صاحب افضل صورة لطائره ميراج تحترق خلال الحرب

التخرج والنكســة

التحق اللواء طيار محمد ضياء الدين يحيي الحفناوي بالكلية الجوية سنة 65 وتخرج سنة 68 بعد ان امضي فيها ثلاثة سنوات ، ويذكر اللواء ان من اهم الاسباب التي دفعته للالتحاق بالكلية الجوية  هو قوة الشعور الوطني لديه ، واحساسه بأن الوطن يحتاج ابنائه للدفاع عنه ، بالاضافة لشغف سيادته بالطيران منذ صغره .

ويتذكر سيادته الاحداث قائلا :

حينما حدثت نكسة يونيو عام 67 ، كنت في السنة النهائية بالكلية ، وحدث هجوم اسرائيلي جوي علي الكلية الجوية نفسها ببلبيس ، فكان يمكن للطيران الاسرائيلي الدخول بسهولة للمجال الجوي للكلية بسبب عدم وجود شبكة دفاع جوي وقتها ، وبعد ذلك الهجوم تم منع الطيران بالكامل في الكلية ، وتم نقل مكان التدريب الي مطار مرسي مطروح حيث كان بعيدا عن مسرح العمليات وتهديدات الطيران الاسرائيلي ،  وتخرجت من الكلية في مطار مرسي مطروح البديل .

وبسبب ضيق المكان والوقت بعد النكسة والحاجة الشديدة لتدريب الطيارين ، ذهبنا الي روسيا للحصول علي كورس للطيران علي الميج – 21 ، وقضيت هناك في الدورة عاما كاملا ورجعت في عام 69 بعد اتمام الدورة بنجاح ، وبعد العودة من روسيا اخذنا في مصر فرقة تمهيدية للاعداد لمدة 6 شهور استعدادا للحرب ورفع الجهوزية القتالية ، وتم توزيعي علي سرب  25 من اللواء 102 مقاتلات في انشاص بقيادة يحيي بدر وبعدها اخذ القيادة سامح مرعي وبعدها علاء شاكر .

بعد الالتحاق بالسرب 25 مقاتلات بدأت الانتظام في التدريبات المستمرة الجادة ، حيث كنا نستيقظ قبيل الفجر كي نكون مستعدين للطيران من اول ضوء للنهار ، وكنا مقسمين لطيارين تدريب وطيارين طوارئ للدفاع عن القاعدة  واحيانا كنا نقوم باستمرار بطلعات تدريبية وحالات طوارئ في نفس الوقت .

الميراج المعدلة والكمين الاسرائيلي

وكنا نطير علي الطائرة MiG-21 F-13 وظللت في السرب حتي بداية حرب اكتوبر ، ولم ادخل اي اشتباك في حرب الاستنزاف ، ولكن كانت الطائرات الاسرائيلية تغير علي المنطقة دائما بداعي الاشغال ووضع القوات الجوية المصرية تحت ضغط مستمر ، ودخلت اشتباك مع الطائرات الاسرائيلية من نوع ميراج وكانت اسرائيل اضافت عليها نوعا جديدا من صواريخ الدفع التي تزيد من تسارع الميراج بشكل كبير ، ونجحت الميراج الاسرائيلي في عمل كمين للطائرات المصرية واسقطوا طائرتين لنا بطائراتهم المزودة بصواريخ الدفع حيث لم تستطع الرادارات القديمة كشف الطائرات بتلك السرعة الكبيرة ، وقمت بالطيران والدخول لتعزيز الطائرات المصرية ولكني دخلت المعركة بعد فرار الطائرات الاسرائيلية .

وحدثت ان اغارت الطائرات الاسرائيلية قرب القاعده وقد استشهد سامح مرعي في طلعة اعتراضيه  ، و اتذكر انه كان انسانا مهذبا وعلي خلق رفيع .

وفى احدى الاشتباكانت الجويه , قام الطيار احمد عاطف عبد الحي من السرب 25 جوي  باسقاط الفانتوم في اعتراض جوي ناجح ، وكنا سعداء جدا عندما اسقط احمد عاطف اول طائرة فانتوم حيث كان العدو يجعل لها هالة من التفوق علي انها طائرة لا تقهر ، ورفعت تلك الحادثة من الروح المعنوية للطيارين بشكل كبير .

وكانت طائرات الفانتوم تمتاز بانها مقاتلة ثقيلة ، وكانت متميزة في المناورات الافقية ، وكنا نعلم ان من نقاط ضعف تلك الطائرة هي المناورات الرأسية ، فكنا نركز علي المناورة الرأسية مع تلك الطائرة لاسقاطها بسبب ثقلها ، وكان فرع الاستطلاع في القوات المسلحة يعطي لنا اخر المستجدات والمعلومات الجديدة لدي العدو وكيفية التعامل معه .

وكانت حرب الاستنزاف عباره عن عمليات مستمره وخسائر مستمره فى الطيارين ، ويكفى ان اذكر بأننا كنا 20 طيار فى السرب قبل حرب الاستنزاف ، ووصلنا فى نهايةالاستنزاف الى 6 طيارين فقط ، والباقى اما شهيد او مصاب نتيجة القفز من الطائره ، وانا اعتبر ان الحرب الفعليه التى خاضها الطيارين المصريين هى  حرب الاستنزاف التى كانت اعداداً جداً لحرب اكتوبر واثقلت كل فرد بالقوات الجويه من طيارين ومهندسين وفنيين ، فقد كنا نتدرب على عمليات حربيه حقيقيه .

ما بعد وقف اطلاق النار

كنا في السرب 25 متمركزين في مطار انشاص ،  وكان معنا كذلك السرب 26 طائرات ميج 21 بقيادة فوزي سلامة ، اما السرب الثالث فقد تكون في ابو حماد بعد الاستنزاف ضمن اللواء 102 جوي ، وبعد الانضمام للسرب بفترة تم تفعيل وقف اطلاق النار .

واتذكر من ابرز الطيارين الذين تركوا بصمة واضحة علي اداء السرب ، احمد عاطف عبد الحي ، حسين ثابت ، اسماعيل عويس ، فريد حرفوش .

وكان اللواء 102 الجوي يستخدم طائرات الـ MiG-21 F-13، بينما كانت طائرات قاعدة المنصورة كلها MiG-21 MF ،  وكانت الطائرة F-13 اقل فى الامكانيات من الـ MF وكانت مع قلة مخزونها ونقاط تحميلها والمدي القتالي الا انها اخف منها في الحركة والمناورة الجوية وكانت تمتاز كذلك بنظام دفع الكرسي المحلق بالكابينة  ، بينما كانت الـ MF بها وقود اكبر وعدد طلقات اكثر ولها مدفع له ماسورتين ، وبها صاروخين K-13 و2 خزان ، ويمكن استبدال الخزانات ووضع 4 صواريخ .

وقد طرت علي الطائرة MiG-21 FL في  التدريب في روسيا ولكنها كانت بدون مدافع ، وكذلك طرت علي الطائرة MiG-21 MF في العراق .

وكانت طائرة الـ F-13 تتفوق دائما علي الـ MF في القتال التلاحمي في التدريبات ، وذلك لخفة وزنها و اخر مرة في التدريب المشترك فزنا 3 -0 علي طياري قاعدة المنصورة والذين كانوا يستخدمون الـ MF ، وكانت تلك التدريبات قبل الحرب بعد ايقاف اطلاق النار فرصة كبيرة لتدريب المقاتلات والطيارين .

وكان التدريب في تلك الفترة متميزا حيث كنا نتدرب علي الطيران المنخفض السرعات Low speed ، وكنا نصل لسرعة صفر في الوضع الرأسي ، وكانت تلك المناورة تعطي تحكم اكثر في المناورات علي السرعات المنخفضة وكانت مفيدة في القتال التلاحمي مع العدو مثل مناورة للخلف در - حيث كنا نستطيع مناورة الطائرات المعادية علي السرعات المنخفضة وجعلها امامنا .

وكانت تلك المناورة الـ Low speed كان قد علمها لنا الطيارون الباكستانيون ، وقد ذهبت بعثة الي سوريا اسبوعا وطلعت عدة طلعات تدريبية وجاء الطيارون الباكستانيون الي سوريا وعلموا لنا تلك المناورة ،   وبعد وقت وجيز تعلمنا منهم كيفية ادائها واتقانها جيدا ، وجئنا لمصر وعلمناها لبقية زملائنا الطيارين .

وتميزت فترة وقف اطلاق النار كذلك بانشاء شبكة الدفاع الجوي المتكاملة ، مما منع العدو من القيام باختراقات في العمق ، وكانت مفيدة للموجهيين الارضيين .

كانت هناك تحرك للتشكيلات الجويه قبل الحرب ، الطائرات الهجومية تمركزت في مطارات الامام ،

كنت نقيب وقت نشوب الحرب ، و كنت افضل الطيران مع احمد عاطف واسماعيل عويس حيث كانا طيارين شرسين في السماء.

تم نقل السرب الى مطار الاقصر و قُسم السرب نصفه الي الغردقة والنصف الاخر في الاقصر .

حرب أكتـــــــــــــوبر 1973

جائت حرب اكتوبر رمضان حيث كان الطيارين صائمين ، وبلغنا بان هناك محاضرة تلقينية للطيارين في مطار الغردقة الساعة 12 ظهرا  ، وذهبنا للمحاضرة وفوجئنا برئيس اركان القوات الجوية اللواء محمد المسيري ، وتم تبليغنا بان اليوم هو ساعة الصفر وسط صيحات التكبير بين الطيارين .

علمنا بالحرب الساعة 12 ظهرا يوم 6 اكتوبر ، وكنا في مطار الغردقة  مهمة دعم للميج 17 في مهمة ضرب مركز قيادة الدفاع الجوي للعدو في سيناء .

من ابرز الطيارين في السرب الذين شاركوا في الضربة الاولي احمد عاطف عبد الحي ، حسين ثابت ، بهاء فريد ، الدسوقي شهاب ، جمال لويس ، مجدي خالد ، مشرقي فوزي ،

وكانت مهمتنا هي حماية طائرات الميج 17 التى كان قائد السرب هو الرائد ساجى لاشين ، عند قيامها بالاغارة الجوية علي قواعد العدو ، عشرة طائرات ميج-21 لحماية  الميج 17 لضرب مطار رأس نصراني ، ومركز قيادة الدفاع الجوي للعدو في سيناء .

قرأت سورة الفاتحة قبيل الاقلاع ودعوت الله ان ينصرنا ويوفقنا ، وذهبنا للطائرات وبدأنا في الاقلاع في تشكيل طائرتين طائرتين ، وبدأنا في الاقلاع الميج 17 اولا ولحق بهم الميج 21 علي ارتفاع منخفض وصمت لاسلكى .

وتم التنسيق بين القيادات كي تعبر جميع الطائرات القناة في وقت واحد تقريبا ، حيث تم حساب وقت الاقلاع من كل المطارات كي يتم التقاء كافة الطائرات في الجو وحشدها استعدادا للضربة الجوية الاولي .

كنا علي يسار الميج 17 فى تشكيلات و طيران منخفض ، بدون كلام في اللاسلكي ابدا ، ولم تكن هناك اي مشكلة في الاقلاع ، الميج 17 كانوا 24 طائرة سربا كاملا  لضرب مطار رأس نصراني بالكامل ومركز قيادة الدفاع الجوي للعدو ، وضرب مركزا القياده والسيطرة ، ودمرت طائرات الميج 17 الاهداف المحددة بكل نجاح ، وسط صيحات التكبير والتهليل نسمعها من طياري الميج 17 عبر اللاسلكي .

وكان هناك مجموعة طائرات ميج 21 ام اف اقلعت من مطار وادى قنا وضربت المطار كذلك .

مررنا علي شدوان ، ومرورا برأس محمد وشرم الشيخ ، وقمنا بعمل مظلة جوية قبل المطار بـ 2 ميل ، وشاهدنا المعركة وضرب الميج 17 للمطار من الجو ، ورأينا احدي الطائرات الميج 17 تضرب من وسائل ارضية وتسقط ، وحدث وان اصطدمت احدي الطائرات الميج 17 بالمياة نظرا لشدة الطيران المنخفض ، وعدنا وكنا فى قمة السعاده والفرحه لما حققت من نتائج  في تلك الضربة .

مساء يوم 6 وعند استماعي للبيانات لم يكن لدي شك في اننا سننتصر ، بسبب ثقتي في مستوي وكفائة الطيارين ، حتي طياري القاذفات كانوا يتميزوا بمستواهم العالي والمحترف .

وبعد تلك الضربة مباشرة عدنا للقاعدة وقمنا بعمل مظلات جوية مكونة من 4 طائرات امام مطار الغردقة في قطاع امام المطار ليقطع الطريق علي الطائرات المعادية .

ومر يوم 6 اكتوبر وقمنا بعمل مظلات ، وأستمررنا في المظلات كذلك في يوم 7 ، وظللنا في مطار الغردقة وعدنا يوم 8 لمطار الاقصر مرة اخري .

وعدنا نحن الـ 10 والتقينا بنصف السرب الاخر في الاقصر ، واكتمل السرب 25 كاملا في الاقصر ، واستلم مننا حماية مطار الغردقة مجموعة طائرات MiG-12 MF من مطار قنا ، وعدنا للاقصر حتي نكون بالقرب من السد العالي للتعامل مع اية احتمالات لضربة من القوات الاسرائيلية اثناء الحرب .

ظللنا من يوم 8 حتي يوم 18 في مطار الاقصر ، رحلنا من المطار يوم 18 وحل محلنا طائرات اخري ، وذهبنا لمطار شبراخيت ، وكنا نستمع لاخبار الحرب في الاذاعة وكنا نريد باي طريقة الاقتراب من الحرب في اي مطار علي الجهبة ، كنا نريد المشاركة باي طريقة نظرا لتخصصنا في الاشتباكات الجوية ، وكنا نري بقية الاسراب الجوية تشتبك مع ان بعض منها لم تكن متخصصة في الاشتباكات الجوية ، معظلم طياري الام اف ماعدا طياري قاعدة المنصورة لم يكونوا متخصصين في الاشتباكات الجوية حيث كائوا من طائرات الميج 17 والسوخوي .

وكنا نرسل طلبات مستمرة للقيادة كي تدفع بنا في الحرب .

اللواء 102 به الاسراب 25 و26 وتم تشكيل السرب 27 في مطار ابو حماد ، قادة الاسراب كانوا علاء شاكر 25 ، واحمد انور 26 ، كمال الصاوي 27 .

ذهبنا لمطار شبراخيت لاسناد ودعم الاسراب التي علي الجبهة حيث كانت بها زيادة في الخسائر .

وفي يوم 19 ذهبنا لمطار شبراخيت ، ولم نكن راضين كثيرا حيث كنا بطائرات الـ F-13 بعيدين عن الجبهة ، حيث كان مدي الطائرات ليس كبيرا والمسافة كانت بعيدة ، وكنا نعاني من قلة الوقود بسبب استخدام الحارق الخلفي في المناورات ، ولم يتبقي لنا سوي ليترات قليلة  ، وفي الرجوع كنت دائما ارجع علي ارتفاع عالي كالطائرة الشراعية نظرا لقلة الوقود .

الاشتباك يوم 19 اكتوبر ( واصابه الطائره الاولى )

بعد ذهابنا لمطار شبراخيت ، وفى اول طلعة اعتراضيه بسبب اختراق فوق بورسعيد وكانت في الساعةالثالثه عصراً ، كان قائد التشكيل هو قائد السرب علاء شاكر ، ومصطفي خليل نمرة 2 وجمال لويس نمرة 3 وانا نمرة 4 . ( علي غير العادة لم اطلع نمرة 3 )

طلعنا صاروخين ومدفع  ، ولم يكون معنا اية خزانات ، طلعنا مباشرة علي بورسعيد ، وفورا شاهدنا طائرات العدو وكانوا 8 طائرات ميراج الساعة 2 – 3 وكانوا بتشكيل ثعباني تشكيل طائرتين ثم طائرتين 2 ميل ورائهما للحماية ، وابلغنا برؤيتنا لطائرات معاديه ، علاء شاكرقام بالنزول مباشرة نحو الطائرات ، وقد شاهد اول طائرتين فقط ولم يري بقية الطائرات الاسرائيلية في خلف التشكيل .

وللاسف الشديد كان فات الاوان لتحذيره وتم اسقاط  طائرتين لنا ( علاء شاكر ، ومصطفي خليل ) وقفز طيارينا بسلام ، وكنت انا وجمال لويس لم نشتبك بسبب رؤيتنا لبقية طائرات الحماية .

وذهبنا خلف اخر طائرتين ميراج انا وجمال لويس ، وكانوا سيكشن طائرتين ميراج ،وقاما بعمل مناورة لليسار ، و عند محاولته العوده وعمل مناورة جهة اليمين ...قمت بالضرب فورا عليه بالمدفع ، وكان في المدي المسموح للمدفع ، واخذ دفعة طلقات ، واصابت طائرته وشاهدتها ويتصاعد منها الدخان ، ولم اتابع مصير الطائرة للنهاية بسبب تحذير جمال لويس لي وقال لي بالحرف ( شد شد في طيارات ورانا .. في طيارات ورانا ) وكانوا سكشن ميراج من مقدمة المجموعة المعادية والتفوا ورائنا لحماية طائرات المؤخرة ، ووقتها لم يكن معنا وقود يكفي لاي شيئ ، وخرجنا من المناورة ، وسبقني جمال وخرج من المناورة وانا خلفه ...

وصلنا المطار بـ 150 لتر وقود فقط ، ورجعت ارتفاع عالي وقللت Minimum regime لاقلل احتراق الوقود ، ونزلت بسلام في المطار ، وبعد النزول وجدت فني الطائرة يناديني ، واشار الي مكان نقطة تعليق احد الصاروخين الملحقين بالطائرة ، حيث كانت نقطة التعليق مصابة والصاروخ معلق من ناحية واحدة فقط من ناحيتين ولم يكن ليصلح للاطلاق .

ولم يكن اشتباكا مناسبا نظرا لنوعية طائراتنا حيث كانت قليلة المدي .

واكملنا اليوم بمظلات جوية دون اي اشتباكات

--------------------------------------------------------------------------------------

اشتباك يوم 20 ( واسقاط الطائرة الثانيه )

تم اعادة تمركز السرب بمطار انشاص ، حيث كان مناسبا اكثر لمدي طائراتنا الـ MiG-21 F-13 ، وذهب السرب كاملا باستثناء الطيارين الذين قفزا في اشتباك يوم 19 ( علاء شاكر ومصطفي خليل ) ، ووجدنا السرب 26 كان هناك ، وكانت به خسائر بين 4  - 6 طائرات فقط ، ووجدنا السرب 27 كذلك ليكتمل اللواء 102 جوي كاملا في مطار انشاص .

في نفس اليوم الساعة4 عصرا اقلعنا كحاله اولى لمهمه اعتراضيه  ، وكنا 4 طائرات ، ( نمرة 1 اسماعيل عويس ، ونمرة 2 شهاب ، ورقم 3 انا ، نمرة 4 مشرقي ) ، وتم توجيهنا لطائرات كانت في منطقة الثغرة جنوب غرب فايد تقريبا حيث كانت قوات الجيش الثالث تتعرض لهجوم جوي من العدو ، وشاهدت 8 طائرات ميراج وبلغت الليدر ( نمرة 1 )  ، وقام الليدر ونمرة 2 بالدخول علي الطائرات ، كانت الطائرات الاسرائيلية في التشكيل الثعباني ، حيث كانت كذلك كل طائرتين خلف طائرتين ...

وقمنا بتحذير نمرة 1 ونمرة 2 بان خلفهما طائرات اخري وقلت لشهاب  ( في طيارات ميراج وراك ، شد ... شد ... ) ، وانتبها في الوقت المناسب وقاما بالافلات من الطائرات بالكاد في الوقت المناسب !!

وقاموا بالاشتباك مع الاربعة طائرات .... ودخلنا معهم جميعا في الاشتباك ....!

اربعة طائرات MiG-21 F-13 مصرية في مواجهة  ثمان طائرات ميراج اسرائيلية ....!

دخلت انا ومشرقي ، في الاشتباك ، وقمت باختيار طائرة ودخلت عليها لضربها ، وقبل ما اضرب الطائرة تذكرت النصيحة المتكررة بالنظر للخلف قبل ما تضرب طائرة للعدو لتجنب الدخول في كماشة جوية ، والتي تتميز بها الطائرات الاسرائيلية ، وقد نظرت للخلف بسرعة ووجدت بالفعل طائرة ميراج خلفي تتأهب للانقضاض وضربي من الخلف ، وقمت بسرعة بالقيام بمناورة بالـ rudder  للافلات منه وقمت بتوجيه الطائرة في (( وشه )) ، وقمت بقلب الطائرة وبدأت في مناورة السرعة المنخفضة Low speed maneuver ، وتغلبت عليه في المناورة وفور ما شاهدته امامي ، قمت فورا بفتح المدفع عليه ، واعطيته دفعه من 18 طلقة ، وشاهدت الطائرة الميراج ويتصاعد منها الدخان الكثيف والقطع المحطمة ، ولم يلبث الطيار الاسرائيلي وقام بالقفز من الطائرة ، وشاهدته وهو يقفز من طائرته المحطمة ....  وكانت معنوياتي في عنان السماء وقتها . فهذه هى ثانى طائره اسقطها فى يومين متتالين .

وسبب استخدام الرشاش عمدا هو لعدم ثقتي في الصاروخ K-13 ، حيث كان صاروخا غير مؤثرا  ، بالاضافة الي ان الصاروخ عند اطلاقه قد يتسبب في ان يعطل محرك الطائرة بسبب نفاث الصاروخ !!

وبعد الاشتباك وجدت 4 طائرات تعزيز لنا ، وقام العدو كذلك بدفع تعزيزات ، وخسر السرب 25 طائرة ( الجندي )

وبعد الاشتباك قمت بالرجوع الاجباري بسبب نفاذ الوقود ، ورجعت بسرعة علي ارتفاع منخفض ، حتي اتفادي رصد طائرات العدو  ، وعند الرجوع وجدت شيئا غريبا ، وجدت طائرة ميج 21 موجودة ثابته علي الرمال في وسط الصحراء وقامت بالهبوط علي بطن الطائرة belly Landing ، وكان زميلي الطيار محمد كمال الجندي ، وكانت طائرته قد اصيبت في الاشتباك وتلقي نظام دفع الكرسي عدة طلقات وتعطل قاذف الكرسي ، وقام مجبرا بالهبوط بالطائرة في وسط رمال الصحراء بنجاح وبدون ان تصاب الطائرة باي شيئ .

وقمت بالهبوط في المطار وسلمت فيلم مدفع الطائرة والتي بها الادلة علي الاصابة المؤكدة للعدو ، وجاء قائد العقيد  نبيل شكري   وهنأني علي اسقاطي الطائرة ، واخذ الافلام والصور وذهب لقائد القوات الجوية ، حيث كان قادة الالوية مجتمعين لمتابعة وتقييم اداء الاسراب ،

واعطاني ساعة هدية رمزية لاسقاطي الطائرة .

وشارك من السرب 25 ثمانية طائرات من طراز MiG-21 F-13 . وكان الاشتباك ناجحا جدا ،

شبراخيت ثم انشاص ثم ابو حماد

وذهب 10 منا مطار ابو حماد ، لدعم لواء كامل هناك كان نقص الي 6 طائرات فقط  ومسكنا هناك طوارئ .

 ----------------------------------------------

الاشتباك يوم 23 اكتوبر

كانت طلعة مجهزة ( كمين )

كانت الطائرات الاسرائيلية في يوم 23 اكتوبر تقوم بقصف قوات الجيش الثالث المحاصرة ، وكانت طائرات F4 فانتوم ومعها طائرات السكاي هوك ، وكانت التعليمات بالطيران علي ارتفاع منخفض ، حتي نعبر القناة ، وفور الوصول نرتفع بالطائرات واصطياد الطائرات المهاجمة لقوات الجيش الثالث ، وكانت مهمة صيد حر Free Hunt ، وكان غرضها منع الطائرات من ضرب القوات البرية .

عند الاقلاع من المطار حدثت لي مشكلة في عجلات الطائرة  ،  حيث كانت هناك العجلة اليمني متدلية من الطائرة بعد رفع العجلات وكان الغطاء مكسورا ، وكانت تسبب مشكلة في الطيران حيث كانت تتسبب في عمل Drag للطائرة ، وتقلل من تسارع الطائرة ، وبعد عناء تمكنت من رفع العجلة .

 التشكيل مكون من عويس – شهاب – انا – مشرقي  ، اخذنا اتجاهنا وعبرنا علي ارتفاع منخفض ، وارتفعنا وشاهدنا طائرات فانتوم ، اشتبكنا معهم ،  وطاردت طائرة فانتوم ، وكانت الطائرات قد انتهيت من قصف قواتنا البرية ، وقمنا بعمل مناورات كثيرة ، وكانت طائرة الفانتوم لها ميزة المناورات الافقية الدائرية بسبب قوة محركاته وعدم فقدان سرعتها في المستوي الافقي ، بينما كانت الميج 21 لها محرك واحد ومناورتها الافقية ليست بقوة الفانتوم ، وكان الحل هو عمل مناورة رأسية مع الفانتوم بسبب خفة الميج 21 عن الفانتوم ، وقمت بعمل مناورة دائرية رأسية ثلاثة مرات ، وفي المرة الثالثة تفوقت عليه وبعد النزول من اعلي قمت بالانقضاض عليه من اعلي ووضعه في مرمي المدفع ، وفورا ضغطت علي الزناد واطلقت دفعة طلقات اصابة جسم طائرته ، ولكن كان الوقود وقتها اوشك علي الانتهاء ....

واطررت للعودة وتركت المناورة ، ورجعت للمطار ، وعند النزول فوجئت بان عجلة الطائرة اليمني ( صاحبة المشكلة في الاقلاع ) لم تنزل من مكانها ، ولم اكن استطيع الهبوط بتلك الحالة ، وبلغت قائد اللواء ( نبيل شكري ) بالموقف وقد حذرني من الهبوط البطني Belly landing بسبب وجود حفر عديدة من القصف الجوي الاسرائيلي  ، وطلب مني الارتفاع حتي 2 كم والقفز من الطائرة عن طريق المقعد القاذف ، وقفزت بالفعل من الطائرة وتركتها تهوي للارض بسبب عطل ميكانيكي للعجلة اليمني .........!

وقبل القفز من الطائرة اخذت فيلم الطائرة معي ، وقفزت علي الارض ، وجائت سيارة جيب عسكرية من قوات الدفاع الجوي المحيطة بالمطار ، حيث تمركز سرب ميج 17 ، ولاحظت عند دخولي المطار ان الطيارين بدأوا في حقب امتعتهم ومستعدين في حالة امتداد الثغرة لكي تشمل المطار !!

وطلبوا مني ان اذهب للمستشفي بعد القفزة من الطائرة ، ولكني رفضت الذهاب للمستشفي وقررت العودة فورا للمطار كي اكمل القتال ، ولم افكر في العودة للمستشفي والخروج من القاعدة والعودة لزوجتي واولادي ، فكان الطيار ينسي كل شيئ الا مهمته فقط .

وكان كرسي الـ MiG-21 F-13 يتميز بنظام قاذف للكرسي ممتاز ، حيث كانت الكابينة كلها تنفصل فور الضغط علي زر القاذف ، ويبدأ الكرسي بالانفصال عن الكابينة ، ثم ينفصل الكرسي بعدها وتنطلق المظلة .

فور عودتي لمطار انشاص قابلت قائد اللواء في غرفة العمليات ( نبيل شكري ) واعطيته فيلم الاشتباك ، وابلغته باصابتي لطائرة فانتوم ، واحتضني بقوة واعطاني ساعته هدية .

وعدت للخدمة فورا وفي اليوم التالي ومن اول ضوء للنهار كنت في مظلات الطوارئ ،  رغم طلب قائد اللواء ان اذهب للمستشفي بعد القفزة ، الا انني رفضت فكنت لم اكن اعاني من اية اصابات .

وكان القتال قد انتهي تقريبا ، فتوقفت الاشتباكات الا من بعض الاختراقات البسيطة من العدو الغير مؤثرة .

ما بعد الثغرة

كنا متابعين باستمرار لاخبار الثغرة ، وكنا متأثرين بشكل كبير وقلقلين من امتدادها ،

الدفاع الجوي الاسرائيلي لم يكن يعمل في حالة الاشتباك بين طائراتنا وطائراتهم ،

كان الدفاع الجوي المصري في بعض الاحيان يستهدف طائراتنا ، كانت المدفعية المضادة نسبتها قليلة تصل 5% ، نسبة الاسقاط بالدفاع الجوي تصل الي 20% ،

أما مناطق المظلات ، قبل الثغرة كانت مغطية جنوب فايد ، كان هناك سرب سوخوي وتحول لميج 21 كتشكيل متعدد المهام في ابو حماد ، قامو بعمليات هجوميه الى ان زادت خسائرهم لدرجة اضعفت قدرتهم على القيام بأى اعمال قتاليه ، ، عندما ذهبنا  للدعم ، كان 6 طائرات موجودة في اللواء المتواجد بمطار ابو حماد ، وذلك بسبب عدم تخصص الطيارين في القتال الجوي ، وكان قائد اللواء ضمن الستة طيارين في مطار ابو حماد العقيد تحسين صايمة   ، وقمنا بمساعدتهم لعمل المظلات الجوية والابقاء علي نشاط المطار ، وكان هناك بعض المدرسين القدامي متحمسين قدموا للمساعدة ( ممدوح الملط وفاروق حمادة ) ولكن نظرا لبعدهم عن الطيران فترة طويلة فقد استشهدا في الحرب .

كانت معدلات الخسائر في السرب قد بدأت تزيد ولكنها كانت بعيدة عن مستوي الخطر .

وقمت بعمل فوق الـ 40  طلعة مجملا في الحرب بين اشتباك ومظلة جوية .

فض الاشتباك من اكتوبر ليناير

كتقييم اداء السرب في حرب اكتوبر ، لم تكن خسائر السرب كبيرة ، فكانت قرب 6 طائرات ، وبدون اية خسائر في الطيارين ، وذلك بسبب ارتفاع مستوي الطيارين لمستوي عالي ، وكذلك كانت الطائرة MiG- 21 F-13 مقاتلة خفيفة الوزن ممتازة للمناورات الجوية .

وعندما عدنا للقاهرة كان احتفاء الناس بنا ظاهرا ، فكان الناس في الشوارع يهتفون لنا ويرحبون بنا ويهنوننا  .

بعد الحرب

استمريت في القوات الجوية حتي سنة 1994 ، وطرت علي طائرة الميراج-5 بعد الحرب ، واخذت الفرقة في فرنسا لمدة سنة بداية من يوم 5 يناير 1974 ، وسافرنا بجوازات سفر سعودية ، وكانت تلك الصفقة ممولة بالكامل من المملكة العربية السعودية ، وكانت الطائرات كذلك مموهة بالعلم السعودي ، وتدربنا مع الطيارين الفرنسيين علي اساس اننا طيارين سعوديين ، ولكن نظرا لارتفاع مستوانا كطيارين شك الطيارون الفرنسيون باننا طيارين مصريين ، وفي بعض الاحيان كنا نتغلب علي الطيارين الفرنسيين في المناورات التدريبية .

وكانت المقارنة كبيرة بين الطائرتين الميج 21 والميراج 5 الفرنسية ، فكانت الميراج افضل واكثر راحة من الميج 21 ، وكانت اكثر مدي ولها حمولة اكبر ، ولها صواريخ اكثر تطورا من الصواريخ الروسية K-13 .