وقضي عليه ، وبينما احمد ينظر اليهم وجد دماء الجندي الاسرائيلي الساخنه تغمر ملابسه وتتسلل الي داخلها ، فتحرك متجهها للجندي الاخر قرب البوابه .

في تلك اللحظه كان طاهر منتظر ظهور احمد وفراج من جانبي السور لكي يبدأ التعامل مع الجنود التي تحمي المقدمه والبرج .

ظهر فراج قرب الزاويه فأعطاه طاهر اشاره التوقف وحمايه النقطه التي وصل اليها ، فبجوارة مباشرة علي مسافه امتار قليله يقف ثلاث جنود يتكلمون ويدخنون السجائر ، وبينما احمد يقترب من الزاويه الاخري فقد استطاع ان يغافل الجندي القريب منه بطعنه خنجر بين ضلوعه ونافذه للشريان المغذي للقب مباشره ، انها ضربه تتطلب تدريب ومهارة شديده ، فالضحيه يشل علي الفور ولا يستطيع ان يخرج اي صوت من جراء الاصابه القاتله المباغته ، وفي نفس اللحظه وبيده اليسري ارسل احمد خنجرة الاخر كالرصاصه ليستقر في عنق الجندي الاخر القريب منه ، هوت جثه الجندي الاخر والدماء تتصاعد من عنقه كالشلال المندفع في نفس الوقت الذي اخرج احمد خنجرة من اضلاع الجندي الصريع الاخر ، في تلك اللحظه لفت صوت جثه الجندي وهي تصطدم بالارض انتباه الجندي الواقف علي البرج ، وبدون اي تفكير او تردد فتح طاهر النار علي ذلك الجندي فصرعه بينما اشتبكت باقي مجموعته بأسلحتها مع الجنود الثلاث الاخرين ، وبدأت الطلقات تدوي في ارجاء المكان في كل الاتجاهات .

في تلك اللحظه وطبقا للخطه اندفع احمد داخلا المعسكر ومن خلفه مجموعته المقاتله ، مواجهين لباب المبني ، وفوجئ احمد بالجندي والجنديه يركضون شبه عرايا من خلف المبني طالبين الحمايه داخل المبني ، فصرعهم احد افراد المجموعه بدفعات مركزه في الرأس والصدر طرحتهم ارضا غارقين في الدماء .

اقتحمت مجموعه طاهر البوابه بعد أن تخلصت من الجنود الثلاثه في الخارج ، واتخذت مواقعها لحمايه العربات التي يحتاجها قائدهم ولحمايه مجموعه احمد.

فور دخول مجموعه طاهر البوابه وسيطرتها علي المدخل ، اندفع احمد داخلا الي المبني ، قاذفا بقنبلتين يدويتين قبله ، لكي تقضي علي اي مقاومه في الداخل ودخل جنوده علي الفور، لكنهم فوجئ بعدم وجود مقاومه تذكر عند الباب الرئيسي ، فتابع تطهير الغرف الكثيرة التي كانت مخصصه كلها بها اسرة ومخصصه للنوم ، ولم يجدوا بها احدا الا جنديين اختبئا بجوار احد الصناديق وصرعهم احد الجنود علي الفور، غير ذلك كان المبني كله خال من الجنود ،فماذا كان يحرس هؤلاء الجنود ؟، وما طبيعه هذا المعسكر الصغير الذي لا يحوي اي شئ بداخله الا غرف نوم وحمامات وبدون لوحه اعلي المبني توضح ماهيته ؟.

لكن احد الجنود حل اللغز لاحمد ، فقد وجد في اخر المبني غرفه كبيرة ، تشبه المسرح وبها صاله عرض ، أذن فقد كان هذا المعسكر معسكرا لترفيه الجنود ، وهذا يفسر الغرف الكثيرة والمسرح

فامر احمد جنوده بتلغيم المبني ، وسحب جثث الجنود كلها ووضعها علي الطريق لتكون عبرة للقوات الاسرائيليه التي تتقدم تجاه الجبهه ومحطما لمعنوياتهم .

بعد دقائق قام طاهربتلغيم مدخل المبني بعبوة متفجرة لكي تنفجر في من يحاول دخول المبني ، وأطمأن احمد الي ان السيارات الاربع تعمل وبها وقود كاف، وحان وقت مغادرة الموقع فاستقل الجنود كلهم السيارات الاربع الصغيرة ، واعطي طاهر -احمد الاتجاه والمسافه للموقع الذي اختارة كمكان لمعسكر المجموعه .

تحركت السيارت خارجه من المعسكر علي الطريق الاسفلتي حيث تعمد احمد ذلك لكي لا تستطيع اي قوه اسرائيليه معرفه اتجاههم عن طريق اثار السيارات علي الرمال .

كانت تلك مجازفه قرر احمد ان يقوم بها ، فوضع في السيارة الاولي مجموعه لكي تتعامل مع اي سيارة تقابلهم وتقطع عليهم الطريق .

اتجه احمد في قافلته شرقا لمسافه خمسه كيلومترات في العراء ، ثم لاحظ وجود ارض صخريه علي يمين الطريق وهو كان ما يحتاجه للخروج من الطريق بدون ترك اثار ، فهدأ السرعه وامر جميع السيارات بالسير في خط واحد حتي لو امكن افتقاء الاثار سريعا فأنها لن تحدد عدد السيارات ، وخرجت السيارات ببطء خلف بعضها البعض فوق ارض صخريه مستويه ثم بدأت الرمال تظهر وتختفي الصخور ، فأشار احمد لطاهر لكي تتقدم سيارته الي المقدمه وتتولي القياده ، انطلقت السيارات تجاه الجنوب ، وكان ضوء القمر مرشدا لهم في رؤيه الجبال ، فقد كان القمر ظاهرا في تلك الساعه وسيختفي خلال ساعات ، هكذا اراد المخططون العباقرة ليوم الحرب وليلته ، فلابد ان يكون القمر موجودا في السماء في الجزء الاول من الليل لكي يستطيع المهندسين فرد الجسور علي القناه ، ويختفي بعد ذلك حتي تتمكن الدبابات من العبور فوق الكباري في سريه وفي حمايه الظلام ، يالها من عبقريه في التخطيط ، هكذا لاح في عقل احمد وهو يري القمر منيرا طريقا لهم .

وفجأه اضاء الافق من خلفهم بوميض مفاجئ تلاه بعد عده ثوان صوت انفجار ، لقد انفجرت العبوة المتفجرة في المبني ، اذن فلابد وان القوات الاسرائيليه قد اكتشفت سريعا مقتل جنود المعسكر والان هم يعرفون وجود قوات صاعقه في المنطقه

لكن الوقت قد فات الان ، واصبحوا علي مسافه كبيرة تحتاج الي وقت كبير ومجهود كبير من العدو لتمشيطها ، وان قام هو بمتابعتهم ومطاردتهم فأن ذلك معناه ضياع مجهود وقوة ووقت علي العدو هو في امس الحاجه له علي جبهه القناه ، فقد كانت المزايا في صالحنا من كل الاتجاهات .

أبطأت القافله بالقرب من جبل عال علي مسافه عشرين كيلو مترا جنوب الطريق ، واتجهت سيارة طاهر يسارا تجاه الجبل ، ودخلت بين الصخور ليجد احمد نفسه وسط طريق عرضه بالكاد يسمح بمرور السيارة وعلي جانبيه الجبل مرتفع لاكثر من اربعين مترا في كل الاتجاهات .

كان ممرا ممتازا وخفيا حاز علي اعجاب احمد ورجاله جدا ، وفي اخر هذا الممر صحن دائري صغير اوقف طاهر العربه به ، وتوقفت السيارات خلفه .

نزل احمد من سيارته مبديا اعجابه بالمكان ، فرد طاهر بأن هذا الموقع نتاج عمليات كثيره قام بها من قبل في دوريات الاستطلاع خلف خطوط العدو ، واضاف ان المكان الذي اختارة مازال علي مسافه وان المكان الذي هم به الان هو مكان فقط لوضع السيارات ، وحتي لو تم كشفه فلم يؤدي للمكان الذي يرغب به كمعسكر .

احس احمد بالراحه بعد ان انتهي من الارتجاليه ووصل لمكان أمن يمكن من خلاله التخطيط بهدوء للخطوات التاليه

فأمر باخلاء السيارات الاربع من الجنود ووضع شرك خداعي بدائي الصنع لتفخيخ السيارات اذا ما عبث بها احدا وليكون انذارا لهم بأقتراب قوه اسرائيليه .

ثم أمر الرجال بالتحرك خلف طاهر ، فسار الرجال في طابور صاعدين الجبل خلف طاهر في هدوء وصمت ، وبعد فترة من الصعود بدأوا في النزول لفترة وسط صخور مدببه حاده وفي الظلام الحالك ، مما ادي الي اصابه معتز عده اصابات وتقطع افرول الطيران ، لكنه واصل السير في تصميم وهدوء .

فقد أحس بشعور غريب وهو يري احمد وجنوده يقتلون الاسرائيليين ، شعورا بالرضا والراحه وهو يري هؤلاء الجنود يخرون قتلي علي الارض وقد سمع الاقاويل عن شجعاتهم وبأسهم الشديد في القتال ، مما جعله يظنهم رجالا فوق العاده ، لكنه ادرك الحقيقه علي ارض الواقع ، ادرك ان رجالنا هم الرجال المتميزين فعلا .

بعد الساعه من السير والصعود والهبوط علي حواف الجبل، أشار اليهم طاهر بالدخول في مغارة تشرف علي سفح المنطقه ، فقد كانت مثاليه لعددهم ، فدخل الجنود المغارة ، بينما ظل اثنان منهم للحمايه خارج المغارة كما امر احمد ، وفي داخل المغارة المربعه ذات السقف المنخفض ، جلس الرجال في اركانها طمعا في الراحه بينما سقط جسد معتز علي الصخور من فرط الاعياء مما انتزع البسمات الساخرة من الرجال الذين تعودوا علي تلك العمليات وتلك المشاق.

جلس احمد وطاهر قرب فتحه المغارة يدرسون الموقف علي الخريطه ، فطاهر يشرح خصائض المكان لاحمد ، ومزاياه وعيوبه ، واحمد منصت ، وشرح طاهر انه لجأ لهذه المغارة بفضل احد البدو المتعاونين مع المخابرات الحربيه اثناء حرب الاستنزاف اثناء عمليه استطلاع خلف خطوط العدو بمفرده ، وانه مكث هنا اكثر من اسبوعا ، وانه من باب المغارة يمكن رصد التحركات علي الطريق الاوسط الذي كانوا عليه فهو لا يبعد اكثر من عشرين كيلو من الصحراء المفتوحه امامهم وفي نفس الوقت زاويه سقف المغارة تجعل اكتشافهم من الجو صعب للغايه ، فهي مركز قياده ممتاز للاستطلاع ، اما العيب الوحيد في وجهه نظر طاهر فهو الطريق من والي المغارة والذي يستهلك وقت وطاقه كبيرة الا ان احمد كان سعيدا بهذا العيب ايضا .

قطع منتصر جندي اللاسلكي حوار احمد وطاهر ، عندما حضر مبلغا احمد بانها الان الساعه الواحده صباحا وانه موعد استقبال الارسال الخاص بهم .

وضع احمد السماعات بعد ان اخرج منتصر جهاز الارسال خارج المغارة لكي يحصل علي افضل استقبال وضبط التردد الخاص ، حيث من المقرر تغير التردد كل يوم طبق جدول محدد ومعقد ، في تلك اللحظه حضر معتز لمعرفه ما يدور .

استمع احمد الي صوت الصمت قليلا وهو منتظر سماع النداء باسم ابنه – نور الدين – فهي كلمه السر الخاصه بسريته والتي اختارها بنفسه ، ومرت ثوان وهو يستمع الي الصمت ، فأعاد النظر الي ساعته متابعا عقرب الثوان يتحرك لاعلي الساعه ، ثم تم قطع صوت الصمت بصوت هادئ وعميق وواضح

- من شكري لنور الدين ، من شكري لنور الدين هديتك وصلت الف شكر والف مبروك ، ملوش لزوم التعب ده ، نفسي اشوفك .

وتكررت الرساله مرتين بعدها ، وهم احمد ان يضع السماعات بعد ان فهم الرساله ، الا انه فوجئ برد علي الرساله وهو ما يكن يتوقعه، ولم يكن مخططا له !!!

- من سامح لشكري ، نور الدين مجاش الفرح معانا ، ومش هيقدر يشكرك بنفسه ، انا جبت لك نص دسته فراخ و15 كتكوت أمريكاني بس مش عارف ابعتهم لك ازاي ، الجو عندنا حر اوي الليله دي والولاد مش مستحمله الغطاء ، بعت لك تحويل ب 32 جنيه في البوسطه ، تحياتي للجميع .

وجاء الرد من العمليات لكن بصوت مختلف وعرفه احمد سريعا فهو رئيس عمليات الكتيبه

- شكرا يا سامح تسلم ايدك عايز اشوفك بسرعه، بلغ رجالك تحيات شكري .

وانتهي الارسال المقتضب المشفر ، وهام احمد في تفكيرة ، بينما جلس منتصر يعيد ترجمه الحوار في ورقه خاصه به ، وبعد لحظات بدأ في ترجمه الحوار لاحمد وطاهر.

- القياده تبلغ السريه ، بأن انباء الكمين قد وصلت للقياده ، وان العمليه قد ادت الغرض منها ، ويجب البدء في الارتداد لخطوط قواتنا علي مراحل كما هو مخطط.

- الملازم عبد المجيد يبلغ العمليات بأن سيادتك مش معاهم ولم تكن معهم في الكمين ، ويبلغهم بانهم قد دمروا ست دبابات وقتلوا خمس عشر جنديا اسرائيليا وخسر 32 جنديا من قوة السريه ، لكنه لا يستطيع الارتداد طبقا للخطه نظرا لقوة الاشتباكات ووجود قوات اسرائيليه كثيرة في المنطقه .

وفي هدوء أشار احمد لمنتصر بالانصراف ، وابلغه بتبليغ الجنود باخبار نجاح باقي السريه في هدفها .

واستكمل موجها كلامه لطاهر ومعتز

- والله عفارم يا عبد المجيد انت ومدحت ، ضربوا ست دبابات وقتلوا 15 جندي .   ثم صمت قليلا فبادره طاهر متسائلا

– طب يا فندم هما في اشتباكات دلوقت ، انا شايف اننا نحاول نساعدهم طالما هما مش بعيد عنا

- ما انا بفكر في الموضوع ده يا طاهر ، عايز اساعدهم وفي نفس الوقت مش عايز نشتبك مع قوات العدو اشتباكات طويله ، عايز نضرب ونجري ونجننهم في كل حته .

- طيب يا فندم عندي اقتراح ، فيه مستودع الوقود ( ل 9) علي مسافه 30 كيلو من الجنوب الشرقي وحولنا معسكرات ومخازن كتير وكام مهبط هليكوبتر وكام مركز قياده ، لو قدرنا نزور ( ل 9 ) ده هيلفت نظر اليهود بعيد عن عبد المجيد ومدحت في الوقت ده .

نظر احمد الي الخريطه التي امامه وقاده بصرة الي حيث ( ل 9 )، وفكر قليلا ثم اردف

- لا ، ده خليه لبكرة ، الليله دي لسه فيها 4 ساعات قبل اول ضوء ، عندنا ساعه نزول وساعه طلوع الجبل ، يبقي عندنا ساعتين ، منهم ساعه بالعربيه تقدر توصل للطريق وتحط الغام في المنطقه دي (واشار بأصبعه علي نقطه محدده ) الطريق هنا ضيق وحارة واحده بس واجنابه فيها غرز ، يعني لو قدرنا نقطع الطريق في الحته دي ، هياخذوا وقت لما يصلحوة وده هيعطلهم شويه من الوصول للجبهه ، وفي نفس الوقت هنبعت الجرجاوي ومعاه فراج و 3 عساكر تانيين لوادي العريش علي الاقدام ، وده جنوبنا بحوالي 40 كيلو عشان يجيبوا لنا مدد من نقطه مدد هناك .

- بس دول مش هيلحقوا يرجعوا قبل اول ضوء يا فندم

- يرجعوا علي يوم وليلتين ، مش مستعجل عليهم

تدخل معتز في الحوار متسائلا – انتوا مش ناويين ترجعوا ؟

فنظر اليه طاهر شذرا ، بينما رد احمد بحده وبصوت منخفض حاد لا يقبل النقاش

- مش عايز كلام عن الرجوع يا معتز ، احنا مصدقنا ان الحرب بدأت واحنا لنا هنا دور ولازم ننفذه

- بس دوركم انتهي بنجاح السريه الرئيسيه في عمل الكمين واظنك سمعت تعليمات العمليات بالرجوع .

- احنا دورنا تعطيل العدو والعمل علي تشتيت جهوده في عمق دفاعاته ، لو عايز انت ترجع الطريق اهه اتفضل ارجع .

- مش القصد يا احمد ، انت مش فاهمني ، انا كمان عايز احارب وافش غلي في اليهود زيكم ، بس انا دوري هناك في المطار مش هنا ، هنا ممكن اعطلكم واكون حمل عليكم لاني مش مدرب زيكم لكن هناك هقدر انفذ واجبي تمام ، انا زيكم عايز اعمل واجبي حتي ولو مت .

نظر احمد الي طاهر ومعتز موجها حديثه للاثنين

- طاهر ، خذ معتز معاك في الكمين ، وخلي واحد من صف الضابط اللي معاك يديله فرقه سريعه في ضرب النار

وانت يا معتز شد حيلك انا قلت لك انك صاعقه دلوقت ، الحرب بالنسبه لك كطيار انتهت ، لكنها بدأت كفرد صاعقه

اومأ طاهر ومعتز ايجابا ، بينما ظهرت نظرات عدم الرضا علي طاهر

فأستكمل احمد – جهز رجالتك يا طاهر ، وابعت لي الرجاله بتوع دوريه وادي العريش .

بعد دقائق كان طاهر قد غادر ومعه معتز واربعه جنود اخرين مدججين بالسلاح باب المغارة متجهين الي حيث السيارات ، بينما جلس الجرجاوي وفراج ومعهم اربع جنود اخرين حول احمد .

وتحت ضوء كشاف الاضاءه ، اشار احمد علي خريطه الجرجاوي بمكان محدد قائلا

- هنا هتلاقي تلات حجارة بيضا زي التلج علي شكل هرم ، حجم الحجر في حجم كرة القدم تقريبا ، شمال الحجارة دي بعشرين متر هتلاقي حافه التل الرملي اللي هناك ، تحفر لعمق متر ، هتلاقي صناديق ذخيرة وتعيينات ، تجيبوا اللي تقدروا عليه وتيجوا بسرعه

- تمام يا فندم – طيب مده التنفيذ ؟

- لو تقدر ترجعوا بكرة بليل يكون كويس جدا ، لكن أمن نفسك ورجالتك الاول ، مش عايز مخاطرة ملهاش لزوم ، لو حسيت انك تهت او مش عارف توصل ، ترجع تاني علطول

- متقلقش يا فندم ، انا حافظ سينا خرم خرم ، ما انا كنت مع سيادتك هنا كام مرة في الاستنزاف

- عشان كده انا بعتك للدوريه دي ، وفي نفس الوقت يا جرجاوي لو رصدت اي اهداف لا تتعامل معاها خالص ، يعني تروح وترجع في صمت - صمت احمد لثوان واستكمل – ربنا معاكم

انصرف الجرجاوي ومعه مجموعته في هدوء ، بينما ظل احمد يتابعهم ببصرة لثوان حتي غابوا عن بصرة .

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech