Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

لغز الجثث الاسرائيليه المختفيه منذ حرب اكتوبر

 

المصدر :اسم الموقع: http://www.hativa14.com/

الكاتب: عاموس هرئيل

تاريخ النشر: 30-09-2015

ترجمه – زينب الهلالي –

خاص للمجموعه 73 مؤرخين ولا يجوز اعاده نشره بدون الاشاره للكاتب والمترجم والموقع كمصدر للمعلومه

بعد مرور 42 عاماً يكشف تقرير داخلي استعادة جثث طاقم دبابة في 1977 فُقِدَ في سيناء ولم تعرف الأسر عن الأمر شيئاً

مر 40 عاما منذ إعلان وفاة طاقم "ميرون التاجار" من الكتيبة 9 الذين لم يعرف مكان دفنهم. ويؤكد تقرير داخلي للجيش الإسرائيلي أنه تم دفن رفات أعضاء الطاقم الأربعة في مقبرة جماعية بينما ترفض الدولة حتى الآن فتح هذه المقبرة والتأكد بشكل نهائي من هويتهم.

        منذ 42 عاماً وفي يوم عيد الغفران من عام 1973 خلال معارك الاحتواء التي دارت حول المعاقل الممتدة على طول الضفة الغربية لقناة السويس، اختفى طاقم الدبابة التابعة لكتيبة 9 من اللواء 14 بسلاح المدرعات. وبعد مرور ستة أشهر على انتهاء الحرب، أعلن الجيش الإسرائيلي وفاة أفراد الطاقم الأربعة وعدم معرفة مكان دفنهم.

وعلى مدار 41 عاماً ظل أفراد أسرهم يتلقون نفس الرد من السلطات: "لقد اختفى الأولاد والدولة مستمرة في بذل أقصى ما في وسعها لمعرفة مصيرهم".

ولكن منذ سنة حدث تغير، فقد توصل تحقيق داخلي انتهى من إجرائه قطاع الموارد البشرية في الجيش الإسرائيلي إلى نتائج مختلفة تماماً، حيث أدت دراسة المعلومات التي تم جمعها على مدار السنوات –والبعض منها تم الحصول عليه بمساعدة مصرية- إلى استنتاج بأن رفات جثث الجنود الأربعة الذين لقوا حتفهم في الساعات الأولى من الحرب بعد ظهر السادس من أكتوبر قد تم تسليمها إلى الجيش الإسرائيلي في يوليو 1977، أي قبل الزيارة التاريخية للرئيس المصري أنور السادات للقدس بأربعة أشهر.

ويتضح من التحقيق –الذي تُنْشَر تفاصيله هنا للمرة الأولى- أن جثث الأربعة وهم نائب قائد السرية النقيب ميرون التاجار وقائد الدبابة (الذي كان يتولى شحن الذخيرة) الرقيب أول يعقوف كلر والسائق العريف حاييم موتسبي والمدفعجي العريف دان جيلات، كانت بين جثث الجنود الذين لقوا مصرعهم في المعارك التي دارت على الجبهة المصرية وتمت إعادتهم في 19 تابوت ودفنهم بدون التعرف على هويتهم في مقبرة جماعية في المقبرة العسكرية في جبل هرتسل بالقدس.

هذه النتيجة الحاسمة التي توصل إليها فريق التحقيق جاءت بعد 15 سنة من التحقيقات المتقطعة ولكنها ليست كافية حتى الآن لتحث الدولة على الموافقة على طلب الأسر بالاعتراف بتوصيف أبنائهم بأنهم جنود معروف مكان دفنهم والتخفيف قليلاً بذلك من ألم عدم معرفة مصير رفات أبنائهم خصوصاً لدى الآباء الذين ما زالوا على قيد الحياة.

ولم ينته اللقاء العاصف الذي عقد منذ أشهر قليلة بين أفراد أسرة دان جيلات وبين اللواء بالاحتياط يعقوف عميدرور المكلف من رئيس الوزراء والجهاز الأمني بالتعامل مع مفقودي الحرب على الجبهة المصرية بالتوصل إلى اتفاق، حيث قال عميدرور لإخوة العريف جيلات: "أنتم تشعرون بالألم ولكنني أنا من يتحمل المسئولية وهذه المسئولية متعلقة بالمعضلة الرئيسية المتمثلة في الخطوة المطلوب اتخاذها للتحقق من هويتهم ألا وهي فتح القبور وإجراء فحوصات الحمض النووي. هذا من شأنه أن يحسم الأمر ولكن من الناحية الدينية فإن هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى تدنيس القبور". وبصفته شخص متدين فإن عميدرور يرى أنه يتحمل واجب أكبر في التعامل بحرص في مثل هذه الأمور لأنه سيحاسب في أحد الأيام أمام خالقه، وطالما لم يُحَدَّد بعد أن هناك تأكد كافٍ من إعادة الجثث لإسرائيل، فإنه ليس بوسعه الأخذ بنتائج التحقيق والتوصية بتغيير توصيف الجنود.

منذ أكتوبر 1974 –أي بعد مرور عام على الحرب- وحتى عام 1987، أعاد المصريون جثث ورفات جنود إسرائيليين في 20 مناسبة مختلفة. وإجمالاً تمت إعادة حوالي 200 تابوت تم التعرف على 147 منهم، أما الرفات التي لم يتم التعرف عليها فدُفنت في جبل هرتسل في منطقة الدفن الخاصة بمفقودي حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر 1973) وحالياً فإن الجيش الإسرائيلي حدد عدد 18 مفقوداً من الجبهة المصرية في حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر 1973) وكلهم يوصفون بأنهم جنود سقطوا في الحرب ولم يُعْرَف مكان دفنهم.

مر أكثر من 20 عاماً منذ انتهاء الحرب وحتى بداية تحقيق الجيش الإسرائيلي بشكل أكثر تعمقاً لمعرفة مصير الجنود الأربعة، وفقط في عام 1997 عاد الجيش للعمل في القضية بشكل أكثر منهجية بمساعدة الباحثين المتميزين والمخلصين في وحدة رصد المفقودين. وعلى مدار الأعوام وحتى العام الماضي لم تؤدِ المعطيات إلى نتيجة قاطعة فيما يتعلق بالتساؤل حول المكان الذي دُفنت فيه جثث جنود الدبابة التي تحمل في التحقيقات الرسمية رمز A4. ولكن يقدم التحقيق الأخير للجيش الإسرائيلي الذي ساعد على الانتهاء من التحقيق في أكتوبر 2014، صورة أكثر وضوحاً للمرة الأولى.

يتضح من التحقيق أنه تم استدعاء السرية "ل" -التي كان النقيب التاجار نائباً لقائدها- للتقدم غرباً لدعم المعاقل في بداية الهجوم المصري وعبور القناة في يوم السبت السادس من أكتوبر في الساعة الثانية ظهراً. صعدت الطواقم على الدبابات وتوجهوا إلى منطقة القتال استجابة للأمر القتالي لعملية "برج الحمام" وانقسموا إلى أزواج من الدبابات كانت مهمتها تغطية معقل "أوركل" و"لحتسانيت" و"درورا" و"كتوفا"، وقاد النقيب التاجار الدبابتين إلى موقع التغطية لمعسكر كتوفا وهو الموقع الجنوبي في القطاع.

وتحركت الدباباتان بقيادة قائد السرية النقيب أوري هكمان باتجاه لحتسانيت ولكنها تعرضت لإصابة من كمين نصبته قوة من قوات الصاعقة المصرية وقُتل أفرادهما ( تفاصيل الكمين بموقع المجموعه 73 مؤرخين – تحت عنوان معركه الكيلو 19 ) .

أما فريق التاجار الذي كان يشمل دبابته ودبابة أخرى بقيادة يوسي بيليد (وهو لا صلة له باللواء احتياط يوسي بيليد الذي كان يشغل منصب قائد لواء في الحرب) فقد وصل إلى موقع كتوفا. وعندما سمع التاجار في جهاز الاتصال أنباء المعارك الدائرة شمالاً قرر المسارعة لإنقاذ زملائه وتحركت الدباباتان في اتجاه الشمال على امتداد محور القناة بين كتوفا ودرورا. وفي منطقة الكيلو 32 (يتم قياس الكيلومترات من شمال القناة في اتجاه الجنوب) وقعوا في شراك كمين نصبته قوى أخرى من قوات الصاعقة التي عبرت القناة في قارب مطاطي.

اقتحمت الكمين دبابة التاجار التي تحركت أولاً وأصيبت الدبابة الثانية بقيادة بيليد مما أدى إلى مصرع اثنين من أفراد الطاقم الأربعة وهما أبا تسفيون ودافيد حداد أما الاثنين الآخرين وهما يوسي بيليد وميخائيل دفاش فقد أسرهم المصريون وتمت إعادتهما في إطار تبادل الأسرى بعد الحرب. وواصلت دبابة التاجار التقدم في اتجاه الشمال ووفقاً لشاهد عيان فقد مرت بموقع درورا، ولكن في الكيلو21 بين درورا ولحتسانيت تعرضت الدبابة لكمين نصبه أفراد سلاح المشاة المصري. وكان الكمين مكون من قوتين، حيث تمركز الجنود المصريون في اتجاه الشمال (أمام الدبابة المتقدمة) وفي اتجاه الشمال الغربي (يسار المحور).

يمكننا رؤية خط سير الدبابة على التراب والوحل في الصور التي التقطت جواً خلال الحرب، ويمكننا روية أن الدبابة ابتعدت عن الطريق وبدأت في التحرك شمالاً في الرمال أمام الطريق وبعد ذلك عندما تعرضت للنيران الأمامية بدأت في الانسحاب إلى الخلف عبر الدوران إلى الشرق في اتجاه الأرض الموحلة على جانب الطريق ويبدو أن الطاقم أراد الدوران بعد أن أدرك أنه لن يستطيع اقتحام الكمين بالاندفاع إلى الأمام.

وفي مرحلة معينة زحفت مقدمة الدبابة نتيجة الغرز في الوحل وعندما أرادوا العودة إلى المحور –على ما يبدو للعودة إلى الجنوب- جنحت الدبابة إلى اليمين في اتجاه الكمين المصري، وعندئذ غادر الطاقم الدبابة. وفي شهادة أدلى بها يوفال نريا الذي شغل منصب نائب قائد السرية "م" في نفس الكتيبة (والحاصل على وسام البطولة لأدائه في الحرب)، قال إنه في حوالي الساعة السادسة مساءً سمع في جهاز الاتصال استغاثة من التاجار تفيد بإصابته. وهناك تقارير مشابهة لم يتم تسجيلها في دفتر يوميات العمليات ولكن هذه لم تكن ظاهرة نادرة نظراً لشدة القتال الذي دار في هذا الوقت ونظراً لشدة التخبط بين القوات.

ولا نملك سوى تخيل ما حدث بعد إصابة الدبابة ومغادرتها، حيث يتوقع فريق وحدة رصد المفقودين -الذي اعتمد على حادثة أخرى وقعت في نفس القطاع- أنه عندما أرادت الدبابة العودة إلى المحور للعودة في اتجاه الجنوب، تقدم جنود الكمين المصري صوب الدبابة وأغلقوا المجال مما أدى إلى مصرع الأربعة بعد تعرضهم لإطلاق النيران من مسافة قريبة. ووفقاً لشهادات ضباط مصريين شاركوا في المعارك، فإن القوات اعتادت على دفن القتلى من جنود العدو على بعد عشرات الأمتار من دباباتهم.

ولاحقاً أظهر البحث الأخير الذي أجراه الجيش الإسرائيلي أنه كانت هناك وحدة مصرية تعمل في المنطقة التي وقعت فيها الحادثة ولم يعرف عنها الجيش الإسرائيلي شيئاً في هذا الوقت. واحتلت إحدى كتائب هذه الوحدة معقل لحتسانيت في الكيلو 19 ونصبت رأس جسر وأعدت كمينين شرقي القناة بين الكيلو 17 والكيلو 21.5 لمنع إمدادات الجيش الإسرائيلي لدعم المعاقل وكان الكمين الجنوبي هو الذي أصاب دبابة التاجار.

عُثر على دبابة التاجار سليمة بعد الحرب فيما عدا إصابة نتيجة زحفها. ورغم أن القطاع الشمالي من القناة ظل تحت سيطرة المصريين أثناء وقف إطلاق النار (واعترفت إسرائيل رسمياً بنقل السيطرة عليه للمصريين في التسويات المرحلية في 1974)، إلا أن الجيش الإسرائيلي لم يكن يستطيع إجراء عمليات تمشيط في هذه المنطقة بدون تنسيق مع المصريين وبدون إشراف منهم.

أُجْري أول بحث لمعرفة مكان دفن جثث أفراد طاقم دبابة التاجار أثناء مباحثات التسوية المرحلية مع المصريين في مايو 1974. ومشَّطت طواقم إسرائيلية كانت مكونة في الأساس من أفراد من سلاح الطيران، منطقة القناة بالاشتراك مع طواقم مصرية ووجدوا في المكان الذي دارت فيه معارك السرية، دبابتين من طراز باتون الأولى كانت تحمل الرقم ص-109095 وهي دبابة التاجار وبجوارها دبابة أخرى أصيبت في نفس الكمين في اليوم التالي ولكن نجح أفرادها في الهروب. عُثر على دبابة التاجار سليمة ولكن لم يعثر بداخلها على شىء وعلى بعد حوالي 200 متر منها عُثر على حقيبة إسعافات وبها شهادة عسكرية مختومة بيد النقيب التاجار، ولكن في هذا الوقت لم يتم إجراء بحث موسع في المنطقة التي كانت توجد بها الدبابة.

وفي السنوات التي أعقبت زيارة الوفد، تغيرت معالم المنطقة تماماً نظراً لأعمال موسعة بدأها المصريون لتوسعة قناة السويس، حيث تم نقل الطريق الذي أصيبت بالقرب منه الدبابة على الضفة الشرقية، إلى الشرق وتم تفكيك معاقل الجيش الإسرائيلي، كما أُغرقت مناطق واسعة من بينها تلك التي أصيبت فيها الدبابة وصارت مناطق موحلة مما زاد من صعوبة إجراء المزيد من الحفر فيها. ووفقاً لتحليل المخابرات الحربية بالجيش الإسرائيلي بناءً على الصور الجوية، فإنه تم إجراء أعمال توسعة أيضاً في القطاع الذي أصيبت فيه دبابة التاجار ولكنها كانت نفس العمليات التي ساعدت في معرفة مكان الجثث.

 ولكن قبل ذلك أيضاً ومن تحقيق وحدة رصد المفقودين، يتضح أن الجيش المصري تلقى توجيهات صريحة بالمساعدة في جمع جثث جنود الجيش الإسرائيلي من المعاقل وما أحاط بها ووضعها في مقابر مؤقتة وإعادتها بعد ذلك لإسرائيل وتم الالتزام بصرامة بتنفيذ هذه التوجيهات. ووفقاً للاستنتاجات التي توصل لها أفراد وحدة رصد المفقودين، فإن الكمين الجنوبي لكتيبة المشاه المصرية قد دفن الجنود الإسرائيليين الأربعة على بعد حوالي 50 متر من دبابتهم.

وتوصلوا لاستنتاج يفيد بأنه قبيل نقل رفات 19 جندي في يوليو 1977، فإن كل الظروف كانت مواتية لرصد طاقم الدبابة والكشف عن رفاتهم. وفي نفس الوقت نشرت وسائل الإعلام المصرية بياناً لمصدر عسكري رسمي يفيد بأنه "خلال الأعمال الجارية لتوسعة قناة السويس في الجانب الشرقي منها، عُثر على جثث 19 جندي إسرائيلي دفنوا خلال الحرب". وبعد مرور أيام معدودة من اكتشاف مكان الجثث ونشر البيان الرسمي في الإعلام المصري، نُقل 19 تابوتاً يحووا رفات الجنود الإسرائيليين. وفي البيان الذي ألحقه المصريون بالتوابيت، ذُكر بالتفصيل الأماكن التي عُثر فيها على الرفات، حيث عُثر على 8 جثث في القطاع الواقع بين الكيلو 20 والكيلو 28 وهي المنطقة التي تشمل القطاع الذي أصيبت فيه دبابة التاجار.

ووفقاً لهذه البيانات، فإن فريق التحقيق وصل إلى استنتاج قاطع بأنه يمكن التأكيد بأن المصريين قد عثروا في يوليو 1977 على رفات الجنود الأربعة. وهذا الاستنتاج يعتمد أيضاً على شهادات جديدة نسبياً تم جمعها من ضباط وجنود مصريين خدموا في هذه المنطقة أثناء الحرب ويعتمد على تحليل الصور الجوية من نفس الفترة والتطابق بين مكان العثور على الجثث والبيانات الرسمية المصرية سواء الإعلامية أو التفاصيل التي تم إبلاغ إسرائيل بها عند إعادة التوابيت.

وبناءً على ذلك، أوصى التقرير الذي أعده طاقم التحقيق مسئولي الجيش بتأكيد إعادة رفات الجنود الأربعة الذين عثر عليهم المصريون في منطقة القتال التي قتلوا فيها في الكيلو 21.5 وتسليمهم للجيش الإسرائيلي في يوليو 1977 ودفنهم في المقبرة الجماعية المخصصة لمفقودي حرب أكتوبر في جبل هرتسل.

وبعد مرور 42 عاماً، تمثل قضية دبابة التاجار تذكاراً لعمق المأساة الناجمة عن هذه الحرب. ويعكس الأسلوب المقتضب لهذا التقرير المفصل صورة مفزعة. لقد مرت سنوات كثيرة وفي كل يوم الخامس من مارس –الموافق ذكرى وفاة النبي موسى وفقاً للتراث- تأتي أسر أفراد طاقم الدبابة الأربعة للمشاركة في إحياء ذكرى جنود الجيش الإسرائيلي المجهول مكان دفنهم. ولكن على مدار أغلب هذه الفترة الممتدة منذ يوليو 1977 وما بعد ذلك، كان هناك احتمال كبير أن جثث أبنائهم الأربعة مدفونة على مقربة في المقبرة الجماعية في جبل هرتسل بدون أن يتم إجراء تحقيقات تتيح التعرف عليهم وبدون أن تمتلك الأجهزة العسكرية كافة التفاصيل وبالتالي بدون أن تعلم الأسر أن هذا أمر محتمل.

في يونيو من عام 2014 وبعد مناشدات متكررة من أفراد أسرة جيلات، تم عقد لقاء بينهم وبين أفراد وحدة رصد المفقودين برئاسة قائد الوحدة في تلك الأثناء العقيد جابي المشعلي وكانت أول مرة يعلموا بأمر الاستنتاج الذي توصل إليه التحقيق والذي قلب الوضع الذي اعتادوا عليه حتى تلك اللحظة. ففي أكتوبر من العام السابق انتهى عمل فريق التحقيق ولكن في شهر مايو الماضي عقد لقاء بين عميدرور وأفراد قسم المصابين في قطاع الموارد البشرية وأفراد وحدة رصد المفقودين الذين تولوا بحث هذا الملف وبين أفراد الأسرة وتم عرض نتائج التحقيق للمرة الأولى على أسرة جيلات. ولم يكن حتى هذا الوقت أجري لقاء بين بقية الأسر وبين ممثلي الجيش الإسرائيلي.

وفي اللقاء أثنى عميدرور على عمل المحققين وقال إنهم نجحوا في استعادة تفاصيل الحادث بشكل يتيح معرفة شبه أكيدة أن الجنود الأربعة قد قتلوا في نفس الوقت والمكان الذي توقفت فيه دبابتهم ودفنوا على بعد عشرات الأمتار منها. ولكنه قال إنه مازال يشك في مسألة إعادة الجثث فعلاً لإسرائيل. ويُرجع هذا الشك إلى تقرير وحدة التعرف على القتلى التابعة للحاخامية العسكرية والطب الشرعي الصادر منذ عام 1977 الذين قارنوا بيانات التوابيت ال19 التي تم استلامها مع قائمة المفقودين ولم يجدوا تطابقاً مع جنود طاقم التاجار، حيث أكدت الحاخامية حينئذ أنه لا يمكن إيجاد صلة بين الرفات وبين أفراد معينين بشكل أكيد وفقاً لمعاييرها.

ولكن في 1977 عندما لم تجد الحاخامية تطابقاً بين الجثث وبين بيانات الجنود المفقودين كان هذا بعد إجراء فحوصات وفقاً لما امتلكته من إمكانيات في تلك الفترة ولم تكن تشمل –بطبيعة الحال- فحوصات الحمض النووي، ولهذا كان من الصعب للغاية التعرف على القتلى.

وحاول عميدرور وصف مستوى مصداقية النتائج التي توصل لها المحققون بشأن إعادة الجثث مستخدماً مصطلحات حسابية وقدَّرَها بنسبة 93% ولكنه أعرب عن اعتقاده بأن تقارير الحاخامية تقلل تلك النسبة لتجعلها تتراوح بين 57% و90%. ولهذا قرر أنه يجب إضافة كلمة "على ما يبدو" إلى الاستنتاجات الأكيدة التي توصل إليها فريق وحدة رصد المفقودين. ونبهه أفراد أسرة جيلات أن أسلوب العمل الذي اتبعته الحاخامية في 1977 كان معتمداً على أساليب قديمة بالمقارنة بأساليب تحديد الهوية المستخدمة حالياً ولهذا، لا يمكن الاعتماد على تقريرها واختلف معهم عميدرور فتحول اللقاء إلى لقاء عاصف.

ووجه دافيد جيلات –أحد إخوة دان- سؤالا للواء بالاحتياط إذا ما كانت هناك احتمالية لوجود اعتبارات عسكرية وراء رفضه تبني استنتاجات وحدة رصد المفقودين ولكن عميدرور نفى هذا الأمر وأضاف: "لقد تطوعت لهذه المهمة بطلب من رئيس الوزراء وليست لدي أي اعتبارات أخرى".

وعندما هدأ الجميع قليلاً أوضح عميدرور موقفه وقال للأسر إن هناك شعور بالأسى ولكنه يتحمل المسئولية ومن واجبه التأكد. ومن بين الاعتبارات التي وضعها نصب عينيه كان المبرر الديني فبصفته شخص متدين أوضح أن عليهأن يفكر في اليوم الذي سيقف فيه أمام بارئه ويتحدث عن أعماله. وفيما يتعلق بطلبهم فتح المقبرة الجماعية في جبل هرتسل لفحص الرفات مجدداً، قال إن هذا الأمر يمكن أن يسىء لحرمة الموتى من المقاتلين الآخرين المدفونين هناك. وعلى حد قوله فإن الوضع الحالي لا يشكل معضلة من ناحية الشريعة لأنه إذا كان الأربعة مدفونين في المقبرة فإنهم بذلك موجودين في قبر إسرائيل ومن هذا المنطلق لن يشكل فارقاً وجود أو عدم وجود شاهد للقبر.

وفي نهاية اللقاء تم الاتفاق على إتاحة الفرصة للأسر للاطلاع على التقرير الصادر في أكتوبر 2014 وعقد لقاء آخر بعد مرور شهر، ولكن هذا اللقاء لم يُعْقَد حتى اليوم ولم يتم الرد على طلبات أسرة جيلات بعقد اللقاء. وفي لقاء عُقِدَ في شهر مايو، اتضح أيضاً أن مستوى توثيق عمل الحاخامية العسكرية في 1977 بشأن إعادة التوابيت من مصر كان منخفضاً للغاية، وقيل لأفراد أسرة جيلات في اللقاء أنه لا يمكن معرفة مكان دفن الرفات ووعد المسئولون في الجيش الإسرائيلي بالتحقيق في الأمر ولكنهم حتى اليوم لم يبلغوا الأسرة بنتائج ما توصلوا إليه.

كان دافيد جيلات المحامي أخو العريف دان جيلات الصغير يبلغ من العمر 13 عاماً حين نشبت الحرب. قال دافيد لهاآرتس: "هناك سؤال أخلاقي هو وفق أي معيار نتصرف؟ هناك أسر وهناك دولة ذات ميثاق بعدم ترك الجنود في ساحة القتال. لقد بذلت أربع أسر الغالي لديهن لحماية الدولة ونحن نريد أن نعرف حقيقة مصير أعزائنا. من وجهة النظر الأخلاقية لدينا، فإنه لا يوجد ما يستدعي إجراء فحص الحمض النووي الدقيق لكي يلتزم الجيش الإسرائيلي بواجبه الأخلاقي تجاه جنوده".

ومن ناحية أخرى قال جيلات: "ولكن يتضح أن هناك تعارض مع الدين، نحن ندرك أنه من الناحية الدينية لن يفكر أحد في فتح المقبرة الجماعية وإجراء فحوصات جديدة لتحديد الهوية لمعرفة لمن تنسب هذه الرفات لأن هذا يعتبر تدنيس لرفات الجنود، ولا يمكنني القول أن معياري العلماني أرقى من المعيار الديني الذي تحدث بالنيابة عنه عميدرور، ورغم هذا فإنه على الجيش تحديد المعيار الذي يعمل وفقاً له". وفي نفس الوقت فإن "الجيش يفضل عدم البوح بشىء وتركنا في حالة مستمرة من عدم التأكد لأشهر طويلة منذ انتهاء التقرير. إننا نريد أن يوضح الجيش موقفه في هذا الشأن للأسر فلا يوجد مبرر لمواصلة انتظار القرار فقد مر عام منذ انتهاء التحقيق الذي أجراه الجيش الإسرائيلي. يجب على الجيش أن يتخذ موقفاً تجاه احترام الجنود وتجاه الأسر فإنه من غير الصواب أن نضطر إلى دفع الجيش من أجل اتخاذ موقف. إذا وصل الجيش إلى استنتاج رسمي بأن الجثث مدفونة في المقبرة الجماعية في جبل هرتسل، فليعلنوا إذن أن الأربعة قد لقوا مصرعهم ولم يعد مكان دفنهم مجهول، وإذا كان هناك تقرير رسمي من الجيش الإسرائيلي يقول العكس فإننا لا نطلب فتح المقبرة الجماعية ولكن عليه تحديد موقفه لأن المحققون أوصوا بأنهم مدفونين هناك ويجب وضع نصب تذكاري والأسر مستعدة لقبول هذا الحل".

أما جيلا يانيف الأخت الوحيدة للرقيب أول يعقوف كلر -وهي أصغر من أخيها بثمانية أعوام- فقالت: "كنا أطفالاً في ذلك الوقت واستغرقنا وقتاً طويلاً لندرك أن الأمور لا تجري كما ينبغي وأنه لم يتم التحقيق بشكل دقيق وأنهم على مدار سنوات لم يذهبوا إلى الموقع للتحقيق رغم أن الدبابة كانت لا تزال في مكان الحادثة. أما عملية التمشيط الوحيدة التي أجريت كانت سطحية وتمت خلال الليل ولم ينجحوا في العثور على الجثث. لقد تميزت الدولة بعجزها على مدار سنين طويلة". وأضافت يانيف أن :"أي نقاش في هذا الشأن يثير مشاعري من جديد. فإذا كان هناك نسبة تأكيد أعلى من 90% كما يقول محققو وحدة رصد المفقودين، فإن هذا يعني أن الوقت قد حان لإغلاق ملف هذه القصة وأن نعرف أن يعقوف لم يُترك في المكان وأنه مدفون في مكان معروف وأن يضعوا نصباً على قبره حينئذ يمكنني أن أهدأ".

أما روزي جوفر التي كانت تبلغ من العمر 9 سنوات عندما قُتل أخوها العريف حاييم موتسبي في الحرب فتقول: "إن نتائج تقرير وحدة رصد المفقودين مثيرة للغضب الشديد، فأنا لا أفهم كيف لم يتوصلوا إليها سوى الآن؟ إذا كانوا صادقين فهذا يعني أن حل اللغز كان موجوداً دائماً أمامنا، فأين كان الجيش إذن طوال تلك السنوات؟ كيف يُتفق أن تنقل رفات الجثث ولا يتم فحص هويتها حتى النهاية؟" وأضافت أنها عندما كانت طفلة اخترعت قصة بأن أخيها نجا من الحرب وعاش في مصر وربما أسس أسرة هناك. وتقول: "هذه كانت القصة التي حافَظَتْ علي. ولكن على المستوى الشعوري وبعد مرور 42 عاماً، فأنا أفضل عدم فتح القضية ولكن من ناحية أخرى لم أكن أريد أن يغلقوها الآن بمجرد وثيقة وتكهنات بدون توضيح نهائي. الأمر بأكمله يثير شكوكي بأن هناك من يغطي خطأ المنظومة بسبب أخطاء الماضي".

ورداً على طلب جريدة هاآرتس، صرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن "تقرير التحقيق الخاص بقضية دبابة التاجار يخضع لدراسة اللواء بالاحتياط يعقوف عميدرور الذي يرأس لجنة فحص مفقودي مصر من حرب يوم الغفران (السادس من أكتوبر) وهو يقوم بهذا العمل متطوعاً. وبعد أن عُرض عليه التقرير، طلب إجراء عدد من التحقيقات المتممة لمنع أي شكوك تجاه نتائج التحقيق. وبانتهاء التحقيقات سيتم عرض ختام التقرير والتوصيات على رئيس قطاع الموارد البشرية بقيادة الأركان للتصديق عليه. "

اسم الموقع: http://www.hativa14.com/

الكاتب: عاموس هرئيل

تاريخ النشر: 30-09-2015

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech