Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

الشهيد المقدم أحمد زكي مدحت قائد الكتيبة 202 دبابات

مـذكــرات

الشهيد مقدم / أحمد زكي مدحت

قائد الكـتـيـبـة 202 مدرعــــات

في حرب 1967 م

 

مقدمة من المجموعة 73 مؤرخين ..

حوارنا اليوم عن بطل قام ببطولة غامضة ، إستشهد في 67 وهو يقود كتيبة دبابات في منطقة الكونتلا ، وسبب غموض بطولة البطل ، أن أحدا من ضباط الكتيبة لم يعد ليروي ما حدث في معركتها صباح يوم 5 يونيو 67 ، وربما يكون ذلك عاديا لمئات والاف الضباط والجنود في حرب يونيو1967 ، لكن أن تمنح القوات المسلحة أسم الشهيد نجمة الشرف العسكرية ويتم تكريم أسمة مرارا حتي عام 2010 ، فلابد وأن البطل قد قام بشئ إستثنائي وبطولة كبيرة لكي يحصل علي أعلي وسام عسكري مصري

وحتي اليوم لا إبن البطل الدكتور مدحت أو المجموعة 73 مؤرخين قد أستطاعت التوصل الي بطولة رجال الكتيبة 202 دبابات في معركة الكونتلا ولا يوجد في المراجع العسكرية المصرية او حتي الإسرائيلية معلومات كافية عن تلك المعركة البطولية ...... وما زال الجميع يسأل – ما الذي حدث للكتيبة 202 دبابات صباح يوم 5 يونيو 1967 .....

الحوار مع المجموعة 73 مؤرخين نقلا عن لسان إين البطل الشهيد

ولد أبي رحمه الله في مدينة الخرطوم ، يوم 11 نوفمبر 1929م وكانت مصر والسودان وقـتها بلداً واحـدة هي المملـكـة المصرية وكان جـدي - والد أبي - قد نشأ في قـرية "العـمار" بمحافـظة "القـليوبية" ، ثم التحق للعمل بفرع وزارة الصحة في المحافظة ولكنه سافر لاحقاً من القليوبية إلى السودان ، للعمل ضمن موظفي وزارة الصحة المصرية هناك .

     وأبي هو الأخ الأكبر لأربعة إخوة ، و كان في سن الثانية عشرة حين توفي جدي رحمه الله ، فعادت جدتي بأولادها من السودان للقاهرة ، حيث التحق أبي فيها بالمدرسة السعيدية الثانوية ، وأكمل دراسته بها حـتى حصل على شهادة "البكالـوريا" ( الثانوية العامة ) ثم التحق بكلية الطيران . وكان الطلبة المستجدون فيها يقضون فترة تأهيل أولية ، قبل أن يخضعوا للكشف الطبي مرة أخرى ويجتازون اختبارات اللياقة للطيران ، حيث يتم انتخاب أصلحهم ، وتحـويل الباقـين لسائر الكليات العسكرية . فكان أبي ممن تم تحويلهم للكـلية الحـربية ، حيث تخرج رحمه الله ضمن الدفعة رقم 30 . وكان المفترض أن تتخرج تلك الدفعة عام 1953م ، ولكن "حيدر باشا" وزير الحربية وقتها ، قال لهم إنهم دفعة استثنائية يمكن أن يتخرجوا مبكرا ، وتم تخريجهم فعلاً نهاية يوليو 1952م ، بعد الثورة مباشرة .

     تم تعيين أبي بعد التخرج ضمن "آلاي السيارات" الذي كان مقره في حي "كوبري القبة" بالقاهرة ، ثم انتقل في العام التالي إلى "أُورطة الفرسان" بمدينة الإسكندرية ، وكان سلاح المدرعات وقتئذ ما زال يُسمّى "سلاح الفرسان".

     وفي عام 1954م تزوج أبي بوالدتي السيدة "جهينة" ، وكان رحمه الله يحب أن يناديها بـ "جيهان" . وانتقلنا للإقامة في ضاحية جديدة وقتها من ضواحي القاهرة تُسمّى "عزبة النخل" ، وأنا مازلت جنيناً في بطن أمي ، وولدت أنا في عام 1955م

     في شهـر فـبراير 1956م ، انتقـل محل عـمل أبي إلى سيناء ونشب العدوان الثلاثي في نفس السنة ، حال وجوده فيها . وكنت أسمع وأنا صغير أنه كان في منطقة "أبو عُجيلة" حين صدرت له الأوامر بالانسحاب على إثر ذلك ، وعاد والدي رحمه الله حينها ماشيا .

ثم انتقل بعدها بعام إلى كتائب الفرسان، وظل بها إلى أن تم تعيينه معلّماً في "مدرسة المدرعات" سنة 1960م . وكان العميد "محمد عبد الغني الجمسي" رحمه الله ، هو مدير المدرسة وقتها ، فعمل والدي تحت قيادته برتبة نقيب ، وقامت صداقة شخصية وأسرية بينهما ، فكان الجمسي رحمه الله ، يزورنا وبصحبته السيدة زوجته في منزلنا بعزبة النخل ، ويقضيان السهرة مع والدينا ، وكنا نحن وقتها أطفالاً صغاراً ننام مبكرين ، وغير مأذون لنا بالسهر .

     وفي عام 1962م قامت حرب اليمن ، وبعدها بعامين ، سافر والدي إلى هناك ، وبقي فيها حتى أوائل 1966م ، وتمت ترقيته أثناء ذلك إلى رتبة رائد . وكان هدف أبي من الذهاب إلى هناك ، زيادة دخل الأسـرة ببدل السفـر ، لأن رواتب الجيش كانت ضعـيفة وقـتها ورغم أنه كان معلماً في مدرسة المدرعات ، إلا أن راتبه لم يكن يزيد وقتها عن 35 جنيهاً تقريبا .

     عمل أبي مجدداً عند وصوله لليمن ، تحت قيادة قائده السابق المقدم "إسماعيل الفنجري" رحمه الله ، والمسمَى باسمه أحد الكـباري الشهيرة في القاهـرة ، تكريماً لذكراه وبطولاته في اليمن وعندي صورة لوالدي معه على طريق السويس عام 1957م . ولكن الفنجري رحمه الله ، استشهد عام 1964م بعد وصول أبي إلى هناك بقليل ، إذ أصابه أحد قناصة العدو فور إطلاله في إحدى المرات من برج الدبابة .

  

أرسـل إلينا والدي رحمه الله ، رسائل عديدة من مدينة صنعاء في اليمن ، خلال فـترة عـمله هـناك ومازلت محـتـفـظاً بنسخ منها وقد وصف لنا فيها مناظر اليمن وطبيعتها ، وحكى لنا كيف كانت الحياة بدائية هناك ، وكيف أن الله سبحانه وتعالى نفع الأشقاء اليمنيين بالجيش المصري ، في إحداث نقلة حضارية كبيرة لديهم . وأخبرنا أبي في خطاباته أن اليمن عبارة عن جبال ، وأنه قال في إحدى الليالي لزملائه إنه سوف ينام في العراء بالجبل ، بدلا من النوم داخل الدبابة في ذلك الجـو الحار وقـتها ، ولكنه عندما عاد إلى زملائه وجدهم جميعا قد لقوا حتفهم أثناء نومهم خلال ساعات الليل بعد هجوم صامت للمرتزقة اليمنيين

   وحكى لنا أبي رحمه الله أيضاً ، أنهم توقفوا ذات مرة ، أثناء سيرهم في قُول ( طابور) ، فتعرضوا لإطلاق نار من قناص مختبئ في الجبل ، ولم يستطع أحد منهم أن يخرج من دبابته . ولكن أبي أمر بطلاً من رجاله ، فتسلل خلف الجبل ، واستطاع أسر ذلك القناص ، فوجدوه ضئيل الجسم ، قصير القامة ، فعلموا أن قوته في القتال تكمن في خبرته بطبيعة أرضه الجبلية وقدرته الفائقة على التخفي والتسلل في مسالكها الوعرة .

ولدي صور لوالدي وهو في بيته هناك .

 

 

   وحين عاد والدي من اليمن عام 1965م إلى مكان عمله الجـديد في منطقة "فـنارة" ، انتقلنا معه إلى مدينة "فايد" القـريبة ، حيث تم تخصيص مسكن لنا في قرية تابعة للقوات المسلحة هناك تسمى "قرية ناصر" . وكنا نذهب من "ناصر" إلى "فنارة" لنتريض في نادي مخصص للضباط وأسرهـم من سكان القـرية هناك . وكان وقـتها محاطاً بالمزارع ، وتمر بينه وبين قرية ناصر ترعة مياه عذبة ، وهو نـفـس النادي الموجود حالياً بمسمى نادي ضباط القوات المسلحة بفايد ، بعـد تطويره .

   وكانت تلك الفترة في الاسماعيلية من أسعد أيام حياتي ، لأن والدي كان وقتها يعود إلينا يومياً من العمل ، فشعرنا خلالها أننا أُسرة بحق ، بعد أن كنا محرومين في السابق من رؤية أبي طوال العام ، إلا قليلا ، وكنت في ذلك الوقت ، بالصف الخامس الابتدائي .

   وأتذكر جيدا في تلك الفترة "دبابات السنتوريون" التي كان أبي رحمه الله يعمل عليها ، حيث كانت قديمة للغاية ، امتلكتها مصر ضمن مخلفات الإنجليز بعد الحرب العالمية الثانية ، وكانت صيانتها صعبة جدا ، ولا تتوفر لها قطع غيار لدينا .

 

 

 

ورغم أن معظم تسليح الجـيش كان في ذلك الوقت سـوفـييتياً والدبابات من طراز T-34 ، T-54 ، إلا أنكتيبة أبي كانت هي الوحيدة بالجيش المجهزة بذلك النوع من الدبابات ، أسندوها إليه تقديراً لكفائته العالية رحمه الله ، فكنا نذهب مع أبي أحياناً إلى القوشلاق ( المعسكر) ، ونصعد عليها ونلعب داخلها ، وذهبنا ذات مرة عند أبي ودخلنا معه ورشة الصيانة فرأيت الميكانيكي والكهربائي يحاولان معاً إصلاح إحدى تلك الدبابات ، وحين تحركت خارجة من الورشة بعد المحاولات المضنية ، انبعث منها دخان كثيف أبيض اللون لدرجة أثارت الأتربة من الأرض ، وفوجئنا بالمعسكر كله يهتف ويصيح فرحاً لأنها تحركت ، وفهمت بعدما كبرت أن حالة رجالنا في الجيش كانت فعلا صعبة ، ولم تكن قطع الغيار اللازمة للحفاظ على كفاءة الأسلحة ، متوفرة للأسف .

     ومع ترقية أبي لرتبة المقدم ، انتقلت الكتيبة إلى منطقة "الهايكستب" العسكرية في القاهرة ، فعدنا معه رحمه الله من فايد إلى عزبة النخل ، وصرنا قريبين منه أيضاً . وكانت كتيبة أبي هي كتيبة دبابات السنتوريون الوحيدة في الجيش ، وهي كتيبة مستقلة برقم 202 مدرعات ، وقيادة المقدم / أحمد زكي مدحت ، وتم إلحاقها تالياً على اللواء رقـم 113 مشاة .

وحضرت مرة أنا ووالدتي ، مع والدي رحمهما الله عرضاً عسكرياً في بداية الستينيات ، عند كوبري قصر النيل ، وفرحنا عندما رأيناه واقفا في برج الدبابة وهي سائرة في العـرض . وكان أبي قـد أخذنا في الليلة السابقة معه أنا وأخي إلى حيث تمركزت الكتيبة قرب كورنيش النيل في أرض المعارض بالجزيرة ، محل دار الأوبرا المصرية حالياً ، وأكلنا مع أبي وزملائه ليلتها سميطاً ( مخـبوزات ) بالعجـوة ، وتركونا نصعد مع الجنود فوق الدبابات .

     ثم انتقلت الكتيبة مرة أخرى ، في أواخر عام 1966م إلى منطقة "الشلوفة" شمال السويس ، وظللنا نرى أبي وقتها بانتظام يومي الخـميس والجـمعة من كـل أسبوع . حتى جاء شهـر مايو 1967 م وعندما بدأت الأنباء تتوالى في نشرات الأخبار عـن وجـود حـشود إسـرائيلية عـلى الجـبهة السـورية ومناوشات مع الصهاينة ، كان أبي وقتها طريح الفراش بالمنزل في إجازة مرضية .

وأحسست من حديث أبي مع خالي أنه قلق تجاه ظروف جيشنا وسمعته يقول لخالي أثناء مشاهدتنا سوياً نشرة الأخبار على التلفاز: "ها يودّينا في داهية " وكنت صغيراً وقتها ، فلم أستطع أن أعرف من يقصد ، 

   ولما انقضت فترة النقاهة ، سافر أبي إلى عمله في الشلوفة كالمعتاد ، وعند وصوله إلى هناك ، تلقينا منه اتصالاً يوم 13 مايو قال فيه لوالدتي : "إحـنا بنتحـرك داخـلين سيناء ، لـكـن مش عارف رايحـين فـين" ، وطمأنها أنه سوف يراسلنا حين يصل إلى نقطة التمركز الجديدة .

    وكنا وقتها في الإجازة الصيفية ، وظللنا نترقب مدة أسبوعين أي اتصال من أي نوع بيننا وبينه ، حتى وصلتنا أول رسالة منه يوم 27 مايو ، بعد يوم واحد من كتابته إياها ، ضمن تسعة رسائل وصلتنا منه رحمه الله ، من "الكونتيلّا" وسط سيناء ، وصف لنا فـيها طبيعة الأرض ، والطقـس ، والتعيينات ( الطعام ، والشراب ) لديهم .

   يقول أبي في ذلك الخطاب لوالدتي :

"أبعثُ إليكِ أخلص تحياتي وأجمل معاني الوفاء الصادق ، وأعمق معاني الحب المحمَّل بأهازيج الصبابة ، وأنغام الهوى . أبعث خطابي إليكِ من منطقة نائية لم تطأها قدماي من قبل ، بل ولم يسبق لي رؤيتها منذ تخرجي من الكلية - وكان وقتها قد رأى مناطق مصر كلها تقريبا ، بما في ذلك مطـروح وسيوة - منطقة لو ربطـتِ فيها الجـن يِقطَع ( يعني ينقطع أمله في أن يرى أحداً ، أو يغيثه أحد ) .

منطقة شديدة الحرارة إلى درجة أن تـكـون جـزءاً من جهـنم ، أو هي جـهـنم الدنيا فعلاً . نعم فكلها عواصف ترابية تُحيل النهار ليلا ، والرؤية عمى ، ويكاد التنفس فيها يصبح غـير ممكـن ، وتكاد الحياة تتعذر فيها لمن يطأها لا ماء فيها ولا طعام ولا حتى راحة أو استكنان .

منطقة تبعُد عن العريش حوالي 250 كيلو ، وعن السويس حوالي 300 كيلو . ليس فيها نساء - يطمئن والدتي لأنها كانت تغار عـليه - وليس فيها مدنيين ، ولا حـيوان ، حتى يُخيّل إليّ أنه ليس فيها حتى حشرة على قيد الحياة . نعم تلك هي المنطقة التي أخدم فيها الآن ".

وكان ظاهراً لنا من خطابه ، رحمه الله ، أن الكونتيلا تختلف عن باقي مناطق سيناء التي زارها أيام الكليّة ، مثل " رفح " ، و" أبو عٌجيلة " ، و"نخـل" ، و"الحَـسَنة" ، والتي حكي لنا عنها جميعاً ، في السويعات التي كنا نحظى بالجلوس فيها معه ، حين يحضر إلى البيت وكنت أحب أن أستمع إليه وهو يحكي .

     وكـتب لنا رحمه الله ، في رسالته الرابعة يوم 27 مايو : "اليوم هـو السبت . ومنذ السبت الماضي ، والغـداء متكـرر لم يتغـير فاصوليا أو لوبيا - أم عين سودا - مسلوقة والله ، يعني من غير صلصة ، وكمان ( وأيضاً ) من غير لمون ( ليمون ) ، ولا زيت ، ولا حتى ملح ، ومعاها ( معها ) أرز ، وعِـيش ( خُـبز ) زَيّ اللّي بـتـنـشـفـيه ( مثل الذي تجففينه ) للأرانب - وكانت أمي تربي لنا أرانب في مزرعة منزلية صغيرة بفناء البيت ، وكنا نشتري لها الخبز المعيب أو المتبقي في المخبز من اليوم السابق وقد بدأ في التيبس والتقوس ، بنصف السعر العادي ، وكانت أمي يرحمها الله تجففه في الشمس حتى لا يتعفن ، لحين إعادة تليينه مرة أخرى بالماء ، واسـتخـدامه كطعام للأرانب –

يقـول أبي : "مافـيش خـيار ولا قـتّـة ( قِثّاء ) ولا خَـسّ ، ولا فاكهة ، ولا أي حاجة حـلـوة أبـداً . أمّا الماء ، فهـو إما مالح خـفـيف ، أو لونه أصفـر لاخـتـلاطه بالـرمل ، فِـيـنِـك يا مَـيِّة ( أَيْنَ أنتِ يا مياه ) عـزبة النخـل ؟ وفِـينَك يا أكل أمّ مِدحت ؟ .. اِوعِي ( احذري ) الغرور" وكانت الناس في عزبة النخل أيامها - ونحن منهم - يحصلون على المياه من مضخات يدوية مثل الموجودة في القرى ، لأن عزبة النخل كانت في الأصل منطقة زراعية ، ولم يكن طعم تلك المياه مستساغاً بشكل كامل ، ولكن والدي كان مع ذلك يتمناها في سيناء وقتها ، أو ربما أنه كان يحبب مكان إقامتنا إلى والدتي رحمها الله ، ويهون عليها المشاق ، من نفس منطلق حديثه عن انعدام وجود نساء في محيط مكان تمركز الكتيبة.

     وفي رسالة أخرى ، كتبها أبي رحمه الله ، يوم 29مايو ، يبدأبكلام عاطفي لوالدتي ، يقول فيه : "كنت مريضا بالإنفلونزا منذ يوم السبت 27 / 5 ، ولكـن فجأة وجـدتُ نفـسي معافىً ، خـفـيـفـا ، مـرحاً سعـيدا . ولِمَ لا؟ وقـد جـاءتـني كـلماتُكِ دواءً لي ، وبلـسماً لمرضي ولقد أشفياني خـطاباك لي ، ونهضتُ من فـراشي لأجد هـديتك في انتظاري ، وتقبلتها شاكراً ، ولكنّ البطاطس ، والبيض - للأسف - كانا قـد فـسـدا في الطـريق . أما الكـيـك ( الكعـكة ) ، فـتسـلم الأيادي ولكـن يبدو أن أحـدهـم أكـله في الطريق (عرف من رسالتيها ، أن الكـيك كان ضمن الأشياء التي أرسـلـتها إليه ) . سـمعـتُ من محـمد ( جندي المراسلة ) أن مدحت كان تـقـديره 97% في امتحان التجـربة

( كان أخي الأكبر وقتها على وشك الحصول على الشهادة الابتدائية وكانت وزارة التربية والتعليم في تجري لهم امتحاناً تجريبياً قبل الامتحان الأصلي ) ، فألف مبروك وعقبال الامتحان الحقيقي . أما بخصوص حضوري لديكم ، فهو شيء غير معروف حالياً ، وعلمه عند الله ، وحسب الأحوال" .

     أما الخطاب التالي ، فتتضح منه حالة التعيينات لديهم : "أرجو أن ترسلي لي مع محـمد أصناف جافة تتحمل السفر ، لأنها تصلني بعد أربعة أيام ، فبرجاء إرسال علبة زيت ، بطاطس نَيّئة ، باذنجان رومي ، ثوم ، بصل ، ملح ، فلفل ، طحـينة ، سجـق ناشف ( مجفف ) خـل ، علبة عسل اسود ، بيض نيئ يوضع في ردّة ، برتقال صيفي خيار ، بطاطا نيَّة ( نيئة )" - ونفهم من ذلك أنه تقريباً لم يكن لديه شيء أصلاً هناك ، رحمه الله - ثم يستأنف قائلاً : "وختاما لكِ أزكى تحياتي ، وإبلاغي بكل شيء لديكم ، وانتِ واحشاني ( أفتقدك ) والله العظيم كِتير ( كثيراً ) جداً ، ومسيرنا ( مصيرنا ) نتلَمّ تاني (نجتمع بهم ثانية ) ، ودعواتِك" . ثم يستأنف حديثه لأمي قائلاً : " المسافة بيننا وبين اليهود الآن ، حـوالي 4 كيلو( كيلومترات ) فـقط ، وإن شاء الله ستكون ولا* ( أقل من ) 400 متر، وعُقبال ما أُرسل لكِ خطاباتي من "تل أبيب" ، و"القدس الغربية" ، وعُقبال ما أرسل لكِ خطاباتي من "بئر سبع" ، إن شاء الله . وختاما....." .

        وفي رسالة أخرى يقول أبي رحمه الله : "أنا باكتب لك جواب ( خطاب ) سريع ، أنا بخير ، وأوّدُ أن أسمع أخباركم أول بأول ، في أي وقت . أرجو أن ترسلي لنا كل ما طاب ، لأن الحالة الغذائية هنا مش تمام ( ليست على ما يرام ) . فـبرجاء إرسال صفـيحـة زيت وليمون ، وبسطرمة ، وسجق" .

ويتضح لك من ذلك عزيزي القارئ أن الحالة عندهم كانت صعبة جدا . وكان هو حينها قائد الكتيبة برتبة مقدم ، فما بالنا بالجنود ؟ . وكان رئيس عمليات الكتيبة هو الرائد / بديع .وكان أبي وبديع صديقين ، وكانت الأسرتان تتزاوران كما كان الحال مع أسرة الجمسي يرحمهم الله جميعاً ، واستشهد أبي وبديع في النكسة ، واستشهد معهما كل ضباط الكتيبة 202 رحمهم الله ، ولم يرجع منهم أحد .

وأعود إلى الرسالة ، حيث يقول أبي رحمه الله لوالدتي بعد هذين السطرين : "عزيزتي ، عاوز أقول لكِ حاجة ، "والله نفسي مفتوحة المرة دي للحرب" ، نفسي أدخـل المعـركـة ، وواثق من النصر ، لأننا مستعـديـن والحـمد لله ونفسي أثأر لكل جـنودنا الذين اغـتالهم الصهاينة سابقاً ، ولسوف أنال بُغـيتي وسننتصر بإذن الله ."

واستشعرنا في هذه الرسالة بالذات ، شعوراً حقيقياً ، ووصية لوالدتي وكانت الرسائل تصلنا بالبريد العسكري . أما الأكل ، فكان "محـمـد" يجتهد أن يوصله إليه .

        وهناك رسالة بتاريخ 4 يونيو ، ولكنها وصلتنا بعد الحرب ، يقول فيها : "زوجتي العزيزة جيهان ، أشواقي ، ثم أشواقي ، ثم أشواقي أبعثهم إليكِ يحملون تحياتي ، ويعبرون لك عن ضنا بُعدك عني وقسوة وآلام نفسي ، في عزلتي وبُعدي عنكِ .

 

الأيام تمضي والليالي تمر ، ولا أدري كيف ستنتهي ، ولا أدري إلى أين المصير ، فاليوم مشحون بالأخبار المثيرة ، والمعلومات البهيجة والليالي تمر بنا ونحن لها قابعون ، مستعدون ، متنمرون . نبتغي الثأر ونشتهي القتال ، ونتمنى لو ترك لنا قادتنا عنان أنفسنا ، لنذهب إليهم ، نلسعهم بالنار المستعرة ، مشحـونة بالحـقد ، والـكـراهـية والازدراء للصهاينة اللصوص الغاصبين ، ونحـرقهم بالبغـضاء التي شُحنت بها نفوسُنا ، منذ حرب عام 1948 م .

عزيزتي ، هل هي جولتنا الأخيرة ، مع هؤلاء اليهود الأوغاد ، أم انني سأسلم الراية ، لولدَيّ من بعدي ، يحملانها ، ويكملان رسالة جيلنا ؟ أم سيقوم بها جيلنا ، ويكون فداءً للأجيال المقبلة ؟

عزيزتي ، اعـذري لي خـواطري ، ولكـنها خواطر "مقاتل " اليوم وإنني على يقين أنكِ أنتِ الأخرى ، في كفاح وقتال ، بل كفاحكِ أعظم وأجلّ ، وهو أنكِ تؤدين "رسالة بناء الجيل القادم" ، لهذا البلد العظيم ، وأنتِ خير امرأة خبرتها ، حين تُلزِمها الظروف أن تقوم بأداء الرسالة ، فإنك خير مربٍية ، وأم ، وأبٍ ، وخير مدرب ، بل وحتى اقتصادي حين تلزم الأمور .

عزيزتي .. عُذرا لما استرسلت فيه من خواطري . وسلامي لمدحت وأرجو أن يكون الأول دوماً ، وإنني على يقين أنه سيكون له شأن عظيم . أما ممدوح فإني أنصحه النصح الكبير ، حتى لا يضل الطريق .

وأما جيلان وراندا حبيبتاي ، فسلامي لهما كثيرا . وسلامي أيضا للأخ عمر وبكر ، وللجميع .."

     ويتضح لك عزيزي القارئ من هذه الرسائل ، أنه إلى قـيام الحرب ، ظلت ظروف التعيين ( التغذية ) في الجيش سيئة ، وكانت والدتي ترسل إلى والدي رحمهما الله بالتأكيد كل ما أمكنها من أنواع الطعام ، ولكن لا نعلم هل وصلته آخر دفعة أرسلتها أمي ، أم لا .

     وإذا كانت تلك هي أحوال تغذية الجنود ، وقطع غيار الدبابات قبل الحرب ، ما بالك بالوقود والذخيرة ؟ وإذا كان المبدأ العسكري الذي وضعه نابليون أن "الجيوش تمشي على بطونها" ، واضحاً في الدلالة على أهمية التموين ، وتأثـيـره البيّن على أداء وقـوة تركـيز الفـرد المقاتل في الحـرب ، فيمكـنك أن تستـنـتـج بسهـولة ويسـر دون أن تخطيء ، أحد أسباب النكسة الرئيسية . وذلك ما تلافيناه في حرب رمضان أكتوبر 1973 م المجيدة ، بحمد الله تعالى . ثم يمكـنك بعد ذلك عـزيزي أن تستنتج مبدأ صحيحاً آخـر ذا علاقة وهو "اقطع خطوط الإمداد لأي جيش ، ينسحب وينهزم" .

 

     وأذكر أن والدتي اهتزت بشدة عندما قامت الحرب صباح يوم 05 يونيو 1967 م ، وخرجت تجري في الشارع ، وأنا أجري وراءها ، بعد ما لسعها الإحساس بالخطر حين قالوا إن إسرائيل ضربت المطارات ، رغم أنهم قالوا إننا نسقط طائرات العدو . وذهبنا إلى بيت خالي ، عندنا في عزبة النخل ودخلت عنده وهي تهتف في صراخ مكتوم "أحمد! ، أحمد! .." .

     وعرفت حينها في عيون والدتي ، وفي عيون الجيران ، الذين رأيتهم يتجمعون أمام التلفاز لدينا - وكان الوحيد في المنطقة وقتها - نظرات الذعـر والهلع . وظللنا طوال الأسبوع ، نسمع أنباء الحـرب في نشرات الأخبار ، وترعبنا صافرات إنذار الغارات . وحين ألقى الرئيس جمال عبدالناصر رحمه الله خطاب تحمله مسؤولية الهزيمة وتنحـيه عن الحـكـم ، كـنت أنا لا أزال صغـيرا في مرحـلة القـبول ( الشهادة الابتدائية ) ، ولم أستوعب معنى الهزيمة ، إلا بعد ما غاب والدي ، ولم يعد .

     وذهبت في تلك الفترة ، بصحبة والدتي ، إلى إدارة شؤون الضباط في حي " كوبري القبة " ، ومعنا جدتي ، ولكـن لم يكونوا يعرفون شيئا ، ولا بوسعهم إفادتنا بشيء هناك ، وظللنا ننتظر عودة أبي في قلق ، والأيام تمر واحداً بعد آخر ، مع ورود الأخبار أن العائدين من الجبهة قد بدءوا في الوصول .

     وفي صباح أحد الأيام ، وبينما نحن في تلك الدوامة ، هاتفنا أحدهم في المنزل ، وقال : "أنا كنت مع باباكو ( أبيكم ) في السويس احنا رجعنا السويس ، باباكو جاي ، سابني وهو راجع على مصر". فقامت جدتي من فورها لتسافر إلى مدينة السويس ، لعلها تقابل أبي أو تسمع أي خبر عنه . وانطلقت أنا فوراً في اتجاه مزلقان القطار الذي يمر بعزبة النخل في طريقه إلى "المرج" ، وظللت واقفا طول النهار ، على الناصية ( ركن الشارع ) منتظراً وصول أبي مع كل قطار يدخل إلى المحطة ، ولكن لم يظهر أبي ، حتى أذن المؤذن لصلاة المغرب ، فرجعت إلى البيت وعلمت من والدتي ، أن جدتي قد اتصلت لتخبرنا أنها لم تجد أبي في السويس ، ولم تجد أحدا يعرف عنه شيئا ، فعرفنا حينها أن المتصل صباحاً لم يكن صادقاً .

ثم بدأت تصل إلينا روايات مشوشة عما حصل في الحـرب مثل : "ممر مـتلا" ، و"النابالم" ، و"الضرب" ، و"معـركة" مع الصهاينة وأنهم هجموا على أبي ، فاشتبك معهم ، وهربوا أمامه ، فذهب خلفهم ثم عاد وانسحب بعدما وصله أمر القيادة بالانسحاب ، وأنه أثناء انسحابه هو وقائد عملياته في السيارة الجيب ، تم إطلاق النار عليهما في ممر متلا . ونحن لا نعلم مصادر هذه الروايات .

   وحين بدأ وصول أفراد من الكتيبة ، من إداريين ، وشؤون أطقم الدبابات ، وفيهم "محـمد" جندي المراسلة ، سألناه ، فلم يتذكر شيئاً وكان كل ما قاله : "جرينا ، ومشينا بدون تعيين في الصحراء" . وكان في الكـتيبة صول ( ضابط صف ) اسـمه "فـاروق الـوزة" وصول آخر اسمه "نبيه" ، وضابط احتياط واحد ، عادوا هم الثلاثة ولم يعد معهم أي أحد من ضباط أطقم الدبابات .

إلى أن قال كهربائي الكتيبة "يانِّي" لخالي : "يافندم ، المقدم احمد استُشهد" . فسأله خالي : " ولماذا لم تشهدوا بذلك ؟ " فأجابه بأن شؤون الضباط لم يأخذوا بكلامهم ، وتابع قائلاً عن أبي : "دا كان في دبابة ، وضُربت دبابة أحد ضباطه ، الملازم / محمد عجمية ، فأسرع المقدم / أحمد بالقفز من دبابته لينقذ عجمية . ولكن جاءته دُفعة رشاش في لحظتها ، فخر من فوره على الأرض ، وبقينا بجانبه رحمه الله ، حتى صعدت روحه إلى بارئها ، ودفنّاه " .

     تم اعتبار والدي ، وجميع ضباط الكتيبة في البداية مفقودين ، وكنت أعرف أنه طالما رآه أحد المقاتلين يـُقـتـل أو يموت متأثراً بجـراحه ، فإن عليه أن يشهد بذلك ليتم احتساب أبي شهيدا . ولكن محـمد قال لنا إنهم في الجيش لم يأخذوا بكلام من شهدوا بذلك . ثم علمنا بعد بفترة من " طنط مرفت " زوجة الرائد / بديع ، أن والدي وبديع ، قد تم احتسابهما في الشهداء ، وجاءنا خطاب نعي أبي كما يلي :

إدارة شؤون الضباط

، وثيقة الشرف ،

السيدة جيهان محمد شمس الدين ،

"البطل الشهيد المقدم / أحمد زكي مدحت ، قد استُشهد في ميدان التضحية والشرف ، وإن وزير الحربية ، يقدم لكم خالص تعزيته ويبلغكم بالنيابة عن رئيس الجمهورية ، تعزيته الصادقة ، ليسجل أن البطل الشهيد ، كان مثالا للشجاعة والبسالة في ميدان القتال ، وأن اسم الشهيد سيظل خالدا في قائمة المجد ، وفي سِجل الشرف..."

ثم جاءنا الخبر في عام 1971 م أن اسم أبي قد حصل على نجمة الشرف العسكرية ، بعد ذلك . واستدعانا الجيش أنا ووالدتي وسلمنا شهادة البراءة أو خطاب منح الوسام ، مدوناً فيه :

 

 

"من أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية ، إلى أسرة المرحوم الشهيد المقدم / أحمد زكي مدحت ، من الجيش سابقا .

تقديرا لما قام به المرحوم فقيدكم ، من أعمال استثنائية ، تدل على التضحية والشجاعة الفائقة في مواجهة العدو، وبميدان القتال .

قد منحنا اسمه وسام نجمة الشرف . اعتبارا من 10 يونيو 1971 م .

تحريرا في القصر الجمهوري بالقاهرة ، في اليوم التاسع من شهر رجب..."

****

ومحفوظ عندي في منزلي بحمد الله خطاب المنح ، والوسام نـفسه وله مكافأة مالية شهرية يستمر صرفها لورثة الشهيد أو البطل ، من بعده . فسبحان الله الذي أدام خـير والدي رحـمه الله علينا ، ماديا ومعـنويا إلى الآن . فكان ولا يزال واحتنا للخـير ، ونحـن أبناؤه وبناته نركن إليها جميعاً ، بين كل حين وحين .

     وفي عام 2009 م ظهرت رواية أخرى عن ظروف استشهاد أبي شاهدها أحد زملائي في برنامج تذكاري على التلفاز ، وأكدها لي سيادة اللواء / أحمد زغلول بالمخابرات حربية ، والذي كان وقتها برتبة مقـدم ، يخـدم في العـريش ، ويعـرف والدي بالاسم . وصاحب هذه الرواية شيخ بدوي مُسّن ، كان من أدلة الجيش المصري في 1967م ، ومستضافاً في البرنامج ، وقال إن عمره كان وقتها 18 عاماً ، وأنه كان متواجداً في الكونتيلّا يوم 05 يونيو 1967 م ، فـلما رأى الدبابات الإسـرائيلية تـقـترب من جهة الشرق ، وسمع مكبر الصوت من جهة الإسرائيليين ينادي : "مقدم / أحمد زكي مدحت سلّم نفسك" ، جرى مسافة 3 كيلومترات ، للإفلات من المعركة المرتقبة ، وسمع بعدها أصوات الاشتباك والضرب . ثم عاد بعد ذلك بأسبوعين مع مجموعة من رفاقه إلى المنطقة ، فوجد الدبابات المصرية مدمَّرة وأبراجها مقلوبة ، وقام هو ورفاقه من البدو بدفن رفات الأبطال أطقم الدبابات المصرية ، إلى جوار دباباتهم .

     وحين سألت اللواء / أحمد زغلول ، كيف حصل والدي على نجمة الشرف العسكرية ؟ أجاب بأن الاتصالات بين قيادة الجيش وقادة الفِرق ، وبين قادة الفِرق وقادة الكتائب ، تكون جميعها مسجلة لدى الجيش أثناء الحرب ، وأنه مثبت فيها أن الكتيبة 202 مدرعات لم تستسلم ، واشتبكت مع دبابات العدو ، ونال ضباط وجنود أطقم دباباتها شرف الشهادة .

     وذكر لي زغلول أنه قابل بدويا في العريش إبان خدمته هناك وسأله عن "أحمد زكي مدحت" ، فقال "الاسم دا أنا فـاكـره كـويس كان في الكـونـتيلا ، ومـدفـون في الكـونـتيلّا ، وأنا عـنـدي الحـديدة بتاعـته

( ميدالية معدنية تسلم للمقاتل محفورا عليها بياناته الشخصية وتعلق في عنقه بسلسلة معدنية أيضا ، لإمكان التعرف عـليه إذا استشهـد أو أصيب ) ، وهاجيبها لك" ( سأحضرها لك ) .

وكان الشيخ البدوي محتفظاً بأجولة فيها حدايد شهدائنا الذين دفنهم بعد النكسة رحمهم الله . ولكنه عاد ليخـبر زغلول أنه لم يستطع العثور ساعتها على الحديدة الخاصة بأبي ، لكنه متأكد مع ذلك ان "أحمد زكي مدحت" كان في الكونتيلّا ، وأن جثمانه مدفونٌ هناك .

       وتالياً كان أحد معارفي يقضي فترة تجنيده في سيناء ، بين عامي 2008 م ، و2009 م ، فـذكـر لي أنه زار الكـونـتـيلا وقتها ورأى دباباتنا المدَمرة لا زالت هناك ، حتى ذلك الوقت ، داخل منطقة عسكرية ، ممنوع دخولها .

   واكتملت عندي الصورة حينها ، أن والدي ، لم ينسحب في 1967م ، وإنما اشتبك مع الصهاينة ، كونه في خط المواجهة ، قبل صدور قرار الانسحاب . وأن مرمى دبابات العدو الحديثة في ذلك الوقت ، كان أبعد من مرمى دباباتنا القديمة جدا مقارنة بها فاستطاعت إصابة دبابتنا ، من مسافات أبعد مما تستطيع دبابتنا التعامل معها عليه ، وذلك يفسر تدمير دبابات كتيبة أبي بأكملها .

وفي مارس 2010 م ، في الاحتفال بيوم التفوق للجيش الثالث الميداني ، في منطقة "عجرود" بالسويس ، تشرفت بدعوتي مع والدتي ، لتكريم اسم والدي ، الشهيد المقدم / أحمد زكي مدحت رحمهما الله ، مرة أخرى ، بحضور الرئيس / محـمد حسني مبارك رحمه الله ، وسيادة المشير / حسين طنطاوي - وزير الدفاع وقتها ، ورئيس الأركان ، وقيادات الجيش .

* والحمد لله رب العالمين ، وتحيا مصر *

 

ü     تسجيل         : أستاذ / أحمد زايد .

ü     تفريغ           : علي الشرقاوي

ü     مراجعة لغوية : مهندس / عبدالناصر محمد المرابط .

ملحق صور 

 

 

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech