Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

مختارات من كتاب حرب الايام السته – بقلم الكاتب الفرنسي بيير رازو

 

حـرب الأيام الستة
بقلم الكاتب الفرنسي بيير رازو


أربع دوائر لعملية تصفية سلاح الطيران المصري
يجد القارئ نفسه هنا على موعد مع أهم ملامح حرب يونيو 1967، وهي المتعلقة بالضربة التي وجهتها إسرائيل بهدف إنهاء دور الطيران العربي في الحرب، حيث نتبين سريعاً أن هذه الضربة تم التخطيط لها في واقع الأمر منذ أوائل الستينات، وأنها استمدت إلهامها من العمليات المناظرة
التي جرت خلال الحرب العالمية الثانية والعدوان الثلاثي على مصر، ورغم دخان الحرب وضبابها فإنه تتبدى لنا بطولات الطيارين العرب، رغم الظروف الموضوعية المستحيلة التي وجدوا أنفسهم فيها.

كان الإستراتيجيون الإسرائيليون، وعلى رأسهم مردخاي هود، قد خططوا للقيام بهجوم جوي واسع يرمي إلى إنهاء الطيران العربي الأقوى «نظريا» مما تمتلكه القوات الجوية الإسرائيلية. وكان قد جرى تدريب الطيارين الإسرائيليين على تلك الخطط بكل تفاصيلها لفترة طويلة من الزمن قبل
الخامس من يونيو 1967،

وإذا كان الإسرائيليون قد نجحوا في تنفيذ خططهم، فإن مؤلف هذا الكتاب يؤكد قوله: «أظهر الطيارون العرب من جهتهم شجاعة وتصميما كبيرا، إذ حاولوا أن يزيلوا بالاعتماد على صفاتهم الشخصية أشكال الفاقة التي أوجدتها مؤسسة ثقيلة ومصابة بالتصلب غالبا».

بدأت الملامح الأولى لفرضية القيام بهجوم جوي إسرائيلي يستهدف أولا بأول الطيران المصري ترتسم منذ مطلع سنوات الستينات. ذلك أن هذا الطيران بقاذفاته الثقيلة وطائراته المطاردة الحديثة كان يشكل في الواقع التهديد الأكبر بالنسبة للدولة العبرية. ومنذ البداية أيضا لم يكن مرتقبا القيام بهجوم على الطيران السوري والعراقي إلا في مرحلة ثانية، أي بعد أن يكون قد جرى إخراج الطيران
المصري من المعركة.

من الواضح أن الإستراتيجيين العسكريين الإسرائيليين قد استلهموا في عمليتهم الجوية من الهجومات الكبرى التي شهدتها الحرب العالمية الثانية. ثم كانت هناك العمليات التي جرت أثناء حرب السويس 1956 عندما قامت القوات الجوية الفرنسية والبريطانية بهجوم جوي كبير استهدف
إنهاء دور الطيران المصري،

وهذا ما تمّ التوصل إليه عمليا خلال ثلاثة أيام. ويشير المؤلف إلى أنه منذ حملة السويس انكبّ العديد من المتدربين الإسرائيليين على الدراسة في المدارس العسكرية ولدى قيادات الأركان في فرنسا وإنجلترا لاستخلاص أقصى كمية ممكنة من دروس حملة السويس.

ويشير المؤلف إلى أن الإستراتيجيين العسكريين الإسرائيليين قد حددوا أربع دوائر لعمليتهم انطلاقا من إسرائيل باتجاه مصر. شملت الدائرة الأولى القواعد الجوية المصرية الموجودة في شبه جزيرة سيناء وضمّت الثانية القواعد الموجودة في منطقة قناة السويس والثالثة خصّت منطقة الدلتا وشكّلت منطقة مصر العليا موضوع الدائرة الرابعة.

كان مفترضا أن يتم الهجوم على كل قاعدة جوية مصرية بواسطة أربع طائرات بفوارق زمنية منتظمة بحيث يبقى الضغط على أكبر مستوى على الطيران المصري. وجرى تصميم الخطة
بحيث تقوم الطائرات الإسرائيلية أولا بضرب المدارج لمنع إقلاع الطائرات المصرية ثم محاولة تدمير أكبر عدد ممكن من طائرات الميج-21، باعتبارها الطائرة المعترضة الوحيدة التي يمكن أن تنافس طائرة ميراج-3 الإسرائيلية. وقد استثني من تلك الخطة مطار العريش من أجل إمكانية استخدامه من قبل الطائرات الإسرائيلية نفسها بعد السيطرة على مدرّجه. بل كان الإسرائيليون قد أقاموا مطارا على
شاكلة المطارات المصرية في صحراء النقب «من أجل التدرب على الشروط الأكثر واقعية ممكنة».

ملامح الخطة

كانت الضربة الإسرائيلية الجوية الأولى مدروسة بأدق التفاصيل، ثم جرت الضربات التالية بناء على درجة التدمير الذي حققته الأولى. هكذا جرى تكليف طائرات «الميراج» و«فوتور» ذات المدى الأكبر بضرب الأهداف المصرية الأكثر بعدا. وكان الإسرائيليون قد زجّوا بجميع طائراتهم تقريبا في الضربة الأولى، وكانت القيادات العسكرية الإسرائيلية تتوقع إمكانية أن تصل خسائرها فيها إلى حوالي 30 بالمئة.

كانت قيادة سلاح الطيران الإسرائيلي قد أكثرت خلال الأسابيع التي سبقت اندلاع الحرب من مهمات الاستطلاع على ارتفاع منخفض فوق سيناء ومنطقة دلتا النيل من أجل اختبار ردود أفعال السلاح المصري المضاد للطيران. وقد سمحت تلك المهمات للإسرائيليين بتحديد مناطق التحليق الأقل
اكتظاظا بالسكان والمحاور الأكثر أمانا، مما كان يعني التقليل من خطر الكشف من قبل أجهزة الرادار.

وكان العديد من المهمات يرمي إلى إقناع المصريين بأنه في حالة الهجوم سيقوم الإسرائيليون به عبر البحر الأحمر، بينما كانوا قد خططوا في الواقع للقيام به عبر المتوسط.

وأخيرا، سمحت تلك المهمات الاستطلاعية للإسرائيليين بتحديد مواقع انتشار الوحدات المصرية والمواقع التي سيستهدفونها في المطارات المصرية.

جرت حسابات دقيقة ساعة إقلاع الطائرات الإسرائيلية المشاركة في الضربة الأولى عند الساعة الثامنة و45 دقيقة من صباح الخامس من يونيو. وكانت تلك الساعة هي التي تسمح بأفضل مجال للرؤية بالنسبة للطيارين فقبلها قد يكون هناك بعض الغبار وبعدها تكون انعكاسات أشعة الشمس قوية جدا.

ثم إن اختيار مثل هذه الساعة، غير المعتادة بالنسبة لهجوم مباغت، عاد إلى أن الطائرات المصرية تكون قد حطّت بعد أول دورية لها في النهار، وبالتالي تكون مسمّرة في الأرض من أجل الرقابة التقنية وإعادة تزويدها بالوقود.

وتتناظر الساعة المختارة مع ساعة افتتاح المكاتب، وهي ساعة الازدحام الكبير في القاهرة والذي لا بد أن يعيق ضباط القيادة المتوجهين إلى مقرّات عملهم. وبالتالي لن يكون بإمكانهم التحرك بسرعة.

تركز الهجوم الجوي الإسرائيلي على القواعد الجوية ثم منشآت الرادار المصرية ومواقع الصواريخ أرض ـ جو ثم منشآت الاتصال التابعة للقيادات. وكانت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قد جمعت معلومات عن الهوية الدقيقة للعديد من الطيارين المصريين بحيث إنه يوم اندلاع الحرب قامت أجهزة الدعاية الإسرائيلية ببث رسائل لهم على تردد الموجة المعتادة للعمل، وزودتهم بمعلومات خاطئة، وثبطت من عزيمتهم، وحاولت إقناعهم أنه لا جدوى من المقاومة.

بل ويشير مؤلف هذا الكتاب إلى أن طيارا مصريا تلقى الأوامر المضللة بقطع مهمته وإلقاء قنابله في البحر الأبيض المتوسط. وكان الإسرائيليون قد حصلوا بعملية استخباراتية على طائرة ميج-21، أي رأس حربة الطيران العربي، بواسطة طيار عراقي فرّ بها إلى إسرائيل بتاريخ 16 أغسطس 1966، أي قبل عدة أشهر من اندلاع حرب 1967.

في فجر الخامس من يونيو 1967 قامت عدة أسراب من الطائرات المصرية بدورياتها المعتادة بالقرب من الحدود، كما كانت تفعل كل يوم منذ بداية الأزمة العسكرية والدبلوماسية مع إسرائيل. كان الوضع متوترا جدا وكانت السلطات العسكرية المصرية تأخذ إجراءات وقائية ضد أي تحرش جوي إسرائيلي، إذ من المعروف أن الهجومات الجوية تقوم غالبا عند الفجر.

وعندما حطّ الطيارون المصريون بطائراتهم عند ساعة الإفطار، لم يكن يخطر لهم أبدا أن أحداثا ستجري في الدقائق التالية ستحطم قوتهم الجوية المهمة. ولم تتم أبدا ملاحظة أي نشاط جوي خاص من قبل الإسرائيليين.

وبعد الساعة الثامنة من صباح يوم 5 يونيو شاءت الصدف أن تنطلق ثلاث طائرات نقل على متن الأولى وزير الحربية المصري ورئيس الأركان وعدد من كبار الضباط؛ وكانت الطائرتان الأخريان تقلاّن نائب الرئيس المصري ورئيس الوزراء العراقي برفقة عدد من الصحافيين. وكان من المفروض أن يقوم هؤلاء المسؤولون الكبار بزيارة تفتيشية في منطقة قناة السويس.

ولذلك كانت وسائل الدفاع الجوي المصرية قد تلقّت الأوامر بعد إطلاق النيران بين الساعة الثامنة والساعة التاسعة صباحا خشية إصابة إحدى تلك الطائرات الثلاث عن طريق الخطأ. وعندما حطّت تلك في مطار فايد، كانت الطائرات الإسرائيلية بدأت قصفها للقواعد والمطارات المصرية.

بداية الهجوم الجوي

مع اللحظات الأولى من صبيحة 5 يونيو 1967، تعاقبت عدة تشكيلات مؤلفة من أربع طائرات بالانطلاق لضرب أهداف مصرية، كان قد جرى تحديدها بدقة سابقا. وكان الطيارون الإسرائيليون قد تلقوا أوامر بعدم تعطيل إمكانية الإقلاع، وإذا صادف أية صعوبات في الإقلاع فعليه أن يفعل
كل ما يكفل عدم إعاقة إقلاع الطيارين الآخرين.

وكانت الأوامر هي أن تطير الطائرات الإسرائيلية المتجهة نحو أهدافها على ارتفاع منخفض جدا قد يقل أحيانا عن 15 مترا فوق سطح الأرض. كان الإسرائيليون يخشون كثيرا أن تكشفهم الرادارات السوفييتية الموجودة في البحر الأبيض المتوسط، إذ كان على الطائرات المكلفة بالضربة الأولى أن
تطير فوق المتوسط قبل أن تغير وجهتها جنوبا كي تفاجئ المصريين، الذين لم يكونوا ينتظرون أبدا أن يأتي الإسرائيليون من هذه الوجهة.

عند الساعة الثامنة و50 دقيقة من صباح 5 يونيو 1967 كانت أول طائرة إسرائيلية مهاجمة فوق هدفها، أي المطار الدولي غرب القاهرة الذي كان يضم عددا من الطائرات المقاتلة المعترضة والقاذفات الثقيلة من طراز تي يو-16 التابعة للكتيبة الجوية المصرية الخامسة والستين.

كانت تلك القاذفات بمثابة التهديد الأكثر أهمية على إسرائيل وقد قامت ثلاث تشكيلات من السرب المهاجم بضرب أهدافها بفارق 15 دقيقة بين كل ضربة والتي تليها. كان الهدف الأول هو مدارج إقلاع الطائرات التي قصفها الإسرائيليون بقنابل زنتها 500 كيلوغرام وبقذائف خاصة معدة للمدرجات ثم قصفوا الطائرات الجاثمة ودمّروا منها في الضربة الأولى 13 طائرة من طراز تي يو-16 وثلاث طائرات ميج-21 وطائرة اليوشن-28.

وهاجمت الطائرات الإسرائيلية أيضا في الضربة الأولى مطار بني سويف حيث كانت توجد كذلك طائرات تي. يو-16 ومطار بير تمادة حيث كانت توجد طائرات ميج-17 وطائرات سوخوي-7
التابعة للسرب 55 من الكتيبة الأولى، والتي كانت الوحدة الوحيدة التي تملك مثل تلك الطائرات الجديدة. وقد تمّ تدمير جميع تلك الطائرات حيث كانت على الأرض، بينما لم يخسر الإسرائيليون أية طائرة.

وتعرّضت أيضا جميع القواعد والمطارات المصرية، وخاصة القريبة من القاهرة وفي دلتا النيل للضرب وجرى تدمير 13 طائرة ميج-21 في قاعدة انشاص الجوية وحدها، وسبع طائرات من الطراز نفسه في قاعدة كبريت و17 طائرة ميج مطار فايد.

وينقل المؤلف في هذا السياق عن المقدّم المصري سمير عزيز ميخائيل قوله: «كنّا قد عدنا للتو من دوريتنا النهارية الأولى. وكنت أغتسل عندما سمعت أصوات الانفجارات. ولم أكن أستطيع تصور إن الإسرائيليين يهاجموننا.

عندما خرجنا رأينا طائرات الاستطلاع الأربع تحترق، بينما كانت طائرة مهاجمة إسرائيلية تتابع الهجوم عليها. ارتدينا بسرعة زي الطيران ووضعنا خوذنا على رؤوسنا ثم حاولنا الانطلاق إلى حيث توجد طائرات أخرى في الطرف الآخر للمدرج، لكن قبل أن نصل إليها كان الإسرائيليون قد دمروها أيضا.

فاتجهنا بسرعة صوب طائرة ميج-15 ذات مقعدين للتدريب ومزودة بمدفع، لكن محركها لم يدر. رأيت عندها طائرة ميستير تنقض نحونا على ارتفاع منخفض. فأخرجت مسدسي من نوع بريتا 9 مللميتر وأفرغت ما فيه صوبها، من دون نتيجة.

أمرنا رؤساؤنا عند ذلك باللجوء إلى القرية المجاورة».

وعلى الرغم من قسوة الضربة الأولى وما ألحقته من خسائر فادحة، دخلت وسائل الدفاع الجوي المصرية في المعركة بسرعة، وأسقطت عدة طائرات إسرائيلية وسقط عدد من الطيارين الإسرائيليين بين قتيل وأسير. وأظهر بعض الطيارين المصريين شجاعة كبيرة، هكذا استطاعت طائرات ميج-21 تابعة لدورية الإقلاع أثناء المعارك من مطار ابوصوير واشتبكت بمعركة جوية مع طائرات ميستير الإسرائيلية.

وينقل المؤلف عن المقدّم عواد حمدي رئيس الدورية المصرية قوله: «عندما أصبحت في الجو رأيت أربع طائرات إسرائيلية تترك تشكيلها من أجل الانتقال إلى الهجوم. سددت على إحداها وقلت لنفسي إنني لن أخطئها. لكن طيارا آخر من دوريتي أطلق قبلي صاروخ اتول عليها، ولكن بما أننا كنا
نطير على ارتفاع منخفض ارتطم الصاروخ بالأرض.

ولم تكن طائرة الميج-21 التي أقودها مزودة بمدافع وإنما فقط بصاروخين جو-جو فقمت بالتسديد من جديد وأطلقت صاروخ اتول انفجر بالقرب من طائرة الميستير الإسرائيلية. وعندما كنت أستعد لإطلاق الصاروخ الثاني تركت الطائرات الإسرائيلية ساحة المعركة وعادت باتجاه قاعدتها».

الموجة الثانية

أثارت الموجة الأولى من الضربات الجوية الإسرائيلية حالة من الهلع والتشوش لدى مسؤولي القوات الجوية المصرية فيما ينبغي عمله. فهل كان ينبغي تنظيم عملية الرد بما بقي من إمكانيات أم كان من الأفضل محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتوزيع الطائرات المصرية السليمة على مواقع ثانوية أو على مطارات مصر العليا كما حدث في شهر نوفمبر من عام 1956 أثناء الهجوم الثلاثي على السويس؟

لكن لم يكن هناك الكثير من الوقت لطرح العديد من الأسئلة إذ أن الإسرائيليين أطلقوا موجة ثانية من الضربات الجوية وقصفوا مطار القاهرة الدولي ثم القواعد الجوية في بلبيس وحلوان والمنيا ومطار غرب القاهرة من جديد. هنا أيضا أبدى الطيارون المصريون شجاعة كبيرة.

وينقل المؤلف عن الطيّار نبيل شكري الذي أسقط بطائرته الميج-21 طائرة ميراج إسرائيلية قوله: «كان قد جرى تدمير أغلبية طائراتنا المعترضة منذ سلسلة الضربات الأولى.

واستطعنا مع ذلك الاحتفاظ ببعض طائرات الميج-21. لقد أقلعنا عند الساعة الحادية عشرة صباحا من قاعدتنا في انشاص من مدرج يبلغ طوله 900 متر فقط. كنت متأكدا أن ذلك كان طوله إذ كنت قد قمت أنا نفسي بقياسه في السيارة قبل عدة دقائق من الإقلاع».

«وعندما وصلنا إلى ارتفاع 5000 متر أخبرنا المراقبون الأرضيون بأن الإسرائيليين يهاجمون قاعدتنا فاتجهنا نحو انشاص. وقد شاهدت طائرتي ميراج تتقاطعان معنا من جهة اليسار وقد كنّا قريبين من بعضنا إلى درجة أنني لمحت طرف خوذة الطيار الإسرائيلي. قمت بالمناورة مباشرة كي أضع طائرته أمام طائرتي. وكنت قريبا جدا إلى درجة أنني لم أستطع استخدام الصواريخ، وطائرة الميج-21 ليست مزودة للأسف بمدافع.

حاولت طائرات الميراج الإسرائيلية المناورة على المستوى الأفقي من دون نجاح ثم على المستوى الشاقولي مما أعطاني فرصة. كانت طائرتنا الميج-21 تمتلك محركا أقوى من طائرة العدو مما أعطانا ميزة حقيقية في الطيران الشاقولي. وهكذا استطعت أن أضع طائرتي بسرعة خلف الطائرة
الإسرائيلية وبمسافة تسمح بالرمي.

أطلقت صاروخاً تول الأول الذي انفجر بالقرب من الطائرة المعادية وانبثق منها دخان أسود كثيف. اقتربت أكثر ثم أطلقت الصاروخ الثاني. فانفجرت طائرة الميراج بينما استطاع قائدها أن يقذف نفسه بالمظلة». كان اسم طيارها الكابتن نيومان، وعندما وصل إلى الأرض أجهز عليه الأهالي المحليون.

بعد موجتين من الضربات الجوية في الفترة الصباحية من 5 يونيو 1967، بدأت موجة ثالثة ثم رابعة منذ مطلع بعد ظهر ذلك اليوم نفسه وحتى حلول الظلام، ولكن بإيقاع أقل من الصباح. وكانت القواعد الجوية والمطارات المصرية هي المستهدفة أيضا

ولكن هوجمت أيضا، القوى الجوية العربية الأخرى، وخاصة قواعد عمّان في الأردن و«ت-4» في سوريا. كما قصفت الطائرات الإسرائيلية محطة رادار جبل عجلون في الأردن.

كما هوجمت قواعد أخرى من بينها مطار الضمير والمزّة العسكريين السوريين.

وفي ليلة 5 إلى 6 يونيو 1967 قام المصريون بجهود هائلة بعد يوم من الغارات المتواصلة. وقد تركّزت جهودهم على إعادة ترميم مدارج المطارات المدمرة. وقد فقد العشرات منهم حياتهم ذلك أن القنابل التي استخدمها الإسرائيليون كانت مزودة بجهاز لتفجيرها بوقت لاحق مما أدّى إلى انفجارات خلال الليل حيث كانت فرق الترميم تقوم بعملها.

المحصلة

في محصلة اليوم الأول لحرب 5 يونيو كانت الخسائر من الجانبين، كما يقدمها مؤلف هذا الكتاب، بالنسبة للطيران هي خسارة 272 طائرة مقاتلة عربية وهي على الأرض، من بينها 122 طائرة ميج-21 و86 طائرة ميج-17 و21 هنتر و12 ميج-19 و12 سوخوي-7 و2 فامبير.

وكان عدد الطائرة القاذفة المدمّرة هو 59 قاذفة عربية من بينها 30 من طراز تو-16 و29 من طراز اليوشن-28. هذا بالإضافة إلى 35 طائرة نقل و19 طائرة عمودية (هيلوكبتر).

أما أثناء المعارك فقد خسر العرب 29 طائرة مقاتلة من بينها 12 طائرة ميراج-21 و7 ميج-17 و7 هنتر و3 ميج-19 وطائرة قاذفة اليوشن-28 وطائرتي نقل.

أما على الجانب الإسرائيلي فقد كانت الخسائر هي إسقاط 5 طائرات ميراج-3 و5 طائرات ميستير-4 و5 طائرات أوراغان و4 طائرات اس.ام.بي-2 و3 طائرات فوتور و3 طائرات ماجستر، أي ما مجموعه 25 طائرة. هذا بالإضافة إلى إصابات كبيرة لحقت ب4 طائرات ميراج-3 وأربع طائرات ميستير 4 و3 طائرات أوراغان وطائرتين اس.ام.بي-2 وطائرتين من طراز فوتور واثنتين ماجستر.

وما يؤكده مؤلف هذا الكتاب هو أنه على الرغم من التفوق الجوي الكبير للإسرائيليين أثبت العشرات من الطيارين العرب كفاءة وجسارة عاليتين ولم يترددوا في التحليق فوق أرض المعركة بحثا عن أهداف معادية.

وفي فجر يوم 6 يونيو رصدت القوات المصرية موقعا متقدما لقيادة الجنرال الإسرائيلي جافيتش، قائد الجبهة الجنوبية، فأرسلت أربع طائرات ميج-17 لقصفه وجرى تدميره بعد أن كان الإسرائيليون قد خرجوا منه في اللحظة الأخيرة.

وفي صبيحة ذلك اليوم استطاعت قاذفتان عراقيتان من طراز تو-16 التغلغل داخل المجال الجوي الإسرائيلي وقصف منطقة ناتانيا ثم قصف قاعدة رامات دافيد. وفعلت طائرتا سوخوي-7 مصريتان نفس الشيء وقصفتا مواقع إسرائيلية. وتتم الإشارة في هذا الإطار إلى الشجاعة والمهارة اللتين أظهرهما الطيار المصري فتحي سليم في سماء سيناء.



ووصلت في اليوم نفسه ست طائرات ميج-21 جزائرية إلى قاعدة العريش المصرية. لكن أغلبية هذه الطائرات استحوذ عليها الإسرائيليون سليمة إذ كانوا قد استولوا على ذلك المطار قبل فترة وجيزة. وفي صبيحة 7 يونيو قام تشكيل إسرائيلي من 4 طائرات «فوتور» قاذفة ترافقها 4 طائرات ميراج-3
مقاتلة بهجوم على قاعدة «ه-3» العراقية.

كان ذلك هو الهجوم الجوي الثالث على تلك القاعدة. رصدت القوات العراقية الطائرات المهاجمة وأسقطوا طائرة ميراج وطائرتين فوتور وأسرت أحد الطيارين بينما قُتل طياران إسرائيليان آخران. وينقل المؤلف عن طيار إحدى طائرات الميراج الإسرائيلية «جدعون درور» شهادته عن تلك العملية
الفاشلة

وجاء فيها: «لقد خسرنا في الواقع امتيازنا، وعند اقترابنا من الهدف ارتفعنا بطائراتنا أكثر وأيقظنا بذلك كل رادارات المنطقة.هكذا فقدنا عنصر المفاجأة. لقد كانوا بانتظارنا وفتحت وسائل الدفاع الجوي النار علينا؛ كما كانت هناك طائرات مقاتلة في الجو (…). لقد أصيبت طائرتي وقذفت نفسي بالمظلة لتتحطم بعد أربع ثواني عند اصطدامها بالأرض».

قبل سكوت المدافع

خلال الأيام الثلاثة الأخيرة قامت الطائرات الإسرائيلية بتكثيف هجماتها ضد القوات المصرية لمتراجعة في شبه جزيرة سيناء. وركزت تلك الهجومات على ممري الجدي ومتلا، أي نقطتي المرور الرئيستين للوصول إلى مشارف قناة السويس. كانت الصور التي تم توزيعها لهياكل العربات
المحترقة رهيبة.

ورغم كل شيء قام الطيران المصري في تلك الليلة بأربعين مهمة ضد القوات الإسرائيلية التي كانت تتقدم. وينقل المؤلف عن العقيد تحسين زكي الذي شارك في إحدى تلك المهمات قوله: «عندما كنت أحضّر مهمتي أخبرني رئيسي بالهاتف أن جميع القوات المصرية قد أصبحت موجودة غرب ممر
متلا وأن الوحدات شرقه هي إذن إسرائيلية. أقلعت عند الفجر بطائرتي الميج-21 مع طيار آخر باتجاه مضيق المتلا.

وهناك لاحظنا أنه لا تزال توجد قوات مصرية شرقه كانت مهددة أيضا من قبل رتل من دبابات السنتوريون الإسرائيلية فأفرغنا عليها كل صواريخنا جو-أرض من عيار 57 ملمترا، بدا أن بعضها قد أصابت الهدف ولكن لم تتحطم أية دبابة إسرائيلية مما وضّح بجلاء ضعف فعالية الذخائر التي زودنا السوفييت بها».

في يوم 9 يونيو 1967 كان ثقل المعارك قد انتقل إلى الجبهة الشمالية حيث أراد الإسرائيليون تحطيم معنويات القوات السورية المتمركزة في أعالي هضبة الجولان.

في الوقت نفسه كان النشاط الجوي للقوات العربية قد تضاءل كثيرا وأصبح من النادر وجود طائرة مقاتلة سورية أو عراقية في أجواء المعركة. لكن وسائل الدفاع الجوي السورية نجحت يومذاك في إسقاط طائرة ميراج إسرائيلية، قذف قائدها بالمظلة واسترجعه الإسرائيليون بواسطة طائرة هيلوكبتر.

لقد تابعت الطائرات الإسرائيلية قصفها للقوات السورية، خاصة في هضبة الجولان، ويوم 10 يونيو، اليوم الأخير من العمليات، دعم الطيران الإسرائيلي أيضا تقدم القوات الإسرائيلية وبقي موجوداً باستمرار في الأجواء. وفي ذلك اليوم أسقطت المدفعية السورية طائرة «أوراغان» إسرائيلية، قبل أن تتوقف المعارك.

———————–

تأليف: بيير رازو

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech