Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

اللواء طيارأركان حرب مجد الدين رفعت

 

الطائرة الغربية

ظللنا كذلك في اشتباكات مستمرة مع العدو حتي جاء وقف اطلاق النار بعد مبادرة روجرز ، وبدأنا في الانتظام في تشكيل الاسراب وبدأ يتم تنظيم القوات بشكل اكثر بسبب هدوء المعارك ، وبدأنا في اجراء بعض الامتحانات النظرية وقسمنا الي طياري فئة اولي وفئة ثانية ، وكنت من الفئة الاولي ، ووقتها توفي الرئيس جمال عبد الناصر وكانت صدمة كبيرة للطيارين وبكي الكثيرين لوفاته ، واتذكر ايام تعيين السادات رئيسا مكان جمال عبد الناصر ، وبعدها وفي يوم من الايام كنت عائدا من الاجازة لقاعدة المنصورة ، ووجدت اثنين من الضباط يقولوا لي انت مطلوب في الرئاسة ، ظننت اني ساخذ جزاء او شيئ من ذلك القبيل بسبب تعاملنا العنيف مع الطائرات ، ولكن قيل لي انه تم اختيارك لكي تكون ضمن البعثة التي سوف تسافر الي ليبيا كي تطير علي الطائرة الميراج 5 التي سوف تشتربها ليبيا من فرنسا ، وستطير علي انك طيار ليبي بسبب قلة عدد الطيارين في ليبيا ، وكنت اول مرة اسمع ان هناك طائرات ميراج ستأتي لليبيا ، وبعدها بعدة ايام سافرت ومعي بعض الفنيين الي ليبيا ، لم يستقبلنا احد فكنا هناك بصفة سرية ، وذهبنا بعد ذلك لقاعدة "هويلس" الامريكية سابقا في ليبيا ، وسميت بقاعدة "عقبة بن نافع" ، ووجدت هناك بعض الطيارين المصريين كان قد انقطعت اخبارهم عني ، وبعد وصولي الي هناك ظللنا لمدة 9 اشهر مقيمين بدون ان نطير او نفعل اي شيئ ، منتظرين قدوم الطائرات إلى ليبيا ، وكان قد سافر بعض الطيارين المصريين لفرنسا للتدريب هناك ولكن كان السفر يتم بالاقدمية ، ولم اسافر وظللت منتظرا دوري ، وفي تلك الفترة كي احافظ علي حساسية الطيران لدي كنت اقوم بطلعات علي طائرة امريكية T-Bird ، وطار البعض علي الـ F5 ، ظللنا كذلك حتي سبتمبر 71 ، وبسبب الانتظار طلبت اجازة ، وبالفعل تمت الموافقة علي اعطائي اجازة ، ونزلت لمصر وخطبت وتزوجت زوجتي الحالية ، وقدمت بها الي ليبيا واقمنا في قاعدة عقبة بن نافع "هويلس سابقا " .

وكان يتم تدريبنا بواسطة طيارين فرنسيين ، وباكستانيين ، وبعض المصريين الذين قد حصلوا علي فرقة القتال بطائرة الميراج في فرنسا ، اول ما وصلت الطائرات ، اعطونا كتب الطائرات ، واخبرونا ان نستذكر الكتب بمفردنا ، دون اي محاضرات ودون اي شيئ ، واعطونا امتحانا يتكون من 200 سؤال عن الطائرة وقالوا لنا ان نجيب الامتحان ونحله في اي مكان ، واستغربت من ذلك وقلت لهم ان بالامكان ان نفتح كتاب الطائرة وننقل الاجابات ، اخبرونا ان لنا مطلق الحرية في ذلك ولكن يجب حفظ الكتاب جيدا لان الطيران بالميراج سيعتمد علي المعلومات المذكورة في الكتاب ، وانه في حالة عدم الاستذكار جيدا فسيكون ذلك مؤثرا بشكل كبير علي حياة الطيار ، وبالفعل استذكرت الكتاب جيدا ونجحت في الامتحان ، وبدأنا نطير مع الطيارين الباكستانيين والفرنسيين ، وبدأنا نتعلم تشكيلات الطيران الغربية ، وكيفية الطيران علي سرعة منخفضة ، وكيفية الطيران علي المدرسة الغربية ، وكانت خبرة ممتازة للغاية ، وتعلمت كثيرا جدا منهم ،  وظللت اطير من سبتمبر 71 حتي ابريل 73 وطرت فيها  450 ساعة طيران .

وكنا نتدرب كذلك في ميدان رماية امريكي سابق ، كنا نحمل طائرات الميراج علي اخرها بخزانات وقود وقنابل جو ارض وصواريخ جو ارض وكنا نقوم بتجربة كل الاسلحة جو ارض الخاصة بالميراج في ذلك الميدان ونعود الي القاعدة ومازال معنا وقود ، فكانت الطائرة تحمل 2 خزان وقود كبيرة تكفي ساعتين علي الاقل كنا نعود بعد الطلعة نرتاح قليلا ثم نعاود الاقلاع ، وكنا نقوم بثلاثة او اربعة طلعات في اليوم .

وكان الطيارين الباكستانيين في الغالب يعلمون اننا مصريين ، بينما كان يشك الفرنسيين كثيرا في كوننا ليبيين ، كان يقول لي دائما المدرب الفرنسي وكان يسمي نيوكس شاتو ، عندما نطير في الاعلي ، انت مصري دون شك ، وفور ما نهبط اعلم انك تحولت الي شخص ليبي ، ادرك هذا تماما ، وكان الطيارين الفرنسيين يعلمون تمام العلم باننا مصريين بسبب خبرتنا القتالية في الجو عن الطيارين في ليبيا  ، وكانت تجربة طيران الميراج 5 افادتني كثيرا في الخبرات القتالية واضافت لي خبرات كثيرة حتي في طيران الميج 21 .

ورجعنا كلنا في ابريل 73 ، كل سرب الميراج قدم الي قاعدة طنطا ، السرب 69  ، وكانت معنا 24 طائرة ميراج 5 وطائرتي استطلاع ، وكان معنا في السرب كافة الرتب من نقباء ورواد وعقداء وعمداء وكلهم طيارين ذوي خبرات ومهارات عالية ، ومن ابريل حتي اكتوبر كنا نتمرن في طنطا بلا حدود ، تمرين شاق ومستمر ليلا نهارا بلا انقطاع ، حتي زادت مهاراتنا واتقنا الطيران علي الميراج ، وكان ذلك السرب يعتبر احتياطي قائد القوات الجوية بسبب امتيازة في المدي والحمولة الكبيرة ، وتدربنا في البداية علي خطط للطيران وقصف مطارات اسرائيل في العمق  حيث كان المسار ان نطير من طنطا حتي راس البر ، ثم الي نقطة في البحر ثم الي المطارات الثلاثة ، وبعد ذلك نهبط في مطارات سوريا ، وبعد ذلك تمرنا علي قصف مطار العريش ، وكنا نتمرن علي ذلك بقصف اهدافا في مرسي مطروح .

 الميراج 5 والميج 21 :

كانت تتميز طائرة الميراج بتقنيتها العالية مقارنة بالميج 21 ، فبها رادار متقدم ومدفع جيد ذو ذخيرة كبيرة ذوجهازجيد للتصويب ، وبها كمبيوتر متقدم وكذلك لها مدي اكبر بكثير من الميج 21 ومن الممكن ان تظل في الجو بالخزانات الاحتياطية الي قرابة الساعتين ، ولها كابينة طيران ذو مجال رؤية ممتاز للغاية ، حيث ان كرسي الطيار مرتفع عن بدن الطائرة فيمكن للطيار رؤية ما بجانبه او اسفله علي عكس الميج 21 ذو الكابينة المنخفضة الرؤية جدا ، والميراج لها حمولة من الاسلحة والقنابل اكبر بكثير من الميج 21 ، فيمكن القول ان الميراج تتفوق في كافة الاوجه علي الميج 21 من حيث التسليح والحمولة والمدي والتقنية ، الا ان الميج 21 اخف بطبيعة الحال ولها كابينة اوسع ، واعلي بقليل من الميراج من ناحية قابلية المناورة Maneuverability  .

حرب اكتوبر 73

بعد شهور من التدريب الطويل والشاق ، وبحلول اكتوبر 1973 كنا قد وصلنا الي اقصي درجات الاستعداد القتالي وأستعدادا للحرب اكثر من اي وقت مضي ، وكنا وصلنا الي حالة من حالات الثقة بقدراتنا مع معرفة قدرات العدو القتالية جيدا ، وكان معنا في السرب طيارين علي مستوي قتالي جيد ، ومعنا طائرة " غربية " قوية وهي الميراج ، وكانت تملأنا الحماسة لكي نقوم باي عملية سواء تدريب او عمليات حقيقة ضد العدو .

وفي يوم 4 اكتوبر ، تم تبليغنا باننا لدينا مناورة تدريبية لقصف مطار التحرير بالقنابل الثقيلة وقنابل الممرات زنة 250 كج و400 كج ذات المظلة المخصصة لضرب الممرات ، ولم اطر في تلك المناورة ولكني كنت ملاحظا ومسجلا لنتائج تلك المناورة في طائرة هيلوكبتر فوق المطار كي نعاين ونلاحظ نتائج القصف الجوي للمطار من الميراج وقنابلها الجديدة ، وعند القصف كانت النتائج فوق الممتازة ودمرت القنابل المطار بالكامل ، واذكر ان قنبلة من قنابل الممرات لم يفتح لها المظلة في الوقت المناسب وطارت ناحية طائرتنا الهيلوكبتر وانفجرت بالقرب منا !! ولكن كانت نتائج القصف ممتازة وقالوا لنا ان هناك مناورة اخري يوم  السبت 6 اكتوبر ولكن في قصف هدف قرب مرسي مطروح ، ووقع الاختيار علي ستة طيارين ، كنا تشكيل بقيادة المقدم طيار محمد عكاشة ، اربعة في الامام واثنين في الخلف انا رقم 6 مع العقيد طيار داوود مكارم

وفي يوم ، 6 اكتوبر في الصباح تم تلقيننا واعدادنا لطلعة القصف التدريبية في مطروح ، كنا قد اجرينا مثل تلك التدريبات من قبل ، واخذنا استعداداتنا كاملة لعملية التدريب ، وكان كل شيئ يسير بشكل عادي ، وبحلول الساعة الثانية عشرة جائني الرائد طيار احمد هاشم ومعه خريطة ، وعندما اراني اياها وجدتها خريطة لضرب مطار العريش !

وقال لي يا ابو المجد خلاص ، التدريبات انتهت ، وقت الجد قد حان ، معك خريطة ضرب مطار العريش ، قال لي مستعد ؟ فأجبت باننا لم نكن مستعدين كما هو الحال الان وكنت علي ثقة في خبرة طيارينا وجودة طائراتنا ، وتمم علي اعداداتي وسلاحي الشخصي وقال لي ان الطيران سيكون مع اطلاق خرطوشة حيث لن نستخدم الراديو ، وتوجهنا الي دشمنا والي طائراتنا المحملة بالقنابل الثقيلة وقنابل الممرات بانتظار الاشارة لكي نطير ونقصف مطار العريش .

ومرت الساعة الواحده ، الواحدة والنصف ، وتجاوزت الثانية  ، ووقتها كنا في الدشمة واتاني الفنيين وقالوا لي " الحق يافندم العدو ضرب الزعفرانة  !!  " ، وطبعا كانت تلك البيانات التمويهية الاولي للحرب ، وبعد ذلك بدأنا في سماع البيانات المتلاحقة بان قواتنا ردت علي العدوان للعدو وعبرت القناة .... وفتحت الراديو علي الترددات الاخري وسمعت زملائنا العديد من طياري الميج والسوخوي وهم يهبطون بعد الضربة الجوية الاولي الناجحة ، وكل ذلك ونحن في الدشمة نغلي من الغيظ منتظرين الخرطوشة كي نطير ونشارك في الضربة الجوية بطائراتنا الميراج الغربية الوحيدة في مصر كلها !!

وبعد فترة تم تبليغنا بالانصراف من الدشم ، وقيل لنا ان الغارة اؤجلت للمغرب ، وانتظرنا طويلا حتي المغرب ولكن لم يحدث شيئ ، وبحلول المغرب رجعنا لصالة الطعام " Mess Hall " كي نفطر حيث كنا في رمضان وصائمون ، عدنا ونحن غاضبون الي اقصي حد ، وطمأنونا ان هناك طلعة قادمة في الحرب !

ويوم 7 اكتوبر صباحا تم طيران سكشن ( طائرتين ) استطلاع ( شريف الشافعي – احمد رمزي ) ، وقاموا بتصوير المحور الشمالي ، وضربوا قنبلتين 250 كج علي بعض الاهداف المحددة وعادوا للقاعدة ، وفي نفس اليوم قامت طائرات العدو بشن هجوم جوي كبير علي المطار وقصفوا القاعدة واهم شيئ ممر الاقلاع واصابوه ولكن كان الضرر محدودا وتم اصلاحه فيما بعد ....

ومع قصف الطائرات الاسرائيلية للمطار قامت طائرات ميج 21 مصرية من قاعدة المنصورة كي تقوم بالاعتراض ، وبالفعل اشتبكت مع طائرات العدو واذكر ان اصطدمت بطائرة فانتوم بالارض وبها قنابلها الثقيلة بسبب كثافة نيران الدفاع الجوي ، مما تسبب في انفجارا ضخما بجوارنا ونثر الطين في كل مكان حولنا ، وقد اسقط الرائد الطيار رضا صقر طائرة ، وكذلك اسقط النقيب الطيار هاني عيسي طائرة للعدو ولكنه قفز من طائرته في اشتباك مع طائرة اخري ، وكنت وقتها مكلفها بمهام الامن ، واخذت سيارة جيب ومعي سلاح لاحضره ، وكان قد سقط فى منطقة شبرا النملة ، وكان الفلاحين للاسف الشديد كما هي العادة يضربون اي طيار يهبط من السماء سواء كان مصري او للعدو بدون اي تمييز او تفكير ، فخلعوا حذائه وعلقوه علي خشبة وبدأوا بالضرب الشديد في الطيار المصري الذي يدافع عنهم ، وساعد علي ذلك شكله حيث كان اشقرا له عينين زرقاوتين  ، فور ان لحقت به اطلقت انا والعساكر الذين كانوا برفقتي عدة اعيرة نارية في الهواء حتي تفرقوا من حوله ، وسمعت احد الفلاحين يقول بشراسة "" ياباشا هندبحه هندبحه "" ، بالكاد اخذناه منهم ، وفي طريق العودة وجدنا ان طيارا للعدو قد قفز كذلك ، فكرت ان اقوم باسرة ومعي جنود الشرطة العسكرية ، وعندما وصلت اليه ، ووجدت فلاحا وسألناه عن الطيار الذي قفز ، وقال  "" يافندم جبته من قفاه "" ، وعندما رأينا الطيار كان عبارة عن جثة ممزقة تماما ، الأسنان في ناحية والعينين في ناحية وياله من منظربشع ! وكان قد اطلق الطيار عليهم بعض الطلقات فور ان قفز فعاجلوه بالقتل ومزقوه تماما !

وبعد يوم 7 اكتوبر بدأنا نقوم بطلعات مختلفة ، حيث قامت اربعة طائرات من السرب بقصف اهدافا للعدو امام الجيش الثاني ، وطلع اخرين وقصفوا العدو امام الجيش الثالث ، طلعات متفرقة ولكن كان لها اثر واضح في معنويات جنودنا حيث تم ارسال جواب شكر من الجيش الثاني قامت اربعة طائرات محملة بالقنابل بضرب فرقة اسرائيلية كانت مشتبكة معهم ، وكانت القنابل ثقيلة وكانت تقلب دبابات العدو من قوتها ، فشكرونا لمساعدتنا لهم ، وكانت مهام القصف الارضي للعدو ناجحة بشكل كبير ، ولكن الخوف كان دائما مستمر من دفاعنا الجوي حيث لم تكن الوحدات معتادة علي رؤية طائرات ميراج مصرية ، ويوجد هناك احتمال وارد بان يقوموا بالضرب علينا ، فكان ذلك ما يؤرقنا دائما في العودة من الطلعات !!

وظللنا كذلك حتي يوم 16 اكتوبر وقدم الينا سرب طائرات ميج 21 من الاقصر ، وفي الصباح وجدنا هجوما اسرائيليا جويا كبيرا علي قاعدة طنطا الموجودين بها ، طائرات عديدة من طراز فانتوم وميراج قاموا بقصف المطار بـ 130 قنبلة ، وقام احد طيارينا ( شريف الشافعي ) بقيام بطلعة تصوير لمطار طنطا بعد قصفة ، وكانت الاضرار محدودة ولم يصب الممر ولا الطائرات ، وقام المهندسين الضباط بعمل بطولي في تجميع تلك القنابل وحصرها في حفرة بعيدة ، وكنا نسمع طوال الليل صوت القنابل الزمنية وهي تنفجر ، واستشهد العديد من المهندسين من تلك القنابل .

وجاء يوم 18 اكتوبر واخذنا الامر بالقيام بمهمة قصف مطار العريش بسبب الامدادات التي كانت تأتي اليه من الجسر الجوي الامريكي الكبير ، وبدأنا استعداداتنا للقيام بالطلعة المؤجلة من يوم 6 اكتوبر ، قمنا بالطيران وكانوا ستة طيارين في تلك الطلعة ( حيدر دبوس ، ومبارز ، احمد امين البسيوني ، رضا مشرف ، محب شهاب ومحمد فتحي فتح الله ) طلعوا قبل المغرب بقليل ، وعند الرجوح وجدنا ثلاثة طائرات فقط من ستة قد رجعوا (رضا مشرف  - محب – فتح الله ) ، وقد حدثت حادثة للطيار " محب " وهو عائد من تلك الطلعة ، حيث من شدة المناورات وقعت فيشة سماعة اللاسلكي الخاص به فلم يكن يسمع شيئا علي اللاسلكي ، ووجد فجأة طائرة ميراج تقترب منه وتضم عليه من الخلف ، وكان زميله الطيار فتح الله ، وكان معه في التشكيل وبالتالي كان يضم عليه ، ولكن فزع " محب " وظن انها طائرة اسرائيلية ، ومع ندائات زميله المتكررة ولكن لم يسمع منه شيئا بسبب السماعة  ، وظلا يناوران لفترة حتي انتبه لعلامات الطائرة وعادا كتشكيل من طائرتين ، عاد رضا مشعل ، الطيار الثالث متأخرا بسبب تشكيل من اربعة طائرات ميج 21 مصرية قام من المنصورة لاعتراضه ظنا ان الميراج اسرائيلية ، وكلما يسمع في الراديو الموجه وهو يوجههم عليه يقوم بالابتعاد ، وينتظر حتي يهبطوا ، وتكرر ذلك حتي نجح في العودة ليلا بأعجوبه بوقود شبه منتهي !!

 وكان العدو قد اقام مظلات دائمة حول مطار العريش واشتبكوا مع طيارينا شمال العريش ومنعوهم من الوصول للمطار ، واستشهد ثلاثة طيارين ،  فكان قرار قصف العريش متأخرا حيث تسبب الجسر الجوي الامريكي بتركيز اسرائيل الشديد علي ذلك المطار وحمايته جيدا بطائرات عديدة مما تسبب في الخسارة التي حدثت وكانت الاولي للسرب !

وبحلول يوم 22 اكتوبر ، بدأنا نسمع انه اقترب صدور قرار وقف اطلاق النار ، وكنا في الدشمة واخذنا امرا بالقيام بمهمة قصف لمطار فايد ، حيث كانت الثغرة قد اتسعت وتم احتلال المطار ! ، وتم تجهيز 4 طائرات ميراج  ( احمد هاشم – كمال عبد الرؤوف ، حسين عزت – وانا ) تلك المرة كل منها بعشرة قنابل نظرا لقرب المسافة وعدم الحاجة لوقود وكذلك لاحداث دمار شامل بالمطار حيث كانت هناك قوات برية اسرائيلية تختبئ في دشم المطار وكان من الضروري ضرب تلك القوات ، وجدير بالذكر ان الفرنسيين لم يجربوا ابدا تحميل طائرة الميراج بـ 10 قنابل ، ولكن كانت الضرورة تقضي ذلك ، ولكن كانت المشكلة ان تلك الحمولة لم تجرب من قبل حتي في فرنسا  ، وقمنا بتحميل الطائرات بالفعل واخذنا امر الاقلاع ووقفنا علي اول الممر تماما كي نأخذ كافة الطول في اكتساب سرعة لتلك القاذفة ، قمت بتشغيل الطائرة والانطلاق علي الممر ولكن كلما ادير العصا للخلف كي اصعد بها لا تستجيب من الثقل الشديد ، وفي اخر الممر تماما ارتفعت الطائرة وكانت ثقيلة للغاية في الجو ...

وطرنا اربعة اثنين في الامام ( احمد هاشم – وكمال عبد الرؤوف ) ، وكنت انا وحسين عزت في الخلف معنا قنابلنا ولكننا في الخلف في حالة وجود طائرات حماية للمطار فكنا مكلفين بالاشتباك وتأمين مقدمة التشكيل كي يقصف المطار ، ومن بعيد بينما نقترب من المطار وجدت طائرة " شحن " كبيرة قادمة من بعيد في طريق الهبوط النهائي للمطار ........ وبالطبع لم اصدق ما اشاهد وبطبيعتي كطيار مقاتلات اعتراضية في الاصل كنت اريد باي شكل رمي الحمولة واسقاط ذلك الهدف السهل الثمين ، فاسقاط طائرة شحن امر ليس بالسهل وفرصه لا تحن كثيرا ، ولكن خفت ان تكون طائرة مصرية ولكن استبعدت ذلك الامر ، وحل تلك المشكلة تشكيل ميراج للعدو من طائرتين يلتف وراء طياري المقدمة احمدهاشم وكمال عبد الرؤوف !!

قمت فورا بتحذير احمد هاشم من الطائرات وكانت في وضعية الساعة 4 له ، ولكن اجابني بـ " شش " فكان لا يريد التحدث في الراديو لانه قد يكون مخترقا ، وكان من طياري المقاتلات القاذفة فكان متعودا علي الصمت التام في الراديو ، استغربت ولكني اصررت علي مناداته في الراديو كي ينقذ نفسه ورد علي في الراديو بانه في الـ Release اي في المرحلة النهائية للقصف  وسيكمله ، اخذت الاذن برمي حمولتي والاشتباك مع الميراج ، رميت الحمولة وانطلقت الميراج للامام من السرعة ، وناورت خلف طائرتي ميراج العدو ، ورأيتهما بالحجم الطبيعي تقريبا ذهبت وراء الطائرة الاقرب ، وجهزت المدفع ، وكانت طلقات الميراج مضيئة كي تعلم اين اصابت طلقاتك ، واطلقت دفعة ولكنها اخطأت الهدف بسنتيمترات للخلف ، وناور طيار العدو للجانب بشدة ، وناورت ورائه مناورة تدعي High Speed YoYo ، وجئت في خلفه وكان وضعي جيدا للانقضاض ، ولكن فور ما بدأت الضرب سمعت صوت طلقات تصطدم بطائرتي من الخلف ، حيث كان هناك تشكيل اضافي من الميراج للعدو وقد ضرب علي طلقات مدفعه مستغلا تركيزي علي الطائرة الاولي ، وغضبت كثيرا لاني اعلم انه يجب قبل ان يضرب الطيار طائرة ان ينظر خلفه تأمينا لان تكون تلك الطائرة طعما واخرون في الخلف ، وكنت انبه زملائي لذلك ولكني قد نسيت تلك المرة ، وظللت اناور وحدي بين اربعة طائرات ميراج ، اثنين في الامام اطاردهما ، واثنين في الخلف يطاردونني ، وسمعت لثاني مرة طلقات تصيب طائرتي ...ولكن من طريقة طيران تلك الطائرات عرفت انهم ليسوا اسرائيليين ، ربما كانوا طيارين من دولة اخري ( جنوب افريقيا ربما ) او ربما كانوا طيارين جدد ، ولكن عندما خرجت من الاشتباك وجدت " حسين عزت " يبلغنى بان طائرتي تشتعل !

نظرت خلفي في المرأة ولكن وجدت لونا اسود فقط ، وبدأت لمبات تحذير الحريق تنير واحدة تلو الاخري ، ادركت اني مصاب ولكن الطائرة معي تطير جيدا ، اخبرته اني سأهبط في مطار ابو حماد ، وكنت لا انوي القفز ، اخذت ارتفاع منخفض وطرت باقصي سرعة لمطار ابو حماد ، ووجدت بجانبي حسين عزت ، واخبرني انه يري كابينة طائرتي ثم دخان اسود كثيف ورائها كصاروخ في الجو ، وظل يخبرني بان اقفز قبل ان تنفجر الطائرة ، وبالفعل بدأت اسمع اصواتا في الطائرة00  قفزت 00 ، شددت مقبض القفز وطارت الكابينة وبعدها بثانية طار الكرسي ، وكان وقتها كبيرا في الطيران ، كنت علي سرعة 660 عقدة ( 1200 كم ) ، وتعرضت لقوة مقدارها 18 G ، وطار القفاز والخوذة وظللت مختنقا في الهواء لفترة وظننت اني مت واسودت الرؤية بعض الشيئ ، ولكن عادت ووجدت نفسي ارتفعت لاعلي ، وسمعت صوت انفجار طائرتي ورايتها متحطمة ، وبدأت الارض تقترب رويدا رويدا ، ومع اقترابي وجدت مجموعة كبيرة من الفلاحين يجرون مسرعين في مكان هبوطي !!

هجوم الفلاحين

وعند الهبوط سمعت صوت طلقات تطلق علي من الارض من احد الفلاحين ، ووجدت ان الخوذة مازالت مربوطة بي بكابل ففككتها وسقطت الخوذة للارض ، وهي مكورة ظن الفلاحين انها قنبلة ارميها عليهم فهربوا مسرعين ، وهبطت اخيرا في حقل ارز علي رأسي وركبي ، وفور ان سقطت وجدت اربع فلاحين ينقضون علي ، ودفعتهم باعجوبه ، ووجدت احدهم يشير لي بمسدس صغير ويتحدث الي بالانجليزية ولم افهم منه شيئا ، وقلت لهم اني " مصري مصري مصري "، واخذوا سلاحي وكان معي مصحف وسلسلة دهب عليها اية الكرسي اشرت بها لهم ، واخذها مني فلاح وهرب مني للاسف وتركني بدون اي شيئ للبقية القادمة ، وجاء بقية الفلاحين وحاصروني ، وكان معهم فؤوس ومناجل ، " ياخوانا مصري مصري " والكل يزوم ووجدت احدهم يقول "" لما انت مصري ايه اللي جابك هنا "" بدأت التكرار ياجماعة انا مصري مصري ، ضربوني علي وجهي وجاء احدهم وضربني بالفأس ولكن اخطأني وجائت الضربة في حذائي وسقطت علي الارض وصرخ الفلاح يخشي علي فأسه ! ، امسكت بي فلاحة مصرية سمينة من الخلف وانا علي الارض وقالت "" حشه ابن الكلب ""  ، قلت انها النهاية وسوف اخذ ضربة قاضية ، واخذت اجري بسرعة علي يداي وقدماي وانا علي الارض ، وكانت هناك شنطة اعاشة صغيرة تكون مربوطة بي فشدني منها احد الفلاحين فانتفخت وهي مصممة لذلك ، فخاف منها الفلاحين وظنوا انها قنبلة ، وهربوا ، وقلت لهم يااخوان لا تهربوا انه قارب ، واخذت بهدوء افهمهم اني مصري وقلت لشخص بدا عليه الفهم قليلا اني لو كنت طيار للعدو قلت له سلمني ، وافق بصعوبة وسط مطالبات بقتلي ، اخني في غرفة خشبية  وحجزني فيها .

بعد ذلك سمعت طلقات في المكان ووجدت رقيبا في الجيش قادما ودخل وتعرف علي ، واخبرته ان سلامتي هي مسئوليته الان ويجب ان يبعد هؤلاء الفلاحين عني ، اعطاني بعض الماء ، ورأيت فلاحا طويلا جدا قادما من بعيد يشوح بفأس كبيرة للغاية ورأيته يهوي بها علي وجهي ، رجعت بسرعة للخلف ووجدت الدماء تملا وجهي ، اذ بالرقيب يضرب الفلاح المهاجم بدبشك بندقيته ، ومرة دقائق عصيبة وفجأة جاء عدة ضباط وجنود واخذوني علي سيارة جيب ونام فوقي عددا من العساكر كي يحموني وسط حشد كبير من الفلاحين محاصرين الغرفة مازالوا يريدون قتلي !

اخذوني لسرية تعيينات ناحية الجيش الثالث ، عالجني طبيب في السرية وكان فمي ينزف دما ، وشربت ماء بليمون ، ووجدت عدة ضباط يريدون كل منهم تسليمي ، وذهبت لوحدة مخابرات الزقازيق ، واحضروا لي ادواتي التي اخذها الفلاحين وعدت لمطار طنطا اخيرا ....!

رجعت للقاعدة ونمت واصابتني كوابيس طوال الليل ، وعدت في اليوم التالي لمنزل اسرتي واستعدت هيئتي وعدت للمستشفي ووجدت زميلي حسن عبد الباقي وسمير عزيز وتملأهم الكسور ، لم يكن بي كسور ولكن كان ظهري به فقرات مضغوطة بسبب قذف كرسي الطائرة وكانت هناك اثارا من هبوط الميج 21 العنيف ، مر علي اللواء الطيار حسني مبارك قائدالقوات الجويه في المستشفي واطمأن علينا وعدت للقاعدة بعد فترة ولكن كنت غير لائق لاكمال الطيران في الحرب .

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech