Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

دور فرنسا التاريخي في النشاط النووي لإسرائيل


د. زكريا أحمد سعد

 

- البرنامج النووي الإسرائيلي بدأ بعد عام واحد من قيام الدولة.
- قرار بن جوريون ببناء مفاعل ديمونة كان نقطة التحول في برنامج إسرائيل النووي .
- فرنسا .. وليست الولايات المتحدة .. الطرف الرئيس في تخطي إسرائيل للعتبة النووية.
إذا كانت القوي الاستعمارية - بريطانيا ومن بعدها الولايات المتحدة الأمريكية - قد لعبت دورا كبيرا في زرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي , وخلق ما يسمي بالقضية الفلسطينية منذ بداية القرن العشرين الميلادي , فقد كانت هناك قوي استعمارية أخري ساهمت في تدعيم وتقوية العدو الصهيوني.
وتأتي فرنسا في مقدمة هذه القوي الاستعمارية, فمنذ قيام دولة إسرائيل بدأت حكومة فرنسا في تقديم المساعدات العسكرية لها, وكانت هذه المساعدات تقتصر في البداية علي الأسلحة الخفيفة, ولكن لم يلبث أن ازداد اعتماد إسرائيل علي فرنسا في تسليحها اعتمادا كاملا , هذا إلي جانب أن مساعدات فرنسا لإسرائيل في النشاط النووي كانت من أهم عوامل إنشاء وتكوين القوة النووية الإسرائيلية.

وبداية يجب أن نذكر أن التفوق هو هدف الاستراتيجية الإسرائيلية في مواجهة الكثرة العربية التي تحيط بإسرائيل, فهي إذا لم تتمكن من إحراز تفوق نوعي في ميدان القوة العسكرية فإن الغالبية العربية قادرة علي إلحاق الهزيمة بها, ولذلك حرصت القيادة الصهيونية منذ إنشاء إسرائيل علي تحقيق أي نوع من التفوق الإسرائيلي في مجال السلاح والتسليح , وكان اتجاهها إلي العلم والمبادرة بخلق قاعدة علمية متقدمة تستند إليها صناعة حربية هو أولي خطوات الدولة اليهودية الجديدة , وكان حرص القيادة الإسرائيلية علي تطوير قدرتها العلمية إلي درجة تتيح لها إنتاج السلاح النووي الإسرائيلي المستقل هو أحد أهدافها الأساسية منذ البداية.
ومن هذا المنطلق بدأت إسرائيل بالفعل اهتماماتها بالطاقة النووية منذ تاريخ إنشاء الدولة في عام 1948, حيث حظي النشاط النووي الإسرائيلي في تلك الفترة باهتمام كبير من جانب الدكتور حاييم وايزمان - أول رئيس لدولة إسرائيل - والذي كان علي علاقة قوية وباتصال مستمر بالعلماء المتخصصين في الذرة منذ الحرب العالمية الثانية, إذ كان يؤمن بوجود علاقة وطيدة بين التقدم العلمي وتحقيق أهداف إسرائيل كما كان ديفيد بن جوريون رئيس الوزراء الإسرائيلي مقتنعا أشد الاقتناع بضرورة سعي إسرائيل إلي امتلاك سلاح نووي.
ويضاف إلي ذلك أنه كان من بين اللاجئين الذين تدفقوا علي فلسطين قبيل الحرب العالمية الثانية وفي أثنائها وبعدها كثير من علماء الفيزياء البارزين من الجامعات ومعامل الأبحاث في برلين وبراغ ووارسو وبوخارست في مختلف فروع الطبيعة الحديثة, ولذلك فلا عجب أنه في خلال عام واحد من قيام دولة إسرائيل تم وضع أساس أول برنامج نووي , حيث أوفدت إسرائيل مجموعة من العلماء النوويين إلي الخارج للتدريب والبحث تحت إشراف وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وفي عام 1949 أنشأ معهد وايزمان للعلوم في تل أبيب قسما لأبحاث النظائر المشعة, ولكن كانت إسرائيل في حاجة إلي معونة دولة ذات قاعدة صناعية ضخمة لتزويدها بالمعدات والأدوات اللازمة للمفاعلات , وقد ذكر البروفسور إرنست برجمان أن إسرائيل لم يكن في استطاعتها تطوير برنامجها النووي بمفردها, وإنما كانت في حاجة إلي التعاون مع بلد مستواه التكنولوجي مرتفع, وفي عام 1949 أيضا قرر ابن جوريون أن يطلب من فرنسا العون, خصوصا وأن عددا كبيرا من علماء الذرة الفرنسيين في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية كانوا من اليهود.
وفي عام 1952 أنشأت حكومة ابن جوريون لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية برئاسة البروفسور إرنست برجمان, ومنذ البداية كانت لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية تعمل بتعاون وثيق مع نظيرتها الفرنسية, وبدأ التعاون الفني بتوقيع اتفاقيتين بينهما في عام 1953 من أجل تبادل المعلومات حول طريقة استخراج اليورانيوم من خامات الفوسفات في البحر الميت , وإنتاج الماء الثقيل الذي يستخدم في تبريد المفاعل النووي .
وكان معهد وايزمان قد توصل إلي طريقة رخيصة لإنتاج الماء الثقيل , كما سمح لعلماء إسرائيل بدخول معهد العلوم والتكنولوجيا النووية بفرنسا, وكذلك دخول مفاعل ماركول الفرنسي.
إلا أن هذه الاتفاقات بين فرنسا وإسرائيل في الأبحاث النووية لم تكن معروفة لدي الرأي العام الإسرائيلي حتي أواخر عام 1954, حينما أعلن أبا إيبان - مندوب إسرائيل لدي الأمم المتحدة - في 14 ديسمبر 1954 أن إسرائيل فتحت فتحا جديدا في أبحاث الطاقة النووية باكتشافها أرخص الطرق لإنتاج الماء الثقيل اللازم لأبحاث الطاقة النووية, ثم أضاف قائلا : إن إسرائيل باعت اكتشافين نوويين إلي فرنساالتي بدأت في استغلالهما بالتعاون مع إسرائيل.
وما كادت هذه الأنباء تصل إلي أنحاء العالم حتي خرج اليهود عن صمتهم, وأعلنوا أن اكتشاف الماء الثقيل قد تم علي يد الدكتور دوسترويسكي - أحد علماء معهد وايزمان - وهو كيميائي لا يزيد عمره عن 35 عاما, وأن الدولتين الغربيتين القادرتين علي إنتاج الماء الثقيل هما الولايات المتحدة الأمريكية والنرويج , ولكن بتكاليف باهظة, إلا أن الاكتشاف الإسرائيلي جعل في الإمكان إنتاج الماء الثقيل بتكاليف قليلة.
وعلي أي الأحوال فقد كان قرار بن جوريون ببناء مفاعل نووي في ديمونة في صحراء النقب , وقبول معونة فرنسا في هذا السبيل نقطة تحول هامة في برنامج إسرائيل النووي , رغم أنه لم يكن أول مفاعل نووي إسرائيلي, ذلك أنه بعد إنشاء لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية في عام 1952 وافقت الولايات المتحدة الأمريكية علي مساعدة إسرائيل في بناء مفاعل نووي صغير قوته خمسة آلاف كيلو وات في غال رزيق بالقرب من ساحل البحر المتوسط, ولكن صغر حجم هذا المفاعل كان لا يسمح بإنتاج كميات ذات شأن من البلوتونيوم, بحيث تفيد في النواحي العسكرية, ولكن مفاعل ديمونة كان شيئا مختلفا, ففي خلال عام 1957 وقعت إسرائيل مع القطاع الصناعي الخاص في فرنسا, وبموافقة الحكومة الفرنسية اتفاقية سرية لإقامة مفاعل قوته 24 ألف كيلو وات في ديمونة باستخدام اليورانيوم الطبيعي كوقود, ويتم التبريد بالماء الثقيل.
والجدير بالذكر أن إسرائيل قد أحاطت أعمالها بجدار من السرية والكتمان حتي عن الولايات المتحدة الأمريكية , وأعلنت في مختلف الأوساط أنها شرعت ببناء مصنع كبير للنسيج ولكن الحقيقة كانت بخلاف ذلك , إذ كان مصنع النسيج مدينة صغيرة في وسط صحراء رملية صخرية هي المدينة النووية في ديمونة.
وبدأ العمل في مفاعل ديمونة عام 1960 وانتهي العمل به وبدأ تشغيله في أواخر عام 1963, وبلغ طاقته الكاملة عام 1965, وتكلف إنشاؤه حوالي 130 مليون دولار.
وكان حجم هذا المشروع دليلا واضحا علي أن إسرائيل بمعونة فرنسا قد قررت أن تتخذ الخطوات الأولي نحو تنفيذ برنامج للأسلحة النووية, وكان موقف الحكومة الفرنسية يهدف إلي مساعدة إسرائيل علي حماية نفسها بشكل مستقل عن المساعدة الخارجية.
ويؤكد ذلك ما تم من تعاون وثيق بين إسرائيل وفرنسا خلال السنوات من 1957 وحتي عام 1960 من أجل الإعداد لتصميم طائرة الميراج الفرنسية القادرة علي حمل قنابل نووية, كما تم في منتصف عام 1957 توقيع اتفاقية سرية بين إسرائيل وفرنسا التي كانت وقتئذ عضو ا في حلف شمال الأطلنطي من أجل التعاون في برنامج للأبحاث النووية من شأنه أن يجعل إسرائيل سادس دولة في العالم تمتلك أسلحة نووية.
وتذكر بعض المصادر أن هناك ثلاثة دوافع تقف بوضوح وراء قرار فرنسا مساعدة إسرائيل علي أن تصبح دولة نووية, أولها: أن فرنسا كانت متورطة في حرب ميؤوس منها ضد الثوار الجزائريين, وربما كانت فرنسا تأمل أن يؤدي التهديد الذي يمثله حصول إسرائيل علي الأسلحة النووية إلي إرهاب الرئيس جمال عبد الناصر والمصريين, وحملهم علي وقف دعمهم للجزائريين في حربهم ضد الاستعمار الفرنسي, إلا أن الحقائق تثبت أن موافقة فرنسا علي بدء المفاوضات مع إسرائيل كانت ترجع إلي عام أو عامين قبل بدء الثورة الجزائرية.
الدافع الثاني: أن فرنسا كانت ترغب في تخطي العتبة النووية وهي مستقلة عسكريا عن المظلة النووية الأمريكية, فعمدت إلي تقديم المساعدة الفنية إلي إسرائيل في ميدان إنتاج الماء الثقيل, وحصلت من إسرائيل في المقابل علي تكنولوجيا الكمبيوتر الأمريكي.
أما الدافع الأخير: فإن فرنسا - وقبل أن تجري تفجيرها النووي الأول عام 1960 - ربما اعتبرت التعاون بينهما وبين إسرائيل في الميدان النووي سند تأمين ضد الفشل في بناء القنبلة النووية.
وأيا كان الدافع وراء مساعدات فرنسا لإسرائيل لكي تصبح دولة نووية, فيبقي أن فرنسا وليست الولايات المتحدة الأمريكية كانت هي الطرف الرئيس الذي أخذ بيد إسرائيل في سعيها للحصول علي القنبلة النووية.
ولعل ما ذكرناه آنفا عن دور فرنسا في النشاط النووي لإسرائيل يدلل علي أن ما تعرضت له فلسطين علي مدار أكثر من قرن من الزمان ماهو إلا مخطط استعماري شاركت فيه الدول الاستعمارية علي اختلاف أدوارها من أجل إضعاف وتفتيت العالم العربي , كما يؤكد علي أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة ووحشية علي يد الصهاينة تتحمل مسؤوليته بشكل كبير الدول الاستعمارية التي خلفت إسرائيل, وعملت علي تقويتها وتفوقها علي العالم العربي.

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech