Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

اللواء احمد رجائي - الجزء الثاني

إهــداء

هذه خطوات ونواصى فى حياتى.

أى عمرى كله.

فلمن أهديها .. بعد أن كانت وجهتى فى كل فعل إلى الله وحده.

أى نذرتها من قبل قرباناً إليه .. عسى أن يتقبلها منى. وهو وحده الشهيد العليم بما فى الصدور .. وليس من دونه ملتحدا.

                                           أحمد رجائى عطية

                                         القاهرة فى:1/7/2009

 

منظمة سيناء

فى أعقاب رجوع عبد الناصر عن التنحى وحادثة المشير (عامر) – أنشئت القوات الخاصة بقيادة (سعد الشاذلى) بعد انضمام كل من قوات المظلات وقوات الصاعقة تحت قيادة واحدة .. وكانت قوات الصاعقة تنفرد بأنها تضم ضباطًا من كافة الأسلحة وقد تم حجزهم لكفاءتهم أثناء فرق الصاعقة المتعاقبة .. فصدر قرار بأن يرجع كل ضابط إلى سلاحه عدا ضباط المشاة .. ومن يرغب فعليه أن يكتب طلباً لتحويله إلى سلاح المشاة.

بعض الضباط فضلوا الرجوع إلى أسلحتهم .. ورغم اعتزازى بالصاعقة .. لكنى أيضا كنت فخورًا بسلاحى وهو سلاح المدفعية لأنه السلاح الذى علمنى أصول العسكرية وكرامتها .. واعتقد أننا كضباط مدفعية بسلاح الصاعقة وكنا أكثر من عشرين ضابطًا قد أضفنا الكثير من تقاليد سلاح المدفعية إلى وحدات الصاعقة .. وكان اعتراضى على التحول إلى سلاح المشاة .. قيمتى كمقاتل ليس المهم أن أحمل شارة الصاعقة وهو النسر أو شارة المدفعية وهى الشرابنل .. وبالتالى كانت مجادلتى فى أن أخدم بالصاعقة وأنا أحمل الشرابنل .. ولكن الأوامر العسكرية هى الأوامر. فتم نقلى إلى مدفعية المظلات ضمن القوات الخاصة المُشكلة حديثا بقيادة اللواء (سعد الشاذلى) – وكان على أن ارتدى برية المظلات (القرمزى) بدلا من باريه الصاعقة الزيتى ذو الخط الأحمر وللمرة الثانية ارفض. وقد أخذ هذا الموضوع شهور قليلة كنت أثناءها دائما أطلب مقابلة اللواء (سعد الشاذلى) .. وفى كل مرة أقول له إننا كضباط صاعقـة يجب أن نقوم بعمليات خلف الخطوط .. وكان صبورا على كثيرًا ولكنه كان يرفض كلامى ويقول مش وقته .. ومش عايز بلبلة – ولكنـه رأى أخـيرا أن يتخلص منى بأن أصـدر خطـابًا بنقـلى من القوات الخاصة إلى الكلية الحربية كمعلم.       

لكن ما حدث خلال هذه الأشهر أمر آخر وتزامن نقلى إلى الكلية الحربية مع توقيت اللواء (محمد صادق) لإلحاقى بالمخابرات الحربية للعمل الخاص خلف الخطوط كان لذلك قصة أحب أن أرويها.

كنت كمعظم الضباط وخاصة ضباط الصاعقة الرافضين للسكينة دون العمل الإيجابى ضد العدو. ولكنى قد أكون أكثر إيجابية .. أو أكثر شرودا عن الخط الطبيعى لكى أصل إلى ما فى داخلى .. وهو العمل الفورى ضد العدو.

كنت فى أثناء ذلك أتابع الصحفى وجيه أبو ذكرى بجريدة الإخبار .. وكان دائم الكتابة عن المنظمات الفلسطينية ونشاطهم ضد العدو – وفى أحد الأيام توجهت إلى جريدة الأخبار .. وسألت عن (وجيه أبو ذكرى) .. وقادنى أحد السعاة إلى مكتبه وكان فى صالة كبيرة بها عدة مكاتب يجلس خلفها الصحفيون. وكان يجلس حول مكتبه .. الصحفى (محمد يوسف) والصحفى (حامد زيدان) وفتاة هى الصحفية المشهورة حاليا باسم (صافى) وهى (صافيناز كاظم) وكانت ترتدى فستانًا أسود ذات شعر مسترسل بدون تصفيف .. وعرفـت فيما بعد أنها رغم مرور شهور طويلة إلا أنها ترتدى السـواد حتى نأخذ بثأرنا من العدو. المهم .. بعد أن سـلمت على الجميع وعرفت نفسى .. ورحبوا بى خاصة أنى قـدمت نفسـى كضابط .. ومن هنا بدأت أسئلة كثيرة.

وبعد فترة ليست بالوجيزة انتقلت إلى جانب وجيه وقلت له أنا عـايزك فى كلمة .. فانسحب الجالسون فى هدوء .. قلت لـ(وجيه) بصوت خافت .. من كتاباتك عن المنظمات الفلسطينية شعرت أن لك علاقة كويسة بهم .. ونحن مجموعة من الضباط لم نتمكن من الانضمام لفتح وإحنا فى الأردن .. فهل من الممكن أن تعرفنى بأحد هذه المنظمات للانضمام إليهم والقتال ضمن صفوفهم .. وأنت شايف إن هنا فى مصر رافضين على أساس أننا فى مرحلة استعداد .. فنظر إلى (وجيه) وقال .. فى اللحظة دى بس حسيت أن ولاد مصر لسه بخير ووافق على الذهاب معى إلى منظمة فلسطينية موجودة فى شارع شامبليون وسط البلد وتواعدنا فى اليوم التالى ومررت عليه فى بيته بمصر الجديدة والذى كان يقطنه آنذاك .. وكان يسكن قريبـاً منى – وتوجهنـا للمنظمة وقابلنا المناضـل (أحمد جبريل) وكان معه اثنان من الفلسطينيين. عرفتهم بنفسى وعرضت عليهم الأمر بأنى ومعى عدد كبير من الضباط .. ووجدت أغرب رد لم أكن أتوقعه .. حيث قال أحد الجالسين بالنص (والله يا أخى .. هذا ما وقت للمؤامرات .. طيب وليش ما تعملوا زينا منظمة وتحاربوا فى سيناء) .. ظنا منه أننا مدسوسون من قبل المخابرات عليهم .. فوجئت أنا و(وجيه) بهذا الرد .. وتركنا المجلس – وعند عودتنا ورغم غضبنا وخيبة أملنا .. قررنا ونحن عائدون فى الطريق وأنا أقود سيارتى إلى مصر الجديدة – أن نقوم بتكوين منظمة.

وفى أثناء عودتنا .. ومع حماس الشباب الذين لم يتجاوزوا الثلاثين عامًا .. والفكر الثورى الذى يجمعنا .. وقلوبنا المعجونة بالكره للإسرائيليين والرغبة فى استرداد الكرامة – اتفقنا على أن نسمى المنظمة منظمة سيناء العربية.

وبدأت الاتصال بالضباط وبعض الصف ضباط الراغبين فى الانضمام إلى المنظمة وكان هذا يتطلب السرية والحذر فى من اتصل به .. وكنت أضم من يريد الانضمام على فترات وبحذر شديد .. وقد تمكنت من تجميع عدد من الضباط والصف ضباط لا بأس به – وكان لابد من الاتصال ببدو سيناء وبالذات بدو جنوب سيناء .. والتى أعرف دروبها جيدًا ومسالكها .. كما أنها منطقة جبلية يسهل الاختفاء بها والتعايش وسط كهوفها وجبالها – وأحضرت الخرائط لأحدد أماكن التمركز .. وفى ميدان الضاهر بالقاهرة حيث كنيسة سانت كاترين وهى المقر لكنيسة دير سانت كاترين بجنوب سيناء .. حيث هناك قهوة بلدى بجانبها وكانت مقرًا لبدو جنوب سيناء وخاصة قبيلة الجبالية والتى تسكن منطقة سـانت كاترين بجنوب سـيناء حيث جبال موسى وجبل المناجاة وجبـل كاترين وقصر عبـاس وغيرها من الجبال التى تصـل ارتفاعها إلى آلفين وثلاثة آلاف متر وهى جبال وعرة.

كما استغللت صلتى بأحد جنود السجن الحربى وكان بلدياتى .. وبدأت بالاتصال بضباط الصاعقة المسجونين بالسجن الحربى فى قضية المشير عامر .. وبالأخص زميلى (مختار الفار) وعرضت على الضباط عن طريق مختار خطة لتمكنهم من الهرب ووضعت خطة لذلك على أساس أن معظمهم من خبراء منطقة جنوب سيناء أمثال الرائد (سعيد عثمان) و(مختار) .. وبالتأكيد أن منهم من سيرغب فى الانضمام للمنظمة – ولكن مختار أبلغنى بعدم الرغبة فى الهروب خوفا على من المغامرة فى حالة هروبهم وبالطبع لم أبلغ أحدًا منهم عن المنظمة. كما اتصلت بشاب وتعرفت عليه وتحمس للفكرة .. وكان يعمل موظفًا بمحافظة سيناء فى العلاقات العامة والتى كان مقرها حلميه الزيتون وكان يدعى (سعيد) .. وقد سهل لى الاتصال بمجموعة من شباب بدو سيناء والموجودين سواء بالقاهرة أو بلبيس بالشرقية. كل هذه التحركات كان يرافقنى فى تنظيمها زميلى والذى جمعنا الحماس وهو (وجيه أبو ذكرى) وفى بعض الأحيان كان ينضم إلينـا صحفى آخـر بأخبار اليوم اسمه (حامد زيدان) .. وكانت كل مقابلاتنا .. إما بالقهوة بالضاهر أو كازينو بشارع رمسيس أسمه كازينو مصر والسودان .. بجوار ضريح (أحمـد ماهـر) بالعباسية .. وقد تم بناء مستشفى حاليا مكانه. وكان الاتفاق بينى وبين وجيه على أنه سيتولى وهو فى القاهرة مؤازرتنا عندما نستقر بجنوب سيناء إعلاميا وماديا حيث اتفقنا على بيع كل منا سيارته لتمويل هذه العملية بصفة مبدئية. وفى الخطوات الأخيرة وعندما اتصلت ببعض المشايخ وخاصة شيخ قبيلة المزينة ويدعى الشيخ (بريك) والشيخ (المغبش) عن طريق ابنه (عيد المغبش) والذى كان بالقاهرة فى فترة وجيزة والشيخ (سليمان مدخل) شيخ قبيلة العليقات – وجدت إن الجميع أشار على بضرورة الاتصال بشيخ مشايخ سيناء وهو الشيخ (عيد أبو جرير) والموجود بجزيرة (الطحاوية) بجوار مدينة (الحسنية) بفاقوس شرقية وكان ذلك هو النظام القبلى لسيناء عبارة عن مشايخ ويعلو عليهم شيخ المشايخ .. وهؤلاء يشكلون الرموز .. الذى للأسف أفسده النظام الأمنى مؤخرا عندما تولت الشرطة الأمن بسيناء فى العقد الأخير من القرن العشرين.

تحركت أنا و(وجيه) وصحبت معى صديقى ببلدتى الأستاذ (أحمد واكـد) وهو صديق الطفولة .. لما له دراية بمنطقـة الحسنيـه للذهاب إلى مقابلة الشيخ (عيد أبو جرير).

وعندما وصلنا إلى المنطقة التى يقطن بها الشيخ (عيد) .. وهى منطقة صحراوية بجانب بلدة الحسينة .. وكانت عبارة عن مضرب خيام وبها بيت الشيخ وهو الوحيد المبنى بالطوب اللبن ومسقف بالخشب والجريد وكان بجانبه مقعد عربى عبارة عن مسطبة طويلة حوالى 20 متر عليها بطول المصطبة مظلة بالخشب والجريد (جريد النخل) وكان بطول المصطبة يجلس عليها البدو .. والشيخ عيد يجلس فى الصدارة على مصطبة صغيرة متصلة بالمصطبة الأصلية .. وهذه المنطقة يؤمها كل البدو والنازحين من سيناء سواء بصفة متصلة أو مؤقتة.

جلسنا فى آخر المصطبة وكان الجالسون يتحركون واحدًا تلو الأخر فى اتجاه الشيخ عيد .. ويتكلم معه عن مشكلته .. فيضع يده على رأس الشـاكى ويقرأ بعض الآيات أو يضع مسبحته فى الشـاى ويشـرب الضيف الشاى .. وغيره من أمور التبرك مع الشيخ.

وبعد أن تكلم مع اثنين أو ثلاثة .. وجدت الشيخ قد قام وسار فى اتجاهنا .. حيث كنا نحن الأفندية الوحيدين ثم أشار إلينا لكى نتبعه إلى مكان بعيد قليلاً – وارتكز على الأرض وقمت أنا ووجيه بتقليده فى الارتكاز .. وقال طلباتكم – فسردت له كافة التفاصيل وما ننوى عمله وعن اسم المنظمة .. ونظر لى نظرة طويلة وكأنه كان يقرأ أشياء كثيرة .. أو كأنه يمارس فراسته البدوية فى كلامى .. ثم قال .. فى لواء وطنى وشجاع أسمه محمد صادق أعرض عليه الكلام .. وأكيد سوف يأخذ الكلام ده موضع جاد ويساعدكم .. فقلت له وقد أصابنى خيبة أمل .. أنت تعلم أن اللواء (محمد صادق) ده هو مدير المخابرات الحربية – فقال أنا عارف .. وعارف وطنيته كويس – ثم عاود الصمت والتفرس فى وجهى مره أخرى ليقرأ انفعالاتى غير مرحبة بكلامه .. حيث قلت له ده ممكن لو عرف يقبض علينا – فقال مش ضرورى تقوله على كل حاجة ثم عاود وقال .. شوف يابنى لو رفض صدقنى حكون قبل منكم ومعاكم فى سيناء ثم وقفنا وحضننى وهو يردد .. حكون قبل منكم وتعانقنا وفى مشهد حماسى غير مألوف وضعنا يدنا فى يد بعض وحاول كل منا أن يقبل يد الآخر. لكنى لا أعلم لماذا تحمست بعدها لما قاله .. وأخذت الموضوع كأنه إلهام إلهى أوحى به الله له .. قد يكون تأثيرًا لما شاهدته منه فى المجلس مع البدو. وفى أثناء عودتنا تشاورت أنا ووجيه فيما سنفعله .. وقررنا أن نقوم بهذه المغامرة غير محسوبة .. وكان لها احتمالان لا ثالث لهما – وهى إما أن يتبنى اللواء (صادق) هذا العمل وأما أن يتم القبض علينا وإيداعنا فى السجن .. فقررنا أن أقوم بالذهاب للواء (صادق) لمقابلته بإدارة المخابرات الحربية.

 

المخابرات الحربية

فى اليوم التالى توجهت إلى إدارة المخابرات الحربية بشارع الثـورة بمصر الجـديدة .. وتوجهـت إلى مكتب اللواء (محمد صادق) .. ودخلت إلى مكتب سكرتيره وهو المقدم (محمد قناوى) .. وكان المكتب يعج بضباط برتب كبيرة ومدنيين .. كلهم فى انتظار مقابلة اللواء صادق. وقلت للمقدم (قناوى) مدعيا أن اللواء (صادق) طالبنى وأنا حضرت حسب الميعاد وذلك بعد أن قدمت له نفسى وإنى من ضباط الصاعقة برتبة نقيب .. والغريب أنه لم يكتب اسمى فى ورقة كالعادة لتقديمها للواء (صادق) .. بل دخل مباشرة وأخبر اللواء (صادق) والذى قال لى المقدم (قناوى) مشاورًا أن أدخل – وكان ذلك دون انتظار دورى فى الدخول.

أديت التحية للواء (صادق) .. وبعد أن فردت الخريطة التى كانت معى لجنوب سيناء – وشرحت له خطة العمل فى سيناء خلف خطوط العدو متحفظًا على ذكر أى أسماء ممن تتكون منهم المنظمة سواء عسكرى أو مدنى – إلا أننى ذكرت أن معظم ضباط الصاعقة اللى فى السجن الحربى هم أكفأ الناس بمعرفة جبال سيناء – وهنا قاطعنى بحده وقال خليك فى نفسك .. فأكملت له الشرح .. ونظر إلى وقال كويس إنك حضرت بنفسك وتشرح لى الكلام ده .. بدل ما كان حينقبض عليك ثم أسرد تعرف تدخل جنوب سيناء وتكتشف لنا فين المطار اللى بتطلع منه طائرات الميراج اللى بتهدد طائراتنا الميج 17 اللى موجودة فى مطار (الغردقة) .. لأن المعلومات أن مطار شرم الشيخ بتاعنا ومطار (الطور) لا يعملان .. وعلى فكرة فى اثنين ضباط دخلوا قبل منك ووقعوا فى الأسر .. وهو الملازم أول (بهجت خضير) والملازم أول (رأفت جمعه) – فقلت له ما فيش غير ثلاث أماكن تصلح أنها تكون مطارات وهى (سهل الراحة) بمنطقة (كاترين) و(رأس نصرانى) وهى شمال شرم الشيخ بحوالى 20 كم ومنطقة (وادى نبق) شمال رأس نصرانى .. فقال المعلومات المؤكدة أنه لا يوجد مطار بمنطقة كاترين وبشكل عفوى أخرجت من جيبى علبه سجائرى من النوع الصغير (البوكس) وكانت تحمل عشر سجائر وكان بها سجارتين أو ثلاثة وضعتهم فى جيبى وفردت العلبة وتناولت قلم من المكتب ورسمت جنوب سيناء فى شكل مثلث .. وقلت له ممكن يا فندم أخرج من الغردقة ثم اتجه بحرًا إلى منطقة (رأس جاره) بسيناء ثم الدخول فى وادى (تعالبى) ثم إلى جبل (الجعيدة الكبير) والذى يطل على منطقة (رأس نصرانى) لرصد المطار وتصويره إن وجد – وإن لم أجده  فسوف أتحرك إلى (وادى نبق) لاستطلاع المنطقة. تناول منى اللواء (صادق) ما كتبته وكان وقتها قد ترك المكتب وجلس أمامى على الكرسى وبيننا ترابيزة صغيرة وأمسك بقلم أحمر وأشر تأشيرة غريبة على نفس الورقة (همجى .. تصدق) ووقع عليها. ثم استمر فى الكلام .. على فكرة اللواء (الشاذلى) أصدر أمر بنقلك من الصاعقة إلى الكلية الحربية .. استلم الجواب وتيجى هنا علشان تلتحق على المخابرات الحربية. ثم اتصل تليفونيا بمكتب مخابرات السويس وكان قائده العقيد (بشير) وكان يشرف على الغردقة حيث إنه لا يوجد مكتب للمخابرات بالغردقة حتى الآن .. وأخبره أنى سوف أحضر له وعلى المكتب أن يتولى دفعى لاستطلاع منطقة رأس نصرانى .. ثم التفت لى وقال بعد ما ترجع نبقى نشوف موضوع منظمة سيناء. فأديت التحية وسلم على باليد .. وقال على فكرة (وجيه) بتاعك ده (ويقصد زميلى وجيه أبو ذكرى) أنا حبعته يشتغل فى الكويت بدل ما أقبض عليه – وهنا تأكدت أن جميع تحركاتنا كانت مرصودة .. وهنا تذكـرت كلامه فى أول المقابلة (كويس أنك جيت برجليك .. بدل ما أقبض عليك) .. وهنا عرفت سر دخولى مكتبه فى غير دورى.

وخرجت من مكتبه وأنا لا أصدق نفسى وأحسست أنى وضعت قدمى على أول طريق لتحقيق أحلامى .. وهو العمل ضد العدو خلف خطوطه وفى العمق وتذكرت كلام الشيخ عيد أبو جرير .. وهنا أيقنت أنه فعلا كلام رجل ملهم .. وأخبرت (وجيه) بما تم بينى وبين اللواء (صادق) وتوجهت فى اليوم التالى إلى قيادة الصاعقة .. حيث تسلمت بعد عدة أيام خطاب نقلى إلى الكلية الحربية – فتوجهت به إلى المخابرات الحربية وتم إلحاقى بالمخابرات الحربية فرع الخدمة الخاصة.

قدمت نفسى إلى العقيد فائق صادق رئيس فرع الخدمة الخاصة .. وبعد عدة أيام توجهت إلى مكتب مخابرات السويس حيث قابلت العقيد فاروق بشير قائد المكتب والرائد (يحيى شبايك) وهو أحدى أعضاء المكتب والمسئول عن التشغيل ودفع المأموريات خلف الخطوط إلا أنى وجدت منهم تخوفًا من دفعى خلف الخطوط حاليا .. وذلك نتيجة أنهم لم يوفقوا فى مأموريتين سابقتين إلى جنوب سيناء حيث تم أسر الضابطين وهما الملازم أول (بهجت خضير) والملازم أول (رأفت جمعة) .. واللذين تم استبدالهما بأحد الأسرى الإسرائيليين المحتجزين بمصر. وطلبوا منى أن أرجع إليهم بعد أسبوع .. وفعلا رجعت إلى القاهرة لأخبر اللواء (صادق) بذلك – ولكنى فوجئت بعد عدة أيام بأن العقيد فائق استدعانى إلى مكتبه وكان يجلس عنده رائد يدعى (عاشور) .. وكان أمامهم خريطة لتلقينى بمأمورية فى شمال سيناء .. وكانت عبارة عن التحرك بين مضيقى (متلا) و(الجدى) والهدف هو أن أتمم على أعمال مجموعاتنا المزروعة خلف خطوط العدو .. وشعرت وقتها بضحالة الهدف والفكرة والتخطيط – وكان عندى الشجاعة الكافية للرفض وإبداء الرأى وهو أني أريد أن أعمل عمل إيجابيًا .. لا أن أقوم بدور وسيط أو دور المفتش على أعمال سلبية خلف الخطوط .. وقد اعتبرته تفكيرًا غريبًا لرجل مخابرات.

توجهت بعد أسبوع إلى مكتب مخابرات السويس .. ليخبرنى العقيد فاروق بشير أن الوقت حاليا غير مناسب وعلى أن أرتد إلى القاهرة .. وأنه سوف يخبرنى فى الوقت المناسب.

فخرجت من مكتب السويس .. وقد قررت أن اتجه إلى الغردقة – حيث كنت على علم أن بالغردقة بعض المهجرين من جنوب سيناء .. وقد قررت أن أجند مندوبًا وأتولى بنفسى التخطيط والتحضير للعملية.

فبدأت مشوارى ظهرًا وكان معى الشاويش (محمد عبده موسى) وهو أحد أفراد الصاعقة المشهور له بالوطنية والجرأة وكنت قد طلبت أن يلحق معى من الصاعقة على أساس أن يخرج معى لعملية الاستطلاع أو أن أدفعه لكى يستطلع مطار (الطور) – وأتذكر حتى الآن رقم السيارة الجيب الروسى التى كنت أتحرك بها وهى (527 ملاكى السويس) وكان سائقها شاويش يدعى (جرجس) – وكان طريق السويس الغـردقة ردئ السفلتة ومكسر فى معظم المناطق .. ووصلنا إلى الغردقة ليلاً بعد أن هاجمتنا الطائرات الإسرائيلية أكثر من مرة وكنا نتفاداها بالمراوغة فى الصحراء المنتشرة طوال الطريق. وهناك التقيت ببعض البدو والذين سبق لى معرفتهم أيام خدمتى بمنطقة جنوب سيناء عندما كنت معلمًا بجناح الجبال بالصاعقة وفرحت عندما أخـبرونى أن قائدًا مكتب مخابرات الحـدود هو المقدم (محمود فهمى) .. لمعرفتى الوطيدة به .. أيام خدمتى بجنوب سيناء وكان قائد لنفس المكتب بجنوب سيناء – وقد رحب بى وساعدنى فى تجهيز الدليل الذى سوف يرافقنى .. وكذلك مركب الصيد الذى سيقوم بعملية الإبرار والالتقاط بعد تنفيذ المهمة – وكان لا ينقصنى إلا التصديق على الخطة من اللواء (محمد صادق) فسافرت فى اليوم التالى إلى القاهرة وقابلت اللواء (محمد صادق) .. وأطلعته على التخطيط فـرحب بتعاون المقدم (محمود فهمى) وصدق على أن تتم العمليـة عن طريقـه مـادام مكتب مخابرات السويس يؤجل بدء العمـل فى هذه المأمورية.

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech