Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

مذكرات اللواء طيار محمد عكاشه - حرب الاستنزاف

 

كمين ممدوح طليبة

كان العقيد طيار ممدوح طليبة قائد لواء جوي ميج 21 مقاتلات، وللحد من اختراق الطائرات الإسرائيلية للجبهة والذي كان شبه يومي.فقد تم تدبير اشتباك جوي بطريقة بدائية (الحسابات الملاحية) لأن راداراتنا لم تكن تستطيع العمل على الارتفاعات المنخفضة. تم إرسال 2 طائرة ميج 21 طعم للطائرات الإسرائيلية وفعلا اندفع خلفهم 4 طائرات، وبواسطة شفرة لاسلكية متفق عليها اندفعت 4 طائرات ميج21 أخري كانت مختبئة علي ارتفاع منخفض وفي دقائق تم إسقاط 4 طائرات إسرائيلية بواسطة الرائد طيار فوزي سلامة- علي ماسخ – نقيب طيار أحمد أنور- ملازم طيار مدحت زكي. وعادت طائراتنا سالمة كلها. كان لهذا لاشتباك أثر كبير في رفع معنوياتنا. وتم تكريم الطيارين بواسطة الرئيس عبد الناصر الذي فوجئ بأن هذه ليست أول مرة يسقط طيار مصري طيار إسرائيلي، مما يعني أنه لم يبلغ بما فعله الطيارين في يونيو67 (تفاصيل حرب67 في كتابي- صراع في السماء منشور الان في قسم ادب الحرب علي حلقات)

ساد الهدوء بداية من 1968 وزال التوتر، وبدأ التركيز في التدريب الذي أخذ منحنى أخر عما كان قبل يونيو67. وسط هذه الأحداث شاهدني اللواء بهيج حمزة رئيس شعبة التدريب فأمر بعودتي أنا ونقيب طيار حيدر دبوس إلى الكلية، وقضينا شهر في مطار مرسي مطروح حيث أصبحت الكلية هناك بعيدا عن مطارات الجبهه. لكن بالإصرار نجحنا في النقل من الكلية وعدنا مرة أخري إلي قويسنا. لكن بعد شهرين نقلني اللواء بهيج مرة أخري إلي وحدة تدريب المقاتلات في بني سويف.

بدأت عام 68 وأنا في بني سويف وطلب منا اللواء طيار مصطفي الحناوى قائد القوات الجوية الذي خلف اللواء مدكور ابو العز ، أن نسابق الزمن لتخريج دفعة الطيارين المقاتلين لحاجة الأسراب إليهم، وفعلا أنجزنا المهمة بنجاح بل وقبل الموعد المحدد لنا. كان هذا الإنجاز يتطلب منا جهدا كبيرا حتي أني كنت أقول لزملائي أنا سأربط نفسي في الطائرة طوال النهار وعليهم إرسال الطيارين لي. وبالطبع كانت الإجازات نادرة في هذا الوقت فالمتوسط كان ليلة كل 10 أيام وأحيانا أكثر، فكانت مكافأة اللواء الحناوي لنا أجازه 10 أيام حصلنا عليها وسط حسد زملاؤنا الطيارين الأخرين.

السرب 62 مقاتلات قاذفة

في نهاية عام 68 انتقلت إلي مطار المنصورة وأنا في قمة سعادتي لعودتي لجبهة القتال مرة أخري. التحقت بالسرب 62 مقاتلات قاذفة (ميج 17 ) كقائد ثاني للسرب، كان مطار المنصورة في طور التوسع وإنشاء الدشم للطائرات، وهي ملحمة بكل المقاييس، كان البناء يتم في 30 دشمة تقريبا ولك أن تتخيل بناء بالخرسانة ثم تكسية بالرمل ثم طبقة أخري طينية، كان الشباب والبنات المدنيين حولنا في المطار كالنمل من الصباح حتي المساء ويوميا. لكن هذه الدشم أتت ثمارها في حرب أكتوبر73 فلم تدمر طائرة واحدة على الأرض. ونتيجة للهدوء الذي عم الجبهة عدنا إلي التدريب العنيف والقاسي لرفع الكفاءة القتالية للطيارين.

ولم يكن هذا سهلا فقد خسرت القوات الجوية المصرية 45 طيار في حوادث التدريب. وتغير قائد القوات فأصبح اللواء طيار علي بغدادي قائدا ومعه العميد طيار حسني مبارك رئيسا للأركان. وجاء إلينا في المنصورة خلال العام سرب ميج 21 مقاتلات ثم تبعه بعد فترة سرب أخر.                              

حرب الاستنزاف

 

كانت عمليات الصاعقة تتصاعد مع بداية عام 69 وتسبب للعدو خسائر كبيرة. وكان ردهم المعتاد هو مهاجمة نقط منعزلة، للإرهاب وتحطيم المعنويات. كنا نهاجم مواقعهم على القناة، فيكون الرد مهاجمة قناطر نجع حمادي مثلا. التي هي بدون دفاع جوي أو قوات برية. إلى أن قامت الكتيبة 33 صاعقة بعملية شارك فيها الضابط معتز الشرقاوي، وعن لسانه أقول هاجمنا نقطة لسان بور توفيق نهار10 يوليو وبقوة 140 ضابط وجندي وتم القضاء على النقطة تماما وتدمير 3 دبابات وأسر 2 مات أحدهم أثناء العودة. كانت الضربة موجعة لليهود واحتاجوا بعض الوقت للتفكير في كيفية الرد.

 كان طبيعيا أن يكون الرد بواسطة ذراعهم الطويلة فهاجمت طائراتهم مدينة بور سعيد في حدود الثالثة عصر يوم 20 يوليو69 وكان هذا التاريخ هو بداية حرب الاستنزاف الجوية. كان السرب 62 في أعمال التدريب الروتينية، وصدرت لي الأوامر (كنت وقتها قائد للسرب لتغيب القائد) الساعة 4عصرا بتنفيذ ضربة جوية ضد موقع صواريخ هوك ومنطقة شئون إدارية علي المحور الشمالي في منطقة رمانة وبالوظة.

الميج 17 تهاجم الهوك

 

ردا على هجوم إسرائيل الجوي أقلعنا من المنصورة 8 طائرات+ 8 ميج 17 من قويسنا علي المحور الأوسط وفي حماية 8 طائرات ميج 21 وكانت الطلعة ناجحة تماما فدمرنا الأهداف وأسقطنا 2 ميراج واستشهد طيار واحد فقط من قويسنا.

أتذكر تلك  الطلعة كأنها حدثت أمس. كنا عرفنا الكثير عن الصاروخ الهوك المضاد للطائرات، وكنا نتندر بأن الصاروخ سيطارد الطائرة حتى داخل الدشمة. كانت المعلومات المتوفرة أن نسبة إصابته عالية جدا ويستطيع إسقاط الطائرة حتى ارتفاع30 متر فكان هذا الصاروخ مصدر رعب للطيارين . قبل الطلعة كان القلق داخلي دون شك، هل سأنجح في الطلعة ؟، عائلتي وأهلي واحتمال استشهادي، لو قابلنا الميراج ماذا سنفعل ؟ .. لكن عندما دخلت كابينة الطائرة نسيت كل شيء وأصبح تركيزي كله في تنفيذ المهمة وتدمير الأهداف وعودتي أنا ورفاقي الطيارين بسلام. كانت الطائرة محملة بعدد 2 قنبلة 100 كجم (وهو تعديل مصري تم في المصانع الحربية بمعرفة مهندسين مصريين) + 8 صاروخ عيار 8سم.. نفذنا الهجوم الأول بالقنابل ثم هجمة أخري بالصواريخ. وكانت هجماتنا ناجحة جدا ومنظمة لأقصي درجة. وعدنا إلى مطار المنصورة لنجد المهندسين والفنيين والجنود في حالة فرح عارم ونشوة فحملونا على الأعناق وهللوا لنا كثيرا. وارتفعت الروح المعنوية أكثر عندما تكررت مهاجمة المواقع الإسرائيلية. وأصبح عادة مستمرة وطبيعيه للسرب 62 ، كنا نوقف التدريب ونتوجه للقتال ثم نعود مرة أخرى للتدريب. استغلت القيادة نجاحنا في أول مرة وخصصت للسرب 62 مهاجمة الهوك طوال العمليات.

 

كنت أهاجم بطاريه الهوك بتشكيل ثابت من 4 طائرات( finger 4 ) وأحيانا 8 طائرات، نقلع في صمت لاسلكي تام والطيران على ارتفاع 15 –20 متر لتفادي رصد العدو لنا، وفور ظهور الهدف لنا بأوامر مني يتخذ أفراد التشكيل أوضاع الهجوم ويصبح التشكيل 2 طائرة في الأمام وخلفهم بحولي1.5 كم 2 طائرة، وفور دخول المنطقة الميتة لبطارية الهوك وهي التي لا يستطيع الضرب علينا فيها وإنما يتولي ذلك مدفعية م/ط 40 مم رادارية من طراز L70. نرتفع بالطائرة حتى 400 متر ونهاجم مركز قيادة البطارية الذي بإصابته تتوقف البطارية عن العمل ثم نكرر الهجوم بالصواريخ على مركز القيادة أو أحد الرادارات.

كانت الدقة في التنفيذ بسبب التدريب الشاق الذي حدث خلال عام 1968، فبعد انتهاء فترة المظلات وتفرغنا للتدريب ورفع الكفاءة، أصبح الطيار يطير بمعدل 20 ساعة شهريا بعد أن كان 6 ساعات فقط قبل 67. إضافة إلى نوعية التدريب، الذي كان في السابق على ارتفاعات متوسطة وعالية، بل كان الطيران المنخفض مخالفة تستوجب العقوبة. لكن في عام 68 أصبح أغلب التدريب على ارتفاع منخفض، وفي نهاية كل طلعة يعود الطيار على ارتفاع منخفض جدا ويقوم بمهاجمة المطار مرتين وأنا من على الأرض أصحح له أخطائه ، وأتابع مدي كفاءته في أداء الهجمات.

تكررت طلعات ضرب الهوك على المحور الشمالي. وكانت القيادة تتبع أسلوب ممتاز في استخدام هذه الهجمات. فنقوم بمهاجمة الموقع بعد الساعة الثالثة عصرا، ولأنه يلزم 12 ساعة لكي يعود موقع الصواريخ للعمل مرة أخرى، فكان يتم إرسال طائرات هليكوبتر أو قاذفات إليوشن 28 لقصف مناطق للعدو ليلا دون تهديد من الهوك. ونجح هذا الأسلوب أكثر من مرة. لكن الطيران الإسرائيلي كان ناجح في الكمائن التي يدبرها لنا في منطقة العين السخنة جنوب السويس. فهي منطقة غير مغطاة رداريا فكان يستدرج طائراتنا الميج 21 لاشتباكات مدبرة وأسقط لنا عدد غير قليل من الطائرات في هذه المنطقة.

 

كان برنامج التدريب الشهري للطيار يشمل طلعات اختراق ضاحية على ارتفاع منخفض, واشتباك جوي، وطيران ليلي. علاوة على طلعات ضرب النار والصواريخ وقصف القنابل التي كانت لا تقل عن 8 مرات شهريا، وهو معدل عال. كان ميدان ضرب النار في الصحراء الغربية على شكل مطار وموقع هيكلي للهوك ودشم هيكلية. ومن المواقف التي لا تنسي أن زميل لنا هو فكري الجندي كان ضابط التبة، وسقطت قنبلة خطأ من طائرة فسقطت على بعد أمتار منه لكن الله سلم. وهذا الطيار له مواقف عديدة سابقة، ففي اليمن انفصل المحرك عن جسم الطائرة بعد الإقلاع مباشرة وسقط في منزل ملاصق للمطار. ومرة ثالثة أخطأ أحد الفنيين وضغط على رافعة الكرسي القاذف وهو يقوم بربطه فينطلق الكرسي بفكري لمسافة 15 متر لأعلي ويهبط على جناح الطائرة. كنا نتندر بهذه المواقف لكنها تبين كيف كانت حياتنا على شفا الموت دائما، لكن هذا لم يكن يشغل بالنا.

ولم نكن نغفل التدريب على الاشتباكات والقتال الجوي. نذهب لمنطقة التدريب علي ارتفاع 4 كم وأضع الطيار الصغير بطائرته في وضع مساو لي وعلى مسافة جانبية 1 –2 كم، وأعطيه الأمر بالمناورة ومحاولة ركوب ذيل طائرتي لتدميرها. وطبقا لخبرة الطيار الذي يتدرب معي أعطيه الفرصة وإذا أخطأ نعيد المناورة مرات حتى يصلح خطأه. وجدير بالذكر أن الخبراء السوفييت لم يتدخلوا في التدريب من قريب أو بعيد. بل كنت أحظر عليه أن يتدخل في عمل السرب ونبهت على كل الطيارين والمهندسين ألا يعطوه أي معلومة، وبهذا كان دوره منحصر في ملاحظة نشاط السرب وتدوين تقاريره وإرسالها لرؤسائه. وتقريبا كان هذا موجودا في كثير من الأسراب خاصة الميج 17 والميج 21.

كان معنا في المنصورة سربين ميج21 وهؤلاء الأبطال تحملوا الكثير نتيجة لأعمالنا نحن. فعندما نقوم بمهاجمة مواقع العدو، يكون رد الفعل الإسرائيلي المباشر الرد بقواتها الجوية، ويكون المسئول عن التصدي لهذا أبطال المقاتلات، وكان هذا نمط حياتنا في المنصورة. وأذكر بكل خير صديقي تميم فهمي من أبطال المقاتلات. كان يدخل علينا الميس مع آخر ضوء ليجدنا نشرب الشاي أمام التليفزيون، بينما هو منهك من المظلات والاشتباكات فيعاتبنا بطريقته المحببة ( بأن الميج 17 تضرب العدو في نصف ساعة وهم يتحملون نتائج هذا طوال اليوم) وبالطبع كانت هذه الاشتباكات تحمل خسائر للطرفين، وكان طياروا المقاتلات أبطال بمعنى الكلمة رغم تفوق العدو الإسرائيلي في نوعية وأعداد الطائرات.

من الطلعات التي لا أنساها في مرة بمجرد أن عبرنا القناة، جاء صوت الموجه الأرضي يقول في اللاسلكي ( كل الطائرات ترجع.. فيه ميراج في المنطقة.....) ولم يكن من الممكن أن نعود بالتسليح ونحن فوق اليهود فقررت ضرب أي هدف تحتي، وأكرمني الله فوجدت أتوبيس على الطريق الموازي للقناة فهاجمته بتشكيلي. وفي نفس الوقت تصرف نقيب طيار ماهر قاسم قائد التشكيل الآخر فهاجم موقع مدفعية ثقيلة. كانت صور الضرب أكثر من رائعة ظهر فيها أن الجنود الإسرائيليين يجرون بحثا عن ملجأ للحماية، وسبحان الله كانوا متجهون نحو المكان الذي ستسقط فيه الصواريخ. كان واضحا أننا أصبنا العدو بخسائر كبيرة، وتأكد هذا من رد فعل العدو الهستيري في ذلك اليوم.

كان إحساسنا بالسعادة غامرا عندما نعود من الهجوم ونسمع بياناتنا في الإذاعة المصرية. لأنهم يتكلمون عنا وعن دورنا في الحرب. ونشعر بالسعادة لأننا بدأنا نغير صورة القوات الجوية التي التصقت بنا وبأننا سبب النكسة. ويكفي أن أقول من واقع الأرقام أن السرب 62 الذي كنت قائدا له في الحرب قام بحوالي 40 % من مجهود القوات الجوية في عمليات قصف العدو خلال حرب الاستنزاف، كان نصيبي الشخصي حوالي 9-11 طلعة تقريبا منها 2-3 ضد خط بارليف والباقي ضد مواقع الصواريخ الهوك. والصور السابقه توضح هجمة فوق موقع هوك و8 صواريخ تتجه نحو مركز قيادة البطارية في إصابة مباشرة (الصواريخ هي النقاط البيضاء في الصورة) والصورة الأخرى يظهر فيها دشمة خط بارليف ومحاطة بخنادق متعرجة ومدق للسيارات وتظهر قناة السويس باللون الداكن، ويسار الصورة الساعة تشير إلى توقيت الهجوم.

 

 

ورغم ما قيل عن تحصين خط بارليف، في مرة هاجمته وكان معي  م.أول مجدي كامل وأطلقنا 16صاروخ +4 قنابل فانطلق عامود دخان أسود كثيف من الموقع لارتفاع كبير ظل واضحا لي في البيرسكوب(عدسات أعلى كابينة الطيار تتيح له رؤية ما خلفه مثل بيرسكوب الغواصة) لمدة طويلة، مما يعني أن الصواريخ أصابت الهدف إصابة مباشرة وعلى الأرجح مخزن الذخيرة.

لم نكن متفوقين على اليهود دائما، لكن كنا نتدرب ونجتهد كثيرا لكي تأتي الطلعات أنجح ما يكون، وكان هناك طلعات غير ناجحة لكن لم تتعد أكثر من 3–4 طلعات فقط. كنا في مرة مكلفين بتنفيذ هجمة بقوة 12 طائرة

(3تشكيل،finge 4 ) وانتظرنا لمدة يومان. كان المقرر أن أقود أنا التشكيل الأول لمهاجمة بطارية الهوك كالمعتاد والتشكيل الثاني قائد اللواء والثالث قائد ثان اللواء، لكن قائد اللواء ونحن متجهين للطائرات أخبرني أنه سيكون بتشكيله في الأول، وبهذا رجعت أنا إلى الخلف وأصبحت الثالث، فحدث ارتباك بين الطيارين في الإقلاع وتكونت التشكيلات متأخرة، وانحرف بنا التشكيل الأول عن منطقة الأهداف. وفور دخولنا لموقع العدو أخبرنا مركز العمليات أن الميراج الإسرائيلي موجود في المنطقة، فكان طبيعيا أن يكون الهجوم متسرعا وغير دقيق. واستشهد الملازم أحمد جابر من التشكيل الأول بواسطة المدفعية م/ط. وبعدنا دخلت تشكيلات من طائرات سوخوي 7 واستشهد منهم ملازم أول أمير عبد الغني، واستمرت الاشتباكات بين الميراج المعادية ومقاتلاتنا الميج21 من الصباح حتى الساعة7 مساء، خسرنا فيها عدد من المقاتلات، لكن في نهاية اليوم تمكن ملازم أول مصطفي جامع من إسقاط ميراج إسرائيلي فوق مدينة السنبلاوين وتم أسر قائدها ويدعي زيورا جاكوب روم.Ziora Jacub Rum

ولكي يعرف القارئ ما كان يحدث تفصيلا ، سأذكر بعض الطلعات وما حدث فيها. الأولي كنت أهاجم موقع الهوك، ودخل الرائد طيار سمير فريد خلفي بدقيقة لتأكيد تدمير الموقع، وأصيبت طائرته بواسطة المدفعية م/ط وكنت في طريق العودة حاولت أن أعود لأطير بجانبه لكنه أمر الجميع بالعودة فورا إلى القاعدة، حتى لا يتعرض أحد للميراج. وباللاسلكي علمت منه أن محرك الطائرة يعمل بنسبة 70 % وارتفاعه 150 متر ولا يستطيع الارتفاع لأكثر من هذا حتى يستطيع القفز بالمظلة ( أقل ارتفاع للقفز 300 متر) قمت بعمل مظلة فوق المطار، وكان الله رحيما بسمير فقد عبر فوق مواقع معادية والميراج الإسرائيلي في المنطقة ورغم ذلك عاد إلى المطار. لكن وحتى تبلغ الإثارة قمتها فقد شاهدته وهو يقترب بطائرته من الممر وقبل الهبوط مباشرة انحرفت الطائرة عن الممر وهبطت في الأرض الترابية يسار الممر وهي تدور حول نفسها. أدركت ساعتها أن سمير فريد قد استشهد، وتعجبت في داخلي من الأقدار التي أوصلته إلى المطار رغم كل المخاطر المحيطة به، ثم في الهبوط تتحطم الطائرة. وهبطت بطائرتي وشاهدت طائرة سمير فانتابني حزن شديد ونزلت من طائرتي لكن الفنيين فاجئوني بأن سمير بخير وأنه في الخيمة وكان لقائي به موقف لا أنساه أبدا

وفي أكتوبر 1969 أقلعنا لتنفيذ الهجوم ومعي في التشكيل نقيب طيار حمدي عقل، وعندما رصدت موقع الهوك أبلغت حمدي ليأخذ مسافته ويستعد للهجوم خلفي. وبدأت الهجمة الأولي أنا والطيار الذي معي،

وفوجئت بحمدي يبلغني أنه لا يراني أو يري الموقع، ويبدو أن بوصلة طائرته كان فيها مشكلة فأمرته أن يختار أي هدف للعدو ويهاجمه. ولأن وجودنا فوق أرض العدو كان محسوبا بالدقيقة، وكمية الوقود، وطائرات العدو الميراج، سألته هل وجدت هدف، فرد بالنفي وأنه سيستمر في البحث، كنت قلقا جدا، وبعد ثواني أخبرني أنه وجد معسكر وسيبدأ هجومه. أخبرته أن يسرع فقد أنهيت أنا هجومي على الموقع، وبدأت أسأله عن موقفه كل 10 ثواني. وقام حمدي بمهاجمة المعسكر بالقنابل والصواريخ والمدافع اي انه كان هادئا ومطمئنا لدرجه انه قام بثلاث هجمات علي معسكر العدو في حين انني كنت قلقا جدا عليه وعلي تأخرة فوق ارض العدو ، وبتوفيق الله عاد سالما إلى المطار دون تدخل من طائرات العدو. كان التخطيط المتبع الذي مارسناه بنجاح لمدة عام، هو الدخول لمسافة 35 كم في أرض العدو. كان للعدو نقط مراقبة بالنظر على القناة تقوم بالتبليغ عنا ونحن فوق القناة، ومن تجاربنا مع العدو الإسرائيلي كان البلاغ يستغرق 3 دقائق نكون خلالها قد أصبحنا فوق الهدف، وتستغرق طائرات العدو3 دقائق للإقلاع من مطار المليز نكون نحن قد قصفنا الموقع مرتين، ثم3 دقائق أخري حتى تصل طائرات العدو إلى منطقة هجومنا، تكون طائراتنا في طريق العودة وتعبر القناة غربا والميراج على مسافة 10 –12 كم، وهنا تظهر مقاتلاتنا. وغالبا ما كان العدو ينسحب لأنه دائما يريد الاشتباك بالصورة الذي يجهز له هو. 

وكي نوضح صورة الأفكار التي كنا نبتكرها خلال الحرب. الطائرة الميج17 تحمل تسليح8 صاروخ + 2قنبلة 100كجم. في الأجنحة يمكن حمل2 خزان وقود إضافي أو2 قنبلة250 كجم، حين كنا نهاجم داخل سيناء كنا نضطر لتحميل خزانات الوقود لبعد المسافة، لكن حين نهاجم مواقع خط بارليف على القناة كنا نحمل قنابل 250 كجم لكي نحدث أكبر تأثير وخسائر في المواقع. كانت كمية الوقود تكفي بالكاد لأنه ليس هناك خزانات إضافية، وللتغلب على هذا كنا نسحب الطائرات إلى الممر بالجرار وتأخذ وضع الإقلاع ونبدأ إدارة المحرك ونحن على الممر ثم الإقلاع فورا، حتى نوفر أي كمية وقود، وكانت الطائرات تعود إلى مطار المنصورة والوقود في مستوي لا يسمح بأي اشتباك مع طائرات العدو.

مثال أخر لبيان الفرق التقني بين طائراتنا والطائرات الإسرائيلية في الإمكانات، في يوم كان زميلي الرائد طيار مجدي كمال يطير في منطقة التدريب بطائرة ميج21، وتم إبلاغه بأن هناك طائرة فانتوم تقوم بالاستطلاع في المنطقة فتوجه للاشتباك معها قرب بورسعيد، وفور تنبه الطيار الإسرائيلي لوجود طائرة مجدي خلفه زاد سرعة طائرته(الفانتوم 2 محرك نفاث) فبدأت المسافة بينهما تتسع وهرب الطيار الإسرائيلي بسرعته، ومهما قام مجدي بطائرته فلا يمكن للميج 21 ان تلحق بالفانتوم عندما تفتح اقصي سرعه لها ، كل ما يمكن عمله هو مشاهدتها وهي تهرب .

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech