Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

العميد محمد عبد المنعم يوسف - الفصل الرابع

 

الفصل الرابع

 

الهدوء الذى يسبق العاصفة…

ومع مشرق يوم الرابع عشر من أكتوبر كان الجو في هذا اليوم ساطعا والشمس فيه مشرقة والسماء صافية لا يعكر صفوها إلا طائرات العدو التي كانت تنطلق مع أول ضوء ولا تهدأ إلا في أخر ضوء وكانت السماء ممتلئة بطلقات المدفعية المضادة للطائرات التي كانت تجعل السماء وكأنها تمطر نارا على طائراتهم مما كان يجعل الطيارين الإسرائيليين في حالة ذعر دائم من هول الصواريخ .

وفى صباح ذلك اليوم جاءت إمدادات التعيين لنا وفى أثناء قيامي بتوزيعها ومعي رقيب الفصيلة وأثنين من الجنود كنا لا نرى في السماء أي طائرة للعدو وقد فكرنا أن طائرات العدو في حالة استراحة قصيرة ولكن ما لبث أن سمعنا صوت طائرة وقبل أن ننظر إلى السماء لنعرف مكانها فوجئنا بطائرة أخرى من طراز سكاى هوك تمر من فوقنا ثم فوجئنا بانفجار مروع لم يكن بيننا وبينه سوى أمتار قليلة وصحب هذا الانفجار لهب ودخان متصاعدا إلى أعلى وبمجرد سماعنا لصوت الانفجار انبطحنا أرضا بعضنا فوق بعض والكل يتوقع أن يمتلئ جسده بشظايا كثيرة قد تصيبه عقب هذا الانفجار ولم نفق من رقدتنا هذه إلا على أصوات استغاثة من بعض الجنود الذين أصابتهم بعض شظايا هذا الانفجار وكانوا من طاقم المدفع المضاد للدبابات الموجود معي في الفصيلة وعلى الفور قمت مسرعا نحوهم لأرى ماذا حدث ففوجئت بأن ثلاثة من الجنود قد أصيبوا نتيجة الانفجار وبسرعة أمرت بإخلائهم إلى النقطة الطبية وقد ظهر  بعد ذلك أن هذا الانفجار كان نتيجة صاروخ جو أرض قذفته الطائرة أثناء جلوسنا وقت توزيع التعيين.وبعد أن أفقنا من ذلك الانفجار أخذ كل فرد يخفى ويموه في موقعه خوفا من أن يعاود الطيار القصف على هذا الموقع بعد أن عرف أن به قوات مصرية وأخذ كل فرد حذره من الظهور على سطح الأرض.وظللنا داخل مواقعنا إلى أن حل الظلام وكانت ما تزال مدفعية العدو مستمرة في الضرب المتقطع الطائش،ولقد كانت بعض هذه القصفات تمر من فوقنا وفى بعض الأحيان كانت تسقط خلف موقع الفصيلة أو في داخل الموقع دون أن تصيب أي فرد وكان هذا من حفظ الله ورعايته لنا.ومع حلول الظلام بدأت أشدد على الخدمة الليلية واليقظة التامة لأن موقع الفصيلة كان أول موقع مباشر أمام العدو وأن أي ضربه للعدو سوف توجه إلى موقع فصيلتنا وفى أثناء الليل كان جميع الأفراد في استطلاع دائم تجاه العدو وفى نفس الوقت كانوا يتابعون قصفات مدفعيته التي لم تهدأ في الليل كما أشرت من قبل ذلك أن قصف مدفعيته في حاله مستمرة ليلا ونهارا ولكن كانت تختلف تلك القصفات في الشدة من وقت لآخر دون أحداث أي خسائر في الأفراد.

وفى صباح يوم الخامس عشر بدأ العدو بطلعاته الجوية المعتادة كما تعودنا عليها ولكن من كثرة سقوط طائرات العدو أخذ يقلل من تلك القصفات والطلعات الجوية وأصبح يفصل بين كل طلعة وأخرى زمن قليل وفى متابعتنا عن طريق الراديو للبيانات العسكرية كنا نعلم بكل الانتصارات التي كانت تحققها قواتنا المسلحة على مختلف الجبهات ومدى الخسائر التي كان يتكبدها العدو في أسلحته ومعداته وأفراده وكان لتلك البيانات عظيم الأثر في نفوسنا وكانت بمثابة شحنات لرفع الروح المعنوية للأفراد وازدياد الثقة في قوة عزمنا وتصميمنا على تكملة مشوار التحرير الذي بدأناه في السادس من أكتوبر .كانت حالة الأفراد من الناحية المظهرية تزداد سوء وذلك لعدم توفر الوقت أو حتى مجرد التفكير في تغيير ما طرأ على كل فرد من طول الشعر سواء الرأس أو الذقن وأيضا لعدم توفر المياه حيث أن الجو كان أشبه بأيام الصيف التي يحتاج فيها الإنسان إلى مياه كثيرة وحيث أن كميه المياه التي كانت تصل لكل فرد  لا تكاد تكفى حتى لمجرد الشرب وكانت إمدادات المياه بالذات لاتصل بصورة منتظمة مما يجعل زمزميه المياه الواحدة المقرر لها يوم واحد كانت تستمر لمدة يومين أو أكثر ورغم كل ذلك لم يحاول أي فرد أن يضيع وقته ولو حتى دقائق في تحسين مظهره وكنا جميعا مشتركين في هذه العملية المظهرية.

 

وظننت أنها دبابة تحاول الأختراق…

مر الجزء الأول من اليوم ولم يحدث أي شئ من جانب العدو ولم يحاول القيام بأي هجوم ، وفى حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر وأثناء جلوسنا بعد أن تناولنا وجبة غذائنا فوجئت ببعض جنود الفصيلة ينادون على بصوت مرتفع عن رؤيتهم بوجود دبابة للعدو متحركة في اتجاهنا وعلى الفور بدأ كل فرد يستعد لاستقبال هذه الدبابة للعمل على تدميرها قبل أن تخرج أي طلقة وبسرعة أمسكت بجهاز البيروسكوب المكبر الموجود معي وأخذت أتحقق من هذه الدبابة وأحدد مسافتها ففوجئت بالأتي أن هذه الدبابة عليها أثنين من جنودنا الأبطال بملابسهم الكاكى وقد رفع كل منهم علم أبيض دليل على أنها في حالة استسلام وبسرعة قمت بإبلاغ الأفراد بعدم إطلاق أي نيران على هذه الدبابة لأنها دبابة من دبابات العدوتم أسرها وقد استسلمت لقواتنا وأن الجنديين الذين كانوا عليها قاموا برفع هذه الأعلام كإشارة لقواتنا بأنها مستسلمة وحتى لا يطلق عليها أحد النيران وقد سارت الدبابة مسافة حوالي 300 متر ثم وقفت ونزل منها ثلاثة أفراد أثنين مصريين مصوبين بنادقهم نحو الفرد الثالث ولقد كان هذا الفرد جندي إسرائيلي سائق الدبابة وتركوا الدبابة وساروا على أقدامهم ولكي أتأكد أن هذه الدبابة ليست فيها أي خطورة فقد قمت بدفع مجموعة من الجنود بقيادة رقيب الفصيلة بأسلحتهم والتوجه نحو الدبابة وقد خرجوا في اتجاه الدبابة وهم يتقدمون بحذر حتى وصلوا إليها وقاموا بتفتيشها والتأكد منها وأثناء ذلك كانت الفصيلة في استعداد تام ثم بعد لحظات عاد الأفراد بعد أن تأكدوا أن الدبابة خاوية تماما من أي نوع من الذخيرة وأنها في حالة عطل ثم جاءت دبابة مصرية وقامت بجرها وإخلائها إلى الخلف.ومع حلول الظلام أمرت أفراد الفصيلة بأن يكونوا على يقظة تامة وربما أن تكون هذه الحركة خدعة ينوى العدو بعدها القيام بعمل انتقامي ولكن لم يحدث أي شئ في تلك الليلة.

ومع صباح يوم السادس عشر من أكتوبر لاحظنا أن طيران العدو في حالة نشاط غير عادية لم يسبق لها مثيل وأدركنا أن العدو ينوى القيام أي شئ وأنه دائما إذا حدث أي هجوم بالدبابات كان يسبقه تمهيد بالقصف الجوى لطيرانه وقد ركز العدو هجماته لليوم الثاني ضد الفرقة 16 مشاه مع شغل باقي قواتنا شرق القناة وقد وصل حجم المجهود الجوى في هذا اليوم إلى حوالي 130 طلعه طائرة .وفى حوالي الساعة العاشرة صباحا وأثناء عودة إحدى طائراته بعد أن قصفت حمولتها وعلى ارتفاع بسيط تمكنت إحدى صواريخنا من إصابة الطائرة فأخذت تتلوى في الجو كالطائر الجريح ثم هوت محترقة على الأرض وبمجرد اصطدامها أحدثت دويا عنيفا وتبعثرت أشلائها في كل مكان وقد قمت بدفع فردين للبحث عن الطيار أن وجد والقيام بأسره وبمجرد أن وصل الفردين إلى حطام الطائرة وجدوا أن جسد الطيار متناثرا ومبعثرا ومحترقا مثل أجزاء الطائرة التي نجحت الصواريخ في اصطيادها وتدميرها. وعند سقوط هذه الطائرة التي كانت المسافة بيننا وبينها لاتزيد عن 500 متر علت صيحة من أعماق الأعماق من الجنود مرددة في صوت واحد الله أكبر الله أكبر وكانت هذه الصيحة بمثابة الصاعقة الإلهية التيكانت تنقض انقضاضا عنيفا على طائرات العدو التي كانت تحلق في سماءنا ومع كثرة سقوط الطائرات للعدو في هذا اليوم بالذات حيث شاهدنا في زمن أقل من نصف ساعة سقوط أربع طائرات في أربع اتجاهات مختلفة وأسر بعض الطيارين الذين كانوا يقفزون بالمظلات وكانوا قبل أن تلامس أقدامهم أرض سيناء كان جنودنا ينقضون عليهم ولولا أن كانت هناك أوامر بعدم قتلهم وتسليمهم أحياء لقام هؤلاء الجنود بتمزيق أجسادهم إربا مثلما حدث لجندي الدبابة مما كان يملأ صدورهم من حقد وكراهية لهؤلاء القتلة المأجورين الذين لا تعرف قلوبهم الرحمة وكانوا عندما يقعون في الأسر يطلبون بإلحاح من جنودنا أن يتركوهم يعيشون ويطلبون الاستغاثة ويظهرون على حقيقتهم التي كان أساسها الجبن المختفي في نفوسهم وراء الدعايات المغرضة التي كانوا يعلنونها على العالم ،ولقد تعلموا أن طائراتهم لن تحميهم على عكس ما كانوا يتصورون ، وكان العدو قد قام ببعض هجماته على بعض من وحدات الفرقة 16 المشاة على الجانب الأيمن من الفرقة وقد وصل حجم الدبابات القائمة بالهجوم في هذا اليوم بحوالي مائة دبابة مدعمة بالمشاة الميكانيكية وتسترها الصواريخ والمدفعية والطيران.

خطاب الرئيس وأثره فى نفوسنا…

ومع اقتراب الساعة الثانية عشرة ظهرا بدأت أستمع إلى خطاب الرئيس أنور السادات وكانت هذه أول مرة يتكلم فيها في الإذاعة منذ بدء المعارك وعلمنا أن هذا الخطاب سيحوى مفاجآت بالنسبة لانتصاراتنا التي تحققت منذ السادس من أكتوبر وبدأ خطاب الرئيس وأتذكر ساعتها بالضبط أن اشتدت نيران مدفعية العدو وأزدادت غاراته الجوية وكان هدفهم من ذلك هو خفض الروح المعنوية لنا والتي أصبحت في ارتفاع السماء نظرا لانتصاراتنا المتوالية على قوات العدو ولكننا كنا على حذر واستعداد أكثر جدية لردع العدو إذا ما فكر أن يعكر صفو هذا اليوم الذي نعتبره من أيامنا العظيمة حيث أنه تكلم فيه السيد الرئيس عن بطولات جيشنا العظيم وأوضح ما قامت به قواتنا المسلحة من أعمال وبطولات عظيمة وتضحيات لم يسبق لها مثيل سوف يسجلها التاريخ على مر العصور لهؤلاء الرجال البواسل.

وعلى حسب ما توقعنا من نوايا العدو الغادرة فلم تمضى ساعتين على انتهاء خطاب الرئيس .

ودفنت علبة التعيين فى الرمال…

وأثناء ما كنت أفتح علبة التعيين لأتناول الغداء فوجئت بصيحات مرتفعة من كل أفراد الفصيلة تشير إلى بدء هجوم عنيف بالدبابات والعربات المدرعة من جانب العدو وهى قادمة في اتجاهنا وعلى الفور دفنت علب التعيين في الرمال بعد أن فتحتها ولم أتناول أي كمية من الطعام في ذلك اليوم وأخذت بسرعة أبلغ الموقف لقائد السرية وفى نفس الوقت أعطيت الأوامر لجميع الأفراد بالاستعداد والثبات لملاقاة العدو وقتاله حتى أخر لحظه ولو كلف ذلك كل فرد حياته، ولم تمضى دقائق على ذلك حتى بدأت نيران العدو من الرشاشات الموجودة فوق الدبابات تصل إلينا بكميات لم أر مثلها من قبل وكل هذا بغرض خفض رؤوس أفراد المشاة الذين كانوا يعملون لهم ألف حساب حيث أنه بالقضاء على أفراد المشاة يكون الطريق ممهدا لهم لتحقيق أهدافهم ، وبدأت الدبابات تقترب من الموقع وأصبح الموقف في غاية الخطورة وكان في هذا الموقع بعض دباباتهم المدمرة في المعارك السابقة أخذوها كنقط إرشادية يوجهون عليها نيرانهم الكثيفة. ومع اقترابهم إلينا أحسسنا أن الموقف ليس في صالحنا لأنه ظهر من كثافة نيرانهم أن عدد الدبابات المهاجمة ليس اقل من أربعين دبابة أو أكثر وللآن لم تقم مدفعيتنا بقصف أو ضرب أي طلقة عليهم ولكن هذا لم يجعلنا نفقد الأمل في أن الله معنا وسوف ينصرنا عليهم، وماهى إلا لحظات قصيرة جدا حتى بدأت نيران المدفعية تنهال عليهم بشدة وكثافة عنيفة جعلتهم في منتهى الخوف والرعب وأخذوا يتخبطون ولم يحاولوا أن يطلقوا قذيفة واحدة وبدأت الدبابات تحترق الواحدة تلو الأخرى والتي كانت تحاول أن تلوذ بالفرار تلحقها طلقات المدفعية وتقطع عليها طريق العودة حتى أنه لم ينجوا من هذه الدبابات سوى عدد قليل جدا تفرق في داخل المواقع المجاورة وقمت أنا ومعي بعض أفراد الصواريخ الخفيفة المضادة للدبابات بتدمير أربعه دبابات وأسر خمسه أفراد من أطقمها وتم ترحيلهم إلى الخلف وتم أسر باقي أطقم الدبابات في اليوم الثاني وهم مختبئين خلف إحدى التلال العالية.واستمرت هذه المعركة حتى غروب الشمس ولم ندرى بعد ذلك أن هذه المعركة كانت عبارة عن كمين نصب لهذه الدبابات المهاجمة وأن سبب تأخر المدفعية في الضرب هو الانتظار حتى تقع معظم هذه الدبابات في الفخ وحتى لا تعطيها أي فرصة أو أمل في الهروب ولذلك تركتها تتوغل في اتجاه مواقعنا حتى توهمها بأنه لا يوجد أي مقاومات تتصدى لها وكان لهذا الكمين أثره العظيم في إسقاط وتدمير معظم هذه الدبابات .وبانتهاء هذه المعركة التي دمرت فيها مدفعيتنا قوة هائلة من الدبابات أخذ كل الأفراد يصيحون الله أكبر الله أكبر وقد ارتسمت البهجة والسرور والفرح العميق على وجوههم جميعا وصدق قول الله العلي العظيم في قرآنه الكريم" إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" صدق الله العظيم.

وأخذ كل الجنود يتبادلون  تهاني هذا الانتصار العظيم الذي تحقق على أعداء الله وأعداء الدين ، ولم تأخذنا نشوة هذا الانتصار في نسيان ما يتطلبه منا الأمر بالاستعداد واليقظة الدائمة بل كان على العكس يدفعنا إلى مضاعفة الحذر والملاحظة ومراقبة العدو المستمرة في كل تصرفاته لأننا نعلم طبيعة غدر وخيانة عدوناالذي يتمنى أن يمسك علينا أي فرصة أو خطأ قد يحدث منا حتى ولوكان بدون قصد.

وأثناء ليل ذلك اليوم حاول العدو الانتقام لخسائره الرهيبة التي تكبدها وذلك بأن ضاعف من عدد ضربات مدفعيته بدون توقف لمحاولة إحداث أي خسائر ولكنه لم ينل ماكان يهدف إليه وذلك بحفظ الله ورعايته لنا حتى أن قصف هذه الليلة بالذات لم يحدث أي أصابه لأي فرد في الموقع.

تبادل المواقع للتمويه…

وفى صباح يوم السابع عشر من أكتوبر توالت الأحداث الساخنة ويستمر هجوم العدو بكل إمكانياته لإنجاح خطته وتدور معارك رهيبة رهيبة لم تشهد لها سيناء مثيلا من قبل ويستمر العدو في تركيز هجماته على الفرقة 16 المشاة هجمات ليلية ونهارية ، بدأ الطيران الإسرائيلي بطلعاته المعتادة التي تعودنا عليها ولم نعط لها أي اهتمام وفى حوالي الساعة العاشرة صباحا صدرت إلينا الأوامر بالتحرك إلى موقع أخر وغيار فصيلتي بإحدى فصائل الكتيبة المتمركزة بجوار طريق الطالية المتفرع من الطريق الأوسط وكان الهدف من هذا الغيار هو عمليه خداع وتمويه للعدو وحتى لا نجعل الموقف أمامه ثابتا كما يراه لأنه مع التغيير سيفكر كثيرا في أي عمل قد يقوم به وكانت الأوامر تشير إلى تنفيذ ذلك التحرك نهارا ولكن من ظهيرة هذا اليوم أخذت مدفعية العدو في عملية قصف شديد محاولة به أن تشل حركة الكتيبة ولقد كانت النيران على محيط موقعنا بالكامل لدرجة أن أي فرد كان لا يمكنه التحرك خطوات قليلة من موقعه خوفا من أن تصيبه بعض شظايا القنابل التي كان يقصفها العدو بشدة وعنف.

وقد كان القصف مركزا على موقعنا في هذا اليوم بالذات لدرجة أننا فكرنا أن يكون العدو قد أكتشف نوايانا في التحرك وكأن هذا القصف هو عملية إعاقة لتقدمنا إلى الموقع الجديد وفعلا لم أستطع في هذا اليوم أن أقوم بالتحرك لأنه إذا كنت نفذت ذلك التحرك فمعنى ذلك أنني أغامر بحياة هؤلاء الأفراد وهذا ما كنت لا أريده ولذلك قررت عدم التحرك في ذلك اليوم ، وقد قمت بإبلاغ قراري هذا لقائد السرية الذي وافقني عليه وأبلغه بدوره إلى قائد الكتيبة فوافق لأنه كان يرى كثافة قصف المدفعية متجها نحو موقعنا.وتوالت في ذلك اليوم قصفات المدفعية التي لم تهدأ ولو للحظات إلى أن حل الظلام ومع حلول الظلام أصدرت أوامري للأفراد بالاستعداد غدا للتحرك إذا ما هدأت المدفعية ومع التنبيه عليهم باليقظة التامة والحذر أثناء الخدمة الليلية وأخذت أؤكد عليهم بذلك خوفا من أن يقوم العدو بأي هجوم بعد هذا القصف الشديد للمدفعية ، واستمرت قصفات مدفعية العدو طوال الليل في ضربه الطائش.

الأستعداد للتحرك…

وفى صباح يوم الثامن عشر من أكتوبر كان جميع الأفراد في حالة استعداد كامل للتحرك إلى الموقع الجديد ثم صدرت إلي الأوامر بأخذ قادة الجماعات والوصول بهم إلى الموقع الجديد والقيام باستطلاع مواقع الأفراد وتحديد موقع كل جماعة على الأرض وأيضا معرفة أي موقف عن العدو من الأفراد الذين يحتلون الموقع قبل أن تتم عملية الغيار وكذلك معرفة القوات المجاورة لهم من قواتنا.وبالفعل تحركت بهذه المجموعة بعد أن أطلعت قائد السرية بالميعاد الذي سوف أتحرك فيه وتحركت بالفعل في حوالي الساعة الثانية بعد الظهر وكان هذا الموقع الجديد يبعد عن موقع فصيلتي بمسافة حوالي كيلو ونصف من حد يمين الفصيلة وهو أيضا موقع متقدم لفصيلة من ضمن فصائل الكتيبة وهذا الموقع مشرف على طريق الطالية وهو عبارة عن تبه عالية مشرفة على وادي منخفض في اتجاه العدو وكان به أربع دبابات مدمرة للعدو أثر المعارك السابقة وكانت مواجهة هذا الموقع أكبر قليلا من الموقع القديم.وبعد أن عرفت كل شئ عن الموقع وفهمت الموقف جيدا من قائد الفصيلة الموجود في ذلك الموقع وبعد الانتهاء من عملية الاستطلاع رجعنا إلى موقعنا القديم بعد أن استغرقنا ثلاث ساعات في هذه المهمة وكل ذلك كان يتم ومدفعية العدو لم تسكت  ،وفى حوالي الساعة الثامنة مساء بدأت أحرك الفصيلة جماعة بعد أخرى حتى لا نترك الموقع بدون حماية وعندما تصل الجماعة إلى الموقع الجديد تصل بدلا منها جماعة من الفصيلة التي نقوم بتغييرها وهكذا حتى أتممت عملية الغيار وبمجرد وصول الأفراد إلى الموقع الجديد أعدنا تحسين المواقع التي كانت موجودة وقمت بتحديد هدف كل فرد وكل جماعة وأيضا مهمة المدافع التي كانت موجودة معنا.

ومع شروق شمس يوم التاسع عشر من أكتوبر العظيم بدأت مدفعية العدو كالعادة في عملية القصف التي أصبحت لنا شئ عادي وأنها طبيعية لجميع الأفراد وأصبحوا لا يفاجئون بها.

 

وبدأ الطيران الأمريكى فى التدخل فى المعارك…

ثم شاهدنا في هذا اليوم أعدادا هائلة من الطائرات التي كانت تأتي على ارتفاع شاهق جدا وتقوم بعمليات القصف دون أن يراها أحد وكانت تتوالى في طلعات كثيرة ومع كثرة خبرتنا عن طيران العدو أدركنا على الفور أن هذه الطائرات ليست هي الطائرات التي كانت تهاجمنا في كل يوم وكذلك الطيارين الذين كنا نراهم أثناء الغارات الجوية السابقة وقد علمنا بعد ذلك أنها طائرات أمريكية بطيارين أمريكان وكانت هذه الطائرات من طراز ف111 الحديثة الصنع الأمريكية التي استنجدت بها إسرائيل بعد عمل الثغرة بين الجيشين الثاني والثالث وهذه الثغرة لن أستطيع أن أتكلم عنها حيث أن معلوماتي عنها غير كافية نظرا لأنني أتكلم وأحكي هذه اليوميات على مستوي الوحدة الصغرى التي كنت أقودها أثناء المعارك الحربية.واستمرت هذه الغارات طوال هذا اليوم في عملية القصف المتواصل على موقع كتيبتنا وقد نجحت في هذا اليوم في ضرب منطقة الشئون الإدارية للكتيبة وسقط عدد من الشهداء واستمرت في قصفها إلى ما بعد غروب الشمس بكثير وكانت غاراتها مكثفة وكان هذا اليوم عنيفا لم يسبق له مثيل في تأثير قصف الطيران الذي كان لا ينقطع من سماء المعركة، وفى هذا اليوم سقطت إحدى هذه القصفات خلف موقع الفصيلة مباشرة بمسافة حوالي 500 متر ولولا أن الله كان يحفظنا ويرعانا وأنه لو قدر أن كل طلعة من طلعات هذه الطائرات تصيب فردا واحدا لكان أصيب آلاف الأفراد نظرا لكثافة وكثرة الغارات في ذلك اليوم وبأعداد كبيرة من الطائرات.

 

وأستمر ضغط العدو…

وأستمر ضغط العدو علي الفرقة 16 مشاة بحوالي مائة وخمسين دبابة من اللواء 600 واللواء 14 مدرع ليؤمن المعابر التي أنشأها في منطقة الدفرسوار ويركز العدو هجماته الجوية لمعاونة أعمال قتال قواته البرية التي عبرت القناة في الغرب ،وقد استمرت الهجمات المضادة المصرية عليها تلاحقها وتندفع مجموعات الصاعقة والمظلات المصرية داخل مناطق انتشار قوات العدو وتتصيدها وتكبدها خسائر رهيبة .

وحل المساء ودخل الظلام وفى هذا الوقت بدأت أرسل رقيب الفصيلة لإحضار التعيين من منطقة الشئون الإدارية البديلة للنقطة التي دمرت والتى كانت تبعد عنا بمسافة كيلو متر من الخلف ثم مررت على جميع الأفراد لأتأكد أنه لم تحدث أي إصابات في الأفراد ولم تصب أي معدة أو سلاح مما كان موجود مع الأفراد ،  وأثناء مروري كانت لا تزال مدفعية العدو مستمرة في القصف ولقد كانت تزداد عندما يحل الظلام لأنهم كانوا يتوقعون تقدم قواتنا مع حلول الظلام وكانت شدة القصف هذه تعبير عن خوفهم من قواتنا في حين أنهم كانوا يتحركون بهذه المدافع من مكان لأخر حتى لا ترصدهم مدفعيتنا وتقوم بإسكاتهم وقد نجحوا في هذه الخطة وأن معظم الخسائر التي حدثت في كتيبتنا خصوصا في الأفراد كانت من هذه المدفعية.

مدفعية طراز " ابو قفه "…

ومع تكرار هذه المدفعية ظن الأفراد أن عدد هذه المدافع كثير بالنسبة لسرعة حركته من مكان لآخر ويصحب ذلك تغيير مكان الضرب من موقع بعيد إلى موقع قريب وكانت هذه مناورة سريعة ولكن بعد ذلك عرفنا عن طريق استطلاع قواتنا أن هذه المدفعية لاتزيد عن عدد أثنين مدفع ميداني من طراز 155 مم محمل علي شاسيه دبابة ولقد أطلق عليه الأفراد أسم "أبو قفة" وسبب هذه التسمية هو أن دانة أو طلقة هذا المدفع عندما تصطدم بسطح الأرض تصنع حفره أشبه تماما بالقفة الفلاحي لذلك سمي هذا المدفع بهذا الاسم وأصبح الجنود يتحدثون عنه بعضهم لبعض ومن أمثال هذه الحكايات كانوا يقولون مثلا "أبو قفة النهاردة أشتغل كثير ولكنه لم يحدث إصابات" وأتممت مروري على قطاع الفصيلة بالكامل والحمد لله أنه في هذا اليوم بالذات لم تقع أي خسائر سواء كانت في الأفراد أو في المعدات والأسلحة وفي حوالي الساعة الثامنة حضر التعيين وقمت بتوزيعه على الأفراد مؤكدا عليهم أن يبقوا في حاله تيقظ تامة وشرحت لهم سبب أن عدم حدوث خسائر في هذا اليوم في فصيلتنا يرجع إلى عدم ظهور الأفراد خارج حفرهم وعدم السير في الموقع إلى درجة أن موقعنا لم يكتشف من طيران العدو وأخبرتهم أن العدو قد نجح في ضرب بعض المواقع في الكتيبة وخاصة منطقه الشئون الإدارية وأوصيتهم باتباع نفس الأسلوب وزيادة الإخفاء والتمويه لأن العدو قد يعاود باكر الضرب وبتركيز على نفس المواقع التي قام بقصفها اليوم وأنه إذا نفذتم هذه التعليمات سنفوت على العدو الفرصة خصوصا ونحن في أول خط أمام مواقعه. ولقد علمت في نفس الليلة أن بعض الأفراد سقطوا شهداء في هذا اليوم في بعض مواقع الكتيبة نتيجة لضرب طيران العدو.وقضينا ليلة عشرين أكتوبر في يقظة تامة وسهر دائب عيوننا متفتحة كأنها لا تعرف شيئا أسمه النوم ،لكن طبعا كانت هناك بعض الراحات للأفراد وتبادل الخدمات الليلية وحتى لا يفقد الأفراد أعصابهم نتيجة عدم النوم،ليس هذا شعورا مصطنعا ولكن كانت إرادة كل فرد في أن يكون مستعدا في أي وقت لملاقاة العدو وأن كان التعب والإرهاق وحالات الأرق المستمرة قد ظهرت بوادرها علي بعض الأفراد الذين لم يشهدوا معارك من قبل ولكن لم تبدي منهم أي ظاهرة أو إشارة أو علامة تدل علي ذلك بل كان العكس أن كل فرد منهم حاول بكل جهده وإخلاصه لوطنه وبلده أن يثبت لزميله القديم الذي سبق له أن أشترك في معارك المدفعية المشهورة التي كانت عبر القناة سنه 1969 وأنه لا يخاف وأنه قادر على الصمود أمام هذا العدو الجبان وكان هؤلاء الجنود القدامى في حالة تعبئه أكثر من أي وقت مضي وأنهم كانوا يشجعون بعض الجنود المستجدين الذين انضموا إلينا قبل العبور بأيام قليلة ولم تتح لهم فرصة الاحتكاك بزملائهم القدامى ،ولقد أبدي بعض الجنود المستجدين شجاعات نادرة وبطولات فريدة وكانوا في اندفاع مستمر لتنفيذ الأوامر بكل دقة وحرص متمثلين بروح الفداء والتضحية . وفي صباح يوم عشرين من أكتوبر كان كل فرد رابضا في موقعه مثل الأسد يستقبل الفجر الجديد ويودع الليل ويستقبل شمس اليوم وهي مشرقة بنورها على الكون لتبعث الدفء ويظل معها إلى أن يودعها في الغروب وهكذا.

وكنا أول شئ نسمعه في كل صباح هو صوت "أبو قفة " وكان هذا بمثابة الصباح الذي تعودنا عليه من عدونا وكأنه يريد أن يقول لنا صباح الخير ولكنه يقولها بلغة صباح الموت ولقد كنا نرد عليه هذا الصباح بصباح الهلاك علي أفراده الذين لا يعرفون غير هذه اللغة ولقد كنا نرد له الصاع صاعين ولا تأخذنا أي هوادة أو رحمة أو إشفاق عليه.

 

محاولة العدو أرجاعنا للخلف…

وفي حوالي الساعة السادسة صباحا بدأ طيران العدو في طلعاته المعتادة التي سبق لي أن تكلمت عنها من قبل ولكن في هذا اليوم زادت ضرباته وبتركيز أكثر كان يهدف من ورائه أن ترجع قواتنا إلى الخلف ولكن كان ذلك يزيدنا عزم وتصميم في البقاء والتشبث بالأرض وليحدث ما يحدث فكل ذلك إن دل على شئ يدل علي جبن وخوف هذا العدو الذي يقصف بجنون علي جنود المشاة العزل من أسلحة الدفاع الجوي ولو أنه دفع قواته المشاة حتى ولو كانت بأضعاف قواتنا لقمنا بإبادتها عن أخرها .وكان هدفه من هذا القصف إن لم تنجح في تدمير القوات فهي تعمل علي تفككها وخفض روحهم المعنوية وهو بذلك يظن أن الطريق أصبح سهلا وممهدا أمام قواته التي تعودنا أن يدفعها بعد كل قصف عنيف يقوم به وكان دائما يخيب ظنه ولا تحقق له أي هدف من أهدافه، فما من مرة قام بهذه العملية الخسيسة إلا ووجد قواتنا كالنسور تنقض علي أفراده وتبيدهم عن أخرهم وتوقع بهم الخسائر مما يجعلهم يفرون تاركين جرحاهم وقتلاهم متناثرة ليقوم أبطالنا بالقضاء عليهم والتمثيل بأجسادهم القذرة، وكان الجندي المصري يقتلهم بحقد وكراهية نابعة من غدرهم وخيانتهم فكانوا يلقون من العذاب ما هو أحق لهم وثمنا لعدم احترامهم للمقاتل المصري بأنه يعامل عدوه مثل ما يعامله.

تدمير قواعد الصواريخ وحرية الطيران الأسرائيلى…

لاحظنا في هذا اليوم وبالضبط في حوالي الساعة الثانية عشر ظهرا أن طائرات العدو قامت بعدة قصفات جوية علي موقع سريتنا الذي كان يسار موقع فصيلتي بمسافة 600 متر وثبت لنا من مشاهدة بعض الحرائق أن القصف داخل موقع السرية وظل الطيران يقصف على باقي مواقع الكتيبة وقصف الطيران خلف الفصيلة بمسافة 300 متر قصفتين جعلتا الأرض تشتعل لهبا وكان من شدة هذه القصفات أن تساقطت معظم حفر الأفراد .ولقد أحسست بالمرارة والأسى في هذا اليوم ليس علي شئ أصاب أي فرد في الفصيلة ولكن للحرية التي تمتع بها هذا الطيران في ذلك اليوم لدرجة أنه كان يقسم الضرب علينا بغرض خفض الروح المعنوية لقواتنا .ولقد كانت حرية الطيران هذه التي يتمتع بها سببها أن معظم قواعد الصواريخ قام العدو بتدميرها في الخلف بالدبابات والمدفعية بعد أن تمكن بعملية مسرحيه بناها علي المكر والخداع واللامبلاه من عمل الثغرة وتمكن من تدمير قواعد الصواريخ التي كانت تجعل طائراته تسقط كالفراش من سماء المعركة ولولا أن العدو تمكن من عمل هذه الثغرة وتدمير هذه القواعد لما تمكنت طائراته من قصف مواقعنا بهذه الحرية ولما استطاعت طائرة واحدة من طائراته أن تظل في سماء المعركة أكثر من طلعتين وتكون الصواريخ لها بالمرصاد تسقطها وتدمرها عن أخرها. وكنت ادعوا الله أن تختفي شمس هذا اليوم وينقضي النهار سريعا حتى لايتسني للعدو استمرار عملية القصف المجنونة، وكأن القدر استجاب لدعائي ومر هذا اليوم الذي اعتبرته أسوأ يوم في غارات العدو مما أحدثه بعد ذلك من خسائر في موقع الكتيبة وبالذات سريتنا ، وبعد حصر الخسائر أخر النهار وكما توقعنا أن سقط عدد من الشهداء وكان من بينهم أثنين من ضباط الكتيبة .وبمرور نهار هذا اليوم ومع حلول الظلام بدأت مدفعية العدو تقصف علي مصادر الدخان المتصاعد نتيجة الحرائق التي سببها قصف الطيران علما بأن هذه المناطق قد أخليت من الأفراد لأنه سبق أن اكتشفنا أن العدو يستغل هذه المناطق المشتعلة لتصحيح الضرب عليها.استمرت مدفعية العدو في القصف طوال الليل دون توقف أو انقطاع وكان القصف في جميع الاتجاهات.

 

كل دانة مكتوب عليها أسم صاحبها…

 وكان من استمرار قصف المدفعية على موقع الفصيلة سقطت إحدى دانات المدفعية علي حفرة من حفر الأفراد مباشرة وكان بها فردين فسقطوا شهداء في الحال وكان سبب وجود هذين الفردين في هذه الحفرة هو أن الحفرة كانت أصلا مخصصة لفرد واحد ولكن كان قصف المدفعية قبل دقائق مؤثرا علي حفرة الفرد الأخر وكان موقعه في اليسار فانتقل إلى اليمين وذلك تلافيا لضرب المدفعية ولقد جلس في الحفرة مع زميله الأخر وذلك لعدم وجود حفرة أخري خالية ولكن القدر شاء أن يستشهد في ذلك المكان الذي ظن أنه سوف يكون بعيدا عن قصف المدفعية ولقد صدق قول الحق سبحانه وتعالي"أينما تكونوا يدرككُم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة" صدق الله العظيم.

وقام الأفراد بدفن هذين الشهيدين في نفس موقعهم، ومر ظلام ذلك اليوم وجميع الأفراد رابضين في مواقعهم في حالة تيقظ وسهر وظهرت عليهم علامات الإرهاق من ذلك اليوم العصيب الذي مر خصوصا بعد معرفتهم باستشهاد بعض زملائهم من السرية وقد كان من بين هؤلاء الشهداء الذين استشهدوا في هذا اليوم جندي أسمه "علاء عبد العال"وهو من بولاق أبو العلا وهو الذي أنتقل من مكانه وجلس مع زميله وأستشهد معه في الحفرة كما رويت لكم من قبل ولقد كان هذا الجندي مثالا للرجولة والشجاعة والأخلاق وكان دائما مرحا وقد كان محبوبا من جميع زملائه وكذلك من ضباط السرية وعندما سمع الأفراد نبأ استشهاده حزن الجميع عليه وبكي جميع الأفراد بكاء شديدا كما حزنوا علي باقي الشهداء الأبرار أمثال الرائد حمدي عرفه، النقيب ماجد زيدان ،الملازم أول إبراهيم عواد،الملازم أول عبد العال،والملازم سعيد طعيمه وجميع الصف ضباط والجنود والذين لا تسعفني الذاكرة لذكر أسمائهم. ولقد كان وقع هذا الخبر علي أي فرد يسمع نبأ استشهاد "علاء" كان يصعق من هول الصدمة ولكنها إرادة الله ،ولقد كانت أخر كلمات قالها"علاء" بنفس اللفظ"أنني لن أنتقل خطوة إلى الخلف ولكنني مستعد للتقدم للأمام مهما كلفني ذلك حياتي" وقد حقق الله أمنيه هذا البطل وأستشهد في المكان الذي أراد الله له أن يستشهد فيه وقد أدي هذا الجندي واجبه بكل شجاعة وتضحية وفداء وضرب  أروع الأمثلة للجندي المصري وبعد أن قام بالتعاون مع أفراد الفصيلة بالقضاء علي معظم هجمات العدو طوال الأيام الماضية .

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech