كتب احمد زايد - المجموعة 73 مؤرخين
في تلك الايام تحل ذكري ال 51 لهزيمة يونيو 1967 تلك الهزيمة التي قال عنها الرئيس السادات في خطابة الشهير قبل
حرب اكتوبر ان الجيش المصري كان احد ضحايا هزيمة يونيو ولم يكن ابدا المتسبب بها
وبعيدا عما تنشرة وسائل الاعلام كل عام من مقالات وحوارات حول اسباب هزيمة يونيو والمتسبب في الهزيمة وتباعات الهزيمة دعوني اخدكم الي البطولات التي تمت خلال تلك الفترة العصيبة من تاريخ مصر ، والتي وبسبب الهزيمة ضاعت تلك البطولات في ادراج التاريخ المنسي لمصر
مع بدء الحرب يوم 5 يونيو كان لدينا كتائب من الصاعقة في الاردن لتنقيذ اعمال هجومية بالتنسيق مع القيادة المصرية فور بدء الحرب ، ليلة 5 يونيو تحركت تلك القوات في اربع دوريات من معسكرات الجيش الاردني في القدس الشريف تجاة الاراضي الفلسطينية المحتلة هدفها المطارات الاسرائيلية كما هو مخطط لها مسبقا (نبيل الزفتاوي يهاجم مطار اللد - مدحت الريس – يهاجم مطار الرمله – حسين مختار – يهاجم مطار حاتسور والدوريه في حدود 75 فرد وفي قيادة الدورات جلال الهريدي واحمد حلمي وهم من الرعيل الاول لقوات الصاعقة المصرية
، ووصلت قوات الصاعقة الي المطارات داخل اسرائيل بدون أن يحس بها احد وتمركزت حول المطارات انتظارا للاوامر بتدمير تلك المطارات الرئيسية ، وهنا تاتي المفاجأة الصادمة – اشارة عاجلة علي راديو صوت العرب بصوت المذيع احمد سعيد – جلال وحلمي عودوا الي مواقعكم – وهنا يقصد المقدم جلال الهريدي والمقدم احمد حلمي قادة قوات الصاعقة في الاردن وسمع تلك الاشارة عبر الراديو جنودنا المنسحبين في سيناء فظن البعض انها اشارة شفرية لاسم خط الدفاع الثاني للدفاع عن ما تبقي من سيناء وبدأوا بالبحث عن خط جلال وحلمي المذعوم ، ولكنهم لم يدركوا انها كانت موجهة الي جنودنا في الاردن ، وبدأت قوات الصاعقة تنسحب وسط سخط وغضب الجنود والضباط – فالطيران الاسرائيلي بأكملة تحت ايديهم للفتك به علي الارض ، قنبلة واحده كفيلة بتدمير 3 او 4 طائرات دفعة واحده امام اعينهم ، لكن الاوامر واضحة وصارمة ومكررة طوال ليله 5 يونيو وصباح يوم 6 يونيو – جلال وحلمي عودوا الي مواقعكم ، وعادت الدوريات في اتجاه القدس صاغرة للاوامر ، اشتبكت بعض الدوريات مع قوات اسرائيلية وكبدتهم خسائر فعنصر المفاجأة في يد قواتنا والمباغته في صالحنا ودرات معارك طاحنة داخل اسرائيل وكان التفوق لقوات الصاعقة واضحا ، احد الدوريات اصطدمت بمستعمرة اسرائيلية في منتصف الطريق للقدس – الدوران حولها يكلف وقت والوقت ثمين جدا – بدون تفكير يقرر قائد الدورية نبيل الزفتاوي ومع الملازم اول احمد رجائي عطية المجازفة – الرجال في طابور سير – استعد – معتدل مارش بخطوه معتادة – وبدأ الرجال اختراق المستعمرة من احد اطرافها الي الناحية الاخري منها عبر الشارع الرئيسي ولا احد يصدق ما يحدث او يتوقع ان قوات صاعقة مصرية تمر في طابور سير بالخطوة المعتادة داخل مستعمرة اسرائيلية مكتظه بالسكان ...... مشهد لو تم كتابته في فيلم ما صدقة احد
وتعود قوات الصاعقة الي القدس الي نفس معسكرات الجيش الاردني التي انطلقت منه لتجد المعسكرات مهجورة – الطعام علي النار - السلاح متروك الخيام مبعثرة علي الارض - ولا احد موجود فقد انسحب الجيش الاردني من القدس ، وانصياعا للاوامر تتحرك القوات من القدس لحماية العاصمة الاردنية عمان وبعد فترة الي سوريا ومنها الي لبنان وبالبواخر الي مصر تاركة بعض الضباط لتدريب قوات المقاومة الفلسطنية والتي انبثق منها بعد ذلك منظمة التحرير الاسرائيلية .
قصة بطولية مختصرة من مئات البطولات التي تمت خلال هزيمة يونيو ولا احد يعرفها ، فرجال الصاعقة عبروا اسرائيل من شرقها لغربها في ليلة واحدة بدون ان يراهم احد ولو كانت الاوامر مختلفة لقام هؤلاء الرجال بأعاثة الفساد في خطوط العدو الخلفية ومطاراتة وخطوط امدادة في وقت حساس جدا للمعركة في سيناء وما تبعها من معارك في الاردن وسوريا ..... ومن المؤكد ان النتيجة كانت ستكون مختلفة