Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

اللواء احمد رجائي - الجزء الثالث

إهــداء

هذه خطوات ونواصى فى حياتى.

أى عمرى كله.

فلمن أهديها .. بعد أن كانت وجهتى فى كل فعل إلى الله وحده.

أى نذرتها من قبل قرباناً إليه .. عسى أن يتقبلها منى. وهو وحده الشهيد العليم بما فى الصدور .. وليس من دونه ملتحدا.

                                           أحمد رجائى عطية

                                         القاهرة فى:1/7/2009

 

مكتب مخابرات الغردقة

بعد التحركات المكوكية للمبعوث الأمريكى بين مصر وإسرائيل وقبول مصر إيقاف النيران – وأعتقد أن ناصر قبل ذلك لكى تتمكن مصر من بناء حائط الصواريخ على خط المواجهة مع إسرائيل لتتمكن الطـائرات المصرية المقاتلة من التحرك فى أرض المعركة بحرية – وقد تم نشر هذه الصواريخ على طول الجبهة فى أعظم عملية خداع قامت بها المخابرات الحربية المصرية بقيادة اللواء (عبد الرحمن محرز) قائد المخابرات الحربية آن ذاك – لتسكن الصواريخ المضادة للطائرات بطول الجبهة مكونة بما يسمى حائط الصواريخ.

ومع سكون الحالة ووقف العمليات الحربية بدأت حالة الرفض ترجع لى ثانية .. متمثلة فى لقاءات مع بعض الضباط المقربين لى آن ذاك وهـم الرواد فى ذلك الوقت (على هيكل) و(أسامة إبراهيم) و(عليمى الديب) و(محمود محرم) وكلهم من الصاعقة وقادة مجموعات عدا (محمود محرم) الذى كان يقود الكتيبة 93 صاعقة وكانت حساسية موقعة أنه فى جبل الأحمر على بعد عدة كيلو مترات من وزارة الحربية .. والمقدم (طارق منتصر) من المدرعات و(جلال النادى) من القوات الجوية.

وعندما علم الفريق (محمد صادق) بذلك عن طريق العميد (إبراهيم سلامة) قائد المجموعة 13 بالمخابرات الحربية – قرر استبعادى من مصر بإرسالى إلى السعودية كضابط اتصال بدرجة ملحق حربى بعد أن عادت العلاقات مع السعودية .. مثلما ما فعل مع اللواء (عادل سوكه) الذى أرسله ملحق حربى بتركيا – وكانت هذه طريقته فى التوازن الأمنى .. حيث كان يهمه بالدرجة الأولى الروح المعنوية للقوات المسلحة .. فكان يتعامل مع هذه المـواقف بالاسـتبعاد وليس بالقبض على رموز القوات المسلحة .. مثل ما ذكر لى ذلك فيما بعد المقدم (عصام الباز) مدير مكتبه فى ذلك الوقت. ومع رغبتى لعدم ترك مصر فى هذا الوقت العصيب وانتظارنا للمعركة الفاصلة فى أى وقت .. أو على الأقـل أملا فى رجوع  معارك الاستنزاف مرة أخرى.

وفى أيام قليلة وجدت جميع أوراقى جاهزة للسفر وتم استخراج الباسبور الأحمر الخاص بالدبلوماسيين وكان آخر عمل مكلف أن أقوم به أن أقابل السفير السعودى بالقاهرة بمقره بالزمالك .. ولكنى قررت أن افتعل معه مشـادة أو موقفًا معاديًا حتى لا أسافر .. وفعلا تم ذلك.

فاستدعانى الفريق (صادق) معاتبا .. وقال لى عليك أن تختار بين مكتب مخابرات السويس أو الغردقة – فقلت له مكتب الغردقة وطلب منى التنفيذ فورًا.

وقد اخترت مكتب الغردقة لمعرفتى لأهل جنوب سيناء والذى سوف أستغلهم فى أعمال خلف خطوط العدو .. رغم ايقاف النيران بين مصر وإسرائيل. 

ورغم ذهابى للعمل بالغردقة إلا أن مجموعة الضباط التى ذكرتها لم تنقطع بيننا الاتصالات وزادت أكثر كلما امتد إيقاف النيران لثلاثة أشهر أخرى .. إلى أن توفى (جمال عبد الناصر) وتولى السادات الحكم - وطفح بنا الكيل وظهر لنا عدم وضوح الرؤية فى أننا سوف نخوض المعركة الفاصلة مع العدو – وكان هذا واضحا من خطب ووعود السادات ولكننا كنا لا نعى سياسته فى خطة الخداع الذى يتبعها .. أو عزمه على المعركة.

وكنا فى حالة حماس شديد وتسرع لتغيير قيادات الحكم .. لم يقلل منها إلا الرائد (علي هيكل) والرائد (عليمى) .. حيث كانا أكثر حكمـة وتريثاً للأمور – لدرجـة أنى والنقيب طيار (جلال النادى) قررنا توريط المجموعة فى سرعة التنفيذ .. حيث كان (جلال) هو نفسه طيار الرئيس (السادات) وقررنا أن فى أول تحرك مع الرئيس سوف ننفذ العملية وإخطار الزملاء بالتحرك حسب الخطة الموضوعة للاستيلاء على وزارة الحربية والإذاعة والتليفزيون وتغيير قيادات  الجيش .. إلا أننا فشلنا فى التنسيق أكثر من مرة .. وذلك لسرية تحركات الرئيس وتغيير أسلوبها فى كل مرة .. علاوة على صعوبة الاتصال فى هذا الوقت .. والحـرص فى التحـركات لأننى على الأقل كنت معلومًا ومرصـود لدى جهاز المخابرات الحربية (المجموعة 75، 13) .. وكنت على يقين من ذلك ومع هذا لم يكتشف هذا التجمع المكون من 2 مجموعة صاعقة وكتيبة ومجموعة مدفعية الصاعقة ولواء مدرع والطيار الخاص برئيس الجمهورية .. لقد كانت كل تحركاتنا مدعومة بسرية تامة – وكنت أموه عن هذا التجمع بصداقات مع أناس ليس لهم صلة على الإطلاق بهذا التجمع .. وهذا ما جذب انتباه المتتبعين لى ولكن إلى لا شىء وأحب أن أنوه هنا أن رغبتا وإصرارنا على القيام بانقلاب عسكرى .. كان ليس حبا فى سلطة أو أصلاح فساد .. ولكنه كان فقط لكى نقوم بحرب ضد العدو واسترداد الأرض والانتقام لشهدائنا – لقد كانت هذه هى مشاعر كل الجيش المصرى .. بل الشعب أيضاً.

وهكذا لم تحقق هذه المجموعة ما خططت له رغم تماسكنا وإصرارنا على الهدف .. إلى أن قامت معركة 73 .. فكانت شفاءً لصدورنا ودرءًا لأى مبرر لنا. 

 

استلام العمـل

    فى أوائل شهر يونيو عام 1970 توجهت إلى مدينة الغردقـة لاستلام العمل وكان المفروض أن أكون ضمن قوة الخدمة الخاصة والذى كان العقيد فائق هو رئيس الفرع بالقاهرة والذى لم أتوجه للعمل عن طريقه .. بل أخذت أوامرى مباشرة من اللواء (محرز) مدير المخابرات وقت ذلك .. وكان قائد منطقة البحر الأحمر العسكرية هو اللواء (سعد الشاذلى) والذى كانت تربطنى به علاقة احترام رغم اختلافى معه عندما تولى قياده القوات الخاصة فى عام 67 .. والتى كانت نتيجتها انتقالى إلى العمل بالمخابرات الحربية فى نفس تخصصى وهو العمل الخاص خلـف الخطوط كما ذكرت ذلك من قبل. وكان النقيب (محمود محرم) قائد الكتيبة 93 صاعقة متمركز بالغردقة فى هذا الوقت لفترة .. وهى نفس الكتيبة التى شاركت فصيلة منها فى معركة شدوان البطولية.

وفى أول يوم قابلت (محرم) الذى أخبرنى أنه منذ يومين تم دفع ضابط يدعى الملازم أول (ثروت) لاستطلاع منطقة الطور .. وفى اليوم التالى تم دفع نفس القارب ومعه رقيب لإحضار الضابط ولكنه رجع بدونه مدعيا أن مركب إسرائيلى طاردته.. وأن الرقيب اتصل لاسلكيا بالضابط لالتقاطه وفهم منه أنه وقع فى الأسر فطلبت الجلوس مع الرقيب وقائد مركب الصيد.

ولكنى من استجوابهم وبخبرتى علمت أن قصصهم مفبركة .. وأنهم جبنوا ولم يتموا مأموريتهم لالتقاط الملازم (ثروت) ومن الطريف أن الملازم (ثروت) هذا .. كان له قصة معى قبل ذلك .. حيث كان ترتيبه من الأوائل فى فرقة الصاعقة .. والمفروض أن يتم حجزه للعمل بوحدات الصاعقة ولكن للأسف فى أنه كونه مسيحى رفض قادة الأفرع بمدرسة الصاعقة على الانضمام إلى قوات الصاعقة .. ولكنى تشددت فى هذا الأمر وصممت على أن يحجز بقوات الصاعقة لدرجة أننى هددت بالاستقالة .. ولكن بحكمة المقدم (صلاح عبد الحليم) قائد مدرسة الصاعقة حين ذاك .. صدق على حجزه ضمن قوات الصاعقة واعتبرت ذلك انتصارًا لى لكسر أى تفرقة فى المواطنة للعاملين بالصاعقة.

وها أنا ذا مرة أخرى يضعنى القدر فى طريقة لأتدخل لإنقاذه من خطر يحيق به .. حيث توجهت أنا والنقيب (محرم) إلى اللواء (سعد الشاذلى) لأخبره أن قصة الرقيب غير سليمة وسوف أتدخل كمكتب للمخابرات لإنقـاذ الضابط وإحضاره من مدينة الطور .. ولكنى فؤجئت باللـواء (سعد الشاذلى) برفضه للتدخل من قبل المخابرات على أساس أن المأمورية خرجت من قيادة المنطقة وان الأمر متروك لها .. ولكنى أديت التحية وخرجت من مكتبه بقيادة المنطقة العسكرية بالبحر الأحمر .. حيث كنت قد جهزت مسبقا القارب والدليل الذى سوف أدفعه لإحضار الضابط ومع معرفتى للأرض  بمدينة الطور وفعلا توجه الدليل فى نفس الليلة ورجع فى نفس الليلة إلى الغردقة وقد أحضر الملازم ثروت معه. وعندما دخل (ثروت) ومعه الدليل صباحا إلى مكتبى .. طلبت (محمود محرم) تليفونيا ليحضر ومعه الرقيب .. وعندما دخل مكتبى فوجىء محرم بالملازم (ثروت) يجلس أمامى – وقلت لـ (محرم) تقدر دلوقتى تأخذ (ثروت) والرقيب إلى اللواء (الشاذلى) لكى يتصرف فى الأمر.

وعلمت فيما بعد أن اللواء (الشاذلى) حاكم الرقيب محاكمة عسكرية ووقع عليه جزاء العزل والسجن ثلاث سنوات.

وقد أكسبنى هذا الموقف الثقة والاحترام بين ضباط منطقة البحر الأحمر .. والأهم بين بدو جنوب سيناء الموجودين بالغردقة .. والذين بدأو للتسابق للتعرف علىَّ أكثر وعـرض خدماتهم وخاصة الشباب الذين لديهم الدافع للعمل الفدائى وقد استثمرت هذا الموقف فى تجميع بعض منهم لتدريبهم على أعمال الضرب بالصواريخ وعمل رص الألغام والأشراك الخداعية .. وزاد حماسهم لمعرفتهم بما قمت به سابقا أثناء معارك الاستنزاف السابقة .. وأصبح لديهم الحماس للقيام بنفس الأعمال وخاصة بعد تدريبهم على هذه الأعمال.

 

اللعب على المكشوف

     كما أكسبتنى واقعة الملازم ثروت ثقة بدو سيناء الموجودين بالغردقة – فقد ساقتنى الأحداث لموقف آخر أكسبنى ثقة بدو جنوب سيناء الموجودين فى جنوب سيناء تحت الاحتلال. كما قلت سابقا أن عملية الكمين السابقة التى تمت على الطريق الاسفلتى بالطائرة والقبض على ابن شيخ القبيلة ويدعى (عيد المغبش).

فقـد قررت أن أضع مخططًا للإفـراج عنه .. وفعلا أرسـلت إلى شـيخ القبيلة أبلغـه أن أبنـه سيتم الإفراج عنه فى خلال شهرين على الأكثر .. وكان هذا لا يخطر على باله أبدًا.

فأرسلت فى استدعاء أحد البدو الموجودين بسيناء ويدعى محمد سالم أبو بريك .. لعلمى أن هذا الرجل ذو ثقة عند العدو حيث كان يجيد اللعب على الحبلين بيننا وبينهم .. ولا أقدر أن أقول أنه عميل مزدوج لأن حتى هذه النوعية من البدو كانوا قلبا وقالبا مع وطنهم مصر .. إلا أنهم كانوا يتمتعون بالحنكة والسياسية لتسيير أمور ذويهم.

حضر (محمد سالم) إلى مكتبى بالغردقة وأعددت له غذاء فاخر وأمضى معى اليوم كله فى حفاوة وألتقط لنا مصور  المكتب صورة وأعطيته نسخة من الصور – وعن عمد سربت له عن قصد بعض المعلومات وبشكل عفوى عن قواتنا وهى معلومة لا تضر – ولكن كان الغرض منها أنه عندما يرجع إلى جنوب سيناء سوف يقابل قائد مكتب المخابرات الإسرائيلى ويدعى أبو الديب (وللعلم كان هذا الاسم حركى لكل من تولى مكتب مخابرات جنوب سيناء) .. ليبلغه بهذه المعلومات والصور سوف يتم إرسالها والرفع من شأنه على أساس أنه متدخل فى الشخصيات الهامة المصرية .. ثم ذكرت له العملية التى كانت نتيجتها سجن عيد المغبش 7 سنوات نتيجة تشابه كاوتش سيارته مع كاوتش الطائرة الهليوكبتر والتى بسببها تمت محاكمته .. وقد ذممت فى عيد .. لأنه رفض التعاون معنا فى مرات سابقة .. والله قد أنتقم منه لأنه غير وطنى .. وذكرت بعض الصفات التى تدل على كرهى له .. وفعلا عندما رجع (محمد سالم) ذكر ذلك كله – ولم يمضى شهر ونصف إلا وقد تم الإفراج عن (عيد) .. والذى أسعد ذلك كافة البدو بالجنوب .. وهم لا يعلمون سبب الإفراج عنه – إلا أبوه وقد أرسل لى امتنانه .. وقال أن أى طلب سيكون هو وقبيلته تحت أمرى .. وهى قبيلة المزينة بالطور وجنوب سيناء وفى زمن بسيط مهدت للعمل الفدائى بواسطة البدو سواء بالنسبة للمقيمين بالغردقة أو المقيمين بجنوب سيناء.

وبدأت فعلا فى التخطيط لأكبر عملية مسح لاستطلاع كافة المناطق بجنوب سيناء. وكذلك تنشيط أعمال التلغيم والضرب بالصواريخ رغم إيقاف النيران .. لأن القائمين هم أهل المنطقة المدنيين – أى رجعت مرة  أخرى لأعمال منظمة سيناء.

وقد طلبت من اللواء محرز (مدير المخابرات) خمسة قوارب مطاطية وقمت بتدريب البدو على قيادتها وصيانتها وإصلاحها حيث اعتبرت أن العمل عن طريق مراكب الصيد البطيئة .. هو عمل غير فعال .. وخاصة بعد أن شكل العدو وحدته الجديدة والتى أسماها (الوحدة 242) .. وسأذكر قصة إنشاء هذه الوحدة فيما بعد.

وقد نفذت فى فترة 9 شهور ما يقرب من 26 عملية ما بين استطلاع وأعمال تلغيم إلى أن استدعانى اللواء (محمد صادق) لمهمة فى القاهـرة فى هيئـة عمليات القوات مع العقيد (حسن الزيات) – وكانت هذه المهمة هى المشاركة فى التخطيط للعمل على جنوب سيناء وذلك ضمن مهمة (الخطة جرانيت) والتى نفذت فى معركة 73 .. وقد علمت أن الذى طلبنى للانضمام إلى هذا العمل هو العقيد (حسن الزيات) نفسه لعلمه بمعرفتى بجنوب سيناء .. وكذلك لاشتراكى معه فى عملية الاستطلاع القتالى التى تمت عندما قام العدو بالإغارة على منطقـة الزعفرانة فى عام 1969 .. وما كان بيننا من تناغم وتناسق فى العمل رغم إننا كنا نتقـابل لأول مرة .. وفى عمل حساس.

ورغم أنى كنت أصلا من قوات الصاعقة وهو من قوات المظلات ولكنه كان يخدم فى هيئة العمليات وأنا ضمن المجموعة 39 بالمخابرات الحربية .. وكان معنا فى هذه المهمة الطيار (جلال النادى) – والذى كان كالعادة يتمتع بجرأة وحنكة فى هذه العملية – والذى بفضله تمكنا من عملية الاستطلاع القتالى مع العدو فى منطقة وادى عربة والزعفرانة .. وتوصيل المعلومات أولاً .. بأول .. رغم تفوق العدو الجوى.

نرجع مرة أخرى إلى الخطة جرانيت والتى شاركت فيها بالتخطيط مع حسن الزيات فى الجزء المخصص للعمل بجنوب سيناء .. والتى كان الهدف منها السيطرة على جنوب سيناء وخاصة منطقة شرم الشيخ – ورأس نصرانى بغرض إغلاق خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية لاستخدامها كورقة ضغط على إسرائيل للانسحاب من سيناء أو للتفاوض كما يتراءى للقيادة السياسية.

وبعد انتهاء مرحلة التخطيط .. كلفت من قبل الفريق (صادق) للقيام بتدريب قوات الصاعقة المشتركة فى التنفيذ والتى كانت ستتم بواسطة 40 قاربًا مطاطياً وطائرات الهليكوبتر .. وناقلات بحرية للجنود وقد اخترت منطقة الفيوم للتدريب لاستغلال بحيرة قارون للتدريب على العبور بالقوارب ولأعمال القتال فى الجزء الغربى من الجبال المحيطة بالبحيرة.

وكان لا يعلم بتفاصيل الخطة إلا أنا والعقيد (حسن الزيات) كقيادة عامة ومن قوات الصاعقة رئيس العمليات المقـدم (صالح فضل) والمقدم (فاروق الفقى) رئيس الفرع الهندسى لقوات الصاعقة – وقد تحملت مسئولية تدريب أربعين صف ضابط حديثى التخرج للتدريب على قيادة القوارب وصيانتها وكذلك الملاحة البحرية .. وما يصاحب ذلك من عمليات الإنزال البحرى والإبرار الجوى لقوات الصاعقة .. إلا أنه وقبل انتهاء التدريب الذى استمر قرابة الشهر .. رصدت وحدات الاستطلاع .. والاسـتطلاع اللاسـلكى عن وجود تدريب للعـدو بنفس الأسـلوب وفى أماكن ما. مما يدل على أن هذه الخطة قد تسربت للعدو .. وفعلا استدعانى الفريق (محمد صادق) ومع العقيد (حسن الزيات) للوقوف على الأمر .. ونشطت أجهزة المخابرات لتكتشف أن المقدم (فاروق الفقى) ما هو إلا عميل لإسرائيل بقصته المعروفة والتى أنتجت فى فيلم (الصعود للهاوية) – وهو الذى كان ضمن الأربعة الملمين بالخطة وكان مشاركًا معنا فى التدريب بمنطقة الفيوم مما جعله مطلعًا على التفاصيل التى أوصلها إلى إسرائيل.

لقد كانت شخصية (فاروق الفقى) غريبة الأطوار .. لقد كان مخلصا جدًا فى أى عمل يقوم به .. حتى التجسس .. لقد كان جاسوسا مخلصا .. حيث كان يبـلغ عن أشياء ليس مطالب بها .. أمام حبه الشديد لمن قامت بتجنيده وهى مصرية كانت تعيش فى باريس واسـتغلت هـذا الحـب فى تجنيده – العقيد (فاروق الفقى) كان يرافقنى فى تدريب الأفراد على القوارب .. وعندما تنتهى ساعات التدريب .. كان يبقى معهم بعد أن أغادر المنطقة إلى المنزل ليشرح لهم الفنيات ويستزيدهم فى التدريب .. لقد كانت شخصيته .. شخصية غربية الأطوار.

كان كل هذا فى عام 71 .. وعندما جاء توقيت تنفيذ ذلك فى عام 73 (معركة أكتوبر) .. استدعانى (سعد الشاذلى) برفقة اللواء (نبيل شكرى) ليعطينى خطابا صادرًا من القيادة (مركز10) بمسئوليتى على تنفيذ هذا المخطط ضمن قيادة منطقة البحر الأحمر .. ولكنى فوجئت بتغيير شامل للهدف والخطة وأسلوب التنفيذ – فالغرض كان التحكم فى خليج العقبة - ولكن مع عدم وجود قوات للسيطرة على الأرض حيث تم إلغاء اشتراك أى وحدات من المظلات أو كتيبه المشاة التى كانت ستعبر إلى منطقة الطور– ولا تنسيق بين وحدات الصاعقة برًا أو بحرًا أو جوا مع تقدم اللواء الأول والذى مفروض أن يتقدم من خلال عيون موسى إلى الطور.

واختصر العمل على إنزال وحدات الصاعقة لتنفيذ مهمة دفاعية على الأرض التى سيتقدم فيها اللواء الأول مشاه من خلال الجيش الثالث الميدانى مخترقا عيون موسى إلى رأس سدر.

فلأول مرة يعطى واجبًا دفاعياً لوحدات خاصة (الصاعقة المصرية) مما يحكم بالفشل على العملية قبل أن تبدأ – واعترضت على هذا التغيير فى الخطة .. لكن الأوامر هى الأوامر. وهنا شعرت أن الرئيس (السادات) كان لاختياره اللواء (سعد الشاذلى) أبعد ما يكون عن التوفيق أو الحكمة .. على الأقل من وجهة نظرى فى هذا الجزء من العمل. وفعلا أن ما حدث من خسائر غير مبررة فى هذه العملية فى معركة أكتوبر 73 بمنطقة جنوب سيناء مؤسف للغاية .. بل كان استخدام الصاعقة أيضا فى شمال سيناء ابعد ما يكون عن الصواب لاستخدام مثل هذه القوات .. مما عرضها لخسائر كبيرة دون الاشتراك فى المعركة .. وأعتبر أن المسئول الأول عن هذا هو اللواء (سعد الشاذلى) وكذلك كل من صادق على هذا التغيير فى استخدام قوات الصاعقة.

عملية الكيلو 99

      فى الجزء السابق شرحت بموجز ما تم منذ إيقاف النيران عام 70 إلى معركة 73 والتى شاركت فيها ضمن مجموعتى من وحدات الصاعقة .. لقد كان قواد هاتين المجموعتين هما الرائد (كمال عطية) والرائد ( سمير توفيق) والتى أبرت فى منطقة جنوب سيناء والتى قاتلت بما لديها من إمكانيات بشرف ولآخر جندى لدى هذه القوات فى ظروف صعبة للغاية وبتخطيط مخالف تماما لمهام الصاعقة .. بعد أن بدله اللواء (الشاذلى) إلى مهام دفاعية لا تناسب فعل هذه الوحدات ثم انتهت مهمتى لأنضم ثانية إلى قيادة الصاعقة بألماظة حيث كنت قائدًا لمدفعية وحدات الصاعقة والتى توزعت بالفعل على كافة مجموعات الصاعقة سواء المضادة للدبابات وهى كتيبة (الميلودكا) و فوج (المسار) وهى وحدة صواريخ الميدان المسلحة بصواريخ (جراد/ب) وهذا الصاروخ يتميز بأنه من أشد الصواريخ القتالية حيث تشمل الدانه على خمسة آلاف بلية وهو صاروخ متفجر/حارق ومداه يصل 11 كم فوضعت مخططًا للمرور على هذه الوحدات الملحقة على مجموعات الصاعقة وعندما زرت المجموعة (127 صاعقة) والتى كان يقودها الرائد (جمال فهمى) وهى متمركزة بطريق السويس عند الكيلو 99 .. وملحقة للعمل مع اللواء مشاة وكانت هناك كتيبة مشاة ملاصقة لمجموعة الصاعقة تتمركز فى طريق السويس فى خطوط دفاعية وكانت مجموعة الصاعقة تتمركز تحت جبل عتاقه جنوب الكتيبة المشاة .. ولكن استطلاعى للمنطقة وتحليلى لها أثبت الآتى:

وجود مسافة بين كتيبة المشـاة المصرية بقيادة المقدم (صلاح الحلبى) والذى أصبح رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة فيما بعد ثم رئيس الهيئة العربية للتصنيع وبين قوات العدو حوالى 2كم والكتيبة المصرية عند الكيلو 98 والعدو عند الكيلو 100.

وجود تبة قريبة من القوات المصرية أكثر منها لجهة العدو ومع هذا فإن قوات العدو تقترب يوميا من هذه التبة قبل آخر ضوء وتقوم بالتدريب على الرماية بالدبابات على هذه التبة.

وجود مضيق بين المجموعة (127) صاعقة والكتيبة المصرية غير مؤمن ولكنه محدد بنواطير من الزلط وغير واضح المعالم حوالى 200 إلى 300 م متصل بمضيق رئيسى يسير أسفل جبل عتاقة لينتهى عند وادى حجول خلف قيادة الجيش الثالث الميدانى وبينه وبين القاهرة 40 كم.

عندما صعدت فوق سلسلة جبال عتاقة وجدت فوق قمة كل جبل مربع محدد بالزلط .. مما يدل على أن هناك أشخاصًا ما حددت هذه الأماكن كعلامة لهبوط الهليكوبترات.

وجود منطقة إدارية فى العمق للعدو بحوالى 11 كم وموقع مدفعية 155 مم .. كان ظاهرًا جلياً بالنظارة المعظمة.

وعنـدما عـدت من الجـولة الاسـتطلاعية سألت المقدم (جمال فهمى) قائد المجموعة عن هذه الأشياء .. وجدت أن لا علم له بها – وقـال دى حاجات من زمـان .. ولكن كان تحليلى كالآتى:

يقوم العدو بتعويد القوات المصرية على أنه يتدرب فى هذه المنطقة مع أن هذه التبة قريبة جدا من المضيق غير الواضح ومعلم بالنواطير.

أن تحديد أماكن الهبوط فوق الجبال .. هى من أعمال العدو من وحداته التى تعمل خلف الخطوط.

واتضح جلياً أنه فى حالة تطوير هجومه سوف يستغل حركة هذه الدبابات مع آخر ضوء لتندفع كمقدمة لقوات أكبر عبر هذا المضيق والذى لا يبعد عن المضيق الرئيسى أكثر من نصف كيلو متجهًا إلى وادى حجول .. حيث يكون فى خلال ساعة خلف قواتنا وبينه وبين القاهرة 40 كم.

وذلك كله بمسـاعدة قـوات خاصـة تهبط فـوق قمم الجبال من الهليكوبتر .. وذلك لتأمـين تقدم قواته عبر المضيق.  شرحت هذا التحليل للمقـدم (جمال فهمى) .. والذى إجـابنى .. (متخفش أحنـا مصحصحين لهم قوى .. بس خليهم يعملوها .. وإحنا حنوريهم).

ولم يعجبنـى هذا الرد وقمت بعمل قد لا يكون دارجًا فى الأمور العسكرية وخاصة إذا سمعه رجل عسكرى .. فقد يقول: (إن هذا هراء) .. ولكن هذا ما حدث فقد أعطيت أوامرى بدون علم قائد المجموعة (جمال فهمى) إلى قائدى مجموعة (الفهد) الصواريخ المضاد للدبابات ومجموعة (المسمار) الصواريخ جراد (ب) .. بأن يحتل الفهد بأربع أطقم فى مكان مناسب للتبة التى يستخدمها الإسرائيليون للرماية فى آخر ضوء – وكنت قد دربت فى فترات سابقة بعض الأطقـم للرمايـة من أعلى إلى أسـفل بالصـواريخ الفهـد .. وهذا أصعب بكثيـر من الرماية السطحية – وبالصدفـة كان هنا ثلاثة أطقـم من الأربعة من المحترفين.

وكان الأمر للمسـمار بأن يحتـل أعلى قمـة أحد الجبال بعدد 2 لونشر ومع كل لونشر (قاذف) وأربعة صواريخ .. حيث كان الصاروخ الواحد يحمله فردان بعد أن يجزء إلى قسمين .. وقد حدد العدو التوقيت حيث إنه يحضر قبل آخر ضوء بساعة وينسحب مع آخر ضوء.

أعطيت أوامر بالاشتباك قبل انسحاب الدبابات مباشرة وفى نفس الوقت تم إطلاق الصورايخ على مدفعية العدو 155 ومنطقة الشئون الإدارية فى عمق قواته.

وكانت النتيجة تدمير ثمانى دبابات وهربت واحدة .. وإصابة مدفعية العدو ومنطقة الشئون الإدارية بإصابات مباشرة حيث كان الموقع مكشوفًا وبالعين المجردة من أعـلى الجبل – وتم سحب الأطقم بسرعة.

وأثناء ذلك كنت قد جهزت تقريرى مدعمًا بالصور من الكاميرا التى كانت معى إلى قيادة الصاعقة بمنطقة الماظة وتم تحميض الفيلم ثم توجهنا لعرض الموضوع على المشير (أحمد إسماعيل) بمركز قيادته .. حيث قال مداعبا هو أنت اللى اشتبكت بدون أوامر .. وقال مداعباً .. يبقى لازم تتحاكم – وأمر على الفور بأن يتقدم المقدم (صلاح الحلبى) .. فى نفس الليلة إلى الأمام بحيث يكون شرق التبة ويضيق المسافة بينه وبين العدو إلى مسافة كيلو واحد فقط .. وتم دفع عناصر مضادة للدبابات لصد أى هجوم من خلال المضيق المـؤدى إلى وادى حجـول – وأن تحتل مجموعة الصاعقة أعالى الجبال والسيطرة عليها – وقد تم كل هذا قبل أول ضوء من صباح اليوم التالى.

وكانت هذه آخر عملية بعد قبول إيقاف النيران – وأردت أن اذكرها بالتفصيل لتوضح أن القوات المسلحة ليست أوامر جامدة فقط بل كان المبدأ أن القيادات تقف بجانبك مادمت تؤدى واجبك .. حتى بدون أن تنتظر أوامر من الأعلى أو لو كنت حتى مخالفا للأوامر مادامت فى صالح الوطن.

 


 

الناصية السابعة

والله خير حافظ ...

وفى هذه الفترة بعد استبعاد الفريق أول (محمد صادق) من وزارة الحربية .. بدأ زبانية المخابرات الحربية .. الذين كانوا ينصحون بالقبض علىّ .. واكتفى (محمد صادق) باستبعادى من التشكيلات فقط حفاظًا على الروح المعنوية .. كما أخبرنى سكرتيره المقدم (عصام الباز) .. باعتبارى رمزًا فى هذه الفترة فى الأعمال القتالية.

ولكنى لمواجهه هذه الفترة استخدمت كل ما أملكه من مكر وفطنه فى إيقاع بعض من هؤلاء الأفراد فى بعضهم البعض .. بحيث أصبح الجميع يخفى ما تم تأشيره على الملف الخاص بى .. وفى الوقت المناسب طلبت نقلى إلى وحدات الصاعقة.

كما أن عبور بحر الرمال الأعظم مخترقا هضبة الجلف الكبير كان عملا رائدًا لم يسبقنى فيه أحد .. ولم يقدم عليه أحد من بعـدى حتى كتابـة هذه السـطور فى أواخر عام 2009 – وقد وصل الإنسان للقمر .. ولكن حتى الآن لم يعبر أحد هذه المنطقة (هضبة الجلف الكبير) .. وذلك لمخاطرتها وصعوبتها.

كما كانت عملية الكفرة اختبار لى وذلك لتمسـكى بمبـادئ معينة .. وللمرة الثانية أرفض الاشتراك فى القتالى ضد الإنسـان العربى.

وقد ذكرنى التكليف بإنشاء الوحدة777 (وحدة مقاومة الإرهاب) .. بنفس التحدى الذى واجهته عند إنشاء مدرسة صاعقة ومركز تدريب ووحدة (كتيبة صاعقة) بالجزائر .. حيث كان لا مرجعية ارجع إليها ألا خبرتى وتخطيطى سواء فى التشكيل أو التدريب .. ومع هذا كانت هذه المنشآت من أفضل التشكيلات وأشاد كل المحيطين بها.

وقد أخذ التحدى عندى للمواقف .. ممارسة المحترفين فى عملهم. وقد حصلت خلال حياتى العسكرية على ارفع الأوسمة والنياشين – حيث تم ترقيتى من رائد إلى مقدم فى معارك الاستنزاف .. وحصلت على النجمة العسكرية .. ونوط الشجاعة العسكرية مرتين .. ونوط الجمهورية العسكرية .. والتدريب .. والقدوة الحسنة .. والخدمة الطويلة .. ونيشان منظمة سيناء العربية.

 

المصرى

   الإنسان المصرى .. ما هو إلا خليط من كافة الأجناس سواء الأسيوى أو العربى أو الشامى حتى بلاد القوقارَ والأتراك وشمال أفريقيا – توالت كل هذه الأجناس عبر مئات السنين .. ولكن أرض مصر هى أعظم بوتقة فى العالم تصهر كافة القادمين إليها ليصبحوا مصريين دمًا ولحمًا .. ونيل مصر وطميها هو من أقوى الأكاسيد المذيبة لكافة الأجناس والعرقيات والمذاهب والأديان ليصبح مصريًا خالصًا. حتى الغـزاة وإن مكثوا بأرض مصر عشرات السنين .. لم يغـيروا فى شعبها .. لا فى العادات ولا التقاليد .. أو حتى اللغة.

بل يتأثر المستعمر به وليس كما تم فى أهل شمال أفريقيا أو بلاد الشام .. وقد يضيف من الثقافات الأخرى إلى ثقافته .. لكنه لا يعتنق ثقافة الغير.

قد يتمكن أى عدو أن يتقدم فى عمق مصر ما دام يسير فى صحراء ولكنه عندما يصطدم بمدن مليئة بالبشر فإنه يأخذ درسًا لا ينسـاه مثلما حدث فى معركة رأس العش وهى مدخل مدينة بور فؤاد أو كما حدث عندما أراد أن يدخل مدينة السويس فى معركة 73 – أو كما حدث للعدو فى بور سعيد فى حرب 56 – ومن قبلها فى معركة رشيد أو معركة المنصورة بقيادة الصالح أيوب وشجرة الدر.

لقد مـر الجيش الألمـانى بعشرات المدن مخترقا فرنسا وكذلك بولندا وغيرها .. ولم نجـد شـعبًا مثل بور سعيد أو السويس أو المنصورة.

حتى فى روسيا .. أن ذكر معركة ستالينجراد أو صمودها لم يكن بفضل شعبها .. بل بفضل الطبيعة التى ساعدت على عدم تقدم الجيش الألمانى .. كذلك وجد المستعمر فى فرنسا حكومة فيشى العميلة فى حين لم يجد فى مصر حكومة ينشئها فى سيناء عندما رفض أهل سيناء أن تكون لهم حكومة مستقلة عن مصر. هذا هو المصرى الذى يمكن أن تختصره بين كلمتين قالهما الأولى بعد معركة 67 عندما خرجت جموع البشر لتهتف يوم تنحى ناصـر وهو كلمة (سنحارب)  والكلمة الثانية (الله اكبر) عندما صدق وعده فى معركة 73. هذا هو المصرى الذى عندما أخذ أمرًا بالصمود .. لم يتزحزح عن رأس العش فى معركة 67 .. ولم يستسلم فى معركة موقع كبريت فى معركة 73 صامدا لمدة 62 يومًا أمام جيش العدو بكامل عتاده حتى تم إيقاف النيران. هذا هو المصرى الذى عاش وتعايش على الكفاف وبطاقات التموين لما يقرب من سبع سنوات ليوفر كل إمكانية لقواته المسلحة لردء العدو عن أرضه – وقد انخفضت معدلات الجرائم طوال هذه الفترة بل وانعدمت لتصبح صفر بدءً من معركة 73 .. ولمدة أشهر.

العودة إلى وحدات الصاعقة

بعد أن قمت بالاشتراك فى تدريب وحدات الصاعقة والقرر اشتراكها فى الخطة جرانبت بمنطقة جنوب سيناء .. رجعت على إدارة المخابرات لألتحق بالعمل فى فرع الملحقين الحربين قسم الملحقين العرب .. ولكنى بعد عدة أشهر أخبرت رئيس الفرع أنى لا أرغب فى هذا العمل وأنى لم أتعود على العمل بالمكاتب وعلى هذه الأرضيات الباركية .. فتم نقلى إلى مدرسة المخابرات الحربية والتى عملت بها كمحاضر ومعلم.

وما هى إلا أشهر حتى تم الانقلاب الصامت الذى قام به السادات فى رمضان (شهر أكتوبر) عام 1972 .. وذلك ليقيل الفريق أول (محمد صادق) من منصبه كوزير للحربية وبأنى بأحمد إسماعيل وزير للحربية .. ويبدل مدير المخابرات الحربية اللواء (مصطفى محرز) باللواء (فؤاد نصار).

وبدأ اللواء (فؤاد نصار) فى استبعاد أكثر من عشرين ضباط من الإدارة إلى وحداتهم .. وبعد فترة .. وبعد أن وجدت نفسى ولم يتم نقلى .. فطلبت مقابلة اللواء (فؤاد) .. وقلت له أن عملى كمدرس بالمخابرات الحربية لا يناسبنى .. وأنا طبيعة عملى القتال .. وأرغب فى أن أنضم إلى وحداتى الأصلية وهى وحدات الصاعقة.

فأندهش اللواء (فؤاد) أن أنا الضابط الوحيد الذى طلب نقله من إدارة المخابرات الحربية .. وأشاد بصراحتى فى الكلام.

فقلت له .. لكن لى مطلب .. الأول أنى أصلا ضابط مدفعية .. وهناك قرار أنه لا يخدم بوحدات الصاعقة ضمن المجموعات إلا ضباط المشاة .. ولكن خدمتى بالمجموعة 39 قتال فى أعمال قتالية أثناء معارك الاستنزاف .. تشفع لى أن أخدم بالصاعقة – ثانيا أن هناك تأشيرة على ملف خدمتى أن لا أخدم بتشكيلات قتالية (وكان قد أوصى بذلك العميد فريد سلامه وهو مسئول عن أمن الضباط).

ولكن اللواء (فؤاد نصار) .. رفع سماعة التليفون على الفور ليتحدث مع اللواء (نبيل شكرى) قائد وحدات الصاعقة .. ويطلب منه أن أنضم على وحدات الصاعقة وبالتشكيلات.

وعندما ذهبت إلى اللواء (نبيل شكرى) أخبرنى أن نشرة القيادة ستكون بعد 6 أشهر .. وعلىّ الانتظار على أن أتولى قسم التوجيه المعنوى بقيادة الصاعقة .. ولكنى طلبت منه أن أتولى قائد مدفعية وحدات الصاعقة .. حتى تتم نشرة الانتقالات.

وقـد طلبت منه أن نجمع كافة وحدات مدفعية الصاعقة فى تنظيم مجموعة قتال .. وفعلا تم ذلك .. وتم نقـل هذه المجموعة من إنشـاص إلى منطقة الماظة عند طريق السويس ومنطقة (شـيراتون فيمـا بعد) وكان اختيـارى لهذا الموقع هو التحكم فى طـريق السـويس وطريق الإسماعيلية فى حالة القيام بأى عمل إيجابى.

هضبة الجلف الكبير

(البحر الرمال الأعظم)

فى أعقاب معركة 73 .. انتهت تقريبا حرب 67 – 73 أو الجولة العربية الإسرائيلية الثالثة وما تلاها من زيارة القدس .. واتفاقية كامب ديفيد .. والتى كنت فى هذه الفترة عدت لأقود مدفعية وحدات الصاعقة مرة أخرى .. ولكن أصابعنا كانت على الزناد حتى رحل آخر جندى إسرائيلى عن تراب مصر.

وفى صيف عام 76 كلفت بأن أعيد استطلاع طريق باجنولد والذى يبدأ من الواحات الداخلة والخارجة إلى كفر البلاص جنوبا إلى واحة باريس إلى العوينات على حدود السودان ملتفًا حول هضبة الحلف الكبير ثم الاتجاه شمالا حتى واحة الكفرة .. وذلك بغرض استطلاع أماكن تشوين لأى أعمال ضد ليبيا .. حيث تحولت دفة وطبول الحرب من الشرق إلى الغرب ضد ليبيا وكان واضحا لنا جميعا أن الرئيس السادات افتعل ذلك إرضاء لأمريكا والتى كانت هناك شبه مواجهة عسكرية ومواجهة دبلوماسية كاملة بين ليبيا وأمريكا.

المهم قمت بالتخطيط لهذه العملية بتجهيز 5 عربات جيب أمريكانى وعربة نقل 3 طن ماركة (زيل) .. وطائرة هليكوبتر للمعاونة والإنقاذ .. تنتظر فى مطار أسيوط والعمل كقاعدة لنا متصلا بجهاز لاسلكى .. تحركت من القاهرة إلى صعيد مصر حتى أسيوط .. ومنها إلى واحات الداخلة والخارجة وبعد المبيت بالواحات .. بدأت رحلتنا عبر الصحراء الغربية السادسة صباحًا .. إلا أن الكثبان الرملية والرمال المتحركة .. والتى ليس لنا خبرة بالسير فيها – وأذكر أننا مكثتا فى أول عشرة كيلو متر من السادسة صباحًا حتى الثانية ظهرًا .. أى حوالى 8 ساعات .. حتى تدربنا تماما على السير فى الكثبان الرملية .. ولم يصبنا أى يأس .. فتحركنا حتى وصلنا كفر البلاص وهى منطقة خالية من أى مظاهر للحياة أو أى مبانى ولا أعلم فى سر تسميتها كفر .. ولكن كلمة بلاص فلأنها المنطقة التى دفنت الرمال المتحركة جيش قمبيز .. ويبدو أن الكم من القدر والبلاليص الفخار التى كان يحملها جيش قمبيز على البغال والجمال تجمعت فى هذه المنطقة والتى كانت واضحة جيدًا على سطح الرمال من كثرة شطف الفخار المبعثرة فى كل مكان.


لقد كانت وقفتى عند كفر البلاص مفترقاً هاماً لهذه العملية .. حيث كان على أن اتجه جنوبا إلى واحة باريس ثم العوينات ثم شمالاً مرة أخرى إلى واحة الكفرة بليبيا .. فى حين أن اتجاهى فى خط مستقيم إلى جهة الغرب .. يختصر المسافة تماما إلى واحة الكفرة ولكن بدراسة الأرض والخريطة التى معى كان هناك عائق وهى هضبة الجلف الكبير – والتى كانت عبارة عن سلسلة جبال تشبه سلسلة جبال سيناء المرتفعة جدًا .. وبين هذه الجبال كثبان رملية ورمال متحركة .. ومن هنا كانت صعوبة اجتياز هذا المانع وهى هضبة الجلف الكبير .. وهنا علمت لماذا التف (باجنولد) وهو ضابط إنجليزى قاد مجموعة خفيفة الحركة تسمى بمجموعة الصحراء بعيدة المدى .. وقام بعدة عمليات ضد القوات الألمانيـة فى شمال أفريقيا أثناء الحرب العالمية الثانية – وقـام باختراع بوصلة سميت باسمه (بوصلة باجنولد) وكان ذلك عام 1933 – وكذلك ألتف (كلايتون) وهو ضابط ألمانى .. قام باستطلاع نفس المنطقة لنفس الغرض التى قام بها (باجنولد) من شمال هضبة الجلف الكبير من عند الواحات البحرية اتجه شمالا ثم غربا متفادياً الهضبة ثم جنوبا إلى واحة الكفرة وكان ذلك عام 1936. وما كان استطلاع (باجنولد) أو (كليتون) للصحراء الفاصلة بين مصر وليبيا فى جنوبها .. إلا لربط الواحات المصرية بواحة الكفرة وواحة جغبوب استعدادا للمواجهة المقبلة بين قوات المحور وقوات الحلفاء .. والتى تمت فى الحرب العالمية الثانية.

ولكنى فى هذا الوقت قررت أن اتجه من كفر البلاص إلى واحة الكفرة مباشرة عبر الهضبة .. والتى أخبرنى الدليل الذى كان يرافقنى .. أن هذه الهضبة لم تخترق من قبل وفيها مخاطرة كبيرة .. واستغربت بينى وبين نفسى أن الإنسان وطأ بقدمه القمر .. ولم تطأ قدم إنسان هـذه الهضبة – ولكنى قررت أن أقدم على هذه المغامرة .. كانت لدى أسبابى وهى:

أن (باجنـولد) أو (كلايتـون) .. ليست هذه بلدهم .. وأنا مصرى .. وهم أجانب.

أننى أصلا خبير بجبال سيناء .. وأن الهضبة التى أمامى كبيرة الشبه بجبال سيناء .. وأعـرف جيدًا كيف يقص الجبل .. كما أن الرمال المتحركة التى بين الجبال أخذت تدريبًا كافيًا عليها فى بداية رحلتى.


– أن العربات التى معنا موديل 76 – أما باجنولد وكلايتون كان مركباتهم صنع الثلاثينات.

وحسب التعليمات كان على أن أبلغ موقفى للقاعدة بأسيوط .. الموقف أولاً بأول – ولتجنب أى أوامر بعدم الموافقة على تغيير خط السير .. قررت غلق الجهاز اللاسلكى لعدم تلقى أى تعليمات تمنعنى من قرارى.

بدأت التنفيذ من كفر البلاص فى صباح اليوم التالى فى اتجاه الغرب مباشرة .. وأتذكر أننى قمت بعمل بوصلة مبتكرة على غطاء العربية الأمامى (الكبود) .. ببعض الرسومات لزوايا السير وسلك طويل نوعا ما لاستغلال ظلالها وأخرى للحفاظ على الاتجاه المباشر لمكان الفتحة التى بين الجبال .. وذلك لعبور هذه السلسلة من الجبال وقد حسبت المسافة التى من المفروض أن نغطيها وكانت حوالى 300 كم .. قطعتها فى يومين أى حوالى 150كم فى اليوم .. وهذه المسافة تقطع على الطرق الممهدة فى ساعة ونصف .. ولك أن تتخيل مدى صعوبة السير فى هذه الأراضى فقد يقرأ عداد السيارة 100 أو 120 كم فى الساعة .. لكن فى الحقيقة تكون30 أو 40 كيلومتر فى الساعة فى بعض الأحيان – حيث تكون سرعة دوران العجل ليست هى الحقيقية على أرض .. رغم أننا قمنا بتفريغ نسبة كبيرة من هواء عجلات السيارات .. حتى يلامس أكبر جزء من الكاوتش للأرض.

مع الحفاظ على الاتجاه وفتحة الجبل التى قررت أن أعبر من خلالها .. وجدنا أنفسنا نسير فوق قمم الجبال فى أراضٍ مسطحة ذات كثبان رملية متماسكة نوعا ما .. مما يسهل السير بالعربات .. وكانت هناك ملحوظة مناخية خاصة حيث كانت أى نيران نشعلها لعمل الشاى او لأى غرض نجد أن لونها ازرق باهت ومن الممكن أن تمر يدك من خلالها دون أن تحس بأذى ممكن وأن الشرب فى كوز الشاى المعدنى من الممكن أن تمسكه بيدك المجردة دون أن تشعر بحرارة شديدة – وأن السيجارة نأخذ زمن ربع ساعة بدلا من 7 أو 8 دقائق .. كما أننا لم نجد أى مظاهر للحياة سواء ذباب أو حشرات أو نبات على الإطلاق.

ومن حكمة الله أن أى نيازك تقع على الأرض تقع فى منطقة الصحراء الغربية لمصر وخاصة منطقة الجلف الكبير بين الجبال .. وفى منطقة صحراء نفادا بأمريكا .. وهذه رحمة من الله لعدم وجود أى كثافة أو حياة للبشر – ومن المعلوم أن حجر النيزك من الأحجار الغالية الثمن .. وليست كحجر كريم .. ولكن لاحتوائها على اليورانيوم بنسبة عالية جدا .. وقد عثرنا على كمية كبيرة من هذه الحجارة والتى أحضرنا بعضها. وكانت هناك مشكلة لم أقدرها جيدا .. وهى مشكلة المياه حيث بدأنا الرحلة بعدد 13 جيركن مياه – وكان مجموع القوة حوالى 32 فردًا (أربعة ضباط والباقى صف ضباط وسائقين) .. ولكن لم أعمل حساب كمية المياه التى كانت تحتاجها العربات نتيجة السخونة والبخر .. فبدأت التحكم فى المياه حيث وضعت احتياج السيارات للمياه أسبقية أولى .. مما عرض الأفراد للعطش .. ففى فجر اليوم الثالث وقبل الوصول للهدف اكتشفت ضابطًا يدعى المـلازم (محمد مكى) ومعه رقيب أول وهم ملحقين من وحدة الإعداد والتجهيز بالصاعقة .. جالسين تحت مقدمة أحد السيارات لتفريغ ريديتير أحد السيارات الجيب من بعض المياه فى الزمزميات .. فأمرت النقيب (جلال الدجوى) والملازم أول (محمد الحداد) بإحضارهم وكان ذلك مع بزوغ الشمس .. ولكنهم أتوا بحالة هياج وخروج عن الانضباط العسكرى لدرجة أن الصف ضباط الرقيب أول .. شد أجزاء البندقية للخلف استعدادا لإطلاق النيران.

ولكنى تقدمت نحوه بهدوء ومسكت منه البندقية وألقيتها على الأرض .. ووجدت الرقيب انهار تماما فى حالة من البكاء والهزيان متأسفًا .. وأمرت بخلع الرتب بالنسبة لهم ووضعتهم فى سيارة الشئون الإدارية ووعدتهم بمحاكمة عسكرية .. وأكملت الرحلة لأصل فى اليوم الثالث إلى منطقة على حدود بلدة الكفرة بمسافة 40 كم وقررنا المبيت .. استعدادًا للعودة فى اليوم الرابع – وقد قطعنا المسافة من هذه النقطة إلى الواحات فى 14 ساعة وهى نفس المسافة التى قطعناها فى ثلاثة أيام للأسباب الآتية:

اولاً: لقد اكتسبنا الخبرة فى السير فى مثل هذه الأراضى.

ثانياً: لم نقف لتحديد الاتجاه .. حيث كنا نتبع العلامات التى تركتها السيارات فى الذهاب.

ثالثا: حيث كنا نهبط فى منحدرات إلى أسفل من أعلى الجبال إلى الأراضى المنبسطة.

وعند وصولنا إلى منطقة بها المياه والحياة .. وبوقوفنا فيها وجدت كل الأفراد تعانق بعضها فرحا بنجاح الرحلة بعد يأس وعطش ومشقة وكان أول من عانقنى الرقيب أول والملازم (مكى) – وطلب منى البعض بالصفح عنهم .. فعفوت عنهم .. حيث وجدت أنهم أخذوا درسا فى حياتهم.

وكنت أثناء الرحلة أحدد جغرافية الأماكن من جبال وتبات ووديان – وقد حددت أماكن التشوينات اللازمة لخدمة أى عمل حربى للاقتراب من مدينة الكفرة بليبيا.

وقد شعرنا كثيرا بالفخر لأننا وطأنا بأقدمنا أرض لم يطأها إنسان من قبل رغم أن الإنسان وصل للقمر .. كما أننا نجحنا فى شىء  فشل فيه من قبل قمبيز بجيوشه .. أو (باجنولد) الإنجليزى .. و(كلايتون) الألمانى .. حتى محاولة (محمد حسنين) باشا فى الأربعينيات لعبور تلك المنطقة باءت بالفشل وعندما التقيب بالقاعدة الموجودة فى الواحات كانت هناك مفارقات بخصوص تغيير خط السير وقفلى للجهاز اللاسلكى.

وقدمت تقريرى إلى قيادة الصاعقة وطلبتنى إدارة المساحة العسكرية لوضع التعديلات بالخرائط .. وصدرت طبعه الخرائط بنفس المسميات التى أسميتها للمناطق وكتب على الخرائط (طريق رجائى) مثل ما هو موجود من قبل طريق (باجنولد) طريق (كلايتون) .. ولكن للأسف بعد فترة وجدت الطبعات التالية مكتوب عليها طريق الصاعقة وفى نفس الوقت احتفظوا بأسماء الأجانب (باجنولد) و(كلايتون).

عملية الكُفـره

لقد اتسمت المواجهة العسكرية على الحدود الليبية بين القوات المصرية والقوات الليبية بضبط النفس .. إلا بعض المناوشات وعمليات استطلاع.

وكانت نتيجة ذلك أن تم أسر دورية من القوات المصرية كان يقوم بها أحد الضابط المصريين ويدعى الرائد أنور – والغريب أن نفس هذا الضابط قد تم أسره فى معركة 73 من القوات الإسرائيلية .. إلا أنه سجل شهيد وحصل على نجمة الشرف العسكرية .. ولكنه عاد ضمن الأسرى وفؤجئنا بعودته .. ولكنه كان سىء الحظ للمرة الثانية وأسر على الحدود فى المواجهة المصرية اللبيبة.

وقد طنطنت ليبيا على هذا الحدث من خلال إعلامها وجرائدها – وقد صادف ذلك أن الرئيس السادات كان سيخطب فى التليفزيون فى اليوم التالى.

ويبدو أن القيادة السياسة المصرية أرادت أن يتم أى عمل عسكرى على ليبيا لتغطية هذا الحدث. 

ففى العاشرة صباحًا وكنت جالسا فى مكتبى حيث كنت قائدًا لمدفعية وحدات الصاعقة .. وصلتنى إشارة تليفونية بأن أتوجه إلى مركز قيادة القوات الجوية بمدينة نصر لمقابلة المشير (الجمسى) وزير الدفاع.

وصلت إلى مركز القيادة قبل العاشرة والنصف بدقائق ووجدت المشير (الجمسى) واللواء (نبيل شكرى) قائد قوات الصاعقة والعميد منير ثابت قائد فرقة الهيلوكبتر والمقدم (الجوهرى) أحد قادة تشكيل الهيلوكبتر.

حدثنى سيادة المشير بتعليمات بأن أقوم بعمل ضد المواقع الليبية اليوم وقبل الساعة السابعة مساءً .. مكملا حديثه بأن الرئيس (السادات) سيلقى خطبه الساعة الثامنة مساء اليوم .. ومن الضرورى القيام بعمل ما ضد القوات الليبية للتغطية السياسية على الحدث الذى تم فيه أسر الضباط فى اليوم السابق .. فخاطبته محدثًا ..

أولاً .. إننا الآن حوالى الساعة العاشرة والنصف .. وإننا على بعد 500 كم من الحدود الليبية.

ثانياً: ليس هناك أى مخطط مسبق لمثـل هذا العمل .. أو وقت للتدريب عليه – وأن العمل فى الساعة السابعة يعنى حيكون الوقت نهارًا .. حيث أن المغرب فى الساعة الثامنة.

ثالثًا: وأشرت اللواء (نبيل شكرى) .. قائلا .. سيادتك تقدر تسأل اللواء (نبيل شكرى) .. وهو أننى طلبت منه منذ قيام الأزمة المصرية الليبية – أن يعفينى من الاشتراك فى أى عمل ضد ليبيا .. لأنى غير مؤمن بأى مواجهة ضد بلد عربى وأننى لم أنسَ كلمة أخى الأكبر عندما ذهبت إلى معارك اليمن .. فى مقولته (متنساش إنك حتقابل واحد بيقول الله أكبر زيك .. وبينطق بالشهادة زيك).

وكان لدى الشجاعة بأن أقول ذلك لرصيدى السابق فى المعارك أيام معارك الاستنزاف .. وأنه لن يصفنى أحد بالجبن .. وسيفهمون موقفى ومبدئى. فابتسم المشير (الجمسى) والذى كانت تربطنى به علاقة حميمة .. وقال .. أنا عارف أنك حتتصرف يا (رجائى) .. وسوف توضع لك كافة الإمكانيات لتنفيذ العمل قبل الساعة السابعة. فقلت له سأستفيد من أنى قد سبق واستطلعت منطقة الكُفرة من قبل وأننى سوف أختار عملى بنفس المنطقة فطلبت من العميد طيار (منير ثابت) وبالمناسبة هو شقيق السيدة (سوزان مبارك) – طلبت منه عدد 2 طائرة (مى 8) .. وكذلك أن يقود تلك الطائرات اثنين من الطيارين أثق بهم لاشتراكنا مسبقا فى عمليات معارك الاستنزاف ضد إسرائيل .. وهم الطيار (أبو الحسن) و(أحمد الدسوقى) – فركبت مع (منير ثابت) فى الطائرة (الجازيل) لنذهب إلى وحدتى بألماظة لأعطى تلقين للنقيب سيد بأن يجهز 4 لونشرات ومع كل لونشر عدد 2 صاروخ (جراد ب)  والتوجه إلى مطار غرب القاهرة .. ثم اتجهنـا إلى مطار الخطاطبـة لتـلقين (أبو الحسن) والدسوقى بالمهمة والتوجه إلى مطار ألماظة لقيادة الطائرات (مى 8) .. حيث كانا قد تركا السرب (مى 8) إلى سرب طائرات الهيلكوبتر الكوماندو على أن يتوجهوا إلى مطار سيوه مباشرة .. ثم تم توصيلى إلى مطار غرب القاهرة لمقابلة القوة بقيادة النقيب سيد وأطقم الصواريخ (جراد ب) وقمنا باستغلال طـائرة نقـل (س130) تاركًا العميـد (منير ثابت) والمقدم (الجوهرى) بمطار غرب القاهرة لنصل إلى مطار سيوه بعد ساعتين تقريباً.

وفى مطار سيوه بدأت التنسيق بين الطيارين والقوة المنفذة وأعطيت تعليماتى بأن يطلق كل قاذف عدد 2 صاروخ فقط وأن يكون بكل طائرة 2 قاذف.

وقد أخذت من الخريطة نقطة عالية (تبة) تبعد حـوالى 5 كم من بلـدة الكُفرة .. وهذه التبة بجانب الطريق الأسـفلت المتجه إلى الكُفرة.

وفى التوقيت المناسب فى حوالى الساعة السابعة مساءً أقلعنا إلى الهدف لنصلها بعد عدة دقائق .. وتم إنزال القوة لتنصب الصواريخ وقد قمت بنفسى بتوجيه الصواريخ إلى الجنوب الغربى مع أن بلدة الكُفرة فى اتجاه الجنوب والتى كنت أشاهدها عن بعد بالعين المجردة.

وحرصت أن تقع الدانات فى الرمال البعيدة عن بلدة الكفرا بمسافة عدة كيلومترات .. وذلك بغرض الإزعاج فقط وأمرت الرجال بركوب الهيلوكبتر بعد إطلاق الصواريخ ولكنى شاهدت المجموعة الساترة والتى كانت بغرب الطريق الإسفلت تحت التبة قد أوقفت عدة سيارات مدنية وأنها أحضرب ركابها كأسرى .. ولكنى هبطت بسرعة من التبه لمقابلتهم وقمت بتهدئة الضابط واعتذرت لركاب السيارات وكانوا مدنيين وهدأت من روعهم وودعتهم .. ثم أقلعنا فى طريق العودة إلى واحة سيوه .. حيث قطع الإرسال التليفزيونى الليبيى برنامجه .. ليظهر الزعيم القذافى بنفسه على شاشة التليفزيون ويعلن أن قوة مصرية هاجمت بالصواريخ بلدة الكفرة ويعلن عن خسائر فى الأرواح والممتلكات .. ويطلب انعقاد مجلس الأمن .. وذلك كله للتشويش السياسى على خطاب (السادات) الذى سيلقيه بعد دقائق .. ولولا أننى شاهدت سقوط الطلقات فى الرمال لصدقت كلام (القـذافى) لبراعته فى الإعلان عن الحدث وذلك بالتلفزيون الليبى.

وحمدت الله على أننى قد تصرفت بالشكل الذى يرضى ضميرى ويرضى الله .. ولم أصب أحدًا من الليبيين.

وبعد عودتى إلى القاهرة ومقابلتى للمشير (الجمسى) وأخبرته بالحقيقة .. وقال أنا قلت إنك حتعرف تتصرف. وأذكر وأنا فى واحة سيوه نقضى ليلنا فى انتظار نهار اليوم التالى للإقلاع بالهيلكوبتر والعودة للقاهرة .. أنه قد أتصل الفريق (أبو سعده) .. قائد الجبهة بمرسى مطروح بقائد القطاع فى سيوه وطلب أن أحدثـه فى التليفون ليهنئنى .. وأن أتوجه فى الصباح الباكر إلى مرسى مطروح لأنه قد أعـد التلفزيون لإجراء حديث معى .. ولكنى رفضـت المطلبين محـادثًا السيد العميد قائد القطاع بأن هذا العمل لا يشـرفنى أن أتحـدث عنه أو أن أتلقى تهنئة عليه .. وأننى لم أضرب أى أهـداف حيه بل أطلقت الصواريخ فى الرمال.

وعلى العموم فقد أتت هذه العملية بالهدف المطلوب .. حيث صال وجال الرئيس السادات فى حديثه التلفزيونى .. ووعد بالمزيد – وسـاعده على ذلك ما قام به (القذافى) بالحديث فى التلفزيون الليبى.

 


 

الوحدة 777

      فى خريف عام 1976 وقبل احتفالات 6 أكتـوبر بأيام .. توجهت مع اللواء (نبيل شكرى) لحضور بروفة احتفـالات 6 أكتوبر – وذلك بمنصة الاستعراضات بمدينة نصر.

وهناك قابلت المشير (الجمسى) .. وبعـد أداء التحيـة .. قال لى أنت فينك يا رجائى .. فقلت له أنا حاليا قائد لمدفعية الصاعقة .. فقال .. لأ .. ده مش مكانك دلوقت .. بعد احتفالات 6 أكتوبر تيجى تقابلنى فى الوزارة .. وبعدها حدثت واقعة (لارناكا) وكذلك استشهاد يوسف السباعى فى واقعة أخرى .. فاستدعانى المشير (الجمسى) ليكلفنى بمهمة إنشاء وحدة خاصة لمقاومة الإرهاب .. على أن تنشأ داخل وحدات الصاعقة .. على أن ينظر فى تبعيتها فيما بعد. وقد أعطانى المشير فرصة ستة أشهر لأعطى تمام إنشاء الوحدة لتكون جاهزة للعمل .. وأعطانى سلطة أن أستجلب أفراد الوحدة من كافة أفرع القوات المسلحة وخاصة الضباط.

وفى خلال أيام وجيزة وضعت تخطيطى لتشكيل الوحدة المقترح والتسليح والمعدات الفنية المطلوبة .. والمكان المقترح للوحدة.
وبدأ من هنا الاصطدام بالعقليات التقليدية من قبل قيادة الصاعقة .. حيث فرض على تنظيم كتيبة صاعقة ونفس التسليح .. ولكنى لم آخذ به ونفذت التنظيم المقترح والذى أعددته بعناية للمهام التى سوف تواجهها الوحدة .. وكذلك التسليح – كما وجدت صعوبة ما فى اختيار الأفراد سواء ضباط أو صف ضباط .. حيث كانت الوحدة والتى قوامها حوالى 90 فردًا من المتطوعين .. وقد استدعيت بعض الضباط من وحدات الصاعقة ومن وحدات خارج وحدات الصاعقة أمثال النقيب (محمد الشايب) .. وقد تم اختيار المكان فى قلب مدينة نصر لسهولة الوصول للأهداف الهامة وقربها من مطار الماظة حيث وحدة الهليوكبتر ومن الطـريف أن مكان الوحدة فى مدينة نصر أطلق عليـه منطقـة 777 .. وذلك بعد أن انتقلت الوحدة من مكانها.

وقد تم اختيار اسم للوحدة وهو (الوحدة 777) – وإن ظـلت ضمن وحدات الصاعقة إلا أن تشغيلها كان من قبل المخابرات الحربية سواء من ناحية التكليف أو المعلومات


وبعد استكمال التشكيل والتسليح من الإمكانيات المتاحة .. حتى تأتى طلبية الأسلحة والمعدات من الخارج – بدأت فى التدريب .. والتى وضعت أساسيات لتكوين الفرد .. وهى أولا اللياقة البدنية العالية وفنيات القتال المتلاحم بالأيدى أو السلاح الأبيض .. وأخيرًا استخدام الطبنجة فى الرماية .. وأن كنت لا أعلم فى هذا الوقت ما هو المستوى المطلوب .. إلا أننى بمشاهدتى للأفلام الأجنبية وكيفية استخدامهم للطبنجة وهو السلاح الرئيسى فى تنظيم الوحدة .. بدأت أفكر فى أن هذا هو الواقع .. وكيف أصل إلى هذا المستوى .. فبدأت بوضع أسس مبتكرة للوصول إلى هذا المستوى من السرعة والدقة – وفعلا جهزت ميدانًا لهذا النوع من التدريب سواء الجاف أو بالذخيرة الحية .. ورغم أن هيئة التسليح صرفت للوحدة معدل 9 طلقات للتدريب السنوى وهو المقرر للطبنجة .. ولكنى باتصالاتى الشخصية تمكنت من أن يؤدى كل ضارب للطبنجة 500 طلقة للتدريب.

كان المقرر أن أعطى تمامًا بتجهيز الوحدة للعمل فى 6 أشهر ولكنى أعطيت تمام التجهيز بعد ثلاثة أشهر فقط وبكفاءة عالية .. وأذكر عندما حضر قائد الصاعقة للوقوف على مستوى الوحدة .. فقد وجد التنظيم ليس التنظيم ولا السلاح هو السلاح .. وأن الأفراد ملابسهم مدنية .. ولا أنسى كلمته عندما قال مازحا (أنت جايب شوية صيع وتقول عليهم وحدة) .. ولكنـه بعد أن شاهد البيانات العملية سواء فى القتال المتلاحم أو الرماية .. أشاد بالمستوى وأصبح فخورًا بتلك الوحدة – وخاصة عند مشاهدته للبيانات العملية على الأهداف .. لقد ظهرت الوحدة بشكل مخالف تماماً من حيث نوعية الفرد أو التسليح أو الكفاءة وصارت مفخرة لوحدات الصاعقة – وعندما سافرت أنا وبعض الضباط للحصول على فرقة لمقاومة الإرهاب فى فرنسـا – استقبلنا قائد الوحدة الفرنسى .. وفى أول يوم أدى أفـراد وحدة مقاومة الإرهاب الفرنسية بيان عملى فى الرمايـة والنزول من الهليوكبتر والقناصة .. فطلبت من قائد الوحـدة أن نؤدى نفس التمرينات فوجد أننا بنفس الكفاءة بل تفوقنا عليهم فى بعض الأداء .. فما كان من قائد الوحدة إلا أن قال .. فلنعـتبر هذه الفـترة تدريب مشترك بيننا .. وليستفد كل منا بالآخر.


وفى هذا اليوم علمت أن الرقم العالمى للرماية بالطبنجة مع إصابة الهدف فى أى مكان معين بالخصم هو ثانية وأثنين من عشرة (1.2) – وهذا الرقم حققه كافة من كان معى – وهنا أحسست بأهمية التدريب السابق فى فترة وجيزة حققنا الرقم العالمى .. رغم أننا تدربنا بأساليب بدائية ومقترحة.

وأذكر أنه عندما نازلت قائده الوحدة الفرنسية فى مسابقة للرمى بالبندقية القناصة تفوقت عليه بشكل مثير للفخر.

وأن كنا استفدنا كثيرًا من خبرتهم فى تكنيك وتشغيل العمل والتخطيط. وقد توليت قيادة الوحدة بعد إنشائها لمدة حوالى سنتين ونصف.

وقد أتبعت أسلوب جديد فى عمل الوحدة .. لقد جرت العادة فى العمل بالنسبة لهذه الوحدات أن تكون تحركاتها وتواجدها فى مكان العمل (الهدف) فى سريه – وأن تتسم تواجدها بالسرعة العالية. ولكنى وضعت أسلوب مخالف بعض الشىء .. حيث احتفظ بمبدأ سرعة التواجد .. ولكنى فضلت دائما الإعلان عن التواجد بشكل استعراضى .. ولكن على أن يكون المفاجأة فى أسلوب وتوقيت التنفيذ ببعض العناصر من الوحدة وإخفاء الباقى. حيث أن الشكل الاستعراضى فى التواجد .. يلقى الرعب فى الفرد الأرهابى .. وأن ذلك يضيف ضغوطا بجانب التوتر الذى يعيشه الإرهابى. وقد اتبعت هذا الأسلوب فى معظم المأموريات التى كلفت به الوحدة مثل مأمورية العريش والسودان أو عُمان وغيرها – وخاصة مأمورية عمان والذى استخدمت فيه أسلوب الردع قبل أن يبدأ الخصم فى تنفيذ مهمته بيوم – حيث أن معلومات المخابرات المصرية حددت الأفراد الذين سيقومون بتنفيذ المهمة – فاختلقت مشاجرة بالإيدى مع بعض هذه العناصر وكانوا فلسطينيين .. علم منها الخصم أنه مع من سوف يتعامل وأنه يفكر ألف مره قبل أن يقدم على مثل هذا العمل .. وقد تلقى هؤلاء الأفراد علقه ساخنة ومفاجئة وفعلا مر اليوم المحدد لتنفيذ العملية بسلام وهو احتفال السفارة المصرية بعمان بيوم 23 يوليو.

وقد تم إتباع نفس الأسلوب فى بعض البلدان الأوروبية لحماية بعض الأهداف سواء الثابتة أو المتحركة. وقد حقق هذا الأسلوب نجاحًا كبيرًا فى أنه رغم انتشار الأعمال الإرهابية فى العالم فى هذه الفترة .. إلا أنه تم ردع كافة الأعمال التى كانت مخطط لها القيام بها ضد مصر فى هذه الفترة.

واذكر الفضل هنا إلى العميد (مازن مشرف) والذى كان يتولى تشغيل الوحدة والمد بالمعلومات .. حيث كان المختص بالمخابرات الحربية بالعمل ضد الإرهاب .. لقد كان الوحدة تكلف بأكثر من مهمة فى الشهر الواحد .. وفى أكثر من بلد حول العالم.

ولكن فى أواخر عام 1969 اختلفت مع قائد وحدات الصاعقة .. حيث بدأ فى إلحاق بعض الأفراد من خارج الوحدة للمأموريات .. كمجاملة لهم .. فرفضت هذا الأسلوب وطلبت ترك الوحدة .. ليتولى من بعد منى المقدم نادر عبد الله والذى سار على نفس المنهج ولكنـه لم يستمر طويلا لتمسكه بنفس المبادئ .. ويتركها أيضا ليتولاها قيادات تقليدية لم تتمكن من الاحتفاظ بنفس الفكر أو المستوى مما أوقعها للأسف فى الخطأ الذى وقع فى عملية لارناكا من قبل.

حيث تم حجز طيارة مصرية بواسطة مجموعة إرهابية من الفلسطينيين وذلك فى مدينة (فالتيا) بجزيرة مالطة وبدلا من استخدام التكتيكات التى تدربت عليها الوحدة (777) فى تخليص الطائرات من الإرهابيين – استخدام أسلوب التكتيكات الميدانية .. وكأنـهم القوة المنفذة تقوم بالهجوم على تبه أو موقع عسكرى .. ممـا أوقع خسـائر كبيرة سواء فى المنفذين أو الطائرة والمدنيين بالطـائرة وذلك نتيجـة تدخل قيادات من الخارج وحدة (777).

 


 

الناصية الثامنة

دخلت الحياة العسكرية سنة 1956 مع بداية شهر أكتوبر .. لأودعها فى نهاية شهر ديسمبر 1980.

كما دخلت الحياة العسكرية على إيقاع مبادئ وقيم وثقافات الناصية الأولى من حياة الصبا المدنية .. فقد رجعت إلى الحياة المدنية مرة أخرى إلى إيقاع المارشات العسكرية من حسن إيقاع وانضباط وإصرار وعزيمة وجرأة وسرعة فى اتخاذ القرار السليم .. وهى التى ثقلتنى فى الحياة العسكرية عليها.

بقدر اعتزازى بالحياة العسكرية والتى أمضيتها كما تخيلتها تماما كمقاتل يدافع عن وطنه .. فأنى اعتز أيضا بحياتى المدنية ما بعد العسكرية لأنى وبعد ثلاثين عام حتى الآن أمضيتها ابنى فى وطنى .. وذادنى شرفا أننى كنت ابنى فى أعز ما تملك مصر وهو أبناؤها.

واعتقد أن الاختيار عند هذه الناصية هى هداية من عند الله .. لأن الله يهدى من يشاء .. وقد يكون ما سبق أن قمت به من رسالة فى سيبل الله والوطن هى الذخيره التى هى لى عند الله.

لقد دخلت مجال التعليم من باب إنشاء معهد للغات ولكن بأسلوب مختلف فى التعليم وحيث أدخلت التعليم عن طريق السمع والبصر من خلال أشرطة فيديو سافرت خصيصا إلى لندن وتم اختيارى لها – كما أنه لم يسبقنى مصرى فى هذا العمل حيث كان مقصور تعليم اللغات على الجامعة الأمريكية والمركز الثقافى البريطانى ومعهد بملكه شخص إنجليزى.

طورت فى صناعة معامل اللغات والخاصة بتعليم اللغات بأنى جعلت المعمل سمعى بصرى بدلا من سمعى فقط .. وقد ناقشت الشركات العالمية فى إمداد الجهات التى ترغب فى تركيب هذه المعامل وبصناعة وأيدى مصرية.

أدخلت تدريس الشهادة البريطانية (GCE) ضمن تدريس المعهد وبمدرسين مصريين وقد تفوقوا على المدرسين الأجانب بالمركز الثقافى البريطـانى قمـت بإنشاء مدرسة متكاملة للغات على مساحة عشـرة أفدنـة وكانت أول مدرسة تنشئ على هذه المساحة.

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech