من أبطال حرب الاستنزاف و أكتوبر 73 (كتيبة 133 صاعقة )
بسم الله الرحمن الرحيم
إنه في يوم السبت 28 سبتمبر 2019 و من منزل البطل فدائي إبراهيم مسعد إبراهيم سعودي أحد أبطال الكتيبة 133 صاعقة أبطال موقعة أبو عطوة 19 أكتوبر 1973 و لقاء المجموعة 73 مؤرخين عنهم يحيى مصطفى و آلاء كمال و نبدأ الأن التسجيل بمحافظة بورسعيد من منزل البطل بمدينة بورفؤاد .
هو البطل جندي محارب / إبراهيم مسعد إبراهيم سعودي من أبطال موقعة أبو عطوة بالإسماعيلية، و هو أحد أبناء مدينة بورفؤاد بمحافظة بورسعيد ، و بطلنا من مواليد 12/8/1949.
نشأ البطل في بداية حياته بمدينة بورسعيد ثم انتقل مع أسرته إلى مدينة بورفؤاد سنة 1955 عندما كان يبلغ من العمر 6 سنوات .
و عندما قام العدوان الثلاثي على مدينة بورسعيد 29 أكتوبر سنة 1956 كان بطلنا بصحبة أسرته و قد ذكر لنا بعض مظاهر الصعوبات التي تعرضت لها أسرته مثلها مثل كل أسرة عانت ويلات العدوان في ذلك الوقت . حيث قال : " شوفت والدي و هو شايل مرتبة بيجري بينا و أمي ماسكة أختي و أنا و أخويا و أبويا ماسكين في بعض في طريقنا من بورفؤاد لبورسعيد " و ذلك كان نظرا للتعليمات التي صدرت بضرورة إخلاء مدينة بورفؤاد . و قد تعرضت المدينة للاشتعال بفعل البودرة الحارقة التي كانت تلقيها قوات العدوان من الطائرات و ساعدت طبيعة بنية البيوت الخشبية _ في ذلك الوقت _ الاشتعال على الاستفحال و الانتشار مما ألحق دمارا هائلا بالمدينة .
و قد كان هجوم الإنجليز و الفرنسيين ضاريا عن طريق البحر و قد نزلوا أيضا في منطقة الجميل بالمظلات . و قد برز دور أبطال المقاومة الشعبية في ذلك الوقت و بطبيعة الحال لم يكن بطلنا بين صفوفهم ، و إنما كان شاهدا على بطولات المقاومة الشعبية فقد كان يراهم يلاحقون عربات السلاح ليحصلوا عليه لمقاومة قوات العدوان التي تغلغلت في المدينة .
و عندما عاد بطلنا مع أسرته من بورسعيد إلى بورفؤاد كانت بورفؤاد تحت سطوة الفرنسيين و لكنها كانت هادئة نوعا ما عن مدينة بورسعيد حيث كانت مركز الضرب و الدمار ، و كانت قد استقرت الأمور و طفقت قوات العدوان في تجهيز انسحابها أوائل سنة 1957 . ليعود نهائيا بطلنا مع أسرته إلى بورفؤاد سنة 1960 .
و قد ذكر لنا البطل مشاعره ضد المحتل الغاشم واصفا إياها بأقصى مشاعر الغل و الكراهية الشديدة نظرا لما رآه من غطرستهم و قد ذكر موقفا تعرض له هو و أسرته على أيديهم حيث قال " دخلوا بيتنا و مسكوا أمي و أبويا و زقوهم و قلبوا المراتب و السراير و فتشوا الدواليب و لما خلصوا ضربوا ببندقياتهم في سقف البيت " واصفا ذلك الموقف بالإرهاب و الترويع الذي ارتكبته قوات العدوان في حق أسرة البطل و كل الأسر التى عانت مرارة هذا العدوان الغاشم . و كانت تلجأ قوات العدوان إلى إرهاب الأطفال عن طريق إلقاء الحلوى عليهم بطريقة فجائية مما يسفر عن فزع الأطفال .
كما أن الاحتلال لم يكن مركزا على منطقة بعينها و إنما قسم نفسه بين بورسعيد و بورفؤاد فقد كانت القوات الفرنسية مسيطرة على بورفؤاد بينما كانت القوات الإنجليزية مسيطرة على بورسعيد . و لم ينته العدوان بدون أي درس مستفاد على بطلنا فقد كان الدرس الوحيد هو تسجيله و زرعه لتلك المشاهد التي تعرض لها في طفولته هو و أسرته على أيادي قوات الاحتلال . حتى نمت بداخله مشاعر الحقد و الثأر تجاه المستعمر الدخيل , و لم تكن مجرد مشاعر دفينة في نفس ذلك الطفل الصغير و إنما خرجت فيما بعد لتصنع لنا بطولات مذهلة سطرها ذلك البطل فيما بعد عندما شب بين صفحات نور و نار ولدتها ملاحم الاستنزاف و أكتوبر 1973 .
و عندما اندلعت حرب يونية 1967 كان بطلنا يبلغ من العمر 18 عاما حيث وصف لنا الأحوال في بورسعيد الباسلة و في مدينة بورفؤاد بالتحديد و التي كانت ظواهرها الجغرافية مختلفة بعض الشئ عن وقتنا الحالي فقد كانت منفتحة مباشرة على سيناء بؤرة الأحداث لا يفصلها عنها سوى ذلك الشريان الجاري (قناة السويس) . حيث أن التفريعات التي تفصل الأن بين بورسعيد و سيناء ما هي إلا خط دفاع و إعاقة لتقدم العدو و توغله داخل مدن القناة على طول الضفة الغربية لقناة السويس و قد تمت إقامته بفضل عبقرية الرئيس الراحل محمد أنور السادات .
و يحدثنا البطل عن تلك الفترة التي لا تختلف كثيرا عن فترة العدوان الثلاثي 1956 حيث تجمع أفراد المقاومة الشعبية كعادتهم استعدادا لصد الهجوم الإسرائيلي على المدينة
و كان الجزء السفلي من منزل عائلة البطل جامعا لأفراد المقاومة الشعبية .
و عندما جاءت الأوامر بالتهجير رفض بطلنا الهجرة مع أسرته و صمم على الانضمام لأفراد المقاومة الشعبية في بورسعيد .
و يحدثنا البطل إبراهيم سعودي عن شعوره تجاه قرار تنحي الرئيس الراحل واصفا إياه بالشعور الجبار حيث نزل البطل وسط الجموع المطالبة بالعدول عن قرار التنحي .
و قد مرت قوات العدوان الإسرائيلي بمنطقة رأس العش شمال شرق المدينة الباسلة حيث هجموا هجمتهم الشرسة في مواجهة المدينة و قد جاءت لهم التعليمات بعدم التوغل في المدينة و جعل القناة في مقابلهم حتى يسهل عليهم اقتناص كل من يحاول مناوشتهم أو التصدي لهم .
و كانت وقتها ترابط كتيبتي صاعقة مصرية من ضمنها الكتيبة 43 صاعقة في رأس العش و التي سطرت أقوى البطولات في تاريخ مصر العسكري بتفوقها على دبابات و مجنزرات العدو و طردتهم شر طردة من المدينة فيما عرف بمعركة رأس العش 1 يوليو 1967 بعد أسابيع قليلة من عدوان 1967 .
و لما توفى والده في خضم تلك الظروف العصيبة عكف على إعالة أسرته و قد حل محل وظيفة والده في الميناء و عندما ذهب بملفه إلى قسم الميناء لاستلام الوظيفة مكان والده أخبره مأمور القسم بأن المركبة التي كان يعمل عليها والده قد غرقت و توقفت أيضا حركة الملاحة في القناة جراء العدوان .
و قد أخبرنا أيضا عن التناقض الرهيب بين ما كانت تردده الإذاعات في ذلك الوقت عن تفوق جيشنا على العدو الإسرائيلي و إلحاق الخسائر به في المعدات و الأفراد و بين ما رآه بعينيه و دخول قوات العدوان و احتلالها سيناء على الضفة المقابلة .
و بعد مضي حوالي 3 أشهر انضم أفراد المقاومة الشعبية بما فيهم هذا البطل العظيم الذي كان يبلغ وقتها 18 عاما إلى الكتائب السودانية الصغيرة التي كانت وصلت هناك في ذلك الوقت .
حيث كانت تقيم تلك الكتائب السودانية مع أفراد المقاومة الشعبية في البيوت و المدارس و كان أفراد المقاومة الشعبية منقسمين إلى فرق و مجموعات عن كل حي أو منطقة .
و عندما ذهب مع الكتائب السودانية كانت أول مرة يشاهد فيها الجنود الإسرائيليين عن قرب و حدثت معهم الاشتباكات و المناوشات و التي كانت تشتد ليلا , و لكن الكتائب السودانية لم يكن تأثيرها ملموسا مثلما كان تأثير كتائب الصاعقة المصرية قويا و موجعا .
و يحدثنا أيضا عن حبه لأبطال الصاعقة الذي كان يراهم في شوارع المدينة و الذين كانوا مصدر فخر لكل شباب هذا الوقت حتى أن هذه الأحاسيس تجاه جنود و ضباط الصاعقة قادته بالصدفة إلى الانضمام لصفوف سلاح الصاعقة فيما بعد .
و قد كان انضمامه لصفوف المقاومة الشعبية و تدربه على فك و تركيب السلاح و معرفة أجزاءه تمهيدا ليكون جنديا بين صفوف قواتنا المسلحة ، و كان قائد المقاومة وقتها هو النقيب سيد مصطفى الجزار .
و عن بدايات تجنيده يسترسل بطلنا قائلا بأنه جند قبل استشهاد الفريق عبد المنعم رياض بأيام بتاريخ 5/3/1969 ، و لم يكن راغبا في التجنيد في ذلك الوقت ليس خوفا و لا جبنا و لكن لأنه كان عائلا لأسرته في وسط ظروف عصيبة كهذه .
فبالرغم من شدة ما يعتمل في نفسه من الحقد و الغل و الكراهية تجاه العدو و رغبته الجارفة في الخلاص منه إلا أن الموقف كان صعبا عليه ، فقد كان متحيرا بين أن يبقى سند أسرته و عائلها و بين أن يكون سند وطنه و حصنا من حصون حمايته .
و لكن عندما ينادي الوطن تلبي القلوب و العقول نداءه من أول مرة ، و قد كان و بدّى البطل إبراهيم سعودي وطنه على نفسه و أهله و سلم نفسه ليكون ضمن أبطال جيشنا العظيم .
و كان مكان التسليم في مركز التل الكبير وهناك يقابل الرائد عبد المجيد الذي كان يعتبر جارا لهم و زوجته كانت الأستاذة نجاة المدرسة و التي كانت معروفة لمعظم أهالي المنطقة في ذلك الوقت .
فشعر بطلنا بأن هناك بصيص من الأمل لأن يكون في خدمة وطنه و يكون قريبا من أسرته في آن واحد . و بالفعل ذهب و تحدث مع الرائد عبد المجيد و الذي كان قائدا في ذلك الوقت فسهل له الحصول على تصريح إجازة لرؤية أهله قبل التهجير .
و عندما هم بالنزول رأى في طريقه على إحدى واجهات أكشاك الجرائد بالإسماعيلية خبر استشهاد الفريق عبد المنعم رياض الأمر الذي أدى إلى صعوبة رجوعه إلى بورسعيد حيث كانت غطرسة العدو على أشدها آنذاك و كانت الغارات متلاحقة مستهدفة طريق بورسعيد الإسماعيلية . لهذه الأسباب لم يتمكن من النزول و اللحاق بأسرته قبل التهجير .
و عن قصة انضمامه لسلاح الصاعقة .....
عندما تحدث البطل مع الرائد عبد المجيد عندما ذهب لمركز التل الكبير لأول مرة قال له أنه سوف يجعل خدمته عند قاعدة بورسعيد البحرية ، و لكن لعب القدر لعبته و وقع الاختيار عليه للانضمام لسلاح الصاعقة .
و كان لوجوده في مدرسة الصاعقة بأنشاص لأول مرة وقع الانبهار و الدهشة في نفسه لما رآه ، فهنا معقل الأبطال الذين طالما جذبوا انتباهه و إعجابه كلما مر بهم أو مروا به .
و قد مر بطلنا بالعديد من المراحل و التدريبات في مدرسة الصاعقة ما بين تمارين اللياقة البدنية العنيفة و الركض سريعا في حلقات و المرور من خلال الحلقات المشتعلة و طوابير التعايش و اختبارات الثقة و غيرها من التدريبات التي تنتج الصفوة من مقاتلي الصاعقة .
و قد كانت كل هذه المراحل هي اللبنة الأولى في حائط بناء و تكوين الكتيبة 133 صاعقة . و عندما تم الانتهاء من التدريبات هم البطل بالنزول إلى بورسعيد و لكنه ذهب ليجد عائلته قد تم تهجيرها , و قد علم من أحد أعضاء الاتحاد الاشتراكي أن عائلته تم تهجيرها إلى محافظة الغربية ، و لكنه عاد من إجازته و لم يكن يعرف كيف السبيل إليهم .
فذهب إلى قائد السرية و التمس منه تصريحا آخر للنزول لكنه عاد أيضا بلا فائدة .
و عن طريق بعض زملائه و أحد الضباط علم أن أسرته تقيم في مركز السنطة بمحافظة الغربية و قد وصل إليهم أخيرا بحمد الله و لطفه .
و لم تكن كل تلك الأحداث و معاناته و فقدانه لأسرته و صعوبة إيجادهم إلا رصيدا يضاف إلى مسببات الكراهية و الحقد و الثأر المشتعلة داخله تجاه العدو الإسرائيلي .
و تم ترحيل الكتيبة إلى استاد المنصورة حيث تم تدريبهم على السباحة ، و ترحيلهم بعد ذلك إلى منطقة التينة جنوب بورسعيد و كانت عمليات الاستنزاف على أشدها آنذاك مما ساهم في رفع الروح المعنوية حتى قبل أن يتم تكليفهم بأي مهمة .
و كان تمركز الكتيبة في ذلك الوقت عند الكيلو 28 و 200 متر جنوب بورسعيد على الضفة الغربية للقناة في مواجهة العدو القابع على الضفة الشرقية ، و كان الطريق عبارة عن سراديب أنشأها المهندسون عل طريق المعاهدة (طريق مرشدين قناة السويس) يدخل من خلالها الجنود ليكشفوا الجانب الآخر و مواجهة العدو المتحصن بدشمه و تبّاته على البر الشرقي للقناة .
و يصف لنا البطل الاختلاف ما بين الجبهة المصرية و الجبهة الإسرائيلية في ذلك الوقت ، حيث كانت الجبهة المصرية و تمركزاتها مكشوفة نوعا ما أما جبهة العدو فكانت محصنة بالدشم و التلال و كل وسائل الراحة حتى أنهم كانوا يستطلعون ما يحدث على الجبهة المصرية (الضفة الغربية للقناة) و هم بداخل حصونهم و تبابهم فقد كانوا مختبئين داخلها و كانوا يستخدمون أحدث أجهزة الاستطلاع ، و التي كانت تتيح لهم كشف الجانب الآخر من القناة و التوغل فيما وراؤه .
و كان السبب الرئيسي لوجود الكتيبة 133 صاعقة و غيرها من الكتائب في هذه المنطقة (التينة) هو استهدافهم لقوات المشاة المصرية عن طريق التسلل تارة و عن طريق المدفعية تارة أخرى ، و كان رأي القيادة في ذلك الوقت أن قوات الصاعقة هي الحل نظرا لما حققته من بطولات طوال هذه الفترة و أشهر ما حققته كانت معركة رأس العش يوليو 1967 .
و كان يوم 22 يوليو 1970 بمثابة ميلاد جديد للبطل إبراهيم سعودي ، حيث تم تكليفه بأول مهمة و كانت عبارة عن استطلاع نقطة العدو المقابلة من الداخل و معرفة مدى قوتها و جاهزيتها عن قرب .
و لأنه لم يكن مكلفا بعد بتنفيذ تلك المهمة كان يتمنى أن يكون فردا من أفراد الاستطلاع في المهمة و كان القدر في صفه تلك المرة ، فوقع الاختيار عليه بدلا من زميله الذي أصيب بالمرض قبل بداية المهمة .
و لكن تمام تلك المهمة و جرأة البطل إبراهيم سعودي كان محفزا و مشجعا لباقي أفراد الكتيبة للدخول في مهمة جديدة حتى أن زميله الذي بكي بسبب مرضة في آخر لحظة ذهب في مهمة مشابهة بعدها بأسبوع .
و كان قائد السرية هو النقيب أبو الخير شمس الدين الخطيب و الذي اختار البطل لإتمام هذه المهمة .
و قد وصف له المهمة التي سيقوم بها و هي نزولهم في ظلام الليل إلى مياه القنال و عبورهم بواسطة حبل رفيع يتم ربطه على الضفة المقابلة حتى يسهل على باقي الأفراد تتبع بعضهم البعض في ذلك الظلام الدامس .
و كان الفرد الثاني المكلف بالعملية بصحبة البطل إبراهيم سعودي هو البطل الشهيد فاروق عبد الفتاح ( من شهداء معركة أبو عطوة ) رحمه الله ، و قد كان لعمل البطل في الميناء فائدة كبيرة عادت عليه عندما قام بالسباحة إلى البر الآخر لتنفيذ المهمة .
و عندما جاء موعد العملية أخذ البطلان التقرير الخاص بها و تم التفتيش عليهما و على تجهيزاتهما (بنطلون مموه ، خنجر ، بوت عمليات ) و كان الجزء العلوي من أجسادهم (Skin) بمعنى عاريا .
كانت الساعة تشير إل الثامنة مساءا ، و في جنح الظلام بدون أدنى بصيص للضوء من القمر ، و كان يجب أن تتم المهمة قبل بزوغ القمر الذي لو انكشف سوف ينتهي كل شئ و تفشل العملية .
و كان من ضمن التعليمات : أن يظل أفراد العملية في أماكنهم أثناء الاستطلاع لا يبرحوها
إذا طلع القمر حتى لا تنكشف العملية حيث لا يمكنهم العودة حتى يختفي ضوء القمر .
و كانت المسافة من الضفة الغربية للشرقية حوالي 180 مترا تم عبورها بحذر شديد بواسطة الحبل المتصل بنقطة النزول ، و كانت كلمة السر ( حسين 2 ) ، و كانت جميع التشكيلات العسكرية المرابطة على القناة من منطقة رأس العش مرورا بالكاب و حتى التينة و الكيلو 28 جنوب بورسعيد على علم بالمهمة التي يقوم بها عدد من أفراد المجموعة 133 صاعقة حتى يتم اتخاذ الاحتياطات اللازمة حال لجوء أحد أفراد المهمة إلى أحد تلك التشكيلات .
و هنا يصل بطلنا أخيرا إلى الشاطئ الآخر منتظرا زميله البطل فاروق عبد الفتاح ، كما يحدثنا البطل إبراهيم سعودي عن شعوره عندما وطئت قدماه أرض البر الثاني قائلا بأنه كان يشعر بأنه في عالم آخر ، و عندما بدأ في تنفيذ المهمة كان ذلك أثناء ميعاد تغيير الدورية الإسرائيلية ، فكادا أن ينكشفا رغم أنهم كانوا على شفا خطوة من العدو و لكنها إرادة الله .
فظل البطلان في وضع الرقود على البطن حتى يتم الانتهاء من تغيير الدورية ، و بالإضافة إلى أجهزة الاستشعار التي كانت تلّغم الموقع إلا أنهم أنجزوا المهمة بنجاح ، حيث اتخذ البطلان وضعية V فكان الذي يستطلع شيئا يخبر الآخر به عن طريق غمزه في قدمه .
و أثناء تأدية المهمة و مراقبة و استطلاع الأوضاع على الجبهة الأخرى بزغ القمر مما أدى إلى استمرارهما في مكانهما دون حراك مع عدم إمكانية الرجوع حتى يختفي القمر و قد قضيا حوالي 3 ساعات مروا كأنهن الدهر كله مع خليط من الصعوبات متمثلة في : الحشرات التي تلدغ أجسادهم بالإضافة إلى الجرح القطعي الذي سببته الأسلاك الشائكة للبطل إبراهيم سعودي في فخذه مع تأثير المياه المالحة على الجرح و الذي كان بلا شك تأثير حارق تحت ظروف إذا رمشت فيها عيناك قد يؤدي ذلك إلى خلاص كل شئ حياتك و المهمة بأكملها .
و قد تمكنوا من الانسحاب أخيرا بعد ما تم إطلاق طلقات إشارة من الجانب المصري على إثرها تم الرجوع ، و قد كان الهدف الرئيسي من هذه المهمة التجهيز لاقتحام هذا الموقع المعادي المقابل .
و يحكي بطلنا عن استهداف القناصين الإسرائيليين لجنود المشاة المصريين حيث كانوا يستغلون وجود الأشجار الكثيفة و بالتزامن مع وجود أي جندي كانوا يستهدفونه بقناصاتهم و قد تسببوا في استشهاد 3 جنود آنذاك ، فكان لا بد من حل لإيقاف هؤلاء المجرمين المتغطرسين عند حدهم، فاقترح ضابط حديث التخرج كان يدعى محمد أمين الجِدي أن يتم الرد عليهم في الحال دون انتظار الأوامر .
و عن تلك العملية الخاصة بالانتقام من القناصين الإسرائيليين فقد كانت بعد عملية الاستطلاع بحوالي من 10 إلى 15 يوما ، أما عن تنفيذها ..... فبما أن التنفيذ سيكون بدون انتظار أوامر فقد اتخذ البطل وضعا خداعيا و في نيته التصويب على الهدف و قد كان و تم رصد الجندي الإسرائيلي و إصابة الهدف بنجاح و كان هذا الأمر سيؤدي إلى محاكمة البطل و سجنه .
و في اليوم التالي أعلنت القيادة الإسرائيلية تقارير تفيد بمقتل القناص الإسرائيلي و هدوء الأوضاع ،
و ما كان منهم بعد ذلك إلا الرد على مقتله فقاموا بعدة إغارات حولت ليل القناة إلى نهار حيث أدت تلك الغارات إلى انفجار في براميل النابلم مما أدى إلى إحداث لهيب و دمار في تلك المنطقة .
و بدأت بعد ذلك مرحلة جديدة في حياة البطل إبراهيم سعودي العسكرية حيث تم تكليف و استقدام بعض كتائب الصاعقة المصرية من ضمنها الكتيبة 133 صاعقة للسفر إلى بني غازي في ليبيا لتدريب أفراد الجيش الليبي و التعاون معهم .
و كان القائد الليبي القذافي يثني و يشيد بالجيش المصري و قدراته ، حيث أنه كان عندما يمر على جنود الجيش الليبي يقول لهم أنه جاء بالجنود المصريين ليدربوهم و يرفعوا من كفاءتهم القتالية مع توجيه قدر من الإهانة لهم مما يدل على مكانة جيشنا العظيم عند الأشقاء العرب .
و قد عادت الكتائب من ليبيا سنة 1972 إلى مصر و بالتحديد إلى منطقة الهرم حيث تم ترحيل الكتيبة 133 صاعقة إلى هناك ، و كانت بوادر حرب التحرير قد ظهرت في الأفق حيث تم العمل على تنفيذ مشاريع الحرب و التدريبات المكثفة في العديد من المناطق في أنحاء مصر بعيدا عن خط المواجهة مع العدو ، و كان من ضمن المهام عمل طوابير سير طويلة وسط الجبال و المناطق الوعرة في صحاري مصر ، كما تم التركيز على خداع و تشتيت العدو الإسرائيلي على خط المواجهة بإيهامه بقرب الهجوم ببعض الطرق منها طريقة بسيطة جدا حيث كان يتم استخدام البراميل و الجنازير في مياه القناة و مع حركة الرياح تصدر ضجيجا تتصيده أجهزة التنصت الإسرائيلية و على إثر ذلك تقوم بحالة استنفار و طوارئ تحسبا لأي هجوم مصري مما يسفر عن حالات من الاستنزاف المعنوي و المادي داخل صفوف جيش العدو الإسرائيلي بالإضافة إلى عمليات الاستنزاف التي كانت تقوم بها قواتنا يوميا فتسفر عن خسائر في الأفراد و العتاد دابة في طريقها الرهبة و الرعب لتهيد معها هيبة الجيش المصري و شراسته و تحطم رويدا رويدا الأسطورة التي نسبها العدو لنفسه .
كما أدت عمليات الإيهام و الخداع و التمويه المصرية إلى تكاسل و تراخي العدو و خموله حتى فوجئ بالهجوم الشرس لقواتنا الباسلة ظهر السادس من أكتوبر 1973 .
و عن خطة التدريب المكثف و المشاريع الحربية التي كانت تقوم بها القيادة العسكرية على كل المستويات فقد كانت الكتيبة 133 صاعقة كتيبة البطل إبراهيم سعودي تقوم بدورها هي الأخرى بالتنقل إلى مناطق محددة و متنوعة داخل العمق المصري لتنفيذ تلك المشاريع بعيدا عن رصد أعين العدو الغادر .
كما كان الاستمرار في التدريبات و كثافتها و شدتها إنذارا غير معلن بقرب حرب التحرير و انتهاء سنوات الصبر .
و جاء موعد النصر و انطلقت ملحمة نصر السادس من أكتوبر 1973 و راحت تمحو مرارة الهزيمة و الانكسار و تزيد مصرنا و جيشنا عزة فوق عزة و كرامة فوق كرامة .
و انتشرت أنباء العبور بشدة كالنار في الهشيم و كان بطلنا في ذلك الوقت بطبيعة الحال ضمن تشكيلات الكتيبة 133 صاعقة و التي استقبلت أنباء العبور أثناء وجود أفرادها في مطار أبو صوير العسكري و كانت تنتظر الأوامر و التعليمات لتنفيذ المهمة المكلفة بها .
و تحركت الكتيبة من المطار يوم 16 أكتوبر عندما حدثت الثغرة (الدفرسوار) ، و لكنها اضطرت غلى التحرك عن طريق البر بدلا من الهليكوبتر نظرا لحدوث الثغرة و تلافيا لأي خسائر قد تحدث .
و قد انفتحت الثغرة بكمية من الخسائر تلقت جزء منها كتائب المظلات حيث تم اختراق كتائب المظلات المصرية و لولا بسالة القوات المصرية و تعويض تلك الخسائر و غلق ثغرة الدفرسوار لتمكنت القوات الصهيونية من دخول مدينة الإسماعيلية و احتلالها .
و كانت السرية التابع لها البطل في ذلك الوقت قوامها حوالي من 30 إلى 35 مقاتل و كان العتاد و التسليح عبارة عن بندقية آلية و قنبلتين من النوع (حسام) و التي كانت من أشد أنواع القنابل فتكا و التي كانت الواحدة منها تقضي على دبابة بأكملها حتى أنها تجعل جنازيرها المتشابكة و المعقدة و الشديدة مدمرة تماما و مفككة ،كما كان من ضمن العتاد مدافع الهاون 60 ملم ، ذو الوزن الخفيف و الآر بي جي ، بالإضافة إلى أفراد النسف و التدمير و أفراد الاستطلاع .
و دخلت دبابات العدو و كانوا حوالي ثلاثة دبابات منطقة أبو عطوة يوم 22 أكتوبر و هو يوم وقف إطلاق النار على أرض المعركة و الذي أقرته الأمم المتحدة بدءا من يوم 21 أكتوبر 1973 .
و كانت معركة أبو عطوة عبارة عن معركة طرفاها عبارة عن دبابات العدو و مجنزراته و على الجانب الآخر كتائب و سرايا الصاعقة المصرية ذات الأسلحة الخفيفة و المحمولة حيث الاعتماد على خفة حركة أفراد الصاعقة المصرية و براعتها العالية في الرصد و السرعة .
حيث كان تلغيم كلا من كوبري نفيشة و كوبري الجلاء هو عائق مرور القوات الإسرائيلية لاحتلال الإسماعيلية و الذي أعده المهندسين العسكريين لشل حركة العدو ، حتى إذا نجح شارون و قواته في دخول الإسماعيلية كان سينجح في تطويق الجيش الثاني الميداني و إخضاع نهاية المعركة لصالحه .
و في 19 أكتوبر عندما حدث الهجوم الإسرائيلي على منطقة الجناين بالقرب من أبو عطوة كان هناك خطأ في الهجوم المصري ردا على العدو ، إلا أن ذلك أدى للانسحاب مرة أخرى و الالتفاف بالنسبة لقواتنا مع بعض الخسائر .
و بالرغم من هجوم العدو الشرس و الذي أدى إلى خسائر داخل صفوف قواتنا إلا أن رد أبطالنا البواسل كان أعنف و أشد حتى كادت قواتنا أن تلحق بشارون قائد قوات العدو في هذه المعركة إلا أنه تمكن من الهروب .
وعندما كان التفاف قواتنا من ناحية مبنى الإرشاد في الإسماعيلية ، تم تجميع أفراد من الكتيبة 133 صاعقة و 223 صاعقة و ما تبقى من كتائب المظلات و حتى المهندسين العسكريين حيث تم تكوين هذا التشكيل منهم للتشاور في كيفية الرجوع مرة أخرى و السيطرة على العدو بعدما أخبرهم المقدم الذي جمعهم بضرورة التصدي لقوات العدو التي شارفت على دخول الإسماعيلية و الذي يعني دخولها ضياع مصر ، فأعطوا التمام بجاهزيتهم للاشتباك مع القوات المعتدية مع أمر بالانتشار حتى لا يحدث نفس الخطأ الذي حدث مع كتائب المظلات في بداية المعركة عندما كانوا مجتمعين غير منتشرين مما سهل مهمة العدو في إلحاق الخسائر بهم .
و عندما دخلت القوات المصرية منطقة الجناين تمكن البطل إبراهيم سعودي من الإمساك بجندي إسرائيلي و قد أطلق بعض الطلقات التحذيرية تحسبا لوجود أي جنود للعدو مختبئين في تلك المنطقة الزراعية ، و عندما أطلق البطل هذه الطلقات سقط السلاح من الجندي الإسرائيلي و أمسك به و ساقه أمامه مصوبا طرف بندقيته في ظهره .
و فجأة ظهر صوت ينادي على بطلنا و يطلب منه الاستغاثة ، وعندما نظر إلى اتجاه مصدر الصوت وجده زميله ربيع شاهين و الذي كان مصابا ، و كان بطلنا في حيرة من أمره هل يترك هذا الجندي الأسير الذي فرح بإمساكه أم يذهب مسرعا لتقديم العون و الاستغاثة لزميله؟
فما كان منه إلا أن تخلص من الجندي الإسرائيلي بعد أن جعله يرقد على إحدى القنايا (مجاري المياه في الأرض الزراعية ) و سدد له طلقة فارق على إثرها الحياة مسرعا بعد ذلك لإخلاء صديقه المصاب بشظية في فخذه و في يده .
و كان المصاب يحمل طاقم هاون بالإضافة إلى بندقيته فقال له بطلنا أن عليه أن يتخلص منهما حتى يتمكن من إخلائه بسرعة في ظل الطلقات التي كانت تمطر المكان و تحسبا لأي كمين قد زرعه العدو في طريقهم ، فقد كان الوضع في غاية الصعوبة و الخطورة حتى أن طلقات العدو المتدفقة كالفيضان كانت تمر من أضيق الأماكن بينه و بين صديقه المصاب الذي كان يسنده للوصول به إلى أقرب بر أمان ، و ما كانا يملكان إلا الدعاء و الشهادة حتى يصلا إلى وجهتهما .
و قد كان و وصلا إلى وجهتهما عند مكان تقيم فيه بقية الكتائب ، و كانت هناك شخصية من الإسماعيلية تدعى أم إبراهيم لقبت فيما بعد بـ (أم الصاعقة) حيث كانت تنقل جنود الصاعقة المصابين إلى المستشفى في الإسماعيلية على عربة كارو ، و بذلك قد أتم إخلاء و توصيل صديقه إلى بر أمان و عاد بعدها مرة أخرى .
و استؤنفت تلك المعركة الشرسة حيث أطلقت قوات العدو على قواتنا صواريخ كانت تنزل الأرض و تزلزلها كما انتشرت جحافل الدبابات و المجنزرات الإسرائيلية في أرض المعركة و قد تمكنت قواتنا المصرية من صد تلك الضربة الضارية التي شنها العدو في منطقة الجناين قبل منطقة أبو عطوة بحوالي 2 كيلو مترا .
و قبل التوغل في منطقة أبو عطوة و في مجال منطقة الـ 2 كيلو متر تم إطلاق طلقات إشارة مصرية للتحذير من أي كمائن قد يزرعها العدو في طريق القوات المصرية إلى أبو عطوة .
كان من طليعة شهداء معركة دبابات أبو عطوة :
الرائد / إبراهيم الدسوقي حيث ألقى قنبلة على برج الدبابة الأولى و كان عليها جندي إسرائيلي على رشاش النصف بوصة أعلى برج الدبابة و الذي أصاب البطل إبراهيم الدسوقي بطلقاته مما أدى إلى استشهاده ، و من الشهداء أيضا المقاتل بطل/ محمد علي سعدون و المقاتل بطل/ علي محمد الأسواني و اللذان استشهدا أثناء تصديهم للدبابات الإسرائيلية التي دخلت منطقة أبو عطوة .
و كان بطل يدعى حسن عثمان كان ضعيف البنية و كانت قدراته غير متفوقة و بالرغم من ذلك فقد تمكن من إصابة أولى الدبابات في أبو عطوة حيث سدد لها ضربة آر بي جي أصابت برج الدبابة على بعد مرمى يبلغ حوالي 10 متر بالرغم من أن المتعارف عليه أن المرمى المؤثر لإصابة هدف بواسطة آر بي جي يبدأ من الـ 100 متر و حتى مدى الـ 300 متر ، و عندما طار برج الدبابة انتشرت القوات المصرية بكثرة في المكان الذي كان يشبه حارة ضيقة ، كما تدخلت مجموعة من العربات المجنزرة الإسرائيلية في المقدمة و التي احترقت منها أولى العربات فعملت على سد الطريق على قوات العدو مما أدى إلى تمكن القوات المصرية من اصطياد الجنود الهاربين من برج الدبابة المحطم و من العربة التي احترقت في مقدمة العربات الأخرى و من العربات الأخرى السليمة أيضا .
و من المتعارف عليه في العسكرية عند عمل كمين للدبابات يتم ضرب أول و آخر دبابة حتى لا تتمكن باقي الدبابات من الفرار و تنحشر في المنتصف و عند هروب الجنود من الدبابات كاد بطلنا أن يصاب من مجندة إسرائيلية قفزت من الدبابة لولا تحذير زميله له !!!!.
و كان يوجد ثلاث مجنزرات تتحرك خلف الدبابات و العربات المدمرة لحق بهم البطل مع مجموعته ، فكان منها ما غير اتجاهه و رجع و منها ما تمكنت المجموعة المصرية من الانقضاض عليه و اصطياده بواسطة القنابل فهرب من هرب منهم و احترق داخل المركبات من احترق من جنود العدو و تم أسر من أُسِر .
و عند نقطة الجناين زرعت قوات العدو كمين في هذه النقطة للاستطلاع مستغلين قرار وقف إطلاق النار ، فما كان من بطلنا إلا أن حذر مجموعته بخيانة العدو و أن بإمكانهم أن يخرقوا قرار وقف إطلاق النار في أي لحظة و من الضروري التعامل معهم بحذر و يقظة .
و قد كان و تم تكليف البطل و بعض من زملائه بواسطة الملازم أول علمي السيد حسين بمهمة قوامها استطلاع ما بعد النقطة التي وضع فيها العدو كمينه .
فأخبرهم الملازم أول علمي السيد بأن هناك 7 دبابات للعدو تمكنوا من التسلل و الدخول
إلى الجناين ، حيث كان لا بد من الاستطلاع .
فكانت المهمة عبارة عن ارتداء البطل و من معه الجلابية بدلا من الأفارول و التنقل بالحمير و تحميل بعض الأجولة المملوءة بالفول السوداني على الحمير كخداع للعدو حتى يتمكنوا من المرور من خلال كمين العدو و حتى لا يظهر عليهم أنهم جنود لإتمام المهمة الاستطلاعية .
و عندما شرع البطل في تنفيذ المهمة و أثناء مروره من الكمين المعادي على هيئة فلاح انهال عليه جندي إسرائيلي بالضرب و أجبره على اتخاذ وضع الاستسلام و بعد التحقيق معه قال لهم البطل أن أفراد عائلته ماتوا في القصف و الغارات و قد جاء ليأخذ ما تبقى من الماشية في بيتهم على الجهة المقابلة بعد الكمين ، فوافقوا على مروره بشرط أن يصحبه جندي من عندهم و عندما تحركا سأله الجندي الإسرائيلي على مكان البيت .
في هذا الوقت لمح بطلنا خيمة للعدو بجانبها دبابة أيضا ، فأشار للجندي الإسرائيلي بأن المنزل في هذه المنطقة ، فتركه الجندي الإسرائيلي يحضر ما جاء من أجله ليستغل البطل ذلك الموقف و يتجول في المكان للاستطلاع و للبحث عن أي ماشية أو حيوانات يصحبها معه عندما يعود و حتى لا يتم كشفه ، و بالفعل استطاع أن يعثر على بعض الحيوانات في بيت مهجور و أخذها معه .
و باستطلاعه للمنطقة كشف في طريقه دبابتين و موقع إسرائيلي عبارة عن كمين ، و عاد بطلنا من حيث جاء ليُبلغ عن نتيجة استطلاعه بواسطة تقرير مفصل .
ليعود مرة أخرى للمنطقة التي تم استطلاعها بصحبة القوات المصرية للتمركز عند تلك المنطقة ، و بذلك انتهت المناوشات بين قواتنا و قوات العدو و بدأ أبطالنا بالعودة إلى أحضان أسرهم المنتظِرة لرجوعهم بعد انتهاء مباحثات الكيلو 101 يناير 1974 .
و بانتهاء المباحثات و انسحاب القوات الإسرائيلية كوّن الأفراد المتبقون من الكتائب 183 صاعقة و 223 صاعقة و 133 صاعقة كتيبة أخرى تم إرسالها إلى مرسى مطروح كنوع من التخفيف عليهم بعد ما حققوا كل تلك البطولات المشرفة على مدار سنوات .
و عن أول إجازة لبطلنا بعد معركة أبو عطوة ....
فقد نزل إلى السنطة بالغربية إلى حيث تم تهجير عائلته ، و عندما نزل من القطار استقبله أهالي السنطة بالترحاب الحار كما أطلقت النساء الزغاريد و كان الكل يتسابق للترحيب بالبطل حتى عاد إلى أسرته التي استقبلته استقبالا عنيفا يعزُ عليه حتى تلك اللحظة .
و في 1/1/1975 أنهى بطلنا خدمته في القوات المسلحة بعد سنوات من الصبر ما بين انكسار و مرارة و ما بين حماس و أمل و انتصار بكل معانيه .
و في نهاية لقاءنا بهذا البطل العظيم قد طلبنا منه أن يوجه كلمة لشباب اليوم فقال :
"لما قامت حرب 67 و كان عندي 18 سنة و كنت في المقاومة الشعبية و لقينا الجنود الإسرائيليين داخليين على بورفؤاد الشباب الصغير انتفض ، ماكانش لينا في قهاوي و لا قعدات نوادي و بالرغم من كدة كمان كنت بعول أسرتي و كنت بعمل كدة عشان أحافظ على أسرتي و بلدي من أي جندي إسرائيلي جبان أو أي إرهابي جبان يدخل المكان اللي عايش فيه ، و بقول لشباب مصر انتبهوا و احذروا لأنكم لازم تخلوا بالكم من بلدكم احذروا من أي شائعات بطلب منهم يحافظوا على وطنهم يحافظوا على جيشهم يحافظوا على شرطتهم . احنا كنا بنساعد جيشنا و احنا صغيرين و كنا بنجري وراهم لحد الجبهة و رحنا راس العش و احنا لسة مدنيين صغيرين و احنا 18 سنة مع المقاومة الشعبية عشان نحافظ على بلدنا و بقول لكل شاب مرة تانية حافظ على بلدك حافظ على جيشك حافظ على شرطتك ابعد عن الشائعات ابعد عن الإرهاب "
و عندما طلبنا منه أن يوجه كلمة لمصر ، كانت دموع بطلنا الذي ضحى من أجلها أبلغ من أي كلام حيث قال في النهاية تعيشي يا مصر .
ملحق صور