Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

الفريق والرئيس / تطوير الهجوم وثغرة الدفرسوار

الفريق والرئيس / تطوير الهجوم وثغرة الدفرسوار

 

 

بقلم: عمرو صلاح

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب فقط

=====================

تعتبر معارك ثغرة الدفرسوار من أكثر النقاط اثارة للجدل في التاريخ العسكري المصري المعاصر للدرجة التي جعلت هذه النقطة تسرق انتباه القارئ المصري والعربي عن الانجاز الاستراتيجي التاريخي الذي حققه الجيش المصري في حرب اكتوبر 1973 ..... بل الامور ذهبت الي اسوء من هذا وتم التعامل مع قصة الدفرسوار وما احاطها من خلاف بين رئيس الاركان الفريق سعد الشاذلي وبين الرئيس السادات كما لو كانت خطيئة شنيعة يجب اخفائها جيداً وعدم الحديث عنها.

تتساءل المؤسسات الرسمية في مصر عن السبب الذي يدفع البعض "بحسن نية" والبعض الاخر "بسوء نية" في اختزال حرب اكتوبر في قصة الثغرة وما يترتب عليها من اتهامات بالتقصير والخيانة.. بينما تغفل الجهات الرسمية انها وحدها المسئولة عن هذا اللغط الكبير بكتمانها لتفاصيل ما حدث.... وقد تعودنا في عالمنا العربي ان الكتمان لا يحيط الا بمواضع الشبهة ......وزاد الطين بلة بالخلاف الشهير بين الفريق الشاذلي والسادات ...فزاد الكتمان......فزاد شغف رجل الشارع العادي في متابعة القصة.. واصبحت ذكري حرب اكتوبر بمرور الوقت هي ذكري للاتي: -

- التشكيك في دور القوات الجوية (نكاية في مبارك)

- اختزال حرب اكتوبر في قصة ثغرة الدفرسوار ..... ثم يأتي المغرضين والمتنطعين ليقولوا الجملة شديدة السخافة (احنا انتصرنا في اول 3 ايام بس من الحرب...بعد كدة اسرائيل ضربتنا)

- التعرض للسادات بقصص وهمية من انه اتفق مع اليهود لأحداث الثغرة لا رضاء الامريكان (وهو قول شديد التفاهة) .... لأن اتخاذ القرار بشن الحرب على عدو بهذا التوحش هو امر بطولي ...وعلى حد تعبير محمد حسنين هيكل "" ان السادات لو لم يتخذ في حياته اي قرار سليم سوي قرار الحرب فأنه يكفيه...لقد حقق ما لم يحققه عبد الناصر.

- اتهام السادات بأنه منع الشاذلي من غلق الثغرة

وبالتالي ساهمنا بمنتهي البلاهة في تحويل أعظم عمل حققه العرب في تاريخهم الحديث الي موسم سنوي للدفاع عن النفس او محاربة بعضنا البعض سعياً وراء ترهات..... واكرر ان السبب الرئيسي في شيوع هذه الحالة هو الكتمان الشديد وعدم رغبتنا (اقصد الجهات الرسمية) في المصارحة وكشف تفاصيل ما حدث لغلق الباب على الجميع ولأبطال حجة كل من قرأ مقال على الفيس بوك فسولت له نفسه ان أحد أعظم المحللين العسكريين في العالم.

ما سبق كان الدافع الرئيسي للحديث عن الموضوع الذي طالما استفزني بسبب كثرة اللغط حوله..... ثغرة الدفرسوار والخلاف بين الشاذلي والسادات.

:::::::::::::::::::::::

تنويه في البداية

=========

دعنا نتفق في البداية على بعض المسلمات حتى نحقق الاستفادة القصوى من المقال

- يجب ان نتجرد مسبقاً من اي مشاعر حب او كره تجاه اي من الشخصيات موضوع المقال...ويجب ان نتعامل مع جميع الشخصيات على انهم بشر يصيبهم ضعف انساني في احيان كثيرة سواء في سوء التقدير او الطمع الشخصي او التعصب للرأي او المغالاة في الاعتداد بالنفس.. لكن كل هذه الاخطاء لا تنفي عنهم جميعاً دورهم البطولي في حرب اكتوبر.

- كلنا يحب الوطن ...لكن من وجهة نظره.... فأن لم توافقه في وجهة نظره...لا تتهمه بالخيانة.

- مقالات الفيس بوك مجهولة المصدر لا يمكن اعتبارها مستند اثبات او نفي...وكذلك الحال بالنسبة للثقافة السماعية.

- المذكرات الشخصية لأطراف الخلاف لا يعتذب ما جاء فيها لحسم الجدل...كما ان مذكرات الرئيس السادات " البحث عن الذات" لا يمكن الاخذ بها كوثيقة تاريخية ...بل هي لسان حال الرئيس السادات.

- لك مطلق الحرية في دحض اى معلومة من معلومات هذا المقال طالما يدعم معلوماتك مصدر موثوق.

:::::::::::::::::::::::::::::::::

بسم الله

ميزان القوة

=======

ليس سراً ان ميزان القوة قبل واثناء حرب اكتوبر كان يميل بضراوة لصالح اسرائيل في كل شيء عدا القوة البحرية....

ميل ميزان القوة لم يكن فقط في التفوق النوعي للجيش الاسرائيلي ...بل التفوق الكمي ايضاً...فلا تنسي ان امريكا تتكفل بتسليح اسرائيل بما يتفوق على الجيوش العربية مجتمعة...وبالتالي كان من الطبيعي ان يميل ميزان القوة العسكرية لصالح اسرائيل خصوصاً وهي تعتمد على استراتيجية تصفية الجبهات العربية الواحدة تلو الأخرى.

- في السلاح الجوي

كان العمود الفقري للطيران المصري والسوري هو طائرات ميج 21 السوفيتية ذات المدي القصير والحمولة التسليحية الضعيفة... (بعض طرازات ميج-21 كان تسليحها صاروخين جو-جو و250 طلقة) ...على الناحية المقابلة كانت اسرائيل تمتلك طائرات الفانتوم بقدرتها على التحليق لأربع ساعات كاملة – 600 طلقة- 8 صواريخ او ما يعادلهم من قنابل...بخلاف طرازات الميراج وسكاي هوك......

- في المدرعات

كان تسليح الجيوش العربية من دبابات تي 55 وتي 54 وفي أفضل الحالات تي 62 ..... اسرائيل كانت مسلحة بدبابات باتون M48 او M60 او سنتور يون وكلها دبابات تتفوق في المدي النيران وقوة المدفع على الدبابات السوفيتية بخلاف المزايا التقنية من حيث زاوية ميل مدفع الدبابة والقدرة على تحديد مدي الهدف وغيرها من المزايا..

وقد كان معروفاً تفوق السلاح الامريكي على السلاح السوفيتي عموماً...لكن ازدادت مصاعب العرب بتردد القيادة السوفيتية التي امتنعت طول الوقت عن امداد العرب بأي سلاح متطور او اي سلاح هجومي.... ليه؟؟؟؟

كانت حجتهم انهم كانوا يخشون من استغلال العرب لأي سلاح هجومي في ايديهم للقيام بعمل عسكري ينتهي الي وقوع هذه الاسلحة المتطورة غنيمة في يد القوات الاسرائيلية التي ستنقله بدورها للأمريكيين...و من وجهة نظري يمكن تفهم هذا السبب لأن الجيش المصري قبل يونيو 1967 كان يمتلك ترسانة مهولة من الطائرات و الدبابات لدرجة ان القيادة السياسية و العسكرية الاسرائيلية كانت علي اعصابها اثناء توجيه ضربة الطيران لمصر و لم يتنفسوا الصعداء الا بورود بلاغ بتدمير القاذفات المصرية بعيدة المدي و هذا يعكس نوعية السلاح الذي امتلكته مصر وقتها ...

و في تقديرات الاسرائيليين ان الجيش المصري قبل يونيو 1967 كان من المقرر له ان استمر علي نفس معدل التسليح ان يصل في سنة 1975 الي قوة عسكرية لا يمكن السيطرة عليها ...لكن مع الاسف...سوء الادارة العسكرية و حالة الترهل العام في صفوف هذه القوات وصلت بنا في يونيو 1967 الي وقوع عدد كبير من الدبابات و قطع المدفعية الثقيلة غنيمة في يد الاسرائيليين.

. كما انهم كانوا يتجنبون التصعيد ضد الامريكيين...بمعني انهم كانوا يخشون امداد العرب بتكنولوجيا متطورة تستفز الامريكيين الداعم الرئيسي لأسرائي (وهذه نقطة يصعب فهمها او ايجاد اي مبرر لها...فأن كان الاتحاد السوفيتي يعتبر نفسه قوة عظمي فعليه التصرف كقوة عظمي) ...

وفوق هذا وذاك فقد كان العسكريين السوفييت دائماً يلقون اللوم على المقاتل المصري اما بحجة انه غير قادر علي استيعاب السلاح السوفيتي المتطور...لدرجة انه عندما تكررت شكوى الجانب السوفيتي من الطيارين المصريين بأنهم لا يجيدون استخدام مقاتلات اللميج 21

طلب عبد الناصر طائرات بطيارين سوفييت للدفاع عن العمق المصري.... فلما اسقطت اسرائيل خمس طائرات بطواقمها السوفيتية ابتهج عبد الناصر لأنه اخيراً أقنعهم بأن العيب في طائراتهم وليس في الطيارين المصريين وبالفعل أرسل السوفييت طرازات أحدث ............

كذلك اتهم العسكريين السوفييت المصريين بعدم امتلاكهم الرغبة في القتال وخير دليل علي هذا كلام الجنرال جريتشكو للفريق محمد صادق وزير الدفاع المصري الاسبق حين قال

"" لتنفيذ اي عمل عسكري يلزمكم 3 اشياء 1- التسليح 2- التدريب 3- الرغبة في القتال.... أنتم تمتلكون التسليح والتدريب وعليكم ان تراجعوا ضمائركم في الثالثة""

لكن لم يكن للقيادة المصرية اي حيلة في مسألة التسليح فلا يوجد امامنا غير السوفييت لأن البديل كان امريكا...وامريكا تسلح اسرائيل وتستخدم التسليح كوسيلة سياسية تؤكد بها على دعمها لإسرائيل..

شعبية عبد الناصر في الوطن العربي و العالم و موقعه كأحد قيادات منظمة عدم الانحياز كانت تسمح له بالضغط علي السوفييت و كانت تجبرهم علي الانصياع له...

و الدليل كان في زيارته السرية لموسكو التي هددهم فيها بأنه مالم تستجيب القيادة السوفيتية بصورة عاجلة لطلباته من تدعيم شبكة الدفاع الجوي المصري بصورة عاجلة فأنه سيخطب في الشعب العربي قائلاً ان الاتحاد السوفيتي لا يستطيع مساعدتهم و ان امريكا وحدها القادرة علي ذلك و حيث انه لن يستطيع التعامل مع الامريكيين , فأنه سيسلم السلطة لأحد الشخصيات التي تستطيع التعامل مع الامريكيين.....

فكان رد القيادة السوفيتية ان ينتظر في موسكو لـ 3 ايام وسيحصل على رد...فأجاب عبد الناصر ان يريد ردهم في نفس اليوم وانه لن ينتظر ال 3 ايام......

فجاءه الرد مساء نفس اليوم بالموافقة علي منحه كل اسلحة الدفاع الجوي التي يريدها.....

بمعني ان العلاقة مع نظام عبد الناصر لم تكن بالسلاسة التي يعتدها البعض لأنه لم يكن مهادناً للشيوعية بما يرضي السوفييت.... لكن على اي حال كان يعرف كيف يتعامل معهم....

فلما جاء السادات ازدادت مصاعب الجيش المصري في الحصول على السلاح...فمن ناحية لم تكن موسكو مقتنعة بأن رجل مثل السادات يمكنه اتخاذ قرار الحرب.......والاهم انهم كانوا ينظرون اليه بتشكك باعتباره يتوق للارتماء في احضان الغرب وقد تصاعدت هذه الشكوك بعدما قبض السادات علي مجموعة علي صبري وشعراوي جمعة في ازمة مايو الشهيرة.

وبالتالي تجد انه على الرغم من الدعم المهول التي تحصل عليه اسرائيل من امريكا سواء كان دعماً مادياً او سياسياً او عسكرياً...كانت مصر تعاني حتى تحصل على سلاح هو اقل في كفاءته من السلاح الامريكي الذي تحصل عليه اسرائيل ببذخ..... هذا الوضع فرض تحديات جمة على القيادة السياسية المصرية وهذا يأخذنا للنقطة التالية..

طريقة حسم الصراع مع اسرائيل من وجهة نظر ناصر والسادات..

عبد الناصر

=======

لم يكن عبد الناصر من المعتقدين انه بالإمكان القاء اسرائيل في البحر...على الاقل خلال الفترة التي يعيشها...وحتى ان تردد هذا الكلام على صفحات الجرائد او في الاذاعات قبل حرب يونيو 67 فأنه كان من قبيل الحرب النفسية...عبد الناصر كان يري انه لا يمكن لجيل واحد ان يحسم الصراع مع اسرائيل وانما هذه هي مهمة اجيال متعاقبة...بمعني ان الحسم ضد اسرائيل يأتي خطوة خطوة......ده كان قبل يونيو 1967 ..... بعد نكسة يونيو 1967 اصبحت الاوضاع أصعب وأصبح التحدي الراهن هو الخروج من الواقع الذي فرضته حرب يونيو 1967.

عبد الناصر اتصل بالملك حسين الذي كان في طريقه لواشنطن بعد هزيمة يونيو وابلغه

“وافق على اي شرط يساعدك على استعادة الاراضي التي فقدتها"

كان تفكير عبد الناصر ينصب في شقين

الشق الاول هو اعادة بناء قواته...الشق الثاني هو الطرق الديبلوماسية.

ببناء حائط الصواريخ كان عبد الناصر قد قطع شوطاً مهماً نحو دخول معركة مع اسرائيل...لكنه من الناحية الديبلوماسية اراد ان يحيد الدور الامريكي بمواربة الباب لهم ...فوافق على قبول مبادرة روجرز وقد كان هذا ضغطاً على الاتحاد السوفيتي الذي أصبح أكثر مرونة في امداد مصر بالسلاح الذي يحتاجه عبد الناصر..... كذلك قام عبد الناصر بتعيين انور السادات كنائب لرئيس الجمهورية بدلاً من علي صبري الموالي للمعسكر السوفيتي.... وقد كانت هذه خطوة في اتجاهين..... الاول هو الضغط أكثر على السوفييت

ثانياً.. التلويح للأمريكان بأن نظام عبد الناصر يستحق المراهنة على اجتذابه ولو عن طريق تخفيض الدعم لأسرائيل .....

هنا كانت نقطة تحول في تفكير عبد الناصر.... انه اراد اغراء الامريكيين بمكانية قبوله للتفاهم معهم...وبالتالي لن تقوم امريكا بالمغالاة في تزويد اسرائيل بالسلاح كعادتها حتى لا تقطع شعرة معاوية التي يمدها عبد الناصر.... وقد تتساءل.... وما الذي يجبر امريكا على الالتفات اصلاً لمناورة عبد الناصر هذه؟؟

الاجابة هي ان عبد الناصر مضي بعيداً في حرب الاستنزاف بما انزلته من خسائر في الارواح لا تتحملها اسرائيل ...و بالتالي كانت اسرائيل تريد اي حل لهذه المشكلة ...مما يدفع امريكا للتدخل لصالح اسرائيل بالتفاوض بالنيابة عنها مع عبد الناصر.....و بالفعل عرضت اسرائيل عن طريق امريكا 5 مرات علي عبد الناصر ان يعقد سلام منفصل مع اسرائيل مقابل الحصول علي سيناء كاملة و قد اكد هذه المعلومة ويليام كوانتا عضو مجلس الامن القومي الامريكي ...لكن هذا الحل لم يكن يتفق مع استراتيجية عبد الناصر بأن مصر لا يجب ان تنفصل عن محيطها العربي.....

و بالتالي اكمل سعيه من اجل دخول حرب مع اسرائيل اعتقد انها كانت في مرحلتها الاولي لن تتوقف قبل احتلال منطقة المضايق بسيناء.....ساعتها سيكون في وضع تفاوضي افضل يحصل بها علي بنود اتفاق افضل....او سيقوم بمعاودة التحرك العسكري لحين تحرير كامل الارض بالقوة المسلحة ....و اعتقد ان خوف السوفييت من خسارة مصر لصالح المعسكر الغربي كان ستساعد عبد الناصر في الحصول علي سلاح اكثر تطوراً يساعد عبد الناصر في معركته..... وتلك كانت طريقة عبد الناصر في التفاوض ان يستخدم القوة لتسهيل عمل المفاوضات و مارس ده مع الانجليز في مفاوضات الجلاء عن مصر.......

دي قراتي لتفكير عبد الناصر مما فهمته من مختلف الكتب و شهادة من عاصروه...هل كان هنجح في ده ...الله اعلم....لكن اعتقد بنسبة كبيرة جداً كان ده تفكير عبد الناصر.....و اعتقد ان ده السيناريو الوحيد اللي يتماشى مع تفكير راجل زي عبد الناصر.

السادات

=====

فيه مشكلة مع السادات...وهو أنك لن تجد مصادر كثيرة او اشخاص كثيرون يقدروا يقولوا كيف كان يفكر هذا الرجل..... لكننا سنقوم بعملية استدلال واستنباط لطريقة تفكيره من الاحداث التي شارك بها ومن تصرفاته اجمالاً.

عبد الناصر انتقل الي الرفيق الأعلى وهو بموقف صعب ..... نظامه عملياً كان قد فقد شرعيته باحتلال اسرائيل لسيناء لولا جموع الشعب التي طالبته بالعودة عن تنحيه لمنحه شرعية جديدة من اجل استعادة الارض السليبة...ساعده على ذلك رصيده لدي جموع الشعب العربي..... اما السادات فقد كان بوضع أصعب ألف مرة من عبد الناصر..... فهو رجل اعتبره الكثيرين مجهول...فهو لم يشغل اي منصب تنفيذي في عهد عبد الناصر.... لم يكن له حضور بارز عند الكثيرين...... العرب ومن قبلهم المصريين لم يجدوا فيه اي شيء يرتقي لسلفه ...... رجال نظام عبد الناصر من حوله لا يتخذوه على محمل الجد...... الاتحاد السوفيتي مصدره الوحيد للسلاح ينظر اليه بتشكك..... الامريكيين والاسرائيليين يستخفون به.....

لم يكن هناك اي بوادر سعي امريكي للاتصال به من اجل حل القضية.... كذلك لم يكن هناك اي امل في حصوله على ما يريد من سلاح من السوفييت...فبخلاف تشككهم فيه...لم يكونوا يعتقدوا ان مثله يمكنه خوض حرب وربما مالوا للاعتقاد ان ظهوره مؤقت...وبالتالي وجد السوفييت ان استمرار حالة السلالم واللاحرب تناسبهم أكثر وتحقق لهم علاقة أكثر اماناً مع الامريكيين......

هنا انتقل السوفييت من موقع الداعم للعمل العسكري المصري الي موقع الضامن لعدم قيام مصر باي عمل عسكري حتى لا يكسروا حالة السلالم واللاحب التي اتفق عليها زعماء الاتحاد السوفيتي وامريكا في قمة موسكو..... وبالتأكيد كان استمرار هذه الحالة يخدم الاستراتيجية الكبرى لأسرائي ببقاء قناة السويس كحدود دائمة لإسرائيل

سنقفز الي ما بعد ازمة مايو و مراكز القوي لنجد ان السادات عين الفريق صادق وزيراً للدفاع و عين الشاذلي رئيساً للأركان......ان كنا قولنا انه كانت هناك قنوات ديبلوماسية يتحرك فيها عبد الناصر فأنه يمكننا القول ان السادات وجد ان كل القنوات الديبلوماسية مسدودة بوجهه....و حتي عندما اقترح حصول مصر علي شريط من الضفة الشرقية للقناة مقابل اعادة القناة للملاحة لم يتجاوب معه احد.....

و بالتالي لم يكن يملك ما يطفئ به لهيب الرأي العام الداخلي المطالب بضرورة استعادة الارض.....فلا هو قادر عسكرياً بل ان حليفه يكبل خطواته....و ديبلوماسياً لا يوجد اي احد في هذا العالم يريد ان يسمعه.....

فيما يخص الجيش

كان الفريق صادق وزير الحربية يري ان مصر لا يمكن ان تدخل الحرب بغير تحقيق سيطرة جوية علي ارض المعركة او امتلاك قاذفات استراتيجية يمكنها تهديد العمق الاسرائيلي .....كذلك كان الفريق صادق يتعامل مع مسألة تحرير سيناء علي انها يجب تحريرها بعملية عسكرية واحدة.....هكذا كان اجتهاد الرجل و هو لا يعيبه ...لكنه كان تفكير غير مناسب....و غير عملي.....فليس من المنتظر في المدي القريب ان تمتلك مصر اي قاذفة استراتيجية ...ناهيك عن شبه استحالة تحقيق الطيران المصري لسيطرة علي سماء المعركة في ظل توحش الطيران الاسرائيلي و تفوقه علي سلاح الجو المصري بسنين ضوئية في التكنولوجيا.......

.هنا ظهر اقتراح الشاذلي بشن عملية محدودة بعمق من 10 ل15 كم بطول القناة و هو ما كان في امكان القوات المسلحة المصرية تحقيقه في ذلك الوقت.... رفض الفريق صادق هذا الاقتراح بداعي ان عبور القناة سيعرض القوات التي ستعبر لهجمات برية مدمرة من المدرعات الاسرائيلية قد تنتهي بتدمير القوات التي ستعبر.....

موشي ديان قال في أحد تصريحاته

""" لو عبرت القوات المصرية قناة السويس فأنهم سيجدون أنفسهم في وضع أصعب مما هم عليه الان اذ تحميهم قناة السويس""

بينما رفض الفريق صادق اقتراح الشاذلي فأن السادات قد تلقف هذا الاقتراح الذي ايده فيه قادة الافرع الرئيسية واهمهم محمد علي فهمي قائد قوات الدفاع الجوي..... قال لهم السادات " امنحوني شريط على قناة السويس ولو بعرض 1 سم وسأفعل كل شيء بالسياسة لاستعادة باقي الارض"

مع استمرار معارضة الفريق صادق، قام السادات بعزله .......عزل السادات للفريق صادق كان يعني ان تفكيره لا يتماشى مع تفكير السادات.... في حين كان هناك شبه تطابق بين ما يريده السادات وما يعد الشاذلي بتنفيذه.....

.لكن السادات قام بتعيين احمد اسماعيل وزيراً للدفاع...

وقد كان هذا التكليف يحمل في طياته معاني كثيرة جداً

طيب.. بذور المشكلة فين بقي؟

السادات جاء برجل هو يعرف مدي الحساسية بينه وبين الشاذلي وبالتالي كان الشاذلي واحمد اسماعيل كقطبي موجب وسالب واعتقد ان هذا ما اراده السادات.. اراد فرملة الشاذلي برجل مطيع لرؤسائه هو احمد اسماعيل ..... السادات كان يعرف في الشاذلي اعتداده بنفسه وجرأته واظن انه توقع ان يجادله الشاذلي او يراجعه في قراراته فأراد ان يلجمه بوزير دفاع لا يجادل القيادة السياسية..... وبالمناسبة فأن عدم مجادلة العسكريين للسياسيين هي الاساس وتصرف المشير احمد اسماعيل علي هذا النحو ليس خنوعاً ولا انتقاصاً من قدره وانما هذا هو الاساس.... كذلك ليس معني هذا ان الشاذلي كان جنرالاً غير منضبط او مشاكس.. بالعكس فهو من الرموز المشرفة للعسكرية المصرية...لكن اعتقد ان المسألة كانت ارتياح وعدم ارتياح.

والتاريخ يعج بالأمثلة على العلاقة بين السياسيين والعسكريين وأبرزها واهمها الخلاف الذي وقع بين دوجلاس ماك ارثر والرئيس الامريكي ترومان.... فقد اعترض ماك ارثر على طريقة ترومان في التعامل مع الصين ابأن الحرب الكورية فقام ترومان بعزل ماك ارثر ...تخيل ماك ارثر الذي قاد الحرب ضد اليابان وهو الرجل الذي استسلمت له اليابان وكان حاكماً عسكرياً عليها يعطي تعليماته للإمبراطور ...تم عزله بمجرد قرار لأنه اصطدم بالقيادة السياسية....

المهم أن قرار السادات بتعيين الفريق احمد اسماعيل وزيراً للدفاع فوق الشاذلي الذي كان رئيساً للأركان كان صادماً لمن يعرف الرجلين لدرجة ان الشاذلي فهم من هذا التعيين ان السادات لا يريده فقدم استقالته...فرفضها السادات.... طيب رفضها ليه؟؟؟

اظن انه كان يريد من الشاذلي عبقريته العسكرية وفي نفس الوقت لم يكن يريد ان يصطدم معه فجاء برجل يقف في المسافة بينهم وهو وزير الدفاع على ان يكون وزير الدفاع أقرب في التفكير الي الرئيس.... وقد كان سعي السادات لهذا المزيج خطيئة كبري يتحمل جزء كبير منها ...فقد أثرت هذه الاجواء على ادارة المعركة .... هنشوف ازاي..

كان التخطيط والتدريب مسئولية الشاذلي وكان له مطلق الحرية فيهم .... وبالتالي لم تحدث مشاكل

خطة العبور والتطوير

==============

وفقاً لمذكرات الفريق الشاذلي فأن الخطة الاساسية التي تم اعدادها والتدرب عليها هي خطة عبور القناة واحتلال شريط بعرض من 10 ل 15 كم شرق القناة، على ان تتخذ القوات المصرية اوضاعاً دفاعية تصد عندها القوات الاسرائيلية.... تم استتباع هذه الخطة بخطة تكميلية تنتهي باحتلال منطقة المضايق وذلك لعرضها على السوريين لأقناعهم بالاشتراك معنا في الحرب .... وكان يتم شرح الجزء الاول من الخطة بمنتهي التفصيل ثم يتم تناول الجزء الثاني الخاص بتطوير الهجوم بالقول " انه بعد التوقف لوقفة تعبويه تقوم القوات بتطوير الهجوم باتجاه المضايق"

وفي أحد الحوارات المسجلة قال الشاذلي بان القيادة المصرية تعمدت خداع السوريين وأخذتها عنه باقي الوثائقيات وطاردتنا هذه التهمة..... واعتقد ان الفريق الشاذلي لم يكن موفقاً في هذه العبارة

ليه؟

ذكر الفريق الجمسي الرجل الثالث في قيادة الجيش المصري فقد كان في حرب اكتوبر بمنصب رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة المصرية في مذكراته ان تطوير الهجوم كان جزء من الخطة وقال بالنص

"وأني اهمس في أذن الشاذلي بكل الود والاحترام واقول له أن خطة حرب اكتوبر 1973 قد وُضعت بعد ان استغرق العمل فيها وقتاً طويلاً بواسطة هيئة عمليات القوات المسلحة واشتراك الافرع الرئيسية لهذه القوات – جوية بحرية ودفاع جوي- والاجهزة والقيادات المختلفة، ووافق عليها الفريق الشاذلي رئيس الاركان وصدق عليها الفريق اول احمد اسماعيل القائد العام – بتوقيع كل منها على وثائقها مع توقيعي- قبل الحرب بوقت طويل. وطالما ان الخطة وضعت لتحقيق هدف استراتيجي عسكري هو الوصول الي المضايق، فليس من المستساغ ان يقول رئيس الاركان انه كان ضد تطوير الهجوم الي المضايق في مرحلة التخطيط"

واستدل اللواء الجمسي علي هذا بالتوجيه الاستراتيجي الصادر من رئيس الجمهورية الذي صدر في 5 اكتوبر وقرر فيه "" كسر وقف إطلاق النار اعتبارً من 6 اكتوبر 1973 , تكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة، العمل على تحرير الارض المحتلة على مراحل متتالية حسب نمو وتطور امكانيات وقدرات القوات المسلحة""

هل معني هذا ان الشاذلي كان يكذب في ان خطة تطوير الهجوم كانت لأقناع السوريين بالمشاركة في الحرب معنا؟؟

في تقديري لا.. ليه؟؟

في موقفين يؤيدوا رواية الشاذلي..

الموقف الأول..

مذكرات حافظ اسماعيل مستشار الرئيس لشئون الامن القومي وقت الحرب حيث قال فيها عن الفترة قبل 14 اكتوبر 1973

"كانت قواتنا خلال المرحلة التي انتهت قد اتمت تحقيق الهدف المباشر وكنت اعرف من خلال أحاديثي مع الفريق اول احمد اسماعيل من قبل نشوب الحرب أدرك انه لا ينوي التقدم حتى الممرات الجبلية وان ما جاء بتعليمات عمليات القيادة العامة بأن الهدف احتلال المضايق انما قُصد به ان يتحس القيادات الصغرى خلال مرحلة بناء رؤوس الكباري على استمرار التقدم حتى الهدف المباشر"

الموقف الثاني..

هو رسالة السادات لكسينجر يوم 7 اكتوبر التي قال فيها "انني لا انوي التوسع في العمليات العسكرية على الضفة الشرقية للقناة"

الرسالة دي حكايتها حكاية وهنتكلم عنها بعدين.

طيب هل معني هذا ان الجمسي في مذكراته اخذ جانب السادات ضد الشاذلي؟؟

الاجابة لأ..

اولاً الجمسي دافع عن الشاذلي تعقيباً على ما ذكره السادات من اتهامات باطلة للفريق الشاذلي من انه عاد من الجبهة يوم 19 اكتوبر منهاراً مطالباً بسحب القوات من الشرق.

ثانياً.... اظن ان الجمسي كان ضابط محترف ...ركز فيما طلبته منه القيادة......طلبوا منه اعداد خطة عبور حتى المضايق فأنجزها..... وظني انه لم يكن يعلم بعدم نية السادات واحمد اسماعيل والشاذلي تطوير الهجوم...خصوصاً وان التوجيه الاستراتيجي الصادر يوم 5 اكتوبر ختم بجملة مطاطة من الممكن الاخذ بها لتأييد وجهتي نظر الشاذلي والجمسي.

"العمل على تحرير الارض المحتلة على مراحل متتالية حسب نمو وتطور امكانيات وقدرات القوات المسلحة"

الشاذلي سيتمسك بجملة حسب نمو وتطور امكانيات القوات المسلحة ...ويقول انه ما دام دفاعنا الجوي وقواتنا الجوية لا يملكون ما يحمون به تقدم قواتنا من طيران العدو فأنه من الواجب التوقف عن رأس الكوبري.

والجمسي سيتمسك بأن التوجيه نص على العمل على تحرير الارض على مراحل متتالية..

هنا يظهر سؤال مهم

هل رجل بحجم ومكانة الجمسي لم يكن يعلم ما يعلمه الشاذلي من محدودية المدي الذي تغطيه شبكة دفاعنا الجوي؟؟

قطعاً كان يعلم......

لماذا اذن كان مؤمناً بتطوير الهجوم لدرجة انه كان مؤمن بالخطة التي تم وضعها لهذا الغرض اراد تنفيذها؟

الجمسي كان يعتقد بأن تطوير الهجوم مسألة ضرورية وحتمية...لأنه في اللحظة التي تتوقف فيها قواتك عن الضغط على قوات العدو فأن المبادأة ستنتقل للجانب الاسرائيلي ويتحول من الدفاع للهجوم..... ولكن هل كان الجمسي من الجنرالات المغامرين؟

لا... الجمسي كان يري ان توقيت تطوير الهجوم مرهون بتطور العمليات على الجبهة...بمعني انه لا يصح تحديد يوم معين سلفاً لتطوير الهجوم...بل استغلال انسب وقت يناسب قواتنا ولا يناسب العدو.....

هل كان تطوير الهجوم أجمالاً كفكرة خطأ؟

الفريق الشاذلي تحدث فقط في مذكراته عن تطوير الهجوم في التوقيت الذي حدده السادات وهو 13 اكتوبر وقال بأنه كان خطأ تكتيكياً جر علينا المصاعب..... وقد كان الفريق الشاذلي علي حق تماماً في خطأ تطوير الهجوم في هذا التوقيت.. لكن اللواء الجمسي في مذكراته واللواء جمال حماد في كتابه الرفيع المستوي "المعارك الحربية على الجبهة المصرية" قد ذكروا صراحاً ان فرصة مصر الذهبية في تطوير الهجوم بسرعة وبنجاح كانت يوم 9 اكتوبر في اعقاب كسر الهجوم الاسرائيلي المضاد الذي عولت عليه اسرائيل الكثير.

هتسأل..

1) أيه اللى يضمن نجاح تطوير خطة الهجوم في اليوم ده تحديدا؟

2) ايه اللى يفرق اليوم ده عن يوم 14 أكتوبر طالما كده كده هنبقى خارج مظلة الدفاع الجوي؟

العناصر التي كانت كفيلة بضمان نجاح القوات المصرية في تطوير الهجوم يوم 9 اكتوبر كالاتي: -

- انشغال سلاح الجو الاسرائيلي بأكمله في جبهة الجولان...حيث ان الاوضاع هناك كانت مشتعلة ولم تكن اسرائيل قد احتوت الجبهة السورية بعد.. وبحكم الجغرافيا جبهة سوريا كان لها الاولوية على جبهة سيناء.. وبالتالي كانت القوات ستواجه مقاومة جوية اسرائيلية محدودة.

- عاشت اسرائيل أحد اسود ايامها منذ أنشائها في يوم 8 اكتوبر (الاثنين الحزين) بعد ان حطمت القوات المصرية الهجوم المضاد الاسرائيلي وشتت قواته وبالتالي كانت القوات الاسرائيلية المدرعة مبعثرة وفي حالة معنوية سيئة جداً...لدرجة ان موشي ديان عاد يوم 8 اكتوبر يطالب جولدا مائير بالانسحاب الي حدود 67 في نوبة انهيار اعصاب مماثلة لتلك التي انتابت عبد الحكيم عامر...الفارق.. ان ديان لم يكن منفرداً بكل ما يخص الجيش فلم يصدر القرار من تلقاء نفسه.. وفي ليلة 8 اكتوبر اجتمع ديان بمحرري الصحف الاسرائيلية الكبرى ليدلي بتصريحات شديدة الشتائم والحزن دفعت أحد رؤساء تحرير الصحف الاسرائيلية ان يتصل بجولدا مائير ويطلب منها الا يلقي ديان اي بيانات للامة لأنه سيحطم معنوياتهم..

يوم 8 اكتوبر مساءاً كان هو اليوم الذي سمع فيه الشعب الاسرائيلي الحقيقة لأول مرة.. فقد كانوا يسمعون في الاخبار منذ الصباح ان القوات الاسرائيلية دحرت القوات المصرية و عبرت القناة ((نمط مشابه لبيانات اسقاط الطائرات.....و قواتنا وصلت بئر سبع و مثلها من البيانات الخاطئة خلال الايام الاولي من حرب يونيو 1967 ....بمعني ان الحكومات تكذب عند الكوارث)...... مما سبق نستنتج ان القوات الإسرائيلية كانت في حالة تنظيمية و معنوية يرثي لها و كانوا قد خسروا منذ يوم 6 اكتوبر و حتي 8 اكتوبر 400 دبابة ( قيادة القوات المسلحة المصرية كانت تقدر خسائر اسرائيل ب 200 دبابة و مرجع ذلك ربما ان القيادة المصرية ارادت اخذ الحيطة و عدم المبالغة فيتقديرنجاحهم ) و لم يكن الجسر الامريكي قد بدأ بعد و بالتالي كانت المدرعات المصرية ستكتسح الطريق حتي المضايق و حتي لو تدخل الطيران فأنه لن يفلح في ايقاف القوات المصرية ...لأن طبيعة عمل القوات البرية و الجوية معاً تستدعي ان تقوم القوات البرية بتثبيت العدو حتي يأتي الطيران لقصف المنطقة...فما بالك ان كانت القوات الاسرائيلية الباقية لا تقوي علي تثبيت الهجوم المصري اصلاً.. و الاهم هو ان استمرار المدرعات المصرية في التقدم كان سيعمق حالة الارتباك التي كست تصرفات القيادة الاسرائيلية في جبهة سيناء....

بخلاف ان الاستمرار في الهجوم كان سيحتفظ لمصر بالمبادأة الاستراتيجية.

لكن ضاعت الفرصة في الوقفة التعبويه المصرية

ذكر الكاتب محمد حسنين هيكل في كتابه "" اكتوبر السلاح والسياسة"" ان السفير الروسي قد اتصل به يوم 9 اكتوبر ورجا مقابلته ...وعندما قابله قال له "" لماذا لا تستغل القوات المسلحة المصرية هذا النجاح الكبير الذي حققتموه وتستمروا في الهجوم؟؟ واضاف ان اسرائيل لا تمتلك بعد فشل هجومهم المضاد بين القناة وخط المضايق سوي حوالي 200 دبابة.

وبعد حرب اكتوبر مباشراً اجري محمد حسنين هيكل لقاءاً مع المشير احمد اسماعيل وزير الدفاع وسأله صراحاً ....

"هل ضاعت منا فرصة تطوير الهجوم يوم 9 اكتوبر؟ هل انتظرنا أكثر من اللازم؟ هل تريثنا أكثر مما يجب؟ هل كنا ابطئ مما يجب؟؟"

رد المشير اسماعيل بانه قبل تطويره للهجوم كان يجب ان يعزز مواقع القوات التي عبرت اولاً و تتخذ بطاريات الدفاع الجوي مواقعها.......لكن اللواء الجمسي تكفل في مذكراته بالرد علي هذه الاسئلة

و قال "" لقد كان القائد العام الفريق احمد إسماعيل حذراً اكثر مما يجب ...و ابطأ مما يجب الامر الذي دعاه الي الانتظار الطويل من يوم 10 و حتي يوم 13 اكتوبر و كان يري كما كان يقول " علي الا اغامر" و كان عليه ان يغامر بعد ان ضاعت منا الفرصة (هنا الجمسي يشير الي انصياع احمد اسماعيل لرغبة السادات بتطوير الهجوم يوم 14 اكتوبر...اي ان احمد اسماعيل رفض ان يغامر يومي 9 و 10 اكتوبر ...لكنه قبل المغامرة يوم 14 اكتوبر""

ويضيف اللواء الجمسي..

"ان خطة الحرب التي لا خلاف عليها قد وضعت للوصول الي خط المضايق كهدف نهائي ولم تحتم الخطة عمل وقفة تعبويه بعد اقتحام القناة بل نصت على تطوير الهجوم شرقاً للاستيلاء على المضايق بعد وقفة تعبويه او بدونها.. حسب الموقف".

وكان توقيت تطوير الهجوم من اهم عوامل نجاحه لسرعة استغلال النجاح الذي تحقق وكلما كانت فترة الانتظار بعد اتمام المهمة المباشرة يوم 9 اكتوبر أقصر كلما كان هذا أفضل.

اضاف اللواء الجمسي انه عقد مقابلتين طويلتين مع الفريق احمد اسماعيل في يوم 9 اكتوبر ناقشه فيها في ضرورة تطوير الهجوم و الاستمرار في الضغط علي القوات الاسرائيلية , فوجد منه الحذر الشديد فقد كان يري احمد اسماعيل ان ينتظر لتكبدي العدو اكبر خسائر ممكنة و كان يري ان القوات التي يتهاجم ستتعرض لهجمات جوية اسرائيلية...لكن الجمسي اوضح ان استئناف تقدم القوات المصرية يعني تلاحمها مع القوات الاسرائيلية ما يؤدي الي تحييد القوات الجوية الاسرائيلية بخلاف انه يمكن استخدام القوات الجوية المصرية ضد القوات الجوية الاسرائيلية و لو بطريقة محدودة بالأضافة الي تحريك وحدات الدفاع الجوي خفيفة الحركة.

وأضاف الجمسي ان احتفاظ القوات المصرية بالمبادأة واستغلال النجاح الذي تحقق يعطي القوات المصرية الفرصة لتحقيق الهدف الاستراتيجي بنجاح في حين ان طول الانتظار بلا اي فعل يسمح للقوات الاسرائيلية بتعديل اوضاعها وانتزاع المبادأة من القوات المصرية.

مما سبق يتضح ان مبدأ تطوير الهجوم ليس خطا في المجمل ...وانما نجاحه كان مرهوناً بالتوقيت المناسب وهو ما لم اسمعه من الفريق الشاذلي وهذا راي المشير الجمسي أحد أعظم العبقريات العسكرية المصرية وليس رأي العبد الفقير..... وبالتالي اعود واكرر ان الفريق الشاذلي وله مني كل الاحترام والتقدير والاجلال لم يكن موفقاً ابداً حين قال ان خطة تطوير الهجوم تم وضعها لخداع السوريين وحكم باستحالة تطوير الهجوم...في حين انه وفقاً للجمسي واللواء جمال حماد كان يمكن تطوير الهجوم.... واعتقد ان سبب ارتكاب الفريق الشاذلي لهذا الخطأ هو شعوره بالمرارة (ومعه حق في الشعور بالمرارة فقد تعرض لظلم بين).

يوم 12 أكتوبر

=========

فجأة وبدون سابق انذار قرر الفريق احمد اسماعيل مفاتحة الفريق سعد الشاذلي يومي 10 و11 اكتوبر بضرورة تطوير الهجوم.... فرد الفريق الشاذلي (وقد كان معه مليون حق) ان هذه العملية محكوم عليها بالفشل لأن الطيران الاسرائيلي سيفتك بالقوات التي ستخرج من مظلة الدفاع الجوي..... فذكر الفريق اسماعيل ان هذا من اجل تخفيف الضغط على الجبهة السورية.... فرد الفريق الشاذلي ومعه حق أن الجبهتين يفصل بينهم حوالي 500 كم وبالتالي فأن اسرائيل قد تناور بين الجبهتين بالقوات الجوية لكن لن تناور باستخدام المدرعات لأن كل جبهة عليها ما يكفي من قوات..... تجدد النقاش في أكثر من مرة حتى يوم 12 اكتوبر حيث قال الفريق اسماعيل ان هذا قرار القيادة السياسية...

هنا يجب ان نتوقف لحظات عند بعض النقاط.

اولاً) يوم 10 اكتوبر قد عادت بالقوات السورية الي نقطة الصفر التي بدأت منها وتحولوا للهجوم على دمشق الي ان وصلت طلائع القوات العراقية لترميم الوضع السوري...يوم 12 اكتوبر كانت اسرائيل قد ثبتت جبهة سوريا تمامً وكانت على استعداد لنقل مجهودها الرئيسي للجبهة المصرية وتحديداً الطيران.

ثانياً) كان يوم 12 اكتوبر بداية وصول اعصار الامدادات الامريكية في عملية Nickel Grass او الجسر الجوي الامريكي الذي عوض تقريباً كل خسائر اسرائيل في الدبابات في ايامها الاولي بخلاف وصول دفعات جديدة من صواريخ TOW المضادة للدبابات و بالتالي كانت القوات الاسرائيلية في وضع افضل بكثير (جمعوا حوالي 3 فرق مدرعة ما يعادل حوالي 900 دبابة ...وسيتصاعد العدد لاحقاً لحوالي 1200 دبابة) لدرجة ان القيادة السياسية و العسكرية الاسرائيلية كانت تناقش في ايام 12 و 13 اكتوبر السبيل لتوجيه ضربة قوية للقوات المصرية تستطيع بها موازنة الامور علي الارض قبل وقف اطلاق النار ( لاحظ انهم تقريباً كانوا قد تخلوا عن فكرة تدمير رؤوس الكباري المصرية بفعل الفشل المتكرر للهجمات الاسرائيلية علي رؤوس الكباري.....و مجرد تخلي اسرائيل عن فكرة تدمير رؤوس الكباري ما هو الا اعتراف ضمني بنجاح العبور المصري)

ثالثاً) هنري كسينجر الذي كان يتحكم في كل شيء في امريكا وقتها نتيجة غرق نيكسون في فضيحة ووتر جيت، اراد ايصال رسالة للعالم عبر الجسر الجوي الامريكي لأسرائي مفادها ان الدعم الامريكي لإسرائيل غير محدود وأن امريكا لن تسمح بخسارة اسرائيل وقد كان الجسر الجوي الامريكي بالفعل طوق النجاة لأسرائي حيث قال الجنرال دافيد بن اليعازر رئيس الاركان الإسرائيلي:

"لو لم تصل الينا الاسلحة الامريكية حتى يوم 12 اكتوبر فقد كان المعني الوحيد لهذا ان الكارثة الكبرى قد وقعت، وان نهجاتنا قد اصبحت وشيكة لأننا كنا قد خسرنا تماماً المخزون الاستراتيجي من السلاح وكان ذلك معناه ان باستطاعة مصر و سوريا ان يصلا الي ابعد مما يمكن لأي اسرائيلي ان يتصوره"

ولم يكن الجسر الامريكي مجرد محاولة من امريكا لتعويض الخسائر الاسرائيلية ...بل انهم ارادوا من القوات الاسرائيلية ان تقلب المعركة علي العرب بأن منحوا اسرائيل اسلحة جديدة متطورة فقد سجل الجنرال اليعازر في مذكراته

"ان امريكا وافقت على مطالبنا بأرسال انواع متطورة من الصواريخ والقنابل من ماركة سمارت وشبكات توجيه وشوشره تليفزيونية بل انها بدأت بالفعل بشحنها الينا...وارسلت معها خبراء امريكيين ليتولوا مهمة التدريب السريع لقواتنا...ولقد وصلت الينا قبل ساعات من ظهر يوم 11اكتوبر دفعة جديدة من طائرات فانتوم وسكاي هوك بلغت 70 طائرة"

انعكس حجم الامداد هذا على المعركة حيث قال المشير محمد علي فهمي قائد الدفاع الجوي في مذكراته:

"جاءت الاحداث لتؤكد ان القوات المصرية اصبحت تواجه امريكا وليس اسرائيل فقد تلاحظ طفرة مفاجئة في حجم وكثافة القوات الجوية المعادية اعتباراً من 14 اكتوبر كما تم رصد تغير في الاعاقة الاليكترونية المضادة للرادارات ومحطات توجيه الصواريخ"

طيب.. سؤال مهم بقي..

لماذا قرر السادات تطوير الهجوم في هذا الوقت بالذات؟؟

بعد ممانعة ومناقشة من الفريق الشاذلي وقادة الجيشين الثاني والثالث صمم الفريق اسماعيل علي تنفيذ قرار القيادة السياسية بتطوير الهجوم يوم 14 اكتوبر. في كتاب حرب رمضان (الجولة العربية الاسرائيلية الرابعة) الذي أعده اللواء حسن البدري واللواء طه المجدوب واللواء زهدي ضياء الدين والذي يعتبر كتاب أقرب ما يكون للرواية الرسمية للدولة ذكر المؤلفين ان قرار تطوير الهجوم قد تم تنفيذه قبل موعده بسبب الضغط السوري ان الهجوم كان من المقرر ان يتم يوم 16 اكتوبر...وهو مع الاسف كلام غير دقيق بالمرة...لماذا؟؟

- اولاً لأنه في المعارك الحديثة حيث الاستخدام الكثيف للدبابات ما يعرف باسم المعارك المتحركة لا يمكن تحديد مراحل اي خطة وفقاً للتواريخ بل وفقاً لتطورات الموقف وهذا ما صنع اسطورة وايرفين روميل.

- ثانياً...جبهة سوريا كان قد تم تثبيتها منذ 10 اكتوبر ...بخلاف ان الحشود الاسرائيلية التي تواجدت امام القوات المصرية في ايام 13 و14 اكتوبر لم تكن تحتاج لدعم اضافي.

لكن لمعرفة دوافع السادات لتطوير الهجوم يجب ان نقوم برحلة في عقل السادات من خلال الشواهد والمواقف التي احاطت بالرجل في هذه الايام الدقيقة.

الثابت ان السادات رفض وقف إطلاق النار في أكثر من مرة وأبرزها كان رداً على اقتراح ارسله ادوارد هيث رئيس الوزراء البريطاني عبر السفير الانجليزي بالقاهرة الي السادات يخبره انه يمكن لأمريكا وبريطانيا العمل على استصدار قرار بوقف إطلاق النار ان وافقت مصر...فرفض السادات قائلاً "" ان ارادت امريكا اي شيء من مصر فعليها الاتصال بي في القاهرة لا بموسكو.. هنا كان موقف واضح وكاشف ان السادات اراد ان يأتي له الامريكيين... كيف؟؟

السادات كما قولنا لم يأخذه اي احد في العالم بمأخذ الجد...حتي عندما طرد الخبراء السوفييت لم تتحرك امريكا للتواصل معه و علل ذلك كسينجر بقوله "لماذا لم يطلب اي شيء مقابل هذا ...لكن علي العموم لا احد يدفع لخدمة قد تم تقديمها مجاناً"... و في تقديري ان السادات كان يريد من البداية تسوية القضية بمساعدة امريكا و ان صبره علي السوفييت كان مؤقت لحين فتح قناة مباشرة مع الامريكيين...يؤيد هذا كلامه للمندوب الامريكي الذي حضر جنازة عبد الناصر و قد قال له السادات "" انني اريد ان افتح صفحة جديدة معكم"....و لما لم تستجب امريكا ...وجد انه لا حل امامه سوي بشن حرب محدودة في حدود امكانيات الجيش المصري يكون هدفها كسر نظرية الامن الاسرائيلية و تحريك الموقف مع الامريكيين و دفعهم للتواصل المباشر معه...

و اعتقد ان الرسالة التي ارسلها السادات لكيسنجر عبر حافظ اسماعيل من انه لا ينوي تعميق مدي الهجوم كانت تهدف الي عدم اثارة الامريكيين و استفزازهم بصورة تدفعهم للاعتقاد بان السادات قد تعمد خدعاهم بالحديث عن السلام في حين كان يجهز للحرب...و قبل ان نتسرع باتهام السادات بالعمالة لأرساله رسالة مثل هذه للأمريكيين...علينا ان نضع في اعتبارنا ان الحرب مسألة فظيعة و مريرة و غير مضمونة النتائج و قد تكون عواقبها مدمرة و بالتالي كان اكثر ما يخشاه السادات هو تدخل امريكي مباشر او مستتر بنفس طريقة تدخلهم في حرب 67 ما قد يقلب الطاولة عليه...وبالتالي اراد طمأنة الإدارة الامريكية انه لا ينوي تعميق مدي الهجوم اي انه لا ينوي تهديد الحدود الاسرائيلية التي تلتزم امريكا بحمايتها.

لكن مع الاسف.. المفاجأة كانت ان كيسنجر تعامل مع حدود اسرائيل على قناة السويس كما لو كانت هي الحدود الرسمية والشرعية لإسرائيل وبذل الغالي والنفيس من اجل مساعدة اسرائيل للعودة لهذه الحدود... بل ان اجتهاد السادات في هذه النقطة جاء بأثر عكسي اذ كشف للعدو عن نواياه بدلاً من ان يحيده.. واعتقد انها كانت سذاجة من السادات ان يعتقد ان مثل هذه الرسالة كانت ستدفع امريكا للوقوف على الحياد.... المهم ان موقف السادات قد تعزز جداً بعد كسر الهجوم الاسرائيلي المضاد وفشل الطيران الاسرائيلي في تحقيق اي مشاركة مؤثرة....

و اعتقد ان السادات كان ينوي ان يستمر في صد القوات الاسرائيلية ما يدفع امريكا في نهاية المطاف للتدخل......و اعتقد ان استمرار السادات في رفض قبول وقف اطلاق النار كان بسبب ان اوضاع القوات المصرية كانت علي احسن ما يكون و بسبب ان الامريكيين لم يتصلوا به بعد...و اعتقد ان ما كان يفصل السادات عن قبول وقف اطلاق النار هو ان تطلب منه امريكا ذلك و هو في وضع قوي.....لأن قبول وقف اطلاق النار بغير ان يكون هذا طلباً امريكياً كان معناه ان السادات لن يجد فرصة اقرب للتواصل مع الامريكيين و سيبقي محسوباً علي المعسكر السوفيتي.

لكن ابتداءً من يوم 10 اكتوبر جد جديد لم يكن السادات يتوقعه.. تدهور الموقف في الجبهة السورية.. وان كان السادات والفريق اسماعيل نجحوا في ايام 9 و10 في تجاهل النداءات السورية بتطوير الهجوم نحو المضايق فأنه لم يفلح تجاهل هذه النداءات والعاصمة السورية دمشق قد اصبحت في مرمي الخطر وتتعرض لقصف متواصل ..... وقد وصل السادات لقمة غضبه من السوريين يوم 10 اكتوبر حين قال "" كيف يمكن لهم ان يخسروا كل هذه الدبابات وتنهار مواقعهم بهذه الصورة""...واعتقد ان ده كان إدراك من السادات للورطة التي وضعته فيها ظروف الجبهة السورية.. لأن السادات لم يكن ينوي تطوير الهجوم اصلاً...و لا احمد اسماعيل و لا الشاذلي....و اعتقد ان الجمسي وحده هو الذي اخذ موضوع تطوير الهجوم بمحمل الجد و انتظر الفرصة لتطوير الهجوم حتي ظهرت الفرصة يوم 9 اكتوبر...لكن احمد اسماعيل تعذر بالحذر حتي ضاعت الفرصة...و بالطبع كان الحذر مجرد حجة...لأن القائد الحذّر الذي لم يهاجم يومي 9 و 10 اكتوبر من الطبيعي الا يهاجم يوم 14 اكتوبر...لكن اغلب الظن انه عند وضع خطة تطوير الهجوم كان السادات و اسماعيل و الشاذلي يعتقدون ان الجبهة السورية ستحسم موقفها بدون الحاجة لتطوير الهجوم (كان هذا ممكنا لأن القوات السورية ايام 6 و 7 قد حققت نجاحات باهرة لولا بعض الاخطاء الميدانية التكتيكية التي تحولت الي اخطاء استراتيجية ضيعت ما حققه السوريين....و سنحكي عن هذا بالتفصيل في سلسلة الصراع العربي الاسرائيلي)..و مع بقاء القوات المصرية بمواقع دفاعية صلبة تخسر علي اعتابها القوات الاسرائيلية المزيد من القوات.

لكن المفاجأة كانت في تدهور الموقف السوري الذي وضع السادات في حرج بالغ جداً امام الرأي العام العربي واما القيادات السياسية العربية التي كانت تدعم مصر بالمال.. فكيف لك ان تقنع رجل مثل الملك فيصل بأن مصر التي بدأت الحرب بالاشتراك مع سوريا تقف مكتوفة اليدين في حين تتوجه القوات الاسرائيلية نحو دمشق.. كان من المحتم علي السادات ان يفعل اي شيء...ستقول ان الاوضاع العسكرية السليمة تتعارض مع تطوير الهجوم.. سأقول لك سأقول لك ان الاجواء العربية المتحمسة القلقة على سقوط دمشق لم تكن لتفهم اي شيء سوي تحرك القوات المصرية لفعل اي شيء...اي شيء.. وبالطبع كان الضغط السياسي علي السادات مهولاً.. ولم يكن يريد ان يغضب الرأي العام العربي ولا القيادات السياسية وتحديداً السعودية والجزائر...فقد يحتاجهم مستقبلاً.. ووجد احمد اسماعيل نفسه مضطر لتنفيذ الخطوة التي رفضها يوم 9 اكتوبر في حديثه مع الجمسي.

ما سبق من قراءتي لتفكير السادات لم يكن دفاعاً عنه بقدر ما هو رحلة في عقل الرجل لمعرفة كيف كان يفكر.

هنا كان يجب علي الشاذلي ان يكون أكثر تفهماً للظرف السياسي..... ضاعت فرصة تطوير الهجوم وانتهي الامر.... لكننا مجبرين على تطوير الهجوم..... لكن اللوم يقع بصورة أكبر علي السادات الذي تعمد وضع الشاذلي واحمد اسماعيل في فريق واحد مع علمه بمدي الحساسية بين الرجلين ما جعل الشاذلي حساس جداً ضد ما يقوله اسماعيل...ما جعل اسماعيل بدوره يستنجد بالسادات لحسم جداله مع الشاذلي...ليأتي السادات بدوره ليتمسك بكلام احمد اسماعيل ما جعل الاجواء مشحونة بغير داعي.

ومن سوء حظ القوات المصرية ان طائرة الاستطلاع الامريكية لوكهيد إس آر-71 بلاك بيرد قد صورت الفرق المدرعة المصرية وهي تتحرك من الغرب للشرق...ففهم الاسرائيليين ان القوات المصرية تعتزم تطوير هجومها فضاع عنصر المفاجأة ...وبات الاسرائيليين ينتظرون الهجوم المصري وطيرانهم ينتظر خروج القوات المصرية من مظلة الدفاع الجوي. و كسر الاسرائيليين الهجوم المصري....و اصبح منعرج المعركة في يوم 14 اكتوبر.

اذ ان هذا اليوم شهد اول خطأ عسكري مصري كبير ...مما ادي لتدمير حوالي 250 دبابة ..في حين بلغ تأثير الجسر الجوي الامريكي قمته في نفس اليوم...فقد استعاضت اسرائيل تقريباً كل خسائرها من الدبابات و الطائرات بالإضافة الي حصولهم علي اسلحة متطورة لم يستخدمها الجيش الامريكي نفسه ...... و يتحمل اللوم الفريق احمد اسماعيل و الفريق الشاذلي بتفريطهم في فرصة تطوير الهجوم يومي 9 او 10 اكتوبر...و مسئوليتهم في هذا اكبر من السادات لأن ادارة المعركة من اجل تحقيق الهدف الاستراتيجي مسئوليتهم وحدهم و ليست مسئولية القيادة السياسية...فلا اعتقد ان السادات كان سيمانع لو قامت قواته باستغلال نجاحها في كسر الهجوم الاسرائيلي و احتلت المضايق و جعلته في وضع سياسي اقوي.

ايه بقي حكاية الثغرة..

موضوع الثغرة يجب مناقشته بحيادية وشفافية وتجرد من اجل الاجيال القادمة ومن اجل ان يعرفوا الحقيقة..

خطة عبور القوات الاسرائيلية من الشرق للغرب لم تكن وليدة اللحظة فهي خطة قد سبق اعدادها في قيادة الاركان الاسرائيلية وكان الهدف منها تطويق اي محاولة عبور مصرية للقناة. كما كان هدفها تشكيل سرايا دبابات تتحرك مستهدفة مواقع رادارات الدفاع الجوي المصري ما يسمح بفتح فجوة في مظلة الدفاع الجوي المصري.. العبور عند نقطة الدفرسوار كانت أحد ثلاث اماكن تم اقتراحها.. لكن استقر رأي الجنرال جونين قائد المنطقة الجنوبية على العبور من نقطة الدفرسوار..... في 12 اكتوبر دفعت القيادة الاسرائيلية مجموعة استطلاع (ميتكال) بغرض استطلاع الفاصل بين قوات الجيشين الثاني والثالث.. كانت هذه المجموعة تتحدث العربية بطلاقة واندست بملابس عسكرية مصرية وسط القوات الفلسطينية والكويتية المسئولة عن تامين شاطئ البحيرات المرة..... ارسلت هذه المجموعة رسائل للقيادة بان هذه المنطقة ذات دفاعات محدودة و يمكنهم العبور للضفة الأخرين للعمل بحرية ضد حائط الصواريخ....كانت القيادة المصرية علي علم بهذه الخطة و قرروا كإجراء وقائي الاحتفاظ بفرقة مدرعة (تكون هي القوة الضاربة) مع بعض الالوية في قطاع كل جيش لسحق اي محاولة اسرائيلية للعبور المضاد.

ناقشت القيادة الاسرائيلية فكرة العبور لكن رفضها ديان و مائير للخطورة الجسيمة علي القوات التي ستعبر من الفرقة المصرية المدرعة الموجودة علي الضفة الغربية للقناة...لكن قبل انتهاء الاجتماع بدقائق وردتهم تقارير طائرة الاستطلاع الامريكية التي رصدت عبور فرقتين مدرعتين من الغرب للشرق....فقرروا صد الهجوم المصري المنتظر و البدء في تنفيذ الهجوم المضاد بعدها .....و هكذا في ضربة حظ كبري انتهي الاجتماع بتنفيذ الخطة بعد صد الهجوم المصري بعد ان كان الاجتماع في طريقه لرفض الخطة.

بعد صد الهجوم المصري انتقلت المبادأة في يد الجيش الاسرائيلي الذي هاجم بطول الجبهة كالاتي: -

- هاجم رؤوس كباري الجيش الثاني بغرض مشاغلته وتثبيته.

- تمت مهاجمة الفرقة السابعة في الجيش الثالث بغرض تثبيتها هي الأخرى

- كان المجهود الرئيسي للقوات الاسرائيلية يتجه لضرب الجانب الايمن للفرقة 16 مشاة وتحديداً الكتيبة 16 مشاة (بقيادة العقيد محمد حسين طنطاوي)

واجهت الفرقة 16 والكتيبة 16 ضغطاً جنونياً من القوات الاسرائيلية بهدف اجبار هذه الفرقة على الانسحاب شمالاً ما يفتح الطريق لمد الجسر الاسرائيلي عبر القناة..... تحملت الكتيبة 16 هجمات شنه لواء اسرائيلي مدرع (فارق رهيب في القوة بين كتيبة مشاة وبين لواء مدرع...اللواء أكبر طبعاً) .... و بشهادة جنود اسرائيليين ممن حضروا هذه المعركة ان قائد هذه الكتيبة ( يقصد طنطاوي) تركهم يتوغلون الي داخل مواقع هذه الكتيبة الي درجة انهم فجاءة وجدوا انهم امام المواقع المصرية مباشراً و سمعوا احد الجنود يقول "" اقتلوا اليهود"" ...اضاف هذا الجندي انه لا يمكنه النوم بانتظام من ليلتها...

و فتحت الكتيبة نيران كل مدافعها و رشاشاتها علي هذا اللواء و اوقعت به خسائر فادحة لدرجة انهم لم يستطيعوا الدخول لأخلاء الجرحى ....كما اشتركت المدفعية في ضرب مواقع القوات الاسرائيلية المتقدمة.....امام بسالة القوات المدافعة احضرت القوات الاسرائيلية لواء مظلات من شرم الشيخ علي وجه السرعة و تم اسناد الي قادة احد كتائب هذا اللواء و هو ايهود باراك مهمة تطهير مواقع المشاة وأخلاء جرحي اللواء المدرع ( و يفترض انها مهمة سهلة نسبياً نظراً لأن تسليح و تدريب قوات المظلات افضل و اقوي من قوات المشأة) ..... لكن دخل باراك الي نفس الكمين بنفس الطريقة وخسر 40% من قواته في دقائق قبل ان يصل حتي لموقع جرحي اللواء المدرع وحتى عندما اراد الانسحاب لم يستطع من كثافة النيران ولم يكن امامهم الا الاستلقاء على الارض ووجوههم في الارض حتي فجر اليوم التالي لتقوم القوات المدرعة بمعاودة الهجوم فقط لأخلاء الجرحى قبل ان يحل الصباح وتتجدد المجزرة.

المهم ان الهجوم الاسرائيلي استمر بضراوة في قطاع الفرقة 16 دون ان تتفهم القيادة المصرية سبب هذا الضغط الاسرائيلي الرهيب...الي ان انسحبت الكتيبة 16 لنفاذ ذخيرتها ...و مع تواصل الضغط الاسرائيلي بقوة 3 الوية استطاعوا انزال قارب برمائي قام بنقل قوة 7 دبابات في البداية في ليلة 16 اكتوبر......في يوم 16 نفسه كان لإسرائيل 33 دبابة....لكن تيسير العقاد رئيس اركان الجيش الثاني و قائده بالنيابة ( تم اخلاء اللواء سعد مأمون الي المستشفى لأصابته بوعكة صحية يوم 14 اكتوبر) افاد قيادة القوات المسلحة بأن هناك 7 دبابات اسرائيلية فقط بالمنطقة....و كانت هذه معلومة خاطئة هي الاولي في سلسلة تقارير استطلاع خاطئة.......

ولما ورد التقرير بانهم 7 دبابات اعتقد تيسير العقاد ان قصفة مدفعية قد تفي بالغرض بدون ان يأخذ الامر بجدية و يستطلع حقيقة الامر.....و لأن التقارير كانت غير دقيقة ...فكان التعامل معها غير سليم.....

هناك نقطة يجب الاشارة لها و هي ان الرئيس السادات في مذكراته البحث عن الذات كان قد قال بأنه ارسل الفريق الشاذلي الي الجيش الثاني لمعالجة الثغرة يوم 16 اكتوبر و قد كان من السهل التعامل معها خلال ساعات لولا ان الشاذلي قضي اليوم بأكمله في جمع المعلومات و الاهتمام بعمل مركز قيادة ينافس مركز قيادة غريمه احمد اسماعيل فضاع الوقت بلا جدوي مما ادي لتفاقم الثغرة....و في موضع اخر......عاد الشاذلي من الجبهة يوم 19 اكتوبر منهاراً يطالب بسحب القوات من الشرق.... انتهي كلام السادات.. وهو مع الاسف تدليس وافتراء بحق الشاذلي...لماذا؟؟

- السادات يعرف انه حتى يوم 16 اكتوبر لم يكن لإسرائيل اي جسور على القناة وبالتالي سعيه لإلصاق تاريخ ذهاب الشاذلي للجبهة بيوم 16 اكتوبر هو سعي ضمني لتحميل الشاذلي بمفرده مسئولية تدهور الوضع بالثغرة.

- الشاذلي توجه للجبهة يوم 18 اكتوبر بعد ان كان الوضع قد تفاقم بالفعل وأصبح من غير المنتظر من اي قائد مهما بلغت براعته ان يسيطر على الوضع لا في ظل ساعات ولا ايام.

- لا يعقل ان يقضي رئيس اركان الجيش يوم بأكمله لتجميع موقف في أحد الجيوش التي يرأسها...بل هي محاولة ايضاً لتحميل الشاذلي المسئولية.

- الشاذلي لم ينشئ اي مقرات قيادة جديدة بل اقام بمركز قيادة الجيش الثاني من مركز قيادة اللواء تيسير العقاد

- السادات قال ان الشاذلي قد عاد من الجبهة منهاراً يوم 19 اكتوبر...وهو غير صحيح بشهادة الفريق الجمسي نفسه

- استمرارً للافتراء علي الشاذلي يقول السادات ان الشاذلي طالب بسحب القوات من الشرق...وفي هذا تهمة باطلة...فلم يطلب الشاذلي هذا الطلب بل طلب سحب 4 الوية كنوع من انواع المناورة بالقوات ولم يطلب الانسحاب

و من وجهة نظري ان السادات ارتكب جريمة بالتسبب بكهربة الاجواء في مركز القيادة نمرة عشرة بالجمع بين احمد اسماعيل و الشاذلي بدون التعامل معهما باحترافية و موضوعية تساعد علي ازالة الاحتقان الموجود اصلاً بين الرجلين......و ارتكب جريمة اخري في الجزء الذي تحدث فيه مذكراته عن الشاذلي و هو الامر الذي تسبب في ردود افعال الفريق الشاذلي التي حاولت الدفاع عن شرفه العسكري...فلا يصح اتهام رئيس اركان القوات المسلحة المصرية بمثل هذه التهم الخطيرة و تحميله تبعات تدخل السادات نفسه في سير العمليات......و ارتكب السادات جريمة اخري بحرمان الفريق الشاذلي من اي تكريم ...فلا يصح ان يتم استبعاد احد رموز حرب اكتوبر بل و العقل المدبر لها بهذه الطريقة....

لو كان الرجال عظاماً بحق, لوجب عليهم التصرف بما يوازي هذه العظمة والترفع عن الخلافات الشخصية.. فتوزيع الاوسمة يتم وفقاً لما خدم به الافراد وطنهم وليس بحسب رضا السادات عنهم...فكيف لرئيس اركان حرب الجيش المصري ان يشاهد حفل تكريم رموز الجيش المصري بمجلس الشعب في التلفاز كأي مواطن عادي....و لا يصح ان يتم الحرمان من التقدير الا إذا كان هذا الرجل قد ارتكب خيانة عظمي او أضر بالجيش عن عمد.. لكن لا ان يتم حرمانه بهذه الطريقة......واظن ان السادات قد استنفذ غرضه من الشاذلي فلم يبالي به.

ما دمنا اعطينا الشاذلي حقه في افتراء السادات عليه.. حان الدور لنناقش الشاذلي نفسه.

=======================

الشاذلي والخلاف حول غلق الثغرة

كان من رأي الفريق الشاذلي سحب 4 الوية من الشرق للغرب لغلق الثغرة بتوجيه ضربة من الغرب للشرق.. هذا التفكير ممتاز ولكن على الورق فقط وهو حل سليم لكنه ليس الوحيد..

كيف؟؟

ارتكب الفريق الشاذلي خطا جسيم بتعامله مع اقتراحه لغلق الثغرة كما لو كان الحل الامثل والوحيد ودافع عن هذا الرأي بكل ما اوتي من قوة وتشبث به.. واظن ان الاعتداد بالذات كان مدعي ذلك...وهي ليست نقيصة, فالشاذلي بشر قبل اي شيء.. لكن الملاحظ من مذكرات الشاذلي نفسه ومذكرات الجمسي ان الشاذلي لم يحاول ايجاد بدائل لهذا الحل.. فما دام القائد العام قد رفض هذا الرأي فمن الواجب البحث عن بديل...او على الاقل الاستماع الي الاعتراضات الموجهة لهذا الرأي...و التحدث حول ذلك بموضوعية , لا ان يتم التعامل مع ردة فعل السادات كما لو كان موقف نهائي و الاستمرار في التناطح في ظل هذه الساعات الحرجة و الاكتفاء بالقول ان للسادات كان له رأي مسبق في اقتراحات الشاذلي. الا ان الفريق الشاذلي رحمه الله , و علي الرغم من كفائته العسكرية الا انه لم يحاول التفكير في بدائل تراعي وجهة نظر الرئيس و وزير الدفاع.

  • ·اعتراض احمد اسماعيل علي اقتراح الشاذلي ( الجمسي يؤيد احمد اسماعيل في رأيه) انه مع تصاعد الضغط الاسرائيلي في الثغرة و قبلها فشل تطوير الهجوم اصاب بعض القوات بحالة ارتباك خصوصاً القوات التي فشلت في تطوير الهجوم ثم فشلت في غلق الثغرة من شرق القناة ...فلو قمنا بسحب قوة اربعة الوية من القوات الموجودة شرق القناة , فأن سحب هذا العدد الضخم من القوات كفيل بخلق حالة بلبلة ضخمة بين القوات قد تؤدي الي انسحابات عشوائية ...و لا تنسي ان معظم القوات المصرية مؤلفة ممن شهدوا الانسحاب العشوائي في 67 و لا تحكم علي الامر من علي سريرك او من مكتبك.. فمواجهة النار والموت شيء اخر...و قد كان هذا السيناريو رغم سوداويته ...وارد
  • ·نقطة اخري نوه لها الجمسي في مذكراته.. وهي ان اسرائيل سعت لعبور الثغرة بهدف اجبار الجيش المصري علي سحب قواته من الشرق للغرب...فلو تم سحب 4 الوية من الشرق كانت هذه ستكون اشارة لا لبث فيها للقوات الاسرائيلية على انهم يسيرون في الطريق الصحيح وربما يدفع هذا الاجراء من جانب مصر, القوات الاسرائيلية علي نقل مجهودهم الرئيسي من الثغرة الي رؤوس الكباري الموجودة شرق القناة. فهم يعرفون انهم لن يتوجهوا للقاهرة.. كما ان السويس والاسماعيلية أصعب من اسقاطهم وبالتالي سيتحول مجهودهم نحو رؤوس الكباري...وقد اقترح ديان على شارون حلاً مماثلاً بضرب رؤوس الكباري بهجوم مزدوج من الشرق والغرب بالتوازي.. هنا ستكون القوات المصرية في الشرق محرومة من جهود القوات التي عادت الي الغرب.
  • ·ومن أدرى الفريق الشاذلي اصلاً ان 4 الوية كفيلة بسحق القوات الاسرائيلية التي عبرت؟؟ ففي ظل الجسر الجوي الامريكي كل شيء كان ممكناً.. فقد كانت القوات المصرية تدمر قوات ضخمة لإسرائيل لتستعيضها اسرائيل بعد ايام بفضل الجسر الجوي.
  • ·نقطة اخري.. وهي ان القيادة السياسية كانت تعرف ان اي معادلة لأي مفاوضات قادمة ستقارن بين القوات المصرية الموجودة شرق القناة والقوات الاسرائيلية الموجودة غرب القناة...وبالتالي كان من مصلحة القيادة السياسية بقاء الاربع الوية في شرق القناة.. اسرائيل كانت تعرف نفس النقطة فاستمرت في دفع قواتها الي غرب القناة في اوضاع تكتيكية خطيرة.. لمجرد توفير اوراق ضغط وقت المفاوضات.

لا تحكم على الامور بمنطق ان الشاذلي كان محقاً على طول الخط والسادات كان مخطئاً على طول الخط..... الانصاف يتطلب مناصرة صاحب الرأي الوجيه بغض النظر عن شخصه.

-       عند توقف القتال هل كانت الاوضاع في صالح اسرائيل؟

وفقاً للمشير الجمسي فأن القوات الاسرائيلية حققت نجاحاً تكتيكياً.. لكنه فرض عليها اوضاع استراتيجية غير ملائمة. ...(و الاوضاع العسكرية تقاس بالمزايا الاستراتيجية و ليست التكتيكية)

كيف؟؟

- أصبح لإسرائيل 7 الوية مدرعة غرب القناة (حوالي 700 دبابة) محاطة بقوات معادية من جميع الجهات بخلاف ان كل هذه القوات كان يتم امدادها عبر كوبري واحد كان يتعرض للقصف المتواصل وغارات الطيران بما فيها عمليات انتحارية بالهليكوبتر واعمال التلغيم بواسطة الضفادع البشرية...بخلاف ان اي عمليات قصف لهذه القوات الموجودة غرب القناة كانت تحقق اصابات مباشرة نظراً لتكدس القوات في قطاع صغير من الأرض

- لتأمين الجسر الوحيد على القناة خصصت القيادة الاسرائيلية أربع الوية مدرعة لحماية مدخل الكوبري

- لتثبيت قوات الجيشين الثاني والثالث غرب القناة وضعت اسرائيل 10 الوية مدرعة بمواجهة الجيشين

كل ما سبق من اوضاع اجبر اسرائيل على استمرار حالة التعبئة العامة وهذا مقتل الاقتصاد الاسرائيلي فلم يكن الاقتصاد الاسرائيلي يتحمل استمرار الحرب لفترة طويلة وهي نقطة لم تحسن القيادة السياسية المصرية استغلالها للضغط على الاسرائيليين. اثناء المفاوضات.

لكن في النهاية وبعد كل هذه المعارك وبعد الثغرة والخسائر الرهيبة عن الطرفين ...الا ان القوات المصرية نجحت في انجاز المهمة التي من اجلها اندلعت الحرب..

تمسكنا بمواقعنا ولم ننسحب رغم ضراوة الهجوم الإسرائيلي.. في حين ان اسرائيل فشلت في تدمير الكباري او طرد القوات المصرية من الضفة الشرقية للقناة وبذلك تكون مصر قد نجحت في فرض أرادتها على إسرائيل برغم القوة الغاشمة للقوات الإسرائيلية.. هكذا يتم قياس نجاح او فشل العمليات العسكرية..... هل تحقق الهدف الذي من اجله اندلعت المعارك ؟...هذا هو المعيار.

هل حقق المصريين هدفهم بالعبور والبقاء على الضفة الشرقية؟

الإجابة.. نعم

هل استطاعت اسرائيل اجبار المصريين على الانسحاب من الضفة الشرقية والعودة بالوضع لما قبل 6 اكتوبر؟؟

الاجابة لأ.

هل كانت القوات المصرية تستطيع تصفية الثغرة؟

طبعاً و قد تم اعتماد خطة بالفعل تم تسميتها الخطة شامل و تم حشد القوات اللازمة لذلك

يبقي مين انتصر؟

(تمت)

المصادر

- حرب رمضان - الجولة العربية الاسرائيلية الرابعة - أكتوبر 1973 (حسن البدري - طه المجدوب - ضياء الدين زهدي)

- مذكرات حرب أكتوبر (الفريق سعد الدين الشاذلي)

- حرب أكتوبر 1973 (المشير عبد الغنى الجمسي)

- أكتوبر 73 السلاح والسياسة (محمد حسنين هيكل)

- الأمن القومي لمصر (حافظ إسماعيل – صلاح نصر – امين هويدي – احمد كامل – حسن طلعت – فؤاد علام)

- المعارك الحربية على الجبهة المصرية (جمال حماد)

- البحث عن الذات (محمد أنور السادات)

- No Victor no vanquished (Edgar Obllance)

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech