Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

المشير احمد اسماعيل - الجزء الاول

نقلا عن جريده الوطن 

لم أهتم بالدعاية.. فطمسوا الحقائق ونسبوا أعمالى لغيرى

كتب : سماح حسن الأحد 29-09-2013

المشير أحمد إسماعيل 

تواصل «الوطن» انفراداتها، وتعيد رصد وتسجيل تاريخ حرب أكتوبر 1973، واليوم نبدأ النشر الحصرى لمذكرات المشير أحمد إسماعيل، وزير الحربية فى حرب أكتوبر، التى كتبها بخط يده، وظلت حبيسة الأدراج طوال أربعين عاماً.. يقول المشير الراحل فى مقدمة مذكراته:

خير ما أبدأ به هذه المذكرات هو جزء من دعاء النبى (صلى الله عليه وسلم): «اللهم اجعلنى شكوراً واجعلنى صبوراً واجعلنى فى عينى صغيراً وفى أعين الناس كبيراً». كما أدعـوه أن يوفقنى فى تذكر الحقائق، لكى أؤدى الأمانة لأصحابها، وأصحاب الأمانة هنا هم أهل وطنى الذين يستحقون أن يقرأوا التاريخ كما حدث بالفعل وليس كما تلونه الأهواء والانحيازات والمصالح. وعلى الرغم من أن كتابة المذكرات لا تحتاج إلى تبرير، خاصة عندما يتعلق الأمر بالذين يعملون فى خدمة الوطن، فإننى أجد نفسى ملزماً بالتأكيد على أن ما دفعنى هو شعورى ويقينى بأننى أديت جزءاً من واجبى نحو بلدى فى تاريخ حياتى، ونظراً لأننى لم أكن مهتماً بالدعاية والإعلان عما فعلت، فوجئت أن الحقائق والوقائع طُمست، وأن التاريخ يتعرض للتحريف الذى يصل إلى حد التزوير، كما تعمد البعض أن ينسب أعمالى لغيرى، بل إن هناك من تعمد تشويه الدوافع النبيلة لتلك الأعمال.

بدأت كتابة هذه المذكرات بعد أن تركت الخدمة بأربعة أشهر، وقد تخوننى الذاكرة فى بعض الأحداث، ولكننى سأحاول جهدى تذكر تلك الحقائق، وأستعين فى ذلك بقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾.

 

لا يعلم الكثيرون التاريخ الحقيقى لبداية لجوء مصر للاتحاد السوفيتى لشراء السلاح منه والتحرر من قبضة الغرب فى هذا المجال.. فقد كان شُغل الرئيس عبدالناصر الشاغل منذ اندلاع ثورة يوليو، هو البحث عن مصدر جديد لشراء السلاح منه بدلاً من بريطانيا التى كانت تحتكر توريده لمصر، وقد حاول عبدالناصر كثيراً إقناع الولايات المتحدة ببيع السلاح لنا، ولكن كان الرفض دوماً موقف واشنطن. ومن هنا جاء التفكير فى الاتحاد السوفيتى. وجاءت البداية عام 1955 عبر أحد رجال الأعمال الوطنيين ويُدعى محمد أحمد فرغلى باشا الذى أممت الثورة ممتلكاته فيما بعد ووضعته تحت الحراسة حيث أبلغه سفير الاتحاد السوفيتى فى القاهرة باستعداد موسكو لبيع السلاح لمصر سراً عبر وسيط لإخفاء الأمر عن الولايات المتحدة. وهو الأمر الذى رحب به الرئيس عبدالناصر وكان يعلم أن التعاون مع الاتحاد السوفيتى لم يكن بالفكرة الجديدة، فقد سبق لرئاسة أركان الجيش المصرى التفكير فيه قبل قيام ثورة يوليو 1952 من خلال الفريق عزيز المصرى. هنا قرر الرئيس جمال عبدالناصر زيارة الفريق عزيز عثمان وكان قد أُحيل للتقاعد وأقنعه بتولى مهمة التفاوض مع السوفيت وتوطيد علاقة مصر بهم عبر تعيينه سفيراً لمصر فى موسكو. والحقيقة أن ثمار تلك الخطوة كانت شديدة الأهمية لمصر وهو ما أثبتته الأيام، حيث أعلن المسئولون السوفيت للسفير المصرى استعداد موسكو لمساندة مصر ودعمها اقتصادياً وعسكرياً لتحقيق استقلالها عن الغرب. وهكذا وصلت مصر أول شحنة سلاح سوفيتى فى النصف الثانى من عام 1955 عبر تشيكوسلوفاكيا التى تم اختيارها كوسيط لصفقات السلاح بعيداً عن أعين الولايات المتحدة، وقد أحاطت بالصفقة السرية التامة، والتكتم الشديد من قِبل الحكومتين المصرية والسوفيتية. ووقتها وقع اختيار الرئيس جمال عبدالناصر علىَّ لتدريب الجنود والضباط فى الجيش المصرى على الأسلحة الجديدة.

بالطبع لم نستطع إخفاء أخبار ما استقدمه الجيش المصرى من سلاح جديد، وهو ما أزعج العدو الإسرائيلى الذى كان يكنُّ الكراهية لعبدالناصر. ولعل هذا كان بداية تفكير إسرائيل فى توجيه ضربة للقوات المسلحة المصرية لوأد تقدمها.

ومن هنا كان قرار إسرائيل المشاركة فى العدوان الثلاثى على مصر فى عام 1956، رداً على قرار الرئيس عبدالناصر بتأميم قناة السويس بعدما رفضت الولايات المتحدة الأمريكية تمويل بناء السد العالى، وتأثيرها على البنك الدولى هو الآخر لرفض التمويل. وجاء يوم 29 أكتوبر عام 1956 ليبدأ القصف الجوى لطائرات الدول الثلاث المعتدية على مصر: إنجلترا فرنسا إسرائيل. كنت وقتها قائداً للواء الثالث مشاة برتبة عقيد، وكان مقر وجودى هو شرق قناة السويس، وبالتحديد فى القنطرة شرق. كانت مهمتنا الدفاع عن بورسعيد ومنع قوات الدول الثلاث من أى عملية إنزال فيها، سواء كانت براً أو بحراً أو جواً وذلك لمنع احتلال المدينة. كانت إسرائيل قد نجحت فى عملية إنزال جوى عند ممر «متلا» بسيناء وصدرت أوامر القيادة لى بالتعامل مع تلك القوات، مع الانسحاب لغرب القناة لإفشال خطط القوات البريطانية فى احتلال بورسعيد. وهكذا اشتبكنا مع القوات الإسرائيلية فى عدة معارك قتالية، ولكننا لم ننجح فى منع تسلل القوات البريطانية لبورسعيد، فقاومنا باستبسال حتى نجحنا فى تحرير المدينة بعد انسحاب القوات البريطانية منها فى 23 ديسمبر عام 1956.

أتوقف للحديث عن خدمتى العسكرية منذ تخرجى فى الكلية الحربية عام 1938، لقد قضيت نحو 35 عاماً من حياتى العسكرية بين القنطرة والعريش والإسماعيلية؛ ولذا كنت أحفظ سيناء وأرضها بشكل دقيق ولذا وبعد انتصار أكتوبر المجيد، أهدانى أهل سيناء وقواتنا فى تلك المنطقة، أول علم رفعه الجنود على الضفة الشرقية للقناة بعد العبور لها يوم السادس من أكتوبر، تقديراً منهم لخدمتى فى هذه المنطقة لسنوات طويلة، وعرفاناً بعلاقتى الطيبة مع شيوخ القبائل هناك.

أعود لحرب 1956 وأقول إن مسار الحرب أكد فشل المشير عبدالحكيم عامر كقائد عسكرى، وكذلك قائد سلاح الطيران الفريق صدقى محمود، وتوقعنا كضباط إقالتهما لعدم إدراكهما حقيقة المعركة التى كنا نخوضها، وكذلك عدم فهمهما لأبسط الأمور العسكرية المتعلقة بالمعارك. ولكن الرئيس عبدالناصر لم يُقل المشير عامر الذى عارض من جانبه أيضاً إقالة الفريق صدقى أو محاسبته.

كان أعضاء مجلس قيادة الثورة يرون فى عبدالحكيم عامر مجرد صديق للرئيس عبدالناصر، بل إنهم عارضوا تعيينه عام 1954 قائداً عاماً للقوات المسلحة، وكانوا يرون أن الأكفأ والأجدر لتولى هذا المنصب، هو زكريا محيى الدين، ولكن عبدالناصر كان له رأى آخر، حيث أصر على تولية عبدالحكيم عامر رغم إمكانياته المتواضعة كقائد عسكرى.

«عبدالناصر» حاول إقناع الولايات المتحدة ببيع السلاح لنا.. ولكن الرفض دوماً كان موقف «واشنطن»

فتوجهنا للاتحاد السوفيتى

الغريب فى العدوان الثلاثى على مصر، كان موقف الاتحاد السوفيتى. فنحن لم نكن قد حصلنا على كل احتياجاتنا من السلاح السوفيتى عبر تشيكوسلوفاكيا عند اندلاع الحرب، وبالتالى لم تستطع موسكو إمدادنا بالمتفق عليه وفق الجدول الزمنى المحدد لظروف العدوان، وقد أتفهم هذا. ولكن الأمر الذى لم أتفهمه هو عدم قيام موسكو بتقديم أى دعم عسكرى لنا بعد صدور قرار وقف إطلاق النار وانسحاب القوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية من القناة!! ولم تكتف بذلك وحسب ولكنها قامت بنقل المستشارين العسكريين التشيك والسوفيت الذين كانت قد أرسلتهم لمصر والسودان بمجرد اندلاع الحرب! كان السوفيت يخشون الظهور العلنى على ساحة المشهد وبالتالى التورط بأى شكل من الأشكال فى مواجهة مع الغرب، خاصة الولايات المتحدة. وكان خوف موسكو أن تطلب القاهرة منها السماح لهؤلاء المستشارين بقيادة الطائرات «ميج 15» بأنفسهم لعدم إتمام تدريب الطيارين المصريين عليها حين اندلاع الحرب وبدء العدوان. واكتفت موسكو فى دعمها لمصر فى ذلك العدوان بإصدار بيان فى 5 نوفمبر 1956 تطالب فيه الولايات المتحدة بالقيام بعمل مشترك معها للعمل على وقف القتال، وزادت عليه توجيه تهديد لبريطانيا وفرنسا بالقيام بعمل انتقامى فى حال عدم الانصياع لقرار وقف إطلاق النار. ومع قبول كافة الأطراف قرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار، سارعت موسكو لإصدار بيان تهدد فيه بإرسال جنود متطوعين لإجبار إنجلترا وفرنسا وإسرائيل على الانسحاب من الأراضى المحتلة، وهو ما أجبر الدول الثلاث على الانسحاب.

وليبدأ الاتحاد السوفيتى بعدها فى إعادة دعم مصر عسكرياً لتعويض خسائر الجيش المصرى فى تلك الحرب ولكن كان هناك إصرار غير معلن من قِبل موسكو على أن يقتصر ما تمنحنا إياه من سلاح على الأسلحة الدفاعية من دون الهجومية، فلم تستجب لطلبات القاهرة بتزويد قواتنا المسلحة بأسلحة تزيد من قدراتنا الهجومية. وهو ما استمر حتى قبل نكسة يونيو عام 1967. ليس هذا فحسب بل كان هناك تباطؤ من قبل الإدارة السوفيتية فى تدريب قواتنا على السلاح الوارد لنا منهم، فكان يتم تجاهل مطالبنا فى هذا الشأن.

فى الثانى من يونيو عام 1967، عقد الرئيس عبدالناصر اجتماعاً عسكرياً سياسياً فى إحدى القواعد الجوية، وكان على رأس الحضور فى ذلك اليوم كل من حسين الشافعى، وزكريا محيى الدين، وعلى صبرى، وأنور السادات، والفريق أول صدقى محمود، وأعلن فيه أن مصر لن تكون البادئة بإشعال فتيل الحرب للعديد من الأسباب والظروف الدولية، على الرغم من حالة الحشد العسكرى التى كانت القوات المسلحة قد أعلنتها، وحالة التعبئة الشعبية لدى المصريين الذين شعروا أن مصر على وشك إعلان الحرب. كان عبدالناصر يومها يئن تحت وطأة ضغوط سياسية من جانب الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتى، الذى أرسل رئيسه كوسيجين رسالة إلى عبدالناصر، عبر السفير السوفيتى فى القاهرة، يطالبه بضبط النفس وعدم بدء الخطوة الأولى للحرب. وهو ذات المعنى الذى أعلنه الرئيس الفرنسى، شارل ديجول، من أن بلاده ستقف ضد الدولة البادئة بالعدوان. وفى هذا الاجتماع أعلن عبدالناصر توقعه أن تشن إسرائيل عدواناً على مصر فى غضون أيام قليلة، وطلب من الحضور، خاصة الفريق صدقى محمود، الاستعداد لذلك، والأكثر الاستعداد لتقليل خسائر الضربة الجوية الإسرائيلية الأولى.

وتوقع صدقى أن تتراوح تلك الخسائر من 20٪ إلى 30٪. وكان تقديراً مجافياً لحجم ضربات العدو بكل المقاييس. بالنسبة لى، فقد استقبلت يوم 5 يونيو عام 1967، وأنا بصحبة الفريق أول عبدالمحسن مرتجى، قائد جبهة سيناء، وكنت وقتها رئيس أركانه، كنا نقف فى الثامنة والنصف صباحاً فى مطار تمادا العسكرى فى انتظار وصول طائرة المشير عبدالحكيم عامر لتفقد أحوال الجبهة. كان قادة التشكيلات العسكرية بسيناء موجودين فى المطار معنا ليكونوا فى استقبال المشير عامر الذى لم يأت، وبدلاً من هبوط طائرته، فوجئنا بالطائرات الإسرائيلية تدك المطار على ارتفاعات منخفضة، بينما مدافع الطائرات المصرية لا تستطيع دفع أى شىء عن المطار، حيث إن أوامر كانت قد صدرت لها منذ الصباح الباكر بتقييد نيرانها انتظاراً لطائرة المشير عامر!! وهكذا سارع كل القادة المحتشدين بالهرب من نيران الطائرات والقاذفات الإسرائيلية والذهاب إلى مقار قيادتهم، وسارعت أنا بالعودة إلى مقرى فى جبل الميثان بوسط سيناء، وأنا أراجع أحداث الأشهر القليلة السابقة على ذلك اليوم الذى تتابعت نكباته. وأدركت صدق حدسى فى السابق من أننا اندفعنا فى مغامرة عسكرية وسياسية غير محسوبة وغير متوازنة، وأنها لم تُبن على معلومات وخطط دقيقة، والأكثر كارثية، أنه لم يكن هناك تكامل بين الرؤيتين العسكرية والسياسية. لقد كان كل منهما يسير فى اتجاه رغم الدفع بالحشود العسكرية لسيناء. ولكم أن تتخيلوا حجم الغموض والكارثية حينما أعترف أننى كرئيس أركان لقوات جبهة سيناء، لم أكن أعلم على وجه اليقين مهام القوات التى تم حشدها فى سيناء!! وهل ستقوم بالدفاع أم الهجوم؟! ووجدت أننا لم نبدأ الضربة القتالية فى ساحة المعركة العسكرية، لكننا كنا البادئين سياسياً وبشكل يوحى لإسرائيل والعالم أننا بصدد المبادرة بتوجيه ضربة عسكرية لها، وذلك باتخاذ عدد من القرارات ومنها قرار عبدالناصر لقوات الطوارئ الدولية بترك المنطقة العازلة بيننا وبين إسرائيل منذ عام 1956، فى الوقت الذى لم تحل محلها قوات عسكرية مصرية. وبين المشهد السياسى المندفع فى قراراته، وبين المشهد العسكرى المرتبك فى رؤيته وأهدافه، تعرض المقاتل المصرى لأسوأ عملية عسكرية لم تتح له فيها حتى فرصة الدفاع عن نفسه وسمعته القتالية، والدليل ما قامت به القوات العسكرية بالعريش التى لم تتوقف عن قتال العدو إلا بعد صدور الأمر السياسى لها من القاهرة بالانسحاب أثناء عملية القتال.

كان الانسحاب ذاته كارثة أخرى. فقد أصدر المشير عبدالحكيم عامر قراراً بانسحاب القوات، دون توفير حماية جوية تضمن سلامتها أثناء عملية الانسحاب، التى صدر القرار بها فى الثانية صباح يوم السادس من يونيو. وكان على القوات المصرية السير مسافة 200 كيلومتر بدون أى خطة معدة سلفاً لتنظيم عملية الانسحاب.

توقعنا إقالة عبدالحكيم عامر بعد حرب 56 لعدم إدراكه حقيقة المعركة وعدم فهمه لأبسط الأمور العسكرية.. ولكن الرئيس عبدالناصر رفض

انسحبت القوات المصرية من صحراء سيناء إلى خط المياه عند الضفة الغربية للقناة، دون أى نظام، حيث رُفضت كل اقتراحات قادة الجيش التى قدموها للمشير عامر بأن يتم الانسحاب خلال 72 ساعة. فسارت القوات شاردة فى كل اتجاه، لا هدف للجميع سوى الوصول للضفة الغربية للقناة للابتعاد عن ضربات العدو الإسرائيلى التى لم ترحم تلك القوات، بل طاردتها فى صحراء سيناء، كلما تمكنت من ذلك، وباستخدام قنابل النابالم؛ فاُستشهد من استشهد، وأُسر من أسر؛ ولذا أقول وبحق، لم يُهزم الجندى المصرى فى يونيو 1967، ولكنه لم يُمنح فرصة القتال والدفاع عن أرضه، ودفع ثمن عدم كفاءة القيادة العسكرية للقوات المسلحة التى لم تدرك حجم عددها، ولم تخطط مع القيادة السياسية لفهم أبعاد الموقف، وتحديد المهام المطلوبة من أى عملية عسكرية، فخسرنا حجماً كبيراً من المعدات والأسلحة العسكرية التى اضطرت القوات لتركها وراءها لخطة الانسحاب، ودفع الجميع الثمن؛ من أخطأ ومن لم يخطئ.

ففى صباح يوم 14 يونيو 1967، أى بعد النكسة بتسعة أيام، اتصلت تليفونياً من الإسماعيلية بالفريق أول محمد فوزى، القائد العام للقوات المسلحة، وسألته عن الموقف الحالى، فأجابنى باقتضاب، طالباً منى أن أتوجه إلى القاهرة لمقابلته.

تحركت على الفور من الإسماعيلية إلى القاهرة، وتوجهت مباشرة إلى منزلى حيث استبدلت ملابسى الميدانية التى لم أستبدلها طوال أسبوعين، ثم انتقلت إلى مقر القيادة، لكننى لم أجد القائد العام فى مكتبه، وتجولت على بعض الزملاء فى مكاتبهم، وكانت مقابلتهم لى تشى بأن هناك أمراً يحاول الجميع إخفاءه عنى، حتى أعز الأصدقاء، شعرت فى حواراتى معهم بشىء غامض، وكانوا وقتها فى مؤتمر فى العمليات يناقشون حسم مسألة ما إذا كان يجب أن تستمر القوات البرية فى تشكيل الفرق، أم تنقسم إلى مجموعات عمليات مثلما يحدث فى الجيش الإسرائيلى، واشتركت فى المناقشة معهم وكنت مصمماً على الاستمرار فى تشكيل الفرق، وكان تركيزى أساساً على إقناعهم بأن هذا التنظيم أفضل بكثير من حيث التسليح والتدريب وتكوين القادة، وكان رأيى مستنداً إلى خبرتى السابقة كقائد فرقة.

وخلال المناقشات، تأكد لى إحساسى بأن هناك سراً يخفيه عنى الجميع ولا يجرؤ أحدهم على مكاشفتى به، وكان أول ما خطر ببالى أن هناك قراراً سريا ًصدر بإحالتى إلى التقاعد، فعدت إلى مكتبى فى القوات البرية وطلبت اللواء محمود القاضى، الذى كان قد تسلم أعمال «كاتم أسرار»، ودار بيننا الحوار التالى:

- هل هناك شىء بخصوصى؟

- نعم.

- هل صدر قرار بإحالتى إلى المعاش كباقى الضباط؟

- نعم.

- شكراً.

انتهى الحوار القصير، وغادرت سريعاً، وطلبت من سكرتيرى جمع أوراقى، ثم توجهت إلى منزلى، وعلى الرغم من أننى كنت أتوقع القرار، فإننى لم أجد له تفسيراً. استرجعت جميع تصرفاتى قبل وأثناء وبعد المعركة، فلم أجد ما يشيننى فيها جميعاً، لكننى كنت أشعر بخجل شديد أمام أسرتى وإخوتى، ولم أستطع إخفاء عصبيتى حتى إننى انفجرت غاضباً فى ابنى أثناء حواره معى وقلت له: «أبوك لم يخطئ ولم يكن جباناً، بل أدى واجبه كاملاً وأكثر وستثبت لك الأيام ذلك».

لم أتوقف عن التفكير فى أسباب إحالتى للتقاعد، وفى اليوم التالى، فكرت فى إرسال خطاب للرئيس جمال عبدالناصر، أشرح له فيه موقفى وصدمتى فى قرار استبعادى، وهو ما حدث، كتبت الخطاب وأرسلته ولم أنتظر طويلاً.

فبعد 10 ساعات من إرسال الخطاب، فوجئت باتصال تليفونى من الفريق أول محمد فوزى، وطلب منى أن أزوره فى مكتبه فتوجهت إليه دون تردد بملابسى المدنية، وفور دخولى عليه، بادرنى بالقول إن «الرئيس أمر بعودتك إلى الخدمة وستتولى رئاسة هيئة التدريب». فقلت له إننى أشكر السيد الرئيس، لكننى قبل عودتى أريد معرفة سبب القرار السابق بإحالتى إلى التقاعد، فكان رده: «هذا الموضوع انتهى ويجب عدم الخوض فيه».

عدت إلى الخدمة، محملاً بآمال وطموحات كبيرة فى أن يكون لى شأن ودور فى المعركة المقبلة، اقتناعاً منى بأن القوات المسلحة فى حاجة إلى كل جهد وكل علم فى هذه المرحلة الحاسمة من تاريخها. وخلال الأيام العشرة الأولى من رئاستى هيئة التدريب، كان أهم ما ركزت عليه هو إنشاء ما يُسمى «مدارس المعركة المتحركة»، وهى باختصار تعتمد على إرسال ضباط وفنيين من إدارة التدريب المركزية إلى الجبهة لتدريب الضباط وضباط الصف فى فرق تعليمية قصيرة مركزة، وكان لهذه المدارس المتحركة دور كبير فى ذلك الوقت، لأن الظروف لم تكن تسمح بعودة الضباط وضباط الصف للتدريب فى القاهرة وتغيبهم عن مواقعهم.

وأثناء رئاستى هيئة التدريب، أتيحت لى فرصة أن أرافق كبير الخبراء العسكريين السوفيت، جنرال لاشنكوف فى المرور على الجبهة، ولا أنكر أن شخصية هذا الجنرال وعلمه ومعلوماته كان لها تأثير كبير فى نفسى، وأقولها صراحة بأنه قائد بارع من جميع النواحى، وأننى حصلت من خلال مصاحبتى له واجتماعى به عدة مرات بعد ذلك على معلومات لها قيمتها.

وفى يوم 25 يونيو 67 استدعانى القائد العام وأبلغنى بقرار سيصدر بتعيينى قائداً للجبهة خلفاً للفريق صلاح الدين محسن اعتباراً من 1 يوليو 1967، وأمرنى بالاستعداد لذلك، كما نبه علىّ بضرورة المرور عليه لمقابلته قبل أن أتسلم العمل.

أعترف كرئيس أركان لقوات جبهة سيناء: لم أكن أعلم على وجه اليقين مهمة القوات التى تم حشدها فى 67 بشبه الجزيرة

عدت إلى مكتبى وأنا أفكر فى هذا المهمة الصعبة فى ذلك الوقت، فقد كنت عائداً من الجبهة قبل أيام قليلة، وكنت أشارك الفريق صلاح محسن أحلك الأوقات، كما سبق لنا التعاون معاً فى إعادة تنظيم القوات وتسكينها غرب القناة، وحين صدرت لى الأوامر، كان الموقف على الجبهة يتلخص فى الآتى: القوات مهلهلة تفتقد القيادات والتنظيم، وحالة المعدات سيئة للغاية ومعظمها تالف، وبعض الأسلحة تنقصه الذخيرة، والدبابات معطلة، بما فى ذلك طرازات T34، T55، T54، GS، والروح المعنوية منخفضة للغاية، خاصة أن كثيراً من هذه القوات عاد من سيناء سيراً على الأقدام دون طعام أو مياه، وكان الأسوأ من ذلك أن الجنود فقدوا الثقة فى ضباط الصف، وضباط الصف فقدوا الثقة فى الضباط، والضباط فقدوا الثقة فى قادتهم، والقيادة فقدت الثقة فى هذه القوات.

كانت هذه الصورة الواضحة بالنسبة لحال القوات، أما الحالة الاستراتيجية، فيمكن تلخيصها فى: رقعة من أرض الوطن يحتلها العدو، وجبهة قتال مكشوفة، وسيطرة جوية كاملة للعدو على غرب القناة، وقوات ضئيلة جداً ومبعثرة وأسلحة غير صالحة للعمل، وروح معنوية منهارة نتيجة الصدمة العصبية التى جعلت اليأس يسيطر على تفكير البعض.

كنت أتأمل الجبهة، فأرى جنوداً فى ملابس مهلهلة، لم يغتسلوا منذ أيام طويلة، حتى وصل الأمر إلى أن الضبط والربط الذى هو عقيدة أساسية للقوات المسلحة تحول إلى قرار اختيارى، باختصار كان الموقف ميئوساً منه تماماً، خاصة أن العدو كان أمامنا يتباهى بقوته وانتصاره على مرأى من أعين جنودنا، ووصل إلى درجة أن أفراد جيش الاحتلال كانوا يسبحون فى قناة السويس، وإذا أطلق أحد جنودنا طلقة واحدة، يردون علينا بالعشرات، وكان مجموع القوات عند تسلمى الجبهة كالآتى: الفرقة السادسة بقيادة اللواء سعدى نجيب والفرقة الثانية بقيادة اللواء عبدالسلام توفيق، رئيس أركانه وتشمل الكتيبة 120 واللواء الرابع واللواء أول مدرع الذى كان مجموع دباباته يوازى كتيبة مدرعة، أى أنها كانت بقايا الفرقة المدرعة.

أصررت على اختيار اللواء محمد عبدالغنى الجمسى، والعميد حسن الجريدلى؛ لإنجاح المهمة التى كُلفت بها، وليتحملا معى مسئولية إعادة تنظيم الجبهة. وقتها رفض الفريق أول محمد فوزى طلبى هذا بحجة الأقدمية. لكننى أصررت على الموقف حتى صدر قرار رئاسى بذلك.

انشغلت فى تلك الفترة بإجراء تقدير موقف سريع ووضعت لنفسى أهدافاً محددة، أهمها: إعادة تنظيم القوات وشئونها الإدارية وتدريبها وإعادة الضبط والربط إليها، وإعادة الثقة فى نفوس الأفراد وبث الروح القتالية، والمحافظة على أمن القوات، ومنع العدو بجميع الوسائل والإمكانات المتيسرة من عبور قناة السويس، والرد بعنف على اشتباكات العدو الخاطفة.

وطوال الشهور الثلاثة التالية، عملت على رفع الروح المعنوية للقوات من خلال بعض الإجراءات والعمليات، كان أهمها معركة رأس العش، وتدمير المدمرة إيلات وإغراقها، وتسلم الأسلحة والذخائر والمعدات الجديدة وتكثيف الفرق التعليمية وإعطاء الثقة للجنود والضباط فى أسلحتهم والمرور المستمر على الوحدات يومياً.

كان رفع الروح المعنوية للجنود يتمثل فى خوض معركة قتالية ناجحة ومنها معركة رأس العش، بعد أن اعتقد الشعب المصرى والعالم بأكمله أن القوات المسلحة المصرية انتهت بنكسة 5 يونيو، ولكن يشاء الله أن يوفَِّق الجنود المصريين فى تحقيق نجاح منقطع النظير خلال معركة رأس العش بفضل التخطيط الدقيق، فعندما انسحبت القوات المسلحة أصبحت كل مدن القناة خالية من القوات، عدا مدينة واحدة هى بورفؤاد التى كان بها قوة عسكرية بسيطة، وكان هدفنا أن نمنع سقوط مدينة بورفؤاد فوضعنا فيها قوة بسيطة جداً تؤمّن الدخول إليها من جنوب شرق القناة. على الجانب الآخر كانت القوات الإسرائيلية تجهز للوصول إلى بورفؤاد هى الأخرى عبر هذا الجزء الضيق للغاية الذى يشبه الرأس، وكان يطلق عليها اسم طريق البركة، وقامت معركة رأس العش وانتصرت قوة الجيش البسيطة الصغيرة وبقيت بورفؤاد سالمة وارتفعت الروح المعنوية للجنود.

الطريف فى معركة رأس العش، أنها تم تصويرها بعدسات كاميرات محطات التليفزيون الأمريكية التى سمحت لها القيادة الإسرائيلية بالوجود مع القوات لتصوير احتلالها لمدينة بورفؤاد.

ولم تكن معركة رأس العش وحدها التى رفعت الروح المعنوية للجنود المصريين، بل توالت المعارك الصغيرة الناجحة، ففى يوم 14 يوليو طلبت من الفريق مدكور أبوالعز، قائد القوات الجوية، قصف العدو الإسرائيلى لرفع الروح المعنوية وتوصيل رسالة للعالم مفادها أن الجندى المصرى لم يفقد القدرة على القتال برغم تفوق العدو، وبالفعل ارتفعت نسورنا إلى سماء سيناء وقصفت قوات العدو بعنف، الأمر الذى فاجأ القوات الإسرائيلية وأذهل العالم.

وفى 21 أكتوبر 1967 سجلت البحرية المصرية حدثاً فريداً فى تاريخ الحروب البحرية على المستوى العالمى، ففى ذلك الوقت تقدمت المدمرة الإسرائيلية إيلات فى غرور، ووصلت إلى مياهنا الإقليمية أمام مدينة بورسعيد، وانطلقت لنشاتنا الصاروخية تسبقها لتطلق صواريخ بحر لأول مرة فى الحروب البحرية لتسكن المدمرة إيلات التى تمثل نصف القوة البحرية الإسرائيلية فى ذلك الوقت قاع البحر وتغرق معها آمال المؤسسة العسكرية وغطرستها.

وكنت أتوقع من إسرائيل رداً عنيفاً على الجيش المصرى عبر ضرب ميناء السويس الذى كان مكدساً بالمراكب وخزانات البترول؛ الأمر الذى يجعل من الميناء صيداً ثميناً جداً للعدو، وكان الأمر سيتحول إلى كارثة فعلية لمصر فى حالة ضرب إسرائيل ميناء السويس، وأرسلت تقريراً للرئيس جمال عبدالناصر استعرضت فيه خطورة الموقف والتوقعات المحتمل حدوثها، فأمر بإخلاء ميناء السويس فوراً من البواخر ونقلها إلى خليج السويس بعيداً عن الميناء، كما أمر وزارة البترول فى القاهرة بإخلاء خزانات البترول، وبعدها مباشرة حدث ما توقعته حين شن العدو غارات على السويس، لكن الخسائر لم تكن كبيرة بعد أن استبق جمال عبدالناصر الغارات بقرار إخلاء القناة من المدنيين، وكان هذا بداية التهجير.

وتوالت العمليات الاستنزافية والقتالية لكنها كانت فترة عصيبة؛ لأن الجبهة كانت واسعة وتحتاج إلى سيطرة أكبر، وقتها رأيت ضرورة تقسيم الجبهة إلى جيشين ميدانيين، والعمل على إعادة تنظيم القيادة، وهو ما حدث بالفعل، وتوليت أنا قيادة الجيش الثانى، فيما تولى اللواء عدلى حسن سعيد قيادة الجيش الثالث.

طوال تلك الفترة، كنت أعانى قلقاً شديداً، حتى إننى قبل نومى كنت أحرص على وضع التليفونات إلى جانب السرير، ولا أستطيع النوم إلا بعد اطمئنانى على عودة جنودنا من الضفة الأخرى فى الأيام التى كنا نكلفهم فيها بعمليات خاطفة ضد العدو، وإذا أصيب أو استُشهد جندى أشعر بينى وبين نفسى بالذنب والمسئولية، وكثيراً ما كانت زوجتى تحاول التخفيف عنى، خاصة عندما أتحدث أمامها عن أى شهيد وأقول لها إننى كنت السبب فى يُتم أبنائه.

وأذكر أننى حينما ذهبت للجبهة بعد النكسة، وأصررت على أن أكون مثل الجنود فى كل شىء، حتى إننى كنت أنام فى كشك من الصاج، وأمارس عملى فى حجرة خشبية أسفل شجرة، وظللت هكذا حتى سقطت مريضاً بفعل الرطوبة والبرد الشديد، فتم بناء حجرة لى تحت الأرض بعيدة عن نيران العدو فى حال قصف الموقع الخاص بقائد الجبهة.

والحقيقة أننى لم أكن أهتم إلا بشىء واحد، كان هو هدفى الأساسى، وملخصه إعادة بناء وتنظيم الجبهة والدفاع عن عمق مصر، وتوجيه ضربات عسكرية موجعة للعدو الإسرائيلى كلما أمكن ذلك، وكان هناك العديد من الأبطال المصريين الذين سطروا معجزات فى تاريخ العسكرية المصرية ومن بينهم العميد الشهيد إبراهيم الرفاعى والذى أدى العديد من المهام الوطنية، ومنها على سبيل المثال تفجير إحدى المناطق الإدارية لنا فى سيناء التى كان العدو قد استولى عليها بعد انسحاب القوات المصرية، وخزن بها ما تم جمعه من سلاح وذخائر وعتاد عسكرى تركه الجنود دون أن يتمكنوا من العودة به. كانت المعلومات قد وصلت لى من بعض البدو الوطنيين، بموقع هذه المنطقة الإدارية فى شمال «الشط». وزاد إصرارى على تفجير الموقع لحرمان العدو من الاستفادة منه، فعهدت لمجموعة من خمسة رجال من أبطال الصاعقة بتلك المهمة بقيادة إبراهيم الرفاعى، فعبروا القناة فى قوارب صغيرة، وقاموا بتلغيم المركز كله، ثم عادوا سالمين إلى غرب القناة، ولن أنسى ما حييت مشهد النيران وهى تأكل المركز بالكامل، وعلمت أن القائد الإسرائيلى الذى كان مسئولاً عن هذه الذخائر قد قُتل فى هذه العملية، كما أذكر لإبراهيم الرفاعى عملية أخرى لا تقل عن الأولى فى عظمتها، حيث رصدنا عام 1968 أنواعاً جديدة من الصواريخ المثبتة على الضفة الشرقية للقناة، فكان لا بد من الحصول على أحدها لمعاينتها وفحص إمكانياتها، فأصدرت أوامرى لمجموعة من أمهر المقاتلين يتقدمهم إبراهيم الرفاعى بإحضار أحد تلك الصواريخ، فتسللوا بملابس الضفادع البشرية لموقع العدو فى الشط، وهم لا يحملون سوى خناجر وقاطعات أسلاك.. واستولوا على عدد من الصواريخ التى عادوا بها رغم الحراسة الإسرائيلية الشديدة. ولكنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأقسموا على حماية الوطن..

كنا كلنا فى الجيش المصرى عقب نكسة يونيو 1967 نعلم، قادةً وجنوداً، أن يوم الثأر آتٍ لا ريب فيه؛ ولذا كان كل منا يعلم مهمته ويسارع لأدائها. وضعنا خطة دفاعية عن جبهة القناة، وعملنا تجهيزات دفاعية ممثلة فى حفر الخنادق والمواقع الدفاعية، وزدنا من ساعات التدريب الشرس بما هو موجود بالفعل بين أيدينا، وازدادت مدفعيتنا قوةً وثباتاً، فأصدرت أوامرى بإلحاق خسائر بالعدو عبرتوجيه ضربات مباشرة له وكان ذلك فى سبتمبر من عام 1968، فدمرنا بطاريات الصواريخ الإسرائيلية أرض/ أرض، التى كان العدو يقصف بها مدينة الإسماعيلية، ولعل ما قمنا به فى تلك الفترة كان الدافع الأساسى للعدو للبدء فى إنشاء خط تحصينات قوى يغطى خط المواجهة بأكمله، فكان خط بارليف.

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech