Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

موسوعه حرب الخليج الثانية - الجزء الخامس والاخير

 

 

تقدم لكم المجموعه 73 مؤرخين علي عده موضوعات متتابعه – موضوعا كبيرا وكاملا عن حرب الخليج الثانية التي دارت رحاها بدأا من 17 يناير 1990 وحتي 28 فبراير من نفس العام بهدف تحرير الكويت من الجيش العراقي والتي أطلق عليها اعلاميا
عاصفه الصحراء
وما نقدمه هنا بعيدا كل البعد عن الشق السياسي والعربي انما هي معلومات عسكرية تاريخيه عن معركه دارت في الوطن العربي منذ عده عقود من الزمن .
موضوع من إعداد وتجميع معلومات – محمد السيد زهير –
العضو بوحدة الدراسات العسكرية بالمجموعه 73 مؤرخين .
=====
الجزء الخامس والاخير
 
 

الحرب النفسية في حرب الخليج

في بدايات المعركة (مرحلة درع الصحراء) تم عمل خطة مفصلة للحرب النفسية ضد الجيش العراقي. و تم هذا بمساعدة مجموعة عمل الحرب النفسية الرابعة في الجيش. استغرقت الخطة عدة اسابيع في اروقة البيروقراطية في واشنطن دون اي اخبار عن الموافقة. و بعد معركة كلامية مع شوارتزكوف، وافق تشيني على خطة معدلة في شهر ديسمبر. و بعدها اخر السعوديون تنفيذ الخطة لبعض الوقت بسبب مخاوفهم من ان دعوة الجيش العراقي لعصيان صدام حسين قد تتسبب ببدء الحرب البرية قبل اوانها. و اخيرا يوم 12 يناير، قامت طائرة نقل من طراز
C-130 بقذف اكثر من مليون منشور على حدود الكويت الجنوبية بما شكل اعنف حملة نفسية في تاريخ الحروب.

كان هدف شواتزكوف الذي اشرف شخصيا على الحملة هو اقناع الجندي العراقي ان الهزيمة محتومة و سحق روحه المعنوية. ورغم الفشل في استخدام الحرب النفسية في فيتنام، فقد كان شوارتزكوف مؤمنا بنجاعة هذا الاسلوب ووجوب تجريبه. و كان يرجع لاقتباس عن المفكر العسكري كلاوسفيتز "قتل معنويات العدو مهم مثل قتل العدو نفسه".

كانت كمية المواد الاعلامية التي القيت قبيل نهاية الحرب حوالي 30 مليون منشور. و استخدم الجيش 6 مطابع للجيش الامريكي و مطابع الجيش السعودي و مطابع القطاع الخاص تعمل على مدار الساعة لانتج الاوراق بقياس 3 * 6 انش و باربع الوان. و هو ما اعتبر افضل قياس ليسمح للاوراق ان تطير اطول وقت ممكن و ان تغطي اكبر مسافة ممكنة. و تم تجريب القاء المنشورات من ابراج عالية بما يسمح بقياس زمن الهبوط و تغطيته. و تم حشو المناشير في قنابل ركبت على طائرات
B-52 و F16 و F-18 مع فيوزات خاصة لتنفجر على ارتفاع عال.

تم تطوير 50 نموذج لهذه المنشورات. و قسمت الى 7 مجموعات حسب الموضوع. مثلا كان هناك منشورات بغرض التخويف، حيث تظهر صورة اكفان محمولة على سيارات التاكسي (مشهد مألوف في الحرب العراقية الايرانية). مع كلام من قبيل (الوقت ليس في صالحك).

بناء على اقتراح شوارتزكوف كان يتم اسقاط المنشورات على الوحدات قبيل قصفها بطائرات
B-52 و كانت تحمل تحذيرا: هذا هو الانذار الاول و الاخير! غدا سوف تقصف الفرقة كذا مشاة. اترك موقعك الان!. و بعد الغارة ترسل منشورات اخرى "غارات الامس كانت مثالا على قوة التحالف! مرة اخرى نعطيك الفرصة للنجاة" و مرة اخرى تقصف الطائرات و تعيد القاء المناشير. مناشير اخرى تركز على ان يترك الجندي العراقي معداته و ان يسلم نفسه.


و قد تعاون الجيش الامريكي مع مهربين لالقاء 12 الف قارورة على ساحل الكويت، و كل قارورة محشوة بمنشور يظهر المار ينز يرصدون الشاطئ قبيل قدوم موجة عاتية. و تم تهريب 50 الف شريط  كاسيت للعراق و الكويت تحوي اغاني عربية مشهورة و في وسط التسجيل رسائل ضد صدام حسين. و تم تحويل اذاعة صوت الخليج لاذاعة الاخبار و مواد البروباغاندا على 6 موجات. و حلقت طائرتا ُ
EC-130 قرب الحدود مع مكبرات صوت تبث نداءات مسجلة للاستسلام باصوات عراقيين سبقوهم في ذلك. و تم تشكيل 60 فريق مع مكبرات صوت ضخمة و نشرهم بين وحدات الجيش الامريكي و المار ينز لبث نفس الرسالة.

و يبقى السؤال عن مدى نجاح تلك الحملة يحتمل مختلف الاراء. فبدل فيضان المتسربين من الجيش الذي توقعته قيادة الاركان، كان معدل التسرب اقرب للتنقيط. و معظم من تسرب كانوا مجندين من رتب منخفضة. بعد الحرب كشف مسح ميداني على اسرى الجيش العراقي انهم كلهم رأوا المواد الاعلامية. و ان 7 من كل 10 اسرى قال ان هذه المواد كانت عامل في قرارهم ان يستسلموا.

في فبراير 20 اشارت حادثة في المسرح الغربي الى ان بعض القوات العراقية صارت على وشك الانهيار. حيث رصدت طائرات الاباتشي تحصين دفاعي عراقي عند ثقب الحاج (60 كم شمال الحدود) و بعد قصف لاربع ساعات (اضرار طفيفة) تم انزال 3 جنود لادارة الحرب النفسية و بثوا نداءات استسلام. و على اثر ذلك استسلم 435 من افراد الفرقة 45 مشاة. و خلال ساعات انقلبت سعادة شوارتزكوف بنجاح تلك المعركة في الحرب النفسية الى غضب. فقد اظهرت تقارير الصحافة الجنود الامريكيين الذين اسروا العراقيين و اظهرت الصور بوضوح انهم يتبعون الفرقة المجوقلة. و قال ان اي ضابط استخبارات عراقي يرى الصورة سيعرف ان الامريكان عندهم وجود كبير غرب العراق.


و في دراسة لاحقة للحرب، ظهر للامريكان ان نظام ادارتهم للحرب النفسية كان يعتريه مشاكل كبيرة. اولا لا توجد عقيدة مستقلة للحرب النفسية عن المعارك. و بالتالي تم اللجوء لما كان عند الجيش من اساليب تصلح اثناء القتال و ليس قبله. اضافة لذلك كان هناك بطء في اقرار المواد الدعائية و مشاكل في فهم نفسية الطرف العراقي (اضافة لعدم اتقان اللغة العربية!). 


يلخص الجدول التالي فعالية الوسائل الثلاث المذكورة على الجانب العراقي حسب ما تبين من مقابلات من تم اسرهم:

                              المنشورات                  الراديو                         السماعات

مدى وصول الرسالة: 98%                           58%                               34%

مدى تصديق الرسالة: 88%                           46%                          18%

مدى تأثير الرسالة على
الانشقاق                      70%                 34%                              16%

من الامور المثيرة للذكر ان المار ينز عمدوا الى ازعاج القوات العراقية بالموسيقى حتى تطلق عليهم النار و تكشف مواضعها مما كشفها للطيران. و قد نجح التكتيك 10 مرات. و قد لاحظ الجنود ان العراقيين يطلقون النار على موسيقى رعاة البقر و موسيقى الراب. اما موسيقى الروك اند رول و نداءات الاستسلام فلم تكن تجلب رد فعل نيراني عراقي!

--------------------------------------------------------------------------------

اي عدو؟ فشل الاستخبارات الامريكية في تحديد اعداد الجيش العراقي.

من تابع التقارير و التصاريح الصحفية لقوات التحالف قبيل حرب 1991 كان يجد نبرة احترام كبيرة جدا للجيش العراقي. و انه عددا و عدة من اكبر جيوش العالم. و قواته متمرسة بالحروب. و لكن لو سألت عن عدد قوات الجيش المتوقع ان تحارب لوجدت عدة اجابات! و لم يكن اي منها الجواب الصحيح حتى بعد نهاية المعارك البرية. نناقش ادناه بعض جوانب تقدير قوات العدو.

يعود اخر تقدير موثوق للامريكان عن تشكيلات الجيش العراقي و عدد قوات كل تشكيل الى حرب عام 1988. و من فم العراقيين وقتها. و كان التقدير ان جيش العراق بدأ من 12 فرقة بعدد 350 الف مقاتل عام 1982 ليصير 56 فرقة بعدد 1.1  مليون بعيد انتهاء تلك الحرب الطاحنة.

في العامين بين 1988 و 1990 انشغلت المخابرات الامريكية عن هذا الجيش بأمور اخرى. و لغاية اول شهرين من الغزو كانت ارقام عام 1988 تستخدم في الحسابات العسكرية.

تبين في ما بعد ان الجيش العراقي اعيد تشكيله و تنظيمه. فالفرقة التي كانت تحوي 20 الف مقاتل لحرب الخطوط و المواضع الثابته مع ايران صارت تحوي نصف العدد. و قد زاد العراقيون من حيرة الامريكان عندما غيروا مواضع الحرس الجمهوري و ارجعوه للخلف تاركين مكانه قوات الجيش على الخط الاول.

و قليلا قليلا، بدأت الصورة تتضح اكثر لدى الجيش الامريكي، من صور الاقمار الصناعية الى القليل من الاتصالات اللاسلكية التي تم رصدها. مثلا بدل 8 قطع مدفعية في الكتيبة لا حظ الامريكان انها تقتصر على 6 فقط. و السبع دبابات في السرية تم تخفيضها الى 4.

و لكن صور الاقمار الصناعية لم تساعد كثيرا في حال حركة القطع او اعادة انتشارها، اضافة الى الحاجة للاقمار الصناعية لتصوير اضرار القصف. مما ادى لفقدان المحللين الامريكيين لأثر وحدات كاملة من الجيش العراقي!! اضافة لذلك، منعت واشنطن تحليق طائرات التجسس قبل يناير 17. و مرة اخرى تحسر الامريكان على احالة الطائرة
SR-71 على التقاعد. تلك الطائرة التي كانت قادرة على مسح ممر طوله 50 كم اثناء طيرانها.


في منتصف يناير، كان تقدير البنتاغون ان مسرح عمليات الكويت يحوي 43 فرقة بمجموع 540000 جندي. و باقي 24 فرقة معظمها مجندين و ليست على نفس المستوى القتالي موجودة شمال نهر الفرات. اما تقدير الجيش فكان حوالي 450 الف جندي الى نصف مليون.

حتى اثناء القتال، كان هناك مشكلة في فهم تركيبة فرق المشاة للحرس الجمهوري. حيث كان الفيلق السابع يظن ان هناك فرقتان مشاة امامه (31 و  47) و لكن تبين فيما بعد ان الفرقتين غير موجودتين في الكويت! اضافة الى اخطاء في تسمية 4 فرق مدرعة عراقية.

و حتى بعد نهاية الحرب كان شوارتزكوف يعلن ان قواته تواجه تفوقا عدديا بنسبة 2:3 و كان يصر على ان عدد القوات العراقية في الكويت تجاوز 600 الف! 

و كان من الواضح ان الولايات المتحدة فشلت في اختراق العراق امنيا. و لم يكن لديها شبكة جواسيس على الارض بحيث لم تدرك اجهزتها ان معظم وحدات الجيش العراقي لم تكن كاملة العدد. و ازداد الامر سوءا بعد 5 اسابيع من القصف.

اما الاقمار الصناعية التجسسية و طائرات التجسس فقد كانت مفيدة لمعرفة المعدات الموجودة للقوات العراقية. و لكن الصور تعطي انطباع بوجود معدات سليمة بنسبة 25% اكثر مما هو موجود. و الصورة التي تظهر كتيبة مدفعية لا تظهر ان الجنود قد تسربوا من الخدمة!

اضافة لذلك كانت الهالة التي احيط بها الجيش العراقي مصدرا اخر لزيادة الحيطة و الحذر، حتى لجيش بمستوى الجيش الامريكي كان يتدرب لقتال جيش بمستوى الجيش الاحمر، و هو عدو اعلى سوية من الجيش الايراني. و بالتالي كان هناك خطأ مزدوج في تقدير العدو، العراق استهان (او على الاقل صدام حسين، و هو صاحب اهم رأي في البلد كلها) بالجيش الامريكي، و الجيش الامريكي استهاب مواجهة الجيش العراقي.

ماذا كان تأثير هذا الافراط في الحذر؟ كان له اثر مادي و سياسي و اعلامي كبير. كمثال على الاثر المادي، فقد بالغ شوارتزكوف في طلب القوات بشكل انعكس عليه لوما و تقريعا بعد نهاية الحرب. و مثال ذلك طلب مضاعفة عدد القوات، و كذلك احضار 220 الف قذيفة دبابات (لم يصرف منها اكثر من 2%).

اما الجواب النهائي عن عدد القوات العراقية في مسرح الكويت؟ فقد بينت الحسابات النهائية ان العدد الاصلي كان 362 الف اصيب او قتل منهم 26 الف و هرب 153 الف ليصفي امام الجيش الامريكي 183 الف مقاتل عراقي. فهل كان يحتاج اخراج هذا العدد الى 700 الف مقاتل من التحالف؟

و كانت السهولة التي حسمت بها الحرب عاملا كبيرا في اطفاء حماس الامريكيين للحرب. فقد تم شحن الشعب تحضيرا للملحمة و في النهاية كانت لاشيء. و كان هذا احراجا كبيرا للمخابرات الامريكية.

كانت هذه هي عقلية الجنرال شوارتزكوف اثناء الايام الاخيرة قبل الحرب البرية. و بعد تحديد يوم 24 بدأت طلبات قادة الجيوش بالتأجيل تتوالى.فالجيش يريد وقتا لاكمال تحركه الاستراتيجي غرب الكويت و شمال السعودية، و قادة المار ينز يريدون المزيد من الوقت للتمرن لخرق خط الدفاع العراقي. و الطيران طلب يومين مهلة قبل ساعة الصفر ليضرب العراقيين مرة اخرى لكن تقارير الجو تنبئ بجو عاصف يوم 24. و عليه اتصل شوارتزكوف بكولن باول طالبا منه مهلة اضافية بضعة ايام لحل هذه المشاكل. 

تضايق كولن باول، و هو يعرف بحكم خبرته ان اي طلب تاجيل سوف تتبعه طلبات اخرى. فببساطة لا يوجد يوم مثالي للقتال. و هناك دائما حاجات و متطلبات لسدادها. و وجد صعوبة كبيرة في اقناع مستشار الرئيس ديك تشيني في الموضوع. الذي كان يريد بدء العمليات العسكرية قبل ان يسنح الوقت للعراق بقبول قرار الامم المتحدة او البدء بالانسحاب. و هنا يظهر تباين الاهداف. فالجنرال الامريكي يريد حماية قواته و السياسي الامريكي ينظر للهدف الاكبر من الحرب: تدمير قدرات العراق الهجومية. و نشبت عراك لفظي بين شواتزكوف و باول الذي لم يكن الطرف الهادئ هذه المرة و بادل شواتزكوف صياحا بصياح قبل ان يهدأ الجنرال الامريكي و يعتذر و يظهر ما يبدو انه بدأ يتعب فعلا تحت ضغوط العملية.و قال له شواتزكوف، ستحصل على التأجيل لو اصررت عليه، لكني اريد اسبابا مقنعة. و ماهي الا ساعات حتى ابلغ شواتزكوف باول ان التنبوء الجوي تغير و صار الجو مناسبا للاسناد الجوي القريب. بقي امر اخير: طلب شواتزكوف ابعاد المخابرات الامريكية عن سير العمليات تماما. و السبب ان تقديراتهم لحجم الدمار اقل بكثير مما حسب الجيش الامريكي. و بدأت اخبار التضارب في الارقام تصل الصحافة. و تم عمل لقاء مشترك بين الطرفين لم يصل لنتيجة. و في النهاية اعلن تشيني انه يقف الى جانب تقديرات الجيش و ان على المخابرات الامريكية ترك هذا الملف نهائيا. 

حسم الملف العسكري و بقيت ساعة الصفر يوم 24 فبراير و جلس العسكريون في خنادقهم و غرف عملياتهم ينتظرون قدرهم. لكن كان هناك في الافق بوادر حل سياسي للازمة مما كان سيقوض الحملة العسكرية كاملة.  و هو ما شد انتباه العالم الى زيارة طارق عزيز لموسكو فقد كانت فعلا اللعب في الوقت بدل الضائع، و الامل الزائف الذي تمسك به محبو السلام و محبو العراق و اصدقاؤه على امل ان تحصل المعجزة.فماذا حصل في موسكو؟

-----------------

بين واشنطن و موسكو

مع بقاء ايام على بدء الحرب البرية. حصل ما كانت واشنطن تقلق منه: اختراق سياسي للأزمة. فقد وصل طارق عزيز الى موسكو يوم 18 فبراير. و قد عرض عليه غورباتشوف اتفاق نيابة عن التحالف الدولي (و كانت هذه خدعة دبلوماسية، حيث لم يكن للرئيس السوفياتي مثل هذا التفويض). و كان العرض كاتالي:
1- بدء انسحاب العراق الفوري من الكويت (مع مهلة 6 اسابيع لاكمال الانسحاب)
2- ضمانة سوفيتية بنجاة صدام حسين و نظامه
3- عدم دفع العراق اي تعويضات
4- معالجة مشاكل المنطقة العالقة مثل القضية الفلسطينية

"الوقت حساس جدا, و لو كنتم تهتمون لمصير بلدكم و شعبكم فيجب التصرف بدون تأخير".

و بدون تأخير، طار عزيز للعراق، و ابرق غورباتشوف 3 صفحات لواشنطن تتضمن تفاصيل الصفقة.


اول ما لفت انتباه مستشاري الرئيس هو المهلة الطويلة لصدام حسين. و رد يوم 19 فبراير بأن

1- وقف اطلاق النار لن يتم بدون ان يوافق العراق على انسحاب خلال 4 ايام (و هو ما يضمن ان يترك العراق كل ترسانته الثقيلة في الكويت). 

2- الافراج عن كل اسرى الحرب
3- اعطاء خرائط الالغام.

و تعمد الرئيس ان يوجه اهانة دبلوماسية بوصف المقترح الروسي بأنه اقل بكثير من المطلوب (في الاعراف الدبلوماسية لا يحق له التكلم بهذا الاسلوب كون المقترح ليس من بنات افكار الامريكان).

مع تعليمات جديدة من بغداد، عاد عزيز لموسكو يوم 21 فبراير. و ذهب للكرملين فور وصوله للمطار. و هناك عرض الموقف العراقي:

1- يقبل العراق بالانسحاب الغير مشروط
2- يقبل العراق بالافراج عن كل الاسرى
3- رفض العراق الجدول الامريكي للانسحاب. و طالب ان ترفع الامم المتحدة العقوبات بعد سحب ثلثي القوات العراقية.

و كان دور بريماكوف في النقاش. حيث اشار الى ان العراق تمكن من احتلال الكويت خلال ساعات! افلا يستطيع الانسحاب بسرعة؟ و رد عزيز ان الكويت احتلت بفرقتين و لكن الامارة تعج بمئات الوف الجنود العراقيين و اكد ان العراق يحتاج 6 اسابيع لاكمال المهمة. و قال غورباتشوف: الوقت اللازم للانسحاب يجب ان يكون ضمن الحد الادنى المعقول.

بعد انتهاء الاجتماع فجرا خرج فيتالي اغناتوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين على الصحافيين و قال لهم ان نتائج الاجتماع كانت ايجابية للغاية و عدد نقاط الاتفاق مع ابقاء موعد الانسحاب مبهما.

هذا السرور لم ينعكس في واشنطن. حيث كانت المساء في اوله، و بعيد المؤتمر الصحفي في موسكو تلقى بوش اتصالا من غورباتشوف. و الح على بوش ان يتم تنقيح مسودة اتفاق خلال نهاية الاسبوع بدون وضع موعد نهائي امريكي. و قد ظهر موقف عزيز بقبول الانسحاب غير المشروط متناقضا مع خطاب لصدام اذاعه راديو بغداد قبلها بساعات الذي كان مليئا بالتحدي و كلام مثل رفض الظلم و العدوان.

 و قال بوش للرئيس السوفياتي ان الاقتراحات لا تزال بعيدة عن قرارات مجلس الامن ال12. حيث ان الانسحاب العراقي الغير مشروط هو بند واحد فقط. و انتهت المكالمة بعد ان وعد غورباتشوف بمزيد من التفاوض مع العراقيين.

نظر بوش الى مستشاريه، و قال لهم: بدأت الامور تفلت عن السيطرة من الناحية السياسية. و خرج للعشاء و حضور مسرحية مع بعض القادة و عاد بعدها ب 3 ساعات ليجتمع مع فريقه الدبلوماسي. مع بقاء اقل من 48 ساعة على المعارك. كان من الضروري وقف كل اشكال المساعي الروسية قبل ان تمنح العراق نصرا سياسي يعمي الابصار على الهزيمة العسكرية المحتمة. و هو ما اسماه فريق الرئيس (الانتصار الناصري - نسبة لعبد الناصر). و لكن الرئيس كان قلقا ان يسبب رد فعل قوي من الطرف الامريكي على المساعي الروسية الى توتير العلاقات مع موسكو. و عليه حصلت حل جديد اعطاء العراق مهلة جديدة اقل من 40 ساعة من وقته (اي 8 ساعات قبيل بدء العمل البري) ليعلن وقف اطلاق النار و يبدأ انسحابا ينتهي خلال 4 ايام. و قالوا لغورباتشوف: اما ان تحصل على نوبل للسلام لو انسحب العراق و اوقفت الحرب، او ان ندمير الجيش العراقي.

خلال ساعات كان المقترح في صيغته النهائية:
1- قبول الانسحاب قبل السبت.
2- الانسحاب الكامل خلال اسبوع (الحت بريطانيا و فرنسا على هذا الشرط ليكون معقولا بشكل كاف للعراقيين، و اشارت حسابات البنتاغون انها مهلة كافية لسحب نصف الاليات العراقية الثقيلة فقط و خمس الذخيرة في مسرح عمليات الكويت).
3- الانسحاب من مدينة الكويت و تحرير الاسرى خلال يومين
4-  الانسحاب الفوري من الخط الدفاعي على حدود الكويت مع السعودية
5- توفير خرائط الالغام
6- بمجرد ان يعلن العراق قبوله سيتم ايقاف الغارات الجوية لمدة ساعتين للسماح للعراقيين بالبدء بتنفيذ الشروط و هذا الايقاف سيستمر طالما كان العراقيون ينفذون انسحابهم

 و قد اعلن بعض المستشارين ان حتى الجدول بهذا الشكل قد يعطي صدام فرصة ان يقول: انسحب بارادتي و نجحت بتحدي الامريكان. و كان رد مستشار اخر انهم كانو سيكنون فرحين بهذا الاتفاق لو تم قبل 6 اسابيع. و سأله سكوكروفت: الست قلقا من الحرب البرية؟

قال: لا. سوف تنتهي الحرب البرية بسرعة. و في نفس الوقت كان بوش يناقش الرئيس الفرنسي ميتران و الذي كان يرى منح العراق 3 ايام لقبول العرض الامريكي. و فيما كان الرئيس يحاول الرد دخل تقرير جديد من المخابرات المركزية ان العراق بدأ باشعال ابار النفط الكويتية في الشعيبة و ميناء الاحمدي و كان التقدير بان هناك 150 بئر يحترق. و كان هذا ما احتاجه بوش ليقنع ميتران بقبول الوقت الاصلي. ومرة اخرى ينقذ العراق التحالف من ازمة دبلوماسية! و خلال ساعات اتصل شوارتزكوف بقادة الفرق و قال لهم: وصلنا التفويض النهائية.

=======================================

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech