Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

مذكرات اللواء طيار محمد عكاشه - الطيار المقاتل

 

الطيـار المقـاتـل

بعد التخرج انتقلنا إلى وحدة تدريب المقاتلات في مطار كبريت، وقد أصبحت الآن ضمن منهج الكلية الجوية. وفيها بدأنا نتعلم القتال الجوي وكل ما يخص الاشتباكات الجوية وضرب النار والصواريخ ونفذنا علي الطائرة الميج 15 حوالي 120 ساعة.. في البداية كان الإحساس بأننا أصبحنا ضباط ولسنا طلبة فكان هناك شد وجذب مع المدرسين لكن سرعان ما تآلفنا مع قسوة التدريب والمدرسين الذين أذكر منهم بكل خير العقيد طاهر زكي والمقدم حسن أبو عجوة وتوفيق ولي الدين وداوود مكارم وآخرين. وبعد انتهاء فترة التدريب توزعنا على الأسراب، وفي عام 1963 كان لدينا عدد محدود من المطارات، وتم توزيعي علي سرب في مطار أبو صوير تحت قيادة الرائد طيار علي زين. وبعد أسبوعين تحرك السرب إلى اليمن، نصفه تمركز في الحديدة على طائرات الميج 17 والنصف الثاني في صنعاء على طائرات الياك 11. كنت أنا في صنعاء، كان المطار في صنعاء أرض ممهدة وقصير ومزدحم بالطائرات وغير أمن، لكن عملنا منه لأنه المتاح.

لا نستطيع أن نقول أن معارك اليمن كانت حرب بالمعني المفهوم للحرب، ففي يوم تكون القبائل حليفة لك وللنظام الجمهوري وفي اليوم التالي تنقلب عليك بعد تلقيها أموال من السعودية، التي كانت تدعم النظام الملكي. كذلك كانت التضاريس الجبلية صعبة علي الطيارين بشكل كبير، لأن الطيار كي يتعامل مع الهدف الأرضي كان يطير والجبال حوله أعلي منه وهذه الجبال يتمركز بها اليمنيين الذين يهاجمون الطائرة ببنادق عادية، ورغم الفارق بين البندقية والطائرة لكنه أصابوا عدد من الطائرات والطيارين، مثل راجي عز العرب ويوسف عثمان وسيف حافظ وغيرهم.. لقد ذهبت إلى اليمن وأنا أبن الثورة الغارق في شعاراتها وأغانيها حتى النخاع، كنت منبهر بأني سأساهم في مد تيار القومية العربية، كنت جاوزت العشرين بشهور فقط. وعدت من هناك بعد 3 أشهر وقد تغير فكري وإدراكي كثيرا. اليمنيون لم يكونوا مع الثورة أو ضدها بل كانوا يبحثون عن الأموال، والسعودية تغدق عليهم، فكان على مصر أن تغدق هي الأخرى. وما زاد الموقف المصري سوء أن القرار العسكري كان خاطئا بمطاردة القبائل في الجبال بدلا من التمركز في المدن الرئيسية، فأصبحت الجبال والتضاريس مستنقع غاصت فيه القوات المصرية

ولو راجعنا خسائرنا البشرية والمادية بما أنجزناه لوقفنا علي مدى الخسارة التي لحقت بالقوات المسلحة المصرية.

عاد السرب إلى أبوصوير مرة أخري، وبعد أقل من شهر ترشحت لدورة تدريس في الهند لكي أكون مؤهلا للتدريس في الكلية الجوية. وفي الهند قضينا 4 أشهر كانت مفيدة جدا لنا، كان الطيارون الهنود يطبقون المدرسة الإنجليزية ويشاركهم في هذا الاتجاه باكستان والعراق والأردن، أما نحن فكنا متجهين نحو المدرسة السوفيتية. وللحقيقة لم أكن مرحب أو سعيد بالتدريس في الكلية، رغم أنها أفادتني وأعطتني خبرة كبيرة. كنت أحس بأنني أؤدي عملي كواجب وليس بحب. فالمدرس غير الطيار المقاتل، المدرس مسئول عن تعليم طلبة فنون الطيران ومسئول عن مستواهم.

خدمت في الكلية من عام 1964 حتى 1967 وفي أبريل طلبت النقل من الكلية وانضم إلي توفيق يوسف وهو طيار من دفعتي وحيدر دبوس، لكن إعلان الطوارئ في 14 مايو أفسد كل تخطيطنا للنقل، فقد توجه المدرسين إلى الأسراب كل في تخصصه. كلن أول مطار لي هو كبريت لمدة يومان ثم إلى مطار السر لمدة ليلة، وزارنا المشير عامر ومعه كبار القادة، وكان يصافح كل واحد فينا ويسأله. وعندي كان السؤال" هاتوقعوا طيارات إسرائيلي ؟" فرددت عليه بأنني أستطيع الاشتباك بطائرتي الميج 17 مع المستير أما الميراج فهو يتفوق علي" ولم يعجب ردي المشير عامر فكرر على السؤال وهنا تدخل اللواء الدغيدي قائد المنطقة الجوية الشرقية هامسا في أذنه بشيء فانصرف المشير ومعه القادة المرافقين. بعد الزيارة انتقلت ومجموعة من الزملاء إلى مطار الغردقة، وهناك كانت الفوضى هي السائدة لأن طائرات النقل تهبط في المطار بجنود المظلات المتوجهين إلي مضيق تيران بالطائرات الهليكوبتر بعد سحب قوات الطوارئ الدولية. كل هذه التحركات والمطار عبارة عن ممر واحد وممر مساعد وفقط. وبعد يومان في الغردقة جاءت الأوامر بالتوجه إلى كبريت وقضيت فيه ليلة ثم توجهت إلى غرب القاهرة وفي 30 مايو صدرت لي الأوامر بالتوجه إلى اليمن. كنا 8 طيارين متمركزين في صنعاء لحماية قواتنا البرية هناك. وحدثت هزيمة 5 يونيو ونحن في اليمن.

 

مـا بعـد الهزيمة

 

عدت من اليمن في أخر يوليو1967 ولم أشهد طلعات 14و15 الشهيرة،لكنى سمعت عنها من زملائي وعرفت منهم كيف أن الفريق مدكور أبو العز قائد القوات الجوية أعاد إليهم بهذه الهجمات الثقة والإحساس بالكرامة التي فقدت في 5 بونيو.. وبعد أكثر من 40 عاما علي الهزيمة، ما زال رأي كما هو، فالهزيمة مسئوليه القيادات العليا سياسيا وعسكريا . فالفريق صدقي محمود قائد القوات الجوية وقتها كان يعيش في عالم بعيد عن الواقع والحقيقة، بناء على معلومات المخابرات والاستطلاع الهزيلة عن قدرات العدو. فبني قراره على اساس هش وخاطئ

 

مثلا في عام 1963 اشتبكت طائرتان لنا مع طائرتان للعدو فوق وسط سيناء وأعلنا عن إسقاط طائرة للعدو واحتفلنا بهذا لكن لم يكن هناك حطام طائرة أو صور تؤكد حتى إصابة الطائرة. وفي عام 1966 وقع اشتباك آخر مع 2 طائرة ميج 19 تم إسقاطهما بواسطة طائرتان للعدو استشهد أحد الطيارين وقفز الآخر بالمظلة. وفي نفس العام تم اعتراض طائرة إسرائيلية عند رشيد، وهللنا في الصحف والإعلام عن هذا الاعتراض، ولم يسأل أحد أو يتوقف أمام كيف وصلت الطائرة الإسرائيلية إلى رشيد دون أن تكتشف طوال طيرانها هذا؟؟

لم تتنبه القيادة لكل هذه الإشارات التي تكشف مدى تفوق العدو علينا. بل العكس ما حدث فالاعتقاد لدينا كان أننا نتفوق على إسرائيل دون أدني شك. أيضا موضوع عدم وجود الدشم الذي تسبب في تدمير عدد كبير من الطائرات على الأرض وفي الهجمة الأولى. لم يكن هناك دشم في أى مطار وقد طلب الفريق صدقي من الرئيس عبد الناصر ميزانية لعمل الدشم فكان الرد " أجيب للناس قمح وآلا أبني دشم ؟". ولما ألح الفريق صدقي بعد فترة كلف المشير عامر سلاح المهندسين بعمل دشمة تجريببة في مطار غرب القاهرة، لكن توقف العمل قبل أن تكتمل الدشمة. وسنعرف حين نتكلم عن حرب أكتوبر ماذا كان دور هذه الدشم وأهميته. كذلك كان دهان الطائرات باللون الفضي من العوامل التي سهلت للطيارين الإسرائيليين رؤية الطائرات على البعد لأن الطلاء الفضي يعكس أشعة الشمس فيكشف مكان الطائرة. كما أن الممرات كانت قليلة في المطارات مما سهل إغلاق المطار بـ 8 قنابل فقط.

كان هناك أشياء كثيرة خاطئة في القوات الجوية لكن حين عدت في يوليو 67 وجدت الحال مختلف تماما، فالجميع يعمل بكل جهد وقوة وحماس لكي تقف القوات الجوية مرة أخري، كانت المظلات الجوية هي شاغلنا الأول، وفي أول الأمر كانت تتم بطريقة هستيرية. فالمظلات من أول ضوء لأخر ضوء حوالي 15 ساعة علاوة على حالات استعداد الطيارين داخل الطائرات. فكان الطيار ينفذ في اليوم 2 –3 مظلة + 2 مرة حالة أولي. كنا نطبق المثل ( اللي أتلسع من الشوربة) كان ذلك المجهود فوق الطبيعي، لكن الكل كان يعمل دون أي شكوى. كنا مقتنعين تماما إننا لم نحارب واللي هزمنا قادتنا. كان العمل ليل نهار بمعني الكلمة.     

العودة من اليمن

عدت من اليمن إلى مطار قويسنا كقائد ثاني لسرب ميج 17 وكانت الطائرات قد وصلت من الجزائر وروسيا، وهنا لابد من الإشادة بالموقف العظيم للرئيس الجزائري هواري بومدين الذي دعمنا من يوم 8 يونيو بالطائرات. كان تحت قيادتي 12 طيار تقريبا نقوم بمهام المظلات وحالة الاستعداد الأولي(إقلاع خلال3 دقائق) وكان هذا مجهدا جدا للطيارين والطائرات، كما لم يكن هناك مجال للتدريب أو رفع الكفاءة للطيارين. لذا كنت أستغل فترة من وقت المظلة لعمل تدريب خفيف، وكثيرا ما كنا نفاجأ بالفريق مدكور أبوالعز قائد القوات الجوية بيننا ليطمئن على أحوال الطيارين والمطار وسير العمل. وبعد فترة أدركت القيادة أنها تستنزف مجهود الطيارين، فالطيار يطير يوميا 2 –3 ساعة وهو رقم عالي وأيضا محركات الطائرات المحسوبة بالساعة بعدها تدخل العمرة. صدرت الأوامر في سبتمبر بتخفيض المظلات والاكتفاء بالحالة الأولي..

كنا نطير لحماية المطار فلم تحدث اشتباكات مع اليهود طوال هذه الفترة. ولمحة عن معيشتنا كنا نقيم طوال النهار في المطار ونعود في المساء لننام في بيت الممرضات خارج المطار ولم يكن مجهز إلا بأقل الإمكانيات، وقد تحملنا دون أي شكوي.

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech