Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

اللواء طيار رضا العراقي - الاشتباك الثاني

 

الاشتباك الثاني :

 

في نوفمبر 1969 ( لا اتذكر اليوم للاسف ) وكان التشكيل المصري علي الارض  يتكون من احمد انور – رضا العراقي – نبيل عزت – ونبيل العباسي  لكن احمد انور اضطر للتوجه الي الحمام ، فحل سيد صقر قائد التشكيلات محله مؤقتا وكان عائدا لتوة من عده علميات جراحيه لاسباب مرضيه لا علاقه لها بالقتال ، لكن يشاء القدر ان يضرب جرس الانذار في القاعده اثناء وجود سيد صقر في طائرة احمد انور ، ونبدأ علي الفور في التحرك الي الممر ومنه الي الجو ، وكنت مندهش في البدايه لان الشخص الذي يقود طائرة احمد انور ليس هو ولم اكن اعلم انه سيد صقر، حيث لم يتم ابلاغنا لاسلكيا بذلك لكنني عرفته من صوته بعدها

اخذنا اتجاه القناه عند القنطرة ، وبدأنا في البحث عن طائرات العدو التي اقلعنا لصدها ، وكان الجو صحوا والرؤيه واضحه تتيح لنا الرؤيه لمسافه 30 كيلو متر بالنظر .

وأستمر الموجه في اعطاءنا تحركات العدو بانه اتخذ مسار مطار المليز ، وانه يبتعد عنا وكل شئ هادئ ، لكني كنت قد تعلمت الا اعتمد او اطمئن علي بلاغات الموجه الارضي بسبب الاشتباك او الكمين السابق لي .

وفجأه انقطع صوت الموجه بدون ان يكمل اخر كلماته ، وتحول الصوت في اللاسلكي الي سارينه اسعاف شديده وقويه جدا ، وكان ذلك اول اشتباك به تداخلات حرب الكترونيه ضد القوات الجويه المصريه، ففقدنا الاتصال بينا وبين المطار وبيينا وبين بعض ، مما جعل كل واحد منا جزيرة منفصله عن الاخري ، فور سماع صوت السارينه المزعجه في اللاسلكي تنبهت الي ان هناك شيئا ما يحدث في الجو ، فبدأت في مسح السماء حولي بحثا عن اهداف معاديه ، وكنا في موقف اعمي تماما ، فلا نعرف ما يحدث حولنا ، ولا نستطيع التنسيق او تحذير بعضنا البعض.

كنا نطير علي ارتفاع 4 كيلو متر سيد صقر معه نبيل عزت في الامام ومن خلفهم ب 2 كيلو انا ومعي نبيل العباسي  ، ورصدت طائرات معاديه خلفنا علي ارتفاع 8 كيلو تقريبا ومخلفه خطوط بيضاء خلفها بسبب ارتفاعها العالي ، ووجدت تلك الخطوط البيضاء تقترب مننا ، فتيقنت انها طائرات معاديه وضعتنا في كمين ، بعد ان قطعت الاتصالات تماما بيننا وبين رفاقنا .

كان سيد صقر في المقدمه ولا استطيع تحذيرة ، فمرت الطائرات الاسرائيليه خلفه ولم تستطع وضع نفسها في موقف مناسب خلفه ، ومن خلف تلك الطائرتين الاسرائيليتين ، رصدت اثنين اخرتين تهبطان علينا من اعلي ايضا وبسرعه عاليه ، بدأت بالتصرف بمفردي ، فبدات في مطارده الطائرتين في المقدمه والتي من الواضح انها لم ترصدني خلف سيد صقر ، وكان معي نبيل العباسي رقم 4 ، وانطلقنا خلف تلك الطائرتين ، واستطعت اسقاط طائرة قائد التشكيل بسرعه بصاروخ  وهو منهمك في المناورة خلف سيد صقر ، بينما تمكن نبيل العباسي من اسقاط طائرة رقم 2 في التشكيل المعادي .

بينما انا كنت مشتبك ، استطاعت الطائرتين الاخرتين من اسقاط سيد صقر ، والذي حتي لحظه استشهاده لم يكن يعلم ماذا يحدث في السماء او علي الارض ، ووسط استمرار اصوات السارينه المزعجه اتجهت فورا ومعي نبيل العباسي تجاه مطار انشاص خوفا من وجود طائرات معاديه اخري للعدو في السماء ، وتمكن نبيل عزت من الوصول لمطار ابو صوير والنزول به سالما ، وعندما نزلنا وابلغنا قادتنا بما حدث ، لم يصدق احد تلك القصه وصوت الاجراس ، فلم يكن مفهوم الحرب الالكترونيه الجويه قد ظهر لدينا بعد .

فسألت متولي الموجه الارضي عن الاتصالات التي اجراها معنا بعد ان ابلغنا بابتعاد الطائرات الاسرائيليه ، فاخبرني بان الاتصال انقطع معنا تماما بعد تلك اللحظه ولم يرد اي منا علي الاتصالات رغم اننا ظاهرين امامه علي الرادار .

والنتيجه الطبيعيه لهذا الاشتباك المدبر هو فوز اسرائيل 4 صفر ، لان الطبيعي في هذه الظروف ان يتم اسقاطنا نحن الاربعه ونحن لا ندري ما الذي حدث ، لكن يد الله كانت معنا واستطعنا اسقاط طائرتين وخسرنا طائرة واحده هي طائره قائد التشكيل – الشهيد سيد صقر

 

وزارنا اللواء حسني مبارك واستفسر عما حدث بالتفاصيل ، واخبرته بكل تفاصيل الاشتباك واننا تعرضنا لموقف لم نواجهه من قبل .

الاشتباك الثالث

 

كان هذا الاشتباك في 4 يناير 1970 وكنت قد خطبت منذ فترة قصيرة قبلها ، وكان اشتباك ناجح لي تماما .

كنت مع نبيل العباسي – كالعاده – ( توفي نبيل العباسي وفاه طبيعيه بعد الحرب اثر سقوطه من فوق سطح منزله – نسألكم الفاتحه له ) وكان نبيل العباسي بالنسبه لي احسن فورميتور في مصر ( احسن طيار مساعد لي ) وكانت مهمته هي حمايتي من طائرات العدو خلفي اثناء قيامي بالهجوم علي طائرات العدو ، وكنت اطمئن جدا لوجوده معي واعرف انه بجواري حتي لو لم اكن اراه بالعين ، واعرف انه علي درجه عاليه من الكفاءه في حمايتي

 

اقعلنا طائرتين لعمل مظله فوق بحيرة المنزله تحسبا لاختراق طائرات معاديه تم رصدها من بعيد علي الرادار .

واستمرينا في عمل المظله وبدأ الوقود في النفاذ ، وكانت عاده تكتيكات الطائرات الاسرائيليه ، ان تظل بعيده عن اجواءنا حتي بدء نفاذ وقود طائراتنا والتي تقوم اجهزة كمبيوتر اسرائيليه بحسابه بدقه لمعرفه الوقت المتبقي لنا ،وكان يهاجمونا في الوقت القاتل لنا بطائرات جديده مليئه بالوقود والذخيرة وموجه لقتلنا اثناء طريق عودتنا ، فيكون الطيار المصري مرتبك ومشتت بين الطائرات التي حوله ، وبين وقود طائرته الذي قارب علي النفاذ ، وهو تكتيك ناجح جدا واعطي ثمارا طيبه لهم علي مدار حرب الاستنزاف ولم يكن لدينا بديل وقتها لحل تلك المشكله ، فلا نستطيع البقاء علي الارض وعدم الاقلاع في مظلات لصد هجوم محتمل من العدو ، ولم نكن نستطيع الاشتباك لوقت طويل .

 

استمررنا في عمل المظله وكانت الامور روتينيه لنا كالعاده في تلك الاوقات فهناك طائرات اسرائيليه تطير فوق سيناء ونحن يجب ان نكون لها بالمرصاد .

وبدأنا في طريق العوده ، وفي لحظه ابلاغي ببدء طريق العوده سمعت صوت الموجه يحذرنا من اقتراب طائرات معاديه بسرعه كبيرة ، فمن الواضح انهم سمعوا اتصالي اللاسلكي وكانوا ينتظرون تلك الاشاره لكي ينقضوا علينا .

فوجئت بعد ثانيه بطلقات طائره تنطلق حولي قادمه من الخلف ، فقد وصلت الطائرات الاسرائيليه خلفنا بسرعه كبيرة ، وكان اندفاع الطلقات امامي دليل علي ان الطيار المعادي اقترب بشكل زياده ويدل ايضا علي قله خبرته مما مكنني من المناورة .

كنت قد بدأت في عمل اجراءات الهبوط وقت بدء الاشتباك ، فبدأت في المناورة بقوة ورصدت طائرة ميراج علي مسافه 200 متر وهي مسافه قصيرة جدا جدا ، وكان نبيل قد امسك بذيل الطائرة الاخري ، قمت علي الفور بمناورات قويه في جزء من الف من الثانيه وبدأت في مناورات علي سرعه منخفضه لكي اركب ذيل هذه الطائرة التي من الواضح ان طيارها الاسرائيلي اما علي ثقه عاليه بدرجه مبالغ فيها او عديم الخبرة لانه اقترب مني بشده ، وكنت قد حصلت علي دورة سريعه في مناورة السرعات البطيئه بعيدا عن اعين الخبراء السوفيت ونقل لنا تلك المناورات طيارين باكستانيين في ليبيا وسوريا وطبقناها في اخر حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر .

 

كان الطيار الاسرائيلي خلفي وعلي مسافه قريبه جدا ، فتمكنت بعد عده مناورات من الخروج من خلفه ووضعه امامي بسهوله ،

وضربت عليه بالمدفع واصبت طائرته ولم اراها تدمر امامي ، وانكرت اسرائيل البيان المصري في الاذاعه بخصوص اسقاط طائرة ميراج ، لكن الاستطلاع اللاسلكي المصري رصد محادثه الطيار وكان اسمه لافون ، وكانت طائرته مصابه بشده وفور عبورة القناه قفز من طائرته وتركها تحترق

وكان موقف الوقود لدي حرج مما اجبرني علي عدم استكمال الاشتباك وتدمير الطائرة التي كانت في متناول يدي تماما .

ونشرت الصحف المصريه صور المعركه وصورة الميراج في دائره ضرب النار .

وكان نبيل في ذيل الطائرة الاخري التي انسحبت من المعركه بعد ان اصيب قائده وهي عاده لهم وهي عدم القتال الا في حاله وجود نوع من التفوق لهم .

وانضم نبيل لي وعدنا الي المطار علي اخر قطرات وقود موجوده لدينا .

 

 

كانت حياتنا منذ النكسه مستمرة في سبيل تحرير الارض ، وكل تفكيرنا هو القتال والحرب ، لكن ذلك لم يمنعنا من اداء حياتنا الطبيعيه كلما امكن ذلك ، ففي ذلك الوقت كان طيار المقاتلات مكلف بأن يكون في قاعدته وفي طائراته كل ساعات اليوم ، وما تبقي من الليل يمكن له ان يصلي ويأكل وينام ، ولم يكن ذلك صحيا لنا ، لكننا كنا اقوياء معنويا ولدينا رغبه في القتال ومحو عار هزيمه 67 .

وكان نصيب الطيار منا في الاجازة لا يتعدي الساعات القليله كل شهر ، وفي احوال كثيرة جدا ومثل باقي الطيارين ، تم استدعائي للعوده الي المطار فور دخولي المنزل ، فلم اكن اشاهد عائلتي فوق الثواني فقط في تلك الزيارات السريعه ، لكننا تحملنا بقوة تلك الاوضاع ووضعنا تحرير الارض هدفا لنا بغض النظر عن التضحيات المعنويه الاخري .

 

وفي احد الاجازات التي لم تتعدي الخمس دقائق ، تم استدعائنا جميعا من الاجازات ، وكان السبب ان القوات الاسرائيليه قد نشرت صواريخ فوق الساتر الترابي ، وكان ذلك غريبا وغير قابل للتصديق ، وصدرت الاوامر بضرب تلك الصواريخ بعد الاستطلاع ، وبعد عمل استطلاع جوي لتك الصواريخ ، صدرت لنا الاوامر بالراحه والعوده للاجازات مرة اخري ، فقد اتضح ان الاسرائيليين جمعوا خزانات الوقود الاحتياطيه للطائرات المصريه المدمرة في سيناء في حرب يونيو ، وقاموا بوضعها علي الساتر الترابي وتم دهان رؤوسها باللون الاحمر لكي توهمنا اسرائيل بأنها صواريخ جاهزة للاطلاق كنوع من الحرب النفسيه ، فالجندي علي خط الجبهه لم يكون يعرف انه قطع حديد مجوفه صدئه ، لكنه بالتأكيد خاف ودب الرعب في قلبه وهو يري تلك الصواريخ موجهه اليه طوال اليوم .

وكنا نرد عليهم بأسلوب ماكر ، فكنا نطلق طائرة مقاتله علي ارتفاع عال لكي يتم رصد اتصالاتها ، وتقوم تلك الطائرة بتوجيه طائرات وتشكيلات وهميه غير موجوده وتقوم باعطاء تعليمات وهميه ، فيظن العدو ان هناك طائرات مصريه علي ارتفاع منخفض لا يراها راداريا ، فيقوم باطلاق طائراته الاعتراضيه بكثافه عاليه ويتكلف مبالغ طائله بدون ان يكون هناك شئ .

 

اما بخصوص حياتي الشخصيه فقد تعرضت لضغوط كبيرة اثناء تقدمي لطلب يد زوجتي في يناير 69 في منتصف حرب الاستنزاف وتزوجت في يوليو 70 قبل وقف اطلاق النار ، فوالدها كان يخاف ان تصبح ارمله وهي صغيرة وانا طيار مقاتل احمل روحي علي كفي طول الوقت

وقد كان متردد في اتخاذ قراره بشأني رغم طيبه قلبه وحبه لمصر .

وكان ردي عليه مختصرا بأنني اعمل لخدمه ديني ووطني وحياتي مكتوبه من قبل ان اولد وموعد وفاتي محدد منذ بدء الخليقه ، وانه سيقوم بزواج ابنته لرجل مقاتل يدافع عن وطنه واهله .

فبكي الرجل مرهف المشاعر ، واحتضنني وبارك زواجنا ، ودعي لنا بالنصر والصحه

 

وكان تمركزي في مطار انشاص ميزة كبيرة لي في النزول ليلا للمبيت بالقاهرة ، نظرا لان المسافه لا تزيد عن 40 كيلو متر من القاعده للقاهرة ، لكن باقي الطيارين في بقيه الاسراب في مختلف انحاء الجمهوريه فلم يكن لديهم نفس الميزة مما جعل اجازاتهم شبه معدومه تقريبا

 

لكن رغم قرب المطار من مسكني ، الا ان ذلك لم يجعلني ازور المنزل اكثر من مرة او مرتين كل شهر تقريبا .

وكنت وقتها ملازم اول ومرتبي 54 جنيه وقت ان كان مرتب خريج الجامعه 14 جنيه ، فكان دخلي مترفع جدا في ذلك الوقت نظرا للبدلات التي نتقاضاها ، مثل بدل الطيران وبدل المخاطر الخ .

لكننا لم نكن نملك الوقت او الفرصه لصرف المرتب لكوننا في المطار طوال الشهر ، وتلك السطور القليله عن حياتي الشخصيه وقتها هي لكي يعرف القارئ مدي المعاناه التي مررنا بها في سبيل النصر وتحرير الارض

فلم نكن نري اهلنا او نكلمهم الا نادرا وهو بدورهم لا يعرفون عنا شئ الا من الاذاعه التي تذيع بيانات الاشتباكات الجويه ، ولم نكن لدينا رفاهيه الموبايل والانترنت ، فكنا معزولين تماما عن الحياه الاجتماعيه ، وفي الاجازات النارده يكون الوقت دائما كالبرق ، يمر سريعا كعاده الاجازات دائما .

يكفي ان اقول ان اجازة الزواج الخاصه بي كانت لمده 3 ايام فقط وبأذن من قائد القوات الجويه بنفسه كمكافأه لي علي ما قمت به خلال القتال .

 

في تلك الاثناء كانت الاختراقات الاسرائيليه مستمرة في العمق خصوصا بعد وصول الفانتوم ، فبدأنا في الاقلاع في طلعات قنص حر وهي طلعات في اماكن محدده متوقع وجود طائرات معاديه في تلك المنطقه في وقت ما ، فنقلع فراداي في اماكن مختلفه لاعتراض طائرات العدو التي قد تمر في هذا الاتجاه علي ارتفاع منخفض لكي نشتبك معها ونجهض هجومهما .

 

وكثيرا عندما كنا ننظم عمليات هجوميه ، في مصاحبه طائرات السوخوي ، وفور تحركنا علي الممر كنا نجد طائرات العدو منتشره في سماء سيناء تنتظرنا ، فكان من الواضح ان هناك تصنت لاسلكي قوي جدا علينا

وتدخل اللواء حسني مبارك قائد القوات الجويه في ذلك ، فأصدر اوامر وهميه عبر تليفون غرفه عمليات القوات الجويه ، وفور صدور الاوامر وفي توقيت التنفيذ ، وجدنا طائرات العدو فوق منطقه الهدف الذي تم الابلاغ به ، ووقتها تأكدنا ان هناك من يقوم بالتبليغ عن تلك الطلعات وهناك من يقوم بالتصنت علي الاتصالات

بعد تدخل المخابرات المصريه الحربيه ، تم القبض علي احد الخبراء الروس الذي كان ينقل لاسرائيل كل ما يدور اول بأول ، وكثيرا من الطيارين المصريين الاسري في حرب 73 تم استجوابهم في اسرائيل بواسطه نفس الخبراء السوفيت الذين كانوا يدربون الطيارين المصريين قبل الحرب وكانوا يعرفونهم بالاسم ويعرفون تاريخ كل طيار مصري في القوات الجويه .

 

وكان متبع بعد اي اشتباك ان يقوم قائد القوات الجويه او رئيس شعبه عمليات القوات الجويه بزياره المطار ، وتدارس الاشتباك والخروج بالدروس المستفاده من كل اشتباك ومعرفه اوجه القصور والخلل في الاشتباك سواء من الطيارين المصريين او الاسرائيليين لكي يتم تعميم تلك الدروس علي بقيه الاسراب لرفع مستوي الطيارين الذي لم يشتبكوا بعد ، ولكي يتعرفوا علي تكتيكات الطيارين الاسرائيليين ، لكن للاسف لم يتم الاحتفاظ بأشرطه تلك الدروس حتي الان لكي تكون دروسا تاريخيه للجيل الحالي

 

وكنا نجلس كطيارين ، نتدارس اي اشتباك تم ونتحاور فيه ويعرض كلنا منا وجهه نظرة ، كل ذلك يتم ليلا ، فنهارا نحن في الطائرات داخل الدشم استعدادا للقتال في اي وقت .

ونظرا لحاله الشد العصبي علينا ووجود شبح الموت حولنا في كل لحظه ، كنا نقوم باعمال كثيرة للترويح عن انفسنا ليلا لكي لا نترك انفسنا فريسه للشد العصبي والنفسي علينا ، فكان لازما علينا ان نمارس الرياضه يوميا ليلا ، وكنا نقوم بعمل مقالب في بعضنا البعض لبث روح الضحك في من حولنا والخروج من دائرة التفكير في الموت والحرب والقتل المتواصل طوال حرب الاستنزاف .

 

وكانت علاقتنا مع الميكانيكه وفنيي الطائرات علي درجه عاليه جدا من الود والالفه ، فالفني هو اخرج وجه تراه قبل اقلاعك بالطائرة ، واول وجه تراه فور هبوطك ، وبيده ان يجعلك قاتل او مقتول ، فخطأ منه يجعل طائرتك لا تصلح لاشتباك وبكفاءته يجعل طائرتك في اقصي حالات الجاهزيه الفنيه ، ويقضي الطيار مع الميكانيكيه والفنيين داخل الدشمه وقتا اطول من اي فرد اخر في الدنيا ، لذلك توطدت العلاقه معهم ، وكثيرا ما كنت أكل من اكلهم عندما يتأخر اكلي الخاص ( معروف ان طعام الطيارين به اصناف معينه لاعطاء الطيار القوة اللازمه لتحمل الطيران والمناورات الجويه)

وهؤلاء الفنيين هم من حملوني علي الاعناق كلما عدت بطائرتي بدون صواريخ ، فمعني ذلك انني اشتبكت وعدت حيا ، فيهنؤني علي ذلك بطريقتهم الخاصه ، فقد كانوا يقاتلون معي لكن علي الارض .

 

كنت ادرب الطيارين الجدد علي ان القتال الجوي يا قاتل يا قاتل ، فليس هناك احتمال لكي يكون الطيار المصري مقتول ، وكنت اخبرهم انه اذا ساءت الامور حاول ان تصطدم بطائره العدو (بيضه في بيضه ) فانت شهيد وفي الجنه وهو في النار ، وهو ما اكسبنا روح كبيرة جدا اثناء القتال المتلاحم ، فقد كنا نعرف اننا فائزين مهما حدث ، لكن التدريب الشاق والروح المعنويه العاليه التي تسلحنا بها جعلتنا نطبق عمليا مقوله – احرص علي الموت توهب لك الحياه ، وهو ما حدث مع كثير منا

اعتبر نفسي طيار مقاتل ( صايع ) فقد تعلمت علي يد معلمي واستاذي فوزي سلامه ، فقد علمنا الطيران بشكل مختلف عما تعلمه من لم يطير معه ، رحمه الله فقد كان اسطوره طيران ليس له مثيل

 

واذكر واقعه الاشتباك السوفيتي مع الطائرات الاسرائيليه في عام 1970 وسقطت خمس طائرات سوفيتيه بطياريها ، فقد علمنا بهذا الاشتباك عندما وجدنا طائره ميج 21 تقترب من المطار و هبوط اضطراريا بالمطار ، وعندما هبط الطيار الروسي ونظر الي طائرته وجد ان طائرته بدون ذيل تقريبا فأغمي عليه من الصدمه ، وكان يوم فرحه لا مثيل له للطيارين المصريين نظرا لكم السخريه والاستهزاء من الخبراء السوفيت من الطيارين المصرين وادعاء السوفيت ان الطيارين المصريين جبناء ويخشون الدخول في الاشتباك ، ومازلت اضحك عندما اتذكر هذا الطيار السوفيتي المصدوم من نتيجه الاشتباك ومفاجأه الاسرائيليين الكبيرة للطيارين السوفيت

 

وللتدليل علي مستوي الطيارين والمستشارين السوفيت في مصر ، فقد شهدت واقعه تمت امام عيني ، فقد الحق علينا طيار سوخوي مصري اسمه صفي الزناتي ، وحصل علي فرقه علي الميج 21 ، واقلع في طلعه تدريب قتالي فوق المطار مع مستشار قائد اللواء السوفيتي وكان اسمه بتروف – واستطاع صفي ان يصور طائرة بتروف في القتال مما يعني انه اصابه في مقتل

وكان مستوي بتروف من المفترض انه عال جدا وانه قادم من لواء مقاتل سوفيتي في الخدمه ، وكانت فضيحه لبتروف علي مستوي اللواء وعلي مستوي الطيارين المصريين مما ادي الي غضب بتروف الذي اصر علي عمليه قتال تدريبي اخري واخبرنا انه لو استطاع صفي الزناتي تصويرة مره اخري فسيتوجه بنفسه الي سيبريا عقابا لنفسه .

واقلع الاثنان وسط مشاهده طياري السرب من الارض لما يحدث ، وبدأ القتال التدريبي في سماء المطار ، وأستطاع صفي ان يدخل في ذيل طائره بتروف مرة اخري ، وجن جنون بتروف لما قام به صفي ، فبدأ في مناورات قاسيه جدا هدفها ان يخرج من امام صفي الزناتي

 

وكانت مناورات بتروف خطرة جدا تتعدي حدود التدريب وتعرض الطيارين للخطر من الاصطدام بالارض ، وفي احد المناورات قام بتروف بمناوره هاف رول علي ارتفاع منخفض وهي تعني توجه الطائره للارض علي سرعه عاليه وتحتاج الي ارتفاع وشروط معينه ، مما ادي الي ان اصطدم صفي الزناتي بالارض واستشهاده .

 

فقد استغل بتروف خبرته ومهارته في قتل صفي الزناتي ناسيا قله خبرته وانه في تدريب وليس قتال فعلي .

وقمنا بجمع رفات صديقنا صفي الزناتي وسط دموع وغضب كبير جدا لوفاه طيار زميل وصديق لنا في تدريب قتالي قاس وغير مبرر اطلاقا الا لمجرد اثبات الذات فقط

ونتيجه لذلك تم ترحيل المستشار بتروف خارج مصر في نفس اليوم

وكانت تلك الحادثه للدلاله علي توتر العلاقه بين المستشارين السوفيت والطيارين المصريين بشكل خطر جدا خاصه بعد اسقاط اسرائيل لخمس طائرات بطيارين سوفيت .

 

وقد حدثت لي حادثه مع مستشار سوفيتي اخر في مطار غرب القاهرة اثناء طيران تدريبي

وكاد المستشار السوفيني ان يقتلني بخطأ قاتل من المستشار الذي كان يتحكم في الطائره ، ولدناءه المستشار حاول ان يتملص من تهمه الاهمال والصاقها بي أثناء التحقيق ، لكن تسجيل المحادثات اثبت ان المستشار هو الذي كان يتحكم بالطائره اثناء الهبوط مما ادي الي اصابه الطائره بتلفيات شديده نتيجه هبوطه الخاطئ ، وأيضا تم ترحيل هذا المستشار في نفس اليوم .

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech