Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

العميد محمد عبد المنعم يوسف - الفصل الاول

 

الفصل الأول

 

مرحلة الاستعداد…

في أوائل شهر أكتوبر العظيم كان كل شئ يسير عادى إلا من بعض استعدادات سبق لنا أن مارسناها وهى استعدادات عاديه لمواجهه أي احتمال قد يصدر من عدونا الغادر، إلى أن فوجئنا باستدعاء أفراد الاحتياط الذين انهوا خدمتهم العسكرية وتوالى وصولهم إلينا في أيام معدودة وقد جاء هؤلاء الرجال وهم يعلمون أنها تجربه عاديه على غرار ما كان يحدث قبل ذلك. والحقيقة أن كل فرد جاء هذه المرة بالذات كان مصمما في داخل نفسه وفى عمق إحساسه أن لا يرجع هذه المرة قبل أن يفعل شيئا لأنه يعلم أن الأمد قد طال ولابد من التعجل ليوم الثأر لينهى هذه الخرافة التي كان يسمع عنها ويتمنى أن يضحي بنفسه في سبيل تحرير الأرض الغالية.بل كان كل فرد منهم يدعو ربه بأن تكون هذه المرة هي الأخيرة لتتاح له فرصه اللقاء بعدو الله وعدوه ليلقنه درسا لن ينساه ويفجر البركان الثائر في داخله ويحوله إلى نار وحمم تبيد كل من يقترب من أفراد العدو. ثم ظهرت بعض التحركات لقادتنا وظهرت بوادر نشاط غير عادى في المواقع المحيطة بنا وكانت الأمور تسير بجديه بالغة الأهمية وعلى درجه عالية من السرية والأمن جعلت كل فرد منا يدرك أنه لابد أن في الأمر شئ غير عادى سوف يحدث وأخذ كل واحد يعد نفسه تاركا كل شئ وراءه من مشاكله الخاصة في الحياة واضعا نصب عينيه مصر بما تحويه كل معاني هذه الكلمة من مسئوليات ومن عرفان بجميل هذه البلد، التي أعطت لنا الكثير والكثير وأنه إذا قدم الإنسان روحه فداء لهذا البلد فلن تكون إلا بقليل من كثير أعطته له. تلك هي الظاهرة التي كانت بادية في الموقع الكل يعمل في صمت وكل فرد يؤدى واجبه المكلف به ولا يحاول أن يسأل عما يحدث، لأنه يريد أن يحقق الحلم الذي ظل يداعبه طوال مده خدمته بالقوات المسلحة.

غير أن ذلك لم يغير من الأحوال العادية في الموقع حيث إنه بعد أن ينتهي من تنفيذ الأوامر العسكر يه يلتقي الجنود والضباط في المساء ويشاهدون برامج التليفزيون الذي أحضره قائد الموقع بالجهود الذاتية للأفراد وكانوا يستمتعون ببرامج شهر رمضان الكريم الكل يتسامر ويمرح ويقضون السهرة دون أن يعلموا ماكان يحمل لهم اليوم التالي بعد انقضاء ذلك اليوم. واستمر الموقع على هذه الحالة مده تتراوح بين يومين أو ثلاثة حتى صدرت إلينا الأوامر بالتجهيز والاستعداد الفعلي ليوم العبور ولكن لم يحدد الميعاد لأننا كنا دائما متيقظين ومستعدين  لتنفيذ الأوامر بالعبور إلى سيناء بمجرد صدور الأوامر إلينا حتى أنه لم يكن وقع الأوامر علينا مفاجئه لأن ذلك  واجبنا ووجودنا على خط المواجهة مع العدو أن نكون دائما على أهبه الاستعداد دائما لتنفيذ أي مهام نكلف بها للقضاء على هذا العدو الغادر الخسيس.

ومرت الأيام والليالي وكل فرد في الموقع يفكر بينه وبين نفسه ويتمنى من الله أن يكون له شرف الجهاد والاشتراك في هذا اليوم العظيم هذا اليوم الذي سوف يغير وجه التاريخ ليس في مصر وحدها ولكن في العالم أجمع وسوف يظهر فيه حقيقة المقاتل المصري الذي راح ضحية أكاذيب وإشاعات الصهيونية وكان في نفس الوقت يدرج لنفسه جدول أعمال يضعه على أحسن تخطيط وعلى أسمى ما يكون أن يؤدى بالفرد إلى النجاح ويفكر أيضا أنه إذا عمل عملا بطوليا فانه بذلك يضع لبنه في صرح النصر الذي سوف يتحقق على أيدي الرجال الأشداء الذين يسهرون على راحه هذا الوطن العظيم.

كان ذلك هو شعور الجندي والضابط وكل يفكر في دائرة اختصاصه وما تمليه عليه المسئولية ومهمة أداء تنفيذ الواجب الذي سوف يكلف به وأنه يعلم علم اليقين أن أي تقصير ولو ضئيل جدا سوف يكون له عواقبه الوخيمة ولا يشعر الفرد منا بأي شئ سوى أنه يريد أن تقترب ساعة الصفر وكان كل شئ في كل يوم يمر وكل ساعة تمضى يشير إلى أن حدث هام سوف يحدث ولكن متى لا نعلم لدرجه أننا كنا نتعجل هذه الساعة أن وجدت ليلا أو نهارا حتى نثأر من هذا العدو الغادر وكان يستبعد هذا التقصير أثناء تنفيذ عمله ولو أدى ذلك إلى التضحية بروحه في سبيل ألا يحدث أي شئ يؤخر من عجله النصر ويكون دائما مستعدا بكل ما يملك وبكل ما أوتى من قوه وعزم وإصرار على دفع عجله النصر إلى الأمام. وأخذ كل فرد يعيد التأكد على سلاحه ومهماته ومعداته وأدواته التي سوف تلازمه أثناء المعارك المحتملة أن يخوضها مع هذا العدو الغادر مؤمنا بالله وبوطنه وواثقا أشد الثقة في نفسه وفى قادته وواضعا نفسه تحت أي أمر أو عمل يكلف به في الحال، يعلم أنه إذا جاء هذا اليوم فلابد أن يصل نهاره بليله وأن يكون مستعدا دائما لأي مواقف يتعرض لها، لأنه يعلم غدر ومكر وخبث هذا العدو اللعين.

كان هذا في شهر رمضان المعظم وكنا بالضبط في الأيام الأولى من الشهر المبارك وكان أهم شئ هو تأدية فريضة الصوم وإقامة الصلاة في هذه الأيام المباركة علما بأن الأوامر صدرت إلينا بالإفطار ولكن قوة وعزيمة وإيمان المقاتل المصري بأن الله يقف دائما إلى جواره ينصره ويشد من أزره ويخرجه من نصر إلى نصر فهل يبخل على الله بأداء فريضة الصوم وإقامة الصلاة وكان ذلك لا يؤثر على ما يبذله طوال اليوم وفى غضون الليل من عمل ومجهود سواء كان هذا العمل شاق أو سهل.

 اقتراب ساعة الصفر…

كان الوقت يمر ولا يشعر الفرد منا بأي شئ سوى أنه يريد أن تقترب ساعة الصفر وكان كل شئ في كل يوم يمر وكل ساعة تمضى يشير إلى أن حدث هام سوف يحدث ولكن متى لا نعلم لدرجه أننا نتعجل هذه الساعة إن وجدت ليلا أو نهارا حتى نثأر من هذا العدو الغادر.

التلاحم بين الجنود والأهالى…

وبنظره عامه حولنا كنا نجد كل شئ عادى ولا يخرج من كونه الطبيعي الذي كنا نراه عليه كل يوم.الفلاحون في حقولهم يحصدون ويجمعون محصول الفول السوداني الذي يعتبر من أشهر محاصيل المنطقة التي كنا نتمركز فيها وكانوا يحتفلون معنا بأيام وليالي شهر رمضان المبارك والكل يتسابق إلى عمل الخير بشتى الطرق لأنه في هذا الشهر بالذات يلتحم الجنود مع أهالي المنطقة ليشاركوهم فرحه هذا الشهر الكريم وكأنهم يقضونه بين أهليهم وإخوانهم وعشيرتهم والكل حريص على  ألا يضر هذا التلاحم بالنواحي الأمنية حتى لا يستغله العدو .فهذا  محمود ذلك الفلاح البسيط الذي كان بمثابة الأخ لكل فرد من أفراد الفصيلة التي كنت قائدا لها أنه غاية في الطيبة والبساطة وبرغم انه كان لا يقرأ  إلا بصعوبة إلا انه كان يجيد قرض الشعر وهو مختلى بنفسه في أرضه الزراعية المحيطة بالموقع ، وهذا الصبي الصغير سيد الأخرس الذي كان لنا بمثابة الفاكهة التي كنا نتسامر معه يوميا ونعتبره واحد منا لقد كان صيادا ماهرا للطيور بواسطة فخ بسيط كان يصنعه من السلك وغيره وغيره كثيرون لن أنساهم أبدا .لن أنسى الطفلة أمال ذات السبعة أعوام التي كانت تحضر لي اللبن الحليب يوميا مقابل قرشين صاغ فقط وهى بالمناسبة شقيقه الشاب محمود الشاعر البسيط واخوته البنات السبعة ووالدهم عم سيد .إنها أيام لن تنسى ولى فيها ذكريات وذكريات وكان الأهالي في تلك المنطقة وجميع المناطق على طول القناة يتوقون شوقا أكثر منا إلى سيناء لأنهم هجروها أثناء عدوان 1967 وفى كل يوم يمر يجددون الأمل في العودة إليها على أيدي أبنائهم وإخوانهم البواسل الرابضين معهم على خط النار.

طبعا لن أنسى حقول البطيخ الأسماعيلاوى الذي لم ولن أتذوق مثله أبدا وبما إننا كنا نعيش ونعسكر حول هذه الحقول فكان لابد من أن نأكل منها وكان الأفراد وهم عائدين من الكمائن التي كنا ننصبها ليلا على شط القناة يعودوا محملين بالبطيخ كل يملأ البطانية بما يقدر على حمله ويعودون وكأنهم على بابا والأربعين حرامي ويتكرر هذا المنظر يوميا ويأكل أفراد الفصيلة البطيخ يوميا وخاصة الجندي بدوى حكمدار السلاح الذي كان نحيفا جدا ولكنه في ساعة الطعام كأنه دوده القطن لا يعرف للشبع طريق فعندما كنت اطلب منه أن يأتينا ببعض من قرون الفول الأخضر حيث كان يزرع بجوارنا في الحقول وذلك لنأكله مع الجبن كان يذهب إلى الحقل ويأتي لنا بما مقداره أربعه أو خمسه كيلو فول لنأكل نحب الأفراد اللذين لا يزيد عددهم عن ثلاثة أفراد ويقوم الجندي بدوى بالمهمة وينقض على الباقي ويدمره كدوده القطن. وهناك ذكريات كثيرة لى على شط القناة لا يتسع المجال هنا لذكرها ولن أنساها طوال حياتي .

 

ويمضى الوقت سريعا…

وكان الوقت يمر بسرعة والأحداث تتلاحق وعقارب الساعة تشير إلى أشياء تشعرنا أن شيئا جديدا على وشك أن يحدث وكل ذلك ولم يدرى ولم يعرف أحد من أفراد الموقع هل صحيح أنه سوف يصدر أمر عسكري صادر إلينا بالعبور ونعرف ساعة الصفر وفى أي يوم سواء في أول ضوء أو في أخر ضوء حسب دراستنا العسكرية أن الهجوم إما أن يكون في أول ضوء أوفى آخر ضوء من النهار ولم نتوقع أبدا أن يكون الهجوم في وسط النهار على مرأى من عيون العدو التي أعماها الله في تلك اللحظات حتى يكلل الله مجهوداتنا بالنصر المبين رغم كل ما يجرى حولنا من زيارات ومقابلات كثيرة تمت في وقت قصير جدا لقادتنا معنا.

وحان الوقت الذى أنتظرناه طويلا…

ثم جاء يوم السبت السادس من أكتوبر العظيم عام 1973 ،كان صباحنا مشرق عادى كأي يوم من تلك الأيام القليلة الماضية. صحونا من نومنا مبكرين وبدأنا يومنا بتقاليدنا العسكرية المعتادة التي نمارسها يوميا، كان هذا اليوم موافقا عيد عند اليهود يسمى عيد الغفران ،كانت المراقبة والملاحظة لأفرادنا على قوات العدو عادية علما بأن مكان نقطة ملاحظة العدو في هذا اليوم أمام موقعنا أنتقل إلى مكان أخر يبعد عنا مسافة ليست قليلة وكانت حركة أفرادنا في الموقع عاديه في تنقلاتهم داخل الموقع ولم يظهر فيها أي بادرة توحي للعدو أن هناك شئ غير عادى وأن هذا اليوم سيكون  اليوم الذي سوف يغير وجه التاريخ وسيكون نقطة التحول من الانكسار والذله إلى العزة والكرامة والنصر .

 

خداع العدو…

ولخداع العدو والتمويه عليه بأن الأحوال عاديه وأنه لا يوجد لدينا نية لمهاجمته فقد كانت هناك خطه تمويه فاتت على العدو ولم يتنبه لها وهذا كله بتوفيق من الله سبحانه وتعالى ؛لأنه لو أن العدو قد فطن إلى أن هناك تجهيز لعمليات حربيه وعبور القناة إلى الضفة الشرقية ما تركنا لحظة لإكمال باقي العملية. ومن أهم خطط خداع العدو أن الأمور عادية أن بعض الأفراد أخذوا الأوامر بلعب الكرة والبعض الأخر نزل إلى القناة للاستحمام في استرخاء تام ليوحي للعدو بأنه لا نية للهجوم . ولم ندرى بعد ذلك أن كل الذي حدث بالأحوال العادية كان جزءا هاما من خطة العبور وذلك لدواعي الأمن والسرية المطلقة التي صاحبت كل عمل أو خطة عسكرية نفذت في ذلك الوقت.

وعرفنا الموعد …

واقتربت الساعة من الثانية عشرة ظهرا وحضر إلينا قائد الكتيبة التي كانت فصيلتي تحت قيادته وأبلغ قائد السرية بأن ساعة الصفر قد حددت وهى الثانية والثلث بعد الظهر وبسرعة البرق انتقل قائد السرية يبلغ ضباطه بأمر العبور والتأكيد على تنفيذ كل وحدة فرعيه للمهام التي ستطلب منها وأن كل أمر سيصل إليهم في الوقت المطلوب فيه تنفيذ المهمة وأكد معهم ثانيا المهمة المكلفة بها وحدتنا ثم بعد ذلك انتقل كل ضابط منا إلى وحدته الفرعية حيث قام بإبلاغ الأفراد بميعاد ساعة الصفر. إلى هذا الحد كان كل شئ يسير على ما يرام وكان يوجد وقتها بعض الأفراد يستحمون في القناة ومرت من أمامنا عربة المراقبين الدوليين . والأمور عاديه جدا.وعندما علم الجنود من قادتهم ساعة الصفر لم يصدقوا في بادئ الأمر ووصلت بهم إلى حده النقاش السريع المفتعل بفعل اللهفة على اقتراب هذه الساعة رغم انه لم يبقى على ميعادها ساعة أو تزيد بدقائق وكنا كما درسنا وتعلمنا أن ساعة الصفر لا تأتى أبدا في وضح النهار وكما تعلمنا أنها تكون إما في أول ضوء في الصباح أو في أخر ضوء في المساء أما وقد تحددت ساعة الصفر في منتصف النهار من يوم السادس من أكتوبر فذلك يحمل أكثر من معنى وهدف، وإننا فهمنا على الفور أننا لا نريد أن يظن العدو أننا سنهجم عليه بالنهار وهذا شئ طبيعي لو قارناه بالحروب السابقة ذلك أن العدو كان يرى كل شئ أمامه وأنه عندما كان يشعر بأي شئ غير طبيعي يحدث أمامه في مواقعنا يأخذ الحذر والحيطة ويضع أسلحته ومعداته في حاله استعداد قصوى للرد على أية بادرة عدوان من ناحيتنا. وذلك دفع قادتنا إلى أن يكون كل شئ عادى في مكانه وهذا  من أهم أسباب نجاحنا في يوم العبور العظيم.

بدء الأستعداد للعبور…

ومع اقتراب الساعة الواحدة والنصف ظهرا صدرت الأوامر إلى بعض وحداتنا الفرعية الصغرى بالتوجه إلى مكان ما للاستعداد للانطلاق منه إلى القناة والعبور إلى الضفة الشرقية واخذ كل فرد في الموقع مكانه المكلف بالعمل فيه . كانت مهمة فصيلتي هي حماية الموقع الذي كنا موجودين فيه وهو جبل مريم الواقع على بحيرة التمساح وانضمت إلينا بعض الدبابات لتساعدنا على تنفيذ المهمة المكلفين بها ضد أي إسقاط جوى لقـوات العدو في تلك المنطقة وحماية ظهور قواتنا أثناء العبور وكذلك الاشتباك مع العدو في حالــه التصدي لقواتنا أثناء قيامها باقتحام قناة الســويس. وبســرعة مررت علي الأفراد للتأكــد من أن كل فرد في مكانه المحدد له وأنه يعــرف مهمته ومستعد لتنفيذها. ثم بعد ذلك أخذت مكاني في نقطة الملاحظة في أعلي نقطة في الموقع لأتمكن من إدارة النيران والتبليغ عن أي ظهور لأفراد العدو وإعطاء الأوامر للأفراد للاشتباك معهم والقضاء عليهم وكان معي في هذه النقطة رقيب الفصيلة والفرد القناص.ثم اقتربت ساعة الصفر ونحــن رابضون في موقع الملاحظة نتعجل هذه الساعة وهل صحيح أننا في هذه المرة سنشفى صدورنا من الغــل الذي طلســم عليها لأننا إلى هذه اللحظة كنا نعتبر الأمر مجرد اختبـار للكــشف عن نوايــا العدو كالذي كنا نجريه من وقـت لأخر.كان هذا شعور كل فرد، وانه لا يصدق  بعد دقائق سيعبر القناة وليس ذلك الشعور ناتج عن خوف أو رهبه أو استكانة ولكن كان يود أن تكون هذه المرة فعلا أمرا حقيقيا حتى يقضى على الأفكار التي تساوره بالتردد ويقطع الشك باليقين ويخلص على من صوروه بأنه لا يقهر وهو يعلم انه قاهره ومنتصر عليه.وفى أثناء وجودي في نقطه الملاحظة كنت أرى أمامي سيناء الحبيبة برمالها الصفراء وكان الدم يغلى في عروقي شوقا للعبور وينتابني حنين جارف لا أستطيع أن أصفه أو أعبر عنه وكان هذا شعور كل فرد على جبهة القتال. وكان أمامنا نقطه قويه من القلاع الحصينة من قلاع خط بارليف الذي صنعه العدو وقال عنه انه أقوى حاجز دفاعي أنشئ منذ قيام الحروب وانه مقبرة موت لكل من يحاول أن يقترب منه.

وصف سريع للنقطة القوية…

 

 

 

ووصف سريع لهذه النقطة الحصينة على غرار ما شهدناه بعد عبورنا للقناه للضفة الشرقية . أن هذه النقطة الحصينة بها من جميع أسلحه التدمير والفتك سواء كانت لأفراد أو معدات مثل الدبابات وقواعد الصواريخ والمدفعيات الثقيلة والخفيفة والهاونات من مختلف أنواعها ومستودعات النابالم علاوة على كميه الذخيرة الموجودة بداخلها والتي تكفيها للقتال لمدة خمسة عشر يوما متواصلة ليلا ونهارا هذا بخلاف طرق الاتصال وأجهزة اللاسلكي والمعدات الالكترونية التي تعمل كلها بداخل النقطة إلى جانب ذلك توجد وسائل الترفيه المختلفة وتشمل صالة سينما وتليفزيون وبعض الملاعب لبعض الألعاب الرياضية وعنابر النوم الخاصة بقوه النقطة القوية من الأفراد ،علاوة على هذا كميه التعيين (الطعام) والمياه الموجودة بداخلها وهى تجعلها في حاله اكتفاء ذاتي لمدة طويلة .

هذا منظر عام من الداخل أما من الخارج فأنه عبارة عن قلعه حصينة بما يحويه معنى كلمه القلعة فقد يصل ارتفاع السد الترابي الذي وضع عليها إلى عشرات الأمتار فوق الخرسانات المسلحة والقضبان الحديدية ثم ملتفة التفاف كلى بعد احزمه من الألغام على مختلف أنواعها وبعمق رهيب إلى مسافة عدة أمتار علاوة على ذلك كله محاطة بمجموعه أسوار من الأسلاك الشائكة  المتشابكة المتراصة حولها في نظام محكم.

كان يفصل بيننا وبين هذه النقطة القوية لسان بحيرة التمساح وكان اسمها النقطة القوية نمرة 6 وكانت تعتبر من أقوى النقط القوية على خط المواجهة مع العدو لموقعها الإستراتيجي الحاكم على عدة مناطق وكانت مطلة مباشرة على مدينه الإسماعيلية حتى إنها كانت في أي اشتباك في معارك المدفعية كانت معظم نيرانها تقع على مساكن المدنيين بمدينه الأسماعيليه. في ذلك الوقت كان الكل على أهبه الاستعداد لأن الوقت يمر بسرعة وساعة الصفر على وشك الاقتراب والكل يتعجل هذه الساعة التي أصبحت وشيكه بعد دقائق.

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech