Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

بطولات من حرب رمضان- الجزء الثاني

بطولات حرب رمضان

(رواية شاهد عيان )

تصديق ادارة المخابرات الحربية والاستطلاع

رقم 900 بتاريخ 27 /6 / 1974

تأليف : حسين الطنطاوى 

تقديم : ممدوح سالم

اعداد لموقع المجموعه 73 مؤرخين - اسماء الكاشف

 

الفصل الرابع

حكاية اللحم ضد قطع الصلب

إلى البطل الرقيب عبد العاطى عبد الله

حكاية اللحم ضد قطع الصلب كما اسماها الصحفيون الأجانب هى رواية أسر عساف ياجورى أو بعبارة أشمل قصة هزيمة وتدمير اللواء الاسرائيلى 190 مدرع فى اليوم الثالث للقتال !!

ولنبدأ فى سرد القصة .. كيف دارت المعركة  ؟ والتكتيك الذى حاول العدو استخدامه .. وكيف انتصر المشاة وتمكنوا من تحطيم الجنازير المدرعة وأسر لواء مدرعات بالكامل وأيضاً أسر قائده فى ثالث يوم للقتال ؟

تكتيك العدو :

كانت المعلومات قد توالت على القائد المصرى بكل شىء عن هذا اللواء وعن قائده ..

لقد عاش فترة طويلة من سنوات معاركه مع العدو قبل أن يبدأ القتال  بزمن طويل  وكان القائد يدرك أن العدو سيحاول الوصول  إلى مياه القناة  فى اسرع وقت  ارتباكاً ثم يستدير بعد ذلك ليواجه القوات المصرية وكان على يقين أن هدف عدوه ليس الأشتباك فى معركة مع قواته بل إصابة  القيادة الصرية المواجهة بالضطراب وبث الفوضى فى خط القوات المصرية .. إنه يريد الطنطنة والدعاية ورفع روح جيشه وشعبه المعنوية  من أثر الصدمة الهائلة التى أحدثتها  حرب الساعات  الست فى اليوم الأول للقتال ..

لكن القائد المصرى كان واعياً تماماً لهذا الأسلوب  وتم سرد أفكار العدو  ونواياه .. وعلى الخرائط الموضوعة أمام لقائد فى غرفة عمليات ( عربة القيادة المدرعة ) أعطى القائد تعليماته لمرؤوسيه  على ضوء  طبيعة الأرض الرملية والكثبان الموجودة بها  والتباب والهيئات الحاكمة و الخيران .. وحدد لهم مناطق الأقتراب المحتملة  وطرق الهجوم  .

كيف جرت المعركة ؟

وصل العدو فى الموعد الذى حدده القائد المصرى اعتماداً على استطلاع جيد قام  به .. وقدر عدد دباباته المهاجمة  ( 115دبابة )  وكانت دبابات العدو قد انفعت بسرعة 40 كم فى اتجاه قناة السويس .. وبدأ هجومه بعدد من الدبابات فى ( الميمنة ) .. ثم هاجم بعدد آخر من  ( الميسرة ) .. وصدت قواتنا الهجوم .. فقد كان تكتيك العدو محسوباً بضرب الميمنة والميسرة .. والظلام يسيطر على المعركة حتى يوهمنا أنه قد ركز على الجانبين حتى تتلاقى قواته .. وبعد أن يكون  قد نجح فى شغل قواتنا وشد انتباهها فى هذين الأتجاهين  .. يعود ليقذف بكل ثقله فى الوسط حتى تصبح الساحة أمامه خالية ..

وكان ترتيب القائد المصرى أن المعركة تحتدم فى الوسط فاصدر أوامره لقواته : -

(( تظاهروا بالتراجع واتركوه يتوغل ، ثم اطبقوا عليه ))

وأخترق صوت الجنازير الزاحفة آذان  كل الرجال ودوت فى المنطقة طلقات مدافع الدبابات وملأت الأتربة والرمال سماء المنطقة وغطت الدبابات المعادية المنطقة . كانت نيران دبابات العدو تهدر وحدها فى الميدان فتصور أن المنطقة خالية - كما رتب -  أو أنها دمرت بعد هجوم الميمنة والميسرة .. وواصلت الدبابات هديرها المزعج ونيرانها الغاضبة ... وفجأة انفتح باب الجحيم  .. نيران  من كل جانب .. سريعة وغاضبة ومتواصلة اينما تحركت دبابة معادية  كان فى انتظارها مصدر نيراني .. والنيران تتدفق من كل الأجناب من اليمين واليسار والأمام والخلف .. وخلال دقائق انتهى اللواء !!

كانت الخطة المصرية قد أعتمدت على المقاتل المصرى  ..على البشر .. الذى حرم ست سنوات ونصف من سيناء .. ليواجه جنازير العدو المدرعة  .. كان يمكن أن يدفع  لواء  دبابات مصرى  فى مواجهة  اللواء الاسرائيلى .. لكنها مفاجأة  الحرب التى تعتمد أساساً على  نوعية المقاتل  وشجاعته الضارية ورغبته  فى  الأنتقام والثأر وتحرير الأرض ..

وكان الطعم الذى قدمته هذه القوة الشجاعة السماح لدبابات العدو باختراق الحد الأمامى حتى تقع كل دبابات العدو فى مدى القتل للنيران المصرية فى ( منطقة قتل ) .

وأسر عساف .. !

 

 

وحاول ان يستدير القائد الاسرائيلى بدبابته .. ليولي الأدبار  لكن مجموعة  من المقاتلين كانت ترصد دبابته .. فقد أدركته أنها دبابة  القيادة من بعض العلامات التى تميزها ووضعوا عيونهم عليها ووسط بحار اللهب اقتربوا منها ومزقوها بقذيفة جعلت مقدمتها تشتعل بالنيران ولكنه حاول أن يكمل استدارته ليهرب بها .. وكان واضحاً أنه يحاول ذلك فى يأس .. واعترض طريقه دبابة معادية  تحترق وطاقمها  يقفز أمامه .. وفجأة قفز هو من الدبابة مع ثلاثة كانوا معه .. وكانت قيادة العدو قد تأكد من أن لوائها قد اصيب بهزيمة ساحقة وأنه فى موقف صعب وحرج وأن القتال يدور بضراوة بين الجنازير والمشاة .. فاصدرت أوامرها لتغطية المنطقة كلها بقصف مدفعى مركز .. وألتهبت أرض المعركة  بقصفات المدفعية الثقيلة  .. لكن أعين الرجال ما زالت على الأربع أفراد الذين فروا من دبابة القيادة .. وصدرت الأوامر لضابط الاستطلاع المصري واسمه ( بخيت ) بقيادة الهجوم على هؤلاء الأفراد وأسرهم ..

ولنترك الحديث للمقاتل ( بخيت ) ليصور بكلماته الموقف ...

 

(( توجهت فى اتجاه الأفراد الأربعة  وكان معى مقاتل آخر اسمه ( طلعت ) حيث تحصن هؤلاء الأفراد فى موقع بينا وبينه منطقة مكثف عليها النيران ويصعب اقتحامها .. وهذا بالتقريب ما فكر  فيه عساف وكان يستخدم الأسلحة الشخصية  فى الضرب على أى فرد يقتحم موقعه من الأجناب  ففكرنا انا وزميلى أن نواجهه من المنطقة  المكثف عليها النيران والتى لا يتوقع الهجوم علي منها .. وزحفنا وكان الضرب مركزاً (طلقات  مدفعية ودبابات  ) ورغم ذلك تقدمنا إلى  الموقع ونحن نختبىء بين الثنايا الأرضية  ونقتحم النيران كان تقدمنا  بين الدخان الأسود الذى يتصاعد من الأنفجارات المتتالية والشظايا  الملتهبة تحيل المكان إلى جهنم .. لكننا واصلنا زحفنا بهدوء وثقة  .. ( وموه ) الدخان الأسود أجسادنا وملابسنا وسلاحنا باللون الأسود فبدينا ( كالأشباح )  .. وفى الساعة الخامسة  دخل الظلام .. وما زلنا نتابع تقدمنا بحرص حتى لا ينتبه الأفراد الأربعة   .. وركبنا الموقع وأطبقنا عليهم وأمرناهم بالتسليم .. كانت المفاجأة لهم كاملة  .. ونظر عساف لاثنين  هبطا عليه من السماء .. وفوراً قاموا برفع أيديهم ورموا بأسلحتهم واقتدناهم إلى موقعنا ..

ويتابع البطل بخيت كلامه  ..كان عساف طويلاً وممتلىء الجسد ( مايل للسمنة ) وشعره غزير ناعم وبسوالف كبيرة  ولم يكن على كتفيه رتب وكنت حينما اسأله على اسمه بالعربى يتظاهر بأنه لا يعرف عربى ..  بينما كان زميله كثير الطلبات ، وكنا نلبي طلباته .. وأعطينا  عساف مربى وعلبة عدس .. فقال بالعربي بعد أن اطمئن لنا  .. (( أنا لا أحب الحمص ))  ومن خلال الحوار معه عرفت أنه يتكلم عربى بطلاقة .. وسلمناه للقائد ...القائد المصرى الذى خطط للمعركة بشجاعة وذكاء وعلم واقتدار ليواجه  الجنازير المدرعة  ويكتب فصلاً آخر من فصول الشرف لمصر  ..                   

 

*******************************************

الفصل الخامس

 

من شارون إلى شلومو

عليكم بالتسليم

إلى روح الشهيد  مقدم صلاح حواش

شلومو اردينست :  (قائد الموقع المحاصر )

إننى أطلب رسمياً  الأذن بالأنسحاب من هذا الموقع .

مركز القيادة : أننا نبحث عن حل لكم وسيجىء اذا  ظللتم فى الموقع بعض الوقت ..

شلومو : أننى لا أريد المزيد من الوعود التى لا تنفذونها .. أننى اطلب رداً على سؤالي قبل مرور  عشر دقائق

( شارون يتسم آلة الأتصال بنفسه .. ويتكلم مع شلومو )

شارون : لا يوجد أمامكم .. أية فرصة  .. ونحن لا يمكننا تقديم أية مساعدة لكم ..

شلوموا : أننا سنغادر هذا الموقع على كل حال

شارون : اذا استطعت هذا ، فقم بالأنسحاب  ، وأننى أعطى لكم الأذن بالأنسحاب أو  التسليم للقوات المصرية ....

وعندما أقفل شلومو اردينست الأتصال مع مركز القيادة .. فتح الأبواب الحديدية  الضخمة وخرج أعلى  النقطة  يرفع ملاية بيضاء  ثبتها على صاري .. معلناً تسليم الموقع ..

وتوالى استسلام المواقع الاسرائيلية إلا أن الصحافة العالمية قد حضرت استسلام موقع بور توفيق وقد سألنى مراسل رويترز هل نستطيع أن نقابل أحد المقاتلين ليروي كيف تم أقتحام الموقع  ؟ وأجيب إلى طلبه  ، فقد كان الحدث أكثر من ملحمة أو أسطورة  من أساطير القرون الوسطى  .. إنها قصة الحرية  على أرض مصر .. وأخذ المقاتل  ( زغلول )  يسرد قصة أقتحام الموقع  .. لكننا قاطعناه فى البداية  .. نسأله اسم الموقع  .. قال المقاتل زغلول : هذا الموقع أحد 6 دشم  أقامها العدو على طول لسان بور توفيق  الذى يمتد 3 كم ويتراوح عرضه بين 75 إلى 20 متر .. والدشم تعتبر من اقوى التحصينات  التى اقامها العدو  على طول خط بارليف  .. وكانت قواتنا  قد احتلتها  فترة عام  1969  مما اضطر العدو إلى إعادة تحصينها  .. ومنها تمكن  من ضرب مناطق الزيتية  ، ومصنع السماد بالأدبية  .. ومناطق كثيرة  فى السويس  حتى أنه  كان يسد المدخل الجنوبي للسويس من ناحية  الخليج .. وكان الموقع فى هذه النقطة تكتيكياً فى موقع حاكم  ، ومشكل من موانع صناعية كثيرة تكسبه مناعة  قوية بالإضافة إلى تشكيل  وبناء النقطة  القوية نفسها  حيث تتكون جدران الدشمة من  عربات سكك حديدية مملوءة بالأسمنت المسلح  وفلنكات السكك الحديدية وفوقها ردم رملى يرتفع حوالى 3 أمتار  لا تؤثر فيه النيران  بالإضافة إلى المواقع الطبيعية  ولا يؤدي إلى هذا  الموقع سوى  طريق واحد  مدافع عنه تماماً  بواسطة العدو  ويسهل وقف امداد أى قوة  مقتربة عن طريق  قطع  هذا الطريق بالنيران المؤثرة .. وبالتالى يكون  جنوب وشمال وغرب هذه النقطة  محاطاً بالمياه .. وهذا يشكل صعوبة أخرى أمام أقتحامها  .. وكان بهذا الموقع كتيبة كوماندوز على طول خط بارليف .. وكانت قواتنا  قد احتلتها فترة عام 1969  لكن  .. فرسان  حطين وعين جالوت ورشيد .. هل يقفون ؟ هل يترددون لحظة فى استرداد بقعة من أجمل البقع السياحية  فى بلدنا  .. ؟  هل تظل بور توفيق مقفلة أياماً  أخرى وفيها ذكريات  الولد و الأب والزوجة  ... ؟؟ أيعيش أهل بور توفيق  حيارى الهجرة  !!  حقيقة ..  فى ترحاب وضيافة ابناء وطنهم فى الدقى وابنوب وبنها  لكن بور توفيق .. لابد وان تعود .. اليوم  وعلى أيدى ابنائها المقاتلين .. أبناء بور توفيق  أنفسهم هكذا تكون روعة  القائد فى الأختيار للعمليات الفدائية ..

وتلمع عينا ( زغلول ) وهو يشد  أنفاس سيجارته .. والأخرى  تقبض بدة على السلاح المتدلي  على كتفه  .. ويقاطعه مندوب رويترز مرة أخرى وهو يقول  له ..  (( أرجوك من البداية ..من ساعة الصفر  ماذا حدث  ؟؟ ))

ويتفرس زغلول فى وجوهنا المتعطشة  للإجابة  ويلتقط  أنفاس السيجارة الثانية التى يبدو أنه يدخنها بأستمتاع ويقول التفاصيل كثيرة .. ونرد فى صوت  واحد بلغة انجليزية  خافتة  ( على قدر الامكان )  فيتابع زغلول  كلامه  وهو يقول  منذ بداية اليوم  الأول الخالد 6 أكتوبر كانت الأعصاب مشدودة .. والعيون يقظى والعروق تضيق بالدم المتدفق فيها وترفض فى عناد واصرار وصبر الدقائق القليلة القادمة .. لكن الوقت يضيق أكثر بأعصاب الرجال .. ويشير زغلول  إلى أفراد القناصة الذين كانوا بداية الشرارة .. أطلقوا أول أربع طلقات  فى تاريخ ملحمة العودة  .. ويصطادوا الأربعة  أفراد فى  نقط مراقبة العدو .. وتنطلق فوهات المدافع  الضخمة فى إطلاق قذائف اللهب بينما  تسقط القصفة  الخامسة  - فى الترتيب – العلم الاسرائيلى .. من على صاريه وبلا عودة .. لقد  كانت  خامسة الترتيب هى مفجرة صيحات النصر والتكبير للرجال الذين نزلوا بسرعة  .. فى ومضات من الثوان إلى زوارقهم المطاط  وهم يجدفون بضربابت فولاذية  ..

يقول زغلول : لا أدرى ما  هذا الذى حدث ..؟  لقد كنت أحس بيدي كأنها دورات موتور كهربائي سريع الدوران  .. وحرارة الدفء كلها تجمعت فى عروقي وكان القدر الذى يقف فوق هذه  الخوذة التى تعلو رأسي .. وانطلقنا  ... فى منتصف المانع المائى تقريباً .. فتحت نيران شديدة  جدا على الأفراد فى الماء  وازداد  تدفق الدماء فى رؤوسنا  .. وازدادت  هراوتنا ( أيدينا ) فى ضرب صفحات الماء بعنف تستعجل الوصول  .. وازدادت دفعات النيران  علينا وكان الجحيم يعلو هذه المياه الساكنة منذ أمد .. لكن الرجال يتقدمون ..فلم تكن هذه المرة الأولى لهم ليتقدموا  إلى هذا الموقع بالذات لاقتحامه  واسكات نيرانه !! وتزداد قصفات  المدفعية المصرية على الموقع  ويستميت العدو فى عصر المياه بالرشاشات .. ويندفع الرجال  ويصيح  عزام من بينهم وسط القصف المعادي :

(( استمروا فى التجديف يا أبطال ..  وكانت هذه آخر كلمات نطق بها الشهيد عزام قبل أن يصاب بطلقة من  العدو  .. وتصل القوارب  .. كانوا ثلاث مجموعات ..

المجموعة الأولى : بقيادة المقاتل ممدوح ومهمتها احتلال الطرف  الجنوبي للسان وتطهيره من  قوات العدو وضرب أى إمداد بحري يصل من الخليج ، وكان العدو قد وضع هذا المكان ( مجموعة ملاحظة ) من أفراد مسلحين بالرشاشات نصف بوة  وما أن شاهدوا قوارب العبور المصرية تتجه نحوهم  حتى فتحوا عليها نيرانهم  فقام المقاتل  ممدوح ورجال بمناورة بارعة تفادوا بها نيران العدو ونجحوا فى الالتفاف من خلف مواقعه وفاجأوه من الظهر وهو يواصل الضرب على مياه القناة .. وقامت القوة المصرية بحصد أفراد العدو فى نفس أماكنهم  ثم انطلقوا يفتشون الموقع ويطهرونه  .. وتم بذلك احتلال الطرف الجنوبي للسان وتأمينه ..

المجموعة الثانية :  وكانت بقيادة المقاتل ( عادل ) ومهمتها أن تحتل  الطرف الشمالي للسان  وتقطع عليه طريق الامداد ،  وتحول بالتالى دون هروب الجنود الاسرائيليين  إلى قواتهم فى سيناء .

وما أن بدأت مجموعة المقاتل  عادل فى العبور حتى صعدت دبابات العدو إلى مصاطبها  ، وفتحت نيرانها  - بالإضافة إلى  نيران المزاغل – على قوارب العبور ، واستشهد اثنان  من أعضاء المجموعة  ، لكن المقاتل عادل  أبى إلا أن يكمل مهمته  بأى ثمن مع تفادي نيران العدو ، فنزل إلى المياه  بملابسه ومعه  اثنان  من رجاله كانا  فى قارب القيادة  وسبحوا نحو الشرق  وهم يجرون القارب  الذى يحمل الشهيدين والذخيرة  ونجحوا فى الوصول  إلى الشرق بالرغم من ستارة النيران التى صنعها العدو من حولهم  .. صعدوا الساتر الترابي .. ووجه ( خيري )  قذيفة  إلى دبابة العدو التى  كانت تقف فى المدخل الشمالي للسان وتطلق نيرانها على  مجموعات العبور  فاشتعلت فيها النيران ... وقفز منها افرادها التى حصدتهم  نيران مجموعة المقاتل عادل .

المجموعة الثالثة : كانت بقيادة المقاتل ( جمال )  وكانت مهمتها أن تهاجم المحور الأوسط للسان حيث أقام العدو دشمه  الحصينة وجمع فيها القوة  الرئيسية لأفراده وأسلحته .. وقسم البطل جمال رجاله إلى جماعتين ، لتهاجما الموقع من الشمال والجنوب  جمعة بقيادة المقاتل مصطفى .. اقتحمت الطرف الجنوبي ببسالة  غير عابئة  بنيران العدو الكثيفة وقتلت جميع أفراده واحتلت دشمه  وبدأت الضرب  فى داخلها على باقي مواقع العدو الشمالية ..

جماعة اخرى بقيادة المقاتل ( جمال ) نفسه وكان عليها أن تهاجم تحصينات العدو فى وسط وشمال الموقع .

وركز العدو دفاعاته  داخل الدشم الحصينة  بكل الأسلحة وأصبح  فى موقف حياة أو موت بعد أن نجحت قواتنا  فى اغلاق طرفي اللسان  من الشمال والجنوب ...

 وكان صعود الساتر الترابي  المرتفع فى مواجهة القطاع الأوسط من اللسان  تحت وابل من نيران العدو عملية بطولية رائعة ..  وتعثرت الأقدام فى الرمال . كانت هذه المنطقة  غاصة بالكثبان الرملية  وتكررت المحاولة  .. تحت القصف  الرهيب من النيران المعادي .. وكان لابد من فدائى يتغلب على  هذه الكثبان بسرعة  ويصل إلى العدو بقذائفه  .. قبل أن يتمكن العدو من حصدهم بالنيران ولمعت فى ذهن بيومى فكرة .. وهى أن يتشابك رجلان ويعتليهما ثالث وهكذا يرتفع الرجال فوق أجساد بعضهم البعض .. ما دامت الرمال لا تتحملهم  .. كان المطلوب هو مفاجأة العدو من هذه المنطقة الهشة وأن يطلقوا قذائفهم وفعلاً .. تمكن المقاتل زاهي من اطلاق نيرانه وأحدثت قذائفه ذعراً للعدو .

وعندما شعر العدو  بأن قواتنا ركبت الموقع اختفى جميع افراد النقطة وقفلوا الأبواب الفولاذية للنقطة واحتلوا خلف المزاغل وبدأوا فى الضرب بغزارة نارية على أفرادنا الراكبين للموقع ..

وكان قرار القائد فى هذا الوقت هو حصار الدشمة  من جميع الاتجاهات ، ولم يكن الأمر قد وصل بعد إلى الشهيد مصطفى  فاندفع بجماعته لاقتحام النقطة والضرب على إحدى الدبابات  وأختار طريق الألغام ليتمكن من الضرب  المؤثر على الدبابة  .. وفعلاً نجح فى تدمير الألغام التى حوله وتمكن من احاطة الدبابة فى  منطقتها الميتة .. وبينما كان مصطفى يكبر اطلق مقذوفه يدمر الدبابة  .. وعاد لينضم إلى  جماعته إلا أن أحد الألغام قد انفجر فيه  .. واستشهد البطل وهو يرتمي على  باقي الألغام ليفجرها ..

كان العدو كل همه أن يطلق نيراناً غزيرة خلف المزاغل .. فتقدم الشهيد صبيح يرفع خوذته على البندقية  لأعلى حتى تقوم الرشاشات بالضرب عليها حتى يحدد مكان رشاشات النصف بوصة  خلف المزاغل  فألقى بقنبلتين على هذه المزاغل .. لكن مزغل آخر عاجله بإطلاق  دفعة  من النيران فوقع شهيداً ..

وقرر المقاتل ( زغلول ) أن يقوم الأفراد بالناوشات أمام المزاغل باستمرار حتى يستمر الضرب لاستهلاك ذخيرتهم ..لكن المزاغل بقيت باستمرار تطلق نيرانها كالسيل المنهمر .. لقد اكتشفنا بعدها أن معهم ذخيرة تكفي  لشهر قتال باستمرار .. وكان فى الامكان تدمير الدشمة  بالمدفعية والطيران لكن القيادة أمرت بالحصار للحصول على أفراد النقطة ( أحياء أسرى ) .

وأثناء الحصار كانت هناك دبابتان أسفل النقطة  فى الجراج المواجه للطريق المؤدي إلى النقطة .. وقرر القائد أن تندفع جماعة  بين الممرات الحلزونية  الرهيبة للدشمة لتفاجىء الدبابات من الخلف وتهبط على الجدران  لتلقي بقنابلها داخل الجراج بينما يستتر  فردان بقذائفهما الصاروخية لتدمير الدبابتين .. ونجحت المهمة  كما خطط لها واحترقت إحدى الدبابتين  بينما خرج أفراد الدبابة ألخرى مذعورين فأسرناهم .

وفى الليلة الخامسة  للحصار جاء أمر من القيادة بأن الصليب الأحمر قد اتصل بالقائد المصري ليخبره رغبة القيادة الاسرائيلية  فى استسلام الدشمة  كطلب أفرادها بالداخل .

اجراءات الاستسلام :

وفعلاً بدأت اجراءات الاستسلام لأفراد النقطة .. كانت لحظات رهيبة قاسية فقد تجمع عشرات من الصحفيين ورجال الاعلام العالميين ليشهدوا  رفع العلم المصري على إحدى نقاط العدو الحصينة واستسلام أفراد الجيش الذى لا يقهر !! جاءوا ليشهدوا حلقة أخرى من حلقات الخمسة آلاف عام تكتمل بالنصر والبطولة .

وفى الساعة الحادية عشرة صباح يوم 13 أكتوبر  ( تشرين الأول ) حضر مندوب الصليب الأحمر الدولى ( المستر دوك ) ومعه ضابط الأتصال فى القوات المسلحة وتقدما إلى شاطىء القناة المواجه للموقع .. ورفع مندوب الصليب الأحمر العلم ولوح به فى الهواء ثم نادى على أفراد الموقع بمكبر الصوت قائلاً :

( إننى قادم إليكم بناء على الإشارة الموجهة من قيادتكم لتنفيذ اتفاقيات جنيف الخاصة بأسرى الحرب )

 

 

وبعد قليل  ظهر الضابط الاسرائيلى وبيده الراية البيضاء التى كان قد صنعها من ملاءة بيضاء وكان حوله 10 أفراد  .. ثم استقل مندوب الصليب الأحمر قارباً مصرياً  إلى الضفة  الأخرى وعاد بعد نحو ثلث ساعة  وبصحبته  الضابط الاسرائيلى  الذى يقود الموقع ومعه ضابط آخر على ذراعه شارة بيضاء تفيد أنه طبيب .. كان الضابط الاسرائيلى يمشى متخاذلاً  وقد وضع يديه فى وسطه بينما يضع قطعة من اللبان ولم يرق منظره للضابط المصرى قائد الوحدة  فقال له بالانجليزيه  (( انتباه )) وعلى الفور امتثل الضابط الاسرائيلى ..وأعلن الضابط الاسرائيلى استسلامه للقائد المصري  وبينما تجري عملية الاستسلام اتجهت انظار الجنود المصريين  وأسراهم الاسرائيليين إلى السماء حينما أصاب صاروخ مصري طائرة اسرائيلية  فوق الموقع  فانجرت الطائرة لتصبح كتلة نار ودخان ..

مراسم التسليم :

وجرت  مراسم التسليم الدولية  .. ردد ضابط الأتصال أمامهما أن جمهورية  مصر العربية تحترم نصوص اتفاقية جنيف وستطبقها بالنسبة لأفراد القوة الاسرائيلية  وستعاملهم كأسرى حرب .. وترك الطبيب الذى كان مرافقاً له يعود لباقى أفراد القوة لانزالهم فى قوارب بعد أن أدلى  ببعض المعلومات .. قال أن المجموعة كانت مكونة من 42 فردأ لكن خمسة  منهم لقوا حتفهم أثناء الأشتباك مع القوات المصرية يوم العبور الكبير (6 أكتوبر ) وأصيب 14 فرداً منهم خمسة  فى حالة خطرة ..

 

وصول الأسرى :

وفى الساعة الثانية عشرة  والربع وصل أول قارب لنقل أفراد المجموعة الاسرائيلية المستسلمة إلى لسان بور توفيق حيث حمل 8 أفراد وعاد إلى بور توفيق واستغرقت هذه الرحلة عشر دقائق وفور وصولهم إلى الشاطىء تم نقل المصابين على نقالات إلى سيارات الاسعاف وتوالى وصول باقى القوارب ..

ارتفع العلم المصرى :

وفى الساعة الواحدة والنصف ارتفع علم جمهورية مصر العربية فوق الدشمة  وكانت مظاهرة وطنية رائعة ارتفع خلالها صوت أفراد قواتنا وهم يرددون نشيد بلادي .. بلادي  وهتفوا الله أكبر .. الله أكبر  .. بينما قام مندوب الصليب الأحمر الدولى بتوزيع أوراق على الأسرى الاسرائيليين ليكتب كل منهم اسمه ورتبته والوحدة التابع  لها ..

ودخل الأبطال الدشمة الحصينة وطهروها ثم بدأوا فى حصر الغنائم وكانت قائمتها كالآتى :

 

 

6 دبابات مدمرة

130 قطعة سلاح منها 18 رشاش

100 جهاز اشارة منها اجهزة  تحقق الأتصال بالطيران

3 تحويلات ( سويتشات ) ميدانية تخدم 36 خطاً داخلياً

6 مدافع هاون 3 بوصة ، 3 هاون 81 بوصة

أجهزة استصلاع للرؤية الليلية .

جهاز لتقطير مياه البحر يعطى 3 م 3 ف اليوم بالرغم من أن مياه الشرب كانت تصل إلى  موقع العدو فى اللسان من عمق سيناء بواسطة الأنابيب .

5 آلاف لغم مضاد للأفراد

صواريخ موجهة بالسلك ضد المدرعات

3 أطنان ذخيرة للأسلحة الخفيفة بالإضافة  إلى أجهزة الانارة والتلفزيون والتموين الذى يكفى  لاستهلاك شهر ..

سؤال وجواب : 

ووجه أحد المراسلين الأجانب سؤالاً إلى القائد الاسرائيلي  المستسلم  : (( لماذا لم تكملوا القتال رغم وجود اعداد هائلة من صناديق الذخيرة لديكم  ؟ ))

فأجاب الاسرائيلى  : (( لقد كنا محاصرين من كل مكان  وكانت قنبلة واحدة تكفي لتدميرنا ))

واستدار مراسل أجنبى آخر  إلى الضابط المصرى وسأله  : (( ولماذا لم تهدموا الحصن على رؤوس أ‘دائكم ؟ ))

فقال الضابط المصري بثقة وعزة  : (( وأية فائدة  كنا نجنيها .. كانوا كالفئران داخل المصيدة )) ..

ومع رحيل الأسرى  علق مراسل روسى على ما شاهده  بقوله : (( لقد انتهت الحرب بالنسبة إليهم ))

وقال مراسل التلفزيون البريطانى : أن من غير المألوف أن يستسلم  موقع بهذا العدد الكبير من المقاتلين ، وأن ما شاهدوه جميع المراسلين يعطى الثقة فى البلاغات العسكرية  المصرية ويؤكد أنها تعتمد على الحقائق  ..

وقال مراسل وكالة رويتر :

(( أن تنظيم حضور المراسلين الأجانب لعملية استسلام الموقع الاسرائيلى كان أكثر من رائع  ))

وقال مراسل وكالة أنباء ألمانيا الغربية :

(( أن استسلام مثل هذا العدد  الكبير من الجنود الاسرائيليين  دون قتال يشير إلى نوعية المعنوية التى تسود الجيش الاسرائيلى  فى الوقت الحاضر .

وقد حاول العدو أن ينتقم لسمعته  ( المتمرغة فى التراب ) من يأس الحصار وعار الأسر  .. فحاول استرداد المواقع الاسرائيلية المنهارة  .. وصلت بعض المرات إلى 21 محاولة لاسترداد  دشم عيون موسى .. كما حاول استرداد موقع حصين  شرق كبريت حينما تسلل بقواته فى ( نقطة التمفصل )  بين الجيشين الثانى والثالث  فى عملية عسكرية أطلق عليها الاسم الحركى  ( الغزالة ) وأسماها صحفيوا العالم والمعلقون  ( ثغرة الدفرسوار ) ..

فماذا وجد العدو حينما حاول استرداد نقطة شرق كبريت وكيف صمد المصريون أمام حصار العدو الاسرائيلى ؟

هذا ما تسجله القصة القادمة ... بإذن الله

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech