Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

بطولات من حرب رمضان- الجزء الاول

 

موضوع من اعداد  - المؤرخه اسماء الكاشف 

 

(( إنه  الشعب .. صاحب الأسلحة التى حققت المعجزة  .. أسلحة  لم تصنع من الفولاذ فقط وإنما  صنعت أيضاً بالإيمان والاصرار ، صنعت  بالعناد والعرق ، صنعت  بالدم والتضحية وقوة الأحتمال  ))

(( أنور السادات ))

(( قد أثبت شعبنا فى حرب أكتوبر ، على مرأى  ومسمع من الدنيا كلها ، أن لديه بطولة أحتمال الأيام الشاقة  ومواجهة اللحظات المصيرية الحاسمة  كأعلى ما  تكون البطولة  .. ))

(( وثيقة أكتوبر  ))

 

 

تقديم

بقلم : ممدوح سالم

 

هناك أيام خالدة  فى تاريخ كل أمة  .. ولعل أخلد تلك الأيام هو اليوم الذى  تؤكد فيه للعالم كله عظمتها  وخلودها  .. إرادتها واصرارها .. عزمها وتصميمها  .. استبسالها وشجاعة  ابنائها .. اصرارها على بلوغ النصر .. مهما كان  الثمن ومهما بلغت التضحيات  .

ومن هنا تأتى عظمة  اليوم الخالد من تاريخ مصر يوم  .. يوم العاشر  من رمضان – 6 أكتوبر المجيد ..

ولسوف يظل الحديث عن هذا اليوم  صفحة مضيئة  فى تاريخ  مصر بل وفى تاريخ الأمة العربية ..

ولسوف تمضى الأيام ويبقى 6 أكتوبر  المجيد علامة  على الطريق  تؤكد للدنيا كلها عظمة  مصر وعراقة شعبها  وبسالة قواتها المسلحة ..

وقبل ذلك  وبعده  .. شجاعة القرار الذى أصدره بطلها وزعيمها  القائد الرئيس محمد أنور السادات .. لقد كان شعب  مصر  عظيماً فى  تضحياته  وكان القائد وفياً فى عطائه .

لقد أعطى الشعب ذلك  الفارق بين ظلمة اليأس  ونور الأمل .. بين مرارة الأنكسار  وبهجة الأنتصار  ، أعطى  الشعب إرادة الصمود كما أعطاه إرادة النصر ..

لقد استطاعت  أمتنا العربية بموقفها  فى معركة التحرير  أن تغير موازين القوى  وأن تفتح للنضال الإنسانى  آفاقاً  جديدة تنتصر فيها مبادىء الشرفاء على اساليب القراصنة .

لقد تصدت جماهير شعبنا لقوى العدوان فى جبهة داخلية صلبة متماسكة ..كانت اسلحتها  الفداء وقنابها التضحية وإرادتها النصر .

ولقد عبر هذا  الكتاب عن كل ذلك فى واقعية وأمانة فكان مرجعاً  وافياً يضاف إلى سجل تاريخنا الوطنى .

أن شعبنا يدرك المرحلة التى يمر بها ويعرف التحديات التى تواجهنا ووالمسئوليات التى تنتظرنا .

يعرف أن الطريق الذى أختاره ملىء  بالجهد ، مضىء بالأمل وأن كل نصر تحقق إنما جاء مكللاً بالتضحية مباركاً  بالفداء .

وفى مواكب النصر لابد وأن نجدد العهد  ..  عهداً لكل  المبادىء  التى حملتها ثورة 23 يوليو 1952  ضد الظلم والطغيان .. عهد للمبادىء والقيم الشريفة التى أعلنها  الرئيس القائد فى 15 مايو 1971  حرية لوطننا وكرامة لشعبنا  .

عهد لأمجاد النصر فى 6 أكتوبر  .. بدماء الأبطال وبأرواح الشهداء .. بأساطير الفداء ..

عهد بأهداف ورقة أكتوبر .. بآمال شعبنا وآمال أجيالنا ..

عهداً بهذا كله .. أن نبذل أعظم الجهد ونقدم  أغلى التضحية حتى نستكمل  مسيرة النصر  ، ونواصل طريق البناء لنصنع لأنفسنا وللأجيال من بعدنا  وطناً أوفر رخاء ورفاهية  بقيادة الرئيس القائد محمد أنور السادات

.

ممدوح سالم

نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية

 

 

الفصل الأول

لماذا أقاموا خط بارليف ؟

إلى روح الشهيد اللواء شفيق سدراك

أعلى نقطة  المراقبة ف الموقع 76 الإسرائيلى يوم 22 يوليو  (تموز) صيف 1968 وقف الجنرال حاييم بارليف ومعه هيئة أركانه يتطلعون  بنظاراتهم المجسمة إلى الحشود المصرية .

وحينما وصل الجنرال بارليف إلى مكتبه فى رئاسة الأركان الإسرائيلية  حمل إليه  سكرتيره العسكرى  ( ملف سرى جداً ) تقريراً عن حشود المدفعية المصرية على  طول الجبهة . ولم يتمهل الجنرال عندما أخبره  سكرتيره   - مرة أخرى – أن

 جبهة سيناء كلها قد اشتعلت  بقصف المدفعية المصرية  على التجمعات الإسرائيلية  . وبدأ الجنرال فى دراسة مشروع أعده  بين أعتبارين متعارضين

الأول _ ضرورة حماية القوات الإسرائيلية  المسيطرة على جانب القناة الشرقى مع تسهيل قيامها بتركيز المدفعية  داخل تحصينات منيعة توفر لها الحماية والقدرة  على تغطية القناة بالنيران الرادعة للمصريين حتى لا يفكروا فى عبور  القناة مع  ما تفرضه هذه الضرورة من تثبيت حركة قوات كبيرة داخل مواقع ثابتة  .

الثانى _ ضرورة الأحتفاظ بقوات أحتياطية رئيسية متحركة للقيام بالهجمات المعاكسة تتفق وأسلوب حركة المباغتة  الذى درب الجيش الاسرائيلى عليه ونفذه  فى حرب سنوات 1948 /1956/ 1967  أى أن إقامة خط دفاعى ثابت يتطلب أن تكون المواقع الدفاعية المقامة على طول القناة ذات عمق كاف وإلا تعرضت للأختراق نتيجة تركيز قوة متفوقة فجأة عند أى نقطة  والأنقضاض عليها من الخلف ، وهذا يفترض  حشد قوات كبيرة فضلاً عن النفقات المالية الضخمة للمنشآت الدفاعية وتثبيت حركتها فى الوقت نفسه .

وكلا الأمرين لا يتوافقان مع إمكانيات إسرائيل من حيث الطاقة البشرية ومن حيث ضرورة أن تكون قوتها الرئيسية متحركة حتى تستطيع أن تناور بها على الخطوط الداخلية بين الجبهات المختلفة فى مرونة وسرعة .

وسرعان ما بدأت فكرة بارليف تجد طريقها إلى حيز التنفيذ اذ أقيمت فى بادىء الأمر مجموعة من النقاط الدفاعية القوية التحصين على مقربة من القناة  تدعمها فى المؤخرة قوات مدرعة ميكانيكية تمثل القبضة الضاربة المتحركة المساندة للنقاط الدفاعية حتى تعوق العبور المصرى المحتمل إلى حين دفع القوى المتحركة  وتحديد اتجاهات العبولا الرئيسية لتدميرها  ، وقد اعتمد بارليف على الطيران كقوة ضاربة أساسية مساعدة .

وكانت هذه النقاط مؤلفة من ملاجىء ودشم بنيت من كتل  من القضبان وفلنكات السكك الحديدية وبكميات هائلة من الرمال لتقليل النفقات المالية ، إلا أن أحلام بارليف كادت تنهار عندما بدأ المصريون حرب الأستنزاف وقصفهم للمواقع الاسرائيليلة  فى 8 مارس 1969  فقد دمر  هذا القصف ما يقرب من 60% من هذا الخط مما جعل بارليف وقادة اسرائيل العسكريون يفكرون جدياً فى تحصين هذه المواقع واعادتها من جديد لتلائم الوضع الجديد.

وأعيد بناء النقط الدفاعية .. واستغرق بناؤها 4 سنوت وبلغت تكاليفها 238 مليون دولار أى ما يقرب من نصف تكاليف السد العالى .

وأعطى الاسرائيليون الأهمية الأولى والقصوى لتقوية أقوى ما لديهم وهو قواتهم الجوية وتحققوا من أن وسيلتهم الوحيدة فى المواجهة العسكرية هى الطائرات والمطارات الجوية ألأمامية وصواريخ جو/أرض . وأصبح همهم الأول وشعارهم الأوحد هو المزيد من الفانتوم وكل تفكيرهم الأقتصادى المالى مركزاً على توفير امكانيات الحصول على الطائرات .. حتى يخيل للقارىء أن ديانة اسرائيل وسياستها وكل حياتها ترتبط بشىء واحد .. وهو الطائرات .. ووراء الطائرات تحتمى قوات اسرائيل البرية  وهى تعلم أنها لن تستطيع أن تكون فعالة فى مواجهة برية مباشرة ،بل لابد أن تملك قدرتها على العمل  من خلال أتصالها بالموقع الاستراتيجي القوى وهو الجو لتستمد منه قوتها أو يحملها فى طائرات هليكوبتر فى عملية إنزال جوى وكلما ازداد التصاق القوات  البرية الاسرائيلية  بالطائرات ازدادت فاعليتها ولذلك فإن مواقع خط بارليف الحصينة قد ربطت بشبكات اتصال لطلب نجدات الطيران مع اى عبور مصرى  للقناة ودرب الجنود العاملون فى النقاط الدفاعية على العمل كمراقبين أرضيين مساعدين للطيران لتسهيل التعاون بين النقط والدعم  الجوى المباشر لها . وكذلك كمراقبين معاونين للمدفعية الذاتية الحركة والدبابات المحتشدة فى العمق التكتيكى كأحتياط متحرك ، وكان يجرى تحريكها باستمرار من موقع إلى آخر منعاً لتحديد مواقعها فى صورة ثانبتة دائمة للمدفعية المصرية التى تقع داخل مرماها البعيد

وأقام العدو كل 4 كيلومترات نقطة قوية وقام بتوصيلها بالساتر الترابى وكانت النقط بمثابة هيئات حاكمة على المحاور الرئيسية فى المناطق الصالحة لعبور وتبلغ مساحتها فى المتوسط 200*350 متر  ومحاطة بأسلاك شائكة وحقول ألغام بعمق 200 متر فى المتوسط أيضاً بها جميع مرابض نيران الأسلحة من رشاشات ومدفعيات وهاونات ودبابات فى شكل دفاع دائرى ومدخل واحد وبها ملاجىء للأفراد من طوابق متعددة ومدرجات وقاية عالية  جدا لمقاومة قنابل الطائرات زنة ألف رطل ,أكثر ومزودة بأجهزة  تهوية وتنقية ضد الغازات وأسلحة التدمير الشامل ، وبها وحدات انارة وتكييف هواء .. كأن بقاءهم فى هذه النقاط الدفاعية إلى الأبد .. !

وحينما سقطت هذه المواقع وجدت بها تعيينات وذخيرة  ومياه بالإضافة  إلى وجود بعض الوثائق الخرى التى توضح أن هذه المواقع الحصينة كانت معدة لمقاومة لمدة شهر كامل ..

وبلغ عددها 22 موقعاً حصيناً  تضم 31 نقطة قوية  وعلى أى حال فإن كل نقطة  تعتبر منشأة هندسية  معقدة  تغوص فى باطن الأرض وتعلو حتى  تصل إلى قمة الساتر واستخدم فى بنائها خلاصة الخبرات المكتسبة من مسارح الحرب المعاصرة فى علوم  التحصينات والموانع وفنونها ، ووقفت عاجزة أسيرة فى السادس من أكتوبر 1973  (10 رمضان 1393 ) بعد 4 ساعات من ساعة الصفر التى انطلق منها الرجال بإشارة من القائد الأعلى يجتازون مواقع اللهب ويقهرونها .. وفى الساعة السادسة مساء .. كان لخط بارليف صورة أخرى  !!

***************************

 

الفصل الثانى

بارليف .. السادسة مساء

إلى روح الشهيد .. مراد عبد الحافظ

.

فى السادسة  مساء يوم 6 أكتوبر 1973 كان لخط بارليف صورة أخرى!!

وقبل أن نستطرد فى وصف الصورة الجديدة لخط بارليف يجب أن نقف بالتأمل والدراسة والتحليل لنجيب على أهم الاسئلة الملحة كيف استطاع الجنود المصريون تغيير هذه الصورة فى أربع ساعات .. ثم هل استطاعوا  - بشجاعة نادرة -  تحقيق ذلك .. أم كان ذلك محصلةمشوارطويل من الخبرة والتجربة والفن العسكرى ؟ ، وأضافت إليها  شجاعة الرجال أسطورة جديدة من اساطير العسكرية  التى جرت على ارض سيناء والجولان عام 1973 .. وإذا جاز لنا التساؤل هل كانت لحربنا استراتيجية ؟

وإذا كان لنا  - أيضاً – حق الإجابة فما هى ؟؟

الاستراتيجية المصرية :

لقد اعتمدت القيادة المصرية فى استراتيجيتها على القوة الرئيسية  لمصر ( الطاقة البشرية  ) Man Power

لتنفيذ هذه الأستراتيجية وقررت أن  تقوى ما هو قوى لديها وكتلت جهودها وأعطت أهتمامها لبناء جيش النصف مليون والذى نمى فأصبح جيش المليون..

وقد كان هذا هو المدخل المنطقى والطبيعى  لإقامة الدفاعات العربية الجوية منها والبرية .. ثم تأتى بعد ذلك مرحلة الانطلاق بكافة الأمكانيات فى الجو  والبحر من قاعدة برية صلبة لا تلين .. ولهذا كان تركيز العدو  الاسرائيلى على حشد كميات رهيبة  من النيران وحواجز اللهب لتعيق أى عبور  مصرى محتمل  وحت دخول الطيران الإسرائيلى أرض المعركة !!

يقول الجنرال موشيه ديان مرة فى 22 نوفمبر 1969 :

(( إن عمليات العبور المصرية  - إذا حدثت – لن تؤثر على قبضة اسرائيل الحازمة على خط بارليف المنيع وسيلقى المصريون الرد الحاسم لأن التحصنات الاسرائيلية  على خط بارليف أكثر تحصيناً وتنظيماً  ، ويمكن القول بأنه خط منيع لا يمكن أختراقه .. إننا أقوياء بدرجة  تكفى للأحتفاظ إلى الأبد بخط بارليف ، وأن مبالغ طائلة قد انفقت على  انشاء التحصينات به . ))

 

وكان على المقاتل المصرى عبور القناة واقتحام خط بارليف وقهره والسيطرة عليه فى ظل عدة اعتبارات هامة :

صعوبة المانع المائى :

فقناة السويس من الموانع الصناعية الصعبة ولا يشترك معها فى هذه الصفة  سوى قناة بنما وذلك للأسباب التالية :

1-  شاطىء القناة شديد الانحدار  ومغطى بساترات أسمنتية وحديدية تمنع نزول وصعود المركبات البرمائية .

 2-  سرعة  التيار واتجاهه اذ تتميز القناة بشدة التيار وسرعته التى تبدأ من 18 متراً فى الدقيقة فى القطاع الشمالى وتصل إلى 90  متراً فى الدقيقة فى القطاع الجنوبى وفضلاً عن ذلك فإن اتجاه التيار يتغير دورياً كل ست ساعات من الشمال إلى الجنوب وبالعكس .

 3-  تتعرض القناة لظاهرة المد والجزر   فيختلف منسوب المياه تبعاً لارتفاعها عدة مرات فى اليوم الواحد ، ويبلغ فارق المنسوب بين أعلى مد ,ادنى جزر  إلأى حوالى 60 سم فى شمال القناة  بينما يزيد هذا الفارق كلما اتجهنا جنوباً حتى يصل إلى المترين قرب مدينة السويس .

 4-  ويتراوح عرض القناة بين 180 -220 متراً أما طولها فيصل إلى 175 كم ويتراوح عمقها بين 16- 18 متراً وينخفض سطح  المياه  على حافة الشاطىء بحوالى مترين وبذلك لا يمكن عبور القناة  بالمعدات المختلفة لا عوماً ولا خوضاً ولا سيراً على القاع  .

    الساتر الترابى

 ومن نتيجة حفر قناة السويس وتطهيرها تكون على الضفة الشرقية للقناة ساتر ترابى يتراوح أرتفاعه من 6 إل 10 أمتار استغله العدو  فى إقامة خط دفاعى  محصن على امتداد القناة فقام بتعليته حتى وصل فى بعض القطاعات الى 25متراأ أرتفاعاً .

ولم يكتفى العدو بالتعلية بل ازاحه غرباً حتى لامس  حافة القناة تماماً بزاوية ميل 45 درجة ليضع أمام المقاتل المصرى مزيداً من العقبات  . وهذا الساتر الترابى أخطر من أى حائط صخرى  .. لأن الدبابة  تستطيع تحطيم الحاجز الصخرى وأختراقه أما الحاجز الرملى  فينهار على الدبابة ويردمها كما استخدم العدو هذا الساتر  الترابى  كمصاطب لنيران دباباته  ومدفعياته ..

حاجز اللهب

وجهز العدو سطح القناة بمواسير متصلة بخزانات وقود ومواد نفط فى النقط الحصينة ليتسرب خلالها الوقود طبقاً لنظرية الأوانى المستطرقة التغطية سطح القناة  حتى تتحول مياهها إلى مسطح هائل  من اللهب ترتفع ألسنته الحارقة لأكثر من المتر وتصل درجة حرارته إلى 700 درجة مئوية .

النقط الحصينة

وخلف الساتر الترابى وفى جوفه أقام العدو نقاطه الحصينة  وقد جهزت كل دشمة بعدة فتحات تمكنها من الأشتباك فى جميع الاتجاهات ، بحيث تكون النقطة كتلة من النيران تغطي كل مساحات الأرض حولها  ، هذا فضلاً عن دشم أخرى مجهزة لأسلحة المدفعية والدبابات  وتتصل جميع هذه التجهيزات ببعضها البعض عن طريق خنادق  مواصلات عميقة مبطنة  بألواح الصلب  وشكائر الرمل ، ولزيادة مناعة النقطة الحصينة أحاطها العدو بنطاقات كثيفة من الأسلاك  الشائكة  وحقول الألغام المضادة للدبابات  والأفراد والتى يبلغ عمقها حوالى 200 متراً هذا بالإضافة إلى الشراك الخداعية والتى تغطى ميول الساتر الترابى وقمته .

المنطقة الحصينة

وتمتد هذه المنطقة الحصينة  من شرق بور فؤاد شمالاً حتى رأس المسلة  على خليج السويس جنوباً وبعمق يمتد إلى  الشرق حوالى 30 – 35  كم  حتى منطقة المضايق وتبلغ هذه المنطقة حوالى 5000 كم مربع  وهى منبسطة كراحة اليد خالية من أية حواجز طبيعية  ، لكن العدو اقام فيها نظاماً كاملاً من التحصينات  الهندسية والسواتر الصناعية  والموانع القوية  وحقول الألغام  المضادة للدبابات  والأفراد بحيث  أعد فيها كثيراً من المناطق التى يطلق عليها فى التعبير العسكرى ( مناطق قتل ) للدبابات وتجمعات الأفراد .. وتخترقها طرق طولية  وعرضية للمناورة بالقوات ، لكن الموانع الطبيعية  غلفت المنطقة بأسرها من جميع الأتجاهات فإلى الغرب توجد قناة السويس وإلى الشرق يقع خط المضايق الجبلية وإلى الشمال البحر المتوسط وإلى الجنوب هضبة العجمة الجبلية وخليج السويس ..

خط ثانى وثالث

وبين الخط الأول على ضفة القناة  وخط المضايق الجبلية انشأت القوات الاسرائيلية خطين دفعيين آخرين هما الخط الثانى والثالث ويبعد الخط الثانى حوالى 300 – 500 متراً عن الخط الأمامى ويتركز فى الأتجاهات الأكثر صلاحية لعبور القناة وتقدم القوات المهاجمة  ، أما الخط الثالث فيمر على مسافة تتراوح بين 3-5 كم من القناة على بعض الأتجاهات الهامة وعلى أجناب الطرق الرئيسية المؤدية إلى العمق .

مناطق تجمع للأحتياطات المدرعة :  

وبين هذه الخطوط وإلى الخلف منها حتى خط المضايق انشأ العدو مجموعة من التلال والسواتر الصناعية وجهزها كى تحتل بالدبابات كما جهز  مناطق تجمع للأحتياطيات المدرعة داخل نطاق المنطقة الحصينة على أعماق مختلفة تتراوح بين 5 – 30 كم من قناة السويس .

 

كيف اقتحم الرجال العبور ؟

.. التكتيك :

حينما صدرت أوامر القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية بتنفيذ الخطة ( بدر ) سعت 1405 ى 6 أكتوبر 1973 كانت القيادة العسكرية لمصرية قد وضعت الحلول الأساسية أمام القوات لاتمام العبور .

حرائق النابالم :

كانت المشكلة الأولى التى تواجه الرجال هى كيف يتغلبون على النيران الملتهبة التى سوف تغطى سطح القناة عند بدء العبور ؟؟  و اتجه الرأى الأول إلى اطفائها وقاموا بعمل تجارب عملية على ذلك فى أماكن شبيهة بالقناة  ، واتضح أن عملية الاطفاء تحتاج إلى مجهودات ضخمة وأن النيران تبقى مشتعلة  حوالى نصف ساعة إذا لم يتم تزويدها بكميات إضافية من المواد الملتهبة ومن هنا اتجه التفكير إلى ضرورة  ابطال استخدام  هذه المواد قبل العبور ، واذا حدث أن اخفقوا  فى ابطال استخدامها فى بعض الحالات فإنه يجب أن يمنعوا العدو من تغذية الحريق بكميات إضافية من المواد الملتهبة وذلك لاقلال فترة تعرض القوات للحريق إلى أقل وقت ممكن وبدأ  العمل فى أستطلاع  تجهيزات العدو الخاصة بهذا الموضوع واتضح أنه يضع هذه المواد فى خزانات كبيرة  مدفونة تحت سطح الأرض حتى يصعب تدميرها بواسطة  المدفعية وكانت هذه الخزانات  متصلة بمواسير  تحت سطح المياه لتندفع منها السوائل الملتهبة إلى سطح المياه ،  ومن الواضح أنه لو أمكن اغلاق هذه المواسير بأى وسيلة قبل بدء عملية العبور فإن السوائل الملتهبة  لن تصل إلى سطح الماء ولن يحدث الحريق وكان هذا هو  الاتجاه الذى أخذ به ودرب الرجال عليه .. كانت الخطة  هى دفع بعض الأفراد المتسللين  لاغلاق المواسير بالأسمنت مع تكليف بعض افراد من الصاعقة بسرعة الاستيلاء على هذه المستودعات ومنع استخدامها فى حالة الفشل فى اغلاق المواسير الموصلة إلى المياه ، وقد تمت  العملية بنجاح تام ولم ينجح العدو فى اشعال حريق واحد فوق  سطح القناة  وتم الاستيلاء على  مستودعات المواد الملتهبة سليمة بكل ما فيها بل وتم أسر الضابط المهندس الاسرائيلى الذى قام بتصميمها وقد أدلى فى أقواله أنه حضر إلى القناة فى اليوم السابق للقتال لكى يختبر هذه المستودعات ..

قلاع التراب :

وكانت المشكلة الثانية هى كيف يمكن إزالة الساتر الترابي الذى أقامه العدو على الضفة الشرقية حتى يمكن أن نقيم المعديات والكباري على القناة – وأيضاً اجراء فتحات خداعية بالساتر الترابى المصري على القناة  .. فتحات خداعية يطلق عليها منازل وساحات اسقاط الكباري وقام رجال المهندسين بإجراء هذه الفتحات على طول القناة حتى لا يعرف العدو من أين ستعبر قواتنا .. فكل 250 متراً أوجدوا فتحة ، ونجوا  فى التمويه على العدو لتحديد اتجاه عبور القوات المصرية ..

ويمكن أن تتصور ضخامة هذه العمليات اذا علمت أن ثغرة واحدة فى الساتر الترابي بعرض حوالى  7  أمتار تعنى إزالة 1500 متر مكعب من الأتربة  ، وكان ألمر يتطلب فتح 85  فتحة فى الساتر الترابى شرق القناة أى ما يساوى 127500 متر مكعب تحتاج لجهود نصف مليون رجل / ساعة  لرفعها بالطريقة التقليدية .

وكان التفكير  أول ألمر فتح هذه الثغرات بواسطة التفجيرات واستمرت نظرية التفجير هى السائدة  حتى منتصف عام 1971  إلى أن اقترح أحد الضباط المهندسين الشبان نظرية التجريف وهى استخدام المياه المندفعة تحت ضغط عال فى ازالة  هذه الرمال بطلمبات تعمل بموتورات توربينية كموتورات الطائرات .

واستعانت القوات المسلحة بخبرة بناء السد العالي وعمليات التجريف التى تمت فى أسوان على السدود الترابية .

لقد كان هدم السد الترابى  الشرقى عملاً قاسياً وشاقاً للتربة الطفيلية وتحولها إلى جبل من الطين أمام قذائف المياه .. لقد تزحلق المشاة وهم  يعبرون فما  بال المعدات المجنزرة ، لقد هبطت كميات كبيرة من تراب ساتر بارليف إلى الماء فحدث ( الاطماء )  وكان لابد من رفع  الطمى حتى لايعوق تركيب الكباري ولقد حرص المهندسون على إطلاق الماء فى أعلى الساتر ثم أسفله لمكافحة عملية ترسيب التراب فى القناة .

واستطاعت مدافع المياه بهذه الخبرة فتح الثغرات خلال 3 – 5 ساعة ! ولم تكن فتح الثغرة فى الساتر الترابي هى نهاية المشكلة بل كان من الضرورى تهذيب أجناب القناة بالنسف والتسوية حتى يمكن تثبيت الكبارى  وعبور المركبات البرمائية ..  وأقيمت كبارى العبور خلال فترة تتراوح ما بين 6 – 9 ساعات وتم التنفيذ طبقاً لما كان مخططاً تماماً فيما عدا لقطاع الجنوبي من القناة حيث كانت الأرض غير صالحة  لعمليات التجريف .. واستغل المهندسون كل قطعة خردة ، كل البراطيم القديمة وصنعوا الأحزمة العائمة  .. وأجهزة الرباط للكبارى سطحها العلو وقواعدها للماء .. وطوروا  المزلقانات الكبيرة عند بداية ونهاية الكبارى لتصبح عملية الترسية على الشاطئين  الغربى  والشرقى سهلة متيسرة  كى تمر المعدات  الثقيلة بلا عقبات  وجرى تنفيذ هذه ألأعمال الفنية  وغيرها  محلياً فى الورش والمصانع المصرية .

 

 

واستشهد اللواء أحمد حمدى عبد الحميد   على أحد كباري العبور  فى الجيش الثالث بالقطاع الجنوبي للقناة وهو يقود جماعة من المهندسين استطاعت التغلب على أحد مشاكل إقامة الكباري فى عملية هندسية  سوف تكون مثار فخر  للمهندسين  المصريين فى جميع انحاء العالم .

جيش من الفدائيين :

وكانت المشكلة الثالثة  هى كيف يستطيع المهندسون أن  يقوموا بهذه ألعمال الهندسية الضخمة  وهم تحت نيران العدو المسيطر فى الضفة  الشرقية وكانت الإجابة  هى ضرورة دفع المشاة عبر القناة لتأمين المهندسين وهو ما يطلق عليه فى التعبير العسكرى  تأمين رؤوس الكباري .

ولم ينتظر الرجال ان ينتهى المهندسون  من فتح الثغرات فى وسط الألغام ، انطلقوا يفتحون الثغرات بأجسادهم ، يفتحون طريقاً يمر عليه باقي الرجال ، ورجل يقتفى  خطوات رجل وتتمزق أجسادهم ولا يتوقف طابور الشهداء الذين أختاروا الشهادة  اختياراً ، ويندفع الرجال يمزق قلوبهم الشوق  للقتال .. للثأر .

وفى مواجهة نيران العدو التى تدفقت بجنون  من فتحات الدشم كانت هناك مواقف أخرى .. اختار الكثير من الرجال أن يسدوا هذه الحات بأجسادهم  لتتوقف النيران  وينجح  باقى المقاتلين  فى الوصول إلى العدو المتحصن وأندفع  الكثيرون بقنابلهم  اليدوية لمواجهة هذا العدو المتحصن  لم تمنعهم النيران من التقدم  ، واندفعت قاذفات اللهب  تحرق أجساد العدو .. كانوا يتقدمون وصدورهم مكشوفة  لمواجهة  المحصنين ، نيرانهم فى أيديهم وبها يواجهون عدوهم . فقط قلوبهم عامرة بالإيمان بالله ..

وتدفقت القوارب فوق سطح مياه القناة كالسهام .. لم يكن الرجال وهم  يغالبون التيار السريع والمتغير لمياه القناة  يبالون بالأخطار كان هدفهم الوصول إلى الضفة الأخرى وبأسرع ما يمكن .

وامتلأ ميدان المعركة برائحة الدخان والدم والموت كما امتلأ بالضجيج والتراب والرمال ...وبأصوات انفجارات وأزيز  طلقات الرصاص  وصيحات العدو الذى لايعرف كيف يصد الهجوم ..  

 

الرجل ضد الدبابة :

وكانت المشكلة هى كيف تستطيع المشاة أن تصمد أمام هجمات العدو المضادة  بواسط الدبابات لمدة تتراوح بين12 -24 ساعة إلى ان يكتمل عبور الدبابات والأسلحة الثقيلة ... وكان المخطط المصرى يركز على النقاط التالية :

1ــــــــ  المشاة التى تكلف بالعبور تحمل معها أقل ما يمكن من التعيين والمياه وأكثر ما يمكن حمله من سلاح وذخيرة وكان إجمالى ما يحمله كل جندى حوالى 25 كيلو  وكان يصل احيانا مع بعض الجنود الى حوالى 35 كيلو جرام .

2ـــــــ ابتكار  عربات جر صغيرة يضع فيها المشاه مالا يستطيعون حمله ويجرونه بايديهم عبر الساتر الترابى وعند تحركهم شرق القناة .

3ــــــــ  تسليح المشاه بأسلحة مضادة للدبابات ولاسيما الصواريخ الخفيفة التى يمكن حملها بواسطة الأفراد وذلك  لصد هجمات العدو المضادة بواسطة مدرعاته.

4ـــــــ تسليح المشاة بالأسلحة المضادة للطائرات وخاصة  الصواريخ الخفيفة التى يمكن حملها بواسطة الأفراد وذلك لصد هجمات العدو الجوية ضد قواتنا أثناء وبعد العبور .

5- تجهيز المشاة بسلالم لمساعدتهم فى تسلق الساتر الترابي وجر أسلحتهم وذخائرهم المحملة فى عربات الجر

6-  تنظيم عبور المشاة فى قوارب تنظيماً تفصيلياً بحيث يعلم كل جندى مكانه فى القارب ومكان العبور ووقته وواجبه أثناء العبور .

خلاصة القول إننا استخدمنا المشاة بنفس الأسلوب الذى كانت تستخدم  به منذ العصور  القديدمة  وأن اختلفت الأسلحة التى فى أيدى الرجال عن تلك التى كانت فى أيديهم ..

فكان لزاماً أن يتم الأقتحام لقلاع خط بارليف بالمواجهة بخلاف المتبع فى مهاجمة المواقع الحصينة بالألتفاف حولها . اذ لم يكن هناك جال لتفادي خط المياه أو خط التحصينات المتصلة أو الألتفاف حولها . وكان على الجندى المترجل المهاجم فى المرحلة الأولى أن يستمر  في قتال دبابات العدو لمدة 12 ساعة  على الأقل قبل أن تبدأ دروع الدبابات وألسلحة الأخرى فى عبور القناة .. أن هذا يعنى  مقاتلة دروع العدو بصدر مكشوف وكان المشهد فى جملته .. رهيباً وقاسياً .

 تحولت صفحة مياه قناة السويس الراكدة إلى هدير من النيران الحمراء القانية .. واهتزت الأرض تحت أقدام الرجال وارتجفت مياه القناة وتحولت السماء إلى قطعة من الجحيم فى عز النهار .

مجموعات من المقاتلين اتجهت إلى حيث تتولى تطهير حقول الألغام الكثيفة التى  مدها العدو فى نطاقات متعددة  فوق الساتر  الترابي واعاقة أجهزة الإنذار الألكترونية التى نشرها ... ومجموعات ثانية تولت إزالة نطاقات  الأسلاك الشائكة  فوق  الساتر الذى كانت قد حولته إلى ما يشبه غابة من الشوك وتتولى شق الثغرات  فى باطنها ليتدفق الرجال إلى حصون خط بارليف ... مجموعة أخرى كانت عليها اعادة إقامة الكبارى والمعابر  التى تتعرض للتدمير ..

 وأقام رجال مدفعية الصواريخ حائطاً رهيباً من النيران لدبابات  ومجنزرات العدو وأخذوا مواقعهم على طرق  تقدم احتياطيات العدو بالتعاون مع رجال من الصاعقة والمشاة استطاعت أن تصد وتوقف  كل محاولات العدو للتقدم بدباباته لمنع قواتنا من انشاء رؤوس الكباري ودفعها إلى الغرب مرة أخرى .. وقفوا ببسالة واصرار ... واستطاع  الرجال العراة من الدروع أن يفرضوا على العالم أن يعيد النظر فى اساليب استخدام الدبابات  .. وأصبح ( أكلة الدبابات  ) أول دروس  التكتيك العسكرى  فى الأكاديميات الغربية والشرقية على حد سواء ..

فلم تكن هذه الصواريخ مفاجأة الحرب .. بل كانت المفاجأة  الرجال الذين استخدموها بمهارة فائقة ..

توالت  الأنفجارات .. ودبابة فى أثر دبابة  .. ونجح حائط رجال الصواريخ ولأول مرة  ترى ساحات المعارك مشهداً مثيراً لم يحدث من قبل .. جندى مصرى مشاة  يجرى وراء دبابة .. ليدمرها ..

نيران أكتوبر الرهيبة :  

وكانت المشكلة الخامسة هى كيف يمكن للمشاة أن تعبر هذا المانع بنجاح مالم نقم بتدمير واسكات الرشاشات والمدافع التى تطل من فتحات خط بارليف التى تغمر القناة بطولها .. وقامت المدفعية بحل هذه المشكلة على احسن وجه ..

       ففى صباح يوم العمليات كانت منطقة المواجهة هادئة تماماً وعشرات الجنود  ( يمصون القصب ) ويأكلون البرتقال

 ويواصلون بعض مظاهر حياتهم العادية وكان هناك العشرات من الجنود يستحمون فى مياه القناة فى مواجهة العدو ..

وقبل 15 دقيقة من ساعة الصفر كانت هناك آلاف من المدافع بالإضافة إلى مجموعة صواريخ ارض / أرض متوسط المدى تفتح أبواب الجحيم على مواقع العدو المختلفة ..

وخلال الدقيقة ألولى من التمهيد النيرانى سقطت على مواقع العدو آلاف من الدانات بمعدل 175 دانة كل ثانية  واستمر قصف المدفعية 53 دقيقة كاملة ..

ونجح رجال ملاحظة المدفعية  الذين عبروا  مع موجات الهجوم الأولى من تصحيح نيران المدفعية مما جعلها أكثر دقة وفاعلية ..

كما لعب رجال المدفعية الذين عملوا خلف خطوط العدو  فى ادارة النيران دوراً كبيراً وكان لهم فضل كبير فى نجاح ودقة نيران المدفعية وتأثيرها على العدو  ..

كان حشد قطع المدفعية على مواجهة قناة السويس يمثل اضعاف عدد المواقع التى تم حشدها فى معركة العلمين فى كلا الجانبين المتحاربين .

وحتى اليوم الأخير للقتال كانت المدفعية  قد صبت من النيران ما يعادل قنبلة ذرية صغيرة  !

وقد قال الرئيس السادات فى حديث صحفى عن دور المدفعية :

(( أن المدفعية المصرية الرهيبة لعبت أخطر  الأدوار .. أن قائد المدفعية فى الميدان الفريق الماحى الذى يعمل  معى الآن كبيراً للياوران .. رجل رهيب مثل مدفعيته إنه هادىء صامت يتحدث فى همس .. وقد تلقى التعليمات بضرب العمق فى اسرائيل اذا بدأت اسرائيل  وكانت تعليمات تفصيلية حاسمة .. أنه رجل رهيب فعلاً كنا فى غرفة العمليات .. وكنت اصدر إليه الأمر بضرب المواقع المحددة بآلاف الأطنان من القذائف .. ويتلقى الأمر فى هدوء .. و يعود لى بعد دقائق .. وفي هدوء هامس يتقدم  بورقة صغيرة ويقول بصوت غير مسموع ..  تم التنفيذ .. وينصرف وكأنه لم يفعل شيئاً .. وكأنه  لم يقلب مواقع الاسرائيليين رأساً على عقب !! ))

بارليف الساعة الرابعة مساء ..

وكانت المشكلة السادسة هى كيف نعيد تنظيم قواتنا على الشاطىء الشرقى ؟ وكيف تصل الدبابات والمدافع والذخيرة  إلى وحدات المشاة التى سبق عبورها ؟

كيف يتم ذلك ليلاً وتحت ضغط العدو ؟ وكيف تميز هذه الدبابات والأسلحة طريقها وتتعرف على وحداتها ؟؟ .. ويمكننا أن نتصور هذه المشكلة  اذا تخيلنا أن آلاف الدبابات والمركبات والمدافع الثقيلة كانت يتحتم  عبورها لتنضم إلى وحدات المشاة  التى عبرت لتزيد من قدرتها على التمسك بالأرض وصد هجمات العدو المتكررة ، وقد قام رجال الإشارة ورجال الشرطة العسكرية بواجبهم على الوجه ألكمل  فقد أمكن مد كوابل الاشارة عبر القناة  منذ اللحظات الأولى للعبور وتحديد الطرق والمدقات التى تسلكها الدبابات والعربات وتم تمييزها بالألوان المختلفة بحيث كان يعلم  السائق أنه اذا اتبع اللون الأحمر مثلاً فأنه سيصل إلى وحدته  فى رأس الكوبرى بينما يتبع سائق آخر اللون الأخضر وهكذا إلى حد أن ذكر أحد المراسلين الأجانب أن نظام المرور فى الجبهة كان أفضل من نظام المرور فى القاهرة !

وكان القتال داخل النقط الحصينة للعدو متلاحماً وضارياً واستخدمت كل أنواع ألسلحة الصغيرة داخل الموقع بما فيها الأبيض .. كان المشهد رهيباً على طول الشاطىء الشرقى لقناة السويس ..

وحينما أشارت عقارب ساعة جامعة القاهرة إلى الرابعة مساء كان الانسان المصرى المقاتل قد انتهى من تحطيم  حواجز اللهب وقلاع التراب .. وغابات الأسلاك والألغام ويعتلى حصون بارليف  .. يقف على ارض سيناء  يزرع العلم .. علم مصر على أرض مصر .. وبينما كان المذيع المصرى يذيع على الشعب العربى البيان رقم (5) كانت مرحلة أخرى من التاريخ تكتب بينما علم مصر يخفق عالياً على أرض القمر .. والفيروز  ( سيناء )  !!

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech