Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

إعادة بناء الجيش السوري بعد عدوان 1967

الخطوط العامة لعملية إعادة بناء الجيش العربي السوري

وإعداده للحرب القادمة.

بعد وقف إطلاق النار بين سورية وإسرائيل في العاشر من حزيران 1967، كان في أولويات شواغل القيادة السورية الإسراع بتنظيم الدفاع بالقوات الموجودة، واستكمالها لإحباط أي عملية هجومية يحاول العدو القيام بها للتقدم باتجاه دمشق، أو باتجاه المنطقة الجنوبية من سورية، وفي تموز 1967 ومع استعادة القوات لقدرتها القيادية، وضعت القيادة العامة خطة دفاعية، كانت فيها المجموعات القتالية الثلاث: 42،35،12 في النسق الأول، مع وجود منطقة حيطة تفصل قواتنا عن قوات العدو، ووجود احتياط مدرع للقيادة العامة لاستخدامه في الهجمات المعاكسة، ولسد الخرق في حال حدوثه، وفي شهر أيلول 1967 طورت القيادة العامة هذه الخطة، بدفع الحد الأمامي للنطاق الرئيسي أقرب ما يمكن من العدو، على حساب نطاق الحيطة، وزيادة عمق الدفاع، وأسفر ذلك عن تطوير أساسي على الخطة الدفاعية، بعد أن حققت القوات نمواً مطرداً بالأفراد والعتاد، وتحول تشكيل المجموعات القتالية إلى فرق مدرعة وميكانيكية ثابتة الملاك، وبعد أن دخلت صواريخ الدفاع الجوي للمرة الأولى في منظومة الدفاع الجوي.وقد سارت عملية إعادة بناء الجيش العربي السوري وإعداده كما يلي:

آ ـ في مجال الإعداد المعنوي:

أحدث انسحاب القوات السورية من جبهة الجولان (أي النطاق الدفاعي الأول) إلى النطاق الدفاعي الثاني، صدمة عميقة للعسكريين في الجيش العربي السوري، سيما منهم الذين نفذوا عملية الانسحاب، كما أصيب المواطنون المدنيون السوريون بالذهول والمفاجأة، لكونهم لم يتوقعوا مثل هذه النتيجة قط، فقد اعتادوا على مدى 17 عاماً على أخبار الاشتباكات والمعارك المحدودة بين القوات السورية والقوات الإسرائيلية على الحدود، وفي معظم تلك المعارك كانت النتيجة لصالح القوات السورية، كما كان الخطاب الإعلامي طوال تلك الفترة يضع المواطن السوري بصورة إسرائيل الضعيفة والهزيلة، والتي يمكن القضاء عليها لولا الدعم الأمريكي.لقد كانت مشاعر المرارة والرغبة في الانتقام، هي المشاعر المسيطرة على معظم العسكريين، سيما منهم من تخلوا عن مواقعهم الدفاعية دون أن يشاهدوا سوى طيران العدو، الذي كان يختار بحرية كاملة الأهداف التي يريد قصفها، دون وجود أية مقاومة مضادة له، الأمر الذي أحدث خسائر كبيرة بالأفراد والعتاد، جعلت قادة الوحدات يدركون بأن هذه الخسائر، قد تكون أقل فيما لو قاتلوا من مواقعهم الدفاعية حتى في ظروف التطويق.في مواجهة هذا الواقع الأليم، قررت القيادتان السياسية والعسكرية اتخاذ تدابير سريعة في مجال الإعداد المعنوي، تستهدف رفع الروح المعنوية، وبناء حالة من الصمود، للوقوف في وجه العدو الذي من المحتمل أن يخرق وقف إطلاق النار ، ويتابع الأعمال القتالية كما فعل في اليومين السابقين.شملت التوجيهات والأوامر والنشرات التي صدرت عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة في هذا المجال مجموعة من التدابير من أهمها ما يلي:

(1) ـ تكليف جميع القوات بمهام دفاعية عملياتية فورية، ومطالبتها بالإعلان عن جاهزيتها، سواء منها التي تقوم بتحقيق التماس المباشر مع العدو، أو التي تقوم بتجهيز مواقعها الدفاعية على النطاق الثاني أو الموجودة في الاحتياط، من أجل القيام بالضربات المعاكسة، وقد ساعد هذا الإجراء على إعادة تنظيم القوات التي انسحبت في الوقت الذي تساهم فيه بتنفيذ المهمة الجديدة.

(2) ـ قيام دوائر الدولة والمواطنين برعاية النازحين من مدنهم وقراهم، التي احتلها العدو في الجولان، وتقديم المعونة المادية وأماكن السكن والبناء.

(3) ـ تعويض العسكريين الذين كانوا يسكنون في قرى ومدن الجبهة عن الحاجيات البيتية التي تركت في منازلهم وذلك بتقديم مساعدة مالية محدودة.

(4) ـ قيام أعضاء القيادتين السياسية والعسكرية بتنظيم لقاءات مع العسكريين في وحداتهم لشرح الموقف واستخلاص النتائج وتحديد سبل العمل.

(5) ـ تأمين عمل المقاومة الفلسطينية التي تعمل عبر خطوط وقف إطلاق النار، ودعمها إذا اقتضى الموقف بخوض معارك محدودة.

(6) ـ تعويض الخسائر في التسليح والعتاد بسرعة على حساب الاحتياطات المتوفرة.

(7) ـ وضع الدروس المستفادة من الحرب موضع التطبيق العملي من حيث إعادة التنظيم (الانتقال إلى التنظيم الفرقي الثابت) والتسليح (استيعاب أسلحة جديدة تم استيرادها من الاتحاد السوفييتي)، والتنفيذ العملي للتدريب، وخاصة الرمي بالذخيرة الحية، والتدريب على المهمة العملياتية في منطقة الدفاع.

(8) ـ تصويب الخطاب السياسي والإعلامي بحيث أصبح أكثر واقعية ومصداقية، وقيام الإدارة السياسية بإصدار نشرات أسبوعية تتلى على الجنود بغية توحيد قناعاتهم وتعزيز صمودهم.

(9) ـ تلبية احتياجات الجندي الضرورية من اللباس والمأكل ووضع خطة إجازات ضمن كل وحدة، والتأكيد على المعاملة الحسنة بين القادة والمرؤوسين، وقيام القادة بدورهم كقدوة حسنة لمرؤوسيهم في القول والعمل.

(10) إثارة حماس العسكريين داخل وحداتهم بالانخراط في المجموعات التي تعمل خلف خطوط العدو والتي تقوم بنصب الكمائن والإغارات في منطقة الحد الأمامي.

(11) ـ العمل على ترسيخ تقاليد الانضباط العسكري الواعي القائم على الالتزام بالواجب سواء في حضور القادة أو في غيابهم.لقد أدى السير في تنفيذ هذه التدابير وغيرها إلى تحسين الحالة المعنوية للقوات خلال فترة وجيزة بعد الانسحاب وتبدى ذلك بالعديد من الدلائل منها:

بروز روح المبادرة والمنافسة بين العسكريين للانخراط في المجموعات التي تكلف بأعمال الاستطلاع والإغارات والكمائن، وتأمين أعمال المقاومة الفلسطينية عبر خطوط وقف إطلاق النار، وتدني معدل العقوبات والمخالفات، وتحسين الأداء في التدريب القتالي وخاصة في مادة الرمي، والجدية والسرعة في تنفيذ التجهيز الهندسي للمواقع الدفاعية.

ب ـ في مجال التنظيم والتسليح:

في مطلع عام 1968 شكل الفريق حافظ الأسد وزير الدفاع القائد العام للجيش والقوات المسلحة لجنة في القيادة العامة برئاسة اللواء مصطفى طلاس رئيس هيئة أركان الجيش والقوات المسلحة مهمتها: دراسة موضوع إعادة تنظيم القوات المسلحة وتحديد حجمها وتشكيلها، وقد أخذت اللجنة بالمبادئ التالية التي تم الاتفاق عليها:

(1) إيجاد قوات مسلحة حديثة قادرة على خوض عمليات حربية هجومية ودفاعية ضد العدو الإسرائيلي، تكون قادرة على تحرير الجزء المحتل من القطر العربي السوري بالتعاون والتنسيق مع الجيوش العربية والمساهمة في تحرير فلسطين.

(2) إيجاد تنظيم فرقي ثابت الملاك، يضم ثلاثة أنواع من الفرق (مشاة - مدرعة - ميكانيكية)، تضم كل منها كافة صنوف القوى البرية بنسب متوازنة، مما يؤمن للتشكيل قوة الصدمة، وقوة النار، وقوة المناورة.

(3) إيجاد تشكيلات احتياط للقيادة العامة من القوات المشتركة (ألوية مشاة - ألوية مدرعة)، ووحدات الصنوف الأخرى (كتائب مدفعية، كتائب م/ط، كتائب مهندسين، كتائب إشارة، كتائب استطلاع، كتائب كيمياء... إلخ)، وذلك لتستطيع القيادة العامة التأثير على مجرى العمليات.

(4) الاعتماد على القوات العاملة والإقلال ما أمكن من الوحدات الاحتياطية وخاصة في فترة الإعداد لتحرير الجزء المحتل من الأراضي السورية.

(5) الاستفادة القصوى من العناصر المثقفة في البلاد لإمداد القوات المسلحة بالأطر القيادية للوحدات الصغرى.

(6) إعادة النظر بملاك الوحدات الاحتياطية وجعل نسبة العاملين فيها لا تقل عن 25% من ملاكاتها.

(7) مراعاة الأسس التالية في ملاكات القوات البرية:- زيادة القدرة النارية وخاصة الأسلحة المضادة للدرع وكذلك قوة الصدمة والحركة.- اختصار العناصر البشرية إلى الحد الأدنى مع المحافظة على القدرة النارية وزيادتها.- خلق التوازن بين العناصر المقاتلة والعناصر الإدارية.- الإقلال من حجم الآليات في اللواء سعياً وراء خفة الحركة.- إيجاد قوى مدرعة على مستوى الفرقة والجيش.

وعند تطبيق هذا المبادئ والأسس يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار الإمكانيات البشرية والمادية في القطر العربي السوري، وحجم العتاد والتسليح المتوفر والذي تم التعاقد عليه وفترة وصوله إلى القطر.وفي ذلك الأثناء تضمنت مقترحات اللجنة في القوى البرية تشكيل فرقتين مشاة, وفرقة ميكانيكية وفرقة مدرعة وحتى خمسة ألوية مستقلة مشاة ودبابات, وفوج لكل من الاختصاصات المتنوعة, وحتى لواءي وحدات خاصة, وفي القوى الجوية تشكيل خمسة ألوية جوية ولواء نقل وسرب قاذف ووحدات تأمين, ومضاعفة أفواج الدفاع الجوي, وتشكيل فوجي صواريخ أرض - جو, وفي القوى البحرية تشكيل لواء زوارق وطوربيد ولواء دفاع بحري وفوج مدفعية ساحلية ووحدات تأمين قتالي.ولم تأت نهاية عام 1968

حتى كانت مقترحات اللجنة قد وضعت موضع التطبيق العملي وأصبح تعداد القوات المسلحة في بداية عام 1969 حوالي 120,000 وارتفع هذا العدد ليصل إلى 158,000 في مطلع عام 1970.

وهكذا ازداد تعداد القوات المسلحة بنسبة 30%, وازداد العتاد المدرع وعتاد المدفعية بنسبة 60-70%, كما حدث تبدل نوعي في تسليح القوات فأدخلت الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات (مالوتكا), والصواريخ (ستريلا) المضادة للطائرات الموجهة ذاتياً, والصواريخ "دفينا" أرض - جو, وأسلحة أخرى.

وفي حزيران عام 1969 طلب الفريق حافظ الأسد وزير الدفاع القائد العام للجيش والقوات المسلحة من لجنة القيادة العامة إعادة النظر في البنية التنظيمية للقوات المسلحة بهدف تأمين حجم من القوات قادر على خوض الحرب حتى لو اضطرت سورية أن تقاتل لوحدها من أجل استعادة الجزء المحتل من الأراضي السورية, وقد أسفرت دراسة اللجنة بحضور السيد الفريق حافظ الأسد عن إقرار حجم جديد للقوات المسلحة وذلك بزيادة فرقة مدرعة عن الحجم السابق, وإيجاد احتياطات أكبر بيد القيادة العامة وخاصة من المدفعية, وكذلك تعزيز القوى الجوية والدفاع الجوي لتكون قادرة على التصدي للطيران الإسرائيلي وعلى توجيه الضربات إلى الأهداف الحيوية في إسرائيل.ج ـ في مجال التدريب:لقد كان الضعف في مستوى تدريب قواتنا المسلحة, أحد أهم العوامل التي أدت إلى النتيجة التي حصلت في عدوان عام 1967, فكان من أهم التدابير العاجلة التي اتخذتها القيادة العامة, وضع خطة تدريبية مركزة للوقت المتبقي من عام 1967, تنفذها القوات وفق وضعها العملياتي, وتهدف إلى الاستفادة السريعة من دروس حرب حزيران, وإزالة أوجه الضعف التي ظهرت أثناء القتال, وخاصة في مسائل التكتيك واستخدام الأسلحة.ومع بداية عام 1968, وخلال دراسة إعادة بناء القوات المسلحة, وضعت الخطة التدريبية الجديدة, كما اتخذت عدة قرارات تهدف إلى رفع المستوى التدريبي للقوات, وتحقيق قفزة نوعية في إعداد الأطر القادرة على استخدام السلاح الحديث, وقيادة المعركة الحديثة المعقدة,

ومن أهم هذه القرارات:

1ـ زيادة عدد المتطوعين من حملة الشهادات المختلفة لتأمين قيادات ذات معارف علمية.

2 ـ رفع أعداد سوقيات المكلفين للخدمة العسكرية من حملة الشهادات.

3 ـ إيفاد البعثات الفنية للخارج للتدريب على الأسلحة والعتاد في بلد المنشأ.

4 ـ توسيع إمكانية المنشآت التعليمية العسكرية لزيادة التأهيل المحلي بعقد دورات اختصاصية متنوعة.

كما قررت القيادة معالجة نقاط الضعف, التي برزت أثناء القتال في حرب حزيران, بالتركيز الشديد, في خطة تدريب عام 1968, على التدريب التكتيكي العملي لكافة أنواع الأعمال القتالية, ليلاً ونهاراً, وذلك بالإكثار من المشاريع التكتيكية العملية. وقد تقرر أن تنفذ كل وحدة ثلاثة مشاريع تكتيكية أحدها مع الرمي الحقيقي, وفي نهاية العام التدريبي 1968

بدأت تظهر في التشكيلات والوحدات علائم الكفاءة القتالية وتحسين المهارات الميدانية.

وبناءً على ضوء نتائج عام 1968 وضعت القيادة العامة خطة تدريب القوات لعام 1969, مع التركيز على موضوع خرق الدفاع المعادي. ومما زاد الوحدات كفاءة تدريبية, الأعداد الكبيرة من صف الضباط المثقفين الذين التحقوا بهذه الوحدات, بعد انتهاء دوراتهم الاختصاصية في المنشآت التعليمية, وقد وصل عدد هؤلاء إلى حوالي عشرة آلاف صف ضابط.

وقد تميز هذا العام بالتدريب العملي على إطلاق الصواريخ أرض - جو للمرة الأولى وبافتتاح دورة القيادة والأركان العليا لإعداد أجهزة القيادة والضباط العاملين فيها.ومع بداية عام 1970 ازداد تأزم الموقف العملياتي مع العدو, وانعكس ذلك على خطة التدريب, حيث كثرت حالات رفع الجاهزية إلى الكاملة, والتوقف المؤقت للنشاط التدريبي, والاضطرار إلى نقل المنشآت التعليمية إلى الداخل, لتكون بمأمن من الضربات المفاجئة, التي بدأ العدو يقوم بها لإيقاع أكبر الخسائر بالكوادر التي يتم إعدادها.

ومما هو جدير بالإهتمام أن الأعمال القتالية التي استعدت لها ومارستها كافة القوات والصنوف, وهي تخوض حرب الاستنزاف ضد العدو, رفعت إلى درجة كبيرة من معنويات القوات ومن مستوى تدريبها القتالي, وأغنت معارفها النظرية بالتطبيق العملي على الرغم من الخسائر الكبيرة التي دفعتها قواتنا بسبب التفوق الإسرائيلي في سلاح الجو.

وبالرغم من الصعوبات التي نجمت عن تصاعد حرب الاستنزاف في هذه السنة فقد ازداد عدد المتخرجين من المنشآت التعليمية إلى حوالي خمسة أضعاف, وبدأت القوات المسلحة تقطف ثمار القرارات التي أعقبت حرب حزيران, فقد خرّجت الكلية الحربية عدداً من الضباط من مختلف الاختصاصات يصل إلى ثلاثة أضعاف الأعداد التي كانت تخرّجها قبل الحرب, هذا بالإضافة إلى الزيادة الملحوظة في تخرّج أعداد الموفدين ببعثات دراسية داخل القطر وخارجه.ونتيجة لكل ذلك يمكن القول أن القوات المسلحة السورية, قد حققت من خلال تنفيذ المهام التدريبية لعام 1970, ومن خلال خوض أعمال قتالية فعلية ضد العدو الصهيوني في ذلك العام, تقدماً ملموساً في مجال التدريب القتالي وفي مستوى الجاهزية القتالية.


 

حرب الاستنزاف 1968 -1970

الجيش العربي السوري يخوض حرب الاستنزاف 1968 -1970

عندما كانت قواتنا المسلحة في هذه الفترة تعيد بناء قوتها معنوياً ومادياً, وتواصل تدريبها الشاق استعداداً لمعركة التحرير, كانت بنفس الوقت تخوض المعارك في البر والجو, وتقدم الكثير من التضحيات وتظهر أمثلة مشرفة للبذل والعطاء, وتكبد العدو الصهيوني مزيداً من الخسائر في المعدات والأرواح, وتكتسب خلال الصراع المسلح المزيد من الدروس والعبر لتستفيد منها في المعركة المصيرية المقبلة.ووفقاً للمهام التي أسندتها القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة ولحجم الأحداث التي وقعت, يمكننا تقسيم هذه الفترة (1967–1970) إلى مرحلتين:أ ـ مرحلة الصمود وبناء الدفاع.ب ـ مرحلة الاشتباكات الأولى في حرب الاستنزاف.أ ـ مرحلة الصمود وبناء الدفاع: ( من حزيران 1967 حتى حزيران 1969)كان الهدف الرئيسي في هذه المرحلة هو تحقيق نوع من الهدوء لإتاحة الفرصة لإعادة بناء القوات المسلحة وتعزيزها ولبناء وتجهيز الخطوط الدفاعية.ومع ذلك لن تخل تلك المرحلة من بعض الاشتباكات وحوادث تبادل إطلاق النار والاستطلاعات الجوية, وأعمال القصف الجوي المعادي لمعسكرات الفدائيين في سورية, بالإضافة إلى بعض أعمال الدوريات والكمائن والإغارات, وكان العدو في تلك الفترة هو البادئ غالباً بالعدوان, مستهدفاً عرقلة عملية بناء قواتنا ووضعها في حالة استعداد دائم لإنهاكها ومنعها من إعادة التنظيم والتدريب, وبالتالي من استعادة قدرتها القتالية, وكذلك الرد على ضربات المقاومة الفلسطينية في داخل الأراضي المحتلة ومحاولة إيقاع الخسائر في صفوفها.ومن أهم الأعمال القتالية التي خاضتها قواتنا ضد العدو الصهيوني في تلك الفترة:• المعركة الجوية التي دارت بتاريخ 12/2/1969 بين طائرتين سوريتين وثلاث طائرات إسرائيلية فوق تل "الجموع" حيث كان أول اشتباك جوي بعد حرب حزيران.• تصدي طيراننا ووسائل دفاعنا الجوي لطيران العدو عندما قام بتاريخ 24/2/1969 بقصف قواعد الفدائيين في ميسلون والهامة.• الاشتباك الجوي بتاريخ 29/5/1969 فوق نوى.وقد بلغ مجموع ونوع الاشتباكات التي دارت بين قواتنا وقوات العدو في تلك الفترة كما يلي:

        37حادث تبادل إطلاق نار.

        36حادث خرق جوي معادي للاستطلاع.

        1قصف جوي.

        6حوادث اصطدام دوريات وكمائن.

        2حادثتا تسلل وإغارة معادية.

        3حوادث اشتباكات جوية.

 

ب ـ مرحلة الاشتباكات الأولى: (من تموز 1969 حتى تموز 1970)

كان الهدف السياسي والعسكري لقواتنا المسلحة في تلك المرحلة هو التأكيد على مقاومة الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية, ودعم حركة التحرر الفلسطينية المتمثلة في المقاومة, وكذلك رفع الروح المعنوية لمقاتلينا وغرس الثقة في نفوسهم بإمكانية تدمير العدو وبث الروح الهجومية التعرضية لديهم, وإبراز التضامن العربي عن طريق العمل المشترك مع الجبهة المصرية, التي كانت في ذلك الوقت تخوض حرب استنزاف عنيفة مع العدو, ودعم الجبهتين اللبنانية والأردنية واللتين كانتا تتعرضان للاعتداءات الإسرائيلية نتيجة أعمال المقاومة الفلسطينية من خلالهما, بالإضافة إلى منع العدو من تحصين مواقعه وإرباكه وإيقاع أكبر الخسائر المادية والبشرية في صفوفه.

لقد تخللت هذه المرحلة, التي تعتبر مرحلة استنزاف لقوى العدو, معارك ضارية في البر والجو استخدمت خلالها كافة أنواع الأسلحة والصنوف, واشتملت على مختلف الأعمال القتالية بدءاً من الاشتباك وانتهاء بالأعمال الهجومية بتشكيلات كاملة, كما شهدت معارك جوية عنيفة اشتركت فيها مئات الطائرات من مختلف الأنواع.كذلك فقد تميزت الأعمال القتالية بالقصف الجوي المعادي في العمق التكتيكي والعملياتي, وكذلك بقيام الحوامات المعادية بأعمال التسلل وهي تحمل وحدات مدفعية هاون إلى الأهداف العسكرية وقيام عناصرها بقصف تلك الأهداف, وكذلك قيام العدو باجتياز جدار الصوت فوق المدن السورية, وذلك كرد على الأعمال النشطة لقواتنا داخل الأراضي المحتلة ودعمها للجبهات العربية الأخرى (الأردنية - اللبنانية - المصرية).لقد استهلت قواتنا البرية أعمالها في تلك المرحلة بأعمال الإغارة والدوريات ومجموعات الاستطلاع ومجموعات نسف وتدمير تحصينات العدو ومنشآته التي أقامها على الحد الأمامي وفي عمق دفاعه, ثم تحولت هذه الأعمال إلى إغارات كبيرة الحجم والهدف, واشتباكات بوحدات كاملة من المشاة والدبابات تصاعدت حتى وصلت ذروتها في معارك 26 حزيران 1970 والتي أصبحت تعرف بحرب الأيام الثلاثة حيث اشتركت فيها تشكيلات برية كاملة إلى جانب قوات المدفعية واشتراك الطيران, وشملت كافة قطاعات الجبهة.بدأت الاشتباكات في بداية هذه المرحلة بمعارك جوية كان العدو يخطط لها مسبقاً بهدف تحقيق مكاسب سياسية وإيقاع الخسائر في طيراننا وإقناعنا باستمرار تفوقه الجوي الذي حققه في حرب 1967.ومن أبرز أحداث هذه المرحلة قيام العدو بتاريخ 8/7/1969, مستغلاً وجود وفد سياسي سوري على مستوى عال في الاتحاد السوفييتي وانعقاد مؤتمر رؤساء أركان دول المواجهة في دمشق, بخرق جوي محضر لأجوائنا في المنطقة الجنوبية بهدف جذب طيراننا إلى تلك المنطقة البعيدة عن قواعده, حيث دارت هناك معركة جوية كبيرة ولكنها غير متكافئة انتهت بسقوط 7 طائرات ميغ سورية واستشهاد ثلاثة من طياريها, وأصيب للعدو أربع طائرات سقطت غربي خط وقف إطلاق النار. وكذلك قيام العدو بتاريخ 27/7/1969 بقصف رتل من مدفعية الميدان وال م/ط كان يتجه إلى الأردن في 22/7/1969 لدعم الجبهة الأردنية وذلك جنوب " الرمثا ", وكذلك بقصف مواقع إحدى كتائب الصاعقة في منطقة " عرنة - العقبات " موقعاً بها بعض الخسائر.وللرد على هذه الاعتداءات قامت قواتنا الجوية بقصف مركّز لمواقع العدو في "جبل الشيخ" (المرصد المعادي) رافقه قصف مدفعي كثيف ضد معسكرات العدو في القنيطرة, وكانت الضربة مفاجئة وتميزت بأنها أول عمل إيجابي لقواتنا الجوية منذ حرب حزيران.في نهاية عام 1969 استأنف العدو أعمال القصف ضد مواقع قواتنا التي كانت تعمل في الجبهة الأردنية.وفي الفترة بين 7-10/12/1969 تصدت قواتنا البرية في القطاع الجنوبي لأعمال العدو الهندسية, فنشب قتال استخدمت فيه الدبابات والمدفعية وتكبد العدو خلاله خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات.لقد انتهت الأعمال القتالية في عام 1969 باشتباك جوي جرى بتاريخ 29/12 فوق جبل الشيخ نجم عنه إصابة طائرتي "ميراج" معاديتين.ومع بداية عام 1970 أخذت الأعمال القتالية بالاتساع والتطور, وبتزايد حجم القوات المشتركة في القتال الذي بلغ ذروته في حزيران من ذلك العام.وكانت أعمال العدو في هذا العام هي ردود فعل على الأعمال التعرضية التي كانت تقوم بها قواتنا, والتي كانت تستهدف نسف وتدمير منشآت العدو الدفاعية على طول الجبهة, والتي كانت الوحدات تنفذها خلال الليل والنهار, وكذلك أعمال الكمائن والدوريات التي كانت توقع الخسائر الجسيمة في صفوفه, وتبث الذعر في نفوس مقاتليه. هذا وقد بلغ عدد عمليات الإغارة والكمائن التي نفذتها قواتنا في النصف الأول من عام 1970 /43/ عملية مختلفة, مما جعل القادة الإسرائيليين يلجؤون إلى أعمال الانتقام باستخدام الطيران وبقصف مواقعنا وحتى قرانا الآهلة بالمدفعية والصواريخ.ففي 8/1/1970 قام العدو بخرق أجوائنا, فنشبت معركة جوية بين طيراننا وطيران العدو فوق منطقة "الصنمين", وتبع ذلك خرق جدار الصوت فوق "دمشق" فردت قواتنا الجوية بخرق مماثل لجدار الصوت فوق مدينة "حيفا" في 19/1/1970 وكان ذلك الحادث موضع اهتمام عالمي, خاصة وأنه جاء مباشرة إثر تصريح نائب رئيس وزراء إسرائيل "ييغال ألون" والذي تبجح فيه بأن لدى إسرائيل جهازاً للدفاع الجوي يمنع وصول أية طائرة معادية إلى أجواء إسرائيل.وفي الفترة الواقعة بين 30/1 و2/2/1970 جرت اشتباكات جوية وبرية في القطاع الجنوبي من الجبهة, استخدمت فيها كافة الأسلحة البرية وعلى نطاق واسع, مما دفع العدو إلى زج طيرانه ضد مرابض مدفعيتنا, مستخدما قنابل النابالم وقنابل المنثار, ولكن وسائط دفاعنا الجوية تصدت له بعنف وأسقطت له عدة طائرات سقطت إحداها في منطقة "الشيخ مسكين" وقتل الطيار بداخلها.وفي أوائل شباط 1970 تكررت الاشتباكات الجوية, وفي منتصف آذار بدأ العدو باستخدام أسلوب قتالي جديد مستهدفاً إرباك القيادة السورية وإيقاع الخسائر في قواتنا, فقد بدأ يستخدم الحوامات التي تتسلل ليلاً إلى الأهداف العميقة وتنزل قربها وحدات مدفعية الهاون 120 مم وتقوم بقصفها ثم تعود إلى الأراضي المحتلة.وقد تم أول تسلل من هذا النوع بتاريخ 15/3/1970 حيث تسللت أربع حوامات معادية, وهبطت في منطقة "حفير الفوقا" وقصفت معسكر القطيفة وأوقعت بعض الخسائر بالأرواح والمعدات, وعادت باتجاه "رنكوس".

وتكررت العملية بتاريخ 16/6/1970 حيث تسللت حوامتان معاديتان إلى منطقة "جريجير" الواقعة شمال غرب النبك وقصفت معسكر "النبك", لكن القصف لم يسفر عن خسائر ملموسة نظراً للتدابير التي اتخذتها القيادة للتصدي لمثل هذه العمليات ومنع العدو من تحقيق أغراضه.وفي أوائل شهر نيسان 1970 نشبت معارك ضارية مع العدو الإسرائيلي, شملت كافة قطاعات الجبهة, واستخدمت فيها كافة الأسلحة الخفيفة والثقيلة في البر والجو. وكان يوم 2/4 يوما بارزاً في تاريخ قواتنا الجوية إذ تم فيه إسقاط أول طائرة "فانتوم" إسرائيلية من قبل الملازم الطيار بسام حمشو شرقي خط وقف إطلاق النار, وذلك خلال المعركة الجوية التي دارت فوق منطقة "زاكية". وتصاعدت حدة القتال في البر والجو, حتى كان يوم 24/6/1970 حيث قامت قواتنا في القطاعين الشمالي والجنوبي من الجبهة بعمليتي إغارة نفذت الأولى وحدات من لواء مشاة من الفرقة السابعة ضد موقع العدو في "رويسة الحمراء", ورافقها قصف مدفعي شديد على مواقع العدو في "جبل الشيخ", جسرالرقاد, تل وردة, تل الشيخة, القنيطرة, وسحيتا"، وقد أسفرت هذه الإغارة عن تدمير جزء من تحصينات العدو وإيقاع خسائر كبيرة بها، أما الإغارة الثانية فقد نفذتها مجموعة من لواء مشاة من الفرقة الخامسة استهدفت مهاجمة نقطة استناد العدو في "شعاف السنديان" وقد نفذت الوحدة المهاجمة مهمتها بنجاح تام فاجتاحت مواقع العدو ودمرت تحصيناته وطهرتها، وقد فر العدو من مواقعه لا يلوي على شيء.لم يكن رد فعل العدو المباشر إثر هاتين الإغارتين قوياً، واقتصر على قصف جوي غير دقيق على أحد مرابض المدفعية، ولم يتمكن من تحقيق أية إصابة نظراً ليقظة واستعداد وسائل دفاعنا الجوي وللضربات النارية بالمدفعية التي وجهتها قواتنا إلى كافة مواقعه في القطاع الجنوبي من هضبة الجولان.وبتاريخ 25/6 قبل الظهر، قام العدو بهجوم جوي مستهدفاً قصف معسكرات عدنان المالكي في قطنا ومعسكرات الجلاء في الكسوة وصحنايا ومعسكر المزرعة شمال غرب السويداء، ثم ما لبث أن أشرك مدفعيته في العمل فقصف بعض مواقعنا الأمامية على طول الجبهة، وبعض القرى الآهلة، وأهمها "قرية جاسم" مستخدماً في ذلك الصواريخ "أرض - أرض" مركزاً جهده الرئيسي بشكل خاص ضد مواقع فرقة المشاة الخامسة.وتصدت طائراتنا عدة مرات لطائرات العدو، واشتبكت وسائل الدفاع الجوي مع الطائرات المغيرة، كما قامت مدفعيتنا ودباباتنا بالرد العنيف على العدو، وقصف مواقعه الأمامية ومستعمراته ومعسكراته ومناطق تجمعه ومراصده على طول الجبهة، وانتهى يوم 25/6 والموقف في ذروة التوتر، وفي صباح اليوم التالي الواقع في 26/6 استؤنفت المعارك على أشدها في الجو والبر، وهي تشمل كافة قطاعات الجبهة دون استثناء، مع تركيز شديد ضد مواقع الفرقة الخامسة، وتم إسقاط طائرة فاتنوم معادية وأسر أحد طياريها.

في الساعة 13,45 اخترق رتل دبابات معادٍ خط وقف إطلاق النار في منطقة أم اللوقس وصيدا، ودارت معركة ضارية ضد القوات المتقدمة، لعبت فيها المدفعية دوراً مجيداً، ثم ما لبثت قوات كل من اللواء مشاة 61 وفوج الدبابات 12، أن بدأت هجومها المعاكس لإنهاء تدمير العدو المخترق، وعندها ركز العدو طيرانه ضد فوج الدبابات 12 لمنعه من التقدم أو تأخيره، لكن دبابات اللواء 61 تابعت الهجوم بالاشتراك مع كتيبة دبابات معززة من اللواء 88 والتي تقرر زجها على إثر توقف الفوج 12 بسبب فقدان السيطرة وانقطاع الاتصال، ودخول الدبابات في حقل ألغام، ومع وصول قوات الهجوم المعاكس إلى خط وقف إطلاق النار كان العدو قد سحب قواته إلى ما وراء هذا الخط.

معارك الأيام الثلاثة 24 ، 25 ، 26 حزيران 1970

في قرار يستهدف تصعيد حرب الاستنزاف على الجبهتين المصرية والسورية، توالت اجتماعات مجلس الدفاع برئاسة الفريق الأسد وزير الدفاع خلال العشر الأولى من شهر حزيران، لإقرار المكان والزمان والوسائط القتالية المناسبة لتطوير حرب الاستنزاف.وبناء على أوامر وزير الدفاع قام كل من أديب الأمير والعميد صباح أتاسي، بتحضير إغارات قتالية على المواقع الإسرائيلية، والتدريب على إغارة واحدة على الأقل على جبهة كل فرقة،

وقدمت الخطط من كل من قائدي الفرقتين، وأقرت في العاشر من حزيران، على أن تكون الإغارتين الأوليتان جاهزتين خلال أسبوع.قامت كل من الفرقتين الخامسة والسابعة بالتدريب على الإغارتين وتأمين عوامل نجاحهما. وقع اختيار قائد الفرقة السابعة على وحدة من المشاة المعززة لمهاجمة نقطة جسر الرقاد بينما ركز قائد الفرقة الخامسة العميد أديب الأمير على القيام بإغارة مدرعة، (ربما كان اختصاص العميد أديب الأمير قد أثر على قراره هذا) على النقطة القوية في تل شعاف السنديان. دار النقاش طويلاً في مجلس الدفاع حول المحصلة النهائية للإغارة المدرعة، وهل تعطي نتائجها الإيجابية لو أصيبت دبابة أو مدرعة أو تركت معطلة في الأراضي المحتلة

وحسم الفريق الأسد النقاش بقوله: اتركوا قائد الفرقة ينفذ ما هو قانع بنجاحه، ولا بأس من تنويع الإغارات بالحجم والوسائط.استدعى قائد الفرقة  لملازم الأول توفيق جلول ا قائد سرية دبابات من الفوج 12 دبابات وأعلمه المهمة وطلب منه استكمال تجهيز سريته حتى نسبة جاهزية 100% وعززه بسرية عربات مدرعة من اللواء 45 ميكانيكي، وجرى اختيار موقع مماثل في قطاع الفرقة الخامسة للتدريب عليه.إلى جانب ذلك أعطيت المهمات القتالية لمدفعية اللواء 33 ومدفعية الفرقة لتأمين التغطية النارية للعملية،

ودققت مهام المدفعية على كامل قطاع الفرقة تحسباً لتطور المعركة.حددت القيادة يوم 19 حزيران موعداً لتنفيذ العملية، ثم جرى تأجيل الموعد إلى 24 منه، كان لهذا التأجيل صدى سلبي على عناصر وحدة الإغارة، حيث كان الجنود في منتهى الحماس لاختراق خط العدو الدفاعي لأول مرة في تاريخ الصراع العسكري مع العدو على مختلف الجبهات العربية.في مساء يوم 23/6/1970 اتصل الفريق الأسد وزير الدفاع على الهاتف الداخلي المباشر وطلب من العماد طلاس أن يستدعي الضابط المناوب في سلاح المدفعية ويعطيه أمراً بالتوجه إلى قيادة الفرقة الخامسة ويعلم قائدها العميد الركن أديب الأمير بضرورة توجيه صبيب مدفعي قوي على مستعمرة «جيشور» المنشأة على السفح الغربي لتل الفرس، وذلك بالتزامن مع إغارة الفرقة على تل شعاف السنديان المقررة غداً.

وشرح الفريق الأسد الغاية من هذه العملية، وهي أننا قبلنا التحدي الإسرائيلي ليس فقط على مستوى احتلال الجولان عسكرياً بل يجب أن يفهموا أيضاً أن الاستيطان في الجولان لن يكون بعد اليوم نزهة، وإن صراعنا معهم على الاحتلال والاستيطان سيكون بنفس القدر من الأهمية.كان توقيت الإغارة والضربة المدفعية هو الساعة 18,45 من مساء 24/6، وكان لاختيار هذا التوقيت أكثر من سبب، منها حالة استرخاء الجنود والمستوطنين، واستبعاد توجيه ضربة كبيرة في هذا الوقت غير الملائم، حيث تكون الشمس تضرب عيون جنودنا، ولكن كان هناك سبب هام آخر وهو أن مفاجأة العدو وفي هذا الوقت بالذات، لا يسمح له بتحركات برية ولا بتدخل طيرانه، قبل أن تكون المهمة المزدوجة قد حققت غايتها وغابت الشمس.حسب الجدول الزمني للعملية وتنظيم التعاون، كان مقدراً أن تتم العملية: الاقتحام والاستيلاء على الوثائق والأسلحة، وأسر أو قتل جميع جنود العدو الذين يحتلون النقطة أو يحمونها، والعودة إلى قاعدة الانطلاق /42/ دقيقة.وقد نفذت فعلاً بـ /43/ دقيقة ومن ضمنها قطر عربة مدرعة تعطلت عند النقطة المعادية، كما زرع جنودنا العلم السوري فوق مفرق الرفيد الذي لم يكن ضمن المهمة الأصلية.

كان فرح الجنود العائدين من انتصارهم هذا لا يوصف، وأكثر ما كان يثير تعليقاتهم ويضاعف بهجتهم، هو مشاهدة جنود وضباط العدو وهم يهربون أمامهم كالأرانب، وأكثرهم يشد لباسه الداخلي الوحيد خوفاً من كشف عورته.

 

أما على جبهة مستعمرة جيشور فقد أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن وقوع مائة وخمسين مستوطناً بين قتيل وجريح.الإغارة على تل شعاف السنديان في 24 حزيران 1970:في شهر نيسان 1970 قررت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة أن تنفذ إغارة على نقطة استناد معادية في الجولان المحتلة وأمام نطاق دفاع الفرقة الخامسة بقوام سرية دبابات.هدف العملية: اقتحام النقطة، تدمير منشآتها وتحصيناتها، قتل من فيها وجلب أسرى ونماذج من أسلحة ووثائق النقطة إن وجدت فيها.أسندت المهمة من قبل العميد أديب الأمير الذي كان قائد الفرقة الخامسة في ذلك الوقت إلى قائد الفوج 12 دبابات الذي كان قائده في ذلك الحين المقدم الركن وليد حمدون .حددت السرية الثالثة دبابات من الكتيبة 356 د وقائدها الملازم الأول توفيق ماجد جلول عززت السرية بـ فصيلة مشاة على ناقلات ب. ت. ر 152 ـ

فصيلة هندسة تركب على ناقلات فصيلة المشاة، وألحقت السرية على اللواء 33 مشاة لأن النقطة التي اختيرت أمام قطاع دفاع هذا اللواء.حددت النقطة: (تل شعاف السنديان) من قبل قائد الفرقة العميد أديب الأمير إلى قائد سرية الدبابات الملازم أول توفيق جلول بالذات بشكل شخصي وعلى الأرض.كلف المقدم الركن رشيد عبد الرجب رئيس أركان اللواء 33 مشاة وبالتعاون مع الملازم أول قائد السرية بوضع خطة لتنفيذ الإغارة، واختيار نقطة مشابهة والتدريب عليها وفقاً للخطة على أن يعلم قائد الفرقة عند الجاهزية للتنفيذ.اختيرت خربة المطوق شرق بلدة جاسم وتم التدريب عليها وأعلم قائد الفرقة عن جاهزية السرية للتنفيذ.

وضعت الخطة كالتالي:

تقسم السرية إلى ثلاث مجموعات: مجموعتي حماية، مجموعة اقتحام.

1 ـ مجموعة حماية أولى: قوامها فصيلة دبابات بأمرة الملازم فهد سويدان تتقدم على محور كودنا - الجويزة، جورة يحيى على طريق القنيطة- الرفيد، بمهمة منع نجدة النقطة من دبابات العدو التي تتمركز في معسكر الخشنية.

2 ـ مجموعة حماية ثانية: قوامها فصيلة دبابات بأمرة المساعد أول أحمد سوادة تتقدم على محور كودنا - الجويزة وتتجه إلى جنوب (تلول الشعاف) بمهمة منع نجدة النقطة من دبابات العدو التي تتمركز في منطقة تل الفرس ومعسكر الجوخدار.

3 ـ مجموعة الاقتحام: قوامها سرية الدبابات ناقص 2 فصيلة وبقيادة قائد السرية مهمتها اقتحام النقطة وتدمير منشآتها وتحصيناتها، وقتل من فيها وجلب أسرى ونماذج أسلحة ووثائق إن وجدت في النقطة.

تم اختيار تاريخ تنفيذ العملية وتوقيتها 24 حزيران 1970 الساعة 18,45 وكان الهدف من التوقيت: مباغتة العدو في وقت غير متوقع، وعدم إمكانية الاحتياطات القريبة من التحرك ونجدة النقطة، وعدم إعطاء الطيران الزمن الكافي نهاراً للإقلاع والتصدي لقوة الإغارة بغية إفشالها.

أسلوب التنفيذ:

مع بدء تمهيد المدفعية على النقطة وعلى النقاط المجاورة، وعلى معسكرات الخشنية، وعلى تل الفرس وإعماء هذه النقاط والتأثير على الوحدات المعادية في أماكن تعسكرها.تحركت مجموعتي الحماية رقم 1 - 2 على المحور المحدد، وفور تحركها واقترابها من نقطة الاستناد (نقطة شعاف السنديان) شرعت عناصر النقطة بالانسحاب المذعور من النقطة، وكان قبل الانطلاق بـ 30 دقيقة مجموعة من العسكريين الإسرائيليين على ظهر النقطة ومعهم خرائط يرجح أنهم ضباط يستطلعون الحد الأمامي ويرجح أنهم هم الذين انسحبوا بسرعة من النقطة، وعندما شاهدهم عناصر مجموعتي الحماية، اندفعوا وراءهم بسرعة على الطريق العام، مع الرمي من الحركة من رشاشات الدبابات، وعندها أصيبوا بحالة انهيار، وقبل قرية الجويزة ترجلوا من سيارتين ودخلوا بسرعة خلف الحيطان وداخل الأحراش المحاذية للطريق، وتابعت المجموعة تقدمها إلى المكان المحدد "جورة يحيى"، فشاهدت أمامها عربة إسرائيلية منسحبة، تم قتل عدد من عسكرييها الذين سقطوا على الأرض، وشوهدت السيارة تقف وترجل منها عنصران لرفع أحد القتلى إلى السيارة.أما مجموعة الانقضاض على النقطة بقيادة الملازم أول توفيق جلول، فقد دخلت إلى الساحة الداخلية للنقطة بعد اقتلاع باب النقطة الحديدي بمدفع الدبابة، وتم تدمير البلوكوسات ـ ومحطتي رادار ـ ومسندي رشاشات ثقيلة وعثر فيها على أجهزة إشارة بحالة عمل والأسلحة الخفيفة للعناصر ولكن العناصر المعادية هربوا ولم يتم الحصول على أسرى.استغرقت العملية /43 دقيقة/، اتصل قائد السرية مع قائد الفرقة وقال له أنا على الهدف تم تدمير بلوكوسين ـ محطتي رادار ـ مسندي رشاش، إنتظر أي أوامر جديدة، وعندها تلقى أمراً بالانسحاب إلى منطقة تحشده قبل بدء العملية وانسحبت السرية تحت حماية بعض الفصائل ووصلت إلى مكانها التي انطلقت منه كاملة بالعتاد والرجال وبمعنويات عالية جداً.أعادت جاهزيتها وأحكمت دباباتها استعداداً للأعمال القتالية المقبلة من جراء رد فعل العدو على الهزيمة التي لحقت به.

الاستنتاجات:

1 ـ إن كل عمل يخطط بشكل جيد ويحضر له ويؤمن سينجح.

2 ـ إن العدو بشر مثلنا ويخشى الموت وإذا فوجئ وهوجم ينهزم لا محالة.

3 ـ إن الجندي العربي السوري شجاع ومسلح بعقيدة وطنية يسترخص دمه في سبيلها.

4 ـ كل وحدة تقاد بحزم في وقت السلم تنجح في الحرب.القصف الجوي يوم 25/6لم يكن باستطاعة العدو الرد على عمليات البارحة براً بشكل مقبول، كما لم يعتد على تأخير الرد طويلاً فكان الرد بالطيران هو المنتظر.

ولأن العمليات الأساسية أتت إليه من مصدرين رئيسيين، هما الفرقة الخامسة والمدفعية بالذات، فقد قرر العدو توجيه ضربتين جويتين إلى هذين الهدفين فضرب مدرسة المدفعية في قطنا والمرابض والمقرات على امتداد جبهة الفرقة الخامسة.وما جرى في الفرقة الخامسة، وهي تعلم ما فعلت بالعدو، هو أن وحداتها لم تنم الليل حيث كانت مشغولة بتحضير المرابض والانتشار الواسع.حين ظهر الطيران المعادي الساعة 12,00 ظهراً يوم 25/6 كان الجميع بانتظاره دون إنذار، حتى كأنهم تلقوا إنذاراً منذ الصباح الباكر، وكانت الأوامر مشددة بعدم الظهور أو الرد إلا بأسلحة الدفاع الجوي على المدى المناسب.في المزرعة على حدود حوران - جبل العرب ـ حيث معركة المجاهدين الشهيرة عام 1925، كان هناك بلدوزر معطل في ورشة الهندسة، وحين طال انتظار الطيران المعادي، لم يستطع قائد الورشة أن ينتظر، وربما قدر أن الإنذار الصباحي عن احتمال قصف معاد، ربما كان نوعاً من الحذر لا أكثر فاصطحب الميكانيكي ومساعداً، وبدؤوا عملية الإصلاح ـ وحين بدأت الغارة الفعلية لم يستطيعوا الهروب فجرح ضابط صف واحد، وهذا كان فداء الفرقة الخامسة الوحيد من غارة العدو الانتقامية.بينما كان المشهد مختلفاً كثيراً في مدرسة المدفعية بمعسكرات عدنان المالكي في قطنا، إذ فاجأهم الطيران المعادي على ارتفاعات منخفضة بست طائرات فانتوم،

وكانت المدرسة لم تتلق أي إنذار مسبق، استمرت الغارة الجوية خمس دقائق، بدأت بعدها عمليات إخلاء الجرحى إلى المستشفيين 605 و601 وكانت الخسائر بالقوى البشرية كما يلي:شهداء 101 جرحى 99.

الاختراق والهجوم المعاكس

كان من الواضح للعيان أن الأمور لم تأخذ مداها على جبهة الفرقة الخامسة، وأن العدو الإسرائيلي لا يمكن أن يكتفي بقصف جوي دون أية نتائج تذكر مقابل اختراق خطوطه والاستيلاء على إحدى نقاطه القوية يوم 24/6، لذلك استمرت الفرقة الخامسة في استعداداتها وراجعت جداول أهدافها وإحداثياتها وبدلت مرابضها ليلاً، وأوقفت جميع التحركات والتجمعات غير الضرورية لمعركة اليوم التالي المحتملة.تابعت القيادة اتصالاتها مع قائد الفرقة الخامسة العميد أديب الأمير وزودته بالمعلومات المتوفرة لديها عن إعادة تجمع العدو منذ الصباح الباكر.وفي الساعة 9,00 بدأ العدو قصفه الجوي والمدفعي على مرابض المدفعية، ووحدات الدفاع الجوي للفرقة، ثم ركز قصفه الجوي والمدفعي على القاطع الجنوبي ما بين صيدا - عين ذكر - رسم الطلائع، واقتصر رد الفرقة الخامسة على التصدي للطيران المعادي، مع قصف لبعض مرابض مدفعيته من البطاريات المناوبة، إذ كان تقدير قائد الفرقة أن هذا اليوم لا بد أن يكون مكرساً للاختراق مقابل اختراق يوم 24/6، ولذلك قرر الاحتفاظ بقوته النارية للمرحلة التالية من اليوم وهي المرحلة الحاسمة.وفي الساعة 13,45 من يوم 26/6/1970، اخترق رتل دبابات معاد يزيد على 30 دبابة خط وقف إطلاق النار، في المنطقة بين أم اللوقس وصيدا على نطاق الحيطة من قطاع دفاع الفرقة الخامسة، جرى التعامل مع الاختراق بقوى اللواء 61 المدافع عن القطاع بمساعدة مدفعية الفرقة، أنذر قائد الفوج 12 دبابات المقدم وليد حمدون بالاستعداد للقيام بالهجوم المعاكس المقرر حسب الخطة القتالية المصدقة سابقاً، وأوعز قائد الفرقةللعقيد أحمد الحراكي  بتحضير تمهيد مدفعي قدره 25 دقيقة لصالح الهجوم المعاكس، بينما تحرك قائد الفرقة مع مجموعته القيادية المؤلفة من رئيس فرع الاستطلاعالرائد رزق الياس    ورئيس المدفعية العقيد الحراكي وضباط عمليات لاحتلال مرصد الفرقة في تل الجموع، للإشراف المباشر بالنظر على سير المعركة، وذلك تحت سمع وبصر وقصف طائرات الفانتوم التي كانت لا تتوقف عن الهدير في الجو، ثم لا تلبث أن تنقض على المرابض والمواقع القتالية.وفي الساعة 16,00 وبعد إيقاف تقدم العدو وتنفيذ التمهيد المدفعي انطلق الفوج 12 دبابات في هجومه المعاكس من الخط المقرر له، إلا أنه لم يصل هذا الخط بسهولة لأن الطيران المعادي ركز معظم طلعاته منذ بدء تحرك الفوج محاولاً تدميره أو إيقافه أو تأخيره.ومع ذلك فقد استطاع الفوج الوصول في الوقت المحدد ولكن الانتشار والسيطرة لم تتما كما ينبغي، فالبرغم من أن أية إصابات مباشرة لم يحققها الطيران المعادي في الفوج، إلا أن كثافة الطلعات والقصف أفقد القادة حسن توجيههم وسلامة انتشارهم.واقترح العقيد أحمد الحراكي تمديد التمهيد المدفعي عشر دقائق أخرى ووافق قائد الفرقة، حتى وصل الفوج إلى خطوطه تقريباً في وضع أفضل، إلا أن وضع الارتباك الذي انتابه قبل الزج جعل اجتيازه لحقل الألغام ـ في طريقه لملاقاة العدو المخترق ـ مشكلة لم يستطع حلها وتعثر في الحقل.قدر العميد أديب الأمير قائد الفرقة، وهو يرى من مرصده حركة الفوج المتعثر، أن انتظار خروج الفوج من حقل الألغام لإتمام مهمته قد يكلفه باقي النهار، مما يعقد المعركة، ويترك احتمال بقاء العدو في بعض مواقع الفرقة على نطاق الحيطة قائماً، وهذا ما لا يمكن قبوله إطلاقاً لذلك أصدر قائد الفرقة أمره القتالي لمعالجة الموقف وهو يتألف من ثلاث فقرات:- يتمركز الفوج 12 دبابات حيث هو ويشكل قاعدة إسناد نارية.- تتحرك كتيبة دبابات من اللواء 61 لتقوم بالهجوم المعاكس جبهوياً.- تتقدم كتيبة دبابات من اللواء 88 مدرع لتعزيز الهجوم المعاكس، وكانت أصلاً قرب المرصد في تل الجموع، وصل الأمر باللاسلكي إلى قائد الفوج 12 المقدم وليد حمدون، وبالهاتف للمقدم مروان جوخدار في اللواء 61، وشخصياًللعقيد عبد الله الشيخ  الذي كان قد التحق بمرصد الفرقة إلى جانب العميد أديب الأمير قائد الفرقة كنسق ثان احتياط.وتم طرد العدو حوالي الساعة 18,30 من مساء اليوم نفسه.ولابد من الإشارة في هذا المجال إلى أن قائد الفرقة الخامسة العميد الركن أديب الأمير اتخذ قراراً تكتيكياً جريئاً وبعيد النظر وعلى مسؤوليته في استخدام اللواء 88 مدرع، ولذلك فقد أوعز إليه التحرك منذ بدأ العدو عملياته البرية ظهراً ليكون جاهزاً للتدخل إذا لزم الأمر.ومنذ تعثر الهجوم المعاكس للفوج 12 كانت القيادة تلاحقه مطالبة بالمعلومات المتعلقة بمعركة هذا الفوج وكان اللواء يوسف شكور هو الموكل بالاتصال به، ثم بنقل الصورة إلى القيادة المجتمعة، وحين سأل اللواء شكور العميد أديب الأمير عن سبب التأخر في تنفيذ المهمة أجابه أديب أن كثافة الطيران عطلت السيطرة على القوات وعلى الممرات في حقل الألغام، فقال له: ما هي طلباتك لتسريع العملية أجابه العميد أديب الأمير:- إما أن يخرج طيارننا ليقوم على الأقل بتشتيت التركيز الجوي المعادي على الفوج ـ أو السماح لي باستخدام اللواء 88 مدرع.طلب اللواء شكور مهلة وعرض الأمر علينا، فتبين أن الأمرين شبه مستحيلين في الوقت الراهن وأعاد الاتصال بالعميد قائد الفرقة، وقال له: كيف تستطيع استخدام اللواء 88 وهو بعيد عنك مسيرة أكثر من ساعتين بين رخم وميدان المعركة؟ أجابه العميد أديب الأمير قائد الفرقة: لقد استخدمت صلاحياتي كقائد منطقة وأمرته بالتحرك وهو ما بين تل الجموع وداعل وإبطع، ويستطيع التدخل إذا سمحت القيادة بذلك.ووافق الفريق الأسد على خطة قائد الفرقة، وأبلغت الموافقة شفهياً إلى العميد أديب قائد الفرقة، وتمت العملية بنجاح.بلغ حجم الخسائر في هذه المعركة الحاسمة لدى العدو قتل وجرح ما لا يقل عن 200عنصر.

ولتخفيف الضغط على فرقة المشاة الخامسة، أمرت القيادة العامة قائد فرقة المشاة السابعة، بشن هجوم محدد بقوة كتيبة دبابات ضد مواقع العدو في جسر "الرقاد"، مع توجيه ضربات نارية عنيفة ضد مواقعه على طول مواجهة الفرقة، وقد نفذت كتيبة دبابات معززة هذا الهجوم بنجاح، واكتسحت مواقع العدو في جسر الرقاد وأبادت حامية الموقع بالرغم من تدخل طيران العدو لإحباط الهجوم، وبعد أن نفذت وحدات الفرقة مهمتها وحققت غرض الهجوم، أمرت بالعودة إلى مواقع الانطلاق.لقد قامت صنوف الأسلحة كافة خلال مرحلة الاستنزاف بمهامها على أحسن وجه، برز خلالها وبشكل خاص دور المدفعية في الرد على أعمال العدو وقصف قواته ومنشآته حيث أوقعت به خسائر جسيمة، وقد حاول العدو الرد عليها باستخدام طيرانه لكنه غالباً ما كان يفشل في تحقيق أغراضه بفضل التحصين الجيد والإخفاء البارع والمناورة السريعة.كذلك فقد لعبت قوات الدفاع الجوي دوراً مجيداً في التصدي لهجمات العدو الجوية، ومنع طيرانه من تحقيق أغراضه وحماية القوات والمنشآت الصديقة من أخطاره، وقد بذلت هذه القوات تضحيات غالية وهي تؤدي هذا الواجب، وكان لها الدور البارز في تحطيم ذراع العدو الطويلة، باشتراك أعداد كبيرة من الطائرات في المعركة الواحدة، وبارتفاع عدد الطلعات الجوية التي نفذها الطيارون، حتى بلغ متوسط عدد الطلعات التي نفذها الطيار الواحد خلال معارك حزيران 1970 سبعة طلعات يومياً.وقام رجال الدبابات كذلك خلال مرحلة الاستنزاف بدورهم كاملاً في الاشتباكات النارية، وأظهروا مهارة كبيرة في اقتناص دبابات العدو وآلياته وتدمير مواقعه.واتصفت أعمالهم التعرضية في معارك حزيران 1970 بالشجاعة والإقدام، على الرغم من القصف الجوي العنيف الذي تعرضت له دباباتهم خلال الهجوم، والذي كان الأول من نوعه في تاريخ الدروع العربية السورية.لقد انتهت مرحلة الاستنزاف الأولى عملياً في منتصف عام 1970، بعد توقف الأعمال القتالية على الجبهة المصرية، إثر قبول مصر مبادرة "روجرز"

وبلغت الاشتباكات والمعارك التي جرت في تلك المرحلة عدداً كبيراً يمكن إيجازه بالآتي:

•117 عملية قصف معادية لقواتنا.

•9 اشتباكات جوية.

•11 عملية خرق جوي معادي.

•15 اشتباك أرضي بالمدفعية والدبابات.

•43 عملية استطلاع ودورية وكمين وإغارة ونسف وتدمير، قامت بها قواتنا المسلحة داخل الأراضي المحتلة

.•3 عمليات تسلل حوامات معادية.

وتفيد الوثائق الإسرائيلية أن القوات الإسرائيلية تكبدت في حرب الاستنزاف على الجبهات العربية كافة: 1027 قتيل، و3872 جريحاً، كما خسرت 27 طائرة قتال مع 40 طيار وملاحاً، ومدمرة واحدة، وسبعة زوارق وسفن، و119 مجنزرة، و72 دبابة، وثمانية مدافع ميدان.

وقد دفع شعبنا وجيشنا في حرب الاستنزاف خسائر كبيرة أيضاً على طريق الكفاح من أجل تحرير الأرض المحتلة وقد وصلت الخسائر السورية إلى 933 شهيداً (53 ضابط مع 114 صف ضابط و507 أفراد، و177 مدني، و82 فدائي)

ومئات الجرحى، ومن حيث العتاد: 42 طائرة و18 دبابة، و63 مدفع، و72 عربة، أي أن سورية تكبدت في هذه الحرب من الخسائر أكثر مما تكبدته في حرب حزيران عام 1967.

وبصورة عامة كانت حرب الاستنزاف مقدمة لابد منها لخوض حرب تشرين التحريرية، ففي معارك الاستنزاف تمرست القوات في القتال وتعززت الثقة بالنفس، واكتسبت قواتنا خبرات ميدانية هامة.

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech