بسم الله الرحمن الرحيم
التعريف:
الإسم: عبد القادر عبد المتعال عيسى أحمد عبد القادر
محل الميلاد: منطقة الإبراهيمية بالأسكندرية – عام 1945
الأصل: من الأقصر من الوالد و الوالدة.
الشهادات: لم يحصل البطل على أي شهادات و أكد بأنه كانت لديه الفرصة للاستمرار في الخدمة بعد الحرب و لكنه لم يقدر لظروف خاصة.
البداية (ما قبل 67):
قصته مع الدبابات؟
أثناء خدمته في أبي صوير (منطقة قبل الإسماعيلية) عندما كان يجلب الروس دبابة حديثة أو اثنتين، كان يتم توليته مهمة الشرح و التدريب لجميع الرتب، فقد كان يشرح لهم بالتفصيل و بمهارة ماهية الدبابة و ظروفها و موتورها و كافة خصائصها التقنية.
اكتسب خبرته هذه في التعامل مع الدبابات بيسر بعد فترة طويلة من التحاقه من الجيش.
نكسة 1967 و بقاءه بالصحراء ماشيا لمدة 22 يوما:
وقع النكسة عليه –و من خلال التسجيل- لم يستطع وصفها بكلمات واضحة و إنما اكتفى بتعبيرات
"النفسية مش حلوة “و " محدش بلغنا، احنا عشناها و حسناها"،
ثم أعطى مجازا لما خبره بالمشاعر العامة في الوطن في فترة الست سنوات هذه (سنوات الحرب): "برغم كل ما عشناه و ما شاهدناه و من دون تبليغ، فقد حبانا الله و أوجد فينا ميزات كثيرة، و كلما أتذكرها لا أصدق أننا كنا نمتلكها يوما في مثل تلك الظروف القاسية التى عاصرناها – شعبا و جيشا- في تلك الفترة"، و انتقل بالحديث عما حدث له بعد الضرب.
في يوم 26 مايو 1967، صدرت الأوامر أن يستقل مركبته و تقوم بتوصيله سيارة عسكرية إلى مطار السب العسكري للتوجه إلى اليمن ، و أثناء المضي في الطريق أصدرت الأوامر بعدم الرجوع إلى اليمن.
و في نفس الليلة جمعت المجموعة مركباتهم و حوايجهم واتجهوا إلى السكة الحديد إلى أن بلغوا منطقة العريش عند بلد القسيمة، و نزلوا بها و مروا بالحسنة و مشوا في الجبال التي تعج بها المنطقة
و يوم الضرب لم يكن من الجنود التي أسرعت بالانسحاب. مر بمنطقة القسيمة و الحسنى إلى أن بلغ منطقة جبل الحلال و عاش فيها في العراء لفترة– و هي أماكن بحسب قول البطل بدأت وسائل الإعلام في التحدث عنها منذ فترة وجيزة- و عاش فيها. منطقة جبل الحلال هي منطقة تقع مباشرة جنوب صحراء النقب. لم يكن هناك ماء للشرب و إن وجدت لم تكن صالحة للشرب إطلاقا، و عندما كان يشعر بالجوع كان يدخل الجبل للبحث عن أي شئ للأكل. النوم كان في أي مكان و كل يوم بحال
فتارة يكون وحيدا و تارة يجد رفيقا. في تلك المنطقة كان البدو يمتلكون خزانات مياه محصنة بالأقفال ما أن تم تبليغهم بالحال حتى فتح البدو لجميع المجندين تلك الخزانات المعمرة بالمياه النظيفة الصالحة للشرب.
مضى مشيا لمدة 22 يوم حتى بلغ الإسماعيلية. عند وصوله إلى الإسماعيلية عبر بالمعدية مع جمع كثير من العابرين و بعد عبوره كانت شركة سيكلام هي من تولت مهمة حمومهم و إطعامهم و مدهم بالحليب للشرب لجميع العابرين. بعد ذلك رحل إلى سيدي جابر بالأسكندرية و عندما خرج من محطة القطار كان سائقو سيارات الأجرة هناك يتسابقون لتوصيله
(تعليق البطل على هذا الموقف: برغم ما أشيع عن كره الشعب للجيش في تلك الفترة إلا أنه لم يتعرض لأي من هذا بحسب خبرته الشخصية في تلك الفترة.)
(فيما بعد خدم في كل تلك المناطق التي مر بها أثناء فترة اعتباره من قبل رؤسائه مفقودا بعد ضرب 67).
عاد إلى منطقة خدمته بالقاهرة من تلقاء نفسه دون استدعاء. عند وصوله فوجئ بوجود الشرطة العسكرية تقوم باستجواب كل المارين بالمنطقة فقد كانت الشرطة تجمع العسكريين لترحيلهم. تم ترحيل البطل إلى مدرسة المدرعات في منشية البكري حيث أمضى المجندون شهرا كاملا دون تدريب لعدم وجود سلاح أو معدات.
تم ترحيله بعد ذلك إلى الكيلو 15 بالقاهرة في منطقة "وصلة السب" (موقع مديتني حاليا) حيث أمضوا أيامهم بالجبال هناك. في يوم فوجئوا بقدوم دبابات من الجزائر (أدرك أنها دبابات من الجزائر من الأسماء المكتوبة عليها مثل "بن عزيز" و غيره) و تأكد من صحة استنتاجه هذا فيما بعد.
الدبابات كانت مفردة و كل مجند يستلم دبابته للتدريب مباشرة. كانت الدبابات في حالة جيدة و تم التدريب هناك لفترة.
ما بعد نكسة 67:
حدث الكثير من التغيرات في الجيش، فقد تم نقل البطل من الجيش الثاني إلى مطار الصالحية العسكري حيث كان مكان التمركز الجديد له و لزملائه. إلى جانب ذلك، كانوا ينتقلون للخدمة من حين إلى آخر لمنطقة القناة لتنفيذ بعض العمليات. في إحدى مرات التنقل هذه كانت السرية الأولى و التي كان يخدم بها البطل في ظل قيادة القائد نور درويش، كلفت هذه السرية بتنفيذ إحدى عمليات الاستنزاف.
كانوا يتدربون باستمرار و قاموا بوضع خطة جديدة لضرب الدشم وقت الحرب كانوا يستطلعون يوميا أماكن الدشم و يتم قياس أبعادها ثم التجهيز لخطة الهجوم و التي تعتمد أن تكون المركبة مستقرة على ارتفاع عال مواجهة للتبة المستهدفة مباشرة – و هي إحدى وسائل التحصينات الشهيرة لجيش العدو- ثم يتم الضرب المباشر.
كانت التبة مواجهة مباشرة للمكان الذي كان يخدم بها البطل في منطقة القنطرة. كانت السرية تتجه لتنفيذ هذه العمليات (عمليات تدمير دشم العدو) المتكررة و المستمرة ثم يعودون مرة أخرى لمنطقة التمركز بمطار الصالحية العسكري.
كان المنفذون لهذه العملية مختلفي الوظائف و الرتب و لكن يجمعهم احترافية التدريب لتنفيذ هذه العمليات قبل الذهاب للموقع الحقيقي.
أحدثت هذه العمليات الهجومية زلزلة في صفوف الجيش الإسرائيلي و شلت تفكيرهم و أثارت هلعهم و أفقدتهم ثباتهم، و بالرغم ذلك كانوا لا يزالون محصنين بطرق أخرى في المنطقة.
واظبت المجموعة على تنفيذ هذه العمليات حتى أحست أفرادها باقتراب ساعة الصفر للحرب الكبرى عن طريق بعد العلامات و الأحداث التي كانت تحدث بين صفوف الجيش.
تم التدريب على العبور في القناطر الخيرية لأن هذه المنطقة من حيث الأبعاد و الجغرافيا قريبة من ظروف القناة.
و تم التدريب على العبور أيضا في منطقة الخطاطبة، و هي المنطقة الأكثر تقريبا لظروف القناة الجغرافية و المساحية في الواقع. كان الجنود يتدربون على العبور يوميا و عمليا بشكل مستمر على عملية العبور و كان البطل من المتدربين على العبور بالدبابات.
كانت الرتب العسكرية الكبيرة تشهد عمليات التدريب على العبور و على الدبابات و في إحدى الأيام سأله أحد الرتب الكبيرة عن مقدرة البطل على صيانة الدبابات الروسية من الداخل و الخارج وقد تفوق في الأجابة بدرجة أبهرت الرتب .
وفي عام 72 أستلم الدبابة تي 62 الجديدة والتي أمد السوفيت مصر بها وكان من حظة في اللواء 15 أن يكون لواء ضارب ومسلح بالدبابات الجديدة .
طاقم الدبابة:
هناك أربع أفراد لكل دبابة تي-62: السائق (وظيفة البطل) و حكمدار و رامي و معمر.
وزن الدبابة حوالي 60 طنا بحمولتها. هذه الحمولة كانوا يتدربون بها على العبور باستخدام البراطيم ( المعدية )، و البرطوم يتحرك و الطاقم يظل ساكنا بالداخل حتى تبلغ البر. أقل هفوة خطأ ستؤدي إلى سقوط هذه الحمولة و غرقها.
حرب أكتوبر 1973 – رمضان 1393:
" المهمة الأساسية للكتيبة التي كنت أخدم بها تحرير أرض مصر مما ابتلاها به"
من ضمن الأحداث التي يعتز بها البطل قبل الحرب هو وقوفه جنبا إلى جنب القائد سعد الشاذلي الذي كان يؤهبه للعبور:
القائد: "خلي بالك هتعدي"
البطل: "متشغلش بالك ساعة ما الأوامر تيجي هنعدي و هنكون هناك و الصبح تيجي تشوفنا موجودين هناك".
شاء الله أن تكون مجموعة مدرعاته هي المجموعة الأولى التي قامت بالعبور، و ذلك كان بعد مغرب السادس من أكتوبر بقليل. كانت هناك مهمات اخرى سبقت مجموعته ابتداء بالقوات الجوية التي عبرت و قضت على جنود العدو المحصنة في فتحات الصحراء مما أدى إلى زلزلة صفوفهم و إثارة الهلع و الرعب بينهم.
صدر الأمر بالعبور من قائد اللواء 15 مدرع العميد / تحسين شنن.
(السرية الأولى – الفصيلة الأولى –الكتيبة 244 مدرعات تحركت في يوم السادس من أكتوبر – نفس يوم بداية الحرب.)
لم يكن عبور الدبابة على البرطوم سهلا بالرغم من مؤهلات البطل و خبرته التي كانت تساعده على التعامل مع الدبابات بيسر.
بعد أن بلغوا الضفة الأخرى –العبور- كانت قد سبقتهم القوات البرية (لواءات المشاة) لفرش المنطقة و تهيئها لاستقبال المدرعات و المركبات و تمهيد طريق سيرها لكي تسير بيسر.
عندما عبرت مجموعة المدرعات الأولى القناة، كان العمق الذي وصلت إليه لواءات المشاة و سيطرت عليها كانت لاتزال بعض الكيلوات البسيطة داخل العمق.
لم يقابلوا فرد واحد من جيش العدو في الطريق، بل كانوا يبحثون عنهمو عن أماكنهم، و رغم ذلك كان طيران العدو يغطي السماء دون وجود قوات مشاة و لا دبابات.
في الصباح التالي، و قبل الشروق بقليل، كانت السرية متأهبة و في أتم الاستعداد على ضفة القناة. برغم ما أنزل الجيش المصري بالعدو الخسائر الفادحة في اليوم الأول إلاان الهجوم الجوي كان مستمر بضراوة دون توقف.
كان الجيش معد بأسلحة جوية حديثة بحيث يمكن إسقاط الطائرات باستخدام الدبابات، حيث يستخدم الجيش سلاح دفاعي يشبه الأربيجيه و يصوب ضربته ثم يخلفه مكانه جندي آخر و يسدد ضربته ، و هكذا دون توقف، هذه القذائف تستخدم المجسات الحرارية في الطائرات لضمان تتابع الضربات على جسم الطائرة أثناء تحركها (تحرك الطائرة) حتى تحترق و تسقط. ( البطل يقصد الأستريلا سام 7 المحمول علي الكتف )
في تلك الفترة كان وجهة مجموعته باتجاه مطاري رمانة و بالوظة و التي كانت خالية من القوات العسكرية إلى أن نزلت بها قوات جديدة مع الجسر الامريكي لإنقاذ العدو.
كان علي رأس الهجوم قائد اللواء تحسين بالإضافة إلى ضباط آخرين منهم النقيب مرسي جميل عزيز من السرية الثانية.
الوضع الذي بلغهم به القائد تحسين هو "أنهم لن يقابلوا اليهود" و أن المكلفون بمحاربتهم هم القوات الأمريكية، و هذا ما حدث. نبههم القائد بأنهم "هيكونوا معاهم أسلحة انتم متعرفوش عنها حاجة".
شهد البطل أثناء تلك الملحمة استشهاد بعض زملائه في دبابات أخرى.
أصيبت دبابته بصاروخ، و لكن – بحفظ الله – لم تؤدي إلى انفجارها و لم تصبها الضربة بعطل.
كان الضرب عليهم يعتمد على الصواريخ التي تدار بسلك رفيع عن طريق تتبع هوائي الدبابات: حيث تستهدف هذه الهوائيات في آلات المحاكاة قبل إطلاق الصاروخ و بعد التأكد من الاحداثيات يهبط إلى حوالى3-4 أمتار من سطح الأرض ثم يضرب الصاروخ
( البطل يقصد الصاروخ الامريكي تاو TOW - المضاد للدبابات والذي وصل إسرائيل لاول مرة عبر الجسر الجوي الامريكي بدأأ من يوم 9 أكتوبر )
عندما ضرب هذا الصاروخ الدبابة أصابت الضربة أعلى مكان جلوس قائد الدبابة بالضبط أدى السمك الكبير لدرع هذا الجزء (43 سم) إلى امتصاص كل الضربة و ظلت الدبابة تسير لمسافة بعد الإصابة إلى أن توقفت في نقطة ما تعطلت عندها.
لم تؤثر هذه الضربة على البطل جثمانيا بأي شكل من الأشكال برغم قوتها و وقعها عليه.
(( حضر الروس فيما بعد لرؤية ما ألم بالدبابة بعد ضربها )).
بعد ذلك، أصدر القائد شنن الأمر برجوع دبابة البطل بطاقمها إلى القناة لتلقي بعض الإسعافات و الحقن بمواد لشد الأعصاب -برغم عدم طلب البطل لذلك- في السريات الطبية التي أقيمت على القناة و التي تضم الأطباء و الضباط.
بعد حادث الدبابة بعدة أيام أصدرت لهم أوامر أخرى بالقيام بعمليات داخل منطقة الثغرة، و خلال هذه العمليات شهد استشهاد المزيد من زملائه و من أماكن أصولهم : من محرم بك بالأسكندرية و بورسعيد و الشرقية و المنصورة.
يوم 11 أكتوبر:
بعد عام 1973:
"هم أجبن بني آدمين على وجه الأرض و لا يواجهك مباشرة بتاتا بل بالهجوم الخاطف كالطيران. كنا نطارد انعكاس خيالهم كي يقتنصوهم. المصريون هم خير أجناد الأرض حقا.
ملحوظة : يبدي البطل باستمرار على مدار التسجيل بفخره بعمله كسائق دبابة أثناء خدمته في الجيش.
(للبطل ذكرى مع رقم 62في مدرسة المدرعات التي يلتحق بها الضباط في منشية البكري و التي تضم وقتها أفضل قاعات التدريب في مصر. كانت تعج بالضباط و ذوي الرتب العسكرية العالية و يشهد الله بأنه كان الشاويش الوحيد بينهم الذي يشرح لهم و يدون لهم جميع التقارير و يسلمها إياهم. بعد أن تم تعيين كل ضابط في وحداته أتت دبابات من ناحية حلوان و نزلت في منطقة المدرسة.)
تم التسجيل في منزل البطل بحضور: أ/ منال المغربي – عضو المجموعة 73 مؤرخين
قام بتفريغ الحوار – الاستاذه الاء عبد اللطيف