Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

سلسله قاده عظماء - 32- الشهيد اللواء أحمد حمدي

 

 

 

المصدر - ابطال في ذاكرة الوطن 

  بقلم محمد خلف الله

نقلها للمجموعة 73 مؤرخين - الحسيني هيكل  

 

 

 

 

ابن المنصورة

العميد أركان حرب مهندس أحمد حمدي بطل ملحمة كباري العبور من أبناء المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية عاش فيها سنوات حياته الأولى  وولد في فترة كانت فيها مصر تخوض أحد مراحل الاستقلال ضد الاحتلال البريطاني في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي وارتبط الطفل أحمد حمدي مع أسرته بمدينة المنصورة التي عاش فيها طفولته المبكرة وانعكس الهدوء والجمال الذي تتميز به المنصورة على شخصيته طوال حياته في المنصورة وحتى بعد أن تركها للدراسة في القاهرة.

ارتبطت المنصورة في ذهن الطفل أحمد حمدي بأهم آثارها الاسلامية (دار ابن لقمان) التي كانت مقصدا لأبناء المنصورة وتلاميذها وطلبتها كأهم أثر اسلامي لايزال شاهدا على بطولة أبناء المنصورة الذين أسروا لويس التاسع ملك فرنسا خلال الحروب الصليبية عندما حاولوا غزو المنصورة ووقع الملك لويس التاسع أسيرا وتحفظ عليه المصريون في دار القاضي (ابن لقمان) وظل أسيرا حتى افتدته فرنسا بفدية مالية كبيرة مع انسحاب القوات الصليبية من المنصورة في عام 1250 ميلادية أى قبل استشهاد العميد أركان حرب أحمد حمدي بطل ملحمة كباري العبور في حرب أكتوبر 1973 بنحو723  سنة ليؤكد أن مصر أم الأبطال وأنها لاتنسى أبدا أبطالها وأنها تضعهم دائما في ذاكرة الوطن.

وعاش الطفل أحمد حمدي مع أسرته أحداثا كثيرة في شبابه المبكر حيث شهد عام1935 مظاهرات الطلبة من جامعة فؤاد الأول القاهرة الآن واستشهاد اثنين من طلابها  على أيدي القوات البريطانية  التي أطلقت النار على المتظاهرين من طلبة الجامعة التي التحق بها,فيما بعد الشاب أحمد حمدي ابن المنصورة.

 

ضابط مهندس

 

وينتهي الطالب أحمد حمدي من دراسته الجامعية بكلية الهندسة جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة) ويتخرج مهندسا في عام 1951 وكانت مداركه قد استوعبت مايدور حوله من أحداث ويقرر الالتحاق بالكلية الحربية ليتخرج (ضابطا مهندسا) وليعمل في الجيش المصري والتحق بالعمل في سلاح المهندسين كضابط مهندس في عام 1954 ويمارس عمله الذي أحبه.

وتمضي الأيام وتقوم مصر بتأميم قناة السويس وبعدها يقع العدوان الثلاثي على مصر وكانت أول حرب مصرية يشارك فيها كضابط مهندس بالقوات المسلحة.

ويواصل الضابط مهندس حمدي دراساته العليا المدنية في الهندسة المدنية ويحصل على دبلوم الدراسات العليا في الهندسة الميكانيكية من كلية الهندسة بجامعة القاهرة

بعد أن غيرت الثورة اسم جامعة فؤاد الأول لتسمى جامعة القاهرة وكانت الدراسة متناسبة مع عمله في سلاح المهندسين ثم يواصل دراساته العسكرية فيحصل على دورة القادة والأركان بتقدير امتياز من أكاديمية فرونز العسكرية بالاتحاد السوفيتي  وبعدها يحصل على الدورات المؤهلة لتولي المناصب القيادية بالقوات المسلحة حتى تولى قيادة أحد لواءات أو ألوية الكباري التي خصصت لعبور المدرعات والقوات الميكانيكية..آخر المناصب القيادية التي تولاها.

وتندلع حرب يونيو 1967ويشارك الضابط المهندس أحمد حمدي في تأدية دوره خلال الحرب وتتعرض مصر لهزيمة قاسية تفقد فيها شبه جزيرة سيناء التي احتلتها القوات الاسرائيلية وتفقد أيضا جانبا كبير من من الأسلحة والمعدات ويتم وقف اطلاق النار في 9 يونيو1967 وتتم اعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة وتتحدد مهمة القوات المسلحة في ازالة آثار العدوان انطلاقا من مبدأ(ما أخذ بالقوة لايسترد الا بغير القوة)وتبدأ المهمة الجديدة للقوات المسلحة ومنها سلاح المهندسين في اطار معركة العبور.

 

تجسدت إرادة القتال لدى المصريين لخوض معركة التحرير المنتظرة ضد القوات الاسرائيلية التي احتلت سيناء وكانت مهمة سلاح المهندسين الذي ينتمي اليه العقيد مهندس أحمد حمدي هى عبور القوات المسلحة الى الضفة الشرقية للقناة لقتال القوات الاسرائيلية داخل سيناء وطردها الى الحدود الدولية ولم تكن المهمة سهلة بل كانت تزداد صعوبة كلما مرت الأيام فكانت البداية قوات اسرائيلية بدون مواقع داخل سيناء ثم الاستيلاء على المواقع التي كانت تتحصن بها القوات المصرية قبل انسحابها وبعدها اقامة مواقع ذات تجهيزات هندسية متواضعة وكان يمكن أن تبقي كذلك.

ولكن مصر بدأت منذ الأيام الأولى للحرب رغم الانسحاب القيام بعمليات محدودة ضد القوات الاسرائيلية ثم تزايدت العمليات المصرية كثافة وقوة مما اضطر القوات الاسرائيلية الى تجهيز مواقع اسرائيلية لحماية قواتها وكلما زاد ضغط القوات المصرية ضد القوات الاسرائيلية زادت من تحصين مواقعها حتى وصلت في النهاية لاقامة خط بارليف  ومايتضمنه من نقاط حصينة ورغم تدميره خلال حرب الاستنزاف فقد أعيد بناؤه ليصبح بطول جبهة القناة من جنوب بورفؤاد ورأس العش وحتى خليج السويس وارتفاع الساتر الترابي بطول القناة والذي تتخلله النقاط الحصينة وتحدى الجنرال حاييم بارليف رئيس الأركان الاسرائيلي الذي أقام خط بارليف  أن تنسفه أى قوة حتى لو كانت القنبلة الذرية ولكن القوات المصرية استولت عليه في 6 ساعات.

وكانت المهمة صعبة أمام سلاح المهندسين المكلف بتنفيذ الأعمال الهندسية وتجهيز جميع وسائل العبور بما فيها الكباري الخفيفة والثقيلة والتي تتحمل عبور جميع أنواع المدرعات الدبابات القوات الميكانيكية وتجهيز وتوفير آلاف القوارب المطاطية لنقل المشاة والقوات المدرعة من غرب القناة الى شرق القناة عبر قناة السويس.

كانت المهمة صعبة وكانت تزداد صعوبة كلما عززت القوات الاسرائيلية من مواقعها ولكن سلاح المهندسين بالتعاون مع جميع أفرع القوات المسلحة استطاع دراسة وايجاد الحلول لجميع مشكلات العبور.

يونيو الحزين..

كان العميد مهندس أحمد حمدي مع زملائه قادة وضاط سلاح المهندسين يواصلون العمل ليلا ونهارا من أجل دراسة جميع الوسائل اللازمة لتنفيذ عملية العبور بأكبر كفاءة ممكنة وفي التوقيتات المحددة وفي الزمن المحدد وماتتطلبه هذه العملية من امكانيات وتدريب مستمر لتكون عملية ناجحة حيث سيترتب عليها نقل الآلاف من القوات المصرية مع أسلحتهم ومعداتهم من الضفة الغربية الى الضفة الشرقية في معركة قتالية مع القوات الاسرائيلية التي تحتل سيناء مع احتمال تقبل نسبة كبيرة من الخسائر.

ولكن الهدف الذي يستحق أية تضحيات  من أجل تحرير سيناء الأرض المصرية التي تحتلها القوات الاسرائيلية منذ يونيو الحزين وطبقا للخطة التي تضعها القيادة العامة للقوات المسلحة لحرب التحرير المنتظرة والتي جاءت بعد أكثر من 6 سنوات والتي تحددت فيها مهام كل قوة من القوات وكل سلاح من الأسلحة ومن بينها سلاح المهندسين الذي يتولى تنفيذ المهام الهندسية في الحرب.

وفي الوقت الذي كانت فيه القوات المسلحة تخوض معارك محدودة ضد القوات الاسرائيلية عبر القناة  وخلف الخطوط الاسرائيلية  كانت وحدات سلاح المهندسين تقوم بالاعداد وتجهيز معداتها لبدء عمليات التدريب وبينها الوحدة التي يقودها العميد مهندس أحمد حمدي وحدة الكباري الثقيلة المخصصة لعبور المدرعات والقوات الميكانيكية والتي كانت تبدأ مهمتها مع وحدات الكباري الأخرى بمجرد بدء ساعة الصفر المحددة للحرب حتى يبدأ نقل القوات في القوارب وعلى الكباري بمختلف أنواعها ومنها الكباري الثقيلة.

وكانت وحدات المهندسين تفكر وتدرس جميع العوائق والموانع الطبيعية والصناعية في المجرى المائي لقناة السويس وكذلك العوائق والموانع التي كانت تلجأ اليها وتعلن عنها من قبيل الحرب النفسية ضد القوات المصرية ومنها استخدام النابالم في اشعال مياه القناة لمنع المصريين من مجرد التفكير في العبور أو محاولة الوصول الى الضفة الشرقية للقناة.

كان تفكير الرجال في سلاح المهندسين وفي وحدات تركيب الكباري ومن بينهم العميد مهندس أحمد حمدي قائد لواء الكباري الثقيلة المخصصة لعبور المدرعات والقوات الميكانيكية يركز على أهمية تركيب الكباري خاصة الكباري الثقيلة قبل التوقيتات المحددة وتحت الضغط الجوى والمدفعي للقوات الاسرائيلية التي سوف تقوم بضرب الكباري أثناء عملية التركيب والاصلاح وأن يتم الانتهاء من عملية تركيب الكباري قبل الوقت المحدد للانتهاء من عملية تركيب الكباري حتى تلحق المدرعات من الدبابات والعربات المدرعة والقوات الميكانيكية بفرق المشاة التي يتعبر القناة بالقوراب وتتسلق الساتر الترابي وتسيطر على الأرض.

واهتمت التدريبات أن تكون الكباري خاصة الثقيلة جاهزة لنقل المدرعات والقوات الميكانيكية بمجرد الانتهاء من فتح الثغرات في الساتر الترابي أمام المناطق المحددة لاقامة الكباري حتى يكون العبور متواصلا من الضفة الغربية للقناة الى الكباري التي يتم تركيبها حيث تعبر المدرعات والقوات الميكانيكية القناة على الكباري لتتجه مباشرة الى الفتحات عبر الساتر الترابي شرق القناة الى المواقع المحددة لتمركزها حتى تتمسك بالأرض وتدافع عنها ضد أى هجمات اسرائيلية..

وطوال 6 سنوات كان رجال سلاح المهندسين يصنعون ملحمة الكباري التي شغلتهم ليلا ونهارا حتى استطاع الرجال أن ينفذوا عملية تركيب الكباري في أقصر وقت ممكن مما أعطى القادة والضباط ثقة في بالنفس واطمئنانا في نجاحهم في تنفيذ مهامهم وكان بينهم العميد أركان حرب مهندس أحمد حمدي قائد لواء الكباري الثقيلة المخصصة لعبور المدرعات والقوات الميكانيكة وغيرها من الوحدات المشاركة في الحرب المنتظرة.

 

الكباري..والعبور

 

عاش العميد مهندس أحمد حمدي ملحمة التدريب على اقامة أو انشاء أو تركيب كباري العبور خاصة الكباري الثقيلة المخصصة لعبور المدرعات أو القوات الميكانيكية في اطار الخطة التدريبية للقوات المسلحة وبالمشاركة مع الأفرع الرئيسية والأسلحة المختلفة التي تشارك في التدريبات على الحرب المنتظرة واستمرت هذه الخطة منذ اعادة تنظيم القوات المسلحة وحتى قيام الحرب التي أثبتت نجاح وحدات سلاح المهندسين مع بقية وحدات القوات المسلحة في أداء دورها حتى تحقق الانتصار.

كانت البداية ..مياه قناة السويس..بعد حرب يونيو1967 ومتابعة منسوب المياه وعمقها واتساع المجرى الملاحي للقناة والعوائق التي طرأت عليه وأنسب الأماكن لاقامة الكباري بمختلف أنواعها والتي تحدد العمق المناسب لتعويم الكباري واستقرارها لتكون صالحة لاستقبال المدرعات والقوات الميكانيكية ولغيرها من الكباري الخفيفية وتطلبت هذه المهمة قياس أعماق القناة بدقة على طول المجري الملاحي للقناة في نطاق الجيشين الثاني والثالث وكانت مهمة مستمرة لملاحقة أى تغيرات في عمق المياه خاصة بعد عمليات التراشق المستمرة عبر القناة وماتحدثه من انهيارات تسقط في مجرى القناة وكان يتم قياس عمق مجرى القناة بأساليب مبتكرة وبسيطة ولكنها حققت نجاحا كبيرا.

 

 

واستمرت تدريبات سلاح المهندسين على عمليات اقامة الكباري طبقا للخطط التي كان يتم وضعها والتي بدأت بالخطة (عزم) وتطوراتها ثم الخطة (جرانيت) وتطوراتها حتى وضع الخطة النهائية للعبور أو لحرب التحرير المنتظرة وهى الخطة (بدر)تيمنا بغزوة(بدر)الكبرى واستمرت عمليات التدريب والتي كان يشرف عليها العميد مهندس أحمد حمدي قائد لواء الكباري الثقيلة في الجيش الثالث الميداني.

ملحمة كباري العبور

قبل المعركة وفي التوقيتات المحددة كان العميد مهندس أحمد حمدي مع رجاله من الضباط والجنود يستعدون لدفع وحدات الكباري الى أقرب مكان  في الضفة الغربية للقناة حيث تتمركز قوات الجيش الثالث الميداني وفي الأماكن المحددة المواجهة للمناطق المختارة لاقامة الكباري والمواجهة للأماكن المحددة لفتح الثغرات في الساتر الترابي بمدافع المياه أو الطلمبات العملاقة انتظارا لبدء الحرب المنتظرة.

وفي سرية تامة وبطريقة لا تثير شكوك العدو وبمجرد بدء الضربة الجوية المصرية الظافرة بدأت وحدات الكباري في الوصول الى مياه القناة مع بدء القصف المدفعي على طول الجبهة والذي استغرق نحو الساعة .

وبينما كانت وحدات الكباري تبدأ النزول الى مياه القناة حاملة الكباري لاقامتها على مياه القناة لتصل بين الضفة الغربية للقناة والضفة الشرقية كان العميد مهندس أحمد حمدي بين رجاله لاقامة الكباري الثقيلة المخصصة لعبور المدرعات والقوات الميكانيكية .

كانت الوحدات المكلفة بفتح الثغرات في الساتر الترابي على الضفة الشرقية بمدافع المياه الطلمبات العملاقة تفتح ثغرات العبور الى الضفة الشرقية في مواجهة الأماكن المخصصة لاقامة الكباري حتى يتم العبور من الضفة الغربية الى الكباري الى الثغرات خلال الساتر الترابي لتنطلق الى داخل سيناء تقاتل القوات الاسرائيلية قبل أن تفيق من هول المفاجأة.

وتم تجهيز أول كوبري في قطاع احدى فرق المشاة في الساعة الثامنة والنصف مساءا قبل موعده المخطط بحوالي ثلاث ساعات وبدأت الكباري تظهر على سطح مياه القناة تربط الضفتين الغربية والشرقية فتم تركيب كوبريين ثقيلين في قطاع الجيش الثاني الميداني وبدأت الوحدات المدرعة والقوات الميكانيكة في العبور الى الشرق في زمن قياسي يترواح بين 6-9 ساعات وتم تركيب 10 كباري ثقيلة أخرى و10 كباري خفيفة للمشاة وعدد من الكباري الهيكلية لخداع القوات الاسرائيلية وتشتيت انتباهها وتضليل الطائرات والمدرعات والمدفعية بعيدة المدى التي قد تحاول ضرب كباري العبور.

وفي الجيش الثالث الميداني كان العميد أركان حرب مهندس أحمد حمدي بين رجاله من سلاح المهندسين ليبدأ تركيب أول كوبري في الساعة الثالثة و58 دقيقة أى الرابعة الا دقيقتين عصرا يوم 6 أكتوبر ليقيم أول كوبري في قطاع الجيش الثالث تحت ضغط احتمالات التعرض للغارات الجوية الاسرائيلية أو المدفعية بعيدة المدى أو مدفعية الدبابات القريبة التي تحمي النقط الحصينة الاسرائيلية.

وأسقطت وحدات اللواء براطيم الكباري في مياه القناة لتستمر بعدها ملحمة بناء الكباري حيث تعرضت المناطق المختارة لاقامة الكباري لضرب القوات الاسرائيلية التي استهدفت منع المصريين من استكمال بناء الكباري وكانت تتم اصابة بعض الكباري فيتم اصلاحها لتستمر عملية عبور المدرعات والقوات الميكانيكية والأفراد والمعدات وظلت كباري العبور خاصة الكباري الثقيلة هدفا لنيران القوات الاسرائيلية لتستمر ملحمة بناء الكباري واصلاحها طوال أيام المعركة.

الدبابة...والكوبري

 

وفي الجيش الثالث الميداني حدث ما كان متوقعا حيث نجحت احدى الدبابات الاسرائلية القادمة من عمق سيناء بضرب القوات المصرية التي نجحت في اقتحام النقطة الحصينة 149 بالشط عند العلامة 149 بترقيم قناة السويس وبدأ التعامل النيراني مع الدبابة والدبابات الاسرائيلية التي بدأت بضرب القوات المصرية في محاولة لنجدة النقطة الحصينة ورغم تدمير واصابة عدة دبابات اسرائيلية فقد نجحت إحدى الدبابات في اتخاذ موقع دفاعي بجوار النقطة الحصينة وبدأت تضرب كوبري العبور في المنطقة فأصابت الكوبري عند النقطة 151 على مسافة 2كيلومتر.

 

وبدأت عملية اصلاح الكوبري وكان أول كوبري تتم اصابته في قطاع الفرقة وكان العميد أركان حرب مهندس أحمد حمدي يتابع عملية اصلاح الكوبري ونجحت الفرقة المجاورة في تركيب كوبري آخر في النقطة 141 بترقيم قناة السويس وكانت عملية عبور المدرعات فوق الكوبري في طريقها الى الضفة الشرقية للقناة لتحتل مواقعها في سيناء.

وكان لابد من وقف نيران هذه الدبابة الاسرائيلية حتى يتم استكمال اصلاح الكوبري ليؤدي دوره في عبور المدرعات والقوات المكيكانيكية وتقدم الشهيد الرائد محمد زرد ليعلن استعداده لوقف نيران هذه الدبابة ولو أدى الأمر للتضحية بنفسه وقام الشهيد الرائد محمد زرد بعملية انتحارية فهاجم النقطة الحصينة من الخلف حيث تتحصن الدبابة وقام بتدميرها واستشهد في العملية الانتحارية وبدأت عملية اصلاح الكوبري وكان العميد أركان حرب مهندس أحمد حمدي مع رجاله حتى تم الانتهاء من اصلاح الكوبري وتدفقت المدرعات والقوات الميكانيكية الى الضفة الشرقية للقناة لتحتل المواقع المخصصة لها وتدافع عنها .

واستطاعت قوات الجيش الثالث الميداني أن تسيطر على المناطق التي تم تحريرها وتدافع عنها ونجحت يوم12 أكتوبر1973 اليوم السابع للحرب في عمل رأس كوبري الجيش بمواجهة 52 كيلو مترا على الضفة الشرقية للقناة من رأس مسلة جنوبا وحتى كبريت شمالا وبعمق 15 كيلومترا مع سقوط جميع النقط الحصينة التي استولت عليها قواتنا وبقيت في أيدى القوات المصرية التي رفعت العلم المصري بعد انزال العلم الاسرائيلي الى الأبد.

دماء..على كباري العبور

ومع فشل القوات الاسرائيلية في استرداد المواقع التي طردتها منها القوات المصرية استمرت القوات الاسرائيلية في ضرب كباري العبور في محاولة يائسة للحد من تدفق القوات المصرية الى الشرق بعد أن اعترف العالم بانتصار مصر وتحرير الضفة الشرقية للقناة بطول جبهة قناة السويس وبعمق 15 كيلومترا الذي تحميه صواريخ الدفاع الجوي المصرية وروت دماء الشهداء كباري العبور حيث استشهد الرائد الصواف في الأيام الأولى للمعركة بين جنوده على أحد كباري العبور الذي كان يشرف على تركيبه بالجيش الثاني الميداني لتسقط دانة اسرائيلية على الكوبري بالقرب من الضفة الشرقية للقناة قبل تركيب الجزء الأخير من الكوبري والذي كان سيصل الكوبري الى الأرض المصرية في سيناء وبعد استشهاده اكتمل تركيب الكوبري ليؤدي دوره في نقل القوات المصرية الى سيناء لتستمر في قتالها للقوات الاسرائيلية وليستمر تدفق القوات المصرية الى الشرق وحتى يتصل الشرق بالغرب عبر القناة.

وتستمر الحرب ونصل الى اليوم التاسع من أيام الحرب يوم14 أكتوبر 1973 وكان العميد أركان حرب مهندس أحمد حمدي قائد لواء الكباري الثقيلة يقف بين جنوده يشرف على اصلاح الكباري التي أصابتها الغارات الجوية ويتلقى بلاغا عن اصابة كوبري عبور ثقيل مخصص لعبور المدرعات والقوات الميكانيكية بمنطقة الشط نتيجة للقصف الجوي الاسرائيلي ويتطلب ضرورة اصلاحه فورا.

وكانت قد بدأت عمليات الاصلاح عن طرق وحدات  المهندسين بمنطقة الكوبري تحت القصف الجوي الاسرائيلي ويقرر قائد اللواء التوجه الى منطقة الكوبري للمشاركة في اصلاحه ولم يرسل أحد مساعديه أو أحد الضباط للاشراف على اصلاح الكوبري ولكنه استقل سيارته العسكرية وذهب بنفسه للمشاركة في اصلاح الكوبري ولم ينس أن يأخذ معه كمية من البسكويت والشاى ليوزعها على ضباطه وجنوده بنمطقة الكوبري بمجرد وصوله ليبدأ معهم عملية الاصلاح.

ورغم القصف الجوي يقف العميد مهندس أحمد حمدي بين جنوده وضابطه على الكوبري الذي أصابته الطائرات الاسرائيلية اصابة جسيمة تمنع استخدامه وبينما تستمر عملية الاصلاح تعود الطائرات الاسرائيلية لتهاجم منطقة الكوبري ورغم أنه يعلم أن المنطقة مكشوفة للطيران الاسرائيلي أصر على وجوده بين جنوده وضباطه مع استمرار عملية اصلاح الكوبري تحت القصف الجوي الاسرائيلي المتواصل وكان الجميع في سباق مع الزمن للانتهاء من عملية الاصلاح في أقل وقت ممكن قبل أن تنجح احدى الطائرات الاسرائيلية في اصابة الكوبري اصابة ثالثة.

وكما توقع العميد مهندس أحمد حمدي وأثناء انشغال الجميع بعملية اصلاح الكوبري وهو يقف بين ضباطه وجنوده تسقط دانة ثقيلة على الكوبري وتصيب المنطقة التي يقف فيها العميد أحمد حمدي وتصيبه احدى الشظايا من الدانة التي انفجرت بالقرب منه ويستشهد وحده على الفور بين ضباطه وجنوده وكأنه افتداهم بنفسه وكتب الله النجاة لبقية الضباط والجنود.

وبينما يلتف بعض الضباط والجنود حول قائدهم العميد أركان حرب مهندس أحمد حمدي في محاولة لانقاذه يستمر الباقون في اصلاح الكوبري حتى يتم اصلاحه ليعود لاستقبال المدرعات والقوات الميكانيكية ويعود معه تدفق القوات المصرية الى الشرق في سيناء بعد اصلاح الكوبري.

ويتم نقل الجثمان الطاهر للشهيد العميد مهندس أحمد حمدي من مكانه فوق الكوبري الى الضفة الغربية للقناة ويطلب ضباطه وجنوده أن يتم دفن الشهيد بالقرب من مكان استشهاده بمنطقة الشط تكريما له ولمعنى استشهاده بين جنوده خلال حرب التحرير التي استعادت فيها مصر سيناء الى الأبد..ان شاء الله.

ولكن القدر كان يدخر للشهيد تكريما مهما يخلد اسمه منذ انتهاء الحرب والى الآن وفي المستقبل ان شاء الله بعد تحقيق الانتصار على القوات الاسرائيلية التي انسحبت الى عمق سيناء الى ماوراء مواقع قواتنا في الضفة الشرقية للقناة خلف المنطقة المحررة التي أعلنت للعالم انتصار مصر واعترف العالم واعترفت اسرائيل بانتصار مصر التي حطمت أسطورة الجيش الذي لايقهر في 6 ساعات يوم 6 أكتوبر1973 عندما تحقق الانتصار المصري قبل (أول ضوء)في فجر اليوم الثاني للحرب.

تكريم مدى الحياة ..وللأبد

كان القدر يدخر للشهيد اللواء مهندس أحمد حمدي تكريما يخلد اسمه مدى الحياة له ولأسرته وأقاربه وبين شعب مصر الذي لا ينسى أبطاله الى الأبد ويضعهم في قائمة الأبطال في ذاكرة الوطن فقد ترقية اسمه الى رتبة اللواء ومنحه وسام نجمة سيناء وكان أول من تم منحه الوسام الجديد الذي يحمل اسم سيناء تخليدا لأبطال حرب أكتوبر المجيدة في أكتوبر1973الذين أسهموا بحياتهم ودمائهم وجهدهم في تحرير سيناء كما ارتبط اسمه بمنطقة الشط في نطاق الجيش الثالث الميداني التي استشهد بجوارها.

وتمضي الأيام..ليتم تكريم الشهيد اللواء مهندس أحمد حمدي تكريما يرتبط بدوره في العبور وفي اقامة كباري العبور والتي أسهمت في تحقيق العبور من الضفة الغربية لقناة الويس الى الضفة الشرقية في سيناء هذه الكباري التي استمرت فترة طويلة حتى مابعد الحرب وسيلة العبور الدائم والمرور بين الوادي وسيناء وحتى ماقبل البدء في تطهير قناة السويس حيث حققت هذه الكباري التواصل بين القوات المصرية وبين المصريين شرق وغرب القناة حتى بدأ التفكير في ضرورة استمرار التواصل بين الوادي وسيناء حتى تنتهي عزلة سيناء الى الأبد.

وكان التفكير يتجه الى اعادة كوبري الفردان للعمل بأقصى سرعة ولكن الرئيس السادات اتجه تفكيره الى حفر نفق تحت قناة السويس ليكون وسيلة العبور الدائم بين سيناء والوادي وبدأت الدراسات لانشاء النفق الذي سمى في البداية (نفق الشط)خلال فترة الاعداد والدراسات لاقامته بمنطقة الشط شمال مدينة السويس ورأى السادات أن يطلق اسم الشهيد أحمد حمدي على النفق ليصبح اسمه(نفق الشهيد أحمد حمدي)وبدأ حفر النفق الاستكشافي على عمق 43 مترا في منتصف يونيو 1977 عقب افتتاح قناة السويس بنحو عامين.

ومنذ أطلق اسم الشهيد أحمد حمدي على النفق الذي أصبح رمزا للعبور الدائم بين الوادي وسيناء ارتبط اسم الشهيد بالعبور عن طريق كباري العبور خلال حرب أكتوبر1973 فوق مياه القناة والعبور عن طريق النفق بعد انتصارات أكتوبر تحت المياه مياه قناة السويس.

وأصبح النفق نفق الشهيد أحمد حمدي رمزا للعبور وبعدها أعيد انشاء كوبري الفردان ثم انشاء كوبري مبارك لمرور السكك الحديدية ليفتح الطريق لعبور قطار العريش الى سيناء واعادة الخط الحديدي الذي نسفته اسرائيل لتستخدم قطبانه في انشاء خط بارليف الذي استولت عليه القوات المصرية التي عبرت الى الشرق على الكباري التي شارك في اقامتها الشهيد أحمد حمدي.

 

وحرص الرئيس السادات على متابعة العمل في نفق الشهيد أحمد حمدي وقام بافتتاحه في أول مايو1980 بعد استشهاد اللواء أحمد حمدي بنحو 7 سنوات وفي لمسة أبوية حانية يقرر الرئيس محمد أنور السادات رئيس الجمهورية دعوة أسرة الشهيد البطل أحمد حمدي لحضور حفل الافتتاح وحضرت زوجة الشهيد أحمد حمدي السيدة تفيدة الأيوبي وابنة الشهيد الكبرى أمنية أحمد حمدي حفل الافتتاح بين كبار رجال الدولة.

وأصر الرئيس السادات أن يقف بين زوجة الشهيد السيدة تفيدة الأيوبي التي وقفت على يمينه وابنة الشهيد الكبرى أمنية على يساره لتشاركا الرئيس السادات ومصر كلها هذه اللحظة والرئيس يضغط على (زر) تشغيل الحفار ليقوم بفتح الجزء الأخير من النفق ليتم توصيل الضفة الغربية للقناة بالضفة الشرقية وتوصيل الوادي بسيناء وليصبح نفق الشهيد أحمد حمدي همزة الوصل بين سيناء والوادي لتنتهي عزلتها الى الأبد ان شاء الله وهو ماتحرص عليه مصر دائما..

ويبقي تكريم مصر للشهيد أحمد حمدي مرتبطا بالعبور وبالنفق الذي يحمل اسمه وتحرص مصر على النفق وتعهد بادارته الى هيئة قناة السويس كمرفق من مرافقها حيث تهتم الهيئة بربط سيناء بالوادي وتخصص العديد من العبارات للتنقل بين الوادي وسيناء وبين سيناء والوادي وليبقي العبور تجسيدا لملحمة كباري العبور وتحية لشهداء العبور..أبدا ..ودائما..باذن الله.

 

 

المصدر

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech