Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

ملازم أول مهندس - كامل الجداوي - سلاح المهندسين

 

ضابط مهندس: كامل محمد صالح الجداوي

مواليد السويس، كل تعليمي في السويس، من حضانة إلى الجامعة.

خريج هندسة بترول السويس (جامعة قناة السويس)، دفعة 1971،

تاريخ الميلاد: 20 يوليو، 1944، ولدت في حي السويس الأسرة والدي، والدتي، لي أخين، وأخت، وأنا أصغرهم.

المدرسة الابتدائية، مدرسة النهضة. وإعدادي في مدرسة الأقباط الإعدادية، ومنها إلى مدرسة السويس الثانوية العسكرية، وكانت المدرسة الوحيدة في محافظة البحر الأحمر كلها، أما الغردقة ورأس غارب لم يكن فيها مدارس ثانوي، فكانوا يدرسون في مدرسة ثانوي في السويس.

ثانوية عامة، كانت في 1963، وحسّنت مجموع في 1964،

الأب، رحمه الله، كان ضابط إداري في الشركة المصرية للبواخر (قطاع خاص)، تتبع عبود باشا - رحمه الله. لم تكن تابعة لقناة السويس، لم يكن تأميم القناة بعد.

في 1956، كنا البلد الوحيدة التي أضيرت في السويس، حضرت 1956، و1967، وحرب أكتوبر 1973.

في 1952، كان عمري 8 سنوات، واعي، أتذكر كل شيء ، كل ما أتذكر أن الناس كانت تهلل وفرحانة، ولا يدرون ماوراءها، وليتها ماقامت، أما بالنسبة لجمال عبد الناصر، الغنيَ أفقره، أما الفقير لم يغنه. الرشاوي، زادت، الفساد، زاد، أمم أحلام العصاميين، بعدما أنضجت ثمارها، بمجهودها،

أعرف مقاول في السويس، اسمه "مصطفى حُزّيّن"، كانت بدايته في السويس، أتي من الصعيد ومعه مرزبة، والقُفة، وكان يعمل فواعلي، بعضلاته. هذا رأس ماله، صنع نفسه بنفسه وبارك الله في عمله وأصبحت لديه شركة مقاولات، لدرجة ان قامت الحرب وهاجرنا (وكنتُ في جامعة قناة السويس)، هاجرنا إلى المنوفية، في شبين الكوم، ويتذكر "مصطفى حُزّيّن" (أهل السويس في شبين الكوم) ويعطي خمسة جنيهات، لكل منا، كل شهر. تقضينا ياما، ندخل أحسن مطعم، تأكل طبيخ، أرز، لحمة، وفاكهة، بـ 7 قروش (7 صاغ)، شوف الخمسة جنيها بها كم 7 صاغ.

وتم تأميمه، لماذا، لا تعرف.

تدهور التعليم، من لا ينجح في مادة أو أثنين، ينجح، وكان عبد الناصر يريد أن يلغي اللغة الإنجليزية، لأنه كان يكره بريطانيا والإنجليز، وكان العِلم كله بالإنجليزي.

أما عن الدراسة العسكرية، كانت في ثانوي، تعلمنا ضرب النار، وكان لنا زي عسكري (في يوم عسكري)،

وقبلها الحرب 1956 كان عمري 12 سنة حملت السلاح، كل من في سني حمل السلاح، ونحن في المدرسة، منا من يقف على محطة كهرباء،... وكان هناك مشاركة في المقاومة الشعبية.

في السويس لم يحصل في شيء في البداية، ولا عدوان، ولكن كنا مستعدين لأي شيء، هذا في 1956. كنا تعلمنا ضرب النار، ولي عم طيار، رحمه الله، وكان من تلقاء نفسه يعلم الشباب، استعمال السلاح وإطلاق النار وهذه صورته

 

 

أصدقاؤنا اليونانيون: قضينا فترة طيبة مع الاِجريج (اليونانيين)، والسويس كانت كلها خواجات وكل أصحابي منهم، والشارع الذي كنت أسكن فيه، كان اسمه "شارع الاِجريج"، وكذلك كانوا أصحابي، يوناينين، أو كما نسميهم... "اِجريج". منهم مرشدون، ويفتحون محلات. كانوا على الحياد، لايتكلمون في الأمور السياسية، يعيشون معنا عيشة طيبة،

أما الإنجليز، كانوا في خط السويس مسؤولون عنه، ويعاملونا معامل طيبة، خاصة الأطفال، عايزين ناكل حاجة حاولة، شكولاتة، نروح لهم على البحر، يهدونا أنواع الشكولاتة الغالية، ويطبطبوا علينا، هذا قبل العدوان وقبل التأميم.

أما في العدوان على بورسعيد، توقفت الدنيا وضرب عبد الناصر القناة، ليقفل القناة، ويلوي يديهم وقد نجح في ذلك

في ذلك الوقت كنت في إعدادي، تعملت ضرب النار قبل ثانوي، بحكم المواقف التي رأيناها. أولاد وبنات في ذلك السن يحملون السلاح.

وكانت مادة الفتوة، لها امتحان (مادة عسكرية). يتطوع صول، يعلمك التعامل مع البندقية (فك وتركيب، وتزييت وتشحيم)، كل هذا في الفتوة، في المرحلة الثانوية.

وفي الثانوية العسكرية، كنت أود أن أدخل كلية طب، ولكن عند الثانوية العامة رأيت الظروف تتغير، والدي يطلع للمعاش. وفي الطب لابد أن أسافر بعيدا عن السويس. فاخترت هندسة بترول السويس، لم أكن أحب البترول، ولكن كي أبقى في السويس. حصلت على الثانوية العامة في 1963. أعدت لتحسين المجموع في 1964. دخلت هندسة بترول، خمسة سنوات إلى 1969،

وعندما قامت حرب 67 كنا في لجنة الامتحانات (في سنة ثانية)، الإذاعة والناس تزغرد وفرحانة، أنباء الإذاعة أن الجيش المصري على مشارف تل أبيب (هذا في 5 يونيو 1967).

وبعدها بيومين خرجنا من اللجنة الي أقل مسافة إلى سيناء كانت في السويس عند (مدخل قناة السويس في بورتوفيق). خرجنا فرحين من الامتحان إلى القناة، وجدنا اليهود على الضفة الثانية، معهم مرايات يعسكون الضوء، ويشاورون لنا ( باي- باي ) ، بينما في الإذاعة تقول وقعنا 20 طائرة، 30 طائرة... هذا الإعلام الفاسد لجمال عبد الناصر.

 

 

الحرب بدأت 5 يونيو، وصلوا إلى بورتوفيق بعدها بيومين ، كانت اسمها حرب الأيام الستة، رغم أن رأفت الهجان - رحمه الله - قال لهم قبلها، بما تنويه إسرائيل... كل هذا، لا شيء (إلى أين ذهت تلك المعلومات؟) شعرنا بمأساة وحزن، لا ترى أملا، عندما ترى اليهود على الضفة الأخرى والإذاعة المصرية وقتها يقولون لك سوف ندخل تل أبيب، سوف نرميهم في البحر، وكان يشتم الملك فيصل (والملك فيصل هو من وقف بجانب مصر - مع السادات - في حرب أكتوبر، وبنى لنا مدن كاملة في السويس، مدن كاملة، وحدات سكنية كاملة التشطيب، بعفشها وأثاثها، سلمها لنا، المهاجرين)... بينما عبد الناصر كان يقول سوف يشده من ذقنه،...

وفي 1967، رأيت الانسحاب، الجيش المصري، من قدر منهم أن ينسحب، حفاه ، رأيتهم بعيني منتشرين في الشوارع وأهلنا أمهاتنا وخالاتنا ينزلون لهم بالطعام، بينما أقدامهم قد ورمت، وقد أتوا مشيا على الأقدام، هل رأيت من يمشي في صحراء سيناء، في ذلك الوقت من السنة، في ذلك الحر، مشيا على الأقدام، شعرت بحزن كبير جدا

وكنا من ضمن الناس نظن ان عبد الناصر كويس، ولم أكره عبد الناصر إلّا في السادس من أكتوبرعام 1973

وفي 9 يونيو، كان خطاب التنحي، خطاب عبد الناصر، كان هنا غسيل مخ، وأغلبية الشعب تتأثر بالرسائل العاطفية. أما الطبيعة البشرية حين تعمل عاطفتها، لا تعمل عقلها، وكنا شعب عاطفي، نسي حرب اليمن، لماذا لا يتركونه يتنحى؟ بدلا من محاكمته؟ نزلت مع الناس، وكنا شعب طيب، والتأثر بالرسائل العاطفية بدون إعمال العقل، يؤدي لسهولة الاندفاع والتأثر، وغسيل المخ، وكنت من الشعب، ونزلت معهم.

رأيت النكسة بعيني، لم أر معدات عسكرية. وقد تم ضربها، كلها، في سيناء، من قدر أن يرجع، هم أفراد، من كان قريبا، عاد ماشيا،

ضرب الطيران الإسرائيلي السويس وتعددت الغارات الجوية ننزل شباب صغيرين للحماية المدنية ، وفي أحد المرات كان هناك محل خردوات، رجل عمره حوالي 55 عاما، وكنا شباب صغيرين، وأثناء الغارة ينادينا، ندخل معه المحل، وما ان يقفل الباب الحديد لحمايتنا، تخترقه شظية من قنبلة القاها الطيران الإسرائيلي، تعبر الباب الحديد، إلى بطنه، وأول مرة أرى نافورة دم،...

فتحتنا وخرجنا، عربيات الخضروات (لها يد) حملناه، وما معنا من مصابين، إلى المستشفي.

ربما كان هناك لإسرائيل أهداف عسكرية في السويس، ولكن أتكلم عن منطقتي كانت بيوت، ورغم ذلك هناك ضرب، وبيوت وقعت، لم تكن مجرد رصاص أو شظايا، ولكن... قنابل. ولكن أشهد لهم، لم يضربوا أي مسجد، ولا أي كنيسة.

السويس بها مباني لا تجدها في أي مكان، أيام الإنجليز وفرنسا والقناة، تلك المباني لم يتم ضربها. ومن كان يريد أن يدخل للأمان - ساعة الغارات - كان يدخل أي كنيسة أو جامع. لكن بيوت كثير ضُرِبَت.

قصف مستمر، والكلية التي أدرس بها في السويس، تم غلقها، وتم نقلها وأكلمت تعليم في شبين الكوم في المنوفية، في مدرسة الصنايع، التي أصبح جزء منها لنا وقتها .

أما عن سكان السويس، فقد هاجروا مضطرين، وقد قفلوا المدارس كلها والجامعات، والشركات، فلم يكن هناك مجال للمعيشة.

من لديه إمكانات، يستطيع أن ينقل عفشه، يدبر مكان، ينتقل إليه، والسويس أصلا أهلها من الصعيد - أكثرهم صعايدة ، فكانوا ينتقلون إلى الصعيد، عند أهلهم،

والإسماعيلية حالها كالسويس، من كان متوسط الحال، يمكن أن يذهب للشرقية، وبنها.

وأخي هاجر إلى بنها. هذا بالنسبة لمن إمكاناتهم جيدة.

أما غير ذلك، انتقلوا إلى معسكرات في المدارس (إلى القاهرة، الشرقية،...)

وأنا هاجرت إلى القاهرة ـ وكانت لي عمة - ما شاء الله - قد أنعم الله عليها بالمال، اتصلت بنا "تعالوا حالا" لديها شقتان، تسكن فيها، والثانية مقابلة لها، وطلبت أن تستقبلنا، بملابسنا فقط، ولا نُحضر معنا شيء، كما طلَبَت.

مكثنا عندها شوية، ونقلنا للضاهر، شقة فيها عمي، وكان ابنه طيار، واستشهد في 1967، فمنحوه شقة، في دار العز (أبو غزالة) عند التجنيد، وكانت شقته في الضاهر، فقال لنا أن نعيش بها، ومكثنا بها، وكانت الدراسة بشبين الكوم إلى أن بدأنا نرجع للسويس مرة أخرى،

وفي ذلك الوقت الأسرة في الضاهر، وأنا في المدينة الجامعية (شبين الكوم)، الأجازات أنزل خميس وجمعة، أغسل ملابسي وأرى أهلى... وتخرجت من شبين الكوم، سنة 1971.

من مساويء عبد الناصر، أنا هندسة بترول، والثاني على الدفعة، لم يتعين أي مِنا في البترول، وكان عبد الناصر أيامها عمل نظام التكليف، هو من يوزع التكليف (ربما وزارة القوى العاملة)، توزع الخريجين... أنا خريج بترول، توزعت إلى منطقة سيئة، كلها رشاوي، وتلك المنطقة هي وزارة القوى العاملة (المسؤولة عن استغلال موارد مصر البشرية). ومن توزع على البترول كان من هو معاف من الجيش (وحيد عائلة)، أو بسبب جسدي،

وتم تجنيدنا في 1971، من يدخل الجيش لا يخرج منه، فكيف يعمل في البترول خمسة أو ستة سنوات، لا يخرج، ويأخذ مرتب، فلم يكن يعمل بها من ينتظر التجنيد .

وفي الجيش، معظم الناس لا تحب أن تكون ضباط، وكنت أنا الوحيد في الدفعة كنت أقول "يارب أدخل ضابط..." وقد حسبتها... عسكري، لا يخرج من الجيش. ضابط، لا يخرج من الجيش. من يدخل الجيش ضابط يقعد سنة، يحصل على مرتب عسكري مجند، وبعد سنة يحصل على مرتب ملازم أول، وفي كلتا الحالتين لن يخرج لكنه يأكل أكل جيد، فالأفضل لي أن أكون ضابط. وكنت أرتدي نظارة طبية، قلت لن يَقبلوني، فدعوت الله، وكان هناك ورقة نقرأها (لكشف الهيئة) يعرفون ان كنت تنطق الحروف بطريقة سليمة، كي تكون هيئتك طيبة أمام العساكر (وهي من عوامل المصداقية، واللازمة للإدارة، والقيادة، وإطاعة الأوامر،...) وقرأتُ، والحمد لله.

وآخر شيء ، أرغب في ضابط احتياط، أو لا أرغب، والأغلب قالوا لا أرغب،

كي يرون ان كنت ألدغ في حرف الراء (ر)، قلت أرغب، وصرت ضابط.

أصبحت ضابط، معي المخلة، تم توزيعي إلى الجيش الثاني ، فِرقة 18، بقيادة العميد فؤاد عزيز غالي، واللواء 163 مشاة ميكانيكي. أنا قائد فصيلة الغام (في اللواء 163).

وفي فترة تعلمت أن أكون ضابط، وفي منطقة أبو خليفة (بين الإسماعيلية وبورسعيد) منطقة فلاحين وقد هاجروا. وأبو خليفة تلك منطقة زراعية، وخط القنال كان كله جيش، من السويس إلى بورسعيد (قبل بورسعيد بقليل).

في أول شهور من 1971 درست ضباط احتياط (مهندسين) في الهرم، وكان هناك مدرسة ضباط احتياط، هناك صول اسمه "حجر"، درس لنا رص ألغام، وتعامل مع الألغام، سلام سلاح... وعسكرية، وضرب نار، التعليم الأساسي (صفا وانتباه، وضرب نار، بالإضافة إلى الألغام، التدريب الفني)

الألغام نوعان، ألغام مضادة للدبابات والعربيات، وزنها 7 كيلو مفرقعات، صنع روسي، اللغم اسمه MT-47، وخامته معدن.

وكان هناك ألغام صنع مصري (ألغام خشب)، وألغام للأفراد، هدفه ليس القتل، ولكن الإصابة، به كمية مفرقعات بسيطة.

أما لغم الدبابات هدفه جنزير الدبابة، أما عن اللغم الخشب، كان مفرقعات، حوالي كيلو، فللأفراد لا تريد وزن مفرقعات ثقيل.

تلك الألغام التي كانت مصر تستخدمها، ولم نعرف شئ عن الألغام التي كانت تستخدمها إسرائيل.

تعلمتُ كيف نفتح ثغرة في الألغام، أي ألغام. وبالنسبة لرص الألغام، نرصها خطوط مستقيمة، لكن مترحلة، نرص لغم وأخر علي مسافة عرضية وطولية منهعلى أساس التالي

الدبابة عرضها حوالي ثلاثة أو أربعة أمتار،

وأقل من تلك المسافة، نضع لغم ثاني، وهكذا، وفي الصف التالي (المسافات البينية) بين الألغام، نضع صف ألغام،... على طول خط سير الدبابة المتوقع وهكذا،هذا بالنسبة لرص الألغام،

أما بالنسبة لفتح الثغرات، هناك فتح ثغرة (يدوي). تزحف على بطنك، وأول ما تضع قدمك، هناك عمود (يشبه سيخ الكباب) اسمه مجّس، تجس به الخطوة قبلك، تبحث في الرمال عن جسم صلب، ان لم تجده، ومشي المجس في تربة الرمال، يمكنك أن تخطو رجلك، قدم واحدة فقط، قبل أن تضع رجلك الثانية على الأرض، وتستخدم المجس قبل قدمك في كل خطوة.

إن وجدت جسم صلب، تحفر حوله، بحرص شديد. تلك الأمور لا تريد ثقة في النفس ولا غرور بل الحرص البالغ ... عندما عبرنا القناة، وكان معي فصيلة، إلى وقف إطلاق النار، فصيلة كاملة، سليمة، ولكن مات أشطرنا كان شاويش، لديه ثقة زيادة، وكان هناك لغم. (ربما الثقة مطلوبة، ولكن بالتوكل، وليس بعدم توخي الحذر، واتباع الخطوات،...)

أما عن لغم الأفراد، نتعامل أيضا عن طريق المجس، أزيح الرمال بيدي، بخفة، اللغم لا يعمل إلّا بوزن يضغط عليه، ونحن نراعي ذلك عند إزاحة الرمال من حوله، إلى أن يتم كشفه تماما، ومن الجوانب. ثم تحمله من أسفل، تسحبه. هناك غطاء (مثل مصيدة الفئران، مرفوع قليلا) وتحته زر مفجر. كنا نفصل عنه هذا المفجر، اللغم انتهي، نركنه جانبا ونستكمل في الطريق حتي التأكد من خلو الطريق

أما عن لغم الدبابات - وهو أكثر أمان لأنه للدبابات - أي يتطلب وزن زيادة - نتعامل معه بنفس الطريقة، نحاول كشفه يدويا بالمجس، أول ماتجد شيء صلب، تحاول كشفه، ويكون قريب من سطح الأرض، حوالي 20 سنتيمتر مخفي فقط عن العين ، يتم كشفه وإستخراجه.

له طبّة وقلاووظ تفتحها فترى المفجر.

ولأن الدبابة ثقيلة فهي تضغط هذة الطبة والمفجر يشتعل وينفجر اللغم .

تلك هي الطريقة اليدوية لكشف الألغام.

أما عن الطريقة الثانية، عبارة عن عصا، مجوفة، معدن، وبها مفرقعات، ومفجر، هذا المفجر يخرج منه فتيل أسود ان رأيت أن هناك حقل ألغام عند الفتيل في الطرف، تشعله بكبريت، فيشتعل ببطء، وعند مرحلة معينة، تقترب بالنار من الألغام، كي تنفجر، عن اليمين وشمال، تفتح طريق.

وإن لم ينفجر فليس هناك ألغام، وإن كان هناك ألغام فقد انفجرت... ثم تمشي قليلا، وتكرر نفس الخطوة.

 

 

عند رص الألغام، كانت مهمتنا مع قائد اللواء، أول ما يحتل الموقع، نتقدم قبل الموقع ونرص ألغام، بتنسيق وترتيب، كخط دفاعي أول كي نضمن أن لا يقترب العدو بدون أن نكتشفة

رص مُرَّحل، ليس في صف واحد هذا بالنسبة للدبابات،

أما بالنسبة للألغام، لا نرص لأفراد، إسرائيل لا تهاجم بأفراد، ألغام الأفراد، ترصها لنا إسرائيل فقط ،

صدق الله العظيم عندما قال (( لَا يُقَٰتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ ))

أما عن أنواع المهندسين في اللواء ، كان هناك معدات ، وتجهيزات الموقع ، والتخطيط الهندسي، والملاجيء كلها لا يعرف أن يركبها إلا المهندسون،

ان كان سلاح مشاة (ملحق عليه سلاح مهندسين) فدور المهندسين مع المشاة أن يقوم بتجهيزات، يحفر، ويجهز الملاجيء في وقت بسيط جدا،

وهناك إخفاء وتمويه، معهم أغراض من نفس لون المنطقة (كأنها زرع، رمال صحراء،...) على سبيل المثال، تخفي الدبابة (جزء منها) في الرمال، والجزء الظاهر تخفيه بتلك الأغراض)، وهذا شُغل سلاح المهندسين. لكن لم يكن عندي في السَرية.

ضباط الإخفاء والتمويه كانوا مميزين عنا فهو لا يحفر، ويمكث في مكان مريح.

سلاح المهندسين، لم يكن تابع له صيانة المعدات (المدافع، دبابات،...)، هذا كان "أسلحة وذخيرة"، وهناك ضابط مسؤول عن معدات السَّرية،

جدير بالذكر أن هناك ألغام على هيئة أقلام، تجده في الأرض، تلتقطه، ينفجر فيك ، كانوا يرمونه علي المدنيين في السويس وبورسعيد، لم نعرف ذلك النوع

كنا نعرف عملنا عن الألغام، كل ذلك كنا نفعله في مكان اسمه "الصالحية" هناك ترعة، نفس قناة السويس، كأنها حرب، نمكث هناك من أول النهار، إلى آخره، نتدرب على الألغام، ونرجع مرة أخرى، كل عدة شهور يقولون هناك مشروع، وهذا كان المشروع.

يوم السادس من أكتوبر، كانت سَريتي من 4 ضباط احتياط، ليس معنا ضابط عامل، أما عن قائد السَّريّة كان ضابط عامل مهندس، خريج هندسة ومنها إلى فنية عسكرية، أو فنية عسكرية مباشرة. وقائده المباشر، مهندس، خريج فنية عسكرية، اسمه رئيس الفرع، تلك هي الرتب بالنسبة لسَّرية المهندسين في لواء المشاة، تبدأ من عريف، شاويش، ضابط احتياط، قائد سَّرية، رئيس فرع...

الفصيلة معي 25 جندي، تدربنا تمام. حتى الأكل، تعلمنا، كي نعتاد على ظروف الحرب.

أنا قائد الفصيلة ومعي 25 واحد في مشروع الحرب، الأكل عبارة عن رغيف واحد بلدي (ناشف)، تأكله أنت و25 واحد.

الرغيف معي (قائد الفصيلة)، ماذا أفعل، كنت أضعه على ركبتي، وأقسمه، يتفتفت، وكلنا نأكل منه، ونشرب مياه كثيرة، تملأ البطن، إلى حين العودة .

اما عن الخبراء السوفيت من قبل الحرب، لم يكن السوفيت صالحون.

كضباط، كنا نأكل في مطعم، وكان لابد أن يأكلوا أولا، وأكل معين، لا يحبون أن يأكلوا معنا. أما عن قائد السَّرية لدينا طلب أن نأكل معهم، كان يأخذ الأكل نيء، الفراخ، اللحمة، الرز، السلطة،... ولدينا الوابور، وكنا نأكل في الملجأ، نحن والضباط الأربعة، وقائد السّرية، تلك الفترة قبل الحرب والسوفيت موجودون.

لم يكن لهم دور في سلاح المهندسين، لم نتعلم من شيْ، كل ما نراهم أن يذهبون يأكلون، كنا نراهم في البيت، داخلين، خارجين، وفقط.

حضرنا معهم قبل الحرب، لم نعرف مستواهم، وطردهم السادات،

وكان لديهم طريقة طريفة لصيد الذباب، ورق أعياد الميلاد (يلمع، ملون) يغرقونه عسل، يتلصق الذباب، ولا تعرف لونها بعد ذلك.

أما عن دوري، ما أن يعبر قائد اللواء، أعبر وراءه، لتأمين الموقع (حدوده)، نرص أمامه الألغام. حتي إن تقدم ليحرر أرض زيادة، نفتح له ثغرة ليعبر تلك هي التعليمات التي تلقيتها من رئيس الفرع، وتلك هي مهمتي.

أما عن الفترة 1971، إلى 1973، لم أشارك في أي عمليات، كانت التدريبات (المشروع) كل فترة، ولم يكن غيره، التدريب الوحيد، لا مواجهات.

نسمع في الخطاب اننا سنحارب، وتلك الأمور، والضباب، كان السادات يعمل إخفاء وتمويه، لخداع إسرائيل،

أما عن أحداث يوم الحرب، 6 أكتوبر1973،

في الخامس من أكتوبر، كان هناك تعتيم، إخفاء وتمويه من أنور السادات، وكان شديد الاتقان،

رئيس الفرع قال لي "حضرة الضابط كامل، تعالى معي" وكان رجالي في منطقة "أبو خليفة"، ركبت معه العربية، إلى النقطة المفترض أن نعبر منها، قال لي "شايف المكان ده؟"

"أيوة يافندم"

"انت هتيجي هنا، بعد المغرب أو العشاء، قبل مايطلع الضوء، تعسكر هنا انت والفصيلة،..." أراد أن نبيت هناك، على ألّا يطلع علينا أول ضوء،

في التدريت لم يكن هناك كباري، وكان عبورنا على قارب، كنت أعرف أن عيني على قائد اللواء، يعبر، أعبر خلفه، هكذا تم تلقيني والعساكر خلفي ، وكان قارب قائد اللواء بمُوتور، أما نحن بالمجاديف.

وهناك قال الشاويش ألّا نعسكر ليلا، على أن نجمع الناس إلى هذا المكان، قبل أول ضوء، كما طلب قائد اللواء... واتفقنا، وقولت لرئيس الفرع (وكان اسمه كامل)، أن نحضر مبكرا، قبل أول ضوء، قال لي "خلاص يعني؟" قولت "خلاص" ، لتوفير طاقتهم، بدل أن يتعب الجنود من الآن. و فهم هو ذلك.

تجمعنا، وتحركنا، قبل أول ضوء،

وقبل أول ضوء، يوم السادس من أكتوبر (حوالي الخامسة فجرا)، والحرب حوالي الساعة الثانية ظهرا، ونحن هناك من الفجر، وكان في رمضان وجاءتنا تعليمات بالإفطار،

وإلى الآن الساعة التاسعة، لاشيء، ننظر حولنا، الوضع طبيعي، قولنا (بناءا على تمويه السادات من قبل) أنها سوف تكون سنة ضباب (وقد أثر السادات على إدراكنا وخدعنا ، قبل أن ينجح في خداع العدو).

 

وبعد قليل، بعثوا لنا عساكر ممن شاركوا في حرب اليمن، أول مرة نراهم، وقالوا لي "يابشمهندس انت مصدق ان فيه حرب؟" وكان السادات كل سنة يقول هنحارب، "عيش حياتك، احنا شوية وهنرَوَّح" مِلتُ لكلامهم، وأهملت التعليمات، وقالوا ان يذهبوا لمنطقة "أبو خليفة" وهي بلدة صغيرة قالوا "هنجيب بطاطس وطعمية، قلت لهم "هناك تعليمات، يمكن أن تقوم حرب" ، قالوا "انت تصدق؟" ونزلوا... وصدقتهم،

وجدت ملجأ تحت الأرض، خلعت الزي العسكري، وكان هناك شيكارة بلح أكلت منها، وشربت مياه وامتلأت بطني، وضعت الخوذة تحت رأسي، قولت أنام، ليس هناك حرب،

أنا من السويس، اعتدت على الطائرات والقنابل،

و نمت،...

(( ملاحظة من المجموعة 73 مؤرخين – كما ذكرنا مرارا وتكرارا في فيديوهات أسرار وخفايا حرب أكتوبر – ان نجاح خطه الخداع اعتمد في المقام الاول علي خداع الجيش المصري قبل خداع الجيش الاسرائيلي لاخفاء نوايا وموعد الحرب وهذا مثال واضح أمامنا ))

"حضرة الضابط كامل، الحرب قامت" ناداني واحد من العساكر، الساعة الثانية وعشرون دقيقة،

ارتديت ملابس العسكرية وتحركت إلى قائد اللواء كان يبحث عني، قلت له أني انتظر عبوره، فقال أن أنتبه، عندما ينزل المياه... قائد اللواء كان اسمه "العقيد أحمد عبده". أتذكر رؤسائي، وزملائي، ومن الضباط معي كان محمود على حسن (من السويس، ونفس الكلية التي درستُ بها).

"أنا موجود في الخلف" أجبت قائد اللواء، وكانت تعليماته أن ألحقه، بالعساكر،

وعبرت. كل ماترونه في الأفلام، من صيحات "الله أكبر" ، "تحيا مصر" تعلو أصوات الحرب، وكنت الوحيد الذي طلبت من جنودي أن يقولوا "الله أكبر، تحيا السويس" وسمعوا كلامي، لا ادري لماذا لكنها خرجت مني تلقائية

كل من عبر منا، نام على أرض سيناء، يسجد لله شكرا، يقبل الرمال، وفي تلك اللحظة رأيت جثث ليس لها مثيل من العساكر المصريين من شهداء 67 ، وقتها كرهت عبد الناصر.

جثث مصرية بالمئات، لم يدفنها أحد، هيكل عظمي، سلاحه بجانبه، وعربيات الجيش (الزِّيل) لازالت موجودة ليس بها طلقة، هذا معناه أنهم ماتوا من الجوع والعطش...

ولا حول ولا قوة إلا بالله رأيتها أول ماعبرت.

عبرت المياه (القناة)، أول ماتعبر المياه لا ترى المساحة أمامك لإن العدو عمل ساتر، فتنزل مرة أخرى لأسفل. أول مانزلت لأسفل، رأيت هذا المنظر. أترى كيف ظلموا الناس؟

الهيكل العظمي، وجدت معه جواب، كتبته له زوجته، ان قرأتَه تبكي "اعمل معروف، انت مابتنزلش أجازات ليه؟ أنا زعلتك؟..."وتطلب منه أن يأتي، وأنها في خدمته.

وكلهم أهاليهم بعثت لهم بجوابات، ربما لم يبلغوا أهليهم بما يلاقون. ولم يتكلم عنهم أحد، وماتوا في سيناء، 1967.

وموشيه دايان كان قال انه يمكن أن يبيد الجيش المصري كله واستخسر الذخيرة. وكل شيء كان مكشوف أمامه بالطيران، تركهم يموتون من العطش. وكنت كي تعبر سيناء إلى الضفة الغربية، تمشي على علامات (كما في السفر)، وكانوا يقلبون لهم العلامات...

أما في السادس من أكتوبر 1973، وكانت علامات النصر كانت فرحة كبيرة، تدفع للثقة، والاطمئنان،

بينما نعبر ونحن في المياه في القارب المطاطي، نري النصر... رأيت بعيني الطائرات الإسرائيلية تنفجر في الجو، تمطرها صواريخنا المصرية من الضفة الغربية، دمرت كل النقاط القوية على القناة، وكان صوتها سيمفونية تبعث على الاطمئنان نحن في فرحة كبيرة، تغلفها الثقة.

وكنا نعرف أن محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الاهرام في ذلك الوقت ، كان قد ساهم في خفض الروح المعنوية، أننا أول ما ننزل للمياه، يحولها النابالم إلى جحيم.

وقبل الحرب بيوم أو يومين، عبرت الضفادع البشرية المصرية، سدّت المواسير، فلم نجد نابالم، أمان، أمان، أمان ، وزاد في اطمئناني ان تغَلَّبنا على تلك النقطة، وهي من توفيق الله، ومن علامات النصر.

 

من غرب القناة، إلى شرق القناة، العبور رأيت من حولي، في القارب كان "الله أكبر، تحيا السويس" وكل القوارب "الله أكبر، تحيا مصر"... وكل من عبر يسجد لله، في رمل سيناء، ويقّبِل الأرض،...

أول ما رأيت: الإسرائيلين لهم نقطة قوية (ساري، عليه كرسي) نقطة مراقبة، أول شيء ساعة الصفر، ناوله مدفع مصري، فَطَّبَّ هاويا البرج الإسرائيلي الرئيسي، ورأيناه بأعيننا، وكل بضعة كيلومترات يضعون نقطة مراقبة (حوالي كل 7 أو، 8 كيلومترات)... هكذا إلى السويس.

رأيت برج منهم، يطير في الهواء، قبل أن نعبر، بالعسكري اليهودي الذي عليه.

أما عن الطيران المصرييَضرب في تتابع ويعود.

السادات رحمه الله، دخلنا نفسيا للحرب، كنا لا نعرف انها حرب، (وربما ذلك وفر من طاقتنا، بالإضافة إلى اعتيادنا على الأمر قبل ذلك، وتدريبنا على ما طُلب منا، كل في مهمته). ان كنا نعرف انها حرب، سوف يحضر إلى ذهننا تلك السدود النفسية، عن النابالم وما إلى ذلك،...

ولكن كنا نعرف دورنا، وهو التدريب. والحمد لله، كان النصر،

نعبر، نقبل الأرض،...

احتلينا حوالي 7 أو 8 كيلومترات، مكثنا، ومعنا قائد اللواء، وفي اليوم التالي، دخلنا إلى القنطرة شرق... وقد تحررت.

مدينة كاملة، وكان فيها يهود، في البيوت التي هناك، ومعهم مصريون لم يهاجروا، ولكن في حالهم ، اليهود منهم من هرب (انسحب لخطوطهم الخلفية)، ومن ضُرِب، ومنهم من مات.

لم أري معركة القنطرة شرق، دخلت ورأيت المدينة قد تحررت، من حارب فيها لم يكن قائد اللواء، ونحن كنا نتّبع قائد اللواء، أما المشاة-ميكانيكي هو من يدخل بالدبابات يضرب ويحرر.

رأيت مدينة كاملة، وكان لهم طباع تسترعي الانتباه، هناك كل البيوت "منزل الست عزيزة"... ، البيوت كلها أسماء نساء، فقلت النساء أغنياء هنا؟ ورأيت أن هذا طبعهم، أو نظامهم.

دخلنا البيوت، كل شيء فيها (وكانت القنطرة شرق منطقة حرة، منها إلى غزة...) أطقهم صيني، وأغراض على مستوى، لم يأخذها اليهود، ولم يتلفها المصريون،

أيامها الكشمير كان موضة، وكانت حقائب بها بلوفرات كشمير، جميع الألوان، ربما تاجر، أو تم تهريبها،

تلك هي ملاحظاتي،

مكثنا في القنطرة شرق، إلى يوم 10 أكتوبر، قائد اللواء يتحرك نمشي مع سيره،

بعد القنطرة، من القناة، حوالي 7 أو 10 كيلومترات على الأكثر،

عندما تتجه للعمق لم تكن هناك نقاط حصينة، كلها كانت على المياه، وعندما تعمقنا لأرض سيناء، لم أر نقاط حصينة، أول مرة أرى عساكر إسرائيلية مقتولة،

أما عن جثث اليهود، كان ذكاء لم يسبق من أنور السادات، رحمه الله. جثث اليهود لم يعرف مكانهم إلّا المهندسون. كان لابد أن ندفنهم، وتم دفنهم في مكان نعرفه. وكل بضعة أيام - بعد وقف إطلاق النار - أنور السادات يلقي خطاب، أن أولادنا في سيناء وجدوا ثلاث جثث من الجنود الإسرائيليين، ونحن مستعدون أن نسلمهم للصليب الأحمر. وكان يسلمهم بمقابل، يقايضهم لتحرير فلسطينين. كل بضعة أيام يلقي خطاب، وأول ما يلقي خطاب نعرف - وكانت علامة - هيطلعوا عدد من الجثث.

من أول الحرب، يوم 6 أكتوبر، إلى يوم 16 أكتوبر ونحن في عز القمة والانتصارات، لا نرى طيران إسرائيلي، ولامدفعية.

جاءتنا أخبار أن هناك ضغط على سوريا، ولابد من تطوير الهجوم للجيش المصري يوم 14 أكتوبر ، وكانت هناك خسائر كبيرة لدينا ، لم نتقدم عن تلك النقطة التي وصلنا إليها.

أما يوم 16 أكتوبر يوم الثغرة، حاولت أن تدخل من عند الفرقة 18 (فرقتنا)، فؤاد عزيز غالي، والفرقة 18 ثلاثة ألوية مشاة، وكنا اللواء 163، وهناك لواءان منهم لواء 90 مشاة.

طلب منا رص ألغام بيننا وبين الفرقة الثانية مشاة ، وقد دخلت إلى الجيش الثاني، ونظام الجيش فرقة تقف، مسافة خالية، ثم فرقة ثانية، خط واحد. بين كل فِرقة وفِرقة، مسافة.

وكانت الثغرة، والأقمار الصناعية الأمريكية تصور لهم النقاط الضعيفة، وتدخلَت ونزلَت الدبابات هناك. حاولوا الدخول من عند فواد عزيز غالي، من ناحيتنا، لم يقدروا. وطلب منا فؤاد عزيز غالي أن نرص كل الألغام، بيننا وبين الفِرقة الثانية. وربما عرفوا أن هناك ألغام فبعدوا عن تلك النقطة.

نحن الآن في شرق القناة، أما عن المشاهد التي لا أنساها، ما ذكرت، جثث المصريين، وجثثت اليهود. جثث المصريين، لا أنساها، نقودهم، محافظهم، وكل أسرارهم، لا يمكن أن أنساها. أما عن جثث اليهود وفي منتهي الفرحة وأنا أراهم،...

وهناك رأيت بعيني، وكان معنا في اللواء سَريّة استطلاع، قائد السَّرية كان سويسي، اسمه الثاني علّام، وكان معي في ثانوي، وبعد وقف إطلاق النار كنا نذهب نقعد معهم. وأثناء الحرب وقبل وقف إطلاق النار كان هناك طائرة ضربَها سلاح الجو المصري، فهوت الطائرة، ومن بها (اثنان طياران يهود) نزلوا بالبراشوتات، صاحيين، وأول ما نزلوا - ولا يمكن أن أنسى - حاصروهم وأحضروهم لقائد السَّرية وكنت جالس عندهم. ومنهم علّام كان سويسي وكنت أجلس معه. جاء أحد الضباط من السَّرية، مسك الطبنجة يريد أن يقتلهم، فقالوا له لا، وأنهم قد أبلغوا هناك اثنان أسرى طيارين يهود، لابد أن نسلمهم أحياء، فطار رشده وقال أن اخوه في حرب 1967 دهسوه بالدبابة... وغضب الضابط وصمم ان يقتلهم، فحاوطه من حوله، لتهدئته قدر استطاعتهم، فقال لا يمكن، أنا أمامي أخي وقد دهسوه بالدبابات،

وكان أحد الطياران اليهود يفهم اللغة العربية، فهم انهم سيقتلونه - والثاني لايفهم شيء - فصار يبكي، وكان وسيما، أخرج صورة (وكانت من 1967، وأول مرة أرى صورة بالألوان)، قال "أترى، خطيبتني تنتظرني" وكان صورة له مع خطيبته، أكثر من صورة...

مرت أيام الحرب، الإسرائيليون تم مفاجأتهم، لم نرفع أي لغم إسرائيلي. كنا نرص ألغام، ونفتح ثغرة لجيشنا.

ومن بداية الحرب، إلى وقف إطلاق النار، الإمداد والتموين كان تمام، الأكل معلبات، تدفق متواصل، الحصار كله كان في الجيش الثالث، وكان الله مع الشيخ حافظ سلامة (السويس، بلد الصمود).

علِمتُ أن السويس بدأت محاصرتها، وكان حاصرهم اليهود، لا مياه ولا أكل، وكان لي زملائي ودفعتي، وكان اليهود يعطيك جركن مياه، مقابل جركن بنزين،

وكان هناك محل أحذية معروف، اسمه "محروس"، انفجرت به عين مياه، مياه نقية في الأرض، وإلى الآن موجودة، وإلى الآن أنزل السويس كنت أريها لأحفادي.

وكان يوزعها الشيخ حافظ.

وبعد وقف إطلاق النار عند نزولنا الأجازة (لأصل للضاهر، وهي منطقة وسط وجوارنا يهود) لابد أن نعبر إلى القنطرة، تأخذ مواصلة إلى الإسماعيلية، ومنها موقف أتوبيسات للقاهرة. ركبت أتوبيس إلى القاهرة، لأصل للضاهر، قابلوني بالترحاب وعرفوا اني كنت في الحرب،

واستقبلتني رحمها الله والدتي بالأحضان والبكاء، نمت في الأرض كي تسكت، وقبلت قدميها.

رجعت للكتيبة، والسادات يحل الأمور. وكل شيء أمان.

من 1971 إلى 1976 كانت فترة الجيش، وخرجت برتبة ملازم أول.

 

 

الأربعاء، 4 أغسطس، 2020

تم التسجيل في مقر المجموعة 73 مؤرخين

حضرالتسجيل: أحمد زايد، وليد كمال، محمود منصور

قام بالتفريغ: علي سعيد

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech