Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

المجند شعبان ياقوت

أجري الحوار للمجموعه 73 مؤرخين

اية دياب

 منى سامي

زينب السحلي

 

" لست أظنكم تتوقعون مني أن أقف أمامكم لكي نتفاخر معاً ونتباهي بما حققناه في أحد عشر يوماً
 من أهم وأخطر بل
أعظم وأمجد أيام التاريخ, وربما جاء يوم نجلس فيه معاً لا لكي نتفاخر ونتباهي ولكن لكي نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلاً بعد جيل ، قصة الكفاح ومشاقه ومرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله .."

تابع الحاج (شعبان ياقوت) كلمات خطاب النصر الذى كانت إحدى القنوات تذيعه
 فى ذكرى حرب السادس من اكتوبر كعادته فى كل عام بكامل تركيزه ، وكم شعر بالفخر لأنه كان جزء من سلاح المدرعات الذى قام ببطولات عديدة ضمن أحداث الحرب رغم أن هذا السلاح لم يأخذ حقه من تكريم وإشادة مثلما حدث مع سلاح الطيران بالرغم من هذه البطولات ، فلقد عزفت جميع أسلحة الجيش المصرى فى هذه الحرب المجيدة أروع سيمفونية متناغمة من الأداء المتميز والدقة العالية ، واسترجع مع كلمات الرئيس السادات
مشاهد لفترة تجنيده في الجيش منذ 1969 وحتى 1975 و....

( مافعلته شئً يستحق الثناء .. إليك عشرون جنيهآ مكافأة وترقية لرتبة عريف )

سمعها المجند ( شعبان) الملتحق بالكتيبة 239 دبابات من الفرقة الثانية في الجيش الثاني الميداني
(بالقطاع الأوسط بالقرب من مدينة الاسماعيلية) والقادم من مركز تدريبه بالهايكستب بالقاهرة منذ أقل من شهر ونصف فقط من قائده (المقدم محمد باهر) بمجرد دخوله إلى مكتبه ، فما لبث أن أدى التحية العسكرية له وسط إحساس مفعم بالسعادة والإمتنان والتفت خارجآ من مكتبه منصرفآ ذهنه إلى ما فعله وأدى لمثل هذا التكريم والترقية ....

فآمال الشاب ( شعبان ) الذي أنهي لتوه تعليمه الفني لم تكن موجهة سوى لإستكمال دراسته بكلية الهندسة ليتميز بين أقرانه ويتمكن من العمل بوظيفة جيدة يُكون بها نفسه ويُعد لمستقبله العدة ، إلا أن القدر شاء ألا يتمكن من تحقيق هذا الحلم فانصرف لمثل ما ينصرف له من هم في مثل سنه من لعب كرة القدم وممارسة هوايته المفضلة – الصيد..

ولم يكن يدرك وهو في طريقه لمنطقة الأنفوشي لممارسة هذه الهواية ماراً بأحد المواقع العسكرية في منطقة السلسلة وسط شغف كبير بمنظر الدبابات بها أن هذا الشغف سيلعب دوراً كبيرآ في إثراء حياته بالكامل وإعطاءها نكهة مميزة تختلف عن كثير ممن حوله ..

ففي عام 1969 طُلب ( شعبان)  للتجنيد وتم إخضاعه لإختبارات دقيقة وعديدة أسفرت عن قبوله مجنداً بالقوات الخاصة وهو ما أحبط آماله في البداية نظراً لشغفه السابق بالدبابات إلا أنه في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد بعد نكسة 1967 لم يكن من الأمر بُد .. إلا أن القدر لعب لعبته وتم تحويله من القوات الخاصة إلى المشاه ثم بعد ذلك إلى سلاح المدرعات لينل بذلك الفرصة ليشبع شغفه بالدبابات خاصة بعد أن تم وضعه سائق لإحدى دبابات الـ T- 55  معدل ، وهو ماجعله في غاية السعادة لإدراكه أنه  ستتاح  له الفرصة  في يوم من الأيام للمشاركة في إسترداد الكرامة المسلوبة مننا في أرض الفيروز ، خاصة بعد أن نمى العميد ( وقتها ) حسن أبو سعدة قائد الفرقة الثانية من الجيش الثانى الميدانى الروح القتالية لدى المجندين الجدد عند استقبالهم بالفرقة بأنهم من سيستردوا هذه الارض ، وسط احساس متشابك من المرارة من الهزيمة ، والإصرار على محو الآثار التى خلفتها تلك الهزيمة ..

بين الحسرة على الزملاء الذين ذهبوا غدرآ دون أن تتاح لهم الفرصة للقتال والعزم على إثبات أنهم لو كانت أتيحت لهم الفرصة للدخول فى القتال لكانوا أثبتوا للعالم كله حقيقة المقاتل المصرى ..

بين الغضب إثر السمعة التى أخذتها إسرائيل بأنها الجيش الذى لا يقهر غصبآ دون وجه حق وبين الرغبة فى التأكيد على أنها مجرد إشاعة ...

وكان مشروع التدريب على الأرتال ( وهو تدريب للدبابات على السير في خط مستقيم الواحدة تلو الأخرى وكيفية التصرف في حالة التعرض لضرب بالنيران والقذائف) ...  تحمس ( شعبان ) وركب دبابته التى تحوي 4 بطاريات ذوات حجم كبير لضمان توصيل الكهرباء للدوائر الكهربية بالدبابة بما فيها اللاسلكي الخاص بالدبابة لتلقي الأوامر من قائد الدبابات إلا أنه و بمجرد خروجه من مربض الدبابة ( وهي الحفرة التي تقبع بها الدبابة لإخفاءها عن عين العدو )  إنقطعت الكهرباء عن الدبابة فأُسقط فى يده .. كيف له الإستمرار في التدريب وقد إنفصل عن تلقي أوامر القيادة ... فكر ( شعبان)  للحظات وإستقر قراره على تخطي هذه العقبة بإتباع تحركات الدبابة التي أمامه فى الرتل ، وبالفعل أكمل تدريبه دون أدني تردد وبمجرد عودته إلي الكتيبة إستدعاه قائده الذي أدرك خلال التدريب أن اللاسلكي الخاص به معطل وأنه لا يستطيع تلقي أي أوامر منه ومع ذلك يبلي بلاءً حسناً أثناء التدريب وكان ما كان من تكريمه لـ

" شعبان" .

 

" لقد كان الليل طويلاً وثقيلاً ولكن الأمة لم تفقد إيمانها أبداً بطلوع الفجر وإني لأقول بغير إدعاء أن التاريخ سوف يسجل لهذه الأمة أن نكستها لم تكن سقوطاً وإنما كانت كبوة عارضة وأن حركتها لم تكن فوراناً وإنما كانت إرتفاعاً شاهقاً .. "

إنتبه الحاج (شعبان) على صوت السادات القادم من التلفاز وحاول أن ينفض عنه تلك الذكريات فى محاولة منه للإستمتاع بباقى خطاب النصر والإنتشاء بإحساس الفخر والعزة و ..  

 ( بص على العصافير )

قالها زميل (شعبان) له فى صوت مترقب بينما هم وقوف في نوبة حراسة بالقرب من الملجأ الفرنسي في منطقة الرسوة  ببورسعيد ، فنظر ( شعبان ) إلى حيث أشار زميله ولكنه أدرك سبب ذلك الترقب فى صوته فهذه العصافير لم تكن سوى 6 قذائف تسقط من طائرات سلاح الجو الإسرائيلي على الملجأ المحتمى به 9 مجندين مما أسفر عن إستشهاد جميع من بالملجأ ، وماكان منه بعدها إلا محاولته مع باقي أفراد كتيبته تجميع أشلاء زملائهم لدفنهم وسط شعور متزايد بالمرارة واليأس والإنتقام

فمثل هذه المواقف وغيرها هى التى كونت العزم على ضرورة الأخذ بالثأر وضرورة أن يدفع الإسرائيليون ثمن إجترائهم على أرضنا وضرورة دفع الإحساس بالعار الذى أحس به (شعبان) هو وكل فرد آخر فى الجيش مع كل أجازة كانوا يحصلون عليها فى الفترة التى تلت النكسة وهم يحملون فى طريقهم هم مواجهة الأهل والجيران

 

إنتبه الحاج (شعبان) على دمعة خانته لتسقط ملتهبة من عينه جراء تذكره لهذا الحادث الأليم وهذه الفترة الصعبة من تاريخ مصر، فما كان منه إلا أن قرر القيام ليصلي ركعتين يدعو فيهما لزملائه الشهداء .. وبالفعل وقف منتبهاً  لتأدية الصلاة و ...

( الله اكبر ...)

قالها الحاج (شعبان) ، ورددها عريفآ من قبل في 1973 بكل قوته بعد صدور الأوامر بالعبور وبعد أن نصب سلاح المهندسين أول كوبري للعبور بعرض قناة السويس بالقرب من طريق الفردان وكان ترتيب دبابته عليه الرابعة وبداخله يتردد قول الله تعالى ( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ  ) ...

 

"  إن هذا الوطن يستطيع أن يطمئن ويأمن بعد خوف إنه قد أصبح له درع وسيف "

قالها السادات فى خطابه وأثبتها العريف (شعبان) قبله فى أحداث اكتوبر1973 هو وكل من معه من ضباط وجنود.. نعم إنه نفس الدرع والسيف الذى لم يتمكن من الخروج من غمده فى يونيو 1967 ، هو نفس الدرع والسيف الذى حصل على فرصته ليرى العالم كله قدراته وقوة بطشه فى الحق ، هو ذاك الدرع والسيف الذى حقق العبور الذي حلم به الشعب المصري بأكمله بعد أن إستطاع الجنود فتح ممرات في خط بارليف الذي تصورت إسرائيل أنه يحميها وأنه لن يسقط أبداً ، هو ذاك الدرع الذى كان (شعبان) وقتها جزء منه والذى دخل بدبابته إلى داخل سيناء المسلوبة لأول مرة بعد 6 سنوات ليسترد أكبر عدد ممكن من الكيلومترات حاملآ بداخله صور وذكريات زملاءه الشهداء مقسمآ على إسترداد حقهم وتحقيق حلمهم فى تكبيد العدو أقصى خسائر ممكنة وسط انعدام كامل لوجود القوات الاسرائيلية فى بداية الحرب ، إلا أنه وبعد أن إستردت إسرائيل وعيها من وقع الصدمة ، بدأت فى محاولة يائسة منها لتكبيد جيشنا أى خسائر ممكنة من خلال القيام ببعض الهجمات المضادة لتحفظ لها ماء وجهها أمام العالم خاصةً بعد أن ملأت العالم ضجيجآ بأنها الجيش الذى لا يقهر ، إنفجر بجانب ( شعبان ) ودباباته صاروخ SS - 11   ( وهو صاروخ فرنسى مضاد للدبابات وهو موجه سلكيآ ويبلغ مداه من 500 الى 1600 متر وهو تطوير للصاروخ SS - 10 وقد حصلت عليه إسرائيل من فرنسا أيام العدوان الثلاثى) مما أوقف الدبابة في التو واللحظة وأصابها بالعطب فخرج شعبان من الدبابة هو وزملائه مما أتاح له الفرصة لرؤية نتائج المعركة على أرض الواقع فشتان بين الوضع من داخل الدبابة ومن خارجها وإستقل عندها عربة القائد ليعيده إلى مؤخره الجيش إلا أن ذلك لم يكن ما يهدف إليه (شعبان) فقد زاد ما رآه عند خروجه من دبابته من رغبته فى الإشتراك فى تدمير المزيد من الدبابات  ..

( إما أن تضعني في دبابة الآن وإما أن تعيدنى إلى منزلي )

صرخ بها العريف (شعبان) في وجه قائده الذي أدرك مدى إصراره على الخوض في هذه الحرب للنهاية فإما النصر وإما الشهادة ولا بديل عن إحداهما

ونظرآ لتلك الروح القتالية العالية إستجاب القائد لرغبة (شعبان) وأراح سائق دبابة أخرى ووضع ( شعبان) بدلاً منه فيها فقادها بكل ما أوتي من قوة وإصرار ورغبة في استرداد الكرامة فتم له ما يشبع رغبته حيث شارك في أسر
" عساف ياجوري " قائد اللواء 190 مدرع  مع غيره من القوات

 

" إننا لن ننسي مواقف هذه الساعات .. "

إستفاق الحاج ( شعبان ياقوت) من ذكرياته على نهاية خطاب السادات وقد أدرك سبب مرابطته الدائمة أمام شاشة التلفاز في هذا الوقت من كل عام ... فهذه الذكريات قد أصبحت جزءً لا يتجزأ من كيانه فهو وإن كان قد عاد سالماً من الحرب إلا أن روحه مازالت عالقة هناك بين جنبات هذه الأرض المباركة ، وسط العديد من زملائه الشهداء الذين رووا هذه الأرض بدمائهم الذكية .

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech