Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

العقيد / محمد صالح جمال

من ابطال النوبه .

كتبت اسماء محمود ( المؤرخه )

بطل من بلاد الذهب .. ساعات عدة عشنا معه وعاش معنا ذكرياته عن الحروب المصرية المعاصرة ، تتأرجح مشاعر المستمعين إليه بين الذكريات والفخر ، فهو فى حد ذاته ، ماشاء الله ولا قوة إلا بالله بعشقه لمصر والنوبة ذاكرة ومصدر .. لم يفصح عن كل ما يتذكر واحتفظ لنفسه بما يعده سراً عسكرياً ، وإن كان من حقنا أن نعرف فمن حقهم ألا نثقل عليهم ..

فى البداية كان رافضاً الحديث عن نفسه ، مرحباً بالحديث عن أبطال النوبة الآخرين ممن عرفهم ولا زال يذكر اسمائهم ومواقعهم ..

ولكن من حق المصدر عاشق مصر والنوبة الذى كتب عن كثير من شخصيات النوبة ومن حق الأجيال أن تتعرف إليه وتعى من هم الأبطال وكيف كانت تجربتهم وخوضهم المعارك الواحدة تلو الأخرى دون هوادة ..

وعليه فقد ألححت عليه أن يفرغ فى آذاننا بعضاً من ذكرياته ثم يكون لنا حوار آخر عمن خبرهم من الأبطال ..

ومع ذكريات سيادة العقيد / محمد صالح جمال

من أبناء قرية / مصمص

دفعة 38 حربية

وأوجه الشكر الجزيل إليه إذ أرهقناه باسئلتنا الكثيرة وشردنا فى ذكريات النصر والهزيمة ..

وكانت البداية :

ما سبب ألتحاقك بالكلية الحربية ؟

يجيب البطل بروح المرح قائلاً بصراحة : انضممت إلى الكلية الحربية دون قصد .

استطرد قائلاً : كنت قد حصلت على الثانوية العامة من أسوان عام 1954 وألتحقت بكلية الآداب قسم الصحافة والإذاعة بجامعة القاهرة ، ولم أكن جاداً فى الدراسة فيها ، ثم فوجئت فى 1955 السنة الأولى بعد إعلان الجمهورية أنهم يطلبون دفعة ثانوية عامة ، حيث كان من مبادىء ثورة يوليو بناء جيش وطنى قوى ، ولأن موقفى مع والدى وأهلى سيسوء فى حال ترك الدراسة بالكلية ، وهنا أبلغت والدى برغبتى فى الالتحاق بالكلية الحربية ورحب بالأمر ، توجهت وسحبت أوراقى كلها رغم أنه يفترض أن اسحب صورة منها إذ أن الأمر محتمل ألا أقبل بالحربية ، وحينما علم أحد أقربائى وكان على معرفة بمدير الكلية الحربية أوصى بى ، تقدمت للأختبارات ، وانتظرت يوم إعلان النتيجة ..

وجاء اليوم وأخذوا يعلنون أسماء المقبولين .. وتم ذكر اسم ثلاثى مشابه لاسمى لكن الاسم الرابع مختلف، فهممت بالانصراف وما أن وصلت إلى باب الصالة للخروج حتى سمعت اسمى رباعياً صحيحاً .. وهنا عدت أدراجى وبدأت علاقتى بالحربية ..

ماذا عن نظام الدراسة فى الكلية الحربية ؟

يقول البطل : فى الكلية الحربية كان النظام صارم وقاسى وقيود لأنهم يعملون على تأهلينا لخوض الحروب لا تردد فى تنفيذ الأوامر .. أكل ، نوم ، تدريب ..

هل تتذكر أسماء قادة وأبطال من دفعتك ؟

أجاب : اذكر السيد اللواء أركان حرب / محمد عزت السيد – محافظ الوادى الجديد (سابقا) ، والسيد السفير / محمد عبد العزيز بسيونى (سفير مصر لدى إسرائيل لمدة 20 عام ) .

كنت شاهداً على العدوان الثلاثى فماذا عن تلك المعركة ؟

أثناء العدوان الثلاثى كنت طالباً فى الكلية الحربية ، قامت قوى العدوان بقصف الكلية الحربية وأذاعت إسرائيل أنه تم قتل جميع الطلبة لذلك سيحرم الجيش المصرى من الضباط لمدة 3 سنوات ، ولكن الحقيقة أن عدد الشهداء لم يكن كبيراً . وبعد القصف انتقلنا إلى أسيوط ومكثنا هناك حتى كان وقف إطلاق النار .

يتطرق البطل إلى موقف الرئيس السوفيتى وتهديده بأن يمحو لندن من خريطة العالم ، وكذا يتذكر مآرب الدول المعتدية بريطانيا من أجل القناة وفرنسا بسبب موقف مصر الداعم لثورة الجزائر ، أما إسرائيل فهى العدو التقليدى ..

ويواصل قائلاً : بعد انتهاء العدوان عدنا إلى مقر الكلية الحربية .

وتخرجت فى عام 1958 و خدمت فى وحدة الإمداد الجوى .

وماذا عن ذكريات حرب اليمن ؟

وفى حرب اليمن كنت منتدباً مع قوات المظلات ،تحت قيادة العميد أركان حرب : عبد المنعم خليل .

واتذكر الشهيد اللواء محمد عمر المسيرى صاحب أكبر رتبة عسكرية استشهدت باليمن وقد أقيم له نصب تذكارى هناك .

واتذكر أول شهيد لنا فى اليمن وهو النقيب نبيل بكر الوقاد ، و النقيب سامح الرفاعى وكانا ضمن القوات الصاعقة المكلفة بمهام خاصة ضد القبائل الموالية للإمام ، كان الشهيد سامح دفعة 35 حربية .

كان قائدى اللواء عبد المنعم خليل ، حاربت تحت قيادته فى اليمن و أثناء النكسة وفى إحدى المرات قام بتعيينى سكرتير عسكرى له أثناء حرب اليمن ..

وعن استشهاد اللواء المسيرى يقول البطل : أنه كان بصدد المرور بقواته فى طريق ( صنعاء – الحديدة ) قطعته القبائل الموالية للإمام ، وعزم على فتح الطريق ، نزل من سيارته وبحوذته نظارة الميدان يراقب الموقف وعندئذ قاموا بقنصه بطلقة فى رأسه ، وسقط شهيداً ،ثم أقيم له نصب تذكارى فى مكان استشهاده .

ويذكر أن بطلنا لم يتوان فى تنفيذ واجبه فى الذهاب وفك حصار بعض المعلمين المصريين الذين حوصروا فى إحدى قرى اليمن ،

كان طريق صنعاء الحديدة مقطوعا بواسطة قبيلة الحيما الخارجة بواسطة شيخ القبيلة الشيخ حمود الصبرى ، وكان مطلوب منى أن أذهب من موقعى إلى العاصمة وكان لابد من المرور فى الجزء المقطوع من الطريق فأرسلت رسالة شخصية إلى الشيخ حمود استأذنه فى المرور دون أن اتعرض لأى أذى فى الذهاب والعودة حيث أننى قبلها بعدة أسابيع قد استضفته فى موقعى ورحبت به ترحيباً كبيراً ولذلك رد على برسالة يوافقنى فيها على الذهاب والعودة آمناً دون أن يتعرض أحد لى وكنت كلما قطعت مسافة قابلنى أفراد قبيلته المسلحين وأصروا على أن أشرب معهم القهوة وإبلاغى بتحيات الشيخ .

كما يتذكر ما حدث مع اللواء الذى كان يقوده العميد الشاذلى فى اليمن فيقول :

اللواء الذى قاده الفريق الشاذلى وكان عميداً فى حرب اليمن هو نفسه اللواء الذى قاده فى النكسة ، احتل اللواء منطقة فى اليمن كان مصدر المياه فيها بئر وحيد وبدأت الاحتكاكات باستمرار بين الأهالى اليمنيين والجنود لذا قرر الشاذلى تنظيم مواعيد الاستفادة من البئر ورغم ذلك حدث أشتباك آخر وقتل اليمنيين عدد من الجنود فقام العميد الشاذلى بالهجوم على القرية وانتقم للجنود حتى أن أبناء قبائل اليمن أقسموا ألا يمر الشاذلى بقواته إذ لابد من الأنتقام منهم ..

كان الحصار من جميع الجهات ولابد من المرور فى ممر 20 كم جبال أحتلتها القبائل ، اتصل القائد بالقيادة فى صنعاء وأبلغ بالموقف الخطير جداً وأستحالة المرور .

ثم بخطة خداع جعل الفريق الشاذلى الجنود يعلقون ملابسهم على الحبال وأبقى الخيام منصوبة كما هى وكأنهم مقيمين فى المكان ..

حينما يرصد من فى الجبال الموقف لا يبدو الأمر وفيه تحرك .. وفى الليل كانت ساعة الصفر وبدأت القوات تتحرك عربات اللوارى مكشوفة تحمل الجنود يجلسون على الذخيرة ويطلقون النيران بشكل متواصل فى كل الاتجاهات وتم الانسحاب دون أى خسائر فى القوات ..

لحظة النكسة والأنكسار أين وكيف ؟

يواصل البطل ذكرياته ويصل إلى الجزء الأكثر إيلاماً لأبناء هذا الجيل من العسكرية المصرية والأكثر إيلاماً أيضاً لمجتمعنا المصرى فيقول :

فى يونيو 67 كنت مع قواتنا فى شرم الشيخ تحت قيادة العميد أركان حرب : عبد المنعم خليل ، وكانت المهمة المسندة إلينا هى غلق مضيق تيران ، أغلقنا المضيق وطردنا البوليس الدولى الكندى ، كانوا فى البداية يرفضون الرحيل لكننا أكدنا أنها الأوامر وهددناهم فانسحبوا فى اتجاه إسرائيل ، وقبل رحيلهم حاولوا ان يسمموا بئر المياه الوحيد بالمنطقة لكننا منعناهم من تنفيذ مأربهم ووضعنا حراسة على البئر . وقامت القوات بوضع ألغام بحرية فى المضيق .

ومن المعروف أن 6 حالات تعتبر إعلان حرب منها غلق المضايق .

لم تكن القوات الإسرائيلية متأكدة من غلق المضيق ولذا أرسلوا سفينة كبيرة عليها علم بنما تقريباً وسارت 3 أو 4 عقدة لترى إن كان المضيق أغلق أم لا ..

أعلن قائد البحرية أن المضيق مغلق لكن السفينة استمرت فى المسير فقام القائد بضرب طلقة مدفعية ساحلية على بعد 50 متر من السفينة ومع ذلك استمروا فى الملاحة فضرب القائد طلقة ثانية على بعد 10 أمتار وهنا استدارت السفينة عائدة وأيقنت إسرائيل أن المضيق مغلق .

فى 4 يونيو جمعت الجنود الذين هم تحت قيادتى وقلت لهم أننا على مقربة 60 -80 كيلو من ميناء إيلات بإسرائيل وأن الأمر قد يستغرق ساعتين أو 3 ساعات ونصل إيلات وأننا سنحقق بطولات وكان حديثى إليهم فى إطار رفع الروح المعنوية للمحاربين .

وفوجئت يوم 5 يونيو 1967 بالهزيمة ، حيث كان معى رئيس فرع الإشارة بالمظلات وكان معنا جهاز لا سلكى مداه 3000 كم ، أضاءت لمبة الجهاز ويعنى هذا أن هناك رسالة ، كنت من الحماسة حيث اعتقدت أنها أمر بالهجوم ، جاءت الإشارة وبدأ زميلى يفك الشفرة وأثناء فك الشفرة لاحظت عليه علامات الأرتباك والمفاجأة التى لم نكن نتوقعها ..

وكانت الإشارة من المشير عامر إلى العميد عبد المنعم خليل يأمر فيها بالأنسحاب إلى غرب القناة ..

بعد أمر الانسحاب ساد الهرج والمرج ، الكل يسعى للانسحاب ، كان الانسحاب عشوائى ، أما عن الفظائع التى حدثت فى الانسحاب فهى كثيرة فهناك من ماتوا عطشاً ، ومن ماتوا جوعاً ، ومن احترقوا بالنابالم المحرم دولياً .

وعن نفسى فى 6 يونيو الفجر كنت على الضفة الغربية ، قابلت أحد قادتى وبعد السلام والمصافحة توجهنا إلى أنشاص ، وفور وصولنا أنشاص وصلت الإشارة بتعيين العميد عبد المنعم خليل قائدى للدفاع عن مدينة السويس ، بأمر المشير عامر وعدنا إلى السويس .

فى السويس كنا مع اللواء عبد المنعم خليل ندافع عن السويس ونستقبل الشاردين فى حالة يرثى لها ..

مواقف لا أنساها :

من المواقف العظيمة التى لا أنساها أبداً أن أحد المدنيين المخلصين كان يأتى كل صباح برفقة ابنته وهى عروس فى سن 20 سنة ، يحضران فى الصباح ومعهما سندوتشات ولحوم وغلايات شاى ، يأتى الجنود الذين عادوا ولهم أسبوع او أكثر لم يتناولوا الطعام وعلى الفور يشرع الأب وابنته فى تقديم الطعام لهم ، كان حضور هذا الرجل وابنته يومياً ، يمضون الليل فى إعداد الطعام للجنود العائدين ، ونظرة لهم فى الصباح فور الوصول وأخرى آخر اليوم تكفى لندرك التعب والإرهاق الذى ينال منهما ، أضطلعوا بهذا الدور وهذه المهمة الإنسانية من تلقاء أنفسهم وبدافع وطنى بحت .

ولا أنسى أبداً ما شاهدته فى يوم حينما نزل ضابط بحرى إسرائيلى إلى مياه القناة فى زورق مطاطى وجلس فى القارب تلتقط له الصور وهو ممسك بعلم أبيض يعنى الاستسلام وظل يبحر بزورقه فى مياه القناة حتى قام أحد الضباط بضرب النار فوق رأسه وأمره بالاستسلام ، استسلم الضابط ،حيث كانت مهمته انتهت ، كانت التعليمات إليه أن ينزل إلى مياه القناة فى القارب بعلم أبيض وفقط حتى إذا ما بدأ التفاوض يكون لإسرائيل حق فى القناة ... وقد تم تسليم هذا الضابط إلى المخابرات ..

أما المشهد الثالث الأكثر إيلاماً ، فكان أثناء زيارة الجرحى فى المستشفى ، دخلت إلى عنبر المحترقين بالنابالم وفى أول سرير شخص محترق تماماً ولا يبدو منه إلا عينين بالكاد ترى وإذ به يتحدث بصوت خافت وهن قائلاً : أزيك يا محمد يا صالح ؟ أنت مش عارفنى ؟ لم استطع التعرف عليه فبالكاد تظهر عيناه .. خرجت من عنبر المحترقين بالنابالم ورائحة اللحم المشوى فى أنفى .. لكنها لحوم بشر ، أغلبهم استشهد .

كما سمعت الدكتور العقيد ينادى على الأطباء لفحص حالة غريبة لأحد الجنود إذ أنه أصيب أثناء الانسحاب وتلوث الجرح بشدة لطول الفترة حتى طفت الديدان فوق الجرح و على الفور اتخذ الاطباء كافة الاجراءات وتعاملوا مع الحالة .

ورأيت أحد القادة أثناء الانسحاب ، تركته قوات العدو أسبوعين سائراً فى الصحراء بغية تعذيبه أثناء الانسحاب وحينما قارب على الوصول أطلقوا عليه النيران واستشهد .

كيف كان الموقف بعد وقف اطلاق النار ؟

يجيب البطل قائلاً : الوضع كان يحمل الكثير من المهازل ، منطقة غرب القناة أغلبها مزارع ، يقف اليهود على الجهة الأخرى يوجهون أبشع الشتائم والقذارات ويرد المصريون .. ولم يكن خط بارليف قد تم تشييده فكان من الروتينى أن يرى الجنود بعضهم يومياً ويحدث الاحتكاكات لفظياً ومعنوياً .

ماذا عن القوات الجزائرية التى وصلت بعد النكسة ؟

بعد نكسة 67 وصلت قوات جزائريةللمشاركة فى الحرب ، وكان قائدهم الكولونيل غريانى وبالمناسبة هو من أبطال حرب التحرير الجزائرية حيث أكسبتهم الحرب ضد المحتل الفرنسى شراسة فى القتال .

ونزلت تلك القوات فى نادى شركة مصر للبترول فى الأدبية ، وقام سيادة اللواء عبد المنعم خليل بتعيينى ضابط أتصال للقوات الجزائرية ، قدمت نفسى للكولونيل غريانى وتعرفت إليه .. هذه القوات أول مجيئها بدون استئذان اللواء عبد المنعم خليل قاموا بالعبور ليلاً وأصطياد أسير إسرائيلى هدية لقواتنا ، ثم أصبحت هذه القوات تحت طلب وأمر اللواء عبد المنعم خليل ، ولم يطلب منهم أى تحرك .

كيف عاد الجيش المصرى مواجهاً العدو فى أسرع وقت ؟

بدأ الجيش المصرى فى استعادة قوته بتغيير جذرى فى القيادة وتولى الفريق محمد فوزى وزارة الحربية ، والفريق فوزى شخصية عسكرية عظيمة أعاد تنظيم الجيش وأوكل إلى اللواء عبد المنعم خليل قيادة الجيش الثانى ، وكان الفريق فوزى منتهى القسوة فى التدريب و الجدية والألتزام ، حتى أنه حدث أن ترك عميد موقعه فى أكتوبر 67 دون الرجوع إلى القيادة – قام بإخلاء موقعه - فعزله الفريق فوزى من رتبة العميد إلى عسكرى ..

كما وحدت قوات الصاعقة والمظلات فيما عرف باسم القوات الخاصة ، كان العميد نبيل شكرى قائد للصاعقة ، العميد محمود حسن عبدالله قائد المظلات ، واللواء سعد الدين الشاذلى قائد للقوات الخاصة .

وحينما زار الرئيس عبد الناصر الجبهة برفقته فى إحدى المرات ، قام أحد الضباط يشكو عدم نزولهم إجازة وهنا رد الفريق فوزى بأنه لا إجازات قبل تصفية آثار العدوان .. تدخل الرئيس ناصر مداعباً الفريق (( أنت متعرفش الهزار ؟؟ ))

وقد كان قرار الفريق فوزى أنه فى حالة الحرب القادمة لا انسحاب إطلاقاً وأن أى تراجع يعدم فوراً .. حتى إخلاء المصاب وهو شىء درسناه فى الكلية الحربية لم يعد مقبولاً .. لذا حينما حدثت الثغرة فى 1973 لم يكن قرار عدم التراجع جديد ..

وماذا عن ذكريات الاستنزاف ؟

يقول أغلب حرب الاستنزاف كنت فى البحر الأحمر ضمن وحدة تنظيم الطرق لمرور القوات ، كنت مسئولاً عن منطقة البحر الأحمر بالكامل ، شاهدت معركة شدوان 1970 ، وكنت أول من بلغ بضرب قاعدة الصواريخ وهى قيد التشطيب ، أبلغت الفريق الشاذلى باللاسلكى وقلت

(( يتم الآن قصف قاعدة الصواريخ الموجودة فى سفاجا وجارى حصر الخسائر )) .. ويضيف أن أغلب من استشهدوا كانوا من العمال الصعايدة وقد قمنا بالمساعدة فى نقل الجرحى والمصابين والشهداء ..

أضفت قائلة : لأن الخائن الفقى كان يخبر العدو بأماكن قواعد الصواريخ

فقال : فاروق الفقى كان رئيس الفرع الهندسى لقوات المظلات ، كان مهندس و يقوم بتسريب رسومات قواعد الصواريخ للعدو ، يأتى الطيران الإسرائيلى يقصف القاعدة ويصوب على مخارج الصواريخ بالضبط وحدث هذا أكثر من مرة مما جعل القيادات توقن أن هناك شخص ما على إطلاع بالتصميمات يساعد العدو حتى تم اكتشافه ..

وللعلم كان مكتبه ملاصق لمكتبى وقت أن كنت رئيس الخطط الإدارية لقوات المظلات ، وكان يتعامل بشىء من التعالى وكأنه يخفى أمراً ما ، وفى 1 يناير 68 نقلت إلى وحدة أخرى فى الجبل الأحمر ، حيث كان ميدان الإعدام موجود بالقرب من وحدتى .. وبعدها بشهور طلب منا حضور طابور إعدام فى الجبل الأحمر ، وحينما توجهت اكتشفت أنه فاروق الفقى ، ولقنه الشيخ ما يقول واستتاب ونصح الضباط زملائه ألا يقدموا على عمل مماثل ثم أعدم رمياً بالرصاص .

كيف عرفت باقتراب ساعة الصفر ؟

يجيب البطل : هناك أشياء عندما تحدث فى الجيش يمكن التنبؤ من خلالها ولأنى حضرت أكثر من حرب ورأيت أشياء عرفت أنها لا تحدث إلا فى حالة الحرب منها الخداع الاستراتيجى .

كيف ؟؟

يقول : حينما يتم تسريح دفعة عساكر ويشاهدهم العالم متوجهين إلى منازلهم ، يوقن العالم أنه الجيش يسرح دفعة عساكر إذن فلا حرب قادمة .. يبدو هذا للعالم وبعدها بساعات ترسل خطابات سرية إلى الجنود (( قدم نفسك لوحدتك فوراً ))

المشير أحمد إسماعيل يستقل الطائرة من مطار القاهرة على أنه متجه إلى الكويت مثلاً لكنه لن يذهب ، وينزل بالطائرة فى مطار الأقصر بعد أن ، عرف العالم أن وزير الحربية مسافر .. والرئيس السادات نفس الشىء يركب الطائرة ويوهم العالم أنه على سفر ولا يحدث ...

حينما يصل إلى الجبهة 200 لورى محملة بالقصب ويجلس الجنود يمصون القصب ..

رئيس مسافر ووزير حربية مسافر و جيش يسرح دفعة عساكر (( لا حرب تلوح فى الأفق ))

المهمة ساعة الصفر ...

وحينما لاحت ساعة التحرير كانت مهمتى إمداد الجيش الثالث بالذخيرة ضمن مهامى فى (( إدارة الإمداد والتموين )) ، كنت قائد وحدة فيها ما لايقل عن 250 لورى حمولة اللورى الواحد 40 طن ضموا إليها شركة نقل بالكامل .

وكانت مخازن القوات المسلحة فى الصحراء ومهمتى إمداد الجيش الثالث بالذخيرة والسلاح وتحت قيادتى 35 ضابط و1300 جندى ومدنى ..

كيف كان يتم الإمداد ؟

الإمداد كان يتم ليلاً لأن الطيران الليلى كان نادر ،وبعد العودة يكتب الضابط تقريره ، وفى حالة تعرضهم لقصف من طيران العدو تدخل اللوارى فى الصحراء على مسافات متباعدة 200 متر بين كل لورى والثانى لحين انتهاء الغارة ..

وحينما اقترح الإمداد بالقوة رفضت حيث أقترح البعض أن تخرج 20 سيارة محملة بالذخيرة فى حماية كتيبة صاعقة تحميها وتشتبك مع العدو لكننى رفضت وأعددتها عملية فاشلة حيث ستدخل السيارات ومعها أفراد الصاعقة وسط العدو بقوته فيستولى على الذخيرة ويقتل أفراد الصاعقة فنكون سلمناهم الذخيرة والمقاتلين .. وكذلك رفض الفريق الشاذلى الفكرة ولم تطبق .. أما رأيى فكان استشارى فقط و لو كانت الأوامر جاءت بالتصديق عليها لنفذت دون تردد .

ماذا عن الثغرة ؟

يجيب قائلاً : أمريكا أكتشفت ثغرة بين الجيشين الثانى والثالث بواسطة قمرها الصناعى ، ودفعت إسرائيل للتحرك جهة الغرب، كانت المنطقة أرض سبخية مشبعة بالمياه والأملاح وكانت مساحة الثغرة 20 كم تقريباً ، وردموا الجزء الذى سيعبرون منه بقوالب خرسانية ، عبر حوالى 30 ألف إسرائيلى بمعداتهم وأختبأوا فى القرى حيث كانت المنطقة مزارع وبساتين ، حتى إذا قصف الطيران الثغرة يقتل الأهالى ..

كان رأى الفريق الشاذلى حسب ما علمت أن تصفى الثغرة بالضرب المساحى من خلال قاذفات تى يو الثقيلة ( تضرب فى كل كم2 ) ولكن الإحصاء أوضحت وجود ما بين 50 – 60 ألف مدنى فيها ورفض السادات ذلك .

وحينما علمت أمريكا أن هناك محاولات لتصفية الثغرة أرسلت كيسنجر لإنذار السادات بأنه فى حالة تصفية الثغرة سوف تدخل أمريكا الحرب رسمياً ، وكانت أمريكا قبلها أمدت إسرائيل بالأسلحة من خلال الجسر الجوى ( الدبابات تنزل الجبهة بورقها ) ..

ولكن قيل أن السادات رفض سحب فرقة باتجاه الغرب مما أدى إلى تفاقم الثغرة ؟

مرة أخرى اؤكد أن قرار عدم الانسحاب أو التراجع كان من ضمن قرارات الفريق فوزى (( فى حالة الحرب القادمة لا انسحاب وأى فرد يحاول الانسحاب يعدم بالنار فوراً ))

هل كنت واثقاً من النصر ؟

منذ هزيمة 67 ونحن نعد أنفسنا للحرب والعبور ولحظة العبور كنت واثق من نجاح قواتنا حتى أننى كنت أجلس بشكل غير رسمى مع زملائى وهم يتلقون البلاغات من الجبهة .. فلان عبر .. فلان وصل كم كيلو .. وفلان .. وكانت أجواء الفرحة طاغية .. فى المقابل كانت الهموم والمسئولية تسيطر على التفكير فأى خلل أو نقص فى الإمدادات سيعقد بدوره الموقف ..

من الشهيد الذى أثر فيك استشهاده ؟

الشهيد الذى بكيته كان العميد إبراهيم الرفاعى أسطورة الصاعقة حيث كنت على دراية ببطولاته خلف خطوط العدو سواء ما أذيع ومالم يذاع ..

ويختتم البطل حديثه قائلاً :

حينما استعرض ذكريات الانتصار والحياة العسكرية ، أعيش لحظات كانت منتهى السعادة مثل لحظات الاحتفال بنا فى مركب كليوباترا بالسويس حينما عدنا من اليمن ، وحينما استمعت إلى بلاغات العبور من الجبهة .. وبالمثل أعيش أيضاً لحظات منتهى الألم حينما أعرف باستشهاد أحد زملائى وحينما تبتر أطراف من بعضهم ..

انتهى حديث البطل إلينا ولكن لا شك أن حديث الذكريات فى نفوس الأبطال لا ينتهى ..

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech