Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

وانطلقت المدافع عند الظهر - تأليف المشير ابو غزاله

تأليف المشير محمد عبد الحليم ابو غزاله

عرض وتلخيص- محمد شبل – المجموعه 73 مؤرخين

الكتاب موجود للتحميل في قسم مراجع حرب اكتوبر

www.group73historians.com

 

 

كتاب ( وانطلقت المدافع عند الظهر ) للراحل الكبير المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة – أحد أبرز القادة العسكريين في تاريخ مصر الحديث – اخترت عرضه هنا لعدة أسباب:

ـ أهمها أن مؤلفه رجل أعتز به وأحبه وأحترمه ، وقد أصابني حزن شديد لنبأ وفاته بعد صراع مع مرض السرطان اللعين  ، وتمنيت لو كتبت مقالا عن تاريخه ونضاله وعطائه وأخلاقه وإنسانيته ، ولكن كانت تحول الظروف دائما دون انجاز هذا المقال .

ـ وها أنا– أعرض لأحد إبداعاته ؛ فقد وجدت أنه أولى الناس بالحديث اليوم ، وأظن أنه من المناسب لنا الإنصات إليه ، فلا أقل من إعطاء الرجل بعض حقه حتى ولو بعد موته !

www.group73historians.com

ـ دعونا لا نتحدث اليوم كثيرا عن الراحل الكبير المشير أبو غزالة – رحمه الله – فهذا له مقام آخر ، ولنبدأ سويا في تقليب صفحات كتابه الهام ، للوقوف على فكر وأسلوب رجل عايش الأحداث وعاصرها وشارك في صنعها .

ـ مع العلم بأن الكتاب قد نشر بعد انتهاء الحرب بعامين فقط ، وقد ألفه المشير وهو برتبة لواء أركان حرب .

ـ وما نعرضه هنا ملخص لأهم ما جاء في الكتاب ، وقد رأينا أن نقسمه على ثلاث حلقات حتى يتسنى لنا الإلمام بأكبر قدر من الحقائق والمعلومات والأفكار التي احتواها الكتاب الصادر عن دار الشعب في يناير 1975 م .

ـ رأى المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة في النكسة :

ـ يقول رحمه الله في كتابه تحت عنوان ( النكسة سامحها الله ) :

” أحدثت نكسة عام 1967 م – سامحها الله – آثارا نفسية رهيبة في نفوسنا – نحن رجال القوات المسلحة – ؛ فلقد هزمت هذه القوات لأنها وضعت في موقف كان لابد فيه أن تفقد نفسها ، ولقد تضافرت قوى كثيرة على تدمير نفسية قواتنا المسلحة حتى كدت أن أصدق أننا فقدنا أنفسنا ولن نجدها لزمن طويل .

وأخذ العدو بزمام المبادرة ، وبدأ يشن علينا حربا نفسية ضارية ، جند لها كل إمكانياته العلمية والمادية ، وأخذت كتب الأساطير والخرافات تملأ الأسواق ، وتصم الآذان ببطولات كاذبة لجيش الدفاع الإسرائيلي الذي لا يقهر .

www.group73historians.com

 

وبدأ رجل الشارع الإسرائيلي يؤمن بأن الغلبة دائما في أي حرب بين إسرائيل وبين العرب لابد وأن تكون لصالح إسرائيل ، وساعد على شدة تأثير هذه الحرب النفسية ما أحس به الشعب المصري من آلام مبرحة في قلبه ؛ إذ كان قد آمن بأن قواته المسلحة قادرة على إلقاء إسرائيل في البحر .

وذلك نتيجة خطأ أجهزة الإعلام المصرية التي أخذت تنفخ في أبواقها منادية بشعارات طنانة ” أقوى طيران في الشرق الأوسط ” ” وأقوى جيش في الشرق الأوسط ” .. الخ .

فلما جاءت الصدمة ، وكانت شديدة ، بدأ رد الفعل ينعكس على تصرفات بعض المواطنين قبل صف وجنود وضباط القوات المسلحة المصرية ، ولم يجرؤ أحد من القوات المسلحة أن يقف ليبرئ ساحة الجيش من وزر النكسة . “

وفى موضع آخر من كتابه يستخلص المشير أبو غزالة – رحمه الله – الدروس المستفادة من النكسة ، وقد وضعها وحددها في نقاط قائلا :

أ – جهلنا بعدونا واستهانتنا به أديا إلى أن نخسر الحرب وبسهولة .

ب – التقصير الشديد في وضع الخطط المناسبة لمقابلة أي موقف سياسي عسكري في المنطقة ، وعدم وجود أي تعاون أو تنسيق بين الجبهات العربية المختلفة ، الأمر الذي أعطى لإسرائيل حرية الحركة والقضاء على القوات العسكرية لكل دولة على حدة .

www.group73historians.com

ج – ترك المجال السياسي العالمي للنشاط الإسرائيلي ، فنجحت إسرائيل في استقطاب غالبية الرأي العالمي إلى جانبها .

د – الجهل بإمكانيات الأمة العربية اقتصاديا وسياسيا وعسكريا ، وبذلك حرمنا من أسلحة مؤثرة في المجالين السياسي والعسكري .

ه – أن الخطر الصهيوني ليس موجها لدولة عربية بالذات ، وإنما هو خطر يهدد كيان الأمة العربية كلها .

ولا نستطيع أن نتجاوز هنا ما ذكره المشير أبو غزالة عن فكر العدو وفلسفته وخططه الإستراتيجية بعد انتصاره في يونيو 67م .

يقول المشير في كتابه : ” كانت ولا زالت السمة البارزة الأولى للمخطط الصهيوني الدولي هي المرحلية ؛ أي تحقيق الهدف على مراحل متتالية مترابطة ، وكل مرحلة من المراحل لها هدفها الأقصى وهدفها الأدنى … وعلى ذلك تمسكت إسرائيل بالأراضي العربية التي استولت عليها خلال حرب يونيو ، وحاولت أن تحقق أحد هدفيها لهذه المرحلة :

الحد الأقصى : ويتلخص في ضم كل أو معظم هذه الأراضي على أساس أنها ضمن حدوده العظمى .

الحد الأدنى : أدت تطورات الموقف العربي الدولي إلى دفع المعتدلين في إسرائيل للبحث عن حلول وسط ، وصياغة مقترحات تحقق لإسرائيل الحد الأدنى الذي لا تقبل ما دونه ، وكان العامل الرئيسي الذي تحكم في مفهوم إسرائيل عن الحد الأدنى هو الحدود الآمنة ، أو نظرية الأمن الإسرائيلية .

وظهرت صياغات جديدة ومصطلحات لولبية براقة ؛ فلقد نادى موشى ديان بضرورة النظر إلى مستقبل المناطق المحتلة ، ليس فقط من وجهة نظر الحق التاريخي ، بل من خلال الاهتمام بالمستقبل التاريخي ، واستبدالها بعبارة الارتباط التاريخي ، والفرق بين الكلمتين أو التعبيرين هو في الواقع نفس الفرق بين الحد الأدنى والحد الأقصى ؛ وفسر المعلقون الارتباط التاريخي بأنه ليس من الضروري أن تحتفظ إسرائيل بكل الأراضي المحتلة بحكم الحق التاريخي ، وإنما توجد أماكن أو مناطق يجب الاحتفاظ بها من أجل مستقبلها . “

ويلخص أبو غزالة الأسس الإستراتيجية في المخطط الإسرائيلي لتحقيق أهدافه تلك كالتالي :

1- محاولة إرغام العرب على قبول الوجود الإسرائيلي والاعتراف به مستغلة في ذلك نتائج حرب يونيو 67 والنجاح العسكري والسياسي الذي تحقق لها .

2- تأمين الوجود الإسرائيلي داخل حدود يتوفر فيها الأمن بمفهومه السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي .

3- العمل تدريجيا على تحقيق الحلم ، وذلك بالتوسع واستمرار النمو .

د – محاولة كسب السكان العرب الموجودين داخل إسرائيل وكسر حدة العداء لها ، وذلك بخلق وجود عربي مشترك ، رغم ما في ذلك من تناقض مع الأيديولوجية العنصرية الصهيونية التي تتمسك باستمرار النقاء العسكري اليهودي .

ه – إزالة مظاهر الصلات الشرعية القائمة بين المناطق المحتلة والدول العربية التابعة لها .

وقد ذكر المشير أبو غزالة عدة خطوات عسكرية  قامت بها إسرائيل لتنفيذ هذه الإستراتيجية على أرض الواقع ، لخصها في عناصر ثلاثة :

أولا : الحرب الوقائية الخاطفة التي تعتمد على رفض انتظار وقوع الضربة الأولى من جانب الدول العربية .

ثانيا : التفوق الجوى والسيادة الجوية حتى تكون أجواء الدول العربية مفتوحة أمام القوات الجوية الإسرائيلية .

ثالثا : الحرب الخاطفة وذلك بتدمير أي هجوم عربي في مراحله الأولى .

وكما ذكر المشير أبو غزالة – رحمه الله – الإستراتيجية الإسرائيلية ، ذكر في مقابلها الإستراتيجية العربية الجديدة للمواجهة ، والتي تبلورت بعد ثورة التصحيح ، وظهرت معالمها جلية في خطابات الرئيس السادات وكل أعماله ، وقد لخصها في النقاط التالية :

أ – هناك أرض عربية يحتلها العدو ولابد من تحريرها ، وهو يرفض أن يتخلى عنها .

ب – أن العرب يرفضون الاستسلام ويصرون على استرداد الحق المغتصب ويؤمنون بقدرتهم وإمكانياتهم الاقتصادية والسياسية والعسكرية .

ج – استقطاب التناقض الموجود في العالم العربي ، والعمل على خلق جبهة عربية موحدة تحاصر العدو الإسرائيلي وترهقه .

د – هناك كثير من نقط الضعف الأساسية في موقف إسرائيل يمكن استغلالها .

ه – يمكن للعرب أن يجعلوا بقاء إسرائيل في الأراضي المحتلة عبئا ثقيلا غالى التكاليف ، تقصر عنه إمكانيات إسرائيل الاقتصادية .

و – استقطاب المجال السياسي العالمي لصالح العرب ، وعدم ترك أي ميدان سياسي لإسرائيل تعمل فيه بحرية .

ز – البناء العسكري إلى جانب البناء الاقتصادي ؛ فيد تبنى ويد تحمل السلاح .

ح – وضع خطة من أربع مراحل : البناء والصمود والردع ثم التحرير .

 

 

خلال هذه الحلقة الأخيرة من عرضنا لكتاب المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة ( وانطلقت المدافع عند الظهر ) سنحاول تلخيص رؤيته لمرحلة التحول من الدفاع إلى الهجوم ، وشهادته على ما تحقق فى أكتوبر 73م .

لن نتدخل بتعليق ولن نضيف شيئا من عندنا ، فقط سنعرض ملخصا سريعا لما عرضه المشير فى كتابه باستفاضة وتفصيل ، وأنا على يقين بأننا سنخرج بعد هذا العرض الموجز أكثر قناعة بأهمية الحدث وروعته ، وأكثر إنصافا ً لرجالنا الذين ضحوا وبذلوا وقدموا أنفسهم فى سبيل الله ودفاعا عن الوطن ، سنخرج أيضا أكثر فخرا وحبا وتواصلا مع إخواننا المرابطين من رجال القوات المسلحة المصرية ، الذين أثبتوا فى أكتوبر 73م أنهم خير أجناد الأرض كما أخبر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، والذين أظهروا للعالم كله عبقرية الجندي المصرية وأصالة العسكرية المصرية .

• ونحن هنا فقط نضع أمام رجالنا البواسل من أبناء قواتنا المسلحة ما ختم به المشير الراحل أبو غزالة كتابه ، فهو يذكرهم بمسئوليتهم الجسيمة ، ويحدد لهم مهمات هذه المرحلة المصيرية ، يقول : ” بعد الحرب أحست إسرائيل بالخطر ، فجعلت تبنى قوتها من جديد عن طريق التسليح والتدريب ، وهذا يضعنا أمام اختبار جديد وخطير ، إذ يجب علينا أن نستعد دائما لأخطار جديدة ، وأن نبنى قوتنا الذاتية التي تقينا المفاجآت ، وفى مقدورنا ذلك ” .  

- وللتحول من إستراتيجية الدفاع إلى إستراتيجية الهجوم – وهو ما حدث خلال الفترة بين حرب الاستنزاف وقرار عبور القناة واقتحام تحصينات خط بارليف – لابد للقيادة العليا من تقدير الموقف ، الذي يشمل عناصر كثيرة أهمها :

1- العدو                  2- قواتنا                       3- الأرض

• العدو يعتنق نظرية الدفاع المتحرك الذي يعتمد على الاحتياطيات الخفيفة الحركة لتوجيه هجمات مضادة قوية لتدمير القوات المعادية .

•  وقد بنى العدو خط بارليف الذي يتكون من 31 نقطة حصينة صممت بنظام واحد ، لوقاية الأفراد من التأثير النيرانى لمدفعيتنا وقواتنا الجوية ، ولإعطاء إنذار ببدء العمليات من جانب قواتنا ، ولإعطاء معلومات دقيقة فى الوقت المناسب عن عمليات اقتحام المانع فى المراحل الأولى للهجوم ، وللسيطرة على بعض المناطق الصالحة لعبور القناة والطرق المؤدية إلى عمق سيناء ، وأيضا لإدارة المدفعية وتوجيه الطيران .

• ولقد قام العدو بإنشاء جدار ترابي على طول القناة بارتفاع وصل إلى 20مترا وأنشأ عليه مرابض نيران لدباباته وعرباته المدرعة بفاصل من 100 إلى 200 متر ، الأمر الذي حقق له كثافة تصل إلى 8 مرابض فى كل كيلو متر على طول المواجهة ، بحيث يمكن لأي دبابة تحتل أي مربض الضرب على قواتنا فى المنطقة الابتدائية للهجوم .

• ولقد روعي فى إنشاء هذه السواتر أن تمكن قوات العدو من منع قواتنا من الانتشار وخلق جيوب من النيران للقضاء عليها فى المراحل الأولى من العبور .

• إذن لنا أن نستنتج ردود العدو المنتظرة عند هجومنا :

• إذا تمكن العدو من اكتشاف نوايانا للهجوم يحتمل أن يقوم بتوجيه ضربة جوية مركزة ضد قواتنا بهدف الحصول على السيطرة الجوية بتدمير جدار الصواريخ المصرية والقوات الجوية المصرية .

• سيدفع باحتياطياته المحلية لضرب قواتنا على الشاطئ القريب وأثناء الاقتحام

• سترتد دبابات العدو إلى السواتر الترابية المجهزة على مسافة من واحد إلى ثلاثة كيلومترات شرق القناة وتقوم بالتعامل مع قواتنا وتكبيدها أفدح الخسائر

• بفرض إمكان عبورنا واستيلائنا على الساتر الترابي الموجود على الشاطئ الشرقي وتأخر دبابات العدو وعرباته المدرعة فى احتلال مرابضها قبل ساعة الصفر ، من المنتظر أن تقوم هذه الدبابات والعربات المدرعة باحتلال خطوط النيران فى العمق ( 1-3 كم ) خلال 30 دقيقة من بدء الهجوم ، وتحاول تدمير قواتنا التي عبرت ، مستفيدة من عدم وجود دبابات معها .

• إذا فشلت هذه المحاولات فى تدمير قواتنا ، سيقوم العدو بدفع النسق الثانى التعبوي للقيام بهجمات مضادة لمنع قواتنا من الانتشار وتكبيدها الخسائر .

• إذا فشل هذا الهجوم المضاد سيوجه ضربات مضادة باحتياطياته التعبوية ، بغرض تدمير رؤوس الشواطئ واستعادة الأوضاع على شاطئ القناة . 

• وللتغلب على كل المشاكل والعقبات – بما فيها مشكلة الأرض ومسرح العمليات فى شبه جزيرة سيناء – لابد من تنفيذ قصفة نيران قوية على جميع الأهداف حتى يتم شلها ومنعها من التدخل ضد قواتنا .

• ولابد من تدمير المنشآت الدفاعية الحصينة ، والقيام بعمل ثغرات فى موانع العدو على الضفة الشرقية .. وكذا تدمير مواسير المواد الملتهبة التي أنشاها العدو لغمر سطح القناة باللهب .. مع استمرار النيران على احتياطيات العدو لضمان عدم تدخلها فى العبور .. وأيضا استمرار النيران على بطاريات مدفعية العدو لمنعها من إنتاج نيران مؤثرة على قواتنا ، وأيضا تحديد استهلاك الذخيرة المناسب للتمهيد النيرانى ، بما يحقق تنفيذ المهام المكلفة بها المدفعية بكفاءة تامة .

• وقبل ذلك كله لابد من تحقيق عنصر المفاجأة .

- وفى السادس من أكتوبر 73 فوجئت إسرائيل باقتحام خمس فرق مصرية لقناة السويس واجتياحها خط بارليف الحصين .

- كانت القيادة المصرية تعلم أن إخفاء حشد قوات ضخمة فى ظروف التطور الكبير لوسائل الاستطلاع الجوى أمر مستحيل إلا أن المفاجأة قد حدثت لأمرين :

أولا : للخداع الذي قامت به مصر عن طريق تغذية اقتناع القادة الإسرائيليين بأن العرب غير قادرين على الحرب .

ثانيا : عجرفة القادة الاسرائليين وعدم اقتناعهم برغم الشواهد والدلائل الكثيرة التي تؤكد نشوب الحرب ، أو كما قال أحد المتحدثين العسكريين الإسرائيليين : ” إنهم رأوا ولكنهم لم يفهموا ” .

• وللتغلب على المشاكل والعقبات ولتقليل الخسائر ، لابد أيضا من اختيار أنسب توقيت لبدء العملية الهجومية ، ولابد من السرية التامة والتحضير الجيد للعملية .

• ولابد من خلق جو سياسي عالمي مؤيد للعرب وحقهم فى استرداد أرضهم المغتصبة .

• ولابد من تحقيق ميزة فتح ثلاث جبهات أو جبهتين على الأقل ضد إسرائيل

• ولابد من إعداد الدولة للحرب اقتصاديا ومعنويا

• ولقد نجحت مصر فى ذلك كله نجاحا كبيرا .

• تم تبليغ قادة اللواءات عن ( سعت س ) أي ساعة الصفر .. فى الساعة التاسعة من صباح 6أكتوبر ، حيث بدأ تسلسل وصول التوقيت إلى القادة على التوالي فى سرية تامة إلى أن تم تبليغ الجنود فى الساعة (1200) وليس قبل ذلك ، وعندما أشارت عقارب الساعة إلى الواحدة ظهرا ( الساعة 1300 ) كانت مراكز القيادة على مختلف المستويات قد اتخذت أماكنها فى سرية تامة .

• وبدأت فى الساعة (1400) تصل أولى البلاغات عن استعداد القوات ، وكان أول بلاغ هو بلاغ قائد مدفعية الجيش الثانى إلى قائد جيشه .

• كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية وأربع دقائق من بعد ظهر السادس من أكتوبر عندما مرقت فوق القناة الطائرات المصرية متجهة إلى أهدافها ، وفى الثانية وخمس دقائق أصدر قائد المدفعية أمره ( النيل اضرب ) فانطلقت آلاف المدافع تهدر وتصب حممها على النقط الحصينة لخط بارليف وأماكن تمركز احتياطيات العدو ، وراح عدد كبير من المدافع يطلق نيرانه على الدشم ونقط النيران المكتشفة ، ويفتح الثغرات فى مواقع الأسلاك الشائكة والألغام .

• ومع بداية التمهيد النيرانى ، وتحت ستر هذه النيران الفعالة القاتلة اندفعت مفارز من القوات تعبر القناة ، وكان التمهيد النيرانى للمدفعية المصرية من القوة لدرجة أن معظم بطاريات مدفعية العدو أسكتت منذ اللحظة الأولى ، ولم تتمكن من إنتاج أي نيران مؤثرة على قواتنا ، فكان ذلك أول بادرة للنصر الذي حققه جيش مصر الباسل .

- أنشأ العدو عددا كبيرا من السواتر الترابية أطلقنا عليها مصاطب الدبابات ، وللسيطرة عليها وحرمان العدو من استخدامها دفعت مجموعات اقتناص دبابات مسلحة بالقواذف الصاروخية والمقذوفات الموجهة المضادة للدبابات التي يحملها جنود من المدفعية على الظهر ، وألغام وقنابل مضادة للدبابات ، وكانت مهمة هذه المجموعات اقتحام القناة مع بداية التمهيد النيرانى والوصول إلى السواتر واحتلالها وصد أي هجمات مضادة لاحتياطيات العدو .

- وبعد حوالي ساعة ونصف دفع العدو باحتياطياته المحلية لمقابلة الهجوم المصري ، وكان يعتقد أنه سينجح فى تدمير الهجوم المصري ، وهنا حدثت المفاجأة ؛ فلقد واجهته مجموعات اقتناص الدبابات فدمرت معظم هذه الاحتياطيات ، وان تمكنت بعض الدبابات الفردية من الاختراق والوصول إلى الشاطئ ، ولكن سرعان ما تمكنت قوات العبور الرئيسية من تدميرها ، وبذلك فشل الهجوم المضاد المحلى نتيجة معارك مجموعات اقتناص الدبابات التي سجلت ملاحم بطولية . 

- فى أقل من ست ساعات وعلى وجه التحديد حوالي الساعة (1930) كانت القوات المصرية قد استولت على أكثر من نصف نقط العدو الحصينة ، وكان الموقف على الجانب الآخر كما وصفه بنحاس سابير وزير المالية الاسرائيلى : ” لم يكن هناك سوى خطوة واحدة باقية ثم تباد إسرائيل تماما ” .

- قبل أن يبزغ فجر اليوم التالي كانت القوات المصرية قد وصلت إلى عمق 5-6 كيلومترات ، وتم عبور أعداد كبيرة من المدرعات والمدفعية والأسلحة الثقيلة .

- خلال السابع من أكتوبر بدأت قواتنا فى تطوير هجومها شرقا ووصلت إلى عمق من 8 إلى 10كم ، حيث بدأت تستعد لصد الهجمات المضادة للعدو المتوقعة .

- فى فجر الثامن من أكتوبر تم قصف لواء مشاة ميكانيكي للعدو مدعم بعدد كبير من الدبابات بعد أن صدق اللواء محمد سعد الدين مأمون على ضربه ، وتعرض هذا اللواء لخسائر جسيمة وفر أفراده من أرض المعركة بعد أن حولتها قواتنا إلى جحيم.

- فى قطاع الفرقة 18 مشاة قامت مدفعية الجيش الثانى بحشد نيران عشرة كتائب مدفعية على لواء مدرع حاول التقدم من بالوظة فى اتجاه القنيطرة لتوجيه ضربة مضادة ضد قوات الفرقة 18 .

- فى التاسع من أكتوبر نجحت قواتنا فى توسيع رؤوس الكباري إلى عمق كبير وصل إلى 15كم ، وفشلت الهجمات والضربات المضادة التي شنتها المدرعات الإسرائيلية ، ووقع فى الأسر الكولونيل عساف ياجوري الذي قام بلوائه بتوجيه ضربة مضادة فى اتجاه الفردان .

- كانت إسرائيل تسابق الزمن بجذب مدرعاتها من الجبهة السورية ، لمواجهة الموقف الذي يوشك على الانهيار على الجبهة المصرية ، واستعانت بالترسانة الأمريكية التي أمدتها بكميات ضخمة من المدرعات وطائرات الفانتوم ، وفى ظهر الثالث عشر من أكتوبر كانت هناك لواءات إسرائيلية مدرعة تعبر المضايق لمقابلة الهجوم المصري .

- إذن ابتلع العدو الطعم وبدأ يسحب احتياطياته وقواته من أمام الجبهة السورية ، وكان ذلك دلالة على نجاح المخطط المصري .

- فى صباح 14 أكتوبر بدأ هجوم مصري بقصفة نيران من أكثر من 500 قطعة مدفعية ، لتبدأ معركة الدبابات الكبرى التي زاد عدد الدبابات المصرية المشتركة فيها عن 2000دبابة ، وبها تم تخفيف العبء على الجبهة السورية ، وتم إسكات بطاريات مدفعية العدو ومنع مدرعاته من الضغط على قواتنا ، لقد استمرت معركة الدبابات الكبرى إلى أن صدر قرار وقف إطلاق النار الذي استغله العدو فى توسيع الثغرة .

- كان موقف إسرائيل – بحسب تصريحات قادتهم العسكريين – بالغ الحرج ، وعندما قررت مصر دفع قواتها المدرعة لتطوير الهجوم شرقا لتخفيف العبء عن سوريا ، بدأ الإسرائيليون يفكرون فى عمل مغامرة تليفزيونية ، خاصة مع اقتراب موعد وقف إطلاق النار لإظهار إسرائيل بمظهر من لم يفقد المعركة ، وأن تكون فى وضع يمكنها من المساومة إذا ما أمكنها تثبيت أقدامها فى الثغرة .

• ذلك بالإضافة إلى المكاسب العسكرية ؛ فقد يتيح لها ذلك فرصة تدمير جزء من قواعد الصواريخ المتاخمة للقناة وبذلك تتوفر لقواتها الجوية بعض الحركة .

• وقد شجع إسرائيل على القيام بهذه المغامرة الجسر الجوى الأمريكي الجبار الذي نقل مئات الدبابات الحديثة من طراز م-60 إلى العريش حيث تم تطقيمها وانطلاقها إلى الجبهة ، كذلك طائرات الفانتوم بطياريها وطائرات الميراج ،  وأيضا حجم الخسائر التي منيت بها إسرائيل طوال أيام الحرب ؛ فقد رأت إسرائيل أنها بمغامرة كهذه قد ترفع من معنويات الإسرائيليين المنهارة وقد تحبط من معنويات الشعب العربي .

• وفكرة عملية الثغرة تتلخص فى استغلال إسرائيل لنقطة الاتصال بين الجيشين الثانى والثالث ، ومعروف استراتيجيا وتعبويا أن أضعف نقط فى أي دفاع هي نقط الاتصال بين القوات .

• وما من شك أن القيادة المصرية اهتمت اهتماما بالغا بنقطة الاتصال بين الجيشين الثانى والثالث وخططت لتأمينها ضد جميع الاحتمالات .

• ولكن أي رجل عسكري عادى يدرك بسهولة أن البحيرات المرة العظمى والتي تمثل مانعا طبيعيا ضد أي عمليات عبور بقوات كبيرة ، وتعتبر أيضا عنصر تأمين إلى جانب أي قوات تتقدم شمالا بحذائها مرتكزة بجانبها الأيسر على هذه البحيرات ، كما أن منطقة الدفرزوار تتميز بما يلي :

• بها أشجار كثيرة تساعد على الإخفاء

• منطقة منزرعة تصعب فيها الهجمات المضادة

• خلفها منطقة صحراوية تصلح لعمل الدبابات بكفاءة وحرية .

• ترتكز فى البحيرات المرة العظمى وبذلك يتحقق لها تأمين من أحد أجنابها ، كما أن البحيرات يمكن استخدامها فى أعمال الأبرار البحري والإمداد .

• وعليه يبدو أن المستشارين الأمريكيين أشاروا على إسرائيل باختيار هذه المنطقة لعمل مغامرتهم التليفزيونية تلك ، بعد أن تأكدت طائرات الاستطلاع الأمريكية من احتمال نجاح المغامرة جزئيا .

• ولكي تنجح مغامرة الدفرزوار كان على القوات الإسرائيلية أن تفعل ما يلي :

• تشن هجمات مضادة بكل ما لديها من إمكانيات ضد الجانب الأيمن للجيش الثانى لزحزحة الجانب الأيمن للفرقة 16 مشاة شمالا ، لتأمين منطقة العبور المختارة فى الدفرزوار

• توجيه هجمات مضادة أخرى فى قطاعات أخرى لتثبيت القوات المصرية وجذب انتباهها بعيدا عن منطقة الثغرة .

ج – القيام بعملية إبرار بحري فى بورسعيد لجذب انتباه القيادة المصرية إلى بورسعيد بعيدا عن البحيرات .

- قامت إسرائيل بقوة 3 لواءات مدرعة ولواء مشاة ميكانيكي بتوجيه ضربة مضادة ذات شعبتين على الجانب الأيمن للجيش الثانى ( ضد قوات الفرقة 16 مشاة ) ، ثم الاستيلاء على النقطتين القويتين بالدفرزوار ، والاستيلاء على رأس كوبري صغير فى المنطقة تم تدعيمه فورا ببعض الدبابات البرمائية وإبرار جوى بالهليكوبترات .

- ومع أول ضوء بدأت المدفعية المصرية تقصف الوصلات ورأس الشاطئ ، الأمر الذي حول رحلة الإسرائيليين ومغامرتهم تلك إلى جحيم لا يطاق ، وعلى الشاطئ الشرقي كان اللواءان المدرعان الإسرائيليان اللذان قاما بالعملية يوم الاثنين لا يزالان يقاتلان معركة غاية فى الشراسة .

- وبكل مقاييس العسكرية المعروفة كانت محاولة اريل شارون إنشاء رأس كوبري مأساة ومخاطرة ؛ فمع أنه بدأ هجومه بما يساوى فرقة مدرعة ، فلم يتمكن خلال معركة 16 ساعة إلا من عبور ما لا يزيد عن كتيبة مدعمة بعدد من الدبابات ، ولم يكن هناك كوبري قد أنشئ ، وإذا نظرنا إلى كمية النيران التي ألقتها المدفعية المصرية على المثلث ( الطاسة – البحيرات – الإسماعيلية ) فان الموقف لم يكن يعطى أي بادرة أمل  فى نجاح .

- يقول الفريق الجمسى عن معركة الثغرة : ” ولقد قاتلت القوات المصرية المهاجمة قتالا باسلا ، واستشهد قائد كتيبة وقائد لواء وقائد فرقة في الهجوم الذي تقرر يوم 17 أكتوبر” .

- وعلى الرغم من نجاح العدو في تدمير موقعين للصواريخ حتى مساء 16 أكتوبر إلا أن الموقف لم يكن خطيرا ؛ فلقد استمرت المدفعية المصرية طوال ليلة 16- 17 أكتوبر تصب حممها على العدو المتسلل لدرجة لم تشهدها أي معارك فى الشرق الأوسط .

- يصف كتاب كيبور ( حرب عيد الغفران ) الموقف يوم الثلاثاء 16 أكتوبر وما بعده فى عدة أماكن فيقول : ” وعندما حل يوم الثلاثاء 16 أكتوبر كانت المعركة ما تزال مستمرة ؛ فلقد تعثرت القوة المدرعة الإسرائيلية التي بدأت منذ 48 ساعة تهاجم الموقع ومنيت بخسائر فادحة ”

• ويقول صاحب كتاب كيبور : ” وبينما كنا نقوم بتركيز قواتنا على الشاطئ الغربي تعرضنا لقصف مدفعي لم نشهد له مثيلا فى حياتنا ”

• ويقول أيضا : ” وعندما وصلت إلى الجسر أدركت أنها مذبحة ؛ فلقد شاهدت عشرات من رجالنا مبعثرين قتلى ” .

• من هذه العبارات التي وردت متناثرة فى كتاب حرب عيد الغفران يتضح مدى ما تعرض له العدو الاسرائيلى من ضرب خلال إنشائه للجسر ، ولقد التقطت 100 محادثة بين القائد الاسرائيلى والقيادة العليا ، يطلب فيها إلغاء العملية لجسامة الخسائر التي تكبدها ، وترد القيادة العليا ترجوه الثبات وتقول له : ( إن مستقبل إسرائيل متوقف على نجاح هذه المغامرة ! )

• يقول الفريق الجمسى : ” تقدمت قوات الجيش الثانى جنوبا ، وتقدمت قوات الجيش الثالث شمالا ، وبلغت المسافة بينهما 4 كيلومترات فقط ، ولكنهما لم يتمكنا من الالتقاء ، لقد استمات العدو لتأمين مرور قواته شمالا وجنوبا ، وكان القتال رهيبا ، استخدمت فيه كل الأسلحة ، وهكذا استطاعت قواته يوم 17 أكتوبر أن تنفذ بأعداد أكثر إلى الغرب ، ولكن القتال الرهيب استمر 17 ، 18 ، 19 ، 20 أكتوبر ، تكبد خلالها العدو أكبر خسائره فى الحرب كلها ”

• حاول العدو بعد نجاحه فى التسلل غربا أن ينتشر شمالا وجنوبا ولكن الجيش الثانى الميداني نجح فى منعه من الاقتراب من الإسماعيلية ، وأوقف تقدم العدو وعدل من أوضاع قواته بما يحقق تحديد انتشار العدو وإيقاف تقدمه .

• فكر العدو فى الانتشار جنوبا ولكن الجيش الثالث دفع باحتياطياته لإيقاف تقدم العدو ، وحدثت معارك رائعة فشل فيها العدو من تطوير هجومه .

• وفى 22 أكتوبر أعلن وقف إطلاق النار ، واستغل العدو هذا الموقف فتسلل ببعض مفارزه المدرعة الصغيرة ووصل إلى طريق القاهرة السويس ، وقطع طريق الإمداد والتموين عن قوات بدر ( فرقتين من الجيش الثانى والثالث ) ، وتمكنت القيادة المصرية من تعديل أوضاع قواتها ودفع احتياطياتها بالشكل الذي أحاط بقوات العدو الاسرائيلى ، وبدأت تعد العدة لتدميرها ، ووضعت لذلك خطة أعلن عنها الفريق الجمسى باسم ( الخطة شامل )

• بعد ذلك بدأت معركة جديدة استمرت حتى توقيع معاهدة الفصل بين القوات ، وكانت هذه المعركة استنزافا دمويا للعدو الاسرائيلى الذي أخذ يئن تحت وطأة الضربات النيرانية للمدفعية المصرية والدبابات .

• بدأت المحادثات عند الكيلو 101 بهدف إنقاذ الموقف من التدهور فى الشرق الأوسط ، بوساطة من وزير الخارجية الأمريكي كسينجر ، وخلال هذه المفاوضات لم يتوقف القتال ، وفى النهاية قبلت إسرائيل الانسحاب من الضفة الغربية ، وبقاء رؤوس الكباري المصرية كما هي .

• وتم فصل القوات ، وانتهت مرحلة من مراحل الصراع من أجل تحرير الأرض المغتصبة ومصر منتصرة .

• وأثبتت القوات المسلحة المصرية أنها قادرة على تلقين العدو الاسرائيلى درسا لن ينساه .

• وانتهت الأسطورة التي تقول : إن جيش الدفاع الاسرائيلى جيش لا يقهر !

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech