Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

احدي قصص وسائل الخداع قبل الحرب

بقلم نبيل فاروق

http://xlance2010.jeeran.com/archive/2007/8/288509.html

هذه القصة من مجموعة القصص التي كان يكتبها دكتور نبيل فاروق فى مجلة الشباب وجدتها فى الانترنت فنقلتها لكم

سبتمبر 1973

اقتربت ساعة الصفر ، وبدأ العد التنازلي لحرب أكتوبر و بلغت حرارة الرجال حداً مخيفاً ، على الرغم من انخفاض درجات الحرارة و وصولها إلى معدلات معتدلة بالنسبة لهذه الفترة من العام......

بحيث تمضي الخطة في مسارها ، دون أن ينتبه العدو أو تلتقط عيونه لمحة واحدة يمكن أن تفصح عما يديره جيشنا و تعده له قياداتنا السياسية و العسكرية

و كلما برزت مشكلة ، كان عليهم أن يفحصوا و يمحصوا ، و يجاهدوا للبحث عن أفضل الحلول لها ، و بأكثر الوسائل أمناً....

و في الوقت ذاته كانت هناك مشكلات معتادة و تقليدية في كل الحروب يدركها و يعلمها العدو ، ومن الضروري أن يجد الخبراء لها حلولاً مبتكرة و جديدة بحيث لا ينتبه العدو إلى هذه الحلول التي تقوده بالطبع إلى وجود المشكلة ، و ارتباطها الحتمي بقرب اندلاع الحرب......

و من أكبر المشكلات ه مشكلة توفير أماكن العلاج للمصابين الذين قدر الخبراء أنهم سيبلغون 50% في موجة العبور الأولى ، ثم يتناقص العدد بعدها تدريجياً

و طبقاً لتقدير الخبراء كان من الضروري أن يتم إخلاء عدد من المستشفيات المدنية حتى يمكنها استقبال كل هذا العدد الذي لن تستوعبه مستشفيات القوات المسلحة وحدها......

و من أجل هذه المشكلة اجتمع الرجال كثيراً و راحوا يدرسون و يفكرون و يتناقشون و يتجادلون.....
و في اهتمام شديد قال أحدهم في الرابعة و النصف صباحاً :-
المشكلة أن إخلاء المستشفيات المدنية ليس بالعمل البسيط الذي يمكن إخفاؤه ، فكل مريض يسعى للعلاج سيشعر بالغضب و الثورة ، و سيشكو إلى جيرانه و أقاربه و أصدقائه و زملاء عمله و سيجد بينهم من ينقل الخبر إلى تل أبيب
فبدا على الرجال شيء من الضيق و الإحباط ، ثم لم يلبث أحدهم أن أعتدل في حركة و قال في حماسة:-
-(
إلا لو تم هذا لسبب منطقي)
التفتت إليه العيون كلها في تساؤل وجد طريقه إلى لسان أحدهم ، و هو يقول:-
-(
و ما الذي يمكن أن يكون هذا السبب المنطقي ؟)
أجابه الأول في حماسة:-
-(
سبب طبي بحت)
ثم راح يشرح الخطة التي برزت في ذهنه ، و بكل التفاصيل..
و إستمع إليه الرجال بمنتهى الإهتمام حتى إنتهى من الشرح دون أن يقاطعه أحدهم لحظة واحدة ، ثم بدءوا مناقشاتهم و محاوراتهم التي إمتدت إلى السابعة صباحاً ، قبل أن يربت رئيسهم على منضددة الإجتماعات براحته قائلاً:-
-(
على بركة الله ... فلنضع الخطة موضع التنفيذ)

و بعد سبع ساعات و إثنتي عشرة دقيقة وصل إلى إحدى الوحدات العسكرية في السويس قرار من إدارة شئون الضباط للقوات المسلحة ، بتسريح ضابط طبيب من الخدمة ، و عودته إلى الحياة المدنية....

و لما كان هذا الإجراء نادر الحدوث في تلك الفترة فقد أظهر الضابط الطبيب فرحته و سعادته ، و همس للمقربين إليه بأن جهود خاله الذي يحتل مكانة رفيعة في القيادة هي التي منحته هذا الإمتياز و أعادته إلى الحياة المدنية ، حتى يستطيع إكمال دراساته العليا ، التي توقفت مؤقتاً بسبب إلتحاقه بكلية ضباط الإحتياط منذ عدة سنوات...

و كإجراء طبيعي لم يكد الطبيب (ع) يعود إلى حياته المدنية ،حتى تسلم وظيفته السابقة في وزارة الصحة ، التي تركته على قوتها ليومين أو ثلاثة قبل أن تمنحه خطاب التعيين في مستشفى (الدمرداش) الذي وقع عليه الإختيار ليكون على رأس قائمة المستشفيات المطلوب إخلاؤها قبل أن تنشب الحرب.....

و التحق (ع) بالمستشفى و أبدى نشاطاً ملحوظاً و مهارة و كفاءة في عمله في قسم الجراحة.

و قبل أن يمضي أسبوع واحد على تسلمه العمل حتى كان يتقدم بمذكرة إلى مدير المستشفى في إنفعال:-
-(
خطأ ...... إستمرار العمل بهذا المستشفى خطأ)
نطلع إليه المدير في دهشة و سأله:-
-(
لماذا؟! كل شيء يدور على ما يرام)
فقال (ع) في حزم:-
-(
هذا ما يبدو ظاهرياً و لكن هناك مشكلة بالغة الخطورة ، لست أدري كيف لم ينتبه إليها أحد)
ثم مال نحو المدير و أضاف في لهجة تشف عن خطورة الأمر:-
-(
معظم عنابر المستشفى ملوثة بميكروب التيتانوس)
قفز المدير من مقعده كالمصعوق و هو يهتف:-
-(
التيتانوس ؟! هذا مستحيل !)

إحتدمت المناقشة بينهما لفترة طويلة ، و أصر الطبيب (ع) على رأيه و على أن مواصلة إستقبال المرضى في المستشفى لها عواقب وخيمة ، و حذر المدير من أنه سيحمله المسئولية الكاملة لو إنتشرت الإصابة بالميكروب .

و لم يخضع المدير للأمر بسهولة ، و إنما قرر القيام بفحص شامل ، و إجراء عدد من التحليلات ، قبل إتخاذ أي قرار في هذا الشأن .. و تم تجميع العينات المطلوبة ، و إجراء كل الفحوص الممكنة...

ثم أتت النتائج.......

و المدهش أنه و على الرغم من خلو المستشفى فعلياً من الميكروب ، إلا أن كل النتائج إيجابية و كأنما نحول مستشفى (الدمرداش) إلى مزرعة نشطة لميكروب التيتانوس بالذات.

و صدر قرار بإخلاء المستشفى تماماً من المرضى لتطهيره من الميكروب ، و تم إتخاذ كل الإجراءات اللازمة لهذا .....

و في نفس الليلة إجتمع الرجال مرة أخرى .....
كان من الواضح أن خطتهم تسير على ما يرام بالنسبة لمستشفى (الدمرداش) و لكن أحدهم طرح سؤال غاية في الأهمية:-
-(
ماذا عن المستشفيات الأخرى ؟! هل سنتبع معها الخطة ذاتها؟!)
أجابه أحد زملائه في حسم:-
-(
من المستحيل أن نفعل ،فلو تكرر الأمر على النحو نفسه سينتبه العدو إلى أن الأمر ليس طبيعياً ، مما سيثير شكوكه ، و يدفعه إلى دراسة الأمر و تحليله ، مما سيوصله حتماً إلى إستنتاج الحقيقة)
عاد الأول يسأل :-
-(
ماذا يمكننا أن نفعل إذن ؟)
ران عليهم صمت ثقيل و كل منهم يفكر في الأمر ، ثم كسر أحدهم ذلك الصمت و هو يقول في إهتمام:-
-(
دعونا نطرح سؤالاً على أنفسنا .. ما الذي ينبغي فعله في الظروف العادية لو أن مستشفى (الدمرداش) تلوث بميكروب التيتانوس فعلياً ؟)
أجابه أحدهم بسرعة:-
-(
ستكون فضيحة و سيصبح الأمر حديث الصحف)
قال الرجل في إرتياح:-
-(
عظيم هذا بالضبط ما نحتاج إليه)
تساءل أخر في دهشة :-
-(
الفضيحة؟!)
أجابه في حماس:-
-(
بل حديث الصحف)

قالها و راح يشرح فكرنه التي إعتمدت على تعاون الصحافة و تأثير الكلمة المطبوعة على مشاعر الجماهير ، و خاصةً لو كانت كلمة من كاتب يحترمه الجميع و يثقون بما يقول تمام الثقة ..
و كل رجل مخابرات يدرك أنه من أهم المصادر التي يستقي منها العدو معلوماته -الصحف- حتى إنه لكل جهاز تقريباً قسم خاص ، مهمته الحصول على الصحف و المطبوعات ، للإطلاع على ما بها من معلومات ، و دراستها و تحليلها.

و من هذا المنطلق إتخذ الرجال قرارهم بالوسيلة التي ينبغي التعامل معها في هذا الشأن مع رجال الصحافة و الإعلام.

و في السادسة صباحاً ، إرتفع رنين الهاتف في منزل الكاتب الصحفي (موسي  صبري) الذي إستيقظ على الفور و إلتقط سماعة الهاتف في سرعة متصوراً إنهم يستدعونه في الصحيفة التي يعمل بها ، لحدوث ظرف طارئ يحتاج لتغطية صحفية ، و عندما ألقى السؤال على محدثه ، أن يسمع على الطرف الأخر صوتاً مهذباً يقول:-
-(
معذرة يا أستاذ <م ص> .. أنا <......> من المخابرات العامة المصرية)
إنتفض جسد الرجل في دهشة ، و تساءل في عصبية عن السبب الذي يطلبه من أجله رجل المخابرات في السادسة صباحاً ، فإعتذر له الرجل في لهجة شديدة التهذيب و قال له:-
-(
الواقع أنه أمر عاجل و سري للغاية .. هل تمانع من تناول قهوة الصباح معنا؟)
ردد الكاتب في قلق شديد:-
-(
قهوة الصباح فقط؟!)
أجابه رجل المخابرات:-
-(
بالتأكيد)
صمت الكاتب بضع لحظات ، و كأنما يدر الأمر في رأسه و يقول:-
-(
موافق ، سأرتدي ملابسي و أتصل بالجراج لإحضار السيارة و....)
قاطعه الرجل بلهجة مهذبة:-
-(
لا داعي .. ستجد سيارتنا في إنتظارك أمام الباب)
ضاعف هذا الرد من توتر الكاتب الصحفي (م ص) و قلقه ، إلا إنه إرتدى ثيابه بسرعة ، ثم هبط من منزله ليجد من يستقبله أمام السيارة بتحية حارة ، وفتح له الباب الخلفي في إحترام ، ثم إنطلق في شوارع (القاهرة) نحو أحد المباني التابعة لجهاز المخابرات العامة ، فإستقبل رجل المخابرات الكاتب الصحفي بإبتسامة ودود و قال له رجل المخابرات:-
-(
تقبل إعتذارنا مرة أخرى يا أستاذ <م> و لكنك عندما تعرف لماذا طلبنا مقابلتك ستقدر موقفنا جيداً)
لم تكن الكلمات كافية لإزالة توتر الكاتب الصحفي ، و لكن أسلوب رجل المخابرات البسيط ، و طريقته المباشرة في شرح الأمور ، و توضيحه لأهمية تعاون الأستاذ (م) مع الجهاز ، كلها أزاحت حواجز التوتر و القلق و جعلت الكاتب يستمع في إهتمام و إنتباه و يتفاعل مع الموقف بكيانه كله.

و الطريف أن رجل المخابرات لم يشرح للكاتب حقيقة الموقف قط ..
كل ما قاله هو أنهم يحاولون إجراء تجربة علمية ، لما يمكن أن يحدث لو لجأ العدو إلى أسلوب (الحرب البكتروبيولوجية) ، و نشر نوعاً من الميكروبات في البلد و خاصةً في المستشفيات ، و أن أفضل وسيلة إجراء مثل هذه التجربة دون إثارة الذعر ، هي إدعاء وجود ميكروب معروف ، يلوث عدداً من المستشفيات ،مما يحتم إخلاءها بأقصى سرعة..

و إقتنع الأستاذ (م) تماماً بحديث رجل المخابرات ، بل تحمس له بشدة...

و في الصباح التالي مباشرة ، نشرت جريدة الأهرام خبر إخلاء مستشفى (الدمرداش) من المرضى بسبب تلوث معظم عنابره بميكروب التيتانوس ...

ثم جاء دور الأستاذ (م) .. ز في مقال ملتهب إستنكر (م) ما حدث في مستشفى (الدمرداش) و عزاه إلى الإهمال و الإستهتار ، ثم تساءل في النهاية عما إذا كان الأمر يقتصر على هذا المستشفى وحده أم أن مسلسل الإهمال قد بلغ بعض المستشفيات الأخرى.

و في اليوم التالي خرج بمقال أخر حول الموضوع نفسه....ثم مقال ثالث ، و مع رد إنفعال الجماهيري ، و بناءً على هذه الحملة الصغيرة الساخنة ، أصدرت وزارة الصحة قراراً بإجراء تفتيش على باقي المستشفيات الأخرى.

و الطريف أنها أسندت إلى الطبيب (ع) نفسه من فبيل المصادفة.

و إنطلق ع) يواصل مهمته و يجري التفتيش على عدد كبير من المستشفيات ، و من ضمنها تلك التي تحتل القائمة التي وضعها رجال المخابرات و وزارة الدفاع.

و لم يكد أكتوبر يأتي حتى كان العدد المطلوب من المستشفيات قد تم إخلاؤه نهائياً ، و نشرت جريدة الأهرام تحقيقاً علنياً حول هذا الأمر ، مع صور الأسرة الخالية و عمليات النطهير المستمرة...

و إلتقط رجال المخابرات أنفاسهم في إرتياح لنجاح الخطة ، ثم عادوا يكتمونها في قلق شديد ، خشية أن يكشف العدو الأمر قبل إندلاع الحرب ، و لكن هذا لم يحدث و الحمد لله.....

و بعد ستة أيام بالتحديد قامن حرب أكتوبر و إندفعت موجة العبور الأولى تشق قناة السويس ، و تعبر حاجز الهزيمة و تحتل أقوى خط دفاعي في التاريخ ، و تحطم أسطورة الجيش الإسرائيلي ، الذي أشاع أنه لا يقهر أبداً...

و خفقت قلوب الرجال في حماس و زهو لا يخلوان من الدهشة و التقدير .. لقد تحقق عامل المفاجأة إلى أقصى تقدير ، و بوغت العدو تماماً لعملية العبور،حتى إن معدلات الخسائر التي قدرها الخبراء بخمسين في المائة في موجة العبور الأولى ،إنخفضت حتى لم تتجاوز العشرة في المائة ، و هو أقل معدل للخسائر عرفته الحروب الحديثة ، في عملية عبور مائي حصين كهذا.

و عندما تحركت كتائب الإسعاف لنقل المصابين إلى الخطوط الخلفية ، و توفير أفضل عناية و رعاية لهم ، كانت كل المستشفيات المطلوبة خالية ، و معدة لإستقبالهم ، و توفير كل الخدمات الطبية لكل واحد منهم....
هذا لأن الخدعة قد نجحت نجاحاً منقطع النظير

 

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech