Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم من 2008 *** 2008-2023 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث
  • تعريف بالمجموعة و أعضاءها

     مؤسسة مؤرخي مصر للثقافه ( المجموعة 73 مؤرخين ) المشهرة برقم 10257 لسنه 2016  المجموعه 73 مؤرخين ، مؤسسه ثقافيه للتأريخ والابحاث التاريخيه نشأت عام 2008 - وهي عباره...

    إقرأ المزيد...

بطل الشهر

بطل الشهر /  العميد يسري عمارة 

 

 

الــصـفـحـة الـرئيسيــة

كم طلقة في مسدس الموساد - الجزء الاول

 بقلم / أسامة العيسة

مفتتح

 

كان الموقف ، فظيعاً ، و درامياً .. و مأساوياً من كلّ الوجوه ..!

فلم تكد تمضي على انتفاضة الأقصى التي اندلعت بعد زيارة مجرم الحرب الصهيوني آرييل شارون ، و كان وقتها زعيماً للمعارضة الصهيونية اليمينية ، للحرم القدسي الشريف يوم 28/9/2000 ، سوى أكثر قليلاً من شهر ، و تحديداً 41  يوماً ، حتى كانت (إسرائيل) تعود لاستخدام سلاحها الذي تعتقد أنه (الأمضى) في مواجهة أعدائها ، فتقوم بتجييش قواتها و استخباراتها و كل ما يلزم لتنفيذ أول عملية اغتيال في تلك الانتفاضة ، لتضاف لسجل (إسرائيل) الزاخر في هذا المجال .

في ظهيرة ذلك اليوم (الخميس 9/11/2001 ) ، كنت أقف متوتراً خارج غرفة الطوارئ في مستشفى بيت جالا الحكومي ، بينما كانت سيارات الإسعاف ما زالت لا تكف عن إدخال الجرحى إلى الغرفة ، بعد قيام سلاح الجو الصهيوني بقصف سيارة فلسطينية في مدينة بيت ساحور .

و كانت نتف الأخبار التي تردنا من غرفة الطوارئ ، تعطي صورة عما حدث ، و بعد أقل من ساعة من الانتظار ، و مساعدة الخارجين من غرفة الطوارئ على الأسرة المتحركة ، و نقلهم إلى الطوابق الأخرى لاستكمال العلاج ، كان الخبر مؤكداً : استشهاد حسين عبيات ، فأدركت بأن سلسلة عمليات اغتيالات جديدة بدأتها (إسرائيل) ، بقتلها رجل فتح العسكري حسين عبيات ، ستشهدها الساحة الفلسطينية .

كان الشهيد حسين عبيات ، بدأ قيادة مجموعات عسكرية تابعة لحركة فتح مع اندلاع انتفاضة الأقصى ، و نسبت إليه (إسرائيل) قتل عددٍ من الجنود و المستوطنين ، و كان له (الفضل) بفتح جبهة على مستوطنة جيلو ، و هي التي أصبحت أهم نقطة ضعف صهيونية في انتفاضة الأقصى .

فمستوطنة جيلو التي تقع جنوب القدس ، أقيمت بعد الاحتلال ببضعة سنوات على أراضٍ تابعة لسكان مدينة بيت جالا تدعى (صليب ، و تلفظ بتشديد الصاد و تسكينها و فتح اللام و تسكين الياء و الباء) و تم مصادرتها و ضمها ، من طرف واحد إلى حدود مدينة القدس المحتلة ، التي أعلنها الكنيست الصهيوني بعد الاحتلال في حزيران 1967 بأسبوعين عاصمة (موحدة و أبدية) لـ (إسرائيل) .

و لم يقتصر الضم على أراضي (صليب) بل ضمت بلدية القدس الاحتلالية أيضاً آلاف الدونمات ، من أراضي بيت جالا ، بدون السكان ، و خاصة منطقة بيرعونة ، و على مدار سنوات الاحتلال أغرى موقع بيت جالا المرتفع و الاستراتيجي سلطات الاحتلال على إقامة عدة بؤر استيطانية أبرزها مستوطنة (الرأس) في أعلى نقطة في بيت جالا .

و مع انتفاضة الأقصى فتح حسين عبيات ، جبهة المواجهة مع جيلو ، بإطلاق النار و مجموعته اتجاهها ، الأمر الذي أثار حكومة (إسرائيل) بشكل كبير ، باعتبار أن الرصاص الفلسطيني وصل أخيراً إلى (عاصمة إسرائيل الأبدية) ، و أخذ الأمر بعداً كبيراً لدى (إسرائيل) و أصدقائها ، حتى أن زوجة الرئيس الأمريكي ، الذي كان يستعد لمغادرة البيت الأبيض في حينها ، بيل كلينتون ، السانتور هاري ، و هي تستعد لترشيح نفسها لمجلس الشيوخ ، زارت (إسرائيل) ، و كانت ما تزال السيدة الأمريكية الأولى ، و أطلقت تصريحات زايدت فيها على الزعماء (الإسرائيليين) متسائلة ، كيف يمكن أن يضبط القادة (الإسرائيليون) أنفسهم بينما الرصاص يصل عاصمتهم ؟! .

و بعد مضي نحو شهر على نشاط عبيات ، حتى تم اغتياله بقصف سيارته بالصواريخ ، بواسطة مروحيات حربية ، بالطريقة نفسها التي تم فيها اغتيال الشيخ عباس الموسوي ، زعيم حزب الله في لبنان ، في جنوب لبنان ، عندما قصفت المروحيات الصهيونية موكبه المكوّن من سيارة مرسيدس 280 و سيارتي رانج روفر ، في أثناء عودته من مهرجان لحزب الله في قرية جبشيت الجنوبية الأمامية ، و عند وصول الموكب بلدة تفاحتا ، قصفت مروحيات حربيتان موكبه ، فأدّى ذلك إلى استشهاده و زوجته و ابنه .

و مثلما سقط مع الشيخ الموسوي زوجته سهام و ابنه حسن ، استشهد مع حسين عبيات الشهيدتين عزيزة دنون و رحمة شاهين ، اللتان كانتا تسيران في الشارع .

و عندما رافقت مع آخرين ، جثمان الشهيد حسين عبيات ، إلى ثلاجة الموتى ، تم تمديد جثمانه على نقالة بينما كان رفاقه و أهله و محبوه يتزاحمون لتقبيله و وداعه ، غير مصدقين ما حدث ، معتبرين استشهاده خسارة كبيرة ، قد لا تعوض ، و لم أستطع مثل الآخرين ، أن أمنع بضعة دموع نزّت من العينين و نزلت حارة على وجهي .

و عندما تمعنت ، لحظات ، وسط الزحام ، في وجه الشهيد حسين عبيات المسود بفعل الاغتيال ، لم يكن فيه ما يشبه وجهه النضر الذي عرفته قبل الاغتيال إلا ذلك الصمت الذي كان يميز الشهيد أثناء عمله .

و أدركت حينها ، بأنني سأقف مثل هذا الموقف مرات كثيرة أخرى ، و هو ما حدث ، و لكن ما كان مثيراً و مؤلماً بالفعل ، هو (هول) المفاجأة و صدمتها بالنسبة للمواطنين و الرأي العام الفلسطيني ، نعم مفاجأة الاغتيال و كأن (إسرائيل) تقدّم لأول مرة على هذا النوع من الإرهاب ، و هو شبيه بما لمسته أيضاً لدى ارتكاب (إسرائيل) لعدة مجازر مثل مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل (25/2/1994) و مجزرة المسجد الأقصى (8/10/1990) ، حيث رأيت ، ليس فقط مشاعر الألم و الغضب و رغبة الثأر التي كانت تتملك المواطنين الفلسطينيين ، بل كنت أرى المفاجأة في عيون الناس ، و في كلامهم و مشاعرهم ، و كأن ما يحدث من إرهاب صهيوني يحدث لأول مرة ، و هو أمر لم أجد له تفسيراً مقنعاً . رغم أن سلوك (إسرائيل) و كلامها واضح أشد الوضوح في هذا المجال .

و في حالة اغتيال الشهيد حسين عبيات ، سارعت القيادات الصهيونية كلها (رئيس الوزراء يهودا باراك ، شؤول موفاز قائد الجيش ، موسى قصاب رئيس الدولة) إلى التفاخر بتنفيذ ما قاموا به ضد الشهيد عبيات ، و هو استمرار لما قامت به العصابات الصهيونية و من ثم (إسرائيل) من إرهاب طوال سنوات القرن العشرين .

و بعد اغتيال العبيات ، اغتالت دولة الكيان الصهيوني العشرات خلال انتفاضة الأقصى و لم تولِ ، كعادتها بالاً لأي انتقادات دولية حول سياسة الاغتيالات و الإعدام بدون محاكمة ، بل عمدت إلى نشر قائمة بأسماء المطلوبين لها ، و كان ذلك يعني قائمة بأسماء المنتظر تصفيتهم ، بينما لم يرمش للعالم جفن .

و إذا كان ما يحدث من قبل (إسرائيل) ، في نهاية الأمر ، أمراً متوقعاً ، من كيان قائم على الأساطير و الزيف و بقوة الحديد و النار ، فالمستغرب كان الموقف الفلسطيني ، اتجاه الاغتيالات ، فلم يكن هناك موقف يمكن أن نصفه بالاستراتيجي اتجاه سياسة الاغتيال الصهيونية ، سواء كان بكيفية التصدي لهذا الخطر الماحق ، أو بكيفية الرد عليه ، أو تقليل الخسائر الناتجة عنه ، و أن ما يحدث فلسطينياً عادة ، في هذا الشأن على الأقل ، هو من نوع ردات الفعل .

و يمكن في بحث سياسة الاغتيالات الصهيونية التوقف عند النقاط التالية ، أوردها كملاحظات مراقب ، و صحافي مهتم :

- من الصعب تحديد سقف أو خط أحمر لسياسة القتل الصهيوني ، فهي شملت  شخصيات دولية (الكونت السويدي فولكي برنادوت ، القدس : 17/9/1948) ، و قادة من الصف الأول الفلسطيني (خليل الوزير ، الرجل الثاني في حركة فتح ، تونس : 16/4/1988 ) ، و صحافيين و كتاباً (غسان كنفاني ، بيروت : 8/7/1972) و دبلوماسيين (وائل زعيتر ، روما : 17/10/1972) ، و ناشطين أمنيين (على حسن سلامة ، بيروت : 22/1/1987) و قيادات سياسية (الدكتور ثابت ثابت ، طولكرم : 31/12/2000) .

و في هذا الشأن أودّ الإشارة إلى حوارات كثيرة جمعتني مع نخب ثقافية و سياسية فلسطينية ، في خضم عمليات الاغتيال التي شهدتها الساحة الفلسطينية خلال انتفاضة الأقصى ، و كنت ألمس لديهم ، رغم الشواهد المتناثرة دماء على شوارع فلسطين ، عدم تقدير حقيقي ، للمدى الذي يمكن أن تصله عدوانية (إسرائيل) ، و بالتالي لمخاطر الاغتيال ، مؤكدين ، مثلاً ، قناعاتهم بوجود خطوط حمراء ، لا تتجاوزها (إسرائيل) في مسألة اغتيالات قادة الصف الأول ، و هو ما اعتقدت دوماً أنه وهم ، و أذكر هنا أنني نشرت كلاماً بهذا المعنى في يوم الجمعة (24/8/2001) في صحيفة الحياة الجديدة اليومية التي تصدر من رام الله ، محذّراً من اغتيالات ستطال قادة الصف الأول ، و في اليوم التالي السبت جمعني حوار مع مجموعة من نشطاء الانتفاضة و تحدثت حول توقعي بأنه سيتم استهداف بالاغتيال قادة مثل أبو علي مصطفى الرجل الأول في الجبهة الشعبية التي صعدت من العمل العسكري ضد (إسرائيل) و لم يكن متوقعاً أن ترد الأخيرة برمي الورد عليه و على غيره ، و للأسف بعد يومين : الإثنين 27/8/2001 ، اغتالت (إسرائيل) أبو علي مصطفى و هو في مكتبه في الطابق الثاني في إحدى البنايات في رام الله ، و صدمت عندما سمعت النبأ ، و سبب الصدمة أنني لم أتوقع بأن أبو علي مصطفى و بعد إعلانه التصعيد العسكري ما زال يمارس العمل الفدائي من مكتب في الطابق الثاني ، و صدمت أكثر من الموقف العام الذي فوجئ من استهداف رجل بحجم أبو علي مصطفى و دارت اسطوانة الحديث عن تجاوز (إسرائيل) الخط الأحمر ، و كأن اغتيال الكونت برنادوت أو أبو جهاد أو فتحي الشقاقي و محاولة اغتيال خالد مشعل ليست تجاوزاً للخط الأحمر .

 و يمثل هذا النمط في التفكير عدم فهم حقيقي لطبيعة العدو الصهيوني ، و هذه مشكلة كبيرة تعاني منها الأمة العربية و أنظمتها المختلفة و غالبية أحزابها و تشكيلاتها ، و من عوارض هذه المشكلة ، أن الكثير من الكتاب و المفكرين كانوا يتطوعون للإشارة إلى أن ما تقوم به (إسرائيل) من عدوان ، مناقض لمصلحتها ، دون التفكير في (مصلحتنا نحن) مثلاً ، و حتى أن السياسيين الذي كانوا يشعرون بالحرج اتجاه سياسة (إسرائيل) الدموية في انتفاضة الأقصى ، فإن أقصى ما فعلوه هو محاولة إقناع أمريكا و (إسرائيل) بخطورة هذا العنف الدموي على مصالحهما في المنطقة ، كما حدث عندما أوفد الرئيس المصري مستشاره السياسي المخضرم أسامة الباز إلى أمريكا في منتصف آب 2001 ، و قد بلغ عدوان (إسرائيل) (الزبى) ، لإقناع أمريكا أن (ما تقوم به "إسرائيل" لا يشكّل فقط خطورة على مصالح أصدقاء أمريكا في المنطقة بل أيضاً على مصالح أمريكا نفسها ، و على مصالح "إسرائيل" على المستوى البعيد) حسب قول أسامة الباز نفسه ، الذي عاد خائباً من مهمته في أمريكا .

- لا يوجد هناك أي منطق سياسي يحكم سياسة الاغتيالات ، و إنما يبدو القتل ، أحياناً قتلاً من أجل القتل ، فسياسة الاغتيالات شملت مختلف ألوان الطيف السياسي الفلسطيني دون تمييز (المقاوم ، المتطرف ، المعتدل ، المعترف بحق "إسرائيل" في الوجود) ، و من (زهير محسن زعيم منظمة الصاعقة ذات التوجهات البعثية السورية ، كان / جنوب فرنسا 25/7/1979) و (باسل الكبيسي من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، باريس 6/4/1973) إلى (كوادر و قادة عديدين من حركات فتح ، حماس ، الجهاد الإسلامي) .

- لا يهم زعماء الكيان الصهيوني (الآثار الجانبية) لعمليات الاغتيال ، مهما كانت دمويتها ، و التي يمكن أن يسقط فيها ضحايا مدنيون غير مطلوبين ، فمع اغتيال الشهيد محمد يوسف النجار عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في بيروت ، مع قياديين آخرين فيما عرف بعملية فردان يوم 10/4/1973 ، تم قتل زوجته السيدة رسمية أبو الخير ، و في حادثة اغتيال غسان كنفاني سقطت ابنة شقيقته لميس ، و اغتيال عمر سعادة و طه العروج في جبل الموالح في بيت لحم (17/7/2001) أسقط آخران هما : إسحاق و محمد سعادة ، و اغتيال جمال منصور و جمال سليم في نابلس (17/7/2001) ، أوقع أربعة آخرين من بينهم طفلان ، و اغتيال حسن القاضي في رام الله (3/4/2001) أدّى إلى استشهاد الطفلين شهيد و ملاك بركات.

- لا تولي (إسرائيل) أية أهمية لما يعرف بالرأي العام العالمي ، و ليست على استعداد مثلاً للتحلي و لو بقدر ضئيل من الكياسة اتجاه ذلك الرأي العام ، حتى أن إرهابها طال رموزاً من ذلك الرأي العام ، مثل (اغتيال الكونت برنادوت) ، و الاعتداء على وفد منظمة العفو الدولية الذي زار الأراضي المحتلة خلال انتفاضة الأقصى ، و كذلك الاعتداء على ماري روبنسن مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة التي زارت الأراضي المحتلة في بداية تلك الانتفاضة فتم الاعتداء عليها في مدينة الخليل .

و الأمر الغريب الذي أصبح ظاهرة تحوّلت إلى حقيقة مرة ، هو موقف هؤلاء الذين خبروا عدوانية (إسرائيل) على أجسادهم ، كروبنسون مثلاً ، و مع ذلك بقوا من أشد المدافعين عن (إسرائيل) ، و في المؤتمر العالمي لمناهضة العنصرية الذي افتتح في دوربان بجنوب أفريقيا في 31/8/2001 ، و استقطب أنظار العالم ، استماتت روبنسون للدفاع عن (إسرائيل) و للحيلولة دون مناقشة لموضوع اعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية ، و هو ما كان يطالب به ممثلو شعوب العالم في المؤتمر الذي انتهى بانسحاب أمريكا و (إسرائيل) منه .

- تمارس (إسرائيل) سياسة الاغتيالات في كلّ الظروف ، ظروف الحرب (الاغتيالات الشهيرة التي طالت مجموعة أيلول الأسود) و ظروف السلام (مثلاً : عاطف بسيسو ، هاني عابد ، محمود الخواجا) ، و أثناء الاعتقال (محمد أبو جامع ، محمود المغربي ، حسن أبو ركبة ، أحمد ذيب دحدول ، و غيرهم العشرات) ، و أثناء التحقيق (عبد الصمد حريزات ، إبراهيم الراعي ، مصطفى عكاوي ، حسن أبو شعيرة ، و غيرهم عشرات أيضاً) ، و في السجن (خضر نمر عيسى ، راسم حلاوة ، عبد القادر أبو الفحم ، و غيرهم بالطبع) .

- عدم تورع (إسرائيل) على استخدام كل الطرق و الأساليب للقضاء على المطلوبين لديها ، دون النظر لأية اعتبارات . و من هذه الأساليب مثلاً :

- الطرود المفخخة ، و أشهر ضحاياها الضابط المصري مصطفى حافظ الذي قاد مجموعات الفدائيين في غزة ، و الذي قضى بطرد ملغوم يوم 11/7/1956 ، و كذلك محاولة اغتيال شهيرة بطرد ملغوم لبسام أبو شريف أحد مسئولي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يوم 25/7/1972 ، و التي أسفرت عن إصابته بجراح ، و أصبح أبو شريف فيما بعد ، و بعد أن تخلى عن كثير من قناعاته مستشاراً للرئيس عرفات ، و سمحت (إسرائيل) له بالعودة إلى الأرض المحتلة ضمن ترتيبات اتفاق أوسلو .

- إطلاق النار من وحدات مدربة ، و هو ما حدث مع وائل زعيتر ، المثقف الفلسطيني الذي كان ممثلاً لمنظمة التحرير في إيطاليا ، يوم 17/10/1972 ، و كذلك إطلاق النار على باسل الكبيسي المناضل العراقي عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يوم 6/4/1974م ، و على عاطف بسيسو أحد مسئولي الأمن الفلسطيني ، على مدخل فندقه في العاصمة الفرنسية باريس (8/6/1992) ، و كذلك إعدام الشهيد يوسف أبو صوي بإطلاق رشقات من الرصاص عليه ، فأصابته نحو 20 رصاصة في قرية الخضر يوم (12/12/2000) و اغتيال الشهيد أحمد سعد في قرية أرطاس ، و غيرهم كثير خصوصاً في انتفاضة الأقصى .

- تفجير الهواتف النقالة ، و أشهر تلك العمليات اغتيال يحيى عياش المعروف باسم المهندس يوم (5/1/1996) في غزة ، و سميح الملاعبي في مخيم قلنديا بالقدس يوم (11/12/2000) .

- تفجير الهواتف الثابتة ، و هو ما حدث مع الدكتور محمود الهمشري (باريس 8/12/1972) ، و مع الشهيد إياد الحردان في جنين (2001) ، و الشهيد ماهر الجوابرة (نابلس 24/6/2001) .

- عمليات خاصة تقوم بها وحدات الكوماندوز ، و أشهر تلك العمليات اغتيال خليل الوزير (أبو جهاد) في تونس ، و الشهداء الثلاثة : كمال عدوان ، كمال ناصر ، أبو يوسف النجار) في بيروت في العملية التي اشتهرت باسم ربيع فردان (10/4/1973) .

- تفجير السيارات عن بعد ، بعد تفخيخها و هو ما حدث مع الشهيد هاني عابد (غزة 2/11/1994) و إبراهيم بني عودة (نابلس 23/11/2000) ..

- وضع سيارة مفخخة في الطريق مثل ما حدث مع الشهيد أبو حسن سلامة (بيروت 22/1/1979) .

- قصف السيارات بالصواريخ من المروحيات مثل ما حدث مع الشهيد عباس الموسوي و الشهيد حسين عبيات ، صلاح الدين دروزة (أبو النور) في نابلس في تموز 2001 .

- قصف المواقع كما حدث في قصف سجن نابلس (حزيران 2001) لاغتيال السجين لدى السلطة حسين أبو هنود ، المطلوب لـ (إسرائيل) ، و في حين نجا أبو هنود ، قتل في العملية 15 شرطياً ، و في نفس الوقت تم قصف مبنى قوات تابعة لقوات أمن الرئاسة الـ 17 في رام الله ، الذي كان تم إخلائه ، و كان القصف يستهدف مسؤول تلك القوة في رام الله ، و كذلك قصف مكتب إعلامي في نابلس (31/7/2001) ذهب ضحيته قياديان من حماس هما جمال منصور و جمال سليم و صحافيان هما : محمد البيشاوي و عثمان قطناني ، و الطفلان بلال و أشرف خضر ، و قصف موقع في جبل الموالح في بيت لحم (17/7/2001) لاستهداف عمر سعادة و طه العروج من جناح حركة حماس العسكري و ذهب معهما أيضاً محمد سعادة و إسحاق سعادة .

و رغم كل هذا الإرهاب ، الذي تستخدم فيه التكنولوجيا المتطورة ، و شبكات من العملاء ، إلا أنه يمكن الإشارة إلى أن تقصيراً أمنياً فلسطينياً كان أحد أسباب نجاح عمليات الاغتيال الدموية ، و لأسباب كثيرة ، و إن بدت مفهومة أحياناً ، فإنها غير مبررة ، لم تكن الجاهزية الأمنية لدى المستهدفين في مستوى الموقف ، فالكوادر من المستهدفين و الذين قضوا في الاغتيالات ، لم يراعِ أغلبهم المسائل الأمنية و إعطاءها الاعتبار اللازم ، فاستمروا في :

التحرك العلني و الوقوع فريسة الروتين و العنوان الثابت ، و هو من أهم الأسباب التي تنجح عمليات الاغتيالات .

عدم تقدير خطورة (إسرائيل) كأحد أبشع ، إن لم يكن أبشع احتلال في التاريخ و الاستمرار في قيادة النضال ضدها من             المكاتب العلنية .

عدم الفصل بين العمل العلني و العمل السري ، و بين النشاط الاجتماعي و الآخر النضالي .

الجانب الاستعراضي ، و النشاط المكشوف أمام الناس ، و كذلك يتم استقبال الكثير من المتعاونين مع أجهزة الاستخبارات (الإسرائيلية) بصفتهم صحافيين ، و لم يكونوا ، بالفعل كذلك و الثقة بهم ، و كنت أشاهد كيف أن كثيراً من المسؤولين و الكوادر الوسيطة ، ينفتحون بدرجة كبيرة اتجاه الصحفيين الأجانب و (الإسرائيليين) ، و يتحدثون في أغلب الأحيان بدون تحفظ ، وتنشا علاقات و صداقات ، و قنوات لتبادل الأخبار و تمريرها .

و في هذا الكتاب حاولت ، تذكير الرأي العام الفلسطيني و العربي ، بسلسلة عمليات اغتيال شهيرة قامت بها العصابات الصهيونية ، معتمداً في حالات كثيرة ، على مصادر (إسرائيلية) ، و ما قاله بعض من منفّذي تلك العمليات من عملاء أجهزة الاستخبارات (الإسرائيلية) ، و هي عمليات بدأت منذ قبل تأسيس الدولة العبرية ، و بعد تأسيسها ، في إحدى أبشع الجرائم ، على أنقاض شعب آخر ، و حتى دخول العالم قرناً جديداً ، قيل أنه قرن العولمة و الرفاهية و ثورة الاتصالات و حقوق الإنسان ، و لكن ذلك لم يعنِ للفلسطينيين شيئاً ، بل حمل معه مزيداً من الإرهاب ضدهم و من إغماض العالم عينيه أكثر و أكثر على ما تقوم به إحدى الدول الأشد عنصرية التي شهدها التاريخ .

الفصل الأول

الأصل و الصورة 

الرجل الظل

انتظرت دولة الكيان الصهيوني (38) عاماً لتعلن مسئوليتها عن اغتيال مصطفى حافظ الذي حمل ملفه في الموساد اسم (الرجل الظل) ، و ذلك في كتاب أعدّه يوسي أرجمان حمل عنوان (سري جداً) و صدر في الكيان عام 1993 . و كتب الأستاذ توحيد مجدي عن حادث الاغتيال مستنداً للكتاب في مجلة روز اليوسف القاهرية (3422) بتاريخ 10 يناير 1994 .

و العقيد مصطفى حافظ ، من الأسماء التي حفرت لنفسها مكاناً بارزاً ، في العمل الفدائي و الوطني ضد الكيان الصهيوني ، و قاد عمل مجموعات فدائية ، عرفت لوقت طويل بعد ذلك ، باسم فدائيي مصطفى حافظ ، أوكلت إليهم مهام بتنفيذ عمليات داخل الكيان ، و كان يعتمد على أي إمكانية متاحة لتجنيد الفدائيين ، و فضلاً عن اعتماده على المتطوعين ، فإنه عمد لتجنيد سجناء مدنيين للعمل الفدائي ، لاقتناعه بأن هناك جوانب إيجابية في أي إنسان يجب استثمارها و تطويرها ، و أنه بإمكان توجيه أي سلوك عدواني ، أو يبدو كذلك لدى السجناء المدنين نحو العدو الأكبر ، (إسرائيل) ، و لم يكن يدري حينها أن ذلك سيكون إحدى نقاط الضعف التي ستتمكن فيها (إسرائيل) من اغتياله .

و مصطفى حافظ معروف للكثير من الفلسطينيين الذين خلّدوا ذكراه بإطلاق اسمه على مدارس و شوارع في قطاع غزة ، و تحوّلت الأعمال التي قام بها (فدائيو مصطفى حافظ) إلى حكايات أسطورية بالنسبة للسكان المحليين ، و كان مجالاً لفخر بعض الأبناء ، فيما بعد بأن آباءهم كانوا من أولئك الفدائيين ، في حين أن من بقي من فدائيي حافظ على قيد الحياة التزموا صمتاً مطبقاً على ما كانوا يقومون به من أعمال بعد الاحتلال الصهيوني لباقي الأراضي الفلسطينية و أجزاء من الأراضي العربية عام 1967 ، و لاحقت دولة الاحتلال بعض من كانوا من رفاق حافظ و اغتالت بعضهم بأساليب مختلفة ، مثل تصفيتهم بعد اعتقالهم .

و عندما استشهد حافظ (11/7/1956) كتبت صحيفة الأهرام القاهرية بعد يومين (13 يوليو 1956) خبراً عن ذلك جاء فيه (قتل البكباشي مصطفى حافظ نتيجة ارتطام سيارته بلغم في قطاع غزة و قد نقل الجثمان للعريش و منها جواً للقاهرة ، و قد كان حافظ من أبطال فلسطين ، ناضل من أجل استقلالها و تحريرها ، و لقد سجل التاريخ له أعمالاً جعلت اسمه يزرع الرعب بداخل قلوب "الإسرائيليين") .

و لم يكن ذلك ، بالطبع صحيحاً ، و لكن على الأغلب قصد منه التمويه على سقوط ذلك الفدائي المقدام ، أو إخفاء حقيقة ما حدث لأية أسباب أخرى . و لكن هذا لا يكفي لمعرفة أهميته ، فمن هو (الرجل الظل) الذي كان محط اهتمام قادة (إسرائيل)؟

في ربيع عام 1955 ، و في اجتماع سري عقد في القاهرة برئاسة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، تقرّر إنشاء كتيبة تنفذ أعمالاً فدائية ضد (الإسرائيليين) . و اختير لهذه المهمة العقيد مصطفى حافظ ، الذي عرف بذكائه و كفاءته حتى أصبح عقيداً و لم يتجاوز عمره (34) عاماً .

و طوال عامي 55 – 1956 ، أرعبت عمليات حافظ (الإسرائيليين) خصوصاً تلك التي نفّذت في العمق الصهيوني كاللد و تل أبيب و غيرهما من المدن الكبرى . و بعض هذه العمليات نفّذت في مستوطنات في شمال (إسرائيل) مثل مستوطنة (ريشون لتسيون) بالقرب من تل أبيب و المقامة على أراضي قرية (عيون قارة الفلسطينية) ، و كان يقوم بتلك الأعمال العشرات من رجال حافظ .

و عندما عرف الموساد أن (رجل الظل) هو مصطفى حافظ ، بدأ بالتخطيط لاغتياله بأوامر من القيادة السياسية في (إسرائيل) آنذاك ، و يبدو أن المصريين كانوا يعرفون بمخططات (إسرائيل) أو يتوجسون منها ، ففي إحدى زياراته لغزة همس الرئيس عبد الناصر في أذن مصطفى حافظ (خلي بالك يا مصطفى من الخونة فأنا و مصر نريدك بشدة) .

و في أوائل عام 1956 دخل أفراد من الوحدة (101) التي كان يقودها مجرم الحرب الصهيوني الذي أصبح فيما بعد رئيساً للحكومة الصهيونية أريل شارون ، التي أوكل إليها تصفية (الرجل الظل) إلى بيته و نسفوا باب البيت ، و لكنهم لم يجدوا أحداً لأن مصطفى حافظ أيضاً بدا هو الآخر  يلعب لعبته مع الموساد ، فجعلهم يراقبون طيلة الوقت شخصاً آخر و منزلاً آخر هو الذي تم اقتحامه .

و بعد فشل مهمة الوحدة (101) ، صدرت الأوامر لسبعة ضباط كبار كما يذكر صاحب كتاب (سري جداً) لتنفيذ عملية ضد الرجل الظل ، و هم ضابط يعمل مزارعاً الآن ، و آخر يعمل مستورد سيارات في حيفا و (أبو سنان) الذي كان يقود مجوعة استخبارية وقتذاك ، و ضابط يطلق عليه (أبو سليم) و آخر اسمه (صادق) و يعمل أيضاً في مجال الزراعة الآن ، و سابعهم يدعى (أبو هارون) وصفه المؤلف بأنه عالم اجتماع شهير في جامعات (إسرائيل) .

و شارك الضباط السبعة في وضع خطط و تنفيذها ضد (الرجل الظل) و لكنها باءت بالفشل ، و من هذه الخطط عملية إنزال بحري على شواطئ غزة ، و لكن الرجل الظل استطاع تضليل فرقة الاغتيال و نجا بأعجوبة .

و أخيراً وجد ضباط الموساد الحل ، و هو إرسال طرد ملغوم للرجل الظل ، و هو الأسلوب الذي اتبعته العصابات الصهيونية مع ضباط بريطانيين قبل قيام الدولة الصهيونية و مع قادة فلسطينيين فيما بعد .

و أعد الطرد من قبل خبير كان يعمل في منظمة إتسل الصهيونية الإرهابية ، قبل تأسيس (إسرائيل) ، و شارك في إعداد طرود ملغومة أرسلت لضباط بريطانيين ، و تغلب ضباط الموساد على مشكلة واجهتهم و هي أن الرجل الظل لا يفتح الطرود بنفسه ، و ذلك بإيجاد سبب مقنع يجعله يفعل ذلك بنفسه .

و تم إرسال الطرد مع عميل مزدوج اسمه (سليمان طلالقة) الذي لا يعرف ما بداخل الطرد ، على أنه مرسل بواسطته إلى قائد شرطة غزة وقتذاك لطفي العكاوي من الموساد ، فتوجه طلالقة بالطرد إلى مصطفى حافظ قائلاً له إن قائد شرطة غزة عميل للموساد ، و ما إن فتح حافظ الطرد حتى انفجر ، فأصيب بإصابات بالغة أدت لوفاته في المستشفى ، و أصيب معه أحد مساعديه بعاهة مستديمة ، و أصيب طلالقة بالعمى .

و طلالقة ، كما ذكرت بعض المصادر الفلسطينية لي ، هو واحدٌ من الذين أطلق مصطفى حافظ سراحهم من السجون ليعمل مع مجموعاته ، و اعتبروا ذلك إحدى نقاط الضعف الأمنية لدى حافظ التي أودت بحياته في انفجار الطرد الذي هز سرايا غزة يومها . و مصادر أخرى تفيد بأن (إسرائيل) كانت اعتقلته ، و ساومته على إطلاق سراحه مقابل العمل كعميل مزدوج.

و جاء في تقرير التحقيقات النهائي عن حادث الاغتيال الذي رفع للرئيس عبد الناصر ، كما أورده الأستاذ توحيد مجدي في روز اليوسف (لقد استغل الموساد غباء طلالقة الشديد و نفذوا العمل الشيطاني ، و إن طلالقة لم يدرك أبداً و لو للحظة خطورة ما كان يحمله و ما كان لينقل الطرد بنفسه لو علم ما فيه لأنه جبان جداً) .

و هكذا الموساد (ذراع المخابرات الصهيونية للأعمال الخارجية) و كذلك الشاباك (ذراع المخابرات الداخلي) و أجهزة الأمن الصهيونية الأخرى لا تعطي عملاءها كامل خططها ، كما حدث مع العميل كمال حماد و اغتيال يحيى عياش (غزة : 1996) ، و العميل علان بني عودة و اغتيال إبراهيم بني عودة (نابلس : 2000) ، و العميل مجدي مكاوي و اغتيال جمال عبد الرازق و رفاقه (غزة : 2000) .

و كان يتابع ما يحدث ، مع حافظ ، اثنان من أهم رجال السلطة في (إسرائيل) ، بن غوريون رئيس الوزراء الصهيوني المؤسس ، و موسى ديان رئيس الأركان الشهير ، اللذان وضعا مع آخرين مبادئ أن تقوم دولة بسياسة الاغتيال ضد الخصوم . و شرب الإثنان نخب التخلص من الرجل الظل مع منفّذي العملية .

كانا في الواقع يقومان بعمل لم يكن غريباً عليهما ، و لا على زعماء (إسرائيل) اللاحقين ، الذين قادوا العصابات الصهيونية قبل تأسيس (إسرائيل) و التي مارست الإرهاب بأبشع صوره .

 

Share

مـعـرض الـوثـائـق

مـعـرض الـفـيـديـو

Youtube

Cannot Connect to Youtube Server


Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server

   

 

  

زوار اليوم
زوار امس
زوار الاسبوع
زوار الشهر
اجمالى الزوار
506
3857
7669
10555
34563488

معرض الصور

المتواجدون حاليا

39 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

اتصل بنا

الراسل 
الموضوع 
الرسالة 
    
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech