Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

عقيد بحري أركان حرب لبيب محمد عبدالله سالم

 

 

ولدت بأول نوفمبرعام 1933 بالمعادي ، كنا من أوائل الناس التي سكنت حي المعادي وكنا نسكن فيلا مساحتها فدان إلا ربع تحيط بها الصحراء فقد كان الحي جديدا وهادئا ،

كانت علاقتنا بالجيران جيدة وعلي اتصال دائم بهم ، وبعد دخولي البحرية دخلها ثلاثة من جيراني هم جميل فؤاد سلاح لانشات صواريخ وقد استشهد براس بناس ببرنيس جنوب مصر ، وأمير فؤاد دخل بعدي بثلاث دفعات ، ومختار نور الدين .

والدي تخرج من كلية الهندسة جامعة برمنجهام بإنجلترا وعاش هناك عشرون عاما وعمل بوزارة الدفاع البريطانية وقد عرضوا عليه الجنسية الانجليزية ولكنه رفض وفضل الرجوع لبلده ورعاية أرضه فكان يملك مائتي فدان بأبي قير بالاسكندرية وخاصة انه لم يكن قد تزوج بعد

ترك والدي لندن وعاد إلي مصر واستكمل حياته بها ، عمل بمصر بمنصب مدير عام النقل المشترك وهيئة السكة الحديد في وقتها كانت المناصب تتدرج بين وزير ثم وكيل وزارة واحد ثم مدير عام وقد حصل علي عدة نياشين من الملك ،

بدءت دراستي بالمرحلة الابتدائية بكلية فيكتوريا وكانت موجودة بشبرا وقتها قبل نقلها للمعادي استمريت بها خمس سنوات وكنت لا أدرس بها عربي أو دين فكنت لا أعرف اللغة العربية حتي أنهم كانوا يسموني بالمنزل الخواجه ، كما أن الدادة بالمنزل يونانية فتحدثني هي الأخري باللغة الانجليزية طوال الوقت ،

وعندما وجدوني بالمنزل هكذا أخرجني والدي من كلية فيكتوريا وألحقني بمدرسة الدواوين الابتدائية بباب اللوق وأحضر أبي لي المدرسين لتقويتي باللغة العربية ثم انتقلت لمدرسة المعادي الابتدائية وقضيت بها سنة وأخذت منها الشهادة الابتدائية بتفوق ثم انتقلت إلي المدرسة الابراهيمية الثانوية سنة 1946 وكانت معروفة بأنها مدرسة أبناء الذوات من الوزراء وغيرهم ،

كان أول شهر بالدراسة ملئ بالفوضي والإضرابات والمظاهرات لإسقاط الملك وكان شارع القصر العيني ملئ بالترامات المحروقة من جراء المظاهرات والتي اشترك بها طلبة المدرسة فكانت السلطات تقوم بحبسهم ثم تخرجهم في اليوم التالي لنفوذ آبائهم ، وقد بدءت وقتها الشيوعية في الانتشار فأتذكر كان بجانبي بالفصل أحد الطلبة وله ميول شيوعية كبيرة وأخذ يحدثني عن هذه الأفكار ويحاول اقناعي بها ولكني كنت بعيد عن السياسة فلم أتأثر بكلامه ، وكانت كل اهتماماتي وقتها رياضية فكنت بلعب اسكواش وتنس وهوكي وكنت الأول بالاسكواش علي الاسكندرية لمدة 15 سنة والرابع علي الجمهورية وسافرت لندن ومثلت مصر هناك ولكن التحاقي بالبحرية أثر علي اشتراكي بالبطولات ففاتني الكثير منها علي الرغم من أن الفريق سليمان عزت ببعض الأوقات كان يلحقني وقت البطولات بالاتحاد الرياضي وليس التشكيلات حتي أستطيع المشاركة ولكن ظروف العمل أجبرتني علي الابتعاد

ونظرا لجو المظاهرات والاضرابات كنت أخرج للسينما وانشغلت بنشاطي الرياضي ولم أركز بالدراسة كثيرا فرسبت بالصف الأول الثانوي وكنت أحتاج للنجاح درجة ونصف فقط بالجغرافيا والتاريخ فلم أكن أحبهم علي الإطلاق ، قمت بإعادة التوجيهية أيضا وقضيت سبع سنوات بالمرحلة الثانوية وتخرجت منها سنة 1953

عند قيام حرب 48 جمعونا بمدرسة الابراهيمية وطلبوا متطوعين للحرب بفلسطين ، كان ممن تقدموا جواد حسني الشهيد المعروف كان زميلي بالمدرسة سافر وحارب بفلسطين وأستشهد ، وكان موجود بالمعادي وقتها جماعة منهم عمر صبري وهو بطل بالسباحة وعبر المانش واسماعيل حسنين كانوا يقومون بقتل العساكر الانجليز بمعسكراتهم المنتشرة بالمعادي وقتها ، وكنت أكره الانجليز كثيرا كان هذا الشعور العام لكل الشعب المصري تجاه المحتل .

أتذكرعدة مشاهدات من عصر الملك منها وأنا بالمدرسة الابراهيمية كان معنا شريف ذوالفقار أخو الملكة فريدة وكان رئيس جمعية الاسعافات بالمدرسة وكنت مشترك بها ، فعندما كانت تمر الملكة نازلي ( والدة الملك فاروق ) لافتتاح مشروع كان يقوم برصنا صفين لاستقبالها وكنا نشعر بالسعادة حين نراها ، وقد رأيت الملك فاروق بنادي اليخت بالمعادي وهو يهبط من سيارته منفردا ويذهب لتناول الحلوي بالنادي ثم يغادره وهو يضحك مع العاملين ويقول لهم "ما عندكمش حاجة تانية" ويتوجه لاستراحته بحلوان ، أتذكر أيضا الأميرة فوزية كانت متزوجة من اسماعيل شريف وكانوا يقومون برحلة كل عام إلي مرسي مطروح يقضون بها شهرا علي اليخت الخاص بهم كنت بالبحرية وقتها وأثناء هذه الرحلة يقوم أحد ضباط البحرية باصطحابهم كان يخرج معهم للرحلة زميل لي اسمه نبيل مطر وفي أحد المرات طلب مني أن أذهب مكانه وبالفعل ذهبت واختبرت اللنش وتممت الاجراءات علي أساس اني سأقود اليخت ولكن حدثت لي ظروف عائلية منعتني من الذهاب وقام السيد ناشد رئيس الأركان وقتها وهو من عينني بالبحرية بإبلاغ سليمان عزت الذي ساعدني كثيرا هو الآخر في التحاقي بالبحرية ولغوا خروجي للعملية ،

وكانت والدتي تجمعها صداقة قوية بالأميرة كريمة أحد أفراد الأسرة المالكة والتي كانت تسكن بقصرها بالمعادي و والدتي من مؤسسين الهلال الأحمر فكانوا يتبادلون الزيارات كثيرا ، لم نري شيئا سيئا من الأسرة المالكة وكانت الملكة فريدة والأميرة فوزية معروفين بالصلاح والاستقامة وما أشيع عن الملك وفساد أخلاقه أعتقد أنه غير صحيح ، وعندما قامت ثورة يوليو 1952 و وجدنا القصر محاصر بالدبابات وعلمنا أن الملك تنازل عن العرش لم أفرح وشعرت بالحزن فقد كان الملك عزيزا علينا ولم نري منه مكروها ومهما حدث كان رئيسنا فتأثرنا لوداعه ، وقد كنت أردد مع طلبة الابراهيمية بالمظاهرات "يسقط الملك" وخرجت معهم إلي كوبري عباس وقتها ولكني توقفت و فكرت لماذا يسقط ؟ فلم أجد سببا يستحق التظاهر فتركت المظاهرة وذهبت للنادي فلم أكن مقتنعا بها ، وحدثت وقتها المهزلة الشهيرة وأمر النقراشي باشا بفتح الكوبري علي الطلبة و قام طلبة كلية الهندسة بغلق الكوبري ولكن بعد أن مات الكثيرون ، كنت أري أن عهد الملك به ديموقراطية وأحزاب ومجلس نواب فالمناخ السياسي كان جيدا ولم يكن هناك ديكتاتورية ، كما كان هناك تعليم مجاني بالابتدائية حتي عندما دخلت البحرية كانت مصاريف الدراسة بسيطة ،

بعد قيام ثورة يوليو جاء محمد نجيب رئيسا لم نكن نعرفه وكل ما أعرفه عنه أن أخته كانت صديقة والدتي وكانت تزورنا بالمنزل أثناء فترة حكمه وكانت سيدة هادئة الطباع ، وكان له كلمة شهيرة يقولها كثيرا أثناء فترة حكمه عن الاتحاد كنا نردد هذه الكلمة عند ذهابنا للسينما في نهاية الأفلام دائما ونحن نغني واقفين شاعرين بمعني الوطنية الذي أراده أن يصلنا من وراء كلمته فاستغربنا كثيرا عند تنحيه الحكم ولم نفهم ما الأسباب...

 

الكلية البحرية

 

بعد أن نجحت بالدور الثاني بالثانوية كنت أريد أن أدخل كلية الطيران أو الهندسة قدمت أوراقي بالهندسة وقبلت بها وعند تقديمي بالطيران رفض والدي التوقيع علي ورق التقديم لخطورة الطيران واقترح عليا التقديم بالبحرية رفضت في البداية فقال لي سنزورها أولا ثم قرر ،

وذهبنا بالفعل إلي قيادة القوات البحرية وقابلنا هناك الفريق سليمان عزت كان يعرف أبي جيدا ويحترمه كثيرا فقد كان والدي بمكان عمله أعلي من سليمان ومعروف أن سليمان لم يكن موفق بالدراسة وقد سفره أهله الي انجلترا أخذ هناك سنتين تجاري ثم عاد لمصر والتحق بالبحرية ،

فبمجرد أن رأي الكارت عليه اسم والدي خرج من مكتبه علي الفور لاستقبالنا ، كانت المرة الأولي التي أري فيها ظباط البحرية بالزي الأبيض فشعرت بهيبة الكلية ، ثم دخلنا لأركان حرب الكلية فوجدته يتحدث عن ذلك المركب الايطالي وكيف سهروا عليه كثيرا وقضوا وقتا ممتعا بالحفلة فاستغربت ولكني أعجبت بالموضوع وبفكرة السفر كثيرا الذي ستتيحه لي البحرية ، وقد كنت طوال حياتي كالضيف بالمنزل فلي 5 أخوات بنات وأنا الولد الوحيد فكنت منطلق خارج المنزل أغلب الوقت و وجدت البحرية ستساعدني علي الانطلاق أكثر ، كان الكشف الطبي وقتها قد انتهي فأرسل معي سليمان عزت ضابط للقومسيون الطبي ، وبكشف النظر كانوا يقوموا بتسليط ضوء قوي علي عيني فلم أري منه شيئا وسقطت بالكشف فأزالوا ذلك النور فرأيت ونجحت بالامتحان ثم ذهبت لكشف الهيئة اليوم التالي ونجحت ودخلت الكلية

أول يوم بالبحرية حلقوا شعري تماما كنت أنظر لنفسي بالمرآة وأضحك متعجبا من شكلي ، وكان بوقتها كثير من الشدة علي جميع الكليات العسكرية من المشير عبدالحكيم عامر لتثبيت الثورة الجديدة فقضيت فترة عصيبة في البداية وعانيت من صعوبة الحياة العسكرية حتي أن بعض الناس لم تتحمل وتركت الكلية ، كنا نقضي ساعة كاملة في الغذاء يتخللها أوامر كثيرة مختلفة ، وقد يأمرونا بترك الطعام وقت الغذاء وأخذ شنطة المهمات والجري بها ولمسافات طويلة ، كنا الدفعة الثامنة بحرية وكان عددها 56 طالب مصري و10 طلاب سوريين دفعة جول جمال الذي استشهد بالعدوان الثلاثي وقد تولي ثلاثة من السوريين من خريجي هذه الدفعة قيادة القوات البحرية السورية أحدهم يسمي أبوالفضل والثاني نجيب السويد

وقد قابلت أبوالفضل بعد ذلك في اجتماع الاعداد لحرب 73 بقيادة القوات البحرية برأس التين ، فقد أقاموا وليمة كبيرة يومها لا أعرف سببها وكنت موجود بنبطشية بمكتبي بالمركز وكان به سرير كنت أنام بالمكتب للطوارئ فطلبوني ونزلت لهم فوجدت الشاذلي وأبوالفضل قائد البحرية السورية وكنت برتبة عقيد وهو برتبة لواء وسلم عليا بحرارة شديدة حتي أن الفريق الشاذلي استغرب الموقف ،

عرفت بعد ذلك أن قادة القوات المسلحة للأردن وسوريا والعراق اجتمعوا في هذا اليوم وقرروا أن الحرب ستكون بعد شهر وناقشوا خطة الحرب التي تم تنفيذها .

 

كانت الدراسة بالكلية دراسة عامة لكل التخصصات ومناهج نظرية وكنت أهوي دراسة علوم الفلك خاصة ، وعند التخرج خرجنا لرحلة علي يخت المحروسة "سمي الحرية بعد ذلك" الي سوريا استمرت 10 أيام وقمنا بعمل استعراض بدمشق وهتف لنا السوريين وهم يحبون المصريين جدا وكان هذا قبل الوحدة لدرجة أنه عند دخولنا لاي مطعم أو مكان ويعرف أننا مصريين يقدم لنا خدماته مجانا ، كانت هذه الرحلة تدريب علي الملاحة وتجديف وقيادة السفينة فنحن من يقودها وكنا نقوم بالجري صباحا كالمعتاد بالكلية ولكن لم يكن هناك تدريب علي استخدام السلاح ، كانت الملاحة وقتها صعبة وتعتمد علي علم الفلك وتستخدم النجوم واتجاهاتها لتحديد الموقع أما الآن أصبح الموضوع أكثر سهولة فالاعتماد كله علي الأجهزة الحديثة ،

تخرجت في 11 مايو 1956 ملازم عام وبدأت العمل فورا بعد التخرج علي الفرقاطة أبو قير وأبحرت يوم 21 لبورسعيد

 

 

أما التخصص كان بعد ذلك عندما عملت علي المدمرة الفاتح ، في بداية تخرجي ولكوني رياضي حاولوا الحاقي بالاتحاد الرياضي لكني صممت علي دخول التشكيلات ، وأخذت كورس شهرين في الغواصات ولكن لم يعجبني الحال وفاتني معسكر بإنجلترا بسببها وكنت أري من ينضم لها ينضم لأن المرتب الضعف ولكني لم أحبها وأردت أن أتركها

وكان اللواء السيوفي قائد سلاح الغواصات مانع خروج أي فرد من السلاح وكانوا سيعينوني ضابط طوربيد علي غواصة رقم 2 والتي كان قائدها اللواء جمال مختار رئيس الأكاديمية البحرية حاليا ، لولا أن والدي كلم سليمان بيه بالموضوع فتركتها وذهبت للمدمرات...

 

العدوان الثلاثي 1956

أول مرة أبحرت بعد التخرج علي الفرقاطة أبوقير كانت من الاسكندرية لبورسعيد وكان البحر مرتفع لكني كنت علي مستوي عالي من التدريب حتي أن أحد الضباط ويدعي حسن فرغل أشاد بأدائي وقال أني ضابط جيد وسيكون لي مستقبل ، كان أول قبطان لأبوقير حسين الجندي ثم حسن حسني ثم معتصم هاشم وقد تغيروا لأنهم انتقلوا الي القناة بعد التأميم للعمل بها كمرشدين وقد قاموا بدورهم علي الوجه الأكمل ،

ثم ذهبنا الي شرم الشيخ استمريت بها 45 يوم كنا نقوم بحراسة المنطقة وكان موجود مدفعية ساحلية بمنطقة راس نصراني ولدينا أوامر بضرب أي هدف معادي كانت طبول الحرب قد بدءت تدق ، قضينا فترة صعبة بشرم فقد كانت المركب في الواحدة صباحا تلسع من شدة حرارتها علي الرغم من الليل بسبب حرارة الشمس الضاربة بها طوال النهار كانت الحرارة شديدة جدا وقتها ، بعدها تحركنا للسويس واستمرينا بها 45 يوم ثم بدء العدوان الثلاثي ،

صدرت لنا الأوامر بالذهاب لشرم الشيخ مرة أخري لأن المركب دمياط التي كانت ستذهب اليها حدث بها عطل وسنذهب مكانها ولكن قبل التحرك تصلح العطل وذهبت دمياط أولا الي شرم الشيخ ، كان هذا يوم 30 أكتوبر ثاني يوم للعدوان كنا علي اتصال مستمر بدمياط وفجأة انقطع الاتصال وعلمنا من قطعة بحرية أخري كان قريبة منها أن العدو أغرق المركب بعد استبسال طاقمها استبسال شديد بالقتال وكان بها زميل لي اسمه مختار خلاف قد استشهد وقد أنقذت القطعة الاخري جزء من الطاقم ولكن استشهد الكثير ،

 

 

(( للاطلاع علي معركة الفرقاطة دمياط يرجي الضغط علي الرز ))

 

 

 

 

عشنا حالة حزن كبيرة عندما علمنا بغرقها ، وفي اليوم التالي صدرت الأوامر لنا بأن نستعرض قوتنا أمام قناة السويس ونغرق الفرقاطة أبوقير في عرض القناة لسد القناة ، و كانت فرقاطة انجليزية ضمن ثلاث فرقاطات هم رشيد ودمياط وابوقير غرقت اثنتان ولم يتبق منهم للآن سوي رشيد وتم تحويلها بعد ذلك لمركز تدريب للطلبة وقد دربت عليها فترة طلبة كثيرين علي الملاحة ، حزنت جدا عندما أغرقنا ابوقير وبكينا عند غرقها كنت آخر من نزل منها ثم قام لانش بضربها بمدفع 4 بوصة وعظمنا لها بعد غرقها وألقينا عليها التحية العسكرية ، كانت أول مركب أعمل عليها بعد التخرج وارتبطت بها كثيرا فكان شعورا مؤلما للغاية عندما تجد الأشياء التي اهتميت بها وبذلت مجهود لأجلها تدمر أمامك ،

 

وبعد ذلك قاموا باغراق مراكب عبود باشا وأغلقوا بها القناة كانت جميعها أفعال لأهداف سياسية تخدم الحرب ، كان من دفعتي 5 أفراد علي أبوقير وخمسة علي دمياط ، والفرقاطة عامة يكون عليها 12 ضابط تقريبا و 3 مهندسين وثلاثون عسكري ، كنت مسئول وقتها عن الملاحة ولدي فكرة عن كيفية ضرب السلاح نظري فقط لكن المسئول عن الاطلاق هو ضابط المدفعية الموجود ، بعد ذلك ركبت القطار من السويس لأسكندرية استمر بالطريق 12 ساعة وكان ملئ بالعساكر وكانت طائرات الانجليز تقذف المطارات من حولنا وكنت لا أعرف وقتها أن مطاراتنا تضرب فتخيلنا أن الطائرات تضرب القطار بالعساكر لكننا اكتشفنا أن هذه أصوات التانكات الخاصة بها والتي تقوم بالقائها أثناء عوددتها من ضرب المطارات لتخفف حمولتها ، وصلت اسكندرية وسلمت نفسي بالقاعدة البحرية وكان لا يزال هناك نوع من الفوضي والقلق والاضطراب ، وصدرت لي أوامر بالبحث عن ذخيرة للمدمرتين الفاتح والقاهر فقد استلمناهم من انجلترا في 1955 بدون ذخيرة ولا طوربيد ولا مدفعية.

 

وكأن الانجليز كانوا يعرفون أن الحرب قادمة أو ربما كانوا يدبرون لها فأرسلوا لنا القطع البحرية بدون سلاح ، وأمروني بالاستيلاء علي عربيات لوري والذهاب لمخازن الانجليز بأبو سلطان واحضار الذخيرة وبالفعل استوليت علي 6 عربيات وذهبت للمخازن وكانت علي مساحة كبيرة جدا مئة فدان تقريبا مليئة بالأسلحة والدبابات وبها سيارات مدنية ممتلئة بالبنزين أخذنا منها أسلحة كثيرة ولكني لم أجد الذخيرة المطلوبة للمركبين ،

بعد عودتي من أبو سلطان تم تعييني أركان حرب بقصر سعدالله باشا يسري برأس السودا بالاسكندرية وكان به ذخيرة وصواريخ القوات البحرية وكانت المدمرتين الناصر والظافر يقومون بضرب مدفعيات بمعدل كبير فكانوا يستعوضوا من عندي الذخيرة التي يقومون بضربها استمريت بالقصر شهرين حتي انتهاء الحرب ، استشهد بالحرب اثنين من دفعتي بدمياط وجول جمال وبيومي واثنان من الدفعة قبلنا تأثرنا لوفاتهم كثيرا...

 

ما بعد 1956

 

 

بعد انتهاء الحرب توليت أركان حرب طابية الفاروقية بابي قير كانت طابية بها مدفعية وحدثت بها معركة أيام عرابي باشا وكان بها ذخيرة القوات البحرية أيضا استمريت بها أقل من عام ثم انتقلت للعمل علي المدمرة الفاتح كمساعد ضابط طوربيد استمريت بها من 1958 حتي أواخر 1959 ،

وقد عملت علي مدمرات الناصر القديمة والحديثة والظافر والفاتح ودمياط والفاتح وكلهم من طراز سكوري ،

بعد حرب 56 كنا نتدرب كثيرا ، نخرج للبحر ونضرب قنابل أعماق ونقوم بتدريبات كأننا بمواجهة عدو في حرب حقيقية فنخرج بسفينة بعيدة ونبدء نتدرب ماذا نفعل عند اكتشافنا لعدو وكيف نتصرف كيف نواجهه وكيف نهرب منه ، تدربنا علي تكتيكات كثيرة وعلي الملاحة وباقي التخصصات .

الضابط الأول يجب أن يكون لديه فكرة عن جميع التخصصات التي تضمها المدمرة وكيف يتصرف في الأزمات المختلفة وكيف يتصرف مع الأعطال التي قد تحدث بالماكينات والمدفعية والطوربيدات والأسلحة المختلفة والمدفعية المضادة للطائرات .

 

أخذت كورس عن الملاحة بمدرسة الملاحة بابوقير من 59 الي 60 وبنفس الوقت كنت مساعد ضابط ملاحة علي المدمرة الناصر القديمة والتي كانت أول مركب سكوري نحصل عليها ، بعد فرقة الملاحة تعينت علي الفرقاطة رشيد من 60 حتي 62 والتي كانت مركب تدريب للطلبة وخرجت معهم ثلاث رحلات كانت مهمتي بها قيادة المركب ويكون معنا علي الرحلة المدرسين الذين سيقوموا بالتدريس للطلبة 

 

 

اول رحلة كانت للبرازيل والارجنتين وغانا وليبيا وسوريا واليونان قضينا بالبرازيل 9 ايام وهي دولة بها الكثير من أغنياء العرب وهم المتحكمين بتجارتها أغلبهم من فلسطين وسوريا ، وكان هؤلاء العرب يقيمون لنا حفلة مختلفة كل ليلة ترحيبا بنا فكنت أنام علي الأكثر ساعتين يوميا وفي غير وقت النبطشية أستطيع أن أنزل هذه البلاد وأتسوق بها ،

الرحلة الثانية كانت للهند وباكستان وسوريا والسعودية أما الثالثة في يوليو 62 كانت لايطاليا يوغسلافيا المغرب اليونان وجزر الكناري ، كنا نزور بحرية هذه البلدان عن طريق بروتوكولات رسمية فنطلع علي الثقافات المختلفة ونكتسب خبرة أكبر ، وعندما عملت علي الفاتح ذهبنا لبورسعيد كي نستقبل مركب اندونيسي كانت قادمة من ايطاليا بعد أن عملت عمرة وأقمنا لهم حفل استقبال وأقاموا هم أيضا حفل لنا وقد تحركنا من اسكندرية للقصير كي نستقبلهم هكذا هي الزيارات الرسمية

ذهبت الي الاتحاد السوفيتي من سبتمبر 62 حتي أكتوبر 63 وأخذت كورس ملاحة لمدة سنة وكان من المفترض أن يمتد لسنتين وآخذ كورس مساحة بحرية أيضا ولكننا عدنا بعد سنة لأن أغلب الطلبة فضلوا العودة ولم يحبوا الاستمرار وعللوا ذلك بأن لا شئ جديد سنستفيده ، سافرت الي مكان يسمي ماتومي وهي بلد تركي في الأصل سافرنا منها علي مركب سكوري فارغ من طاقمه وتولينا نحن قيادته الي أوديسا حيث كنا نتدرب هناك ، وماتومي هذه هي المكان الذي ولد به ستالين وكان آخر تمثال له موجود بها وقد سمعنا اطلاق نار ليلا عندما كانت الشرطة تقوم بإزالته وأظن أنه حصل احتكاك بينهم وبين أنصاره وعندما استيقظنا صباحا لم نجد التمثال بمكانه ، وقد اشتكينا وقتها لملحقنا العسكري الموجود هناك بأننا نركب قطار ثم مركب والاثنان درجة ثانية حتي نصل لأوديسا وهذا لا يليق بنا فنحن نمثل مصر وكنا نظل بالقطار بخدماته السيئة 10 ساعات فقال لنا اذا تكرر هذا الشئ بلغوني وسأتخذ اللازم وتكرر الوضع وبعد أن وصلنا أوديسا كلمناه نخبره بما حدث وجدته يغير كلامه ويقول لو أننا لم نذهب لكنا تعرضنا للمحاكمة ولم يفعل شئ ،

استمرينا فترة بجوار الشنط لا نريد أن نصعد للمركب ولكن بالنهاية لم نجد مفر من الصعود ، عند وصولنا وجدنا باستقبالنا قائد القوات البحرية الروسية والذي كان موجودا بمصر مع الفريق سليمان عزت وكان يريد أن يأخذنا للداخلية لولا أننا نهرناه أمام جنوده وأعلمناه أننا ضباط مصريين ولا يستطيع أن يفعل معنا شئ ، وكان بيننا اثنين يتحدثون لغة روسية جيدة هم من ردوا عليه ، عدت من روسيا في أكتوبر 63 وتم تعييني كبير معلمين مدرسة الملاحة بأبي قير ، كنت أدرس للضباط كورس الملاحة الذي تلقيناه بروسيا ، استمريت بها حتي ديسمبر 66 ، لم أكن سعيد كثيرا بالتدريس كنت أحب التواجد بالتشكيلات أكثر ولكني شعرت بالارتياح عندما تخرجت كثير من الدفعات علي يدي وكنت أبذل مجهود كبير حتي أتعلم وأستوعب كل ما هو جديد قبل أن أقوم بتدريسه فتعبت كثيرا هذه الفترة والحمد لله كان تعبا له فائدة ، وفي 4 يناير 67 انتقلت للعمل كضابط عمليات وملاحة علي المدمرة القاهر...

 

حرب 67

 

 

 

كنا نعتقد قبل 67 أننا قوة كبيرة تستطيع أن تبدء الحرب وتهزم اسرائيل وندرك أننا نملك سلاحا قويا خاصة بالبحرية ، وكنا نعلم السلاح الذي تملكه البحرية الاسرائيلية ولكن لا نعرف تكتيكاتهم ، و في 22 مايو 67 تحركت المدمرة القاهر وكان قبطانها حامد الديب الي بورسعيد ثم الي شرم الشيخ وكلفونا بالحراسة عند خط 10 ميل مرور أمام خليج العقبة كنا نتحرك بطول الخط ذهابا وايابا لحماية الموقع وضرب أي مركب تحمل العلم الاسرائيلي يظهر علي الرادار بطول هذا الخط حتي سفن البترول واذا لم نصيبها تقوم المدفعية براس نصراني بالضرب عليها كنت وقتها ضابط ملاحة اول برتبة رائد ، و وقتها ضربنا خطأ علي مركب فنلندي تقريبا واعتذرنا عن هذا الخطأ ، استمرينا بعمل دوريات بخليج العقبة حتي 4 يونيو جاءنا أمر من محمود عبدالرحمن فهمي مدير مكتب المشير للشئون البحرية وقتها والذي أصبح قائد للقوات البحرية بعد ذلك بأن نخرج مع المدمرة الفاتح ولانشات طوربيد لضرب ايلات

وخرجنا بالفعل لتنفيذ المهمة وعندما رأينا ايلات علي بعد 35 كيلومتر تقريبا جاءتنا تعليمات بإلغاء المأمورية ، كان قائد المأمورية فاروق الشيخ ، شعرنا بالحزن كنا نريد أن نحارب ونستكمل المهمة ولكن جاءتنا اشارة من المشير شخصيا تأمرنا بالعودة ، واكتشفنا بعد ذلك أن الغاء الأمر كان قرارا صحيحا لأن بمجرد ضربنا للهدف كنا سنتعرض للضرب من العدو وسنخسر كل من خرج للمهمة والأفضل هو ضرب ايلات بطائرة تستطيع المناورة والعودة بدون خسائر ، بعد رجوعنا من تلك المأمورية أمرونا بالتوجه بأقصي سرعة الي الشمال لمحاولة ضرب طائرات للعدو ولكنها كانت أسرع منا و اكتشفنا فيما بعد أنها ضربت مطار الغردقة ، وصلنا بورتوفيق ( عند السويس ) وكانت بحالة فوضي كبيرة ضرب وصواريخ بكل مكان لا نعرف طائراتنا من طائرات العدو ومهمتنا هي محاولة صد العدو البري بمدفعية المدمرة ، اجتمع بنا القائد يوم 5 يونيو ليلا وبلغنا أننا هزمنا ومحتمل أن نغرق المدمرات والوحدات وننضم للمقاومة الشعبية ، لم يبلغ كل القادة ضباطهم ولكن قائدنا بلغنا بذلك ،

 

 

 

بكيت وقتها من الحزن والصدمة أنا وزميلي عدلي قنديل كان ضابط طوربيد علي القاهر كانت مأساة كبيرة وكانت معنوياتنا سيئة للغاية ألم يكفي أننا أغرقنا المدمرة قبل ذلك في 56 كيف سنعيدها ثانية ؟ فأشرف لنا أن نقاتل ونموت ولا نغرقها بأيدينا كنت لا أريد أن أري هذا اليوم مرة ثانية والحمد لله لم يتكرر ،

أصبحت القوات البحرية هي السلاح الوحيد المتبقي للدفاع عن البلد وصرح بذلك عبدالناصر بخطابه ، قضينا شهر في حماية الحدود مدمرات ولانشات وغواصات وكاسحات ألغام بجوار بعض وكنا هدفا سهلا للعدو وقتها هو يستطيع ضربنا ونحن لا نستطيع ، كنا بحالة ذعر خاصة ليلا لا ننام مستمرين بالحراسة طول الوقت وصوت النيران والضرب بكل مكان ونلقي عبوات ناسفة بالماء باستمرار تحسبا لوجود ضفادع بشرية ، وكنا نري العساكر المتعبة بعد تدمير دباباتهم وهم يسيرون علي غير هدي فكنا نأخذهم باللنشات ونوصلهم من ضفة سيناء الي بورتوفيق ، كانت أعصابنا متعبة من كل هذه الأحداث المتتالية إلي أن صدرت لنا الأوامر بعد شهر بالانسحاب لليمن و وجدت هناك رفيق عبدالناصر أخو جمال عبدالناصر كان يعمل علي المدمرة الفاتح و وقتها حدثت محاولة من بعض الضباط للانقلاب علي جمال عبد الناصر كانوا خمسة قادة غواصات منهم زوج أختي وأحمد عبدالوهاب أخو محمود عبدالوهاب قائد القوات بعد ذلك وعصام البكري وآخر لا أتذكر اسمه ،

واتفقوا أن يأتوا بضفادع بشرية تنفذ أعمال تخريبية بالمعمورة وقت تواجد عبدالناصر هناك ، وذهب علي دمياطي الي مختار هنوده قائد الضفادع البشرية وقتها وكان له جسم ضخم وكان يأكل طعام نيئ وطلب منه مجموعة من الضفادع تنزل الغواصات وتقوم بأعمال تخريب فرفض هنوده الاشتراك بهذا العمل وكان معهم د/عالي نصر وكان يلعب معي اسكواش بالاسكندرية وهو من ضمن الضفادع البشرية وسافر لليمن وقام بعملية جيدة وذهب وقتها المشير عامر لتهنئتهم وترقيتهم فطلب منه عالي نصر أن يذهب لفرقة في طب الأعماق 4 سنوات بأمريكا بدلا من أي تكريم اخر و وافق المشير فعلا وسافر نصر وبعد ثلاث سنوات حدثت النكسة فرجعوه الي مصر ،

وعندما سمع أن هنوده غير موافق علي العملية وأعلن انه هيبلغ عنها خاف ولم يكمل الموضوع ، وكان كل دفعة هنوده مخابرات حربية وعامة ومنهم جمال أبوالسعود فلما خاف نصر طلبوا منه أن يوقع هذه المجموعة التي تفكر في اغتيال جمال ، وبالفعل ذهب عالي نصر الي شقة علي دمياطي في اسكندرية وكانت أختي زوجته موجودة وأعطوه ساعة كي يكتب خطاب لأمريكا يطلب منها المساعدة ثم دخل بعدها جمال أبوالسعود وقال مخابرات !!! وسنفتش المنزل وقبضوا وقتها علي الخمسة وأخذ كل واحد منهم ثلاث سنوات سجن ، وقتها كنت راجع من أول أجازة باليمن كنت بنزل اجازة كل شهر وكنت بلعب راكيت مع علي الدمياطي في اسكندرية و وجدته يقول نريد أن نقف مع المشير ونستغل الصحافة الحرة ونفرض شروطنا وأشياء من هذا القبيل وحاولت اثنائه عن هذا الكلام خاصة أن الحيطان لها اذان

وعدت منزلي ورجعت اليمن بعد انتهاء الاجازة وعندما عدت بعدها وجدته قد قبض عليه ، استمريت باليمن ثلاثة أشهر تقريبا...

 

سبب الهزيمة

كنت أري أن عبدالناصر سبب النكسة فهو من تسبب في حرب اليمن وهي المصيبة الكبري التي استهلكت الجيش ولم يتبق منه غير القليل الذي رجع علي سيناء في منتهي الفوضي بدون أي خطة أو تدريب ، لم يكن لنا جيش وقتها أصلا ، جعلوا الضباط تنشغل بالماديات وكان كل همهم الحصول علي ثلاجات وغسالات من الاشتراك باليمن فكانت مهزلة حتي أني أردت أن أستقيل لكنهم لم يسمحوا بالاستقالة وكان من يستقيل يتعرض للمحاكمة وقتها ، وأري أن المشير بغض النظرعن حياته الشخصية كان قائدا عسكريا جيدا ولكن المشكلة ان العدو حاربنا بالتكنولوجيا واستخدمها جيدا فعلموا موعد طيارته واصطادوه وقطعوا الاتصال بينه وبين الجيش فحدثت الفوضي ، وقال صدقي محمود وقتها من سيخرج طائرات اولا هو من سينتصر ولكن لم يكن لدينا امكانيات وبلغ المشير هذا لعبدالناصر ، كما أن الروس خدعونا فنحن في البحرية كنا سنبدء الحرب يوم 4 يونيو ولكن روسيا خوفتنا وطلبت ألا نكون البادئين وأنها ستتدخل وتحل المشكلة ولكنها لم تفعل شئ ولو كنا بدءنا الحرب كانت علي الأقل خسائرنا ستقل...

 

ما بعد 67

استمرينا شهرين أو ثلاثة باليمن بعدها ذهبنا للهند لنقوم بعمرة للمركب فلابد لها أن تدخل حوض جاف وكانت معنا الفاتح وكان قائد المامورية العميد أشرف رفعت ، وأثناء سفرنا للهند مرينا علي عدن وقد حاولوا احتجازنا وقتها لا أدري السبب ولكن أشرف رفعت حل المراكب وخرجنا بها رغما عنهم ، استمرينا بالهند شهرين ونصف عدنا بعدها علي ميناء راس بناس ببرنيس ( أقصي جنوب مصر قرب حلايب وشلاتين ) قضيت سنة بها كانت مهمتنا حراسة المكان ، كان المكان هادئ للغاية وبعيد عن مسرح العمليات كنا نقضي الأيام في السباحة والصيد خاصة أن التعيين لم يكن جيد كان الأكل سيئا فكنا نأكل ما نصطاده ، كنا منعزلين تماما هناك وكانت تاتي لنا سيارة مياه كل شهر كان نصيب كل فرد منها جردل يوميا لكل استخداماته فكنا نقوم بتقطير المياه حتي نستطيع الحياة ،

كان موجود ببرنيس أيضا مطار به ميج 21 وسوخوي فكنا نقضي كثير من الأوقات مع القوات الجوية ، وكان معنا وقتها لانشات صواريخ عليها جميل فؤاد الذي استشهد عن ضرب القاهر وعثمان زيد قائد أحد اللنشات سار بالنيل ثم تم تحميلهم علي عربات أخذتهم لبرنيس ،

(( للاطلاع علي حوار المجموعة 73 مؤرخين مع البطل عثمان زيد – أضغط للدخول – ))

 

كنا نعرف أن برنيس بعيدة جدا عن العدو وأنه لا يملك طائرات تستطيع الوصول الينا ولكننا فوجئنا انهم استخدموا طائرات تزود بالوقود بالجو حتي تستطيع الوصول الينا وضربت القاهر بالطائرات الفانتوم ، أعتقد انتقاما لضربنا ايلات ، وغرقت القاهر بالميناء بعد دفاع بطولي ومعركة غير متكافئة ومفاجئة ضد طائرات العدو ، حزنت جدا عند غرق القاهر فقد عملت عليها كثيرا وحاول محمود فهمي قائد القوات البحرية أن ينتشلها بشتي الطرق لكنه لم يستطع ،

 

 

بعدها انتقلت الي شعبة التفتيش البحري فرع التخطيط كضابط تفتيش في 1968/10/12 استمريت بها شهرين ثلاثة ثم انتقلت في يناير 69 للعمل كضابط أول علي الفرقاطة الطارق (( الفرقاطة الطارق كان لها شرف أكتشاف واغراق الغواصة الاسرائيلية داكار في يناير 1968 ))

استمررت في العمل عليها حتي 21 يوليو 69 وكان قبطان المركب شعبان حماد ، كانت الطارق أكبر فرقاطة موجودة وبها مدفعية 4 بوصة تستطيع اطلاق 4 طلقات سويا فكانت ضرباتها في منتهي القوة ، كنا وقتها ببورسعيد بنهاية الميناء وكان العدو موجود برأس العش ، ضربنا العدو كثيرا بالمدفعية وقتها وكنا نراه يختبئ من شدة ضرباتنا له وكان بموقعهم تانكات بترول فارغة اذا عندما تأتي عليها الطلقة تصدر انفجار رهيب مع انها فارغة ، وبمجرد سقوط الطلقات عليهم يقومون بضربنا ضربا قويا إلي أن جاءت مجموعة من الصاعقة ودمرت موقعهم ، كانت معنوياتنا مرتفعة جدا وقتها حتي أن عمي توفي وسمحوا لي بأجازة ولكني رفضت النزول واستمريت علي الطارق مؤديا واجبي .

 

ثم انتقلت للعمل كضابط أول علي الناصر من 1969/7/22 حتي 1971/1/16 وضربنا رمانة وبالوظة أثناء وجودي بها وسميت ايضا عملية 8 شعبان لأنها كانت في تلك الليلة ، كان قبطان الناصر عادل شراكي وعندما صدرت لنا الاوامر بضرب رمانة وبالوظة كان لدينا مشكلة بأحد الاذانات بالمركب ولكن القبطان لم يبلغ عنها حتي لا تعتقد القيادة اننا نخشي المهمة ولا نريد التنفيذ وحتي لا يتم الغائها أيضا او اسنادها إلي غيرنا وكانت هذه المشكلة هي سبب بطء سرعتنا عند عودتنا ،

 

 

تلقينا التعليمات بالتحرك لنقطة معينة عند الوصول لها ستبدء المدفعية الساحلية ببورسعيد بالضرب كتمهيد نيراني وعند لحظة معينة نضرب رمانة وبالوظة ، نفذنا المهمة وعدنا ورأينا حرائق كبيرة أثناء رجوعنا فعرفنا أننا سببنا فيهم خسائر كبيرة فكانت معنوياتنا بحالة ممتازة ، كانت سرعتنا بطيئة عند العودة 22 عقدة تقريبا ، كانت معنا بالمهمة المركب دمياط وكان موجود عليها قائد المأمورية جلال فهمي وعدلي عطيه قائد لواء المدمرات ، بعد ضربنا للموقع خرجت طائرات العدو تلاحقنا أثناء رجوعنا كانت تضرب علينا مشاعل ، المشعل الواحد 75 ألف شمعة جعلت من الليل ظهرا ، كانت تلقي هذه المشاعل ثم تضربنا بالرشاشات فأصابت المركب وأصيبت بشظية بعيني لم أشعر إلا والدم ينزل منها وتخيلت أني فقدت عيني ، نزلت للعيادة فربطوا ضمادة علي عيني ثم صعدت للمركب مرة ثانية ، كانت طائرات العدو بدأت تلقي قنابل 250 رطل من علي بعد ثلاثة ونصف ميل فكنا نركز حتي اذا وجدنا الطائرة اقتربت علي هذه المسافة نناور بالمدمرة ونتفادي القنبلة ، استمروا بضربنا ثلاث ساعات وأطلقنا قنابل دخان حتي لا يرانا العدو وكان معنا ضابط روسي في حالة رعب من الضرب الذي تعرضنا له فعندما كانت تسقط طلقات الطائرة علي الماء وترتد الشظايا علي المدخنة الساخنة تصدر صوتا مرتفعا جدا فنعتقد أن المركب أصيبت ، كانت ساعات حرجة للغاية و كان عادل شراكي أثناء الضرب بمنتهي الثبات والشجاعة لم يهتز للحظة وكانت قراراته صحيحة جدا لم تتأثر بالخطر المحيط بنا ، وأبلي طاقمي بالمعركة بلاء حسنا وأخبرني ضابط المدفعية أننا أسقطنا طائرتين ولكن أعتقد أننا أسقطنا طائرة واحدة ، قررنا وقتها أن نتجه للشمال ناحية قبرص حتي نبتعد عن الضرب وعرفت بعد ذلك أنهم تخيلوا أن طيران مصري قادم من بورسعيد وأنهم سيقعوا بكمين فانسحبوا بعد الثلاث ساعات قتال ،

 

 

( يرجي الاطلاع علي قصة الطلعة الجوية المصرية لحماية المدمرات التي قادها البطل الطيار سمير عزيز ميخائيل – أضغط لقراءة القصة )

 

حدثت فترة صمت لاسلكي وانقطع الاتصال بيننا وبين القيادة ولم نعد ظاهرين بالنسبة لهم علي الرادارعندما ابتعدنا ناحية قبرص فاعتقدوا أننا تعرضنا للغرق خاصة أن دمياط وصلت اسكندرية ونحن لم نصل ، بعد انتهاء القتال عدنا للاسكندرية وعلمت أن قائد القوات صلي ركعتين شكر علي وصولنا سالمين ، لم يستشهد منا أحد وبعد عودتنا تم نقل المصابين للمستشفي وأنا منهم حتي تتعافي عيني المصابة ، وكان الخطأ الذي حدث بهذه العملية هو رجوع دمياط وحدها فالتكتيك البحري يقتضي أن المدمرات تتحرك وتناور وتضرب سويا فكان علي دمياط أن تسير بنفس سرعتنا فلولا أننا عدنا سالمين كان طاقم دمياط تعرض للمحاكمة فهناك شعرة بين البطولة والخطأ ، ولكننا عدنا والحمد لله وتكرمنا جميعا وأخذت نوط شجاعة من الدرجة الأولي فكانت هذه العملية نصر مهم وكبير للبحرية ورفعت معنوياتنا كثيرا ،

تغيرت قيادة القوات البحرية أكثر من مرة ، في البداية كان فؤاد أبو ذكري قائد القوات البحرية ثم تغير الي محمود عبدالرحمن فهمي أعتقد لأن فهمي كان معروفا أكثر وقتها وكان مدير مكتب المشير عامر للشئون البحرية كما كان له سجل تاريخي كبير ولكن تم اقالته بعد ذلك عندما قال للسادات بالمؤتمر الشهير أننا لا نستطيع أن نحارب هو والفريق صادق فاقال السادات الاثنين وأعاد فؤاد ذكري مرة أخري لقيادة القوات البحرية بعدما تقاعد فلم يكن يصلح غيره من الموجدين حتي علي عثمان رئيس أركان القوات البحرية كان لا يصلح للقيادة ، أما سليمان عزت فقد استقال بعد 67 فقد كان يحب المشير عامر كثيرا ،

أما عن غرق الغواصة الاسرائيلية داكار فقد سمعت من الضابط محمد علي نجم وكان يعمل علي الطارق وقتها وهو نبطشي وموجود بالممشي وجد طوربيدات تعمل تحت سطح الماء فتفاداها وعرف أن المكان به غواصة ، وكان معه ضابط يدعي عبدالمجيد عزب كان ضابط طوربيد الفاتح عندما عملت عليها كضابط ثاني طوربيد وقام بالهجوم علي الغواصة داخل ميناء اسكندرية وقام باغراقها ،

 

 

 

 

( لقراءة حوار المجموعة 73 مؤرخين مع القبطان عبد المجيد عزب – يرجي الضعط )

 

 

وعندما عملت بالفاتح كان معنا علي سطحها جمال مختار كان قائد لواء الغواصات وكنا نجري اختبار عن كيفية اكتشاف غواصة واكتشفنا وجود غواصة في التدريب وضربنا عليها ولكن لم نتأكد من أنها غواصة قد تكون هدف كاذب فلم يطفو منها شيئا عكس داكار فقد طفت منها أشياء أكدت غرقها .

وفي 1971/1/17 انتقلت للعمل بشعبة العمليات ، بهيئة عمليات القوات البحرية توليت قيادة المحور السوفيتي كانت تدخل وحداتهم البحرية كطراد أو مركب وغيرهما من السلوم ومرسي مطروح بتصريح منا ولم يكن مسموحا بدخول عدد كبير من هذه الوحدات فكنا نعطيهم تصريح حسب الظروف ، كما توليت المحور التجاري ومحور التعبئة وهذا العمل كان بجوار عملي بالعمليات العسكرية ، وكنت أضع أفراد علي كل مركب تجاري للاستطلاع فاذا اكتشفوا أي هدف معادي حوله يقوموا بإبلاغي فورا ، كما توليت مسئولية 45 بلانص بالعين السخنة كنا نمولهم بالتعيينات المطلوبة من طعام وذخيرة وقد اكتشفت اسرائيل هذه البلانصات في الحرب وأغرقتهم...

 

وفاة عبدالناصر وتولي السادات

حزنت عند وفاة عبدالناصر فقد كان زعيما رغم كل شئ ولكني لم أتأثر كثيرا بالخبر لأني كنت غير راضي عن أدائه فقد أخطأ كثيرا فهو من تسبب في حرب 67 عندما استفز اليهود بإغلاقه لخليج السويس وميناء العقبة وهو الطريق الوحيد الذي يصلهم منه البترول فما معني هذا الاغلاق سوي الحرب ؟ فتلقينا هزيمة قاسية بسببه ، وقد رأيت طريق المعاهدة أثناء انسحاب الجيش منه كان الشجر به محترق من النابالم الذي ضربه العدو وصعقت عندما رأيت هذا المشهد ، فقد عاني جيشنا أثناء انسحابه وتعرض للضرب كثيرا ومات منه الكثير بسبب هذا الانسحاب العشوائي ، كما أن اجراءات التأميم التي قام بها كانت غير عادلة فقد صادر أراضي كثيرة وأخذ من 60 فدانا من الأراضي الزراعية ، كما أتذكر أن الحياة كانت مغلقة بعهد عبدالناصر وكان هناك أزمة في تواجد السلع لم تكن متوفرة باستمرار ولكن عدد الشعب كان قليلا فلم يكن حجم الأزمة كبير ،

أما السادات كان قائدا ذكيا ومحنكا ، كما أتاحت له الفترة التي هرب بها من الانجليز وعمل كسائق وشيال أن يختلط بالشعب ويشعر بمعاناته فأصبح واحدا منهم يفهمهم ويعرف متطلباتهم ويعرف كيف يديرهم ، فمنحته هذه المحن القوة ، كما تخلص من مراكز القوي بمنتهي الذكاء "كان علي صبري شيوعي فقد كنت أعرف أخاه عمر صبري كان يسبح معي بالنادي" ويكفيه شرفا أنه أعاد للشعب كرامته ، وعندما وقع اتفاقية السلام كان سابقا لعصره وقد ندم العرب كثيرا بعد ذلك علي عدم مشاركتهم له بالاتفاقية...

 

حرب 73

كنا نتدرب علي الخطة بدر بالعمليات وقبل الحرب بعشرة أيام جاءنا فؤاد ذكري قائد القوات وبلغنا أننا سنحارب في خلال عشرة أيام

وقبل الحرب باثنين وسبعون ساعة أعطيت تعليمات للتنظيم والادارة باستدعاء الاحتياط وكجزء من خطة الخداع رجعوا الاحتياط كما كان ثم استدعينا نصفهم فقط وبعد بدء الحرب استدعينا النصف الثاني ، وقد قام السادات بالكثير من أجل نجاح خطة الخداع الاستراتيجي فقد كان يعلم أن أي شئ سنفعله سيعرفه الروس وهكذا سنفقد سرية الخطة فأمر أن جميع الضباط ترتدي جوانتيات وتترك الطبنجات زيادة في الخداع وقد كان الخبراء الروس متجمعين بعمارتين بميامي فأعادهم الي بلادهم في 48 ساعة ، وقد كان موجودا بكل سلاح مستشار روسي فهم من اشترطوا ذلك هذا ما قاله لنا محمد فوزي ولكننا لم نستفيد من وجودهم وكانوا يخافون ويختبئون دائما وقت الضرب ، وقد أشاع السادات أنه مسافر لروسيا ليتعالج من أمراض القلب ، وفي الفترات الأخيرة التي سبقت الحرب جاءتنا تعليمات ونحن بمركز العمليات بأن نخفي عن الروس تحركاتنا فقد كانوا كل ليلة يأخذوا موقف قواتنا البحرية كيف يتحركوا وإلي أين وماذا يفعلوا فأخفينا عنهم تلك التحركات ، كما استخدم السادات أشرف مروان ليساعد في الخداع فكانت النتيجة بالنهاية خطة خداع هائلة ، وعند سفر السادات لروسيا قبل الحرب طلب منهم المساعدة والامدادات بالأسلحة لتعويض ما نفقده سريعا في حالة اذا ما قامت الحرب ولكنهم لم يرسلوا شيئا وكل ما أرسلوه هو السيارات التي تمون بالبنزين فقط ،

وكنا بالبحرية علي مستوي علمي وتكتيكي عالي فلم يكن الخداع صعبا بالنسبة لنا فالبحرية تختلف عن باقي أفرع الجيش وقد تعلم رؤسائنا بإنجلترا فأخذوا خبرة كبيرة جيدة نقلوها لنا بينما مثلا بالقوات الجوية لم يكن عندهم مادة تسمي تكتيك جوي فهذا ما سمعته ، وقد أخذت أركان حرب في التكتيك البحري ،

بعد أن عرفنا أن الحرب في خلال 10 أيام انتقلنا إلي محطة الرمل كانت احد مركزين للتجمع المركز الآخر كان مركز احتياطي بأنطونياديس تحت الأرض ، أما مركز محطة الرمل كان بنادي للضباط هناك ويعتبر أفخم نادي بمصر فتوجد علي سطحه حديقة بغاية الجمال والروعة وبه تابلوهات تعد تحف فنية بملايين الجنيهات ، هذا النادي من تحت الأرض توجد به قناة تؤدي إلي السفارة البريطانية وبه دور سري خاص بالملفات الانجليزية تحت الترام ، فانتقلنا إلي محطة الرمل قبل الحرب بخمسة أيام وكانت المرة الأولي التي نذهب فيها لهذا المركز ،

عند قيام الحرب في الثانية ظهرا يوم 6 أكتوبر كنت موجودا بشعبة العمليات مع قائد القوات البحرية ورئيس الأركان ورئيس شعبة العمليات وضابط عظيم وكانت أمامنا شاشة كبيرة نتابع عليها الأحداث ، لم أكن أصدق أن الحرب ستبدأ ، وعندما بدء الطيران بالضرب في ساعة الصفر ولم أجد مقاومة من العدو لم أصدق نفسي وظللت مستيقظا يومان من الفرحة لا أريد أن أنام ولا أستطيع النوم والحرب مستمرة أردت متابعة الأحداث أولا بأول حتي لا يفوتني شئ ، لم نكن نحارب اسرائيل فقط فكنا نحارب أمريكا أيضا 

 

 

اقتصر دور القوات البحرية بالحرب علي تأمين السواحل ، أما باب المندب فكانت تحرسه الغواصات وكانت اسرائيل مرعوبة منها فلم تقترب منه ، وأتذكر أن المدفعية الساحلية ضربت مرة مراكب للعدو من السلوم ولكن لا أتذكر النتائج ، و وقت حصار الجيش الثالث حاولنا ارسال لانشات مسلحة بالذخيرة إليه ، يعتبر الاشتباك الوحيد الذي قامت به البحرية هو الاشتباك الذي حدث يوم 8 أكتوبر عندما هاجمت لانشات الصواريخ العدو وأثناء عودتها بعد أن ضربنا الصواريخ الموجودة بها تعرضت للضرب وأستغرب كيف وصل لها العدو وكان قائدها علي جاد والذي أصبح قائد للبحرية بعد ذلك ، خسرنا بالمعركة ثلاث لنشات وخسر العدو لنش ،

في موقعة الأدبية كنا علي اتصال بقاعدة السويس وكان قائدها نادر دياب فسمعناهم وهم يبلغون بإقتراب دبابات العدو عليهم وأنه قام بإنزال قواته هناك وقاموا بأسر خليفه جودت قائد الضفادع البشرية واستولوا علي قاعدة الأدبية بالسويس ،

كانت أحد الانتقادات التي وجهت للفريق ذكري بعد الحرب أنه استخدم القوات البحرية في الدفاع فقط ولم تقم بأدوار هجومية وأعتقد أنه قد يكون فعل ذلك ليحافظ علي القوات خصوصا أن عددها محدود ، ولكن اذا كان محمود عبدالرحمن فهمي مكانه كانت القوات البحرية قامت بأدوار هجومية وأثرت أكثر بالحرب ففهمي جرئ وفي عهده قامت البحرية بعمليات كثيرة كالحفار وايلات ورمانة وبالوظة ،

وقد كلفني الفريق محمود فهمي مرة وأنا بهيئة العمليات بأن أذهب إلي موانئ البحر الأحمر بالكامل لكي أحدد المناطق الصالحة للانزال والتي من الممكن أن يقوم العدو بإنزال قواته عليها ، فأخذت الخريطة وأفراد من سلاح المهندسين حتي يقوموا بإكتشاف الألغام التي قد نقابلها بطريقنا علي الساحل حتي لا تنفجر بي وذهبنا بسيارة جيب إلي موقع الجيش الثالث وجلسنا معهم تحت الأرض وكان يوما مليئا بالأتربة فقد عاني أفراد الجيش الثالث كثيرا فهم رجال حقيقيون ، استمريت في التنقل بين الموانئ حتي الغردقة ورسمت له الأماكن التي من الممكن الانزال بها وأعطيته الخريطة وكان معظم المنطقة أماكن صخرية لا تصلح للانزال ، ويعتبر انجاز ذكري الوحيد هو نقل الغواصات للبحر الأحمر وتأمين باب المندب ، وبالبحر المتوسط كانت الغواصات تقوم بالمرور العادي لتأمين السواحل ، أما البحر الأحمر هو ما حدث به خسائر في مسرح العمليات بعدما ضرب العدو البلانصات الموجودة هناك عندما استولوا علي قاعدة الأدبية بالسويس ،

من الدروس المستفادة من الحرب انه كان لابد من استكمال الهجوم واستغلال النصر والوصول للممرات ، عرفنا أيضا أن الأسلوب الروسي الذي انتهجناه كان بطئ الحركة توجد مركزية بتحركاتنا عكس العدو كان متفوق علينا في سرعة الحركة واستدعاء قواته ،

استمريت بالعمليات بعد الحرب وتعلمنا أن نكثف عمليات المرور مستخدمين الغواصات والمدمرات للوصول لأكبر تأمين للسواحل وأصبح اهتمامنا بالاستطلاع أكبر ، كما زادت تدريبات الضفادع البشرية لإعلاء مستواها وتقوية أفرادها ،

بالحرب كان قائد القوات البحرية فؤاد ذكري وكان رئيس الأركان علي عثمان وكان قائد العمليات أشرف رفعت الذي ترقي لفريق بعد انتهاء الحرب وكان نائبه اللواء محمد علي الذي أصبح قائد القوات البحرية فيما بعد ، وكان قائد لواء المدمرات فاروق زويل أو عدلي عطيه وكان قائد لواء اللنشات علي جاد ،

أثناء حياتي المهنية شاهدت ثلاث حرائق ، الأولي كنت وقتها بأجازة التخرج أعطونا 10 أيام أجازة بعدها سنتخرج من الكلية فذهبت يوم واحد ابريل في رحلة من نادي المعادي الي القناطر الخيرية علي مركب يحمل مائة وسبعين فردا ، كانت مركب خشب بها من الخلف ماكينة بنزين ودورة مياه ، كانت ماكينة البنزين تولد الكهرباء التي تنير المركب كان لدينا مثلها بالبلد وكان العامل يقوم بفك البوجيهات ويملئها بالبنزين ويقوم باشعاله فيدور المكن ، كانت رحلة سعيدة وكنا نغني ونرقص واذ فجأة ونحن عائدين وجدت أحدا يجري ويقول "حريقة" جريت إلي المكن فوجدت عمال المركب يحاولون اطفائها بالمياه فمنعهتهم من ذلك وكنت قد انتهيت من أخذ فرقة مكافحة حريق وكنت أحبها فأخذت بالطو سيدة انجليزية أطفئت به الحريق التي كادت أن تصل إلي الطابق الثاني ولكني لحقتها وعندما هدأت النيران وأصبح سطح المركب يطقطق بدءت برشها بالمياه فهذا نظام اطفاء الحرائق ، وقد رأي الناس وقتها أحد الركاب يعوم بالنيل وكان بطلا بالسباحة فعدنا وأحضرناه ، عدت الي المنزل وملابسي بها أثر الحريق وحكيت لهم ما حدث ولكن اخوتي لم يصدقوا وقالوا انها كذبة ابريل فتركتهم وبدلت ملابسي وذهبت للنادي فوجدت الأعضاء يحملوني علي أعناقهم ويهتفوا بإسمي احتفالا بإنقاذي للمركب ، تم نشر الموضوع بآخر ساعة وعندما عرف به سليمان عزت تحدث مع عبدالناصر فقام بتكريمي ومنحني نوط الشجاعة وقد أخذت من عبدالناصر نوط الشجاعة من الدرجة الثانية مرتين ،

الحريق الثانية كنت بالناصر وكان قائد القوات البحرية يقوم بتدريبات يختبر منها التشكيل الضارب للمركب ، كان يختبر الناصر اسبوعا ويختبر دمياط اسبوعا آخر ، فكان يخطط أن تخرج كاسحة ألغام بعيدا بالبحر ويقوم بإختبارنا هل سنعرف نكتشفها ونتعامل معها أم لا ونحن لا نعلم بوجودها ، خرجنا للمهمة وبعد سيرنا بالبحر ساعتين تقريبا وجدنا من يقول حريق بالكاسحة اقتربنا منها وجدنا حريقا كبيرا والذخيرة تنفجر منها كانت تخرج منها نيران رهيبة كان قائد القوات موجود بالأعلي وكنت ضابط أول وقتها والحمد لله أن "الممرايت "هو المكان الذي يغلق عندما تبحر أي مركب حتي لا يدخلها الماء ويشبه الشباك" يومها كان مفتوحا من الناحيتين ، استمرت عملية الاطفاء ثلاث ساعات واللانشات تخرج بالخراطيم ويتعب فريق الانقاذ من صعوبة العملية ويصاب بدوار ودوخة من الدخان فأقوم بارسال غيرهم ، حتي سطحها انبعج من سخونة الحرارة التي سببها الحريق ، كانت عملية انقاذ رهيبة لم أري مثلها ولكن مرت بسلام ولم يتوفي أو يصاب أحد وبعد انتهاء الاطفاء أرسلنا مركب سحبتها وأعادتها للميناء بالاسكندرية كان ذلك سنة 1969 ،

الحريق الثالث كنا برمضان سنة 76 بعد استقالتي بشهرين وكان جمال مختار صديق مقرب لي فاقترح عليا أن أخرج لرحلات تجارية فأنا لم أعمل علي مركب تجاري من قبل مع اني كنت أدرس للطلبة بتجاري حتي أستطيع العمل علي المراكب التجارية ، وكل ما أحتاجه أن أخرج مع قبطان شعبان قائد المدمرة الطارق في بالبحر الأحمر لمدة شهرين ككبير الضباط لرحلات تجارية ثم بعدها أستلم المركب كقبطان لها فوافقت ، خرجت علي مركب ركاب كانت تعمل علي خط جدة-السويس وكان بها اربع مضيفات وكانت هذه المراكب مليئة بالفوضي والمشاكل وتجار الشنطة فبعد وقت قصير قررت ألا أستمر بهذه الرحلات ، كنا عائدين من رحلة مع الحجاج وجاءنا انذار انه قد يحدث تخريب فعلينا أن نزيد الحراسة نفذنا التعليمات وكان من المفترض أن نتحرك الساعة الثالثة ولكننا تأخرنا ساعتين من فوضي الركاب والقائهم للشنط بدون نظام فتحركنا في الساعة الخامسة ، كنت نبطشي وقتها وكان الضابط الأول في الغالب يأخذ نبطشية من الساعة الرابعة للثامنة بعد فترة وجدتني متعبا وأشعر بارتفاع حرارتي فاقترح عليا القبطان شعبان أن أذهب لكبينتي وكانت خلف الممشي لأرتاح قليلا ثم أكمل رفضت في البداية ثم اقتنعت وبمجرد ذهابي لها الساعة 7:25 دقيقة وجدت الضباط يصيحون بأن هناك حريق بالماكينات ، نزلت فوجدت المكن مولع بالنيران فقولت لشعبان أنه لا فائدة يجب انزال الركاب بقوارب النجاة ، كان من الممكن أن أتعرض للمحاكمة والحبس لولا أني برحلة قبل هذه قمت بمناورة حريق بمخزن عربيات وأفهمت المهندسين ماذا يفعلون عند حدوث حريق ، فكان يوجد علي الممشي هوايات تجلب هواء للمركب لأن حرارته ببعض الأوقات تصل إلي 52 درجة ولا يوجد تكييف به وعند حدوث حريق أول شئ علينا فعله هو ايقاف هذه الهوايات ، كما أخبرتهم ما هي أماكن الدخول والخروج وترك السفينة وقت الحريق ، كان معي علي هذا المركب عسكري عمل معي بالفاتح اسمه حامد وضابط ثالث قد استقال وعمل علي التجاري نحن الثلاثة من قمنا بعملية الانقاذ ، كانت حريق كبيرة واحترق كثير من لانشات الفلوجة لانشات الانقاذ ، بدءنا في اخلاء السفينة من الركاب اولا النساء وكبار السن والاطفال فنزل معهم بأول لانش مهندس وضابط الكهرباء والقبطان شعبان فقد كان لا يجيد السباحة ، بعد ما انتهت اللنشات كان أحد الكاوتشات الكبيرة التي من الممكن تحميل ركاب عليها بعيدة عن المركب فطلبت من الضابط الثالث أن يأتي بها ولكني لم أجده بجانبي فنزلت الماء لاحضارها وعندما وصلت بها بجوار المركب تجمع عليا الناس وكدت أن أموت من تجمعهم فوقي ولم أستطع الصعود منهم للمركب لانقاذ البقية ، حاولت أن أحرك هذه العوامة بشتي الطرق ولكنها لم تتحرك واكتشفت أن أحد تجار الشنطة قد ربطها بالرفاص وكنت أري حولي مراكب ولانشات خائفة من الاقتراب بسبب الحريق فتركتها ونزلت الماء ، وكنت أرتدي البدلة البيضاء وقتها والقرش يحب اللون الأبيض فخلعتها وألقيت اليهم بالساعة واستمريت بالسباحة اثنان كيلو الي أن وجدت لنش روسي وكنت أتحدث روسي قليلا فطلبت منه المساعدة فرفض وصعد الي ناقلة بترول روسي فصعدت معه وطلبت من القبطان المساعدة بلنشات أو مجاديف فقال ليس معه شيئا فكلمته بحدة فقال أنه متوجه للجنوب حيث جدة قولت له نحن نريد السويس فقال أستأذن موسكو أولا و وافقت موسكو وذهبوا معنا للسويس بعد أن عدنا للمركب واستمرينا في عمليات الانقاذ لليوم التالي ، وصلنا السويس وكان في استقبالنا رئيس الوزراء ممدوح سالم ، كانت رحلة بغاية الصعوبة...

تزوجت في 1959/4/16 كنت ملازم وقتها و ولد ابني سنة 64 عندما كنت ببرنيس كنت أنزل للأجازة كل شهر مرة ،

استقالت من العمل بالقوات البحرية سنة 1976 فقد شعرت أني أديت واجبي وقد فاتني الكثير أيضا خاصة بحياتي الاجتماعية ، وقد تعبت أعصابي حتي عندما كنت ألعب الاسكواش أصبحت أعصابي وجسدي لا يتحمل اللعب ، فتقدمت بالاستقالة واكتشفت بعد ذلك أني أخطأت بقراري والأفضل لو كنت استمريت بالخدمة ولكنه النصيب..

*************

 

تم التسجيل بمنزل البطل – 4/12/2017

قام بالتسجيل / احمد زايد – حسن الحلو

مراجعة تاريخية – المجموعة 73 مؤرخين

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech