Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

القصة الكاملة للعميد متقاعد/ احمد فتح الله فى للكتيبه 215 دبابات من اللواء الخامس

 

 

الجزء الأول
..............
الساعه الثانيه عشر ظهرا يوم 6 اكتوبر استدعانا قائد الكتيبه 215 دبابات من اللواء الخامس الفرقه 19 مشاه المرابضه فى قطاع الجيش الثالث بالسويس ..

وفى الحجره المقامه تحت الارض ..جلس الضباط وقد علقت خريطه على احد حوائط الغرفه ويقف امامها رئيس عمليات الكتيبه ..وعنما دخل القائد وقفنا جميعا بينما حيانا بابتسامه خفيفه لم نعهدها فيه ..كانت مظاهر الاهتمام واضحه على وجوهنا ونفوسنا التى الهبتها سخونه الاحداث .ولم ينتظر القائد طويلا ..واخرج مظروف بدأ فى قراءه ما بداخله ..وكان ملخصه ..انها الحرب ومعركه تحرير الارض سوف تبدأ بعد ساعتين .. ووسط المشاعر المتباينه من الحماس والتوتر فى حين التزم بعضنا الصمت ..اما انا فقد التهب جسدى وشعرت بانفاسى تخرج ساخنه ..ووسط هذا الجو المشحون بدأ رئيس العمليات يسترجع معنا المهمه على الخريطه ويبلغنا بتوقيتات العمليه ..

واهم ما فيها ان عبور كتيبتنا سيكون فى الساعه السادسه مساء بعد عبور قوات المشاه ومد كبارى العبور ..وخرجنا من مكتب القائد متوجهين الى مواقع فصائلنا وسرايانا عندما بدأ البعض يردد كلمات الاغنيه ..ان مت يا امى ما تبكيش ...راح اموت علشان بلدى تعيش ..وبعد العديد من الاستعدات النهائيه جاءت ساعه الصفر ..الساعه الثانيه وخمس دقائق ..هدير طائراتنا يسمع فى ارجاء الموقع ..فها هى طائراتنا تمرق فوقنا الموجه تلو الموجه متجهه صوب سيناء .. وانهمرت الدموع وانفرط عقد الحماس فاخذنا نلوح لها ..حتى ان بعض الجنود اخذوا يهرولون خلف الطائرات وهو يرددون الله اكبر .الله اكبر ...وبعدها بدقائق بدا قصف مدفعيتنا وهى تنزل جام غضبها ووابل نيرانها على مواقع العدو فى الضفه الشرقيه لتتصاعد سحب الدخان على طول امتداد الجبهه ..وفى الساعه الثانيه والثلث بدأ عبور قوات المشاه ثم تتوالى اخبار المعارك الينا.لقد تم عبور قوات اللواء الخامس ..وتم رفع علمنا على الضفه الشرقيه ..ونحن نتظر فى مواقعنا نحترق شوقا للمشاركه فى هذه المعركه ...حتى جاءت الحظه المرتقبه .وادارت الدبابات محركاتها وخرجت من مرابضها فى مشهد مهيب تزأر وتزمجر وتعفر الاجواء بسحابه من الدخان والغبار ظلت تلاحقنا ونحن نتقدم على المحور المخصص لنا فى اتجاه القناه ...ومرت نصف ساعه ونحن نتقدم وسط قصف مدفعيه العدو .حتى وصلنا الى تقاطع طريق المعاهده -الشط وهناك كانت المفاجئه ...حيث استوقفنا ضابط شرطه عسكريه يطلب منا العوده الى سابق مواقعنا لان الكوبرى المخصص لعبورنالم ينشأ بعد. وكانت صدمه لنا .وتسائلنا ما معنى هذا ..؟ هل فشل العبور ؟هل باءت العمليه بالفشل....؟

واستدرنا عائدين الى موقعنا ..وكان الهاجس والقلق باديا على الجميع والسؤل الاهم الذى يشغلنا كلنا .ما هو مصير وموقف قوات المشاه التى عبرت منذ ساعات وتقاتل الان بمفردها دبابات العدو دون مسانده منا ..وكانت هذه اصعب لحظات الحرب .

..................

 

الجزء الثانى
.............
مالذى يحدث على ضفاف القناه الان ..؟ من المؤكد ان المعركه التى يدور رحاها الان غير متكافئه ..فقوات المشاه التى عبرت منذ ساعات تواجه الان دبابات العدو دون حمايه او مسانده من دباباتنا وهذا يعنى ان ان اللحم يواجه الدروع الصلبه والبنادق والاسلحه الخفيفه تواجه الدبابات والمدافع بفردها ... وازداد احساسى بالحسره والاسى ..وفزعت اكثر عندما تذكرت فصيله دبابات من سريتنا موجوده الان على ضفه القناه ويقودها زميل وصديق ملازم اول اسمه السيد عطيه وهو من حى السيده زينب فى القاهره ..وابن بلد اصيل ..وساءلت نفسى ترى ما هو موقف السيد الان ..؟هل مازال يقاتل ..؟ هل هو على قيد الحياه ..وهنا تذكرت اننى احتفظ فى اوراقى برقم تردد اللاسلكى الخاص بدبابه السيد عطيه ..وقفزت الى دبابتى وفتحت الجهاز اللاسلكى رغم ان التعليمات تمنع ذلك فى تلك المرحله ولكننى قررت ان اتصنت فقط على اتصالاتهم دون الدخول فى حديث لكى اطمئن ..وادرت قرص التوليف فى الجهاز حتى ترامى الى مسامعى اصوات شوشره شديده وتداخل اصوات واوامر وبلاغات من هنا وهناك .. وتعليمات وصراخ وهتافات تستغيث تطلب الدبابات ..ووسط هذا تلتقط اذناى صوت اميزه جيدا انه صوت السيد عطيه وما اكد لى هذا هو كم السباب والشتائم التى تخرج مع تعليماته واوامره .. وتنهدت الصعداء وحمدت الله كثيرا انه مازال على قيد الحياه ومازال يقاتل ويسب . ..كان الظلام قد نشر استاره على الارض وقد ظهر الهلال واضحا ليعلن اقتراب انتصاف شهر رمضان ..وكذلك بعض النجوم تغطيها سحب الدخان على اثر الحرائق ولم اكن قد سمعت من قبل مثل هذا القصف والرعد وكان الصوت يصل الينا مره من يمين ومره من يسار وكأنه يمسح جبهه فرقتنا مسحا .. وبقيت طوال هذه الليله اتفقد احوال رجال فصيلتى اطمئن عليهم وارفع من معنوياتهم وابشرهم باقتراب موعد فتح الكوبرى اما اغلب الاحيان فكنت اجلس اعلى برج دبابتى يطالعنى الجحيم المستعر على امتداد ضفتى القناه وبقينا عل هذا الحال حتى بزوغ فجر السابع من اكتوبر وفى الساعه السادسه جاءت البشرى فقد نجحت قوات المهندسين العسكريين بأنشاء اول كوبرى فى قطاعنا والذى استشهد على اثره اللواء احمد حمدى .. وبين هدير المدافع ودوى الانفجارات كانت دبابات الكتيبه وعددها 31 دبابه تشق الارض فى طريقنا الى الضفه لاتمام العبور وكان الهتافات وعلامات النصر تقابلنا من كل وجه او مجموعه نمر بها .. وتزداد حده القصف وتشتد الانفجارات كلما اقتربنا من القناه حتى وصلنا الى المنطقه الزراعيه الملاصقه للساتر الترابى فكانت النيران وسحب الدخان تغطى كل شىء واندلعت فى اكوام الحشائش وفروع الاشجار وجزوع النخيل ..وبينما رتل الكتيبه يمر بقريه اسمها الشلوفه والتى بدت خاليه من اهلها ..انشقت الارض عن سيده عجوز خرجت من احد البيوت الريفيه وهى ترتدى ملابسها السوداء وتتشح بوشاح اسود وقد تدلى حتى اسفل قدميها الحافيتين وهى تحاول الهروله بجانب الدبابات وتلوح لنا وتطلق الزغاريد وتتعثر حينا وتنهض لتواصل التلويح والدعاء وكان مجموعه من الصبيه يهرولوا خلفها ويبدو انهم احفادها ..سرت فى جسدى قشعريره عندما وقعت عيناى على هذا المشهد واحسست بالحماس ..وهتفت فى داخلى وعيناى تملؤها الدموع ..عشت يا مصر وعاش نسائك واطفالك وشبابك ..ابدا لن ندع اى من كان ان يمسكم . تركنا القريه وسط تلك المشاعر واقربنا من نقطه التقابل المحدده مع الفصيله الاولى دبابات فصيله السيد عطيه ..وازداد القلق عندما لم نجد الفصيله الاولى وقرر قائد الكتيبه ان نواصل التحرك الى كوبرى العبور لكسب الوقت .. ..وبالفعل وفى تمام الساعه السابعه وصلنا الى مشارف الكوبرى وانحدرنا على الساتر لارى امامى اروع مشهد لن انساه ما حييت ..انه كوبرى العبور يقبع راسخا فوق سطح مياه القناه يمتد كزراع مارد جبار يمد زراعيه من الغرب الى الشرق ..بينما تتوالى انفجارات مدفعيه العدو على اجنابه فيتناثر رزاز الماء ونافورات هائله منه على سطح الكوبرى ورجال المهندسين العسكريين مستمرين فى اصلاح وترميم ما يتم تدميره من اجزاء الكوبرى ..وفى اعلى الساتر الترابى كان هناك رجال الدفاع الجوى يتربصون بطائرات العدو التى لم تنقطع غاراتها لتدمير الكوبرى ..ولذا كان رجال الحرب الكيماويه يطلقون سحابه من الدخان الابيض لتعمية الكوبرى عن نظر طائرات العدو .والمح هنا وهناك بعض من الرجال الذين شاركوا فى فى معركه الامس معركه مد الكوبرى..وكانوا يبادلونا التحيه وبدأ يملأهم الزهو والفخر رغم التعب والارهاق البادى عليهم ...وفى لحظه سمعت من ينادى بأسمى وسط هذا الضجيج الهائل واتلفت الى مصر الصوت لاراه بصعوبه انه السيد عطيه يهرول نحو دبابتى وقد هالنى مظهره الذى بدا كأنه خارج من مدخنة ركام ..وقفز فوق دباباتى وتعانقنا وفى كلمات قصيره مختصره قص السيد عطيه كيف سبقنا هو وفصيلته الى هذا المكان وفى هذه اللحظه صدرت الاوامر بالعبور وشددنا انا والسيد على ايادينا وقال وهو يقفز من فوق الدبابات : جمد قلبك ...فقلت له.. خليها على الله .... فرد الله اكبر .وبدأت اول دبابة فى العبور تلتها باقى الدبابات وانا مع فصيلتى فوق الكوبرى وفى منتصف القناه كانت لحظات مثيره شعرت فيها بالزهو والتحدى ونحن نخطو ونطأ بجنازير دباباتنا ارض سيناء وكأننى مولود جديد فى دنيا جديدة فقد لاحت السماء اكثر اشراقا ودنت الارض ساحرة بلون رمالها الذهبى ونسمات من برد خفيف تنعش الجسد ..انها الجنه او خطوات قريبه منها اليست ارض سيناء مقدسة ونحن على اعتاب الشهادة وبتمام عبور الكتيبه كان علينا ان نقطع مسافه عشره كيلو متر الى الجنوب لكى ننضم الى قوات المشاة ... قوات اللواء الخامس ..ودبابة قائد الكتيبه فى المقدمه ونسير فى سيناء بمحازاة الساتر الترابى فى الضفه الشرقية ... ولم نصطدم حتى هذه اللحظه بأى قوات للعدو بأستثناء انفجارات دانات مدفعيه العدو التى كانت تلاحقنا وتحاول عرقلة تقدمنا .. فكنا نسمع صفير الدانات وهى تتطاير فوق رؤوسنا وكانت احيانا تسقط قريبه منا وتصل الينا شظاياها فتصطدم بدروع الدبابات مع بعض الاصابات الطفيفه للافراد الذين كانوا يرتقون ابراج الدبابات وبالفعل فقد اصابتنى شظيه صغيره احدثت شقا فى شفتى العليا واخرى فى اصبع يدى اليمنى وقد عالجتهم سريعا ببودره سلفا وقطع من البلاستر ....ونزيد من سرعه تحركنا حتى بدانا نقترب من قطاع الفرقه واللواء الخامس وكلنا شوق للانضمام الى قوات المشاه حتى نشد من ازرهم ..وبمجرد سماع قوات المشاه لاصوات دباباتنا حتى خرجوا الينا من بين ثنايا الارض واكوام الحشائش والحفر التى حفروها طوال الليل .. ما هذا الذى اراه انا لا اصدق ما ارى ..؟ فعندما تمعنت النظر فى ميدان المعركه التى خاضها هؤلاء الابطال فى ليله الامس ان دبابات العدو ومجنزراته مدمره ومتناثره فى كل مكان وها هى جثث جنود العدو متفحمه ومازال الدخان ينعث من بعضها ....كيف استطاع هذا الجندى الذى يلوح لنا بسلاحه ان يفتك بهذه الدبابه التى انقلبت على جانبها مشتعله ..وهاهم مجموعه من جنودنا يقومون بدفن احد زملائهم .. ..ورايت عريف ضئيل الجسم يربط جرح احد زملاءه برباط شاش فلما وقع بصره على قال فى قوة وتحدى انا يا افندم دمرت الدبابه دى واشارالى دبابه فوق ربوه وخلف احد التباب كانت مجموعه اخرى من الجنود يحملون جثمان الشهيد النقيب البسطاويسى قائد فصيلتهم ومجموعه اخرى تحفر قبرا ليوارى فيه الجسد الطاهر ..وفى طريقنا نبهنا بعض ضباط من الكتيبه 15 مشاه ان النقطه القويه للعدو والتى تحمل رقم 149 لم تسقط بعد ..وانها مازالت تقاوم وتطلق اسلحتها المختلفه من داخلها ..
.......................
الجزء الثالث
..............
بإشاره من قائد الكتيبه تعدل تشكيل السير لنتفرق فى صوره سرايا وفصائل ..وبدأنا بالدوران حول النقطه 146مستترين خلف مجموعه من عربات القديمه فى منطقه اسمها الشط .واثناء مرورنا نظرت تجاه النقطه التى اصبحت الان خلفى مباشره ..فلم اجد البرج الذى كان يعلوها فى مكانه ولا العلم الاسرائيلى الذى كان يعلوه انما هناك بعض هياكل من الاعمده تتدلى من احداها النصف السفلى لجندى اسرائيلى فأدركت على الفور ان هذا العمل من فعل السيد عطيه الذى كان فى مواجهه هذه النقطه والذى اقسم امامى منذ ايام اذا قامت الحرب سيكون اول شئ يفعله هو تدمير هذا البرج بالعلم الاسرائيلى مع جندى الحراسه فأبتسمت ابتسامه المنتصر المنتشى .

اتخذت الكتيبه موقعها وانتشرت على حافه الطريق العرضى رقم ( 1) الذى يمتد جنوبا فى اتجاه عيون موسى وشمالا فى اتجاه الاسماعيليه والفرقه السابعه الجار اليسار لنا ..واحتلت سريتنا الجانب الايمن للكتيبه وكانت فصيلتى فى اقصى يمين السريه وفصيله السيد عطيه فى المنتصف والفصيله الثالثه فى اليسار ونزلنا نحن قاده الفصائل نفتش فى الارض لاختيار انسب الاماكن لاحتماء الدبابات وملاحظه العدو ..وبدأنا فى تجهيز الموقع الدفاعى وخطط النيران وكذلك قوات المشاه التى ارتفعت معنوياتها لوجودنا معها...وكان بين الحين والحين يمر علينا بعض من جنود المشاه من الذين شردوا من معارك ومطاردات العدوفى ليله الامس .. ويسألون عن وحداتهم وضباطهم ..وبعد فتره وجيزه كان الموقع بأكمله قد انتظم واتخذت قوات المشاه مواقعها بين وخلف الدبابات فى انتظار صد الهجوم المضاد للعدو كما كنا ندرسه فى خطط العدو ..

كانت فصيلتى فى اقصى اليمين كما ذكرت وبالتالى فقد كانت اوامر قائد الكتيبه لى ولقائد السريه بتشديد الرقابه على هذا الجانب والذى كان يفصل بيننا وبين قوات اللواء الثانى المشاه والذى تفصلنا عنه مساحه شاسعه من الارض وهى عباره عن وادى فسيح تغطت ارضه ببعض السباخات والملاحات ..طلبت بعد ذلك قاده او حكمدار كل دبابه فى الفصيله وشرحت لهم المهمه واكدت على الاستعداد الدائم وعدم الغفله تحسبا لهجوم العدو المضاد .. وكنت قد اخترت مربض دبابتى مستترا خلف احد التباب وفى منتصف الفصيله تقريبا وكانت دبابه الحكمدار سمير عن يمينى بمسافه مائه متر ودبابه الرقيب والى على يسارى بنفس المسافه تقريبا..بعد ان قمت بشرح المهمه صعدت مترجلا احد التباب العاليه ..ومن فوق هذه التبه التى تسمح بمراقبه الوادى الممتد بينننا وبين اللواء الثانى والجزء اليسار من موقع سريتنا ..رأيت المشهد من اعلى فكانت الحفر التى حفرها جنودنا حديثا ..قد ميزت بلون الرمال الداكن والتى جمعوها حول الحفر ..فبدت وكأنهافوهات براكين فى الصور المأخوذه عن سطح القمر..

وفى حوالى الساعه الرابعه عصرا اشتد تركيز نيران مدفعيه وطيران العدو حول موقعنا ومواقع اللواء الثانى المشاه وارتفعت السنه اللهب والنيران والدخان فى الاراى القريبه من حفر الدبابات..وفيما يبدو ن العدو قد اكتشف وحدد خطوطنا الاماميه ..فأخذوا يصلونها نارا حاميه ..وكلما زادت كثافه النيران والقصف استشعر الخطر الاهم وقدرت ان العدو سيقتحم موقعنا فى القريب العاجل ..ومن نقطه ملاحظتى فى اعلى التبه بدأت لا اميز الدبابات فى الموقع فقد غطاها الغبار والدخان وكسا اللون الداكن كل ما فى الارض وقد اسودت الحفر الناتجه عن قصف العدو ..وبدأهاجس من الخوف يغمرنى ..لا لسبب الا ان دباباتنا هى دبابات روسيه عتيقه ماركه ت34 من مخلفات الحرب العالميه الثانيه بينما دبابات العدو الحديثه من انواع السنتريون والباتون لديها امكانيات تكنولوجيه حديثه ويكفى ان دبابه العدو تستطيع قنص دباباتنا على مسافه 2كيلو متر بينما دباباتنا مداها المؤثر على دبابات العدو لا يتجاوز 700 متر وبطلقات خاصه يطلق عليها الطلقه ( السابو) الخارقه للدروع ..

حاولت ان اطرد مخاوفى هذه وهرولت نازلا الى دبابتى لاطمئن على الطاقم ..وبقيه الاطقم بواسطه اللاسلكى ..وخرجت انظر من خارج البرج استطلع الارض حولنا ..وهنا ارى شبحا يتحرك متخفيا بين الدبابات ويسقط ثم يقوم ويهرول واستطعت للمره الالف ان اميزه انه الضابط السيد عطيه جاء يبحث عنى اكيد .وعندما اهتدى الى دبابتى قفز فوقها ..وبدأ يحدثنى بصوت مبحوح وغير مسموع من ضجيج المعركه وهو يكرر على جمله واحده التقطتها اذنى فى النهايه وهى ..الضابط عادل استشهد وعادل هذا هو ضابط اشاره الكتيبه ..وقبل ان استفسر عن الامر بادرنى السيد بالخبر التالى وقالوهو يشير فى اتجاهات مختلفه هنالك اربعه دبابات للعدو تسللت اثناء القصف قرب مواقعنا فى محاوله لتطويقنا من جهه الفاصل بينن وبين اللواء الثانى ..بمعنى اخر من جهه فصيلتى ..

وتلفت ابحث عنهم ..الا ان السيد بادرنى وقال لن تكتشفهم من هنا..ثم استعد للقفز من فوق دبابتى وهو يقول سوف اطلق طلقه من دبابتى فى اتجاههم راقبها وسوف تعرف اماكن الدبابات ...وبمجرد نزوله اتصلت بكل من الرقيب سمير حكمدار الدبابه اليمين والرقيب والى لكى يحضروا الى دبابتى فورا ..وجاءا مهرولين ..وصعدا فوق الدبابه وشرحت لهم الموقف وما سيقوم به الضابط السيد ..وبعدها نشتبك مع دبابات العدو ثم عاد كل منهما الى دبابته ..ونحن نراقب دبابه السيد عطيه التى بالفعل اطلقت طلقه فى اتجاه دبابات العدوواحدث مكان سقوطها انفجار وغبار سريعا ما انقشع لتظهر فى صوره مشوشه ابراج دبابات العدو مختفيه خلف مجموعه من التلال الصناعيه..وهنا بدات اول معركه مع دبابات العدو حيث تناوبنا كل دبابات السريه فى قصف الدبابات الاربعه..وبعدعده طلقات اطلقتها من دبابتى ادركت على الفوران هذه الدبابات تقف وترابض خارج المرمى المؤثر لاسلحتنا وان ما نقوم به هو استهلاك للذخيره ليس الا..المؤثربينما دباباتنا تقع داخل المرمى لاسلحتهم ومع هذا كانت السريه مستمره فى اطلاق قذائفها فى اتجاه دبابات العدو ومعهم كانت دبابه الرقيب سمير والتى عن يمينى بمسافه مائه متر تقريبا ويطلق نيران بمعدل عالى طلقه كل 10 ثوانى تقريبا ..

ولكنها تحركت الان وتركت مكانها خلف التبه لتصعد اعلاها ومستمره فى انتاج النيران وعندما لاحظت ذلك اتصلت بالرقيب سمير باللاسلكى احذره من وقوفه فوق التبه واقول له ياسمير انت مكشوف من عندك انزل ...واكرر النداء والتحذير وكان رده فى كل مره ..حاضر يا فندم سينفذ ..ومع هذا كان مستمرا فى اطلاق النيران من نفس المكان وكنت اعرف الدافع الوهمى الذى جعل سمير يتمسك بأعلى التبه حيث يتيح له ذلك رؤيه جيده ومجال تنشين ادق ولكن فى ذات الوقت وهذا ما تغاضى عنه سمير فقد جعل من دبابته هدف سهل للعدو وهو ما نطلق عليه هدف على خط السماء ..وانشغلت مع طاقم دباباتى فى اعطاء اوامر ضرب النار فى محاوله لتحديد مسافه دبابات العدو بدقه وتصحيح الضرب لرامى دبابتى العريف عزازى ..

وبدأ تركيز دبابات العدو على دبابات فصيلتى ..وخاصه دبابه سمير التى مازالت موجوده اعلى التبه ..فصرخت فيه باللاسلكى وبلهجه حاده لاتخلو من السباب ان ينزل من على التبه ..وجاء رد سمير غاضبا وهو يرد فى عصبيه حاضر يا فندم هانفذ ..هانفذ. انشغلت مره اخرى مع طاقمى وبعد عده ثوانى هالنى ما رأيت..ما هذا ..؟ مالذى يحدث داخل دبابه سمير ..ما هذا الدخان الابيض الكثيف الذى ينبعث من كل فتحاتها...؟ شخص من افراد الطاقم يجذب ساقى بشده يطلب المساعده فى اصلاح عطل بالمدفع ..ونزلت داخل الدبابه اتفحص العطل وفى نفس اللحظه دوى انفجار اعلى برج دبابتى واهتزاز جسم الدبابه بعنف ودخان اسود كثيف عبأ البرج من الداخل ..وانعدمت الرؤيه واصابنى بعض الصمم فى اذناى ..وادركت ذلك عندما كنت لا اسمع سعال طاقم الدبابه على اثر الدخان الذى عبئها من الداخل ..وادركت ان دبابتى اصيبت ..

وبصعوبه اخرجت رأسى خارج فتحه برج الدبابه لاستطلع الامر واكتشف ان الطلقه اصابت حافه البرج وازالت الغطاء المدرع لفتحه البرج ..وادركت على الفور ان الطلقه القادمه من دبابه العدو ستكون قاتله بعد تصحيح نيرانها ..فصرخت فى سائق الدبابه ( نور) ان ينزل الدبابه قليلا الى الاسفل وبسرعه ..وقد فعل هذا ..وما هى الا ثوانى وكانت الطلقه الثانيه تمر فوق برج دبابتى وتطيش بعيدا عنها ..وامرت السائق نور ان يثبت على هذا الوضع ..

وهنا تنبهت الى دبابه سمير ونظرت فى اتجاهها اعلى التبه ورأيت الفاجعه ..فقد تحولت دبابه سمير الى كتله من اللهب المستعر وهى ترتج ارتجاجات متتاليه بفعل الانفجارات داخلها ..وتسمرت والالم يعتصرنى وانا اشاهد اشلاء طاقمها يتطاير فى الهواء مع كل انفجار فاغمضت عيناى واحسست بدوار وغثيان وتمنيت ان يكون ما اراه هو مجرد كابوس ..ولكن عندما فتحت عيناى مره اخرى لأرى المأساه تكتمل وذلك عندما لمحت احد افرد الطاقم والنيران مشتعله بجسده العارى وهو يخرج من فتحه السائق واستطعت ان اميزه وهو سائق الدبابه موريس اسكندر..ويسقط على الارض امام الدبابه محاولا الوقوف ولكن سرعان ما يسقط من جديد محاولا الزحف بعيدا عن النيران ملوحا بيديه فى الهواء طالبا الاستغاثه فقد بدى فاقد البصر وبعد عده خطوات حباها كطفل صغير سقط ساكنا بجوار جنزير الدبابه ويهرع اليه بعض من جنود المشاه يهيلون التراب فوق جسده الذى سكن الى الابد ....
........................
الجزء الرابع والأخير
..................
همنى شعور غريب وامتلأت نفسى بأحاسيس كثيره وانا اراقب هذا المشهد المفجع المحزن .. وسلطت على فكره واحده لماذا اعيش الان ..؟ ومن اجل ماذا انا هنا ..؟ وهل انا مستعد للموت فقط ..؟ واحسست برغبه شديده لم اشعر بها من قبل الا وهى الانتحار او الثأر واتخذت قرارى على الفور دون تردد وهو ان نال من هؤلاء الذين ينالون منا الان وتذكرت كلمات تقول اذا كان من الموت بد ..فمن العار ان تموت جبانا ..

لقد كنت معرض منذ دقائق للموت عندما اصيبت دبابتى وطاشت الطلقه الثانيه ..ففيم الانتظار ..؟وهتفت بأعلى صوتى وفى شبه هيستيريا : تقدم يا نور ..ونور السائق يتمتم ببعض كلمات لم اعرها انتباهى انما كررت عليه الامر بصوت اعلى ..وبالفعل بدأ نور يتقدم الى الامام فى اتجاه العدو ولكن ببطىء وانا اطالبه بزياده السرعه وكلما زادها اطالبه بالمزيد ..ووبالفعل قرر نور ان يقود الدبابه بأقصى سرعه له ..وهو يتمتم ببعض كلمات من القرأن ..وتركنا السريه خلفنا..ثم لاحت لنا ارض مفتوحه (وادى صغير ) مغطى بمجموعه حشائش واعشاب اخفت نصف الدبابه تقريبا وكنت قد عقدت العزم على الاقتراب من تلك الدبابات اللعينه التى تقف بعيده عن مرمى النيران المؤثره

كانت الريح تسير فى اتجاهنا تحمل معها سحب الدخان الاسود المنبعث من حطام دبابه سمير فجاءت الريح تحمل معها رائحه احتراق اللحم لحم رجالى الذى يحترق الان وتنساب دمعه من عيناى عندما تذكرت المشهد القريب حتى لم اعد ارى سواه ولا اسمع سوى صوت واحد بداخلى يردد الانتقام الثأر

وكأن القدر هو الذى وضعنا فى هذا الوادى وهو الذى سير الرياح والدخان ليستر ويخفى تحركنا حتى ان دبابات العدو لم تكتشفنا حتى هذه اللحظه رغم اننا قد اقتربنا كثيرا منهم واصبحت على مسافه لا تزيد عن سبعمائه متر ..وفجاه المح وحش حديدى ..دبابه ضخمه للعدو وجانبها هو المعرض نحونا انها دبابه اسرائيليه امريكيه الصنع انها الدبابه السينتورين ماركه 7 بلونها الزيتى القمىء وقد استطعت ان اميز الحروف والارقام المكتوبه على برجها اذا المسافه اقل من سبعمائه متر وهنا هتفت فى السائق نور ..قف ..قف يا نور وصحت فى الرامى العريف عزازى عبر اللاسلكى دبابه يا عزازى شايفها .وظل يبحث عنها بواسطه التلسكوب (وسيله التنشين) . فصحت فيه مره اخرى بغضب ميزتها يا عزازى ..وعزازى لا يرد ..وكدت اشوطه بقدمى فى ظهره المواجه لى لولا ان نطق وقال بصوت عالى تميز الهدف تميز واعطيت التعليمات سريعا لمعمر الدبابه (المزخر9) ..وطلبت منه تعمير الطلقه السابو الخارقه للدروع وقد فعل فى سرعه البرق بينما عزازى يدقق نشانه وانا اتعجله قبل ان يكتشف امرنا ..وبعد ثوانى مرت كالساعات ..صاح عزازى .. جاهز ..وبادرته على الفولر بأمر الضرب ..وضغط عزازى على عتله المدفع لتخرج الطلقه السابو بصوت مريع وتهتز دبابتنا بعنف وانا اراقب مسار الطلقه وهى متجهه الى الهدف (يوجد فى مؤخره المقذوف ضوء احمر يوضح مسار الطلقه ) ..واذا بالطلقه تصطدم بالدبابه الاسرائيليه ..ولم يحدث اى رد فعل للدبابه ..لا دخان ولا انفجار .فاصابنا الذهول والارتباك ..

وكان قرارى ان نعجلها بطلقه اخرى وناديت على المعمر ... طلقه سابو ..عمر ..وقد فعل وامرت عزازى ان يعيد التنشين والضرب ..وقبل ان تخرج الطلقه الثانيه حدث ما كنا ننتظره فقد انفجرت دبابه العدو على اثر الطلقه الاولى ..والذى كنا لا نعرفه ان هذه الطلقه تستغرق قرابه 9 ثوان حتى تخترق الدرع

الله اكبر ..الله اكبر صيحات رددها الطاقم فى دبابتى ..وقبل ان نكمل كلمات التهنئه المح دبابه اخرى ظهرت فجأه بجوار الدبابه المدمره المشتعله وهى من ماركه سينتورين ايضا ..وكانت تحاول الارتداد والهروب الى الخلف ..وهنا صحت فى الطاقم دبابه تانيه ومن خلال التلسكوب لمحها عزازى ووجه المدفع نحوها واطلق الطلقه السابو الثانيه والتى كانت معمره فى المدفع لتخرج الطلقه وانا اراقبها بنفس الطريقه حتى اصطدمت بجسم الدبابه الثانيه ..وقد استوعبنا الدرس وانتظرنا الثوانى التسع ..الى ان حدث الانفجار فى الدبابه الثانيه ..ولم يتماك الطاقم فرحته وراحوا يقفزون من اماكنهم يتبادلون العناق وانا خارج البرج امسح المكان بنظاره الميدان لاكتشف اى اهداف جديده ..

لالمح دبابه من جانبنا قادمه مسرعه لتقف امامنا بعدة امتار انها دبابه السيد عطيه ..ولاحظته يطلق مدفع دبابته فى اتجاه هدف امامه وما هى الا لحظات حتى ظهرت دبابه ثالثه للعدو والنيران تلتهمها فقد اصابتها دبابه السيد عطيه الذى ابا ان يظل فى الخلف مع السريه وتقدم خلفى ليشاركنى معركتى ويشاركنى فى ثأرى

المصدر

صفحه حرب اكتوبر 1973 علي الفيس بوك

https://www.facebook.com/Oct.War1973/photos/np.48592447.100001094432229/729938253744217/?type=1&ref=notif&notif_t=notify_me

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech