Click to listen highlighted text!Powered By GSpeech
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي
**** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث
**** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر
يجب أن نتأكد بأن الدولة المصنعة للسلاح ليس بالضرورة هي الأقدر على استخدامه، فالاتحاد السوفيتي صنع طائرات ولم يستخدمها في حروب حقيقية. ونظريات القتال الجوي السوفيتية وليدة تجارب الطيران التدريبي وليس القتال الفعلي ضد عدو. وقد استفاد منا السوفيت في تطوير السلاح وتكتيكات القتال الجوي التي تعلمناها بالجهد والدم والابتكار. ومثال ذلك:
كنا نواجه صعوبة في قصف القنابل أثناء التدريب ونحقق نسبة إصابة منخفضة. فالأرقام التي أقرها السوفيت وتعلمناها منهم تقضي بالتسلق لارتفاع1200 متر ثم الانقضاض وعند سرعة 650 كم وارتفاع300 متر نقذف القنابل. كانت هذه الأرقام لا تتحقق في الطيران الفعلي لأن الطائرات عمرها يتجاوز 15 عاما، إضافة إلي أن ارتفاع الطائرة حتى 1200متر يجعلها هدفا سهلا للمدفعية المضادة (ل-70) ولصواريخ الهوك وكانت هذه نقطة ضعف خطيرة. اكتشفنا هذا طوال الفترة التي سبقت حرب الاستنزاف.
قررت بمبادرة شخصية شاركني فيها رفيق السلاح نقيب طيار حمدي عقل أن نبتكر أسلوب جديد للقذف. فكنت أقوم بالقصف من ارتفاعات مختلفة وحمدي في ميدان الرمي يصحح لي أخطائي، ثم نعكس أقف أنا في الميدان ويقوم هو بالقصف. وبعد مجهود متواصل توصلنا للأسلوب الأمثل. كنا نتسلق حتى 400 متر فقط ونستخدم مقدمة الطائرة وليس جهاز التنشين ونسقط القنبلة فوق الهدف تماما. وتم تعميم هذا الأسلوب في كل أسراب الميج17.
وانتهينا من تلك المشكلة لنواجه مشكلة أخرى. كانت النظرية السوفيتية أن نهاجم المواقع بالتوالي4 طائرات بفاصل 800 متر بين كل طائرة والأخرى، كنا مثل الطابور مما يجعلنا عرضة بنسبة أكبر للمدفعية م/ط المعادية لأنها كلها مركزة في اتجاه واحد. فبدأنا التدريب على الهجوم من اتجاهين بأسلوب جديد استحدثناه بمبادرة شخصية. كنا نقترب من الهدف(4 طائرة في تشكيلFinger 4 )على ارتفاع 50 متر وما أن نشاهد الهدف ننقسم إلى قسمين وبأوامر مني كقائد للتشكيل يقوم القسم الثاني بالتسلق والهجوم أولا، وأظل أنا على الارتفاع المنخفض وعندما يصل إلى ارتفاع400 متر يبلغني في اللاسلكي، أقوم أنا بالتسلق في الوقت الذي يكون هو فيه ينقض على الهدف، وهنا تتشتت المدفعية لأن هناك قسم ينقض من أعلى لأسفل وقسم أخر يتسلق ومن اتجاه أخر مقاطع للقسم الأول. وتمكنا من هذا الأسلوب جيدا وحققنا به نتائج طيبة أثناء هجماتنا على أهداف العدو.
مناورة السرعة البطيئة
كان الطيران بالأسلوب السوفيتي يمنع أن نهبط بالسرعة عن أرقام محددة لكل طراز، وكان التنبيه صارم بأن من يتجاوز هذه الأرقام سيواجه مشاكل ومخاطر للطائرة. وكنا نلتزم حرفيا بتلك السرعات، أذكر أن زميلي أحمد أنور كان مشتبك مع طيار إسرائيلي وظل في المناورة حتى وصلت سرعة طائرته إلى الحد الأدنى، فاضطر إلى تخفيف المناورة فتمكن منه الإسرائيلي وقذفه بصاروخ وأصابه فقفز من الطائرة بالمظلة. وفي عام 1971 خدمت قائدا للسرب المتمركز في قاعدة المزة في سوريا، لدعم الجبهة الشمالية.
تعرفت هناك على طيارين باكستانيين يعملون كخبراء في الأسراب السورية، ومنهم عرفت أن الطائرة يمكن أن تتجاوز الحدود الدنيا المحددة للسرعات. فقمت بتجربة هذا بحرص شديد وبمعدل بسيط. ونجحت التجربة ولما تمكنت أنا شخصيا منها قمت بتدريب باقي طياري السرب عليها. يظهر هذا الاختلاف في المناورة أثناء الاشتباك، فالطائرة الميج17 كان الحد الأدنى للسرعة300 كم/ساعة لكن وصلنا نحن حتى السرعة240 كم/ساعة. كان هذا يفيد في الاشتباك الجوي فأنت لديك عاملين تناور بهما هما الارتفاع والسرعة، فعندما تصل إلى هذه السرعة المنخفضة والتي لا يتوقعها العدو تصبح أنت في موقف خلفه أفضل. كذا في المناورة الرأسية كلما ضيقت دائرة الطائرة وقللت السرعة تكون في وضع أفضل يمكنك من ضرب طائرة العدو. كانت التعليمات السوفيتية أن هذه المناورة تتم بسرعة600 كم/ساعة نزلنا بها نحن بالتدريب إلى500 كم/ساعة ونجحت.
حياة الطيارين أثناء القتال
كانت حياتنا تدريب وقتال، وكان الجميع يتسابق للخروج في طلعات القتال. لم يكن بيننا طيار غير كفء، وكان الغضب يتملك بعض الطيارين عندما لا يشاركون في طلعات القتال، وفي الطلعة نفسها كان المشاركون فيها يتسابق لعمل طلعة ناجحة وتحقيق إصابات مباشرة للأهداف. أتذكر الشهداء ملازم طيار عصام حواش ورفعت مبارز وعاصم عبد الحميد وكانوا منضمين حديثا للسرب، وكنا في أوج طلعات العمليات.
في ذلك اليوم كان لدينا برنامج طيران ليلي وبعد تناول الغذاء كنا نذهب للنوم استعدادا للطيران الليلي، وفي فترة الراحة جاءني أمر بمهاجمة الهوك بقوة 4 طائرات، فأيقظت حمدي عقل ومجدي كامل وثلاثة آخرين لا أتذكرهم وتركت باقي الطيارين نيام، وجهزنا4 طائرات والخامسة الاحتياطي وتم تنفيذ الطلعة بنجاح. وحين هبطنا من الطائرات فوجئت بالثلاثة الجدد غاضبين بشدة لأنهم شعروا بأني اعتبرتهم تحت مستوي المسئولية، فوعدتهم بالدخول مع باقي زملاؤهم في الطلعة القادمة وحدث هذا فعلا. لم يكن هناك أي تفكير في الموت أو الحياة، الكل كان في اشتياق للحرب والثأر والاشتراك في القتال. كنت أراقب الطيار الجديد أثناء تنفيذ المهمة لكن الجميع كان يتفاني، حتى أني كنت أقول للملازم عصام أحمد وعادل محيى أني أنظر في أي لحظة في الطلعة أجدهم في المكان الصحيح، وكان هذا يعطيني فرصة أكبر كقائد تشكيل في التركيز على الطلعة والهجوم.
ولا أنسي دور المهندسين والفنيين(الميكانيكية) كانوا يقاتلون معنا بروحهم العالية في تجهيز الطائرات وتسليحها، كانوا يكتبون آيات قرآنية وأسماءهم على القنابل والصواريخ التي يحملونها في الطائرات. مثلا كان هناك رافعة(كوريك) لتعليق القنابل في الطائرة تستغرق 6 دقائق للقنبلة لكن ثلاثة من الميكانيكية حملوا القنبلة100 كجم بأيديهم وعلقوها في الطائرة في2 دقيقة. نجحوا في أحد الطلعات في تجهيز 14 طائرة في ساعة ونصف وهو رقم استثنائي بكل المقاييس.
ولا يمكن أن نغفل دور العمال والفلاحين في ملحمة بناء الدشم، كنا طوال النهار ونحن في الطيران نشاهد الجهد الخارق الذي يبذل في الانتهاء منها، فدشم تحت الإنشاء وأخرى انتهت ويتم تركيب أبوابها، علاوة على مئات من الصبية والفتيات يحملون (مقاطف) مملوءة بالرمل والطمي لتكسي أجناب وسقف الدشم حتى تمتص انفجار أي قنبلة مباشرة وتبقي الطائرة في أمان بداخلها. وأتي هذا الجهد ثماره في حرب 1973 فلم تضرب طائرة على الأرض.
وانتهت حرب الاستنزاف وقد انتصرنا فيها دون شك رغم خسائرنا، لكن تعلمنا فيها الكثير من الخبرات. عام1971سافرت إلى سوريا حوالي العام اكتسبت خلال هذه الفترة خبرة طيبة من الحوار المستمر مع الطيارين الباكستانيين، كما وأن التضاريس هناك مختلفة عن مصر. وأذكر للشعب السوري أنه محب جدا لمصر، ثم عدت إلى سربي الذي كان متمركزا في مطار الصالحية، وفيه قضيت شهران ثم توجهت إلى ليبيا للطيران على الميراج
صورة مشهورة جدا للميج 17 تقوم بقصف رتل لعربات العدو