Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

روايه اسود في قلب العدو - الجزء الرابع

 

 

--------------------------------------------------------------

4- قتال ضد الحديد

قبل لحظات من غروب الشمس عاد فراج حاملا خروفا علي كتفيه والدماء تغرق نصف ملابسه ، وملامح الانتصار تملئ وجهه ، فتهلل احمد طربا ومعه بقيه الجنود بعوده فراج بهذه الهديه ، وتوقع معتز ان احمد يريد يغذي رجاله قبل التحرك

الا انه فوجي بطاهر يسلخ فراء الخروف سريعا ، وينكب عليها تاركا لحم الخروف للجنود يتعاملون معها

فتساءل في دهشه عما يفعله طاهر ، ورد احمد بأن يصبر قليلا ، بينما انكب طاهر واحمد يساعده في تقطيع فراءة الخروف الي اجزاء بحجم معين .

وبعد فترة أخبر احمد الرجال بان يفطروا ، فقد غربت الشمس بينما هو وطاهر يعملون في فراء الخروف ، ونظرات معتز لا تفارقهم .

وبعد فترة انتهي احمد وطاهر ، وبدأوا بأعطاء كل جندي قطعتين من فراء الخروف وطلبوا منهم ربطها بأحكام تام في نعل احذيتهم فور نزولهم من الجبل ، ثم مال احمد علي معتز .

- لما نربط الفروة دي في نعل البياده مش هنسيب اثار علي الارض ورانا ، ووريني بقه ولاد الكلب هيعرفوا طريقنا ازاي

ووسط نظرات تعجب وعدم فهم من معتز ، استدار احمد طالبا من طاهر اعطاءه التمام ، وبعد ثوان اعطاه طاهر التمام للقوه المكونه من 3 ضابط و2 ضابط صف ، وتسع عشر جندي وهي كل القوة الموجود

وعلي الفور امر احمد الجرجاوي بالتقدم في مجموعه استطلاع للطريق حتي السيارات ، ومع حلول الظلام خرج الرجال جميعهم من المغارة علي دفعات وتركوها خاليه تماما الا من عدد من صناديق الذخيرة والتعيينات وجثه الخروف المسلوخ .

وصل الجرجاوي الي حيث ترقد السيارات ، وتأكد من وجود الشرك الخداعي ، وان احدا لم يعبث بها ، فأبطل الشرك الخداعي في الوقت الذي وصلت فيه قوة المجموعه وبدأت في وضع معداتها في السيارات الصغيرة

اعطي احمد تعليماته للجرجاوي ومعه عدد من الجنود بالتحرك الي نقطه محدده علي الطريق وهي تبعد ثلاث كيلو مترات من جنوب الطريق ، وان يبدأ فور وصوله في عمل استطلاع للمنطقه .

وفور مغادره الجرجاوي بسيارته ، تحرك احمد بسيارته في المقدمه وتلاها طاهر في سيارة ومعتز في سيارة اخري ، ووسط الظلام الحالك ، قاد احمد السيارة بنفسه متخذ طريق الغرب بعيدا عن اتجاه تحرك الجرجاوي ، ثم دار بسيارته للشمال مرة اخري في قوس واسع ، وهو يعطي تعليماته للسيارات بالتحرك في خط عرضي واحد بحيث تترك اثار لثلاث سيارات وليست سيارة واحده .

استمر احمد في مناوراته بالسيارة حتي نفذ الوقود لديه ، وتوقفت السيارات ، وتم ملئ خزان الوقود مرة اخري من خزان اخر موضوع في مؤخرة السيارة كذلك فعل الاخرين في سياراتهم ، وبعد تحركهم للشمال قليلا وجد احمد تجويفا صخريا ملائما ، فوضع سيارته تحته وكذلك دخلت باقي السيارات ، وعلي الفور بسرعه وخفه ورشاقه تحرك الرجال بسلاحهم شمالا ، حيث تكثر الضخور الناريه والتضاريس الصعبه علي مرور السيارات ، اثناء الركض توقف معتز ناظرا لخطوات اقدامه فوجد ان فراء الخروف في احذيتهم قد شوه اثار الاقدام تماما وجعلها قابله للطمس سريعا بفعل اي نسمه هواء خفيفه ، فتبسم من تلك الفكرة الابداعيه التي استخدمها احمد ، ثم تنبه ان رفاقه لم يتوقفوا معه وانهم استمروا في ركضهم فأسرع خلفهم مضاعفا سرعته .

وصل الرجال الي منطقه جبليه صعبه التضاريس ، فأمر رجاله بالاحتماء وأشار بيده لطاهر بمكان تواجد الجرجاوي ، واخبرة ان يرسل احد جنوده في احضار الجرجاوي ومجموعته ، وفي نفس الوقت زحف احمد حتي وصل لحافه المنطقه الصخريه التي تشرف علي الطريق في هذه المنطقه .

كان الطريق يمر وسط مجموعه من الجبال العاليه في تلك المنطقه ، وكانت خطه احمد غلق الطريق في هذه المنطقه بالذات ، فبدأ مع طاهر في استطلاع الحركه علي الطريق والتي كانت كثيفه في ذلك الوقت ، فرصد احمد سيارات تتحرك في الاتجاهيين بكميات كبيرة ، وهو ما كان يرجوة .

عاد اليه الجرجاوي ورجاله واتخذوا سواتر حمايه لهم ، واعطي الجرجاوي تقريرا عن الحركه والتي كانت كثيفه من الشرق للغرب ومعظمها سيارات اسعاف وسيارات نقل مع ندره للعربات المدرعه والدبابات ، فرد احمد بان اليوم كان المنتظر لهجومهم المضاد الرئيسي كما توقعت القياده وتمني احمد ان يكون اليوم اسودا عليهم من كل النواحي .

وبدأ احمد في شرح خطته لرجاله ، فالمطلوب عبور الجرجاوي وطاهر في مجموعتين مستقلتين للجانب الاخر من الطريق والاحتماء جيدا في وضع يتيح لهم الضرب من اماكن محميه طبقا للخطه ، اما احمد فسيقود مجموعه من باقي الجنود ومعه جنود صواريخ فهد والحيه بهدف غلق الطريق عليهم من الجنوب ، وتم التنسيق بينهم لكي لا تتقاطع نيرانهم او لكي لا يقوموا جميعا بالضرب علي نفس الهدف .

كانت مشكله حكمدار قواذف الفهد هو ان هذه الصواريخ لا يمكن الضرب بها في الظلام ، وكانت مشكله حلها احمد له سريعا مخبرا اياه ان يستعد للضرب بغض النظرعن الظلام ، واحمد كفيل بحل هذه المشكله له ، وفي نفس الوقت امر احمد الجندي حامل صاروخ الاستريلا ارض جو المضاد للطائرات والذي اطلق عليه المصريين صاروخ الحيه نظرا للذيل الملتوي الذي يتركه خلفه من الدخان المنبعث ، امرة احمد بأن يرتد الي صخرة علي نفس التل في الخلف ويكون مستعد للتعامل مع طائرات العدو المروحيه المتوقع وصولها لدعم المعركه او تعقب قوات الصاعقه .

فهذه المرة لن تكون معركه كر وفر او اضرب واهرب كما تعود رجال الصاعقه ، هذه المرة قرر احمد ان يقطع الطريق ويستولي عليه لوقت من الزمن مستغل الظلام لتعطيل العدو اكثر وقت ممكن وتكبيده اكبر قدر من الخسائر

كانت المشكله الوحيده التي تواجهه احمد وطاهر هي كيفيه عبور الطريق وسط تلك الكثافه العاليه من الحركه ، فتقريبا تمر سيارة كل دقيقه مقارنه بسيارة كل نصف ساعه من يومين .

اعطي احمد لطاهر تعليمات بايجاد حل لعبور الطريق بينما اخذ يدرس هو الموقف لوضع خطه ارتداد ووضع خطط بديله

وحانت لحظه التنفيذ ، فقد قرر طاهر عبور رجاله علي مراحل في كل مرحله جندي واحد او اثنين مع تأمين عبورهم بأفراد من قوة احمد علي مسافات متباعده علي الطريق لتحذيرهم

وتحرك طاهر الي صخرة كبيرة بالقرب من الطريق ، واعطي جنديي التأمين اشارة خلو الطريق ، فمر جندي ومن بعده جندي اخر ، وعلي مدار ساعه محفوفه بالمخاطر مر الرجال جميعهم الي الجانب الاخر علي مراحل، وانتظروا الاشاره من احمد .

اثناء عبور مجموعه طاهر ، كان احمد مركز كل حواسه مع الجنود وهم يعبرون الطريق ، فضوء القمر مازال في السماء

والرؤيه يصل مداها الي مائتي متر تقريبا ، لكنه ايضا تابع في تركيز جنود جماعه الفهد وهو يضعون صواريخهم الاربعه السوداء علي مسافه 800 متر من الطريق ، وهي مسافه جيده للضرب ، ونظرا لان تلك الصواريخ موجهه سلكيا وبجهاز تحكم ، فقد انبطح الرجال خلف الصواريخ بمسافه امنه وهم يضبطون الصواريخ التي اخرجوها من حقائب تشبهه حقائب رجال الاعمال سوداء اللون .

بعد فترة من الوقت ، ايقن احمد من تمام استعداد رجاله ، فالجميع في اماكنهم المختاره بعنايه ، وحان الوقت لاصطياد الفريسه ، التي سيتجمع حولها باقي الفرائس.

كان تكتيكا مختلفا هذه المرة ، ففي كل مرة وكما هو متبع عن قوات الكوماندوز في العالم كله عبر التاريخ ، يتم عمل هجوم مباغت ثم الارتداد وهو ما يعرف بالكر والفر ، لكن احمد قرر هذه المره الثبات والقتال والاحتفاظ بالارض ومقاومه اي تعزيزات معاديه ، فلا خطر عليه من تعزيزات العدو لانها ستكون محكومه بالطريق الذي يمر وسط الجيال ولا مجال لمناورة العدو او تطويق الكمين بفضل الجبال التي تحميه ، لكن الخطر موجود اثناء انسحابه من المعركه وهي ضريبه قرر احمد ان يجازف بها لتحقيق هدف اكبر .

مر وقت واحمد متمالك اعصابه والسيارات تتحرك امامه وهو كمن ينتظر هدفا ما ، كل دقيقه تمر تصعب عليه المهمه وتسهلها في نفس الوقت ، ففي كل دقيقه يغرب القمر ويزداد الليل ظلاما وهو ما يؤمن رجاله اكثر ، لكن مع كل دقيقه تمر ايضا يقل وقت مواجهه العدو فقبل اول ضوء للشمس يجب ان يخلي موقعه لكي يؤمن تحرك جنوده في الظلام .

اثناء انغماس احمد في التفكير والتركيز ، وصل اليه منتصر حاملا سماعه جهاز اللاسلكي مخبرا احمد بان القياده تتصل بمجموعه عبد المجيد.

امسك احمد بالسماعه وهو يستمع الي النداء من غرفه عمليات الكتيبه ، ورد احمد

- من نور الدين الي شكري وكررها مرتين اعقبها صمت من العمليات ، فمن الواضح انهم فوجئوا برد احمد والذي كان مفقودا بالنسبه لهم ، فكرر احمد النداء مضيفا كلمات كوديه

- من نور الدين الي شكري – حبهان – حبهان – حبهان 12-15-12-11

كانت تلك كلمات شفريه تؤكد شخصيته وانه لم يؤسر ، وجاء الرد سريعا بصوت فرح من قائد عمليات الكتيبه

-   من شكري الي نور الدين ، نسمعك بوضوح ، أفد عن وضعك

- مقدرناش نوصل الفرح ، اضطررنا للعمل بمفردنا ، عملنا شغل كويس في المنطقه 44 احنا دلوقت جنوب النقطه د 249 خسرنا عسكري واحد ، أفد عن وضع سامح ؟

- انقطع الاتصال مع سامح من ليله امس

- اطلب الاستمرار في العمل بالخطط البديله ، اوضاعنا كويسه

- أستمر في القتال ، وأضبط جدول الاتصال علي الموجه المتغيرة

- مش هقدر اوعد بأستمرار الاتصال ، كل ما الظروف هتسمح هفتح الاتصال ، اخبار الجبهه ايه ؟

- الاخبار مشجعه جدا ، شغلكم كلكم عمل دربكه جامده للعدو ، الجبهه متماسكه وفي كل يوم نجاحات جديده فوق المتوقع .

- نور الدين علم و انتهي .

انتهي الحوار القصير الاول بين احمد وقيادته ، والذي اطمئن فيه من سير القتال علي الجبهه وتوالي النجاحات مما زاده شعورا بالتصميم علي تنفيذ عمل مؤلم للعدو في خطوطه الخلفيه .

وعاد الي متابعه الحركه علي الطريق ، وهو ينتظر هدفا معينا في مخيلته ، بينما طاهر علي الناحيه الاخري من الطريق يقتله القلق والترقب مع تأخر احمد في فتح نيرانه ، فالاوامر ان تظل النيران مقيده حتي يفتح احمد نيرانه ، ووقتها يبدأ الاحتفال وتتوالي الطلقات من كل ناحيه ، اما معتز فهو بجانب احمد ويري تصرفاته

واصبح يثق فيه ثقه كبيرة جعلته يطمئن لتواجده بجوارة ، ومرة اخري يطمئن معتز الي سلاحه الرشاش الاسرائيلي الصنع والذي غنمه من معركه الليله السابقه ، وقد دربه احد الجنود علي التعامل معه وكيفيه اطلاق النار بصورة مؤثرة ، واطمئن لوجود ذخيرة كافيه بجوارة .

اقتربت سيارة وقود من الطريق ، واستطاع احمد تمييزها من مسافه بمنظار الرؤيه الليليه الذي معه والذي يعمل علي تكبير اضواء النجوم مما يتيح له الرؤيه في الليل بصورة اوضح ، وعلي الفور اشار لاحد جنود الار بي جي بالضرب علي السيارة فور وصولها امام موقع الكمين ، نفذ الجندي وبعد ثانيه ارتقي الجندي فوق صخرة واتخذ وضع الضرب ، واطلق صاروخه ليشق ظلام الليل وليجتذب انظار طاهر من الناحيه الاخري علي الطريق .

اما داخل سيارة الوقود فقد كان السائق متعجلا للوصول الي مقر وحدته وحدث زميله الجالس بجوارة ان الطريق اصبح مرعبا بسبب الجنود المصريين المنتشرين في كل مناطق سيناء ، ولم يكمل الجندي جملته عندما شق الصاروخ كابينه السيارة وانفجر داخل المستودع محولا العربه الي اشلاء في ثوان قصيرة ، اضاء انفجار السيارة سماء الموقع بصورة كبيرة ، وصدق وعد احمد لجنود صواريخ فهد بأنه سيسهل عليهم اصابه الاهداف بأضاءه الموقع .

احس كل جنود الصاعقه بحرارة الانفجار ، وارتفعت درجه حرارة الموقع فقد استعد الرجال للضرب علي اي هدف قد يظهر لهم .

امر احمد جندي اللاسلكي منتصر بالاتصال بالقياده وابلاغهم بان الطريق من الحسنه لبئر تمادا قد اغلق ، وسيتسمر مغلقا لفترة طويله ، ونفذ منتصر الامر في اشارة مفتوحه ، فقد اعلنوا عن وجودهم الان ولا داعي للخوف من التصنت علي اتصالهم.

مازالت النيران مشتعله في بقايا سياره الوقود التي تناثر حطامها علي مساحه كبيرة من الطريق ، واضاء لهيبها سماء الموقع وبدون مقدمات ظهر صاروخ اخر متجه نحو سيارة جيب قادمه من الغرب ، فاشتعلت وهي تتحرك وظلت مشتعله وهي تتحرك بسرعه كبيرة داخل الصحراء حتي اصطدمت بحافه الجبل وتوقفت عن الحركه والنيران تأكلها بمن فيها .

تمتم احمد بالدعاء ان يستكمل الله نصرتهم ، وان تسير المعركه في صالحهم خاصه وانهم قد القوا بالطعم الان وفي انتظار الصيد الكبير .

مرت نصف ساعه تقريبا علي الرجال وحواسهم تراقب الطريق الخالي تماما ، فقد نبهت تلك الانفجارات السيارات القادمه ، ومن المتوقع ان تعود تلك السيارات ادراجها وان تأتي بنجده لفتح الطريق .

وبعد مرور النصف ساعه جاءت عربه انقاذ لكي تدفع سيارة الوقود من الطريق وتعيد قتح الطريق مرة اخري ، وهو اجراء روتيني حيث توقع الاسرائيليين ان تكون قوات الصاعقه علي مسافه كبيرة الان ، ولم يتوقع قائد سيارة الانقاذ ان جنود الصاعقه رابضين حوله في صمت .

جاءت سيارة الانقاذ تعززها ناقله جند بها عشرة جنود لتأمينها ، وبدأت سيارة الانقاذ في دفع حطام سيارة الوقود المشتعل خارج الطريق ، ومن خلفها عربه نقل الجنود المدرعه تتحرك ببطء.

اعطي احمد اشارته لحكمدار صواريخ فهد بأن يطلق علي العربه المدرعه ، وبعد ثانيه كان الصاروخ ينطلق من مكمنه متجها الي السياره المدرعه واصابع الحكمدار توجهه في دقه عبر جهاز التحكم ، حتي انفجر بها محطما ومخترقا الجانب الايسر لها وحارقا كل من فيها في ثانيه واحده ، فتدريع تلك العربه يقل عن تدريع الدبابات والتي صمم هذا الصاروخ لاختراقه .

واصيب سائق سيارة الانقاذ بالذعر ، فالطريق امامه وخلفه اصبح مشتعل وهو حبيس كابينه سيارته فما كان منه الا ان انطلق خارجا من عربته وهو يعدو بعيدا عن الطريق ، وشاء حظه العثر ان يكون اتجاهه في اتجاه كمين احمد ، فخرج معتز من مكمنه بدون اوامر ، مطلقا دفعات متعدده من النيران تجاه صدر السائق الذي تكومت جثته سريعا علي بعد امتار من معتز الذي تعالت دقات قلبه وهو يقتل بيده لاول مرة ، لكن احمد ربت علي كتفه وهو يبتسم

- المرة الجايه طلقتبن تلاته كفايه يا معتز ، انت خرمًت الراجل

زحف احد جنود الفهد الي المنصه الخاليه ووضع صاروخا اخرا عليها ، بديلا عن الصاروخ الذي تم اطلاقه ، وعاد الي مكمنه ، وعاد الهدوء مرة اخري للموقع بينما صوت النيران يخترق الصمت ويتردد صداه في كل اتجاه .

توقع احمد ان امامه نصف ساعه اخري من الراحه ، وبعدها يتوقع بدء تحرك العدو مرة اخري ، لكن قبل ربع ساعه تم رصد ثلاث عربات مدرعه نصف جنزير تتقدم علي الطريق من اتجاه الشرق ، هذه المرة تقدمت العربات وهي تفتح نيرانها ونيران الجنود من داخلها قبل ان يقتربوا بقترة ، ففتح الطريق مهمه حيويه جدا لهم ، وفور اقتراب السيارات من العربات المحطمه علي الطريق ، نزل الجنود من داخلها وانتشروا علي جانبي الطريق لتامين تحرك العربات والتعامل مع اي مصدر للنيران من جانبي الطريق.

اشار احمد لجنود الفهد بأطلاق صاروخا علي العربه الاخيرة لقطع طريق العدوه عليهم ونفذ الرجال ، وانطلق الصاروخ سعيدا نحو هدفه ، وانفجر الصاروخ في اخر عربه وحرق ثلاث جنود بها ومثلهم من خارجها من قوه الانفجار .

وبدأ الجنود الاسرائيلين المرافقين للعربيتن الاخرتين في فتح نيرانهم تجاه مصدر اطلاق الصاروخ ، لكن طاهر عاجلهم بصاروخ من الجهه الاخري اطلقه الجرجاوي في تركيز ، ليفجر جانب السيارة التي في اول الرتل ، ويصيب من حولها

وفي دهشه تتوجه نيران الجنود نحو صخور الجبل المرتفع علي يمينهم فهم لا يعرفون مصدر النيران او مكانها وسط الظلام

بعد ثوان ، يطلق احد جنود احمد صاروخا اخر تجاه السيارة الوسطي ، فيدمرها ويقتل من فيها وتقل حده النيران الصادرة من الجنود الاسرائيلين لكن احمد كان متأكدا بوجود ما لا يقل عن خمسه جنود في احد الاماكن بجوار الطريق ، وانهم سيتحركون في اي لحظه ، فأي كائن حي لا يستطيع ان يمكث طويلا وسط تلك النيران المحيطه ، واعطي طاهر الامر لرجاله بأطلاق النار فور رؤيه اي هدف مع المحافظه علي الذخيرة .

ومرة اخري بعد ثلاث دقائق من اطلاق اول صاروخ ، يعم الهدوء مرة اخري ويظل فقط صوت النيران وهو يلتهم حديد السيارات والجثث المتفحمه داخلها .

وتحولت المعركه الي معركه صبر ، فجنود الصاعقه ليسوا في حاجه الي الخروج من اماكنهم والطريق قد اغلق بمخلفات خمس سيارات تحتاج الي وقت طويل لازاحتها .

وصلت اشارة الي احمد من القياده تثني علي ما يقوم به رجاله ، ورد احمد بأنهم دمروا اربع سيارات نقل جند وسيارة نقل وقود وعربه انقاذ وسيارة جيب وان خسائر العدو في حدود ثلاثون جنديا ما بين قتيل ومصاب .

ثم ختم احمد الاشارة بجمله خبيثه انه سيرتد من مكانه الي الشمال مرة اخري .

فقد اراد بهذا الختام ان يرسل رساله للاسرائيليين الذي من المؤكد انهم يتصنتون علي رسالته بأنه سيترك المكان ويتحرك شمالا وهو شئ متوقع جدا طبقا لتكتيك رجال الصاعقه ، مما سيطمئن الاسرائيلين في محاوله اعاده فتح الطريق ليلا ومن المحتمل ان يدفعوا بعربات انقاذ اخري

وبعد وقت طويل من الترقب والملل وقرب الثانيه فجرا ، وبينما احمد يفكر في ترك الموقع فعلا ، رصد طاهر ثلاث دبابات باتون تأتي من اتجاه القناه وهي تضيئ كشافاتها العاليه ومن خلفها ثلاث عربات مدرعه مليئه بما يقرب من ثلاثون جنديا .

بعث احمد احد جنوده جريا لرجال صواريخ الفهد ومعه امره لهم بالاستعداد والتعامل مع الدبابات الثلاثه بدون تردد فور دخلوهم مدي الضرب .

عاد الجندي مؤكدا تمام تسليم الرساله ، وبدأت الدبابات تقترب في بطئ وهي تحرك مدفعها علي جانبي الطريق لتأمين نفسها من اي نيران قد تنطلق ، لكنها لم تكن تعلم ان الجبال تخفي اشباحا مثل الاسود لا يقف امامهم شئ .

انطلق صاروخ فهد من مكمنه تجاه الدبابه الاولي ليستقر تحت البرج ويفجر فجوة كبيرة داخلها قتلت من بها في ثانيه ، ويتوقف الرتل الاسرائيلي ، فور تفجير الدبابه الاولي ينطلق الصاروخ الثاني تجاه الدبابه الثانيه ليدمرها هي الاخري

لكن الدبابه الثالثه كانت منتبهه اكثر ، فأطلقت رشاشها المتوسط تجاه مصدر ضرب الصواريخ ففجرت أحد القواذف وقطعت اسلاك التوجيه لكنها لم تستطع الوصول الي حيث يرقد الجنود خلف احد الصخور .

تعامل طاهر فورا باطلاقه احد صواريخ الار بي جي ، تجاه اخر السيارات المدرعه لتنفجر داخلها مذيبه الجنود داخلها في كتله واحده من النار واللحم والحديد .

ومرة اخري تم حصر القوة الاسرائيليه داخل الوادي ، لكن الدبابه الثالثه تطلق نيرانها في كل اتجاه جعلت خروج الرجال من خلف الصخور صعبا ، وساعدها اطلاق النار العشوائي من الجنود داخل السيارات المدرعه تجاه اي صخرة او حجر قد يكون خلفه مصري.

فهو الرعب بعينه ذلك الذي اصابهم وجعلهم يريدون فتح الطريق بهيستريا ، فبدأوا في اطلاق نيران مكثف تجاه اي هدف ، وكانت الشظايا تتطاير حول الرجال في كل المواقع جراء الطلقات التي المنطلقه كالمطر .

كان وضع طاهر افضل من وضع احمد فهو اعلي من الرتل الاسرائيلي بمسافه ويستطيع التصويب افضل ، فأمر احد جنوده بضرب الدبابه الباقيه ، وانطلق الصاروخ لكنه لم يكن موجهها جيدا ، فأنفجر في جنزير الدبابه واعطبها ، ومن بين لعنات طاهر تعالت نظرات الدهشه منه ، فقد خرج الجنود من داخل الدبابه وهربوا الي جانب احد العربات رغم انهم اكثر حمايه داخلها ، فقلت غزارة النيران قليلا علي احمد وتوجهت تجاه طاهر ، فأستطاع احمد ان يبدأ في اطلاق نيران رشاشاته تجاه العربات المدرعه لجذب انتباه الجنود الاسرائيليين له ، وهو ما حدث تماما .

لكن فجأه رصد معتز اطلاق نيران من جهه الطريق الاخري والتي تسدها العربات المدرعه المحترقه من قبل ، وابلغ احمد فايقن ان الجنود الهاربين من تلك العربات مازالوا موجودين ، وانهم اكتسبوا بعض الثقه والشجاعه وقرروا المشاركه في القتال

موقف رجال الصاعقه افضل كثيرا من موقف الجنود الاسرائيليين ، لكن كل جانب لا يستطيع اصابه الجانب الاخر بسبب تحصنه بحاجز .فامر احمد احد جنوده بمحاوله اطلاق صاروخ أر بي جي تجاه احد السيارات ، وحدد له مكانا في الخلف يبدو اكثر كشفا للموقع من مكانهم .

فزحف الجندي قليلا ، وارتفع الصخرة وبدأ في التصويب لكنه اصيب بطلفه نافذه في الصدر خرجت من ظهرة ، لكن الجندي البطل تمالك انفاسه الاخيرة واطلق الصاروخ لينفجر بين سيارتين مدرعتين ويسقط شهيدا ، ويسقط القاذف من يدة ويتدحرج اسفل الجبل ، فيهرع احد الجنود خلف القاذف ويحضرة مرة اخري وسط الطلقات الطائشه من كل جانب .

بعد انفجار الصاروخ يخلي الجنود الاسرائيليين العربات المدرعه رغما عنهم ، فهم لا يريدون الا القتال خلف جدر او في قري محصنه كما اخبرنا الله عنهم ، لكن تلك الجدر اصبحت هشه الان امام رجال الصاعقه واصبحت تجتذب اليهم الصواريخ

فما كان منهم الا ان فر بعضهم تحت حافه الجبل تحت موقع طاهر ، وفر الجزء الاخر خلف صخور بجانب موقع احمد

اما الجنود الخمسه المحتمين خلف حطام السيارات شرق الطريق ، فقد واصلوا اطلاق نيران متقطعه لجذب نيران جنودنا بعيدا عن الجنود الفزعين داخل الكمين .

مرت ساعه علي بدء القتال ، والطلقات تدوي من حين لاخر ، لكن ايا من الطرفين لا يستطيع اصابه الاخر لعدم رؤيته ، ولا يستطيع التحرك ، لان كل طرف يطلق نيرانه علي اي شئ يتحرك .

عم الانهاك علي الجنود الاسرائيليين وانتظروا المدد ، بينما ظل احمد في ترقب ، وقد ايقن ان الصباح كاشفهم لا محاله وانها ستكون معركه دمويه لاخر مدي .

قرب الفجر انفجرت طلقتين مضيئتين في سماء الكمين اطلقتها مدفعيه اسرائيليه بعيده المدي ، فأدرك احمد ان الجنود الاسرائيلين يريدون رؤيه طريقا للخروج وسط الظلام وهو تصرف يأس جدا ، لان تلك الاضاءه قد تكشف اماكنهم لجنودنا وهو ما استطاع طاهر ان يراه فعلا ، فقد رصد في تلك الثوان المضيئه رأس جندي اسرائيلي بارزه خلف صخرة ، فأطلق تجاهها دفعه طلقات صرعته علي الفور .

اما احمد فقد رصد عددا من الدبابات الاسرائيليه لا تقل عن خمس دبابات تنتظر علي مسافه خارج الكمين ، وتستعد للدخول لارض الكمين لسحب جنودهم المحاصرين .

دفع احمد احد جنوده الي حيث يرقد حكمدار صواريخ فهد بعيدا عن القتال الضاري واخبرة بالتعليمات الجديده ، وتحرك الحكمدار بالقاذف الوحيد المتاح له علي الفور تجاه موقع اخر فوق حافه الجبل وبعيدا عن ارض الكمين لكنه صالح للضرب منه مستغلا خصائص الصاروخ ذو المدي الابعد من صواريخ الار بي جي .

نصب الحكمدار صاروخه علي القاذف واستعد بجهاز التحكم البديل ، وجهز نفسه للاطلاق في انتظار اللحظه المناسبه .

ثم امر احمد احد جنوده الحاملين لصواريخ أر بي جي بمتابعه الطريق من الشرق وفور رصد اطلاق نيران من المكان الذي يتحصن به الجنود الخمسه فعليه اطلاق صاروخا تجاههم لاسكاتهم .

أيقن طاهر بأنها المعركه الاخيرة لهم ، وان فرص نجاتهم تتضاءل في هذه المعركه ، فالنهار علي الابواب ، وكالعاده سيستغل الاسرائيليين ضوء النهار في ضرب مواقعهم بالطيران ، وتذكر غارات الطيران الاسرائيلي علي موقعه غرب القناه في اواخر حرب الاستنزاف ، لكنه حزم امرة من زمن طويل ، فهو داخل الحرب للجهاد في سبيل الله والوطن وفي سبيل الشهاده فقط لا غير ، فزاده ذلك تصميما علي تصميم وشد من ازر رجاله الرابضين حوله كالاسود ببعض عبارات التشجيع

وبينما طاهر يحدث رجاله ويشد من ازرهم ، انطلق صاروخا من جانب احمد تجاه السيارات المحطمه ، فأنفجر في نقطه اعقبها صوت صرخات فزع من جنود اسرائيليين ، ورائهم طاهر يخرجون من بين الحطام ركضا في كل اتجاه فزعا وطلقات من جانب احمد تنطلق حولهم فتصيب اثنان علي الفور ويهرب ثلاثه الي داخل الصحراء .

ابتسم احمد وارتاح من التخلص من هؤلاء الجنود الذين كانوا يهددون جانبه الايمن ، لكنه عاد قلقه الي تلك الدبابات التي تستعد للدخول الي ارض الكمين ، وفكر قليلا في فكرة لم يتم التفكير فيها من قبل فأستدعي احد جنوده ويدعي اسلام

ودار بينهم نقاش مقتضب ربت بعدها احمد علي كتف اسلام وتمني له التوفيق ، ثم امر رجاله بالاستعداد لتوفير غطاء لاسلام في تحركه

زحف اسلام من جانب الجبل الايمن حتي نزل لارض الكمين وواصل زحفه حتي وصل للطريق بجوار الدبابه الاولي المدمرة

وقد استطاع الجرجاوي رصده وبلغ طاهر بذلك الذي تابع بصعوبه ما يحدث فقد زحف اسلام تحت الدبابه الاولي ، وواصل زحفه الي حيث ترقد الدبابه الثانيه وكان الدخان مازال يتعالي منها منذ تدميرها ، والحطام متناثر حولها

نظر اسلام الي حيث يتابعه احمد من بين الصخور واشار اليه بأن الطريق مغلق وانه سيدور من الناحيه الاخري للدبابه زحفا وكان ذلك من اتجاه الجنود المتحصنين تحت الحافه التي يتحصن بها طاهر .

في تلك اللحظه فتح رجال احمد نيرانهم تجاه هؤلاء الجنود بهدف اشغالهم ، ومع بدء اطلاق النار ركض اسلام وارتمي تحت الدبابه الثالثه التي اصيبت في جنزيرها فقط ، وزحف الي حيث باب الهروب بها من اسفل الدبابه وفتحه ودلف الي داخلها

وعلي الفور قام باغلاق الابواب من تحته ومن فوقه واصبح داخلها امنا ،

فتوقف احمد عن اطلاق نيرانه وتبعه جنوده بالتبعيه وعاد الصمت مرة اخري يلف المكان .

اما داخل الدبابه ، فقد حاول اسلام التعرف علي اجهزتها سريعا ، ففي السابق كان في سلاح المدرعات قبل ان يتم اختيارة لقوات الصاعقه لما يتمتع به من بنيان قوي ولياقه بدنيه عاليه ، لذلك فلديه خبرة معقوله بالدبابات وكيفيه عمل اجهزتها ، لكنها المرة الاولي التي يدخل فيها دبابه اسرائيليه -امريكيه الصنع – مع الوقت بدأ يلم بوظائف الدبابه وكان يبحث عن شئ ما لتنفيذ مهمته .

وبعد دقائق من البحث وجد ما يبحث عنه ، فجلس علي مقعد قائد الدبابه ونظر من المزاغل المخصصه للقائد وضغط علي احد الازرار ، يضيئ الكشاف الخارجي للدبابه والمخصص لتعميه افراد المشاه من فرط قوة اضاءته .

تعالت نظرات الاندهاش من الجنود الاسرائيلين من عوده الروح لتلك الدبابه المهجورة ، وصرخ احد افراد طاقمها بأن الدبابه تعمل بمفردها ، لكنهم وجدوا برج المدفع يستدير تجاههم ويطلق نيران الرشاش المتوسط عيار نصف بوصه المثبت داخل البرج ليحصدهم حصدا .

مع اول دفعه من رشاش الدبابه، قتل ثلاثه جنود علي الفور ، حيث انهم مكشوفين جدا لمدفع الدبابه العال عن الارض بينما هم منبطحين ارضا علي مسافه امامه .

حاول اسلام وقف دوران البرج لكنه لم يستطع معرفه كيف ، وعندما واصل دورانه جاء الدور علي الجنود المختبئين تحت حافه الجبل الذي يتحصن به احمد ، واطلق دفعه اخري من الرشاش لتبث الرعب بهم لكن الطلقات لم تصب احد اخر، وفور رؤيه الجنود الاسرائيليين ذلك انتظروا دوران البرج وعدم توقفه ، وبدأوا الهروب من اماكنهم تجاه الغرب ، فأطلق احمد وطاهرورجالهم من اماكنهم نيرانهم ليقتلوا اثنين اخرين ، ويهرب الباقي وسط تكبيرات الجنود المصريين .

ايقن احمد ان خطته قد نجحت ، وبينما ما زال البرج مستمر في الدوران ، ظهرت انوار الدبابات الاخري تنسحب للخلف بعد ان ايقنت ان لا احد في أرض الكمين من رجالها احياء، وبدلا من الدخول والقتال فقد انسحبت الي مسافه كيلو متر واحد بعيدا عن مرمي رجالنا لكن حكمدار صواريخ الفهد رصد دبابه منهم علي خط الافق امامه وفي مرمي صاروخه ، فأطلقه بدون تردد وبأصابع مدربه ودقيقه ، وجهه الرجل صاروخه في تركيز تام بفضل اضواء دبابه اسرائيليه اخري اضاءت له هدفه عن غير قصد .

فانفجر الصاروخ في جانب الدبابه ودوي انفجار كبير اضاء السماء التي بدأت تضيئ بضوء الشمس الذي يتسلل حثيثا الي السماء.

فتوالي التكبير من الرجال ، وكان احمد سعيدا وغير مصدق النتائج الرائعه التي قاموا بها ، وبينما يتابع تحكم اسلام في برج دبابته وتمكنه من تحريكه كيفما يريد ، بدأت السماء في المطر ، لم يكن مطرا يجلب الخير ، لكنه كان مطرا جالبا للموت ، فأنسحاب الجنود والدبابات الاسرائيليه كان لاخلاء الطريق لقصف مدفعي مكثف وطائش ضد مكان تمركز قوات الصاعقه

نظر احمد الي الشرق فوجد ان ضوء السماء بدأ يتسلل من بين قمم الجبال حوله ، وتخيل لوهله ان شمس التاسع من اكتوبر ستكون اخر شمس يراها في حياته ، فالقنابل تنفجر بكثافه حوله وحول مواقع الرجال ، والحجارة الملتهبه تتطاير في كل اتجاه فلا يقف شئ في طريقها ، اصيب عدد من الجنود بشظايا متعدده ، وبدأ صوت الانين يتنامي الي سمع احمد بين اصوات القنابل

وبدأ عبد الباسط الجندي المؤهل للعمل في التمريض بالقيام بدورة وسط المصابين بشجاعه عاليه وبلا اي خوف من الشظايا المتطايرة حوله .

مسح احمد بنظرة المكان مع صعود الشمس الي كبد السماء ، فوجد نتائج عمل رجاله تظهر جليه في ارض المعركه ، فمن المؤكد ان هذا الطريق لن يفتح بسهوله جراء الحطام المتعدد من معركه ليله امس ، واستطاع ان يرصد عددا من اشلاء الجنود الاسرائيليين الذين قتلوا في قتال امس ، ومع تواصل القصف فكر في ان هذه هي النهايه ، فالقصف لم ينقطع علي مدار نصف ساعه كامله والقذائف تنهمر علي مسافات متقاربه ، فأمر منتصر بأن يرسل اشارة الي قيادته بنتائج عمليه امس وموقفهم الحالي وانه تحت القصف المدفعي المكثف وانهم متمسكون بالارض حتي تحسن الوضع .

وبعد نصف ساعه اخري من القصف المتوالي بغير توقف ، توقف القصف المدفعي ، ليعطي الرجال فرصه لالتقاط الانفاس قليلا وتضميد الجراح ، في نفس الوقت ظهر صوت طائرات هليكوبتر من الجنوب ، فأنبطح الجنود اكثر واحتموا لكي لا تكتشفهم تلك الطائرات واستمر اقتراب صوت الطائرات ثم ابتعد قليلا وعاد مره اخري ، فلابد وان تلك الطائرات تبحث عن رجال الصاعقه لذلك فهي تسير في مسار متعرج ، وظهرت فجأه من خلف الجبل طائرة هليكوبتر خضراء اللون وعلي ذيلها الطويل نجمه داوود واضحه للجميع ، وعلي الباب الجانبي لها جندي يرتدي خوذه خضراء وممسك برشاش متوسط ، وفور ظهورها من خلف الجبل ، بدأ الجندي في اطلاق نار عشوائي علي الصخور واي اماكن قد يتواجد بها جنود الصاعقه ،

وتابع احمد تلك الطائرة وذكريات حرب الاستنزاف تلح في مخيلته الي ان احس بسخونه من ظهره ، وخيط ابيض يمرق فوق رأسه ومعه صوت صاروخ ، فها هي الحيه تنطلق في خط مستقيم تاركه ذيل من الدخان المتلوي في السماء .

كانت اول مرة يشاهد فيها الرجال صاروخ الاستريلا الملقب وسط الجنود بالحيه والذي سمعوا عنه كثيرا

انطلق الصاروخ مندفعا نحو محرك الطائره وانفجر به مطيحا بالجندي علي جانب الطائرة من خارج الطائرة ، وتبدأ الطائرة في الترنح والسقوط بعد ان تعالي الدخان الاسود منها وهي تدور حول نفسها

عبثا حاول الطيار السيطرة علي الطائرة ، فالصاروخ انفجر بالمحرك وحطمه ، ولم يعد هناك ما يجعل الطائرة تظل في الجو

فتحطمت علي قمه الجبل وتحولت الي كتله من النيران وواصل حطامها سقوطه علي الجبل حتي وصلت اجزاء مشتعله منه الي الطريق ، وسط تكبيرات الرجال وفرحتهم .

أرسل احمد احد جنوده الي اسلام داخل الدبابه وامرة لاطلاق نيران المدفع الرئيسي علي قمم الجبل لغلق الطريق علي ان يصوب بعيدا عن اماكن تواجد مجموعه طاهر فأدار اسلام البرج ورفع زاويه المدفع عبر جهاز التصويب الدقيق ، وأطلق قذيفته علي الفور ففجرت جزء كبير من حافه الجبل وبدأت الحجارة في التساقط وكونت سدا من الحجارة اغلق الطريق تماما

فأستراح احمد من ان الدبابات المعاديه لن تستطيع الوصول اليهم وهو ما اراحه قليلا وحسن موقفه في هذا اليوم العصيب

وحاول اسلام نفس الشئ مع الناحيه الاخري من الطريق لكن الحافه لم تكن عاليه كفايه لكي تنهار وتسد الطريق فعاد ببرج دبابته ووضعه في وضع الاستعداد .

الساعه الان الحاديه عشر ظهرا والشمس فوق رؤوس الرجال وسط عدد قليل من السحاب الذي ظهر علي استحياء ليشارك سحب الدخان والمعارك السماء ، وكانه ضيف علي السماء في تلك الايام التي يكسوها سحب سوداء من انفجارات القذائف واحتراق المعدات .

ظهرت طائره فانتوم إسرائيليه في سماء الموقع علي ارتفاع عال ، فنظر احمد الي جندي الحيه ورد الجندي بأشارة انها بعيده عن مدي صاروخه ،واختفت عن الابصار لكنها استدارت وعادت بدون ان يلتفت الرجال اليها ، وبدأت في الانقضاض والرجال لا ينتبهون لاقترابها ، وفجأه ظهر صوتها من وسط الجبال عاليا وظهرت الطائرة بزاويه حاده بين الجبال والقت بقنبله انفجرت علي الجبل فوق رأس طاهر ، لكنها لم تكن قنبله عاديه ، فقد كانت قنبله نابالم وهي قنبله ممنوع استخدامها دوليا ، وتلك القنبله تولد كره كبيرة من النيران تحرق و تقتل كل شئ في طريقها

وبالفعل فقد ادي تفجير القنبله الي استشهاد الجرجاوي وثلاثه جنود علي الفور ، وشاهدهم طاهر علي بعد امتار منه وهم يستشهدون داخل النيران المشتعله بقوة ووحشيه .

ترك انفجار القنبله سحابه كبيرة من النيران فوق ارض المعركه ومع ارتفاع الطائرة الفانتوم للسماء ، انطلق صاروخ الحيه مرة اخري خلفها ، فهذا الصاروخ لا يمكن اطلاقه الا والطائرة مبتعده حيث يتم توجيهه تجاه عادم الطائرة .

انطلق الصاروخ خلف الطائرة بقوة ، ودارت الطائرة وهي تناور بعيدا عن الصاروخ مطلقه عدد من المشاعل المضلله لتضليل الصاروخ ، وفعلا ينفجر الصاروخ في احد تلك المشاعل وتنجو الطائره منه وسط لعنات احمد وجنوده .

لكن اطلاق الصاروخ ارعب طيار الفانتوم ، فلم تكن لديه اي معلومات عن وجود صواريخ مضاده للطائرات مع قوات الصاعقه في عمق سيناء ، فيفر الطيار بما معه من حموله عائدا الي مطاره .

وبعد قليل يقترب طاهر من جثث رفاقه المتفحمه حيث مازالت الدخان يتعالي من الاجساد الطاهرة ، فيجد ان لحم الرجال قد تفحم والتصق بحديد السلاح الذي انصهر هو الاخر ، كان منظرا بشعا بكل المقاييس علي طاهر ورجاله رغم انهم صاحبوا الموت في كل تحركاتهم ، فوضعوا بعض الحجارة فوق جثث رفاقهم لكي يحموها من الضباع والحيوانات اكله اللحوم ، بينما يقرأون ايات القران عليهم .

تقلصت قوه المجموعه الي النصف تقريبا بعد استشهاد عشرة جنود طوال القتال والقصف المدفعي والجوي ، وارسل للقياده ما يفيد ذلك وطلب الاوامر .

كانت التعليمات من القياده هي التصرف وفق ما يراه هو في ارض المعركه ، واضافت القياده جمله فكر احمد فيها كثيرا بعد انتهاء الاشارة – سامح عند خضر وعايز يشوفك –

كان معني ذلك ان عبد المجيد وقوته قد لجاءوا الي احد قبائل البدو المتعاونه مع قواتنا طمعا في مأمن وان تلك القبيله تبعد ستين كيلو متر من مكانه ، فكيف يتحرك ستون كيلو متر وهو لا يستطيع الحركه مترا واحدا في النهار .

أرسل احمد احد جنوده لاستطلاع الموقف خلف الجبل وراءهم حيث ترقد السيارات في مأمن ، فقد عزم احمد ان يتحرك مع دخول اخر ضوء .

وقرب الثانيه عصرا ، والقتال متوقف والطريق مسدود من الناحيتين ، عاد اليه الجندي ليخبرة بان مؤخرة الكمين امنه ولا اثر لاي تحركات علي مسافه كبيرة ، فأرسل احمد جنديا اخر ليعبر الطريق الي حيث يتواجد طاهر ويبلغه بتعليمات التحرك مع اخر ضوء ، ويعود الجندي حاملا علم طاهر بالاوامر ومخبرا احمد بأن قوة طاهر اصبحت ثلاث جنود وضابط فقط بعد استشهاد خمسه من جنوده بينهم الجرجاوي ، وهو ما احزن احمد كثيرا .

قرب الرابعه عصرا ، عاد القصف المدفعي المعادي مرة اخري ، وطال القصف الطريق والجبال وحواف الجبال ، فتحصن الرجال اكثر تحت الصخور ، وبخبرة الرجل المقاتل احس احمد بان هناك من يوجه القصف المدفعي فوق رؤسهم ، فليس القصف هذا مثل قصف الصباح العشوائي .

اخرج احمد رأسه من خلف الصخور غير عابئ بالقصف المدفعي فوقه ، ودار بنظارته المعظمه باحثا عمن يكون يراقبهم عن قرب ويصحح نيران المدفعيه .

الوقت ليس في صالحه الان ، فالنيران اصبحت قريبه جدا من مكانهم ، واحتمال استشهادهم جميعا اصبح قريبا ، وبعد ثوان رصد ما يشبه ايريال اللاسلكي خلف السيارة الجيب المحترقه والتي ظلت تسير حتي وصلت لحافه الجبل علي مسافه كيلو متر شرقهم ، وعلي الفور أمر احمد اثنان من جنوده بالتحرك في حركه التفاف سريعه من خلف الجبل والتخلص ممن يتحصن خلف تلك السيارة المحترقه وفي نفس الوقت استطلاع الموقف حولهم .

وفي نفس الوقت أمر جندي اللاسلكي منتصر والذي كان ذراعه ينزف من جراء شظيه قنبله ، بأن يتصل بالقياده ويطلب دعم جوي او مدفعي ضد قوات العدو المدفعيه لستر انسحابهم مع اخر ضوء ، وشدد احمد علي تشفير الرساله .

تحرك الجنديين ومنتصر يلقي بأشارته وسط اصوات القنابل والانفجارات المتواليه ، وبعد قليل كان الجنديين خلف الجبل في الارض المفتوحه ، فزحفوا قليلا وصعدوا صخورا ونزلوا منها وسط الشظايا المتطايرة من كل جانب ، حتي وصلوا خلف السيارة المحترقه ، والتي تمركز خلفها ضابط وجندي ومعهم جهاز ارسال يصححون نيران المدفعيه ، وبلا تردد انقض الجنديين علي الضابط ومساعده ، وبواسطه الخناجر قتلوهم واستولي علي اسلحتهم وجهاز الارسال وعادوا غانيمين الي احمد وسط طلقات المدفعيه المتواصله ، اعجب احمد بجهاز الارسال الذي غنمه الجنود ، واعطي معتز الذخيرة التي غنمها الجنود لكي يستخدمها .

وامسك بجهاز الارسال الاسرائيلي وصاح فيه بالعبريه ببعض عبارات بلهجه فزعه ، وبعد ثوان وصل له الرد بالعبريه فصاح بنفس الجمل مرة اخري ، وسط ابتسامات معتز من اسلوب احمد في الحديث بالعبريه .

وبعد ثوان توقف الضرب فقام احمد وصاح بصوت عال الي طاهر علي الناحيه الاخري للتحرك بسرعه ، ورغم ان اخر ضوء مازال امامه ساعه الا ان احمد قرر المخاطرة .

وعندما سمع اسلام امر الارتداد وهو داخل الدبابه ، بدأ في اطلاق بضع قذائف من قذائف الدبابه تجاه الشرق بدون توجيه ، ثم بضع طلقات تجاه الغرب علي اتجاه الطريق ، ثم خرج من برج الدبابه والقي داخله قنبله يدويه ، انفجرت بعد ثلاث ثوان داخلها بعد ان اصبح اسلام علي مسافه امنه منها .

نزل طاهر من فوق الجبل ومعه ما تبقي من رجاله بينما بدأ احمد في الارتداد تجاه السيارات ركضا ومعه المتبقي من جنوده والمصابين أيضا، وساعد معتز احد الجنود المصابين في التحرك نزولا من فوق الجبل .

وقرب السيارات بدأت المجموعه في التجمع مرة اخري بعد ان وصل عددهم الي تسعه جنود و3 ضباط فقط ، اخرج احمد احدي السيارات وقام بملئ خزانها ، وربط مقود القياده جيدا ثم ادارها واطلقها بمفردها في اتجاه الغرب ، لكي تضلل اثارها مفتقي الاثار الاسرائيليين وللتمويه علي تحركه مع القوه تجاه الجنوب .

واستقل معتز بجوار احمد ومن خلفهم منتصر ومعه جهازين الارسال ، وبعد تحركهم بدقيقه واحده ، بدأ القصف المدفعي مرة اخري تجاه منطقه ارض المعركه التي تركوها وهي مليئه بجثث العدو المبعثرة وعشر شهداء من قوات الصاعقه البواسل.

دخل الليل علي الرجال وهم في الصحراء وقد ارتخت اعصابهم قليلا بعد ان احسوا بالامان قليلا تحت ستار الليل ، وتعطلت احد السيارات فتم تركها سريعا مع وضع قنبله يدويه داخل المحرك في مكان خفي لكي تنفجر فور محاوله ادارة المحرك مرة اخري واستمرت سيارتين في العوده حامله الجنود ، وبعد مسافه توقف احمد بجوار احد الواحات التي بها نخيل ، فأرسل احد الجنود لاحضار عدد من زعف النخيل والذي قاموا بتثبيته خلف السيارات لطمس الاثار

في نفس المكان قام احمد باتصال مع قيادته وافاد عن وضعه وانه سينفذ التعليمات التي صدرت له منذ فترة .

وكان المطلوب من اتصال احمد اللاسلكي في هذا المكان هو تصعيب المهمه علي القوات الاسرائيليه في افتقاء اثارهم وفي نفس الوقت تشتيت اتجاهتهم .

وبعد ساعه وصل الرجال الي داخل الممر الجبلي حيث وضعوا السيارات وتأكد احمد من عدم وجود اثار لعجلات السيارات

وبدأ الرجال في تسلق الجبل حاملين المعدات والمصابين ، وبعد ساعه اخري كان الرجال يدخلون المغارة بيتهم الامن مرة اخري ، فارتموا جميعا علي الارض طلبا للراحه وبدأ عبد الباسط في استكمال عمله في تضميد جراح المصابين .

اقترب معتز من احمد وسأله عما قاله في اللاسكي بالعبريه وكيف يتقن العبريه ، فتبسم احمد مخبرا معتز بانه تعلم العبريه واتقنها اثناء حرب الاستنزاف حيث كان يقوم بعمليات عبور منفرده والتصنت علي النقط الحصينه وذلك يحتاج الي معرفه دقيقه باللغه العبريه ، وان ما قاله في اللاسلكي ان المصريين انسحبوا وان القذائف بدأت تسقط علي الجنود الاسرائيليين ،

ورد الضابط الاسرائيلي بتأكيد الاشارة فكررت له ان المصريين انسحبوا ، ولم يكن متوقعا من تلك الاشارة اكثر من اثارة البلبله والقلق عندهم لمده اكثر من عشر دقائق من توقف القصف وهو ما حدث فعلا ، الامر بوقف الضرب وعودته مرة اخري يحتاج الي عشر دقائق الي ربع ساعه طبقا للتسلسل القيادي عندهم وهو ترك لنا فرصه للتحرك السريع .

فاثني معتز علي ذكاء وسرعه بديهه احمد في التصرف ، وسأله عما ينوي ان يفعل بعد ذلك ، فرد احمد بأنه في حاجه الي الراحه التامه لبضع ساعات بعدها يمكن ان يحدد بالضبط ، وفرد احمد جسمه علي الصخور وطلب من طاهر تأمين محيط المكان ثم اغمض عينه ونام علي الفور وقد ارتسمت علي وجهه ابتسامه رضا.

------------------------------

مر الليل علي الرجال وهم في راحه ، وحوارات جانبيه هامسه تدور حول المعركه والشهداء والبطولات ونال اسلام الثناء من طاهر علي تمكنه من اداره الدبابه وتخليصهم من الجنود المتحصنين اسفل الجبل ، وتدخل معتز في الحوارات معهم بعد ان احس انه اصبح واحدا منهم ، وبادله الجنود الاحساس بعد ان شاهدوه يطلق نيرانه في شجاعه واقدام ويحاول ان يجاريهم في تحركاتهم علي الارض بعد ان كان الانطباع الاول عنه انه عبء عليهم .

اشرقت شمس العاشر من اكتوبر علي الرجال وهم في راحه من معركه اليوم السابق الطاحنه واستغل الرجال الوقت والراحه في تنظيف اسلحتهم ، واعاده التموين من صناديق الذخائر التي تركوها سابقا ، واستعوضوا المفقود من ذخيرتهم ، وإن كان قد وضح لهم النقص في الصواريخ المضاده للدبابات والتي استخدموها بكثره في معركه امس

وبعد فترة استيقظ احمد وفتح جهاز اللاسلكي الاسرائيلي علي موجه الاستماع فقط ، وبدأ يستمع الي الاشارات الوارده من جبهه القتال الي مراكز القياده وعلت علي وجهه ابتسامه وهو يترجم لرجاله ان العدو يتكبد خسائر فادحه في القتال .

ومع اختفاء قرص الشمس بدأ الرجال في تناول طعام الافطار ، وبدأ الدم يتدفق في العروق مرة اخري ، وبدأ الجنود في الحديث بحريه اكثر وخاصه وان احمد لم يكن من القاده الذين يفرضون علي جنودهم الصمت او الكلام بمقدار معين اثناء تواجده معهم ، فتبسم من مداعبات الجنود لبعضها البعض وروحهم المعنويه العاليه .

ومع حلول الليل بدأ الرجال في تحركهم نحو موقع تمركز عبد المجيد تاركين المعسكر وبه جهاز اللاسلكي الاسرائيلي صامتا.

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech