Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

الردع بين الحل العسكري والمخابراتي

الردع بين القوى الصلبة والقوى الناعمة

 

 

 

مقال حصري لا يجوز اعاده نشره او النقل منه بدون الاشاره للموقع والكاتب كحق ادبي اصيل

كتب محمود شرف الدين : الباحث بقسم الابحاث العسكرية بالمجموعه 73 مؤرخين

 

لطالما سمعنا مراراً وتكراراً مصطلح (الردع –سلاح الردع –قوات الردع) لذلك ارتبط دائماً مفهوم الردع معنا بالقوة العسكرية أو استخدام القوى العسكرية لتحقيق أهداف معينة عجزت عنها أدوات السياسة الآخرى ولما لا فكبار الإستراتيجيين العسكريين مثل الجنرال الفرنسى (أندريه بوفر) عرف الردع على إنه (منع دولة معينة من اتخاذ قرار باستخدام أسلحتها أو بصورة أعم منعها من العمل أو الرد إزاء موقف معين باتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات التى تشكل تهديداً كافياً حيالها والنتيجة التى يراد الحصول عليها هى النتيجة النفسية )

إذاً فهناك نقطتين فى غاية الأهمية ذكرهما الجنرال بوفر ..

الأولى :-

أن الردع هو ردع عسكرى مقابل خطر عسكرى

الثانية :-

أن الردع هو عملية نفسية تستهدف رأس النظام أوعقل القيادة العسكرية وهو يؤكد مقولة (إذا ملكت العقل ملكت الجسم) إذ أن الردع فى الأساس عملية نفسية تستهدف صُناع القرار السياسيين أو العسكريين لإجبارهم على اتخاذ قرارات فى صالح الدولة الرادعة.

وهناك تعريف آخر لأبرز الكُتاب الإستراتيجيين الأمريكيين فى نظرية الردع وهما (بول هاث و بروس) يعرفون فيه الردع على أنه ( محاولة من صانعى القرار فى دولة ما لإجبار صانعى القرار فى دولة آخرى على التجاوب مع مطالب ومصالح الدولة الأولى ) وهنا لم يشر الكاتبين إلى استخدام القوة العسكرية صراحة بل استثمارها

وهناك تعريف للباحث العراقى (مازن الرمضانى) والذى يعرف فيه الردع على إنه (استراتيجية سياسية ذات أدوات عسكرية تُبنى على ربط السياسة الخارجية بالتخطيط العسكرى )

وهنا نرى أن مفهوم الردع تطور مع تطور مفهوم القوة والإستراتيجيات العسكرية الحديثة من مجرد الإعتماد على القوة العسكرية إلى الإعتماد على جميع مقومات الدولة كما سنرى لاحقاً ولكن لماذا؟.. فالردع العسكرى هو ردع (دفاعى) يهدف فى الأساس إلى منع حدوث عمل عدائى ضد دولة ما فهدف الردع الدفاعى هو تجنب حدوث حرب ضدك وتفادى اختبار القوة مع عدوك ، ومع تطور مفهوم القوة تطور مفهوم الردع من مجرد ردع عسكرى إلى ردع متمثل فى توظيف وسائل القوة عن طريق التهديد باستخدامها مثل القوة (العسكرية- السياسية – الإقتصادية –الإعلامية – الجغرافية ) كل هذه وسائل قوة تم استخدامها فى ردع دول لدول أخرى وبمعنى آخر فإن الردع أصبح لغة حوار كما أشارت الباحثة(سوسن العساف) أن الردع أصبح (حوار إرادات متصارعة بين خصمين يرمى أحدهما أو كلاهما إلى منع الآخر من القيام بعمل لا يرتضيه) إذ أن الردع يستهدف إرادة الخصم وليس فعله .

وقد عرَّف السيد (أمين الهويدى) فى كتابه الصراع العربى الإسرائيلى بين الرادع التقليدى والرادع النووى الردع بأنه (منع الأطراف من اللجوء إلى القوة أو فن عدم استخدام القوة بالرغم من وجودها أو هو فن تجنب القتال)

إذاً بعد كل هذه التعريفات ظهر لنا أن الردع هو فى الأساس عملية نفسية تهدف إلى إقناع أو إجبار أو إخضاع العدو بعدم جدوى الحرب أو أى قرارآخر سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو حتى دبلوماسياً يهدد مصالحنا وقد ذكرنا أن الردع أصبح لا يستخدم فقط بالطرق العسكرية بل بجميع وسائل القوة لدى الدولة

وكما ذكرنا فى المقالة السابقة أن القوة ترتكز أساساً على شقين :

شق ملموس وهو القدرات العسكرية مثل (القوات البرية والجوية والبحرية بما فيها من دبابات وسفن وغواصات وصواريخ ومقاتلات ومروحيات وأقمار صناعية)

وشق آخر يسمى ب(القوة الكامنة) وهى (القوة البشرية والإقتصادية و العلمية و التكنولوجية بل والقوة المجتمعية وهى ترابط فئات المجتمع من الداخل من ديانات وأعراق مختلفة) كل هذه القوى تدخل فى بناء القوة العسكرية ، وتعتمد القوة الكامنة للدول على ثروة الدول وتعداد سكانها إذاً القوة العسكرية تحتاج إلى الأفراد والمال والتكنولوجيا لبناءها والقتال بها ومن هنا فإن الحرب ليست الطريقة الوحيدة للوصول إلى القوة بل يمكن الحصول على القوة بالتعداد السكانى و الإقتصاد القوى و التطور العلمى وأكبر دليل على ذلك تجربة الصين .

من هذا التعريف يظهر لنا أنه إن كانت دولة تمتلك قوة اقتصادية أو سياسية أو دبلوماسية بجانب القوة العسكرية يمكن أن تمارس بها ردعاً لدولة أخرى لأنه كما سنذكر لاحقاً أن أنواع الردع بينها ما هو مبنى فى الأساس على القوى الناعمة للدولة(اقتصادية أو سياسية أو دبلوماسية) ويمكننا تحديد أنواع ومظاهر الردع والتى تقوم على أربعة مظاهر تُمارس بقوى مختلفة مثل:

1-   الردع بالعقاب :-

وهو تهديد الخصم بعقاب شديد ورهيب إذا أقدم على القيام بأعمال أو اجراءات تهدد الطرف الرادع .وهو الإسلوب الأكثر شيوعاً حتى أن بعض تعريفات الردع تُبنى على هذا التعريف فقط .

2-   الردع بالحرمان :-

وهو اقناع الخصم بإنك تملك ما تحصن به نفسك ضد عدوانه بما يقنعه أن عدوانه غير مجدياً أو أن خسائره تفوق مكاسبه.

3-   الردع بالإطمئنان :-

وهو السعى لطمئنة الدول الأخرى بحسن نواياك مما يخفف من خطر الإستفزاز أو تأهب الدول الأخرى مثل أن ضخامة قوتك سوف تستخدم فقط دفاعاً عن نفسك ضد أى خطر أى أنك تستخدم ردع دفاعى فقط .

4-   الردع بالمكافأة :-

وهى اغراء الخصم ببعض القرارات التى هى بالأساس فى صالحه دون أن تضر بمصالحنا العامة مثل ما حدث بين العراق والكويت حين قدم الكويت قرضاً ب(85مليون دولار) بدون فائدة لمدة 25عام عندما تولى حزب البعث السلطة عام 1963 وتخلى العراق فى نفس العام عن مطالبته بجزيرتى (وربة و بوبيان).

وهنا فمن الملاحظ أن الردع تم تحديده ب( التهديد– الإقناع– الطمئنة - الإغراء) وكلهاعوامل نفسية يمكن تنفيذها بمجرد تصريح شفهى تسانده قوة اقتصادية أو سياسية وليس حتماً عسكرية ولكن شرط الردع أن يصدق خصمك (تهديدك– اقناعك– طمئنتك - اغراءك) وإلا سيكون مجرد درع فارغ وعارٍ من الصحة وأبسط مثال ماحدث فى حرب أكتوبر فقد ظن الإسرائيليين أن (قنبلتهم النووية و خط بارليف وقوتهم الجوية وجنودهم المتعلمين وسلاحهم المتطور) سيردع المصريين عن استعادة سيناء ولكن عندما سقط الحاجز (النفسى) سقط الردع وبالتالى أصبحت عناصر الردع الإسرائيلية عناصر تحفيز مصرية لقيام حرب عادلة لإستعادة الأراضى المحتلة .

شروط نجاح سياسة الردع :-

كما ذكرنا أنك إذا ملكت عناصر الردع دون مصادقية (تهديدك– اقناعك– طمئنتك- اغراءك) فان ردعك سوف يفشل وتنتج عنه نتائج كارثية أضخم إن لم تهدد بها فى البداية

لذلك فإن الردع يحتاج إلى بعض الشروط والعوامل لإنجاحه وقد حددها الإستراتيجيين العسكريين إلى خمسة عوامل وشروط هى :

1-   القدرات :-

وتعنى وجود مقومات أشكال الردع التى سوف تقوم باستخدامها أو التى تملكها أصلاً وهى أشكال القوة كما ذكرناها سابقاً بشقيها الملموس والكامن ولكن قوة بدون قدرة لا تعتبر قوة وهنا فهل قوى دول الخليج مجتمعة تملك (القدرة) على ردع إيران ؟؟

 فالدرع قدرة قبل أن يكون قوة فإذا امتلكت القوة دون القدرة على تنفيذها فهى تزيد من المخاطر ولا تقللها فالردع يُبنى على القدرة على تنفيذه وليس فقط امتلاك قوات فإسرائيل مثلاً تملك قوات وأسلحة أقل بمراحل (على المستوى التقليدى) مما يمتلكه العرب مجتمعين ولكن ما الرادع عن تحرير الأراضى الفلسطينية هل (الرادع فوق التقليدى) النووى ؟ لا ، بل القدرة على تنفيذ التهديد به وليس مجرد امتلاكه تماماً مثل كوريا الشمالية ففى الوقت الذى نظن فيه بجنون حاكمها إلا أنه يمارس ردع عسكرى بقوى اعلامية لإيصال رسالة مفداها (هذا ما اعددناه لكم فى حال فكرتم بحربنا) ، فلولا تفجير قنبلتى هيروشيما وناجازاكى لما امتلك السلاح النووى كل هذا الكم من الردع والرعب منه وأصبح امتلاكه من أكبر وأصدق صور الردع .

إذاً فالعامل الحاسم فى تحديد مدى مصداقية ردعك هو القدرة على الفعل الذى يمكن إحداث أكبر قدر من الأذى والضرر لخصمك فى المكان والزمان المناسبين .

2-   المصداقية:-

وهى الشرط أو العامل النفسى الأكثر تعقيداً و الأهم لإنجاح سياسة أو استراتيجية الردع وهى ترتبط بشكل كبير بالطرف المراد ردعه فإذا لم يصدق مدى مايمكن أن تسببه له من أضرار أو إن كنت قادراً فى الأساس على ردعهبقدرتك أو امكانياتك (فمثلاً إن شك فى قدرتك على تحمل الأعباء) ضعفت فرص تصديق خصمك لتهديداتك وبالتالى فشل الردع. والمصداقية تكمن فى أن تملك الوسيلة والإرادة لتنفيذ (تهديدك– اقناعك– طمئنتك- اغراءك) وايصال رسائل ثابتة غير متناقضة ، ومن المعروف أن مصداقية الردع هى ما بنيت عليها الحرب الباردة ويختلف الباحثين على مدى أهمية عنصر المصداقية من إنها العنصر الكافى أو إنها ضرورية وليست كافية لإنجاح الردع.

3-   المعلوماتية :-

الردع فى الأساس ليس سراً بالعكس هو اعلام الخصم بكم (كافى) من المعلومات لإقناعه بمدى مصداقيتك وقدرتك على ردعه والمناورات والمناورات المشتركة والإعلان عن بعض صفقات السلاح أحد أشكال الإعلام الردعى ولكن كما ذكرنا بالقدر الكافى ، فبعض الإعلاميين وليس الباحثين خصوصاً فى ظل ثورة المعلومات وخصوصاً وسائل التواصل الإجتماعى  يرى أنه إن قام بمعرفة خبر معين فيه طريقة استخدام سلاح معين أو صفقة معينة لم يتم الإعلان عنها فإنها سابقة صحفية وهى فى الأساس تقديم معلومات فى غاية الأهمية على طبق من ذهب للأعداء ومنها فعندما يعرف عدوك طريقة استخدامك للسلاح الردعى يمكن تعديل طرق هجومه أو دفاعه وبالتإلى تخسر عنصر ردعك المتمثل فى سرية ما سوف تفعله به وهنا فإن هناك فرق شاسع بين الإعلام الكافى أو الرسائل النفسية والسوابق الإعلامية والصحفية التى تفتقر إلى الوعى الأمنى للمعلومات وهناك الشق الآخر من المعلومات وهو التركيز على معلومات أجهزة المخابرات لديك بشتى أنواعها بما يفيد بقدرة خصمك والأهم كيف ينظر خصمك إليك وإلى بلدك مما يجعل من السهل وضع استراتيجية صحيحة وناجحة للردع وكيف يتعامل الأفراد والجماعات من صانعى القرار والمؤثرين فيه مع التهديدات وقدرتهم على تحملها . وهنا فإن الردع يفشل عندما يحتفظ (ببعض) أدواته وأشكاله سراً دون إيصال معلومات إلى الخصم فلا تكون أدنى من المطلوب أو أكثر من المطلوب فهى تنفيه أو تضعفه وهنا فإن تبادل المعلومات من أهم أشكال إنجاح الردع .

4-   خبرة الردع :-

وجود قدرة ومصداقية بدون كفاءة التنفيذ يضعف من قدرة الردع وخبرة الردع هى أن يكون لدى أطراف الصراع كفاءة الأداء والتنفيذ والإلتزام بقواعد اللعبة وبالأخص فى ظل التطور السريع لأنظمة التسليح وتعاظم قدرتها المستمرة بالتوازى مع تعاظم أهمية الإقتصاد فى العالم الآن وما يحمله من أدوات تؤثر فى مجريات أى صراع ولو على المدى البعيد نسبياًوتتشكل خبرة الردع بعدة شروط من أهمها :

1-   الخلفية الفكرية والسلوكية لصناع القرار.

2-   مدى إدراك صناع القرار لمستوى التهديد القائم والمحتمل.

3-   القدرة على حسن توظيف الإمكانيات والقدرات المتاحة لإدارة الصراع.

4-   الوعى بظروف النظام الدولى وامكانياته القائمة من أجل اختيار مناسب لإستراتجية الردع .

5-   العقلانية:-

يرى الإستراتيجى (شارلس فيركسون) أنه من شروط نجاح الردع (افتراض أن الخصم يتصرف بطريقة عقلانية قائمة على الترشيد والتمييز والتقدير السليم للمواقف وتحقيق هذا الوضع يكسب الردع جانباً من قوة التأثير) والعقلانية مرتبطة بالجانب النفسى ومحاولة الخروج من الأزمة عن طريق المبادئ والقيم والمحافظة على الشعوب وأكبر مثال أزمة الصواريخ الكوبية والتى قامت بجانب الاستعدادات العسكرية الغير مسبوقة وحالة التأهب النووى على اشارة جون كيندى للسوفيت بما سوف يحدث حين تُستخدم هذه الحشود وهنا قال كيندى مقولة لكبير مستشاريه وهى مقولة لصن تزو (الحرب نضال أخلاقى نربحها فى المعابد قبل أن نخوضها)وهنا تحول الردع من التهديد إلى أخلاقية وظهور جانب انسانى فى الصراع والإغراء بالمكافأة كما حدث حين تم تفكيك صواريخ جوبتر فى تركيا مقابل صواريخ ساندال فى كوبا وبالتالى حلت الأزمة بالقوة الناعمة وليس التهديد فالتهديد ليس الوسيلة الوحيدة والمثلى لحل الأزمات بالعكس فقد يزيد من القلق والشك والعداء ويتحول لحافز للحرب بدلاً من أن يكون رادعاً .

وهنا فإن الردع ليس صلباً كالتهديد والحرمان ولكنه أيضاً ناعماً كالإطمئنان والمكافأة والقوة الناعمة ليس ضعفاً بل قوة أكبر تأثيراً من التهديد والحرمان وقبل كل شىء كما ذكرنا أن الردع نفسى وليس مادى .

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech