Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

عقيد "بهجت علي زايد الجداوي"/ سلاح الإشارة

البطل "بهجت علي زايد الجداوي"

 

 

الاسم: "بهجت علي زايد الجداوي"

أنا من مواليد القاهرة، مصر الجديدة، في أول مايو 1939.

والدي من رجال التربية والتعليم، كان ناظر مدارس السعدية ومصر الجديدة، وأنا أصغر ابن، عندي أخين ذكور، وثلاث أخوات بنات. الأخ الأكبر لواء مهندس في القوات المسلحة، بعده أخت توفاها الله تزوجت أحد ضباط القوات المسلحة، بعدها أخت تزوجت "مصطفى موسى" عضو مجلس النواب في آخر مجلس نواب في جمهورية مصر يسمونه "ابن النحاس" مصطفى موسى بن النحاس، كان رجل وفدي، الأخت الثالثة أصغر أخواتي البنات زوجها سعودي وتزوجَت في المملكة العربية السعودية وتوفت في السعودية وزوجها أيضا، بعدها لي أخ أكبر مني مباشرة هو رئيس قِسم القانون الدولي الخاص في كلية الحقوق جامعة عين شمس، حفظه الله وهو أكبر مني بحوالي سنة ونصف أو سنتين، ثم أنا.

تعلمت في مدارس مصر الجديدة الثانوية، كانت أولاد فقط.

في 23 يوليو 1952 عندي 13 سنة، فرحين لشيء جديد لا نعرفة وهو ثورة الجيش علي النظام الملكي ، كنا في سن صغير، الأسرة لم تكن تحب النظام الملكي هذا ما قالوه لنا.

العدوان الثلاثي، بعد أربع سنوات في 1956 كنت 16 سنة، مدرك تماما ما يحدث حولي، كنت في ثانوية عامة تم قفل المدارس فحصلت على ثانوية عامة سنة 1957 ودخلت للكلية الحربية مباشرة سنة 1957.

في العدوان الثلاثي كانوا يمشون في الشارع يقولوا "أطفئوا الأنوار"، أذكر حسا وطنيا في البيت والشارع، بلدنا مصر تحارب ثلاث دول، كنا دائما ننزل الشارع ونهتف تحيا مصر، أنا من مصر الجديدة، وسكُان مصر الجديدة مختلطين بأجانب وطبقات راقية، منهم أولاد في مثل عمري، لكن لم يكن لدي أصحاب أجانب، أصدقائي هُم جاري الذي أمامي، لي جار في الشارع المجاور، وُلِدت في بيت آخر نسكن فيه في نفس المربع في شارع "إبراهيم اللقاني" جئت إلى البيت هنا في سنة 1944. لم يكن لي من أصدقاء ضد الدولة أو 23 يوليو.

في هذه الأيام تطوعت في الحرس الوطني، فكنا نرتدي الأفرولات ونمشي في الشوارع، نوجه الناس لتدخل لبيوتها كان شعور طيب.

أخي الأكبر كان ضابط قوات مسلحة، وهو مواليد سنة 1930، وهو أحد أسباب أن أدخل الكلية الحربية وكان أبي سعيد جدا وأمي سعيدة بي جدا وبدخولي الكلية الحربية ، رحمها الله، أمي كل ما أتذكرها أبكي ... كنت برتبة ملازم فكانت تقول لي "أود أن أرى دبورتين على كتفك" يعني ملازم أول وهي توفت قبل أن أترقى لرتبة ملازم أول.

البيت رحب أن أصبح ضابط. والضباط بعد 23 يوليو 1952 لهم وضع وقيادة.

في 1956، أخي كان في كلية الهندسة، هو ضابط متخصص وبعدما تخرج من كلية الهندسة شجعه أصدقاؤه للالتحاق بالجيش، لم تكن هناك كلية "فنية عسكرية" بعد.

كنت أميل للعسكرية، بعد الثانوية العامة أتذكر في هذا التوقيت كان مدير الكلية الحربية اللواء "محمد فوزي" رحمه الله. من بداية دخولي الكلية الحربية أود أن أكون ضابط إشارة، بقدرتي أن أعمل مواصلات و أحقق سفريات وإتصالات، أول شيء اخترته أدخل سلاح الإشارة، ليس لي غيره، وبالطبع وافقوا، لأن لم يكن هناك أحد عنده هذه الرغبة.

دخلنا الكلية الحربية وكان هناك تقسيمات، أقسام تدخل المشاة، والمدرعات، وأقسام الإشارة والمدفعية، بالدرجات، وأنا من المتفوقين.

دخلت الكلية الحربية في نوفمبر 1957، دُفعة 40. تخرجت سنة 1960.

من شاب مدني من مصر الجديدة، إلى طالب مقاتل، وأول أيامي في الكلية الحربية، أول ما ارتديت البدلة شعرت بالفرح، نسمع أنهم يحلقوا لنا رؤوسنا (زلبطة) عرفت بقبولي في الكلية الحربية وحلقت شعري رأسي نمرة 3 مثل طلبة الكلية الحربية، سعيد أني الحمد لله دخلت الكلية الحربية.

زوج شقيقتي ضابط مدفعية وصديق اللواء "علي زيوار"مذيع الكرة المشهور ، وهو معروف كان صديقه جدا، وكانوا يعملوا في الكلية تدريبات للقبول في الكلية الحربية، فأرسلني إلى علي زيور ليدربني في الكلية الحربية على تمارين القبول لدخول الكلية الحربية.

أول يوم في الكلية الحربية، يعلمونك كيف ترتب الدولاب وتضع ملابسك، بعدها يقول لك هذا الترتيب لا تعجبني هذا الشئ بارز نصف سنتيمتر فيقلب الدولاب كله في الأرض وترتب مرة ثانية ويأتي بعد نصف ساعة يراجع علينا ، فيقول "هذه الفانلة غير مرتبة قليلا" ويقلب الدولاب مرة ثانية، وعلى هذا المنوال مرتين أو ثلاث، أود أن أرد وأنفعل...

 

 

لكن من ساعة دخول الكلية الحربية تشعر أنك عسكري، كان هناك طالب أو اثنان قدموا استقالاتهم من الكلية الحربية بسبب هذا، لكن قلب الدولاب هذا يبدو بسيط، ربما يأخذ سريرك من المرتبة ويرميها من الدور الثاني وتنزل لتحضرها، تحملها وتضعها على السرير وتساويه يقول لك السرير غير مرتب ويشد المرتبة ويرميها مرة ثانية، هذا على الأقل مرتين في الأسبوع... العنبر كله.

دخلت الكلية الحربية في نوفمبر 1957، إلى 1959، فترة هدوء نسبي (عسكريا)، ومع ذلك تعجلوا ونحن إلى السنة النهائي، وفي هذا الوقت وحدة وطنية لمصر مع سوريا فتشرفنا بحضور طلبة سوريين يتعلموا معنا في الكلية الحربية، يدرسون حوالي ستة أشهر، كنا في متوسط، وطلعنا إلى السنة النهائي، وجدناهم يتخرجون وهم معنا منذ فقط ستة أشهر، فحصل ضجر في الكلية ودفعتي فيها من أبناء كبار في القوات المسلحة منهم مازن نديم ابن محمد نديم، والده قائد كبير في القوات المسلحة، كلهم ضغطوا على أهاليهم، وافقوا تخرجنا في يناير 1960، وكان مفترض أن نتخرج في يوليو (أو يونيو) 1960.

من مدرسي الكلية "منصور عبد الوهاب" نقيب في سلاح الإشارة وقائد سريتنا وهو رجل طيب جدا يحببنا في الإشارة وهو من أسباب حبي لسلاح الإشارة.

أحب الإشارة وليس لدي رغبة أخرى، دخلت القسم الذي يدرس إشارة ومدفعية، اختياري الوحيد. تخرجت في الدُفعة 40، في 6 يناير 1960.

درست في آخر سنة سلاح الإشارة والأجهزة كانت روسية. تخرجت من الكلية الحربية إلى سلاح إشارة. أول تعييني كان في الإسماعيلية مسئول عن المواصلات الخطية، فوج 652 إشارة، فوج قيادة المنطقة الشرقية في معسكر الجلاء، مسؤوليته مواصلات المنطقة الشرقية.

فوج 652، أنواع الإشارة الموجودة في هذا الوقت ما يمكن أن أقوله أن هذا فوج مواصلات خطية ليس فيه اتصال لاسلكي، يعني فقط تليفون، بسلك ميداني وغيره، وكابلات محورية، هذا تخصص هذا الفوج.

في 1960 لدينا أفواج إِشارة لاسلكية لتحقيق المواصلات بين القيادات. لم يكن هناك إلكترونيات بعد، فقط عربات فيها أجهزة خطية، يمكن أن تعمل إلكترونيا.

في هذا الفوج سنة 1960 لا أحداث أذكرها لكن نطلع مأموريات نحقق مواصلات، في هذا الفوج طلعت إلى "نِخِل" ويقولون عنها ثلاجة سيناء، قضيت هناك مأمورية شهرين أحقق مواصلات، شهر رمضان في هذا البرد في "نِخِل" أتغطى بثلاثة عشر بطانية يعني تنام على سبع بطانيات ترتدي بالطو الجيش يسمونه كبوت، ثقيل جدا فكنت أرتديه وأنام بسبعة بطانيات أرتجف من البرد، برد ثلاجة.

في هذا الوقت كان مُرَتبي حوالي 17 جنيه أو 18 جنيه، بعد الخصم.

في بداية الستينيات لا أذكر أن حصل تشويش على اتصالاتنا، كانت الحياة سهلة وجيدة.

بقيت في القيادة الشرقية إلى سنة 1964، برتبة نقيب محلي انتقلت إلى الكتيبة 616 إشارة في الحلمية خلف منطقة التجنيد بقيت فيها أطول مدة خدمتي إلى أن أصبحت قائد هذه الكتيبة وحضرت حرب أكتوبر 1973.

5 يونيو 1967

كنت في القاهرة، في الجبل الأحمر، الجيش في حالة طواريء، ننام في مقر الكتيبة. في المعسكر ليس لنا تكليفات معينة، ننتظر أي أوامر.

هزيمة 1967، في رأيي لماذا يطلع شبابنا بالجلاليب إلى سيناء ؟، بدون تدريب، المسؤول هو من أعطي الأمر بهذا. في حرب 1973 ممنوع كلمة انسحاب، لأن في 1967 صدر أمر انسحاب وانفرط الجيش في هذا الانسحاب وضاع كله.

أما في حرب 1973 صدرت الأوامر من السادات لقادة العمليات لا يوجد أمر انسحاب، والضابط الذي يعطي أمر انسحاب اضربه بالنار.

تنحي عبد الناصر أراه خاطيء، لم يظهر من هو يقود البلد، دخلنا في مصيبة وتريد أن تتركنا؟

بعد 1967، أنا من سكان القاهرة، وحدتي في القاهرة، في الشارع نتعرض لكلمات غير طيبة، أتذكر وأنا عائد من عملي مرتديا البدلة، نتلقى كلام غير طيب من بنات ونساء ورجال، لا نتأثر لهذا نرى أنهم لا يدركون شيئا.

بعد الهزيمة تعاملت مع جنودي وضباطي في الكتيبة نفسيا ، القائد لابد أن يكون محبوب من جنوده، لديّ ضباط وعساكر لو قلت لأي منهم أن يفعل أي شيء سينفذ دون أن يسألني، لأني أحبهم وأشعر أنهم أولادي رغم الهزيمة وحالة الجيش، والجنود تسمع الإشارات وتعرف الموقف، الكل يستاء لقرار الانسحاب وهو قرار خاطيء، شعور الناس في الشارع لماذا يحصل انسحاب وهذه نتائجه، وإن لم يحصل انسحاب في يونيو 1967 لم يحصل ما حصل، ولذلك في 1973 أمر السادات: الضابط الذي يصدر أمر انسحاب اضربه بالنار.

قبل يونيو 1967، لم يحصل أن تعاملت مع المشير عامر، كل معاملاتي في الوِحدة هي إنشاءات خطية، لم نتعامل مع جهات أخرى غير إدارتنا، إدارة الإشارة.

بعد الهزيمة بدأ إعادة بناء القوات المسلحة من الصفر، لم يتم تكليف الفوج الذي أعمل به بأي تحركات، بقينا في الجبل الأحمر، إلى أن انتقلت مع كتيبتي للسويس (كتيبة 616)، كنت مسؤول عن مواصلات السويس وأنا في 616 بالجبل الأحمر، فعندما قامت الحرب كان لي مركز إشارة في منتصف الطريق (عند العاصمة الإدارية الآن) يسمونها كيلو 61، خلفنا المبنى المشهور في فيلم أنور وجدي "أمير الانتقام" مبنى يشبه القلعة، عند الكيلو 61 خلفي مباشرة، أذهب وأجيء لهذه النقطة، إلى السويس، لاطمئن على الإشارة.

يُذكر أن الإسرائيلين نزلوا في عملية إبرار إلى طريق السويس وضعوا أجهزة تصنت على الاتصالات الخطية للجيش الثالث (لم أتلق أي معلومة عن هذا، لكن هذا حصل في 1973). إنما لا أتذكر أحداث هامة في الاستنزاف، أو إشارات معينة.

من خلال اتصالات خطية سواء سلك أو كابل، كيف أطمئن على اتصالاتي ؟

إن حدث قطع كيف أعلم؟ لدي أجهزة - إن حدث قطع في كابل - تحدد عند أي مسافة، فتطلع مجموعة من الكتيبة معها أدوات الإصلاح لأقرب مكان للعُطل وتنزل تفتش عنه إلى أن تعثر عليه وتصلحه، كلها كابلات تحت الأرض، فكانت مهمة شاقة.

بعد وفاة عبد الناصر تولى السادات الرئاسة ولا يعرفه أحد، لكنا دائما نريد الحرب، ورد الثأر، أملنا أن تأتي أوامر لنعبر القناة ونحارب، ننتظر هذا القرار في رغبة وأمل.

دائما ندرب أفرادنا معنويا وأنا ضابط إشارة تسليحي طبنجة والعساكر تسليحهم رشاش قصير، وعملي هو الاتصالات عصب المعركة كما يقولون.

من 1967 إلى 1973 تم استحداث أجهزة جديدة، أحدث أجهزة اتصالات من السويد، ليست إريكسون بالضبط، ولكن أخرى، ربما تابعة لشركة إريسكون، لأني طلعت مأمورية للسويد لأزُور شركة إريسكون، قبل 1973.

كضابط مصري سافرت السويد لنحصل على أجهزة. السويد دولة كتلة غربية نوعا ما ومع إسرائيل وليس مع العرب، ومع ذلك تعاملت هذة الدولة معنا بمنتهى الأدب والاحترام، وأكرر هذا ، هي علاقات تجارية وأنا ضابط، يكادوا يحملونا من على وجه الأرض من المودة والترحاب والاستقبال ولكن حصل في مرة حادثة وكانوا انتقلوا بنا إلى شاطيء وفيه ثلاثة أو أربعة يهود، مرتدين نجمة داوود، وحاولوا يضايقونا، عرفوا أنا مصريون، شكلنا مصريون، نتكلم عربي، حاولوا يضايقونا فتعاملنا معهم، كان معي مجموعة صف ضباط أعلمهم على الأجهزة التي سنستلمها من السويد، وأترجم لهم باللغة الإنجليزية كل ما يُقال، فكان معي مجموعة " أباضيات " فكانوا يمكن أن يأكلوا اليهود. لم يكن معنا في هذا الموقف وفد مرافق من السويد.

سافرنا السويد لنحصل على أجهزة اتصالات حديثة في هذا التوقيت ، كنا نرمي كابل اسمه "كابل محوري" عبارة عن سلك رفيع كالإصبع فيه فردة نحاس من الداخل، هذا الكابل المحوري يحمل حوالي أكثر من ألف خط، لتحقيق اتصالات في هذا الكابل لابد من أجهزة في بدايته ونهايته، هذه الأجهزة التي يدخل عليها الكابل يطلع منها الخطوط (مثل سنترال).

لما نسافر إلى السويد ونحن في هذا الوقت كنا كتلة شرقية فقط؟ لأنه معروف أنها أفضل دولة في الاتصالات، السويد وشركة إريسكون فيها معروف أنها أحسن دولة تصنع وسائل المواصلات، والسويد رغم أنها من الكتلة الغربية لكن تعاونت معنا.

بعد 1967، بدأ تجنيد عساكر من الحاصلين على مؤهلات جامعية، بالنسبة لي لم يفرق لأن لم يتوزع عندي عدد كبير منهم لأني لا أشتغل في تكنولوجيا تحتاج عدد من المؤهلات. لاننا بمجرد ترمي كابل من هنا إلى السويس كله يكلم بعضه، هذا الكابل عبارة عن بكَر، بين كل بكَرة والثانية لابد من لحام (بطريقة مخصوصة، علمية) ليس مجرد سلكين، طريقة عِلمية، وأجهزة نضع هذه الخطوط عليها... يساعدنا في ذلك حملة المؤهلات أنهم يعلمون عن هذه الأجهزة، لكن لا نُشَغلهم في عملية الحفر.

بعد 1967، توغل الخبراء السوفييت، لم يكن معي خبير في الكتيبة، لم أتعامل معهم، نهائي.

قبل 1973، وأنا برتبة مقدم، لم أشعر بشيء غير طبيعي إلى أن قامت حرب 1973 وأنا في الجبل الأحمر، عندي نقطة المنتصف عند الكيلو 61، كلمني ضابط من هناك (مسؤول عن الموقع) كان اسمه "زاهر..." قال "يافندم الحرب قامت" وفي نصف ساعة كنت عنده في الموقع، ركبت العربة الجيب وطيران إلى هناك...

قيادة سلاح الإشارة، أو قيادة الفوج، لم يبلغني أحد ساعة "س" ساعة الصفر.

مع بدايات 1973 كنت قد تزوجت، أصبحت برتبة مقدم، أخدم في الجيش من 13 سنة.

عندما تقوم الحرب، حسب الإرشادات دوري أن أحقق مواصلات بين قيادة الجيش الثالث (وأنا غير تابع له لكن أخدمه) مع القيادة للقوات المسلحة، هذه دوري، مكاني هو نفس موقع الكتيبة، اتأكد أن المواصلات تعمل بصورة جيدة بين القيادة العامة وقائد الجيش وكتائب الصواريخ (الاتصالات الخطية) لأن قائد الجيش لا يصل بنفسه إلى مواقع الصواريخ، أنا من أوصله، يعني كل عملي بعدما وفرت اتصاله مع القيادة العامة أوفر اتصاله مع كتائب الصواريخ.

أخذت الأمر جديا، من هنا إلى السويس أو إلى كيلو 61، عندنا في الإشارة يمكن أن أسمع القادة (استماع) وهذا القائد الذي أبلغني أنه رأى طيران وحرب فدخل يسمع القادة، فأبلغني.

أما عن شعوري أن تقوم حرب لا يعرف موعدها أحد هكذا كانت التعليمات، سعيد أن ما أردناه سيتم، الضابط أبلغني لأنه سمعه، من هنا إلى كيلو 61 أود أن أرى ما حصل كيف نفذ وكيف نعبر، أريد أن أرى هؤلاء الناس، صحيح أني لست معهم، دوري في الخلف.

وصلت كيلو 61 كان هناك عملية ضرب الطيران على مطار القطامية بدأ اليهود يضربون، رأيت زاهر وجنوده، كل جندي ومقاتل يتمني اللحظة التي نحارب فيها، يقفزون من الفرح أننا سنعبر، من "زاهر" في كيلو 61 إلى السويس حوالي كيلو 25 ، ليس مدينة السويس نفسها الطريق الذي يؤدي من طريق السويس إلى الأدبية والسخنة، وبجانبي جبل "عتاقة" الشهير بيني وبينه حوالي 200 متر، هذا موقعي المتقدم، أتحرك مع الكتيبة وضباطها.

الكتيبة منها جزء في الجبل الأحمر وجزء عند كيلو 61، وجزء عند كيلو 25 هذه كلها مواقعي. تقدمت إلى كيلو 25 أكثر موقع متقدم، لأصل في وقت المغرب، الطريق ليس عليه تحركات عسكرية. كيلو 25 أسمع ضرب النيران، وهنا مقر قيادتي في كيلو 25.

في هذا الوقت، قوات الدفاع الجوي المصرية في منتهي القوة والقمة، وأنا في موقع خرسانة كبير تحت الأرض، فيه متر فقط ظاهر فوق وجه الأرض، استمتع أن أشاهد الطائرات الإسرائيلية وهي تقع وأرى قوات الدفاع الجوي المصري تضرب الطائرات الإسرائيلية والطائرات الإسرائيلية تقع وتتهاوي، ولا أرتدي خوذة مطمئن أني في أمان.

موقع متقدم (كيلو 25) عبارة عن غرفة إشارة كاملة تحت الأرض، حوالي 30 متر، عرض حوالي 10 أمتار، هذا الموقع المسؤول عن تأمين الاتصال بين الجيش الثالث والقاهرة.

كله مواصلات خطية، لم يكن فيه أبراج ظاهرة لكن اليهود يعرفونه، عندهم جهاز مخابرات جيد، يعرفوا أمور عديدة (في حدوث الثغرة كانوا ينادون اسمي) يعلمون هذا الموقع ومكانه وقائده،... كل شيء.

قبل الثغرة، غير تهاوي الطائرات الإسرائيلية، أرى وحدات القوات المسلحة المصرية وهي تعبر قناة السويس، وأنا على كيلو 25 على الطريق، بين الطريق والجَبل، أرى طريق السويس والتحركات، أود أن أكون معهم لو أقدر أن أعمل شيء، لكن تسليحي طبنجة... كنت أتمنى أن أعبر، لكن مسرور وأنا أرى ما يحصل ومستمتع به.

كل شيء يُنَفّذ بطريقة جيدة، ومعي رئيس إشارة في 616 مسؤول عن إشارة الجيش الثاني، دائما على اتصال معي، ويحكي لي ما فعل الجيش الثاني وكيف يعبر.

ليس من دوري التأكد أن هذه الإشارات مؤمَّنة، متأكد من إشاراتي المؤّمَّنة لأن كلها كابلات تحت الأرض، لا يقترب منها أحد، فإن اقترب سيكون ظاهرا. وكان الكلام بدون شفرة.

البيانات العسكرية في 1967 مفبركة، لكن في 1973 كنت في وسط المعركة وكل خبر صحيح. لا أرى شرق القناة... والأخبار من شرق القناة تقدم قواتنا، ولكن عندنا ثقة في قياداتنا.

المركز المتقدم عند كيلو 25 يزيد عدد أفراده عن 200، معظم أفراد الكتيبة كانوا هناك، ( طعام، تحركات، ميز. يوم عادي ) ليس فيه مناوشات مع أنه يوم وسط الحرب بيني وبين القناة 25 كيلو، أنام في الداخل وسط الاجهزة ، عساكري ينامون في خِيام على وجه الأرض، يوم طبيعي، نستيقظ صباحا، وجبات يومية، وكنا في رمضان، موعد الإفطار، نتناول الطعام مع العساكر، ليس هناك أي غارات، في هذا الوقت، قبل الثغرة.

كتيبة إشارة لا يمكن الدفاع عنها، ليس هناك وحدة مسؤولة عن الدفاع عنا.

بدأت أسمع أخبار الثغرة.

لدينا في الكابلات شيء اسمه غرف التفتيش فيها لحامات الكابلات تحت الأرض، وكان عندي عسكري في "جنيفة" يضبط شيء في غرفة تفتيش هناك، فرأى اليهود، حوالي يوم 20 أكتوبر

قبلها بيوم في يوم 19 ضُرِبت من الطيران بشدة وكانت أول غارة، الطيران الإسرائيلي هذه المرة يعرف أين يضرب، لا يريد هدم المبنى ولكن أن يستولى على هذا المبنى بما فيه، لم يضربوا الغرفة (رغم أنهم يعرفوا مكانها) لأنهم يريدون الأجهزة الموجودة فيها، هذا هدفهم لأنهم يعلمون كل شيء، إن ضربها سيقطع الاتصالات بين الجيش الثالث والقاهرة لكنه هدفه أن يحيد كل من هو موجود في هذه المنطقة سواء عساكر في الخيام أو من في الغُرفة، يضمن أن الاتصالات شبه مقطوعة، ضرب مستمر كي لا نقيم رؤوسنا.

في هذه الغارة لم يستشهد أحد من الكتيبة.

تحت هذا الضرب المستمر، أتعجب كيف لا يصلون إلينا، لا يطولوننا، أو لماذا لا يريدون إصابتنا، لم يتعامل معه الدفاع الجوي، بعد هجوم متواصل في مهام أخرى.

يوم 23 أكتوبر، أبلغني العسكري أنه رأى دبابات، انتظرت لا أنقل هذه المعلومة إلّا أن أرى بعيني، موقعي في طريق السويس على بُعد حوالي 300 متر تقريبا أرى دبابات إٍسرائيلية تدخل.

خرجت من الموقع، رأيت الدبابات في وقت الإفطار، على شريط القطار، بيني وبينهم حوالي 300، 400 متر، (ليس لي قائد فوج، قائدي إدارة الإشارة) نزلت لأطلب مدير الإشارة،عندنا سنترال فطلبته من السنترال (خط مباشر) وأبلغته "الموقف كالآتي، اليهود أمامي على بُعد حوالي 300، 400 متر، ماذا أفعل؟" ممنوع أمر الانسحاب، قال لي انظر يابهجت، سيتوجهون من أمامك إلى الأدبية ويعودون ليلا، فتحرك مع كتيبتك إلى بطن جبل عتاقة، ابق هناك لن يصلون إليك في بطن جبل عتاقة...

وهذا ما حصل فعلا لم يقدر أحد أن يدخل إلى بطن جبل عتاقة، بأي مركبة.

أترك المركز خاويا يمكن رؤيته من فوق الأرض، ظاهر منه متر، مبني خرسانة في الصحراء، غير مموَّه لكن عملت له حركة منعت اليهود أن يدخلوه، بعد فترة...

نصبت سلكا شائكا ثنائيا ( علي خطين بينهم أرض خالية ) ، في عرف الجيش يعني في وسطه ألغام، رأوه وتركوا ثلاثة دبابات عند الناصية، الجندي الإسرائيلي أجبن جندي على وجه الأرض، تركوا ثلاثة بدبات لتأمين الكتائب التي تتحرك إلى السخنة، وتقدموا إلى الأدبية من هذا الطريق (كيلو 25)...

جمعنا الكتيبة لنتحرك إلى بطن الجبل، شعرت باحتمال هزيمة، ما معنى أن اليهود يتقدمون؟ أين الجيش الثالث؟ لكن... لم أتأثر، عندي كل خرائط مواقع الصواريخ في الجيش الثالث لتحقيق الاتصالات، كل خريطة واضح فيها الموقع، بخط الكابل وكل شيء، جمعت الخرائط وضعتها في برميل (فنطاس مياه) سكبت وقود وأحرقتها.

دبابة على مسافة حوالي 300، 400 متر وأنا أخلي الموقع، يمكن أن يصيبني مدفعها ورشاش النصف بوصة، كانوا يضربون، وإذا الله أراد للإنسان شئ لا يقف شيء أمامه، نيران طلقات الدبابة ومدافع الفيكرز وأنا أجري (أعطيت أمر للعساكر يجروا إلى بطن الجبل. اطمأننت أولا أنهم تحركوا، وههمت أن ألحق بهم...) لكن الدبابات دخلت، وتفتح النيران وأرقد أنام على بطني، أفتح يدي كما يقول القانون، فأسمع طلقة تمر من فوق رأسي ومن بين ذراعي وتطير في الهواء.

على هذا الوضع ومعي عسكري واحد كنت أسميه رفيقي في الموت، وكان من الحاصلين على مؤهل جامعي. ونحن نزحف وجدنا حُفرة على الطريق الذي يؤدي إلى السخنة (لم أدخل جبل عتاقة بعد) رميت نفسها بداخلها، عندما يريد الله لك النجاة يخلق لك الأسباب.

أيام 1967 كانوا يضعون أمام البيوت حائط من الطوب الأحمر. في 1973 أمام هذه الحفرة أجد حائط مثله، ما الذي وضعه هنا. ؟ في سط الصحراء الشاسعة وبدون أي هدف ، هناك هذا الحائط .. يعلم الله فقط سبب وجوده

الناتج أن الدبابات داخلة لتحاصر الموقع قبل هذا السور وبعده، لا تريد أن تضرب هذا الحائط، ربما لا تريد أن تعطل نفسها بضرب شيء فكانت الدبابة تمر من جانبي والدبابة الثانية تمر من خلفي، تتقدم إلى الموقع الذي سيحاصرون فيه الكتيبة.

في هذا الوقت إلى الليل أنطق بالشهادتين، في أي لحظة يمكن أن يُكتَشف مكاني وأموت، لا أفكر أن أستسلم، أموت أفضل.

بقيتُ في هذه الحفرة إلى الليل تحركنا أنا والعسكري الذي معي عبرنا الطريق إلى الناحية الأخرى ناحية جبل عتاقة. بدأ الليل وأشعر برغبة في النوم من التعب، فوجدنا حُفرة أخرى وفيها بطانيات !!!! ، بقينا في هذه الحفرة وتغطينا إلى النهار، ومشينا إلى جبل عتاقة لنبعد عن الإسرائيليين ونمشي من الداخل، نحن متأكدون أن في جبل عتاقة لا يمكن لمركبة أن تمشي.

تحركَت الكتيبة، تأخرت عنهم، ويقودهم في ذلك الوقت قائد ثان كتيبة.

لم يدخل الإسرائيليون موقعنا، حاصروه فقط، لحقل الألغام الوهمي الذي ألقيته.

الإسرائيليون هم أجبن خلق الله، وأنا في الحفرة الأولى ليلا (خلف حائط الطوب)، وثلاث أو أربع دبابات على الناصية بيني وبينهم حوالي 200 متر، لا يجرؤ أي منهم أن ينزل من الدبابة، أو يفتح غطاءها، عندما يكلمون بعضهم، يرفع غطاء الدبابة ويقفله ، رغم انهم لا يروا اي جنود مصريين نهائيا – لكنة الخوف والجٌبن

حصل هذا في السويس، عملوا طابور من الدبابات في منطقة الأربعين وضُرِبَت الدبابات الإسرائيلية من رجال المقاومة في السويس، والإسرائيليون لا يقدرون أن يخرجوا من الدبابة فيرميهم رجال المقاومة بقنابل المولتوف، يدخل إلى الدبابة، يقفز عليها، يفتح الغطاء ويلقي المولتوف عليهم، فتدمرَت كل الدبابات الإسرائليلية وهي داخلة إلى السويس.

تحركتُ إلى الجبل في اليوم التالي، أمشي، لأجد مدّق بين منطقة الجبل هذه (أمام قليلا، حوالي 400 متر) ومن بعيد نرى عربة تسير عليه راجعة من السويس إلى القاهرة (عربة زِل، ذات تندة كبيرة) فجريت أنا والعسكري أشرنا للعربة، ليس هناك شيء اسمه أن عربة تقف، فهدأ السرعة قليلا وقفزت على باب، والعسكري إلى باب وقفز إلى الصندوق ومن سلم هذا الباب رماني إلى الصندوق، وفي هذا الصندوق مت أكثر مما حصل من الإسرائيلين، الصندوق كله جنود ، كل جندي معه بندقيته فيها سونكي مفتوح، والطريق كله حجارة، تمشي على المدق تميل العربة فتجد هذا السونكي فوقك قارب ان يذبحك بالخطأ أو مع مطب أخر تجد سونكي أخر في ظهرك ، إلى أن وصلنا قبل طريق القاهرة - السويس، العربة تمشي من الداخل. الجنود تود أن تعود لتحارب مرة ثانية. بقيت معهم إلى الطريق حتي وصلناالي نقطة الوسط عند الكيلو 61. الجنود نزلوا من السيارة قبلي واقتربوا للموقع ومنهم من وصل فبلّغوا الموقع أني في الطريق، مع أنهم لا يعلمون عني شيئا،

وكان ضابط زميل لي ، رحمه الله، يكلم زوجتي يقول "هو أمامي الآن، أو في الطريق خلفي" ليطمئنهم وهو لا يعلم عني أي شيء.

نزلنا إلى الطريق وقبل أن توصلني العربة إلى الموقع (كيلو 61) علموا أني في الطريق، وأنا في شدة الإرهاق وجدت كل جنود الموقع خرجوا وحملوني إلى أن وضعوني على السرير، أول ما وصلت اتصلت بإدارة الإشارة، باللواء مباشرة لأبلغهم أني وصلت، وأنا الآن في مكاني، فأصدر أوامر مباشرة لقائد ثان الكتيبة، الذي تعين قائد كتيبة وأنا غير موجود أن أعود قائد الكتيبة مرة ثانية، وبقيت أباشر عمل الكتيبة من مكانها، إلى عدنا إلى القاهرة.

رجوع الكتيبة من كيلو 25 إلى كيلو 61، كاملة، لم يستشهد أي من رجالها ، وأنتهت الحرب ونحن في الكيلو 25 مستعدين لتصفية الثغرة وجاهزين في أي وقت للقتال من جديد

في البيت استقبلوني بالفرح الشديد وهذا بسبب الضابط - رحمه الله - الذي طمأنهم.

تدرجت في المناصب، من قائد كتيبة، أصبحت ضابط اتصال القوات المسلحة مع هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية، بهدف تكريمي لمجهود الكتيبة وأعمالها الطيبة في 1973، وعملت عمل مع المدنيين، قضيت فيها فترة طيبة. وخدمت القوات المسلحة إلى أن خرجت سنة 1977، برتبة عقيد وقت اتفاقية السلام وكان قد زار السادت إسرائيل ، ليته سلام حقيقي لأن إسرائيل ليست سهلة، إسرائيل حاكمة العالم كله، تحكم أمريكا، ولا يخرج منها قرار دون تأثير إسرائيل وأنا واثق من هذا، وأمريكا تحكم العالم معني هذا أن إسرائيل تحكم العالم تفعل ما تريد.

وأنا ضابط في الجيش من 1960، السادات يزور إسرائيل سنة 1977، أشعر أنه يفعل مجهود بلا ناتج، " ينفخ في إربة مقطوعة "، لن يتغير اليهودي عن عقيدته، فماذا ستفعل، لن تحل شيء، لأن هدف إسرئيل هو الإستيلاء على العالم كله، ليس بالضرورة عسكريا، ولكن بالمال والقرار والقدرة والإعلام والقوى الناعمة.

 

 

 

 

تاريخ التسجيل

25 أكتوبر، 2021

تشرفت المجموعة 73 مؤرخين بالتسجيل مع البطل، عقيد "بهجت علي زايد الجداوي"

من أبطال سلاح الإشارة.

تم التسجيل في منزله في الكوربة مصر الجديدة

قام بالتسجيل: أحمد زايد.

قام بالتفريغ: علي سعيد.

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech