Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

قتال الدبابات في حرب أكتوبر - دراسة شاملة

 

 

 

مـقـارنـة شـاملـة بين قدرات رجال المدرعات المصريين ورجال مدرعات العدو الإسرائيلى فى حــرب أكتوبــر من حيــث :

التسليح ..

التدريب ..

التكتيك ..

الصمود ..

الصيانة ..

الخسائر..

                             * * * * * * * * * * *

كتب : أحـمـد أبـو بيبـــرس :

موضوع خاص وحصري بالمجموعة 73 مؤرخين ولا يجوز اعاده نشرة بدون كتابة المصدر واسم الكاتب كحق أدبي لنا

*************************

عبر أكثر من 45 عاماً كتبت أقلام كثيرة عن حرب أكتوبر وظهرت مئات وآلاف الكتب التى تتحدث عن حرب أكتوبر شملتها بالفحص والدرس فى كل المعارك التى دارت خلالها سواء المعارك الجوية أو البرية والبحرية . وطبعا كان كثير من هذه الكتابات التى كتبت بأقلام مصرية وعربية وغربية وحتى إسرائيلية واما بخصوص معارك الدبابات بالأخص فقد حظيت بقسط وافر من الدراسات والتحليلات التى غطتها بالكامل من النواحى التكتيكية والإستراتيجية والكثير من هذه الدراسات تحظى بإحترام عميق ومع ذلك سنتوقف قليلا فى محاولة متواضعة الجهد لإلقاء الضوء حول بعد النقاط
.. سوف نبرز نقاطا ساطعة متناثرة ربما مرت عليها أقلام الخبراء العسكريين الإستراتيجين مرور الكرام
..نقاطا مشرفة مشرقة مضيئة سطرها رجال المدرعات المصريين البواسل بحروف من نور ونار على حديد دبابات ومدرعات العدو الإسرائيلى فى معارك تعد من أكبر معارك الدبابات فى التاريخ من بعد الحرب العالمية الثانية وربما حتى الأن ..

 

فى السابق .. لم تتاح كثير من الفرص خلال المواجهات السابقة بين الجيش العربى المصرى وجيش الكيان الصهيونى لكى يبرز رجال سلاح المدرعات المصرى قدراتهم الحقيقية
ففى حرب فلسطين عام 1948 لم تدور كثير من المواجهات بين المدرعات المصرية والمدرعات الإسرائيلية ولاسيما فى الأشهر الأخيرة بعد التقدم الإسرائيلى فى سيناء فى نهاية عام 1948 واوائل عام 1949
وفى المواجهات المحدودة التى دارت بين قوات العدو الصهيونى والقوات المصرية فوق رمال سيناء إبان العدوان الثلاثى الشهير على مصر فى أكتوبر 1956 لم تشتمل هذه المواجهات سواء التى دارت فى شرم الشيخ او ابو عجيلة أو ممر متلا على مصادمات بالدبابات مطلقاً إذ لم يكن للقوات المصرية فى سيناء أى وحدات دبابات نهائياً اللهم إلا عدد قليل من العربات المدرعة المصرية المصاحبة لحامية رفح وأبوعجيلة فقط لاغير بالتالى لم تقع أى حروب بالدبابات بين الطرفين المصرى والإسرائيلى ،،،،
اما فى حرب يونيو 1967 فقد جرت مواجهات بالدروع قليلة محدودة لكنها كانت ضارية بين القوات المصرية وقوات العدو الإسرائيلى فى معارك جبل لبنى وقرب ممر متلا بين لواءات مصرية مدرعة ولواءات دبابات للعدو مع ذلك كان للدبابات المصرية فيها اليد العليا على دبابات العدو لولا التدخل الجوى الإسرائيلى المتواصل لأمكن للقوات المصرية تحقيق إنتصارات كاسحة رغم الظروف الصعبة التى قاتلت فى ظلها قوات الدبابات المصرية وهى تفتقر للغطاء الجوى الحامى لها .  
وكذلك لم تسمح ظروف مواجهات حرب الإستنزاف التى دارت على الجبهة المصرية من عام 1967 إلى عام 1970 عبر قناة السويس من تحقيق أى قتال إلتحامى مباشر بين الدروع المصرية والدروع الإسرائيلية حيث حالت مياه قناة السويس دون حدوث ذلك فإقتصرت المواجهات بين الدبابات المصرية ونظيرتها الإسرائيلية على بعض المناوشات المتقطعة الخفيفة بالنيران المتبادلة عبر مياه القناة فى بعض الأحيان من داخل مرابض وملاجئ الوقاية المجهزة لحماية الدبابات من نيران القصف المتبادل لكلا الجانبين ،،،
بينما فى حرب أكتوبر 1973 المجيدة أتيح لسلاح المدرعات المصرى أن يتألق ويحقق إنتصارات رائعة فى معارك كبرى شهيرة خالدة حيث قدم جنود الدبابات المصريين أفضل ماعندهم من إمكانيات وبرزت قدراتهم الحقيقية التى صقلتها التدريبات القاسية المتواصلة فى مرحلة ما بعد حرب يونيو 1967 فى المواجهات الضارية التى دارت فوق رمال سيناء أيام 6 و 8 و 9 و14 و 15 أكتوبر والمزرعة الصينية ولاحقاً فى حقول الضفة الغربية فى معارك الثغرة والدفاع عن الإسماعيلية أمام دبابات العدو الصهيونى المتفوقة كماً كيفا والحائزة على شهرة ماضية مبالغ فيها فى حرب 1967 وكان رجال مدرعاتنا الأبطال الغر الميامين خلال هذه المواجهات الدامية المشار إليها أساطير فى البذل والتضحية والفداء


 

 

الــتســلــيــــح :

أنـواع الـدبـابـات الـمصـريـة الـمستخدمـة فـى حـرب أكـتوبـر عنـد إنـدلاع الـقتــال :

 

 

الــدبــابــات الســوفيتيـة تى 34 / 54 / 55 /62

 

 

عائلة مميزة من الدبابات السوفيتية العتيقة شكلت عماد قواتنا المدرعة المصرية منذ الخمسينيات حيث تسلم الجيش المصرى أول أنواع الدبابات من طراز تى 34 عام 1955 بمدفع عيار 85 ملم ويعود تاريخ إنتاجها إلى فترة الحرب العالمية الثانية إمتلكت مصر 100 دبابة قتال من هذا النوع خلال حرب أكتوبر . وأعقبها دبابات طراز تى 54 وتى 55 الأشهر فى الستينيات ذاتا المدفع عيار 100 ملم ثم ظهرت لاحقا الدبابة تى / 62 ودخلت الخدمة فى الجيش المصرى عام 1972
شاركت أنواع الدبابات المذكورة فى كل حروب مصر ماعدا الدبابة تى / 62 التى إشتركت فى حرب أكتوبر فقط ـ بالإضافة إلى إمتلاك مصر عدد محدود من دبابات جوزيف ستالين الثقيلة ذات المدفع الثقيل من عيار 122 ملم لم تزيد عن 30 دبابة فقط وإستخدمت كمدفعية ثابتة فى مرحلة التمهيد النيرانى

 

 

 

الدبـابــة تـى/ 54 : دبابة قتال متوسطة تزن 35 طن سرعتها 50 كم فى الساعة وقوة محركها الديزل 570 حصان مدفع مدفع عيار 100 مم

 

 

 

 

الـدبـابـة تــى/ 55 : تعد الدبابة الأشهر فى العالم حتى الأن تخدم فى اغلب جيوش العالم الثالث بدأ إنتاجها عام 1962 ولم يتوقف إنتاجها حتى يومنا هذا من قبل بعض دول الإتحاد السوفيتى السابق ودول أوربا الشرقية يسمونها فى الغرب (كلا شنكوف الدبابات) نظرا لمتانة بدنها وقوة تحملها ورخص ثمنها تعتبر دبابة قتال متوسطة صالحة لقتال الصحراء والغابات تزن 36 طن قوة محركها الديزل تبلغ 580 حصان وسمك دروعها نحو 100 ملم وبالنسبة للبرج يزيد عن 200 ملم ويصل مدى عملها الأقصى على الطرق نحو 620 كلم . يتألف طاقمها من 4 أفراد مسلحة بمدفع 100 ملم ور شاش 6,72 ملم مزودة باجهزة القتال والسير الليلى

إمتلكت مصر نحو 1600 دبابة من كلا النوعين تى 54 وتى 55 عشية الحرب

 

 

 

الـدبـابــة تــى /62 : أقوى دبابة إمتلكها سلاح الدبابات المصرية وزنها 37 طن وقوة محركها الديزل 700 حصان سرعتها تصل إلى 55 كلم أقصى مدى عملها وهى مزودة بالخزانات الإضافية 480 كلم يبلغ سمك درعها الأمامى 100 ملم وسمك الدرع الجانبى 80 ملم اما سمك درع البرج 210 ملم مزودة بجهاز لضبط التصويب بدقة وأجهزة رؤية ليلية يتألف طاقمها من أربعة أفراد أبرز مايميزها هو مدفعها المتفوق ذو العيار 115 ملم بماسورة جوفاء يطلق أكثر من نوع من الذخيرة يتفوق على جميع مدافع الدبابات الإسرائيلية الأخرى من طراز الباتون والسنتوريون . يمكن تحملها مدفع مستقل مضاد للدبابات ورشاش موازى مضاد للطائرات إمتلك سلاح الدبابات المصرى 200 دبابة فقط من هذا الطراز المتفوق إنتظمت فى لوائين مدرعين إنتجت عام 1965 وخدمت بصفوف الجيش المصرى عام 1972

 

 

 

دبابة برمائية خفيفة من طراز بى تى / 76 :  تزن 14 طناً تصل سرعتها القصوى إلى 30 كم فقط وسرعتها عبر الماء 19 كلم وسمك درعها الأمامى يبلغ 15 ملم والبرج 45 ملم مسحة بمدفع من عيار 76 ملم ورشاش 6,72 ويتألف طاقمها من 3 أفراد مدى عملها الأقصى 350 كلم ..

أنتجت عام 1955 حاز الجيش المصرى على عدد قليل نسبيا لم يزد عن 75 دبابة فقط من هذا النوع كذلك إمتلك سلاح المدرعات المصرى سيارات وعربات إستطلاع مصفحة أخرى وحاملات جنود مجنزرة ومدولبة تسير على عجلا ت من طرازات بى تى أر / 40 و 50 و 60 و 152 سوفيتية الصنع بعدد 2000 مصفحة ومدرعة أخرى

 


وهكذا تجمعت لدى مصر قوة مدرعة ضخمة فى ذك الوقت عشية إندلا ع القتال فى 6 أكتوبر 1973 بلغ تعدادها بالأرقام 4000 قطعة (2000 دبابة + 2000 مدرعة) وقد إنتظمت فى 10 ألوية مدرعة و 8 ألوية مشاة ميكانيكية . وتعتبر هذه القوة المدرعة متفوقة إلى حد ما على قوة سلاح الدبابات الإسرائيلى المعادى على الأقل من ناحية الكم رجالها مدربين على اعلى مستوى قتالى يضارع احدث الجيوش فى العالم تحت قياة اللواء / كمال حسن على قائد سلاح المدرعات خلال الحرب

 

أنـواع الـدبـابـات الإسـرائـيليـة الـمستـخدمـة فـى حـرب أكـتـوبـر عنـد إنـدلاع الـقتـال :

الدبابات إم/ 48 و إم / 60 و سنتوريون وسوبر شيرمان

 

 

الدبابة باتون إم / 48  دبابة أمريكية ثقيلة أطلق عليها إسم باتون نسبة إلى وزير دفاع الأمريكى سابق . دبابة قتال متوسطة تزن نحو 45 طن مزودة بمدفع عيار 105 ملم وجهاز بصرى لتحديد المدى وإطلاق قذيفة المدفع مباشرة على الهدف أقصى سرعة لها 51 كلم تحمل منظار يعمل بالأشعة تحت الحمراء
إمتلكت إسرائيل حوالى 450 دبابة من طرز باتون إم / 48 عشية الحرب

 

 

 

الدبابة إم / 60  

تعتبر هذه الدبابة دبابة القتال الرئيسية لدى العدو من طراز إم / 60 أمريكية الصنع ظهر النموذج الأول منها عام 1952 وهى طراز معدل من الطراز الأقدم منها إم / 48 مثلت هذه الدبابة العدو الأشهر والخصم الأخطر للجيوش العربية المقاتلة وكانت تعد فى وقتها من أحدث أنواع الدبابات الأمريكية الثقيلة وأقواها فى الميدان قبل إندلاع حرب أكتوبر كان العدو يحوز 150 دبابة فقط بيد أنه حصل على المزيد منها بأعداد كبيرة لا تحصى بواسطة الجسر الجوى الأمريكى لإسرائيل خلال الحرب
أبرز خصائصها : ــ الوزن : 48 طن أقصى سرعة : 48 كلم قوة محرك الديزل : 750 حصان إرتفاعها عن الأرض 326 سم سمك الدرع 114 ملليمتر مداها العملياتى : 500 كلم عدد أفراد الطاقم : 4 أفراد عيار المدفع 105 ملم ورشاش عيار 7,62 مجهزة بوسائل قتال ليلى ودقيقة فى تصويب مدفعها فوق مختلف الأراضى

 

 

 

 

 

ســنـتـوريــون دبابة القتال الأساسية لدى إسرائيل التى شكلت صلب قواتها المدرعة منذ الخمسينيات إلى حرب أكتوبر بعدد 900 دباباة سنتوريون إنتظمت فى تشكيلات العدو المدرعة على الجبهة المصرية والسورية كانت مصر تمتلك عدد قليل منها منذ مابعد عام 1952 حتى حرب 1967 بريطانية الصنع ظهر الطراز الأول منها عام 1944 التدريع تشبه فى شكلها الخارجى الدبابة الألمانية الشهيرة تايجر خلال الحرب العالمة الثانية وأقصى سرعة لها 43 كلم مدفعها الرئيسى عيار 105 ملم ووزنها 50 طن قوية مزودة بجهاز يؤمن إستقرار المدفع أثناء الرمى مهما كانت وعورة الأرض
تتفوق على الدبابات العربية من طراز تى 54 و تى 55
على جبهة الجولان وخلال المعارك التصادمية بالمدرعات التى جرت بين القوات الإسرائيلية والسورية كانت الأفضلية لمدفع دبابات السنتوريون عيار 105 ملم حيث كانت كل دبابة سنتوريون إسرائلية فى الإشتباكات مع السوريين تصيب أو تدمر5 دبابات سورية من بين إجمالى مافقدته سوريا الشقيقة من دبابات

 

 

 

الـدبـابـة سوبـر شـيرمـان : دبابة أمريكية متوسطة من مخلفات الحرب العالمية الثانية تزن حوالى 30 طن كان بعضها مزود بمدافع من عيار 76 ملم والبعض مسلح بمدافع من عيار 90 ملم والبعض الأخر زود بمدفع عن 105 ملم تم إجراء تعديلات عليها بتركيب جنازير اعرض لتضارع الدبابة تى 34 المقابلة لها على الجانب المصرى / السورى . أقصى سرعة لها لا تزيد عن 40 كلم ومداها أقل من 130 كلم وقد لجأ العدو لإستخدام بعضها كشاسيهات تحميل لمدفعيته الثقيلة من عيار 155 ملم

 

 

 

دبـابة أيه إم إكس 13 دبابة قديمة فرنسية الصنع خفيفة إستخدمها العدو الإسرائيلى لأغراض الإستطلا ع إمتلك العدو حوالى 125 دبابة من هذا الطراز

أنواع أخرى من الدبابات الأمريكية الخفيفة القديمة من طرازات إم 50 و إم 51 بعدد 250 دبابة إستخدمها سلاح دبابات العدو الإسرائيلى كدبابات قتال غير أساسية

 

 

 

مـلـحوظــة/ إمتلك العدو الإسرائيلى حوالى 150 دبابة عربية أخرى من طراز تى / 54 و تى/ 55 كغنائم حرب غنمها من القوات المصرية المنسحبة من سيناء عام 1967 أضافها إلى تشكيلاته المدرعة وقام بإعطائها أرقاما وعلامات إسرائيلية (إستخدمت فى التسلل الإسرائيلى عبر الثغرة)

 

 

 

العر بة المدرعة إم ـ 113  

عربة مدرعة مجنزرة ذات طرازات متعددة أمريكية الصنع تسلحت بها القوات المدرعة الإسرائلية وشكلت عماد عرباتها المدرعة وقد إمتلكت إسرائيل مئات القطع منها تستخدم كناقلة جنود أو عربة مقاتلة ويمكن تحميلها بمدافع الهاون أو أسلحة م / ط المدى : من 320 إلى 480 كلم الطاقم : حتى 11 جندى تسلح برشاش 12.7 ملم فما فوقه ــ حاز العدو على 450 قطعة من هذه المدرعة
كذلك إمتلك العدو أنواع أخرى أقل شهرة من المدرعات وناقلات الجنود المصفحة والنصف جنزير من أنواع إم إل 60 و 90 ـ فرنسية الصنع ـ ومدرعات وستانجهاوند أمريكية اخرى وناقلا ت جند امريكية نصف مجنزرة أمريكية الصنع من طراز إم/ 3 بعدد 1000 ناقلة


وهكذا كان للعدو الإسرائيلى عشية إندلاع القتال حوالى 1700 دبابة قتال رئيسية و300 دبابة قتال أخرى إعتمد عليها بصورة أقل بإجمالى عدد 3500 قطعة مدرعة (2000 دبابة قتال + أكثر من 1500 مصفحة ومدرعة) إنتظمت فى 10 ألوية مدرعة بعد تعبئة الإحتياطى و 9 ألوية مشاة ميكانيكية بالإحتياطى مسلحة بأحدث انواع الدبابات والمدرعات فى العالم فى ذلك الوقت تمتع جنودها الإسرائيليين بتدريب رفيع وسمعة حسنة حيث كانت إسرائيل تعتمد
على اهم سلاحين بالجيش الإسرائيلى كله فى ذلك الوقت وهما سلا ح الجو وسلاح الدبابات

وقد قاد معارك إسرائيل خلا ل الأسبوع الأول من القتال فى حرب أكتوبر الجنرال / ألبرت ماندلر أفضل قائد مدرعات وخبير إسرائيلى فى حرب الدبابات حيث قتل فى معارك سيناء يوم 13 أكتوبر 1973

بينما نتحدث داخل إطار فروق التسليح بين دبابات كلا الجانبين المتحاربين لا مفر من


إجراء مقـارنـة أساسيـة بـين الدبـابات الأمريكيـة والغربيـة والدبـابـات السوفيتيـة : ـ

يمكن القول بأن تصميمات الدبابات الأمريكية والبريطانية قد تأثرت إلى حد كبير بنتائج خبرة القتال لحرب الدبابات فى مسرح شمال إفريقيا الصحراوى 1940 ـ، 1943 بالحرب العالمية الثانية حيث تركت طبيعة هذا المسرح بصماتها الواضحة على صناعة الدبابات فى الغرب وذلك على العكس من الدبابات السوفيتية الصنع التى صممت فى الأساس لتناسب طبيعة مسارح الحرب فى الإتحاد السوفيتى السابق واوربا وهى التى تكاد تخلو من الصحارى والأراضى المفتوحة .

 

 

 


 

لقد كان العامل الأول الذى فرض نفسه هنا على تصنيع مدفع الدبابة السوفيتية الذى تميز بقصر المدى مقارنةً بمدفع الدبابات الغربية والأمريكية البعيدة المدى حيث لا يحتاج المصممون السوفيت إلى تصنيع مدفع بعيد المدى فى مسارح الحرب التى صممت من اجلها دباباتهم والتى تحفل بالغابات والمبانى ، الأمر الذى يعنى ضيقاً نسبياً فى ميدان الرؤية وضرب النار بصورة واضحة .

وذلك على النقيض تماماً من طبيعة المعركة فى الصحراء المميزة لمعارك الشرق الأوسط حيث يتسع ميدان الرؤية وضرب النار بصورة كبيرة وعلى حين نجد جميع مدافع الدبابات الأمريكية والغربية ذات (ششخنة - المدفع حلزوني من الداخل ) تعمل على حفظ القوة الدافعة للقذيفة مع ضمان دقة الإصابة فى أضيق نقطة ممكنة .

فإن معظم مدافع الدبابات السوفيتية ذات ماسورة ملساء دون ششخنة حيث عمد المصممون السوفيت فى تصميم مدافع دباباتهم إلى إستخدام الذخيرة ذات الزعانف للمحافظة على الإتجاه وقوة الدفع عوضاً عن الششخنة ذات التكاليف المرتفعة والتى تحتاج إلى دقة كبيرة فى التصنيع والجدير بالذكر ان المدافع الملساء سوفيتية الصنع تصبح ذات عمر أطول نسبيا حيث أن الإحتكاك العنيف الذى يحدث ما بين الدانة والششخنة فى المدافع الغربية والأمريكية يؤثر بطبيعة الحال على عمر الماسورة التى يصبح من الواجب إستبدالها بعد عدد معين من الطلقات وإن كانت هذه الميزة يقابلها على الجانب الأخر دقة فى الإصابة وطول فى المدى بالنسبة لمدافع الدبابات غير السوفيتية

ولو تم ترجمة الفارق بين قدرات المدافع السوفيتية والغربية التى إستخدمها الطرفين المتقاتلين فى حرب أكتوبر بالأرقام يبلغ مدى مدفع الدبابة تى / 55 التى تملكها مصر 1000 ياردة بينما يبلغ مدى مدفع الدبابة الأمريكية من طراز إم/ 60 التى تملكها إسرائيل 1800 ياردة ( الضعف تقريبا ) وبهذا يزيد مدى مدفع دبابة ام/ 60 عن مدى مدفع دبابة التى / 55 بحوالى 800 ياردة كاملة لصالح دبابات العدو الإسرائيلى يتضح أثرها سريعاً فى ميدان المعركة من إمكانية تدمير أكبر بواسطة مدافع دبابات العدو عند تصويب داناتها على أهدافها وهى آمنة خارج مدى عمل مدفع دبابة تى / 55 المصرية والسورية ... !!  
كذلك تعتمد الدبابات السوفيتية بالنسبة للتصويب وإطلاق النار على تقدير مسافة الهدف عن طريق التقدير البشرى بالنسبة للرامى وهو الأمر الذى يتيح إحتمالا ت للخطأ لا يمكن التنبؤ بها وبخاصة تحت ظروف القتال الصعبة وسوء حالة الرؤية فى الأحوال الجوية الرديئة .


وعلى الجانب الأخر تستخدم الدبابات الأمريكية والبريطانية الصنع جهازاً آلياً لتقدير المسافات فى حين تستخدم الدبابات البريطانية من طراز السنتوريون نظاماَ دقيقاً وفريداً فى الوقت ذاته لتحديد مسافة الهدف وذلك بإطلاق طلقات إبتدائية لتصحيح المسافة بواسطة مدفع رشاش خفيف بمنتهى الدقة وذلك قبل إطلاق الدفعة الرئيسية من القذائف كما يقوم هذا النظام البريطانى بتصحيح الإنحرافات التى يتأثر بها المقذوف نتيجة لتأثيرات الرياح الجانبية ..


وجدير بالذكر أن الدبابات السوفيتية الصنع تتأثر تأثراً مباشراً بحرارة الصيف فى حرب الصحراء والتى تصل إلى 50 درجة فى بعض الأحيان الأمر الذى يؤثر على كفاءتها القتالية والفنية معاً مما يضطر الطاقم فى معظم الأحوال إلى القتال بعد أن يرفع غطاء المحركات لتخفيف سخونة المحرك وبذلك يصبح طاقم الدبابة معرض أشد التعرض وبصورة خطيرة للإصابة والتدمير بفعل طلقات الأسلحة الصغيرة والرشاشات والشظايا .. كذلك لا يمكننا إغفال العامل النفسى لطاقم الدبابة ـ بإعتباره العنصر الرئيسى الفعال أثناء القتال حين يجد أفراد طاقم الدبابة سوفيتية الصنع أنفسهم محشورين داخل حيز الدبابة الضيق فى مساحة صغيرة للغاية - لا يتوفر لطاقم دبابة تى / 54 أو تى / 55 السوفيتية المستخدمة فى الجيوش العربية سوى 200 متر مكعب من الفراغ او الهواء فقط داخل بدن الدبابة بما يضايق ويحد كثيراً من إمكانية أفراد الطاقم من الراحة والحركة بحرية داخل الدبابة وهكذا يؤثر الإرهاق الجسمانى والنفسى بصورة خطيرة على دقة تصويب النيران والمناورة وعلى كافة الوظائف الفنية الأخرى أما على الجانب الأخر المعادى فعلى العكس تماماً المساحة المتوفرة لحركة طاقم الدبابات البريطانية من طراز سنتوريون على سبيل المثال التى تتميز بضخامة الحجم تبلغ حوالى 300 متر مكعب من الهواء او الفراغ مما يتيح مساحة أكبر لأفراد الطاقم للراحة وحرية الحركة نوعاً ما .

 

مع ذلك ينبغى الإشارة إلى أن إرتفاع جسم الدبابات الأمريكية والبريطانية عن الأرض وكبر حجمها سهل من إمكانية إكتشافها من مسافات بعيدة وجعلها هدفاً طيباً لمدافع الدبابات السوفيتية المعادية نتيجة زيادة مساحة حجم تعرضها لنيران الدبابات المعادية والصواريخ الأخرى المضادة للدبابات أثناء إحتدام المعارك لأن زيادة مساحة الدبابة من اجل راحة طاقم القيادة أثناء الحركة والقتال جاء على حساب مبدأ تأمين الدبابة وتقليل مساحة حجم تعرضها للنيران المعادية ..

 

 

 

اما على الجانب المصرى / السوري فإن صغر حجم الدبابات الروسية المستعملة فى صفوف سلاح المدرعات قلل كثيراً من مساحة حجم تعرضها للنيران الإسرائيلية المعادية أى أن المسألة متناسبة تناسباً عكسياً بين حجم الدبابة من جهة وتعرضها لأخطار المعركة من جهة أخرى فكلما كانت الدبابة واسعة من الداخل ومريحة تعرضت لسهولة الرصد والتدمير من الجانب المعادى وإذا كان حجم الدبابة صغيراً ومساحتها الداخلية ضيقة ويعانى طاقمها من صعوبة الحركة والتركيز نتيجة إختناق المكان كلما زادت فرصتها فى النجاة من الإستهدافات المعادية لصعوبة إكتشافها من العدو ....  


 

 

الـتـــــدريـــــب :

إستمرت قواتنا المدرعة فى مرحلة مابعد حرب 1967 فى إتمام التدريبات المختلفة وإجراء المناورات على معارك المدرعات بدءاً من التدريب على قيادة الدبابات والعربات المدرعة والمركبات فوق أراضى صحراوية تشبه إلى حد كبير أراضى سيناء الصحراوية الوعرة وكذلك تدريب أطقم المدرعات والدبابات على قيادة دباباتهم وعرباتهم فوق كبارى مشابهة تماما لكبارى العبور فوق ترعة الخطاطبة بالمنوفية وكان التدريب على السير بالدبابة فوق الكوبرى المخصص للتدريب يتم بالدبابة طراز تى / 34 بالتحديد نظرا لكونها من الطرازات الأقدم والأقل أهمية نوعاً ما كما كان التدريب يتم بالمزاوجة ما بين كتائب الدبابات وكتائب المشاة معاً للتدريب على إقتحام المواقع المحصنة والرماية على الأهداف الثابتة والمتحركة إستعددا لخوض المعركة القادمة الفاصلة حينما تتواجه الدبابات المصرية والإسرائيلية معاً فى مواجهة ضارية دامية بالمقذوفات والنار فضلا ًعن إستيعاب الدبابات الجديدة الوافدة للجيش المصرى ألا وهى الدبابة الحديثة تى / 62


 

وبما إن الشيئ بالشيئ يذكر .. ذكر الفريق / سعد الدين الشاذلى رئيس ركان حرب الجيش المصرى فى مذكراته حادثة صغيرة تدل على شجاعة وبسالة رجال الدبابات المصريين وحسن تدريبهم فقال
فجر يوم 8 أكتوبر 1973 كانت فصيلة دبابات من الفرقة الثانية مشاة تتحرك جنوباً بينما كانت فصيلة دبابات أخرى من الفرقة 16 مشاة تتحرك شمالا ً بهدف التلاقى وإكمال حصار موقع للعدو على طريق الإسماعيلية / الطاسة شرق القناة وبعد أن عبرت الدبابات الثلاثة المتقدمة شمال أحد التلال فوجئت بالدبابات الثلاثة الأخرى المتقدمة جنوباً .. كان وقع المفاجأة عنيفاً على الطرفين وتصرف كل منهما بما تمليه الغريزة فى ميدان القتال فأطلقت كل فصيلة النار على الأخرى وكانت النتيجة تدمير دبابتين من كل فصيلة من الطلقة الأولى لم يطلق سوى أربع طلقات فقط وكانت خسائرنا أربع دبابات وأر بعة أطقم ! وكان منظر حزين أربع دبابات مصرية محترقة يواجه بعضها بعضاً على مسافة تقل عن 500 متر لقد دمرت بعضها بعضاً خطأ ويظهر من برج إحداها رجل متفحم يشير بيده إلى الدبابات التى فى مواجهته ، إن مثل هذه الحوادث تحدث بكثرة فى الحروب ولا يمكن تجنبها بتاتاً وإن كان من الممكن الإقلال منها .

 

 

(( لقد وقفت خاشعاً أمام دباباتنا المحطمة لكنى لم أستطيع أن أكتم شعوراً داخلياً بالفرحة لمستوى الجندى المصرى من حيث الروح القتالية ومستوى التدريب مهما كانت الأسباب لهذا الحادث المحزن فإنه يشهد لأصحابه بأن المفاجأة لم تشل تفكيرهم وانهم أطلقوا نيرانهم فى وقت واحد وأن تسديدهم كان دقيقاً للغاية )) ــ كتاب مذكرات حرب أكتوبر للفريق الشاذلى


توضح هذه الحادثة سرعة رد فعل وبسالة جنود الدبابات المصريين وقدرتهم على إصابة الهدف من الطلقة الأولى وفى الوقت المناسب تماما أثناء الإشتباك وعدم إهدار الذخيرة أو الإسراف فى إستخدامها . وكذلك نورد حادثة أخرى للدلالة على روعة وكفاءة رجال المدرعات المصرية كنتيجة حتمية لتمتعهم بأعلى مستوى تدريبى متقدم ممكن لا يقل إن لم يتفوق على مستويات تدريبات أحدث وأقوى الجيوش الكبرى فى العالم سواء فى حلف الأطلنطى أو حلف وارسو فى ذلك الوقت
أثناء معركة اللواء 25 مدرع التى دارت يوم 17 أكتوبر شرق القناة بغرض محاولة قفل ثغرة الدفرسوار التى فتحها الجيش الإسرائيلي فى الجبهة المصرية زحفت قوات اللواء المصرى المذكور الذى بلغ عدد دباباته حوالى 75 دبابة من طراز تى / 62 أحدث الدبابات المصرية وذلك من قطاع الجيش الثالث بإتجاه الممر الإسرائيلى لقطعه فى قطاع الفرقة 16 مشاة بالجيش الثانى وقام الإسرائليون على وجه السرعة بإرسال فصيلة من الدبابات تتكون من 7 دبابات لإستطلا ع تحركات اللواء 25 مدرع إلا أن دبابات اللواء 25 قامت بتدمير دبابات الفصيلة المعادية من الطلقة الأولى .. كل دبابة مصرية نسفت دبابة إسرائيلية أصابتها من أول طلقة ... 7 دبابات مصرية أطلقت 7 دانات دمرت 7 دبابات إسرائيلية وأزاحتها من طريق زحف اللواء 25 مدرع .. (إدجار أوبلانس فى كتابه : حرب كيبور لا غالب ولا مغلوب)

يدل ذلك على دقة وإحترافية عالية رفيعة مصدرها التدريب الراقى الممتاز لجنود وضباط الدبابات المصريين وتفوقهم فى دقة الإصابة من الطلقة الأولى والإقتصاد فى الذخيرة فى ميدان المعركة وإستغلال إمكانيات أسلحتهم

 

 

 

 

وبالنسبــة للعــدو الإسرائيـلــى

فقد قام بتدريب قواته المدرعة على كيفية صد وإحتواء الهجوم المصرى المنتظر فى حالة نجاح القوات المصرية فى عبور قناة السويس إذ قام بإنشاء مصاطب إسمنتية عالية على إمتداد خط بارليف بطول خط المواجهة مع قواتنا على أبعاد تصل من 100 إلى 400 متر فيما بينها عمل على ان يحتلها بدباباته فور بدء عملية العبور المصرى لقناة السويس وتعتمد صلب الخطة الإسرائيلية الدفاعية التى لسلاح الدبابات دور كبير فيها على قيام الدبابات الإسرائيلية بعد إعتلائها أسطح المصاطب المعنية بالرماية بمدافعها بعيدة المدى كطلقات القناصة على كبارى العبور وقصف القوات المصرية التى تحتشد للعبور على الضفة الشرقية للقناة فضلا عن ضرب القوات العابرة فوق مياه القناة نفسها بمساعدة سلاح الجو فى المقام الأول وقد اتاح العدو الإسرائيلى لنفسه الوقت الكافى لعمل تدريبات أخرى اكثر دقة وشمولا إعتمدت على تمثيل مباراة حربية دقيقة واقعية إرتكزت على قيامه بإحضار عناصر من قواته ترتدى أزياء الجيش المصرى تمثل تقدم القوات المصرية (التى يقوم بتمثيل دورها عناصر من جيش العدو نفسه) عبر محاور التقدم الثلاثة فى سيناء (المحور الشمالى والأوسط والجنوبى) وإعطاء الفرصة كاملة للجيش الإسرائيليه وإحتياطياته المدرعة للتدريب على صد وإيقاف الهجمات المصرية المفترضة كما جرى فعلا وقد قامت القوات الإسرائيلية التى كانت تحتل سيناء بطرد بعض قبائل البدو من الأراضى التى كانت تخيم بها وذلك لإتخاذها ساحات تدريب عملية على الرماية لقواته المدرعة    

 


 

                                      

 

الـتـكــتــــيـــك :

 

 

كات الدبابات هى نتاج تطور سلا ح الفرسان فحرب المدرعات يمكن تشبيهها بهجوم لواء الخيالة المشهور ممزوجاً بصدمة معركة الأسطوال القديمة أو بتعبير أخر أمواج من الدبابات تزحف عبر الصحراء فى هجوم كاسح رهيب ، لكن الحقيقة عادة ماتكون أقل من الخيال . ففى ظروف المعركة تتدحرج الدبابة فوق سطح الأرض ببطء نسبى وليس بكل سرعتها ونادراً ما تطلق نيرانها أثناء الحركة وإنما تفتح نيرانها من وقفات قصيرة وعليه يمكن يمكن تشبيه قتال الدبابات بمباراة حامية للشطرنج يحاول كل طرف فيها أن يناور ويحاور ويداور ليحصل على ميزة تمكنه من توجيه ضربات قوية مفاجئة لخصمه لا يمكنه الرد عليها .


وعلى رجل المدرعات أن يستغل الإمكانيات الميكانيكية والقتالية لدبابته إلى أقصى حد . ولذلك تبنى الدبابة بالشكل الذى يعطيها القوة والسرعة معاً . ويكفى أن تتصور دبابة قادرة على حمل وتحميل وزن كبير من الدروع ولها قدرة عالية على المناورة وخفة الحركة كما يجب أن يكون للدبابة مدفع قوى وأن تكون الدبابة قادرة على تحمل الصدمة الناتجة منه عند الضرب والتى تصل إلى مايعادل وزنها هذا بالإضافة إلى الكثير من الأشياء الأخرى الهامة مثل خزانات الوقود وأجهزة التهوية .. إلخ
ولقد عبر أحد العسكريين الغربيين عن الدبابة قائلاً " لا يمكن للدبابة أن تحمل من الدروع مايمكنها أن تكون آمنة تماماً" فطلقة المدفع المضادة للدبابات التى تطلق من مسافة معقولة يمكنها أن تخترق ضعف قطرها على الأقل
فإذا كان مدفع الدبابة إم/60 الإسرائيلية عيار 105 ملم فإن فى قدرته إذا ما أطلق على مسافة 1500 متر أن يخترق درع سمكه أكثر من 200 ملم ،
بالمثل فإن أى مدفع عيار 100 ملم يطلق نيرانه على دبابة على مسافة 1500 متر ففى مقدوره إختراق درع سمكه أكثر من 200 ملم .
وعليه فأحسن وقاية للدبابة هو إختفائها وإستخدامها لطبيعة الأرض ، فثنية أرضية صغيرة يمكنها إخفاء جزء كبير من الدبابة وقد يكون ذلك سبباً فى نجاحها فى تدمير دبابة معادية ونجاتها هى من التدمير ... وعلى ذلك فمهارة قائد الدبابة وسائقها على درجة عالية من الأهمية أو بتعبير أخر إن التكتيكات الصغرى فى معارك الدبابات تعتبر حيوية للغاية .

فقائد فصيلة أو سرية أو تشكيل دبابات الكفء هو الذى يمكنه ان يستغل مهارة رجاله فى التكتيكات الصغرى ويستفيد من الأرض الميتة وطرق الإقتراب المستورة ليصل إلى المكان المناسب لمهاجمة العدو أضعاف أضعاف عدد الدبابات التى يقودها ، بل إن سرية واحدة يمكنها تدمير كتيبة دبابات معادية كاملة .


كان لابد من هذه المقدمة القصيرة عن طرق حرب الدبابات لفهم ماجرى فى أكبر معارك الدبابات فى التاريخ فى الشرق الأوسط التى جرت فى حرب أكتوبر وكيف لجأ الطرفان المتقاتلان إلى إستخدام التكتيكات المناسبة والفعالة خلال أيام الحرب وفق ظروف القتال ،،،،

بالنسبــة للعـــدو :ــ
فى إطار نظرية الهجوم كان الطيارون الإسرائليون وقادة الدبابات يعدون أهم الرجال ويعدون الأبطال ذوى الأدوار الحربية المجيدة وهم صفوة المجتمع هناك ولا سيما الطيارون وكذلك بالنسبة للقوات البرية إكتسب قواد الدبابات الإسرائيليون شهرة فرسان العصور الوسطى إذ أنهم كانوا يتمتعون بقدرة فائقة على الحركة ويحمون انفسهم بالدروع ولديهم قدرة على الهجوم قل من يستطيع أن يتصدى لها فى أرض المعركة ـ هكذا كانت ابواق الدعاية الإسرائيلية تردد هذا الهراء حتى صدقته نفسها ! بعد أن قلدوا أسلوب الجيوش الألمانية النازية فى الحرب العالمية الثانية التى إعتمدت نظرية (البليتزكريج) هى تعنى سرعة الإندفاع العميق عبر أراضى ومواقع العدو بالدبابات والمدرعات لتحقيق إختراق مفاجئ وسريع لدفاعات العدو بغرض تطويقها والوصول إلى مؤخرات الجيوش المعادية ويتزامن ذلك مع قيام القوات الجوية بتقديم مهام الدعم والإسناد الجوى للمدرعات المخترقة المتقدمة بسرعة لإجتياح كل شيئ وكل مقاومة تقابلها مما يشيع الذعر والإضطراب فى صفوف العدو ويعجل بسرعة هزيمته بعد إنهيار صفوفه وتشكيلاته القتالية فى أرض المعركة .. كان هذا الأسلوب الألمانى الذى إعتنقه العدو حرفياً ونفذته قواته المدرعة فى عمليات 1967   .....                    
ومع كل ذلك ذاق الإسرائيليون طعم الدفاع الذى إَضطروا إليه إضطراراً بعد أن كانوا يتجاهلونه قدر الإمكان وحدث فى الأيام الثلاثة الأولى من حرب أكتوبرعلى الجبهة المصرية أن قام قواد الدبابات الإسرائيليون شأنهم شأن المدرعين القدماء بشن الهجوم بسرعة فائقة على المصريين لمحاولة إرهابهم وإضطرارهم للفرار بعد إنهيار خط بارليف . بدأو بالهجوم بفصائل الدبابات ثم بالكتائب ثم بألوية دبابات كاملة كانوا يهاجمون بلا هوادة إلا أنهم كانوا يفشلون فى كل مرة ويصابون بخسائر جسيمة إذ كان العدو الإسرائيلى يخسر دباباته بمعدل مئوى كل يوم ( تكبد العدو الإسرائيلى حوالى 400 دبابة ) من 6 إلى 9 أكتوبر1973 ..! بفضل ضربات صواريخ المشاة المصريين ومن خلفهم قذائف الدبابات المصرية المحكمة التصويب وعند ذلك أدرك الإسرائيليون بعد أن تكبدوا كل هذه الخسائر أن وضعهم الهجومى ليس إلا عملاً إنتحارياً ولم يعد الجندى الإسرائيلى ولا قائد الدبابة يتقدم إلى الأمام وهو واثق أن العرب سوف يفرون تلقائياً بمجرد أن يقترب منهم وسرعان ما أدرك أن الدفاع أصبح حيوياً لبقائه على قيد الحياة وحتى حينما إمتلك العدو زمام المبادرة فيما بعد يوم 14 اكتوبر حينما تسلل إلى الضفة الغربية لقناة السويس كانت القوة الإسرائيلية المدرعة المتسللة تتحرك ببطء وحذر على العكس تماماً من تصورنا لطابور مدرع يجب ان يزحف مسرعاً مًشرعاً عبر الصحراء وفى الليل كانت الدبابات تتكدس فى مجموعات وتبث عددا هائلاً من الألغام حول نفسها لكى توفر لنفسها قدراً من الحماية يزيد عما تحتاج إليه فى حقيقة الأمر مما كان يعتبر إلغاء لقدرتها على الحركة وعندما إضطر الإسرائيليون لترك الضفة الغربية ذكر سلاح المهندسين المصرىين إنه رفع أكثر من ثلاثة أرباع مليون لغم إسرائيلى من المنطقة التى إحتلها الإسرائليون فترة وجيزة .

 

 

بعد حرب 1967 رسخ فى أذهان القادة الإسرائليين أن عصر المشاة قد زال والدبابة وحدها قادرة على إحراز النصر فى حرب الصحراء . وكان هذا ـ من جانب الإسرائليين ـ وللمرة الثانية بعد خطأ الفكرة الثابتة عن العرب وكان خطأ فادحاً وقاتلا ً .. يقول فى ذلك الخبير العسكرى الإسرائيلى اللامع زئيف شيف عن هذا الخطأ الذى وقعت فيه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية "
(( ... حرب يوم الغفران .. اظهرت أن الإعتماد الكبير على الدبابة فى إسرائيل خلق نوعاً من إنعدام التوازن فى التشكيل المدرع فإن شركاء الدبابة (المشاة) فى المجموعة المدرعة بقوا فى المؤخرة واهمل امرهم . لقد غرس نجاح الدبابة فى حرب الأيام الستة التى كانت اساسها حرب حركة بأكثر مما كان حرباً حقيقية الإحساس فى إسرائيل بأن الدبابة يمكنها عمل كل شئ سواء بالهجوم أو الإحتفاظ بالأراضى أو المطاردة ..أسلوب القتال المصرى فى حرب يوم الغفران تسبب فى عجز مدرعاتنا فى معظم معارك المراحل الأولى للقتال بسبب أن شركاءها فى المجموعة المدرعة كانوا أضعف من مشاة الإسرائليين ))

 

 

إلى أن الإسرائليين غيروا تكتيكاتهم خلال باقى مراحل الحرب فيما بعد يوم 9 أكتوبر فقد أصبحت طوابيرهم المدرعة أكثر حذراً فى الهجوم والإندفاع نحو مهاجمة رؤوس الكبارى المصرية بعد أن تحملوا خسائر ضخمة فى سلاح مدرعاتهم طوال الأيام الأربعة الأولى من إندلاع القتال ولجأت الدبابات الإسرائيلية إلى أساليب تقليدية قلما كانت تلجأ إليها من قبل تمثلت فى ــ الإستتار بالتباب الرملية ــ والتقدم الحذر البطيئ ــ وفتح النيران من مسافات بعيدة ــ خوفاً من الكمائن المصرية ورشقات الصواريخ المصرية المضادة للدبابات التى غمرت دباباتهم ومدرعاتهم طوال الأيام الأولى من الحرب من الرماة المصريين المهرة فى محاولة من الإسرائيليون لتقليل خسائرهم فى الدبابات فضلا عن قيام اللواءات المدرعة المعادية بإصطحاب الصواريخ المضادة للدبابات من طراز Tow فى معاركهم التالية والتى حصلوا عليها وجربوها إبتداءاً من يوم 14 أكتوبر 1973 لإيقاف الإندفاع المصرى نحو تطوير الهجوم فى إتجاه الممرات وبات من الملاحظ أن الوحدات الإسرائيلية الحاملة لصواريخ Tow ترافق تحركات الدبابات الإسرائيلية فى خوض معارك الثغرة وصد الهجمات المصرية المدرعة المضادة .. معنى ذلك أن العدو قام بالإنقلاب الكامل على مبادئه وتكتيكاته القديمة التى كانت تعتمد على سرعة الإندفاع وتحقيق الإختراق العميق لدفاعات العدو فبدأ يقلد المنهج المصرى الذى كان يزاوج بين تكتيكات إستخدام لواءات الدبابات وتطعيمها بعناصر مسلحة بالصواريخ المضادة للدبابات من طراز ساجر وأر بى جى وغيرهما لتقديم الحماية المتبادلة بالنيران للطرفين فى ساحة القتال ...

ــ ينبغى الإشارة إلى تكتيك أخر حاول سلا ح المدرعات الإسرائيلى أن يستعمله فى محاولة منه لتفادى الخسائر الكبيرة التى تعرض لها بفضل الصواريخ المصرية المضادة للدبابات إذ ذكر إدجار أوبلانس فى كتابه أن الإسرائيليين بعد مرور الأيام الأولى لخسائرهم العالية فى الدبابات بفعل صواريخ الأربى جى والساجر كانوا يدفعون بعرباتهم المدرعة المجنزرة من طراز إم/113 وغيرها أولا قبل إجتياح مواقع المشاة المصريين المحصنة بالصواريخ المضادة للدبابات لكى تقوم برش دفعات مكثفة من نيران الرشاشات الثقيلة للمدرعات من عيار 20 ملم و 30 ملم و 7,62   ملم على رماة الصواريخ المصريين بغرض قتل أكبر عدد منهم وفتح الطريق لتقدم الدبابات الثقيلة المعادية لاحقاً بدون التعرض لرمايات الصواريخ أو تجبر من ظل منهم على قيد الحياة على خفض رؤوسهم أو نزولهم للحفر للإحتماء بها او حتى التأثير على دقة تصويبهم نتيجة غمر المواقع التى يتمركزون فيها بألاف الطلقات المنهمرة فوقهم كالمطر الغزير . لم تقتل هذه التكتيكات الكثير من رماة الصواريخ المصريين ولم ترهبهم أو تثن من عزمهم على الصمود والثبات فى أرض المعركة وبالتالى لم تقل خسائر العدو فى الدبابات والعربات المدرعة مع كل ذلك .!!؟؟  

 

 

ــ وايضاً إبتكر الجنرال شارون تكتيكاً جديداً أملته عليه ظروف المعركة فيما سمى ( بأسلوب حرب عصابات بالدبابات) .. بعد أن نجح شارون بقواته فى العبور إلى غرب قناة السويس فى عملية الثغرة بصحبة كتيبة دبابات عبرت معه وشكلت بعد ذلك نواة تجميع قوات العدو المدرعة فى الثغرة إذ قام بتفكيك الكتيبة المدرعة المذكورة المكونة من 30 دبابة إلى فصائل صغيرة تتكون كل فصيلة للعدو من 2 إلى 3 دبابات راحت تبحث عن محطات الصواريخ أرض / جو التى تشكل حائط الصواريخ المصرى الشهير وتدمرهوائيات رادارتها عن بعد بمدافع دباباتها أو تعطبها ..

فشل الطيران الإسرائيلى فى أن ينال من غابة الصواريخ المصرية المضادة للطائرات من الجو فأراد العدو أن ينالها بتسلل أرضى وإمعانا فى الخداع الإسرائيلى كانت دبابات الكتيبة الإسرائيلية التى قامت بتلك المهمة الشيطانية كان بعض من دباباتها ـ وليس كلها ـ عبارة عن دبابات مصرية سوفيتية الصنع غنمها العدو فى حرب 1967 وبالتالى إنطلت الخدعة على قوات الجيشين المصريين الثانى والثالث بشرق القناة إذ ظن كل جيش منهما أن تلك الدبابات السوفيتية العابرة للقناة تتبع الجيش الأخر وعلى هذا فلم يتعرض أحد لها بالنيران !!! وأدى ذلك التكتيك الإسرائيلى الجديد الذى نفذه فى سرابيوم والدفرسوار بغرب القناة إلى قيام الدفاع الجوى المصرى بسرعة سحب ما تبقى سليماً من وحدات صواريخه الباقية والتى نجت من الإصابة وإبعادها عن طريق دبابات شارون خوفاً عليها من التدمير أو السقوط سليمة فى قبضة العدو مما أدى إلى إتساع فجوة الثغرة الردارية فى سماء الجبهة حيث إستغل الطيران المعادى تلك الفرصة الذهبية التى أتيحت له ليركز غاراته الجوية على القوات المصرية فى شرق وغرب القناة فى منطقة الثغرة لمعاونة قواته البرية على الأرض بما أدى إلى ضعف حدة الهجمات المصرية المعاكسة التى شنت ضد قوات العدو فى الثغرة مما ساهم فى إستفحالها


ــ وبما أن النجاح فى تنفيذ تكتيك أو إجراء معين يشجع على تكراره مرة أخرى فقد إستعان الجنرال إبراهام آدان قائد فرقة الهجوم على السويس بالدبابات المصرية المأسورة منذ حرب 1967 فى إحدى محاولاته لإقتحام مدينة السويس لكن الخدعة هذه المرة لم تنطلى على الحامية المدافعة عن المدينة الباسلة فلقنت العدو درساً قاسياً لم ينساه وإصطادت دباباته المتسلة نحو المدينة وإرتفع معدل خسائر العدو فى الأرواح والمعدات ...

 


وبهذا لم يسجل للجيش الصهيونى إستخدامه للدبابات المصرية المغتنمة فى حرب 1967 طوال حرب أكتوبر سوى فى هذين الموقفين .. معركة حرب عصابات دبابات شارون ضد وحدات الدفاع الجوى المصرية فى الثغرة ومعركة إبراهام أدان الفاشلة فى محاولة غزو السويس وفى المعركتين تداركت القوات المصرية الموقف جزئياً فتم حماية معدات الدفاع الجوى من صواريخ وردارات وتهريب بعضها بعيدا عن طريق زحف مدرعات شارون وحرب عصابات دباباته التى شنها ضدها .

وفى الجنوب تم التصدى لدبابات إبراهام آدان المخادعة فى السويس وكما فشل العدو فى القضاء على شبكة الصواريخ التى تشكل حائط الصواريخ أرض جو المصرية فى شمال الثغرة فشل فى إحتلال السويس وتم تدمير الدبابات الإسرائيلية التى حاولت دخول السويس سواء كانت دبابات إسرائيلية حقيقية فعلا أم دبابات مصرية مستولى عليها ذات طواقم إسرائيلية التنكر والهيئة    
كان هذا بالنسبة لتكتيكات سلاح الدروع الإسرائيلى خلال حرب أكتوبر المجيدة على الجبهة المصرية

 

 

أما بالنسبــة لقواتنـــا المــدرعــة :


فإن التكتيـك المـصـرى فى إستخدام الدروع المصرية وفقاً لما ذكره الفريق الشاذلى فى مذكراته :
كان هناك عاملان مهمان يمكن أن يكون لهما تأثير حاسم على المعركة إذا ماحدثت المجابهة بين الدبابات وحدهما دون إدخال الأسلحة الأخرى فى المعركة ..
كان العامل الأول هو التسليح والعامل الأخر هو الحشد يمكن القول أن تسليح دبابات العدو كان أفضل من دباباتنا لكن هذا التفوق النوعى فى التسليح كان يمكن التغلب عليه إذا أحسنا إستخدام الأرض وتحاشينا الدخول مع العدو فى معركة دبابات فى أرض مفتوحة حيث يصبح مدى المدفع هو السلاح الحاسم فى المعركة . كان العامل الأخر هو أسلوب الطرفين فى تجميع وإستخدام دباباته حيث كانت دباباتنا مربوطة بالأرض وكان نصفها ضمن الهيكل التنظيمى لألوية المشاة على شكل كتائب دبابات وكان تدريبها مقصوراً على تعاون المشاة فى الهجوم والدفاع لكنها لم تكن مدربة على القيام بالدخول فى معارك الدبابات حيث يكون عنصر القتال الرئيسى هو دبابة ضد دبابة . اما النصف الأخر من دباباتنا فقد كان موزعاً على فرق المشاة بمعدل لواء مدرع لكل فرقة وذلك لرفع قدراتها القتالية فى صد هجمات العدو المركزة بواسطة الدبابات . لم تكن لدينا الفرصة إذن أن نناور بدباباتنا من مكان لأخر من الجبهة إلا فى حدود ضيقة جداً أما العدو فقد كانت ظروفه أفضل بكثير لم تكن دباباته ملزمة بأن ترتبط بالأرض للدفاع عن المشاة كما فى حالتنا وكان لديه العمق الكافى الذى يسمح له بالمناورة وتحريك ألويته المدرعة من قطاع إلى قطاع بحرية تامة وخلال ساعات قليلة .


خلاصة القول .. كان العدو يستخدم دباباته الإستخدام الصحيح أى كان يستخدمها كدبابات أما نحن فقد كنا نستخدمها كمدافع مضادة للدبابات ذاتية الحركة أكثر من إستخدامها كدبابات .
ولم يكن ذلك جهلاً منا بأصول إستخدام الدبابة بل كان بسبب الظروف التى فرضت نفسها علينا إذ أن ضعف تسليح دباباتنا وضعف قواتنا الجوية كان يفرضان علينا أن نستخدم دباباتنا بأسلوب دفاعى ويدعواننا إلى تحاشى الدخول فى معارك دبابات بحتة .. وقد أثبتت الأيام التالية أننا كنا على صواب عند إتباع هذا الأسلوب وأن إستخدامنا للدبابات ضمن تشكيلات المشاة قد حقق نتائج مبهرة وعندما قمنا بتغيير هذا الأسلوب فى يوم 14 أكتوبر تمكن العدو من أن يدمر لنا 250 دبابة فى أقل من ساعتين.
كان الفريق الشاذلى يشير فى السطر الأخير إلى تغيير التكتيك المصرى الفعال طوال أيام الحرب إلى تكتيك إستخدام الدبابة بشكل تقليدى فى يوم معركة تطوير الهجوم فى 14 أكتوبر حينما خرجت المدرعات المصرية عن نطاق الحماية التى يشكلها لها حائط صواريخ الدفاع الجوى المصرى وإندفعت لخوض معركة دبابات بحتة غير مدروسة جيداً دون حماية جوية وهاجمت دفاعات العدو المستعدة المتخندقة جيداً فى ممرات سيناء الجبلية وتعرضت لخسائر ثقيلة بلغت 250 دبابة فى ذك اليوم فيما لم تحاول المدرعات المصرية تكرار خوض تلك المغامرة مرة أخرى وحتى إنتهاء الحرب فى 28 أكتوبر 73 وإعتباراً من ليل يوم 14 أكتوبر حتى صباح اليوم التالى ظلت الدبابات المصرية والإسرائيلية تتبارز فيما بينها عبر إطلاق دانات مدافعها للمناوشة المحدودة فيما بينها مشكلين نيران إزعاج متقطعة من داخل الخنادق المحصنة لكلا الطرفين طلقة ضد طلقة دون ان تحاول دبابات إحدى الطرفين المغامرة بالخروج من تحصيناتها وخوض مبارزة متحركة قريبة حامية بالنيران ضد بعضها البعض
(من كتاب إدجار أوبلانس)
يمكن القول أن مقاتلوا مدرعاتنا إستخدموا الخواص الحديثة فى دباباتهم أقصى وأحسن إستخدام كانوا يجرون أمام العالم إختباراً حديثاً لحرب الدبابات أطلقوا نيرانهم أثناء التحرك هجوماً ضد حشود العدو المدرعة ـ أصعب وأشق أشكال القتال بالدبابات حين تهاجم من الحركة لا من الثبات وكانت معدلات كفاءة نيرانهم تترك الأثر التدميرى الأكبر فى وحدات العدو على خط المواجهة وحشوده بالقطاع الأوسط
كانت المدفعية المصرية الثقيلة وذات المدى المختلف تقوم بتدمير وحدات الصوارخ المضادة لدباباتنا من صواريخ
ss11 فرنسية الصنع وهى تمثل عقبة أمام تقدم قواتنا المدرعة التى تستعد للإقتحام ولقد دمرت مدفعيتنا المعاونة لدباباتنا عمق دفاعات العدو فى مناطق حيوية فى الوقت الذى أخذت فيه تطلق قذائفها ضد الدبابات الإسرائيلية مما جعل زمن تعرض الدبابات المصرية للنيران المضادة قليلاً وبأقل الخسائر

إن أكثر وسائل معاونة للدبابات فاعلية هى المعاونة التى قدمتها مدفعيتنا فدمرت كثيراً من وحدات الأسلحة م/ د العدوة خارج مدى رؤية أطقم دباباتنا وبعضها كان مختفياً ومموهاً جيداً حيث يتعذر على رماة المدرعات رؤيته عبر مناطق تأثير نيران القتال . أدى هذا التعاون الوثيق بين المدفعية المساندة وبين الدبابات المصرية إلى إختصار الوقت بين وقف نيران المدفعية وهجوم الوحدات المدرعة (الدبابات أو المشاة الميكانيكية) .

إن إختصار الوقت إلى أقل جهد ممكن يعد أحد عوامل نجاح الهجوم . إن أصوات قذائف الدبابات وهدير جنازيرها يصيب الإنسان بالصمم وسط سحابات الرمال الكثيفة المتخلفة عن تحركات الدبابات فى الصحراء وقد تجلى إبداع رجال مدرعاتنا فى قدرتهم على المبادرات الخلاقة عبر الهجوم المضاد أبدوها فى خفة الحركة والمناورة وفى عمليات الإلتفاف والتطويق ودقة إنتاج النيران الدائرية وسد ثغرات التراجع أمام دبابات العدو وقد حدث مراراً أن قفز الإسرائيليون من دباباتهم وتركوها عدواً أو هرباً من الموت ليقعوا فى الأسر وذلك حين وجدوا ثغرات الهروب مسدودة امامهم وكان لهذا النشاط أكبر الأثر النفسى المحسوس فى إنهيار قواد دبابات العدو وإرتفاع نسبة الخسائر والأسرى فى حشدها المدرع ..
لقد إستخدمت قوات دباباتنا خواصاً تكتيكياً جديدة واجهت بها طيران العدو إلى جانب الإعدادا الهائلة من دباباته الأمريكية الحديثة المزودة بالإلكترونيات ووسائل الدعم التكنولوجى عديمة الجدوى أمام قبضة رجالنا المدرعة .. لقد تميزت عمليات قواتنا المدرعة خلال الأسبوع الأول من الحرب بالقدرة التامة على على تنفيذ مهام الإلتفاف والتطويق أخطر وأدق وأصعب المهام القتالية ولقد قاتلت حول أجناب العدو وتميزت بسرعة الإندفاع فى عمق دفاعاته والإنتشار خلف قواته التعبوية
إن معارك الدبابات المصرية / الإسرائيلية أثبتت أن قادة المدرعات المصريين إستوعبوا أرقى أساليب إستخدامات الدبابات الحديثة وبعضها مضاد للطيران وكان رد الفعل لدي رجال الدبابات المصريين حين يهجم العدو بحشد مدرع كبير نابعا من التفاعل بكل ظروف القتال ومفاجأته ووحساباته ووصولهم إلى مرحلة النضج التكتيكى لمواجهة أعمال قتال العدو المضادة والمفاجئة
إن القتال كان ضارياً وعنيفاً بإستمرار وأغلب الوقت ولم يسبق قواتنا أن خاضت معارك بهذا الحجم من قبل كما لم يسبق للعدو نفسه ان واجه قوة نيران مثلما واجه وكان طبيعيا أن تتطور بعض العمليات والضربات العدوة إلى مستوى لايتطابق مع خطة قواتنا وخصوصا حينما تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية لمساعدة العدو بأكبر جسر جوى إستراتيجى لإمداد إسرائيل بكل مافقدته من قطع السلاح والدبابات فى المعركة لهذا كان من الطبيعى أن تبرز عقبات وصعوبات خلال المعارك التصادمية بالدبابات لكن امام الثبات والمرونة الجديدة التى تميزت بها قواتنا المدرعة تكيفت لتوائم التطورات المفاجئة الجديدة فى أرض المعركة ..

 


على سبيل المثال واجهت دبابة مصرية واحدة ثلاثة دبابات للعدو خلال الأيام الأولى للحرب وخاضت القتال ضدها ودمرتها بكل الكفاءة والقيادة الماهرة   
يمكن بإختصار إستعراض الإستراتيجية العامة لكلا من الطرفين المتحاربين حيث بدأ الجانب الإسرائيلى القتال بدباته عبر الإسلوب القتالى الذى طالما إعتمد عليه وهو القيام بمحاولات هجومية فاشلة لإختراق رؤوس الكبارى المصرية بشرق القناة فى البداية ثم راح ينتهج مبدأ الدفاع ويقلد المصريين فى الإستعانة بالصواريخ المضادة للدبابات تقليد حرفى فى المعارك التالية .
بينما إعتمد رجال المدرعات المصريين على مبدأ الدفاع الهجومى بتشكيلات وكتائب الدبابات المدعمة بفرق المشاة حاملى الصواريخ المضادة للدبابات فى الأسبوع الأول للقتال حتى غير المصريون من تكتيكاتهم وقلدوا التكتيك الإسرائيلى القديم الفاشل فى خوض معارك (دبابات ضد دبابات) يوم 14 أكتوبر فكانت التيجة وبالاً وكارثة على المدرعات المصرية


وكأن المصريين تبادلوا الأدوار مع الإسرائيليين مابين يوم 8 أكتوبر و 14 أكتوبر 1973 حينما هاجمت دبابات العدو الإسرائيلى يوم 8 أكتوبر منفردة الدفاعات القوية للفرقة الثانية مشاة بالجيش الثانى وتعرضت لخسائر كبيرة بلغت حوالى 100 دبابة للعدو وأسر الكولونيل عساف ياجورى فى المعركة وفى يوم 14 أكتوبر فعل المصريون نفس مافعله العدو الإسرائيلى حينما هاجموا دفاعات العدو القوية فى الممرات الإستراتيجية بشكل منفرد دون ان تصحبهم تشكيلات المشاة المصرية خلال القتال للقضاء على الأوكار الدفاعية الإسرائيلية المسلحة بصواريخ التو الفتاكة جنباً إلى جنب مع الدبابات الإسرائيلية فتعرضت الدبابات المصرية بدورها لخسائر فادحة فى دباباتها فى ذلك اليوم كما سلف القول وبعد الفشل فى القضاء على الثغرة وخسارة عدد كبير من الألوية المدرعة والميكانيكية المصرية فى الثلاثة ايام الأولى من القتال الضارى ضد قوات العدو فيها تحول التكتيك المصرى من الكف عن خوض معارك وهجمات كبرى بالدبابات والألوية الميكانيكة لإقتلاع راس الجسر الإسرائيلى غرب القناة إلى إستخدام ما تبقى من الكتائب المدرعة المصرية في يوم 19 أكتوبر وما بعده حتى وقف إطلاق النار فى محاولات صد وإيقاف الهجمات المدرعة الإسرائيلية وشن هجمات مضادة على نطاق محدود داخل فى إطار خوض معارك تعطيلية محلية ضد القوات الإسرائيلية


ولا يفوتنا قبل ختم الحديث عن التكتيكات التى إنتهجها كلا الجانبين فى حروب الدبابات أن نشير إلى ميل الطرف الإسرائيلى إلى إدخال الهليكوبترات المسلحة بالصواريخ المضادة للدروع فى عمق المعركة لمكافحة دبابات الجانبين وإن كان برز تفوق العدو الإسرائيلى فى هذا المضمار وبعد حرب أكتوبر إنتبهت الجيوش العالمية إلى أهمية دور طائرات الهليكوبتر فى تدمير الدبابات المعادية وشكل هذا الأسلوب إستراتيجية جديدة ثابتة فى حروب الدبابات ظهرت أثارها فى الحروب التالية بعد أكتوبر

 

فيديو عن دور الفرقة 21 في حرب أكتوبر - اضغط للمشاهدة  

 

 


 

                                             الــصــمـــــــود :

لو أردنا أن نحكى عن آيات البطولة والصمود التى سطرتها قواتنا الباسلة بكل أفرعها فى حرب أكتوبر 73 لإحتجنا إلى مجلدات ومجلدات لذكر واحد من جزء من ألف جزء فقط ومع ذلك سنقف خاشعين أمام بعض المواجهات البارزة التى خاضها قواد الدبابات والمدرعات المصرية

يوم 6 أكتوبر تقدمت كتائب الدبابات المصرية فى سيناء بعد أن عبرت فوق الجسور المنصوبة وإنضمت لفرق المشاة التى سبقتها بالعبور تحت وابل من نيران العدو الإسرائيلى وبدأت تأخذ دورها فى مساندة القوات المصرية فى حصار نقاط العدو الحصينة فى خط بارليف والإستيلاء عليها وقدمت بمدافعها معاونة نيرانية فعالة متحركة لقوات المشاة الزاحفة فى تدمير الدبابات الإسرائيلية التى هرعت لتتصدى للقوات العابرة فى مرحلة بدء تكوين رؤوس الجسور المصرية وقد تعاونت المدرعات المصرية مع وحدات صواريخ المشاة من طرازات أربى جى وساجر و ب 10 / 11 وأقعوا خسائر جسيمة فى صفوف الدبابات الإسرائيلية بلغت 120 دبابة فى اليوم الأول وحده ..
وكذلك لا بد من الإشارة إلى قيام كتيبة مدرعة برمائية مصرية 602 من قوات لواء 130 مشاة الأسطول من التوغل حتى قرب منطقة المضايق فى محاولة لمهاجمة بعض الأهداف الإسرائيلية المنعزلة وتأخير تقدم الإحتياطى المدرع الإسرائيلى الموجود فى العمق وواجهت الكتيبة ثقل قوات العدو المدرعة فى المنطقة ومع أن تسليح العربات المدرعة المصرية كان عبارة عن مدافع صغيرة العيار من طراز 76 ملم لم تكن ندا أبدا لقوة مدافع دبابات الإم/ 48 و إم/ 60 الإسرائيليتين ً ذاتا العيار 105 ملم لم توفق الكتيبة 602 فى مهمتها رغم الشجاعة الفائقة التى أبداها جنود الكتيبة 602 بتسليحها الضعيف بعد أن فقدت جانبا من عرباتها المدرعة ومنيت بخسائر مؤثرة ومع ذلك لم تتعرض الدبابات المصرية عامة لخسائر كبيرة فى اليوم الأول للقتال فلم تزد خسائرها عن إصابة وتعطل 26 دبابة فقط
بحلول صباح يوم 7 أكتوبر أتمت الدبابات المصرية حشدها فى سيناء وتوزيعها على فرق المشاة الخمس حيث بلغت 800 دبابة و13 ألف سيارة ومركبة ومدرعة مرافقة مساندة
8 أكتوبر قدر موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلى أن يوم 8 أكتوبر سيكون يوم (الدروع المتصارعة) حيث شاركت الدبابات المصرية فى قطاع الجيش الثانى الفرفة الثانية مشاة فى معركة تدمير الكتيبة 190 المدرعة الإسرائيلية بقيادة العقيد عساف ياجورى وأسر الأخير
أما فى يوم 13 أكتوبر فقد قتل الجنرال ألبرت ماندلر أكبر وأشهر قائد إسرائيلى فى معارك الدبابات
يوم 14 أكتوبر بدء أكبر معارك الدبابات الكبرى فى التاريخ العسكرى التى إستمرت لحوالى أسبوع تقريباً يوم 14 أكتوبر كان يوم البداية وهو من أصعب الأيام التى قاسها سلاح المدرعات المصرية حيث كلف بالقيام بعملية تطوير الهجوم نحو المضايق بقوة 500 دبابة مصرية مشكلة فى فرقة 21 المدرعة وعدد من اللواءات المدرعة المستقلة وقد خرجت الوحدات المصرية من تحت نطاق حماية حائط الدفاع الجوى ورغم عدم مناسبة المهمة لفرق الدبابات المصرية وتعرضها لصواريخ
Tow الإسرائيلية وصواريخ ss10 , ss11 المضادة للدروع وكذلك والضربات الجوية المعادية ومعاناتها من خسائر كبيرة بلغت حوالى 250 دبابة مصرية إلا انها قاتلت فى بسالة فائقة وتقدمت فى إصرار وعناد على الرغم من كل ماسبق ذكره من عوائق وموانع وسحقت عدد من المواقع الإسرائيلية المتقدمة فى زحفها الأول وعلى أثر هذه المعركة غير الموفقة لرجال المدرعات المصرية رأى الإسرائيليون أن قوات المدرعات المصرية ضعيفة القيادة فى الحرب المتحركة وأن تكتيكاتها تفتقر إلى الخيال ! ومع ذلك ذكر أحد الضباط الإسرائيليين الكبار الذين شاركوا فى تلك المعركة للكاتب البريطانى إدجار أوبلانس (أن نيران دبابات المصريين كانت كثيفة للغاية وإلتهمت النيران كثيراً من الدبابات الإسرائيلية)   فقد العدو (أقل من 50 دبابة فى ذلك اليوم)
أيام 15 و 16 و 17 أكتوبر إستمرار لأكبر معارك الدبابات الرهيبة إذ بدأت معارك ثغرة الدفرسوار وصد الهجمات المضادة على طريق التقدم العدو فى معارك فتح الثغرة فى نطاق الفرقة 16 مشاة إذ إستمرت المعارك بين الدبابات المصرية والإسرائيلية ثلاثة أيام متصلة وهنا تألق المقاتل المصرى فى معارك الإلتحام بالدبابات فوق سيناء والضفة الغربية وفى معارك الفرقة 16 مشاة لقد حقق رجال المدرعات المصرية من عناصر الفرقه 21 المدرعة إنجازات ضخمة على كل المستويات تطلبت درجة عالية من الكفاءة والدقة المتناهية والتدريب المستمر الجيد قبل الحرب والقدرة الفنية والمناورة الميدانية


وإستمرت معركة الدبابات الكبرى أو بالأحرى سلسلة من المعارك وصد المصريون كل الهجمات المضادة الإسرائيلية حتى مساء يوم 17 أكتوبر لأن العدو شن الهجوم على الجبهة المصرية إبتداءاً من يوم 15 أكتوبر بتسعة ألوية مدرعة وقد قال قادة أحد الألوية المدرعة الإسرائيلية (آمنون ريشيف قائد اللواء 14 مدرع) لموشيه ديان أثناء زيارته لموقع القتال الذى دار فى نطاق الفرقة 21 المدرعة المصرية والمزرعة الصينية (( أنظر ياسيدى أنه وادى الموت)) وذلك لكثرة الدبابات الإسرائيلية المدمرة ومعها كذلك الدبابات المصرية للحد الذى جعل موشيه ديان يقول فى مذكراته أن مشاهد الدبابات المصرية والإسرائيلية المحطمة المحترقة والمقلوبة فوق أرض المعركة تفوق ماشاهده فى حياته من معارك سابقة ولا حتى فى الأفلام السينمائية الحربية وقد جرت فى بعض الأوقات وفى مراحل معينة من القتال ـ

يقول الملازم / يهونثان جيفن ـ معارك المدرعات من أعنف ما عرفه التاريخ من معارك الدروع حيث كانت الدبابات المصرية والإسرائيلية يجرى القتال بينهم على مدى 10 أمتار من بعضها البعض وفى أحد المواقع شوهدت دبابة إسرائيلية محترقة على بعد متر واحد من دبابة تى / 55 مصرية مدمرة . لقد علق الجنرال شارون على هذا المشهد الذى تعانق فيه مدفعيهما (( ماتوا فى وقت واحد))


فى القطاع الأوسط من الجبهة بالتحديد ذلك القطاع الذى بذل العدو الإسرائيلى جهداً غير عادى ومنى بخسائر رهيبة ثقيلة كى يحقق إختراقاً يسمح له بالنفاذ عبر قناة السويس إلى الضفة الغربية وتوسيع الثغرة حيث تكبدت ألوية شارون وبرن خسائر ضخمة فى كبرى معارك الدبابات التى دارت فى القطاع الأوسط لفتح الثغرة وإضطر كلا من شارون وإبراهام آدان الشهير ببرن لتدعيم ألويتهما المدرعة وتعزيزها بالمزيد والمزيد من الدبابات أكثر من مرة فى مواجهة القوات المصرية ودباباتها المتخندقة بشرق القناة فى نطاق الفرقة 16 مشاة بالجيش الثانى والتى أصلت العدو ناراً حامية بمدافعها وأوقعت به خسائر مميتة فى الارواح والعتاد
وما تعرض له لواء 25 مدرع المصرى يوم 17 أكتوبر 1973 من عدم توفيق فى قفل ممر الثغرة الذى كان تتدفق منه قوات العدو إلى الغرب وبعد أن فقد ذلك اللواء أغلب دباباته ومع ذلك راحت دباباته ـ ماتبقى منها ـ تتبادل القذائف مع الستائر الإسرائيلية المضادة للدبابات المنصوبة فى مواجهة اللواء 25 حتى تم إنسحاب ماتبقى من دبابات اللواء 25 مدرع إلى نقطة كبريت الحصينة حيث لم تحاول الدبابات الإسرائيلية أبداً الإشتبالك مع دبابات اللواء 25 مدرع وجها لوجه أو عن قرب رغم ان المراجع الأجنبية والإسرائيلية إعترفت بأن معظم دباباته قاتلت بشجاعة ومهارة فى المعركة

وفى يوم 18 أكتوبر خسرت مصر اللواء 23 مدرع أثناء محاولته الهجوم على الثغرة غرب القناة بدون إستطلاع كافى لأرض المعركة وذلك بفعل التدخل الجوى المعادى وستائر صواريخ الـ Tow الأمريكية الفتاكة ولم يحاول العدو الإشتبالك بدباته مع دبابات ومدرعات اللواء المذكور وجهاً لوجه
وجدير بالذكر أن يوم 18 أكتوبر كان اليوم الأخير فى معارك الدبابات الكبرى الأساسية التى إستمرت مشتعلة منذ نهار يوم 14 أكتوبر حيث لم تجرى معارك أخرى شهيرة مميزة بين الدبابات الإسرائيلية والدبابات المصرية بألوية مدرعة كاملة بعد ذلك التاريخ اللهم إلا فى مواجهات أقل حدة وضراوة  
وفى مذكرات لواء / يوسف عفيفى قائد الفر قة 19 مشاة يلقى الضوء على موقف دبابة مصرية واحدة أوقعت بالعدو خسائر جسيمة أثناء زحف قوات الجنرال إبراهام آدان نحو مدينة السويس وحصار الجيش الثالث إذ قال يوم 23 أكتوبر قامت مدفعية الفرقة 19 مشاة بقصف قوات العدو المتقدمة نحو الجنوب على طريق القناة وتمكن قائد كتيبة الدفاع الإقليمى بتوجيه نيران إحدى فصائل دبابات الفرقة 19 المتمركزة على الساتر الشرقى للقناة من منع العدو من إحتلال المصطبة 152 وتمكنت الفصيلة المدرعة المصرية من تدمير نصف القوة المعادية وإيقافها وإضطر قائد القوة الإسرائيلية إلى إستدعاء الطيران الإسرائيلى لتدمير هذه الفصيلة ليتسنى له الإستمرار فى تقدمه وقبل أن يقوم الطيران الإسرائيلى بمهمته فى تدمير الفصيلة كانت الفصيلة الأخرى قد إحتلت مرابضها وتمكنت من إيقاف تقدم العدو إلى الأبد على هذا الطريق
لقد قاتلت هذه الفصيلة بشجاعة نادرة وإستشهد قائدها ودمرت لها دباباتان وبقيت دبابة واحدة
هذه الدبابة ظلت شوكة فى حلق قوات العدو وحرمته من معاودة الهجوم والأكثر من ذلك أنها دمرت من قواته الكثير !! حاول العدو أكثر من مرة الإلتفاف حول الدبابة المصرية من ناحية منية الغلة وكفر أحمد عبده لكن أطقم إقتناص الدبابات التى دفعتها الفر قة 19 فى هذا الإتجاه يوم 25 أكتوبر كانت لهم بالمرصاد وكانت عوناً لتأمين الجانب الأيسر لهذه الدبابة الصامدة ..!!!!
فى حديثه لمجلة الهلال عدد 6 أكتوبر 1977 يقول اللواء / كمال حسن على قائد حرب الدبابات فى أكتوبر 1973 أن الدبابات بالنسبة للمشاة والمدفعية كما يقول القادة القدامى هى الغلاف الصلب لعين الجمل ولقد إستمدت الدبابات المصرية عناصر تفوقها من خلال التعاون الراقى بينها وبين المشاة والمدفعية المضادة للدبابات والمدفعية وحققت الدبابات المصرية من خلال التنسيق مع الأسلحة الأخرى أعلى صور المناورة طبقاً لحجم هجوم العدو .. هناك رجال كثيرون أظهروا من البطولات مايفوق الخيال على سبيل المثال البطل (البرشى) غير دباباته ثلاث مرات فى المرتين السابقتين على إستشهاده كانت دباباته تصاب فيتركها ويستقل دبابة جديدة مستمراً فى القتال عبر معارك القطاع الأوسط وكان له شرف الإشتراك فى تدمير اللواء الإسرائيلة المدرع 190 بقيادة عساف ياجورى
لقد كان للدبابات المصرية دور قتالى متألق متميز فى معارك الدبابات ضد الدبابات وفى المعارك التصادمية التى خاضتها وفى تدمير اللواءات الإسرائيلية المدرعة المدعومة بالحماية الجوية

 

 

ويستطرد اللواء / كمال حسن على فى حديثه : ـــ
إن معارك عديدة قامت بها المدرعات المصرية فى حرب 1973 تعد من أرقى دروس حروب الدبابات وقد تتبعها بالدراسة معلقون عسكريون من أنحاء الدنيا
معركة البطل الشهيد جمال المهدى فى الجيش الثالث كانت قمة فى المناورة والنيران وفى معركة كتيبة مصرية ضد كتيبة مدرعة إسرائيلية بعدها إستمرت المعارك التى تألقت فيها دباباتنا ـ وخاصة فى صد هجمات العدو المضادة حيث تدمرت مدرعاته ، ومعاركنا حين ركز العدو على الحد الأيمن للجيش الثانى ـ قطاع الفرقة 16 و 2 مشاة وهدفه خلق الظروف المواتية لكى يعبر إلى الغرب لذلك إستخدم ثلاثة لواءات مدرعة كانت تهاجم بالتتالى .. وإستطاع مقاتلونا تكبيده أقصى الخسائر ..
فكانت الساحة رهيبة بالنيران حيث وجدنا دبابات إسرائيلية مدمرة على مسافة مائة متر من دباباتنا ولذلك حصل كثير من ضباط المدرعات على وسام نجمة الشرف والنجمة العسكرية .
إن من بين رجالى قائد سرية دمر 34 دبابة للعدو ، دمرها بعشر دبابات مصرية أصيبت منها أربع دبابات فقط !
يختتم اللواء / كمال حسن على حديثه قائلاً : ــ
لم تكن تلك المعارك بنتائجها العالية عفوية أو ضربة حظ ، بل كانت حصيلة جهد وإيمان وكفاءة فى التدريب طوال سنوات الصبر والصمت "
إذا أردنا أن ننقل صور حية من أرض المعركة مباشرة ونرى أثر معارك الدبابات التلاحمية بالنيران والمناورة والحركة التى جرت فى أكتوبر 1973 ففى الفقرة التالية سنقترب من ساحة المعركة مباشرة بما يشبع عدسة الزوم المقربة من خلال تقارير إثنين من المراسلين الحربيين المصريين الأول المراسل حمدى لطفى والثانى عبد الستار الطويلة
لنبدأ بما كتبه حمدى لطفى فى مجلة الهلال عدد أكتوبر 1977 إذ كتب يقول فى وصف إحدى معارك الدروع بين الدروع المصرية ودروع العدو الإسرائيلى :
هؤلاء الرجال المقاتل البطل / شنن والمقاتل / عبدالرحيم من مقاتلى الدبابات تم دفعهم إلى الضفة الشرقية مع بداية الحرب للقيام بمهمة تطوير القتال على المحور الشمالى فى سيناء وقد واجهت هذه الوحدة قوة لواء إسرائيلى مدرع هاجم بفرقته هجوماً موجهاً جنوب إحدى فرقنا المشاة ومنتصفها وشمال فرقة مشاة أخرى من قواتنا بالقطاع الشمالى شرق القناة ..
وبدأ الإشتباك دبابات ضد دبابات فى عمق رأس الشاطئ الذى أقامته قواتنا المشاة ولم تكن المسافة بين الدبابات المصرية والإسرائيلية تزيد على 3 كيلومترات .. 36 دبابة إسرائيلية فى المقدمة وأمامها 7 دبابات مصرية وفى اللحظة الأولى للقتال دمر أبطالنا دبابتين للعدو الذى تراجع سريعاً فى محاولة للإلتفاف حول الدبابات المصرية وظهرت 4 أبراج دبابات عدوة ، إستطاع أبناؤنا بكل الثبات تدمير دبابتين جديدتين وعلى الفور أسرع جنود مشاتنا بالتقدم نحو مواقع الدبابات الإسرائيلية إذ شاهدوا أطقم 4 دبابات إسرائيلية أخرى يغادرون دباباتهم طالبين التسليم وأسرنا أربعة دبابات جديدة إم/60 لم يصبها خدش واحد مع أطقمها .
ولجأ العدو إلى طيرانه وغاراته الجوية كما تقدمت نحونا عرباته المزودة بالصواريخ وإشتعلت الرمال بالنيران نتيجة طلقات المدفعية الإسرائيلية وإستمر تقدم وحداتنا وبعض معاركهم أدراوها بالضرب الأعمى وهو إصطلاح يستعمله مقاتلو الدبابات فى المواقف المفاجئة حتى لاتفلت المبادرة من أيديهم على الإطلاق ومعارك أخرى بين الدبابات المصرية والإسرائيلية دارت فى مسافة لا تزيد عن 2 كيلومتر فقط ومعارك دارت ليلا ً حين حاول العدو إقتحامنا مستعملا ً أجهزة الأشعة الحديثة لديه ولم ينجح فى محاولة واحدة أمام إصرار مقاتلينا المردة الذين قاتلوا لمدة 48 ساعة فى بداية الحرب دون ان يتناولوا وجبة طعام واحدة أو شربة ماء أو فكر أحدهم فى تدخين سيجارة بل أن أكثرهم قضى فى هذه الحرب مائة ساعة متصلة بلا نوم ـ تلك هى شريعة الحرب وماتفعله بأعصاب الر جال المحاربين المؤمنين بحربهم وشرعيتها .
وتقدمت هذه الوحدة الصغيرة وإلى جانبها وحدة أخرى مماثلة فى الحجم لحقت بها للهجوم على كتيبة دبابات إسرائيلية متخندقة ، واحدة من أقسى وأصعب العمليات الهجومية تلك هى الهجوم على دبابات فى خنادقها .
وأعد رجالنا خطتهم من الحركة ، التجمع الأول ثم من الحركة أثناء العمليات بفاصل وقتى ضئيل للغاية ميزة فريدة إمتلكها الأبطال من خلا ل التدريب المسبق وجدوا العدو فى منطقة عالية بالتدريج .. كتيبة سنتوريون كاملة ، وإذا بعدد كبير من دبابات العدو تظهر خلفنا فى نفس الوقت !
وكانت معركة من أشرف وأخلد وأروع معارك الدروع فى التاريخ الحديث . معركة تصادمية خطيرة دباباتنا تواجه العدو المدرع وفجأة تظهر خلفها دبابات أخرى ويتصاعد القتال ضارياً ووقعت المعركة التصادمية التى أظهر فيها المقاتل المصرى إقتداره وتفوقه وسيطرته على أرض المعركة رغم هذا الموقف المفاجئ وإمكانياته فى الإلتفاف والتطويق بعد ذلك وإحتلاله التباب العالية حتى أصبحت المسافة بين دباباتنا ودبابات العدو 1600 متر فقط وهنا إنتشر فى اللاسلكى نداء للمقاتل مجدى لايزال يتردد حتى اليوم فى سهرات رجال تشكيله الصغير حين تأتى سيرة المعارك التى خاضوها .. كان النداء يقول 1600 ــ اللـه وأكبــر ... وفتح الرجال نيران مدافع دبابتهم ..
فى دقيقتين إحترقت 6 دبابات سنتوريون ولا دبابة خسائر لدينا .. وتراجع العدو عن محاولة تطويقنا وأسرنا بعض الضباط الإسرائيليين وأخذنا على الفور نتقدم فى مواجهة نيران مدفعية العدو فى العمق وعربات صواريخه المضادة للدبابات وأشعلنا النار فى عربتين متقدمتين بالذخيرة شديدة الإنفجار وناورنا جيداً وأحصينا فى نهاية المعركة خسائر العدو ، فى الدبابات والطائرات 12 دبابة غير العربات المحترقة والطائرات التى أسقطها مقاتلو الدفاع الجوى ، كانت خسائرنا 4 دبابات مصابة بأعطاب ولكنها تحركت وعادت للإصلاح السريع ...
سأل ضابط إسرائيلى أسير المقاتل درويش :
ــ كيف حدث هذا .. !؟ كيف إستطعتم القضاء علينا وكنا نرى عدد دباباتكم قبل أول طلقة !؟ .. وأجاب المقاتل المصرى الشاب " الجواب ببساطة شديدة هو المقاتل المصرى النصر الأن للمقاتل المتفوق وليس للدبابة الأكثر إمكانيات ومعدات تقدير مسافة أو أشعة تحت حمراء أو ذخيرة بدليل أن كل هذا كان لديكم وعجزتم عن هزيمتنا رغم تفوقكم العددى فى الدبابات والأطقم إلى جانب طائراتكم وضربكم فى العمق"
قالى لى مقاتل مدرعات :
ــ " ذهن قائد الوحدة المدرعة لابد أن يعمل أثناء القتال بسرعة جنازير الدبابات .. ولقد كانت أذهاننا تفوق سرعة الجنازير .. ذلك لأننا كنا عطشى للنصر"
إنتهى مقال حمدى لطفى فى وصفه لأكبر معركة تصادمية دارت بين الدبابات المصرية والإسرائيلية فى الأسبوع الأول من الحرب فى سيناء


من كتاب حرب الساعات الست وإحتمالات الحرب الخامسة للكاتب الصحفى المراسل الحربى عبد الستار الطويلة فى وصف معارك الدبابات فى الأسبوع الثانى من الحرب كتب يقول :

كيف كان الوضع عندما بدأت معركة الدبابات ؟
كانت القوات المصرية إحتلت مابين 14 إلى 17 كيلومتراً فى عمق سيناء على طول خط القناة وهذه المنطقة مسطحة ومكشوفة بينما كانت قوات العدو مخبأة جيداً خلف منحدرات ومرتفعات وأخوار عديدة وهذه كانت مميزة ولا شك للجيش الإسرائيلى ..
ولكن الدبابات المصرية تقدمت وتقدمتها سحب من الغبار الكثيف وصوت الجنازير الفولاذية يصطدم بالصخور والأحجار ويدوى فى الصحراء فى تلك الساعة المبكرة من الصباح وهى تجرى بسرعة اثنين وثلاثين كلم فى الساعة مندفعة إلى خطوط العدو ..
ولقد سمعت ذلك الوصف .. ولكنى رأيته بعينى فى إحدى جولات تلك المعركة .. وقد أعمى غبار الصحراء الرؤية المجردة .. وملأ التراب أفواهنا وقد تحولت الصحراء المنبسطة أمام عيوننا إلى سحابات متحركة من الغبار و الدخان .. تتخللها شعلات نار متفجرة من دبابات أصيبت بقذائف من أنواع مختلفة .. سيارات مجنزرة مصابة ورجال يقفزون منها .. وبعد دقائق بدأت معركة تصادمية ..
العادة أن حرب الدبابات تجرى فى مدى 1500 و 3000 متر هى التى تفصل بين الدبابات المتحاربة بعضها البعض .. فى هذه المعركة حدث تصادم ولم يكن يفصل بين الدبابات أكثر من 400 أو 600 متر فمن هنا كان تأثير القذائف فى الدروع مروعاً ..! وفى مثل تلك الحال تكون الدبابة التى تتمكن إطلاق الطلقة الأولى على دبابة أخرى هى المنتصرة .. كان المنظر هكذا يبدو من بعيد .. تجرأت وإنتقلت إلى مكان أخر أكثر قرباً ولجأنا إلى خندق وفيه وقفت ورأسى منحنية على الرمال وعلى عينى منظار مكبر أمسكت به أشهد مايدور أمامى عن قرب .. امامى أربعة دبابات مصرية إستطاعت بحركة إلتاف ومناورة أن تحاصر ثلاثة دبابات إسرائيلية .. كانت الدبابات قريبة جداً من بعضها البعض حتى أن دبابة إسرائيلية سنتوريون حاولت المناورة فإصطدمت مباشرة وهى مندفعة بدبابة مصرية تى /54 ..
هاهو برج دبابة مصرية يطير بقذيفة مباشرة إسرائيلية
قال مرافق الضابط : لا تجزع .. فإطارة البرج ليست مقتلا ً للدبابة
دقائق قليلة والدبابات الإسرائيلية الثلاث أصيبت بضربات مصرية مباشرة واحدة فى بطنها والثانية فى الجنزير والثالثة فى جنبها الذى تحول إلى حديد مصهور ..
طاقم دبابة إسرائيلية من الثلا ث يقفز .. إثنان منهما النار مشتعلة ى ظهورهما منظر مروع أن ترى إنسانا يشتعل لكن رصاص الرشاشات المصرية أنقذتهما من الموت حرقاً . كان واضحاً أن طاقمى الدبابتين الأخرتين قد ماتا داخل الدبابتين
أحرك المنظار كمن يشهد شريطاً سينمائياً توقفت يداى عند منظر إلتقطته عيناى ..
قفز طاقم دبابة باتون أمريكية من دباباتهم التى أصيب جنزيرها فى محاولة منهم لإصلاح الجنزير ..
إتجهت الرشاشات المصرية إليهم .. أصيب واحد كف الثلاثة عن محاولة الإصلاح وأسرعوا يجرون وتعلقوا بدبابة إسرائيلية كانت تجرى وإختفوا خلف دوامة الغبار
فى اليوم التالى دفع الإسرائليون فى تلك المعركة بمائتى دبابة باتون أمريكية جديدة عندما أسر بعضها كانت عداداتها تنبئ بأنها لم تقطع أكثر من 120 كيلومتر هى المسافة بين العريش وميدان القتال

 


فى مطار العريش الطائرات الأمريكية الحاملة للمعدات تهبط حيث كان ينتظرها طواقم من الإسرائيليين ومسشارون عسكريون أمريكيون متطوعون يرشدون الجنود إلى كيفية تحريك الدبابات ذات التعديلات الجديدة وتندفع كل دبابة بإثنين فقط السائق والرامى بدلاً من أربعة كان الإسرائيليون يحاولون كسب الوقت وتعويض خسائرهم الفادحة ..
فى أحد المواقع كان لواء من دباباته قد حوصر ولما فشل فى فك الحصار إنتهز فرصة الظلام وعمد إلى الإنسحاب من ثغرة ضيقة بعد قتال ليلى شرس وترك 25 دبابة محطمة وعشرات من جثث القتلى وسبعة سيارات للمشاة الميكانيكية ..
منظر الدبابة بشع فى حد ذاته إنها كتلة صماء من الحديد تشبه حيواناً خرافياً ينثر الموت والدمار فى كل مكان ولكن منظر الدبابة المصابة فى بطنها وقد إنصهر فولاذ ذلك البطن أبشع .. أن الفولاذ المصهور أشبه بأمعاء ملتوية برزت من بطن مبقورة !

 


وقصص البطولة فى معركة الدبابات هذه كثيرة وتملأ مجلدات والكاتب يحار فى تسجيل أيها للقارئ
قصة البطل خيرى الذى كان يقود دباباته مع ثلاثة من زملا ئه ورأى على بعد قولا من سيارات العدو يحمل مواد تموينية وذخيرة
وأراد خيرى تدمير القول الإسرائيلى ولكن نيران دبابته لا يطوله فإندفع بدبابته ولكنه إكتشف أن امامه حقل ألغام لابد أن يعبره قبل أن يدرك القول الذى سيبتعد عن مرمى مدافعه فلم يبال وإندفع بالدبابة فى حقل الألغام دون أن يعترض عليه احد من زملائه الثلاثة الأخرين فى طاقم الدبابة وكان طبيعياً أن ينفجر لغم ولكه لحسن الحظ لم ينسف الدبابة بل أوقفها ومن وسط حقل الألغام صوب خيرى مدفعه إلى قول السيارات الباقية من الحركة وإصطاد السبع سيارات جميعاً وأضرم فيها النار ..
وظلت دبابة خيرى محاصرة فى حقل الألغام حتى جاء بعض زملا ئه الذين ساروا على آثار الدبابة وأنقذوه هو وزملائه كان خيرى يحكى القصة وهو ير بت على دبابته تى/55 فى حنان كمن يربت على جواده الكريم وقال بإعتزاز " دى دبابة أصيلة"

وهذه الفصيلة التى يقودها الملازم سعد . الملازم الذى لايزيد عمره عن عشرين عاما التى إشتهرت فى القطاع الأوسط بأنها فصيلة الغبار
كانت براعتها تتركز فى ميدان القتال فى إثارة الإرتباك بين فصائل الدبابات الإسرائيلية بهدف تقريب تلك الدبابات من بعضها البعض حتى يثار عامل جديد هو عامل الغبار فمن أصول الحرب الميكانيكية فى الصحراء تباعد المركبات الآلية عن بعضها البعض بما لايقل عن 150 متراً تحاشيا للغبار الكثيف الذى يسبب إنعدام الرؤية ويجعل المركبة فريسة للضربات خصوصاً من المشاة الراجلة ..
لقد كانت الفصيلة التى يرأسها ملازمنا الشاب تتخصص فى إثارة هذا الإرتباك حتى تثور سحابات من الغبار تعمى قائدى الدبابات عن فصيلة المشاة ليصيبوا منها ـ من الدبابات ـ مقتلاً بسهولة أكثر !

ينتقل الكاتب الصحفى والمراسل العسكرى على الجبهة عبدالستار الطويلة ليروى قصة مواجهة أخرى بين دبابات مصر ودبابات إسرائيل دارت يوم 22 أكتوبر 1973 وقد شهد تفاصيلها وكتب يقول :
فى يوم 22 أكتوبر قبل وقف إطلاق النار بساعات ركبت سيارة مجنزرة مع ضابط مصرى كبير ..
وكانت قنابل المدفعية تنفجر من حولنا وكل إنفجار يسبب سحابة هائلة من الغبار الرملى تسقط على سيارتنا بينما تصفر الشظايا المتطايرة فوقها ومن حين لأخر كان بعض تلك الشظايا يصطدم بسقف السيارة فيحدث دوياً مخياً مرعباً .. ثمة دبابات مصرية محطمة منذ حرب 1967 ولكن كان هناك عدد أكبر من دبابات وعربات مجنزرة ومدرعات إسرائيلية بعضها قد ذاب صلبه وإنصهر وجثث الإسرائيليين محترقة بعضها وإختلط بعضها بالصلب المصهور
وصلنا إلى تبة عالية صعدتها سيارتنا وما كدنا نصل فوقها حتى وجدنا أنفسنا وجهاً لوجه أمام ست دبابات إسرائيلية .. وعندما نقول وجهاً لوجه نعنى أن بيننا وبينها أكثر من ألف متر ولكن ألف متر فى حرب الدبابات لاتعنى شيئاً .... على الفور بدأ الضرب


إلى جانبنا أصيبت سيارة مجنزرة مصرية وإنفجرت فى لهب مخيف ... وفى هدوء مثير أمرنا الضابط الكبير بترك السيارة والزحف على بطوننا إلى أقرب خنادق مصرية ..
أنا أتدحرج على المرتفع فى حركات سريعة لا أحس بشيئ .. أتخيل أن إنحدارى على سفح المرتفع ينجينى من قذائف الدبابات الإسرائيلية ولكن القنابل تتساقط من حولنا ..
أخيراً وصلنا إلى خنادقنا قفزنا وانا لا أكاد أشعر اننى فى خندق حاولت أن أحفر بيدى تحت وجهى لأغطس أكثر قلت للضابط الكبير وأنفاسى تخترق حجب الرمال والتراب
ـ من حظنا أن الإنفجارات فى كل مكان إلا هنا سننجو قطعاً مادامت لاتصيبنا قنبلة مباشرة
ربت الضابط الكبير على كتفى مشجعاً وخجلت من نفسى
سكت صوت القذائف لحظات أشار لى الضابط بالنهوض نهضنا وكان الظلام قد حل ركضنا ونحن منحنون وقد أضاءت مركبات القتال الميدان بأضوائها الباهرة بعد أن حل المساء وجدت عربتنا المجنزرة سليمة لم تمس فى مكانها على بعد مائتى متر
فى الملجأ قال لنا قائد الكتيبة أن الإسرائليين خسروا أربع دبابات من الست التى رأيناها عند التبة العالية وخسرنا نحن سيارة مجنزرة ودبابة واحدة
وقال الضابط الكبير أننا قادرون على الإستمرار فى هذا المعدل وإن كانت هناك خسائر أكثر لنا فى بعض المواقع ولكننا هزمنا الإسرائيليين وقادرون على إلحاق هزيمة دائمة بهم
ومصمص شفتيه فى أسف وهو ينظر إلى الساعة :
ــ ولكن بعد ساعة واحدة سينفذ أمر وقف إطلا ق النار لكن وقف إطلاق النار أو لا وقف لاخوف على مصر بعد سقوط قلعة التفوق الإسرائيلى !

                                        * * * * * * * * * * *

وقد ذكرت المراجع والمصادر الأجنبية أن معركة الدبابات الكبرى التى إشترك فيها 1600 دبابة من الجانبين والتى بدأت يوم 14 أكتوبر وإستمرت حتى قرب وقف إطلاق النار قد بدأت تخف حدتها نتيجة نفاذ الذخيرة والوقود وحدوث الإنهاك التام للطرفين المتحاربين  
ويقول الجنرال الإسرائيلى برن الذى كلف بمهاجمة جسر الفردان وفشل فى غزو السويس عن معارك المدرعات فى حرب أكتوبر


(( كانت المعارك تجرى بصورة لم تحدث فى أى حرب أخرى فى العالم وفى بعض الأحيان إشتبكت 100 دبابة مع 100 دبابة وأحياناً أخرى تدور المعارك ضمن مدى إحتكاك فوهات المدافع وهذه أول حرب تتراجع فيها دبابات إسرائيل إلى الوراء وكانت الظاهرة العسكرية التى حيرت العسكريين فى معارك الدبابات هو الجندى المصرى ))

وعن معركة المزرعة الصينية على سبيل المثال يكتب أندريه دويتش البريطانى صاحب كتاب نظرة على حرب الشرق الأوسط فى وصف معارك الدبابات التى دارت خلالها
(( ولقد دارت معركة دبابات قاسية وضارية طوال الليل وكان المصريون يقاتلون فيها الإسرائليون دبابة بدبابة ووصل الأمر إلى أن أحد المهندسين الإسرائليين عند ضفة القناة قال " إن المصريين أغلقوا الطريق خلفنا" ))

ونحن مازلنا فى معرض الحديث عن الصمود تحدثنا كثيرا عن آيات الصمود البطولية الأسطورية الخارقة التى بذلها رجال المدرعات المصرية فى أرض المعركة ـ وباقى زملائهم من كافة أفرع الأسلحة الأخرى المقاتلة فى الحرب ـ لكن بالنسبة للجانب المعادى وأقصد بهم رجال العدو الإسرائيلى فلن نجد قصة واحدة يمكن ذكرها أو موقف واحد نستشهد به لأى ضابط أو جندى إسرائيلى قاتل فى بسالة أو واقعة واحدة يمكن روايتها أو الإستدلال بها على ذلك ويعترف الإسرائليون بذلك فى صراحة يحسدون عليها ...

ففى كتاب التقصير (ِأشهر كتاب إسرائيلى عن حرب أكتوبر) يذكر مؤلفوه ان جنود إسرائيل الجرحى كانوا يصرخون ويبكون وهم ينادون على أمهاتهم كالأطفال ..!! لدرجة أن أشهر أغنية شعبية فى إسرائيل بعد الحرب كان مطلعها (بإسم جنود الدبابات الذين إحترقوا) وذلك فى إشارة بليغة مؤثرة يصعب تجاهلها عن كثرة قتلى جنود ورجال المدرعات الإسرائليين الذين ماتوا حرقاً داخل دباباتهم ومدرعاتهم على جبهتى القتال بفعل مختلف الأسلحة المصرية والسورية من صواريخ ومدفعية م/د ومدفعية ثقيلة ومدافع دبابات الجيشين المصرى والسورى وحتى بقنابل الطائرات العربية المغيرة ..إلخ ..إلخ فى مشهد بارز من أشهر مشاهد القتال الذى إنحفر فى الذهن الإسرائيلى وفى العقل الجمعى عندهم وفى صفحات نفس الكتاب الرائع يكتب ضابط مدرعات إسرائيلى يدعى إيلى يقول صراحة أقرب إلى الإحتقار بأن عشرة بالمائة من تلك الشراذم التى يطلق عليها ـ جيش الدفاع الإسرائيلى ـ وخاصة أطقم الدبابات هم الذين يقاتلون من اجل ذلك الشعب اما الباقون فيكثر بينهم المرتبكون والذين يريدون النجاة بجلدهم ..!! ـ وهذه شهادة تتعاظم قيمتها فى أن من شهد بها هو ضابط مدرعات مخضرم هو وزملائه هم الذين واجههم رجال مدرعاتنا وجهاً لوجه وتبارزوا معهم بنيران الدبابات الكاسحة المميتة فى حرب أكتوبر 1973
وهذا الكتاب ـ كتاب التقصير ـ يعد شهادة حية وثيقة رسمية تعترف صراحة ربما بعدم صلاحية الإنسان الإسرائيلى للقتال عامة وحتى حمل السلاح من أساسه ..!!!
وتأتى شهادة رئيس الأركان الإسرائيلى ديفيد إليعازر خاتمة متممة بل وصادمة عندما إعترف فى مذكراته أن كثير من رجاله قاموا بتخريب وإتلاف مركباتهم عندما جاءتهم أوامر بالإنطلاق للتصدى للهجوم المصرى السورى المشترك على الجبهتين وذلك خوفا على أنفسهم من التعرض للقتل او الأسر على يد أبطال الجيشين المصرى والسورى فى ساحات المعارك وكتعقيب على كلمة إليعازر نقول أنه لاريب أن الجنود المشار إليهم بإتلاف معداتهم ومركباتهم حتى لا يخوضوا القتال جبنا وخوفا وخزيا هم من جنود الدبابات على الأرجح .. جنود الدبابات الإسرائيليين الذين جبنوا أمام مواجهة فرسان الدروع المصريين ونظرائهم رماة الصواريخ م/د الذين تشاركوا جميعهم فى عمل حفلة شواء بالنيران الحارقة طوال أيام الحرب لرجال مدرعات العدو الإسرائيلى وكذلك دباباتهم وعرباتهم فى أكبر معارك الدبابات فى التاريخ وفور إندلاع القتال ذكر المؤرخ العسكرى جمال حماد فى كتابه الشهير عن حرب أكتوبر أن عدد كبير من الدبابات الإسرائيلية لم تجد ناقلات دبابات لنقلها إلى جبهة السويس مما أدى إلى قيام الدبابات الإسرائيلية بقطع 225 كلم على جنازيرها من بئر سبع إلى قناة السويس مباشرة بما سبب الإجهاد لجنازير ومحركات الدبابات عندما قطعت على جنازيرها كل هذه المسافة الطويلة عبر الصحراء وحتى الإهمال عانى منه سلاح المدرعات ذو السمعة الأسطورية ففى إحدى الوحدات المدرعة الإسرائيلية لم يجدوا فى المخازن نظارات رؤية ميدانية ولا كشافات للإضاءة يحتاجها رجال الدبابات بشدة وقت المعركة فتم عمل المستحيل لمحاولة حل هذه المشكلة عن طريق السطو عليها من المحلات المتخصصة فى بيعها والتى كانت مغلقة وقت إندلاع القتال بطريقة اللصوص ورجال العصابات إذ إقتحموا تلك المحلات بعد كسرأبوابها بواسطة الشرطة الإسرائيلية كل ذلك التخبط ساهم فى إهدار الوقت وتأخير إنطلاق الدبابات الإسرائيلية إلى ساحة المعركة لنجدة حصون بارليف المتداعية وهى لا تفتأ الأخيرة تستنجد بالإحتياطى الإسرائيلى قبل أن تتساقط كقطع الدومينو المتداعية أمام زحف القوات المصرية المظفرة فى الساعات الأولى الحاسمة من إندلاع المعارك اما على الجبهة المصرية فلم يكن هناك أى وجود لمثل هذه المهاترات والتقصيرات فى صفوف القوات المصرية وكانت عمليات الحشد والعبور تتم بمنتهى الدقة والإنضباط العسكرى المتبع فى أرقى جيوش العالم

 


 

 

 

   الــصيـــانــــة

 

 

فى معرض الحديث عن المقارنة بين رجال الدبابات المصريين ورجال دبابات العدو الإسرائيلى خلال حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 لا يمكن أن نغفل دور صيانة المعدات لأهمية هذا الدور شديد الخطورة والأهمية فى إستعادة كفاءة المعدات والأسلحة التى تصاب أو تتعطل فوق أرض المعركة مما يؤثر فى سير القتال ويرجح كفة المعارك فى أحرج الأوقات وأصعب اللحظات حيث يكون للمعدة العسكرية المستعادة كفاءتها دور كبير فى إستمرار زخم القتال خصوصا حينما تحول ظروف المعركة فى الدفع بقطعة سلاح جديدة أخرى بديلة للإستعواض نتيجة الوقوع فى حصار محكم من قبل العدو أو التعرض لقطع فى خطوط الإمداد والتموين هنا تبرز الأهمية البالغة فى إعادة قطعة السلاح إلى الحياة مرة أخرى بعد تعرضها لتدمير جزئى أو خروج من الخدمة تحت النيران المباشرة للمعركة ...
وفى حرب أكتوبر بذل الطرفان المتحاربان جهود لا يمكن نكرانها فى مجال صيانة المعدات وقت المعركة إذ قامت ورش الإصلاح وصيانة الدبابات ببذل محاولات مستميتة للقيام بعمليات الصيانة والإصلاح تحت النار مباشرة ورغم أن القوات الإسرائيلية إعتمدت على وجود ورش الصيانة والإصلاح عالية الكفاءة ملازمة لتقدم الوحدات المدرعة المعادية إلا أن إعتمادها الأساسى فى إستبدال المعدات المعطوبة معتمد بالدرجة الأولى على ما قدمه الجسر الجوى المريكى من معدات وأسلحة بديلة جديدة (بعض دبابات العدو المأسورة وجد ان عدادا الكيلومترات بها يشير إلى قطع الدبابات مسافة أقل من 200 كيلومتر فقط وهى المسافة من مطار العريش إلى جبهة القتال مباشرة) وفى مجال صيانة المدرعات فنياً فقد كان للمصريين اليد العليا فى هذا المجال وجاء دور رجال الدبابات الإسرائيليين فى مراتب تالية متأخرة وللتدليل على ذلك سنعود لفحص وتحليل لأقوال الأسرى الإسرائيليين أنفسهم :

 


على سبيل المثال كان رد بعض السائقين الأسرى الإسرائيليين عن أسباب إصابة الدبابة كالأتى : ـ
قال الجندى زئيف نفتالى بيرل وهو سائق دبابة سنتوريون
(( إصطدمت دبابتى بدبابة أخرى من الخلف وحاولت التحرك على ميل تبة فخرج الجنزير من العجل ولم تستطيع الحركة فتركنا الدبابة ومشينا على الأقدام حتى القنطرة وقضينا ليلة ثم دخلت القوات المصرية وأسرتنا ))
وقال الجندى يهودا تسفى باشان :
(( أصيبت الدبابة فى الجنزير بطلقة م/ د فتركنا الدبابة وجرينا لمسافة 300 ـ 400 متر ثم أحاط بنا بعض الجنود المصريين وأسرنا))
وقال الجندى ينون عمير يوخريس
(( لا أعلم .. لقد توقفت الدبابة ولم تستجيب لمحاولة إدارتها فتركناها ))
وقال العريف / دافيد يسحق ترجمان وهو سائق دبابة باتون :
(( لقد أبلغنى قائد الدبابة أن هناك دخاناً فى ناحية المحرك فخرجت وخرج الطاقم ومشيت مسافة للبحث عن ماء فصادفنى جنود مصريون وأسرونى))


إن إمكانيات سائق الدبابة الإسرائيلى وقدراته الفنية لا تتعدى عملية سواقة الدبابة وهو عاجز تماما أمام اى عطل بل هو عاجز حتى عن إكتشاف سبب العطل .. فما هو الحال إذن بالنسبة للسائق المصرى . إن سائق الدبابة المصرى سائق ميكانيكى وهذه التسمية ناتجة عن تلقيه دروساً فى عملية إكتشاف وصيانة الأعطال البسيطة فى دبابته بينما ترك الإسرائليين الكثير بل الكثير جداً من دباباتهم لهذا السبب .
والسائق الميكانيكى المصرى يتلقى ساعات خبرة عملية طويلة فى السواقة قبل حصوله على شهادة سائق من الدرجة الثالثة تزداد هذه الساعات بالخبرة العملية وبالحوافز للوصول على الدرجات العلا
وما يمكن أن يقال فى تقييم السائق هو مايمكن أن يقال عن الرامى والقائد بل يمكن أن نضيف إلى ذلك أن طاقم الدبابة المصرى قادر على تبادل العمل فى المهن المختلفة فيستطيع القائد أو الرامى قيادة الدبابة ويستطيع المعمر والسائق العمل على مدفع الدبابة بكفاءة مقبولة ولا مجال لمقارنة تمسك الطاقم المصرى بدبابته بالطاقم الإٌسرائيلى فالأخير بدا فى الحرب الأخيرة (حرب 73) وكأنه يتمنى أن تتعطل الدبابة لأى سبب ليسارع إلى الفرار منها بينما بذلت الأطقم المصرية جهوداً كلفتها الحياة أحياناً لإنقاذ الدبابة بعد إصابتها بصرف النظر عن جسامة الإصابة ولا يفوتنا هنا ان نذكر انه حتى قبل حرب 1967 عندما كانت المستويات الثقافية منخفضة فإن الجندى الأمى كان يظهر كفاءة وخبرة وقدرة إحتمال تفوق هذه الأمثلة الضعيفة التى ظهر بها الإسرائيليون فى الحرب الأخيرة وليس أدل على صدق تقديرنا لضعف مستوى الجندى الإسرائيليى من قول الجنرال مردخاى رئيس الأركان الإسرائيلى لمراسل إذاعة الجيش الإسرائيلى عند الحديث عن مستوى تدريب الجيش الإسرائيلى : " ولكنى أستطيع أن أشير إلى أن الأشخاص الذين تدربوا تدريباً مختصراً عقب حرب الغفران مباشرة يأتون للتدريب من جديد لكى يكملوا الدائرة والوصول بهم إلى المستوى المطلوب " .. وليس أدل على ذلك أيضاً من إعتراف الجنرال الإسرائيلى ديفيد إليعازر فى مذكراته ـ السابق التعرض لها فى بند الصمود ـ عن تعمد رجال بعض الوحدات الإسرائيلية إتلاف معداتهم ومركباتهم للهروب من المعركة ومواجهة أبطال القوات المصرية فى ميدان الشرف والبطولة فى سيناء ،،،

                                             


 

 

الــخـســـائـــــر

 

 

 

 

تتميز معارك حرب أكتوبر بكونها دارت على مساحات ضيقة من الأراضى الصحراوية الجبلية فى سيناء والجولان ففى سيناء دارت اكبر معارك الدروع بعد الحرب العالمية الثانية فى جبهة ضيقة لايزيد طولها عن 180 كلم فقط وعرضها فى المنطقة المحصورة بين مياه قناة السويس وقرب مرتفعات جبال الممرات بعرض أقل من 20 كيلومترا فقط وعلى جبهة الجولان دارت معارك رهيبة بالدروع فى مساحة لايزيد عرضها عن 79 كلم تقريبا وفى هضاب ومرتفعات جبلية وعرة .. كان طبيعيا جدا بعد أن تلتقى عشرات الألوية المدرعة للطرفين العربى والإسرائيلى فوق هذه المساحات التى تفتقر إلى الإتساع والعمق الكبيبرين أن تكون الخسائر فى الدبابات والمدرعات رهيبا ولاسيما بعد إستعمال الصواريخ المضادة للدبابات بكل انواعها على كل الجبهات  

 

 

الـخسائــر فــى الجــانــب المــصــرى : ـــ

 

 

 

ليس أثقل على النفس من التحدث عن الخسائر والدماء الزكية المصرية الطاهرة التى سالت على رمال سيناء دفاعا عن الأرض وعن شرف الوطن لإستعادة الأرض المفقودة فى عام 1967 كانت الخسائر المتوقعة أثناء عملية عبور قناة السويس مهولة تقدر بعشرين إلى ثلاثين ألف جندى مابين قتيل وجريح وذلك فى الساعات الأولى من بدء القتال وأثناء محاولات عبور قناة السويس لكن هذا الرقم الوارد لم يكن أبدا خسائر اليوم الأول حيث كلفنا إقتحام القناة 280 شهيد وتدمير وتعطل 26 دبابة ومدرعة مصرية وسقوط 11 طائرة فقط .. وبالحديث عن الدبابات وهى محور الدراسة المعنية فقد سلف القول أن خسائر سلاح المدرعات المصرية من الدبابات خلال الأسبوع الأول من القتال بلغ 200 دبابة فقط من يوم 6 إلى يوم 13 أكتوبر أى أقل من خسائر العدو بمعدل النصف
لكن فى يوم تطوير الهجوم بلغت الخسائر المصرية 250 دبابة دفعة واحدة أى أن بداية الأسبوع الثانى من القتال إرتفعت الخسائر المصرية إلى حد مروع لتصل إلى قرب معدل مافقده العدو العدو نفسه 450 دبابة مصرية مقابل من 450 إلى 500 دبابة إسرائيلية   فى الفترة من 6 إلى 14 أكتوبر ! فى لحظة فارقة تساوى المنتصر مع المهزوم فى معدل الخسائر نتيجة قرار التطوير الخاطئ الذى إتخذته القيادة السياسية بمعزل عن ظروف المعركة العسكرية وتطوراتها ولم تبالى بإعتراضات القادة آنذاك كما ينبغى الإشارة إلى ان كتائب القوات المدرعة المصرية التى عبرت شرق القناة وتوغلت فى سيناء خلال الأسبوع الأول من المعركة وإشتركت فى معارك تدمير خط بارليف بلغت اعدادها 1000 دبابة بخلاف العربات المدرعة معنى ذلك أن أعداد الدبابات والمدرعات المصرية إنخفضت بدرجة مخيفة مفاجئة إبتداءا من ذلك اليوم المشئوم
فى الأسبوع الثانى من المعركة من بعد يوم 14 أكتوبر عانى سلاح الدبابات المصرية من نزيف حاد بدوره نتيجة إندلاع معارك الدبابات الكبرى والتصدى لقوات العدو فى الثغرة فى معارك طاحنة شرق وغرب قناة السويس وحول الدفرسوار بحيث تقلصت أعداد الدبابات المصرية فى الألوية والفرق المدرعة المصرية إلى مرحلة يمكن تسميتها (بفقر دم مدرع ) شديد نتيجة الخسائر المستمرة نظرا لأن إسرائيل حصلت على أطنان وأطنان من المعدات العسكرية الحديثة شملت إستعواض خسائرها بالكامل منذ بدء الحرب بينما لم تتلقى مصر تعويضا يذكر من الإتحاد السوفيتى طوال ايام إندلاع القتال بالتالى راح معدل النزيف فى دبابات مصر ومدرعاتها يرتفع بدون تعويض ..

على سبيل المثال خسرت مصر اللواء 25 مدرع يوم 17 أكتوبر فى محاولة القضاء على الثغرة من الشرق وخسرت اللواء 23 المدرع التابع للفرقة 3 مشاة ميكانيكية يوم 18 أكتوبر فى الغرب وقبل ذلك خسرت قسما كبيرا من دبابات اللواء 116 مشاة ميكانيكى يوم 16 أكتوبر 1973
ثلاثة الوية خسرتها مصر فى ثلاثة أيام كاملة على التوالى نتيجة الأساليب الخاطئة فى معالجة كارثة تفرة الدفرسوار ليس المجال يتسع هنا لذ كرها وتعتبر ما فقدته قوات الدروع المصرية يضاف إلى خسائر يوم 14 أكتوبر بما يعادل 500 دبابة مصرية فى الفترة من يوم 14 إلى 18 أكتوبر73 فقط ...!!!
وإذا َأضيف لذلك الرقم خسائر سلاح المدرعات المصرى فى الأسبوع الأول من الحرب 200 دبابة فيكون بذلك الإجمالى 200 + 500 = 700 دبابة مصرية (حوالى ثلث ماتملكه مصر من دبابات)

وقد علق الكاتب والمحلل العسكرى المصرى اللامع محمد فيصل عبد المنعم على كبر الخسائر لدى الطرفين المتحاربين فقال : ويمكننا أن نخلص من دراسة أرقام الخسائر لدى الجانبين بالنسبة للدبابات فحسب وعلى سبيل المثال إلى أن خسائر القوات المصرية والإسرائيلية معاً بلغت فى معركة واحدة من معارك الدبابات الكبرى التى دارت رحاها يومى 15 و 16 أكتوبر نحو 300 دبابة قتال من مختلف الطرازات والجنسيات ويصاب العسكريون بالدهشة من ضخامة تلك الارقام التى تعنى أن هذا العدد من الدبابات التى إحترقت ولم تعد صالحة للقتال يعادل إنتاج دول صناعية كبرى متخصصة فى صناعة الدبابات ونعنى بها فرنسا خلال عام بأكمله
وكما عقد الجانب المصرى مؤتمرا صحفياً يوم 22 أكتوبر لشرح أبعاد الموقف العسكرى حتى هذا اليوم عقد الجانب الإسرائيلى مؤتمرا صحفيا مماثلاً زعم الإسرائيليون فيه ان مصر فقدت فى حرب أكتوبر 1000 دبابة و 500 مدرعة وناقلة جنود

وقبل هذا اليوم مباشرة أى يوم 21 اكتوبرصرحت مصادرإسرائيلية أخرى أن الجيش المصرى بلغت خسائره فى الدبابات 850 دبابة منها 60 دبابة خلال يوم 21 أكتوبر وحده ! فكيف إرتفع الرقم إلى 1000 دبابة فى 24 ساعة فقط مع العلم أنه لم تجرى معارك دبابات كبيرة بالمعنى المفهوم خلال يوم 22 أكتوبر لكى تبرر خسارة مصر لــ 150 دبابة إضافية بحسب الإدعاءات الإسرائيلية لكن الإسرائيليون يعمدون إلى الكذب دائما وما ذكر هو مثال على ذلك وتتضارب أقوالهم وأرقامهم كثيراً كما سلف القول فعند ذكر خسائرهم يقللونها إلى حد تافه جداً وعند ذكر خسائر أعدائهم من العرب ينحون نحو المبالغة الشديدة ففى الحالتين لاينبغى الإعتداد بما يذكرونه أو يصدرونه من بيانات او اعداد أبداً ،،
وقد خرج تقرير إستراتيجى امريكى فى نهاية الحرب عام 1973 يحدد خسائر الدروع المصرية بـ 650 دبابة . وتحدث الرئيس السادات يوم 4 مارس 1975 فى حديث امام القادة العسكريين كان يذكر الخسائر المختلفة فى أسلحة الجيش المصرى وقد ذكر الخسائر فى سلاح المدرعات وعدها بـ 700 دبابة مع أنه فى حديث سابق له ذكر أنه خسر 500 دبابة خلال الحرب
وبإستعراض التحاليل والأراء والتقديرات السابقة نجد أن رقم 700 دبابة بين التقديرات المصرية والأمريكية والإسرائيلية هو أقرب للدقة . هذا ما تكبدته مصر من خسائر فى سلاح المدرعات المصرى خلال حرب السادس من أكتوبر عام 1973
بعد وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر كانت خسائر مصر فى الدبابات قليلة نسبيا او أقل ماتكون وذلك لعدم وجود قوات مدرعة مصرية كبيرة لتخوض معارك جديدة ضد العدو الإسرائيلى وجمود الموقف العسكرى فى قطاع الجيش الثانى الميدانى شرقاً وغرباً حتى فى معارك الجيش الثالث والسويس فقد خلت من وجود العنصر المدرع المصرى بإستثناء مواجهة محدودة بين سرية مدرعة مصرية صغيرة عددها 7 دبابات من طراز تى /34 وقوات العدو الإسرائيلى المتقدم نحو ميناء الأدبية يوم 24 أكتوبر بغرض إحتلاله حيث تدمرت الدبابات المصرية وهى تؤدى واجبها بغارة جوية للعدو فوق الميناء بخلاف ذلك كان للمقذوفات المضادة للدبابات وحدها اليد العليا فى سحق دروع القوات الإسرائيلية الغازية لمدينة السويس يوم 24 أكتوبر وذلك حتى توقف إطلاق النارالثانى يوم 28 أكتوبر بشكل نهائى وبدء إعادة تكوين فرق مشاة ومدرعات جديدة لسحق الجيب الإسرائيلى وإستعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عملية الثغرة فيما عرف بالخطة شامل للقضاء على الثغرة .....
إذن فى الأسبوع الأخير من الحرب إنخفضت خسائر الجيشين المصرى والإسرائيلى فى أسلحة دباباتهما إلى أقل مايكون وفى الجانب المصرى هذه النقطة أكثر وضوحاً
فى المحصلة الإجمالية تكبد الطرفان المصرى والإسرائيلى خسائر مادية وبشرية ضخمة فى المعارك الضارية الوحشية التى جرت طول ايام الحرب فقد تدمر للطرفين معا أكثر من 1500 دبابة ومدرعة بخلاف خسائر الجانب السورى التى تحاشينا ذكرها وبهذا تقاس هذه الخسائر الضخمة بمستوى خسائر معارك الحرب العالمية الثانية فقد أتت حرب اكتوبر 1973 على مخزونات ومنتجات مصانع الدبابات فى دول الشرق والغرب وخرج منها الجميع بدروس حربية إستراتيجية مستفادة بالغة القيمة والأثر
وبالنسبة للخسائر فى القيادات الكبرى لكلا الطرفين إذا كان العدو أسر من رجاله فى الحرب الجنرال الإسرائيلى العقيد عساف ياجورى قائد الكتيبة المدرعة 190 ظهر يوم 8 أكتوبر 1973 امام دفاعات كوبرى الفردان وقتل الجنرال الأخر البرت ماندلر قائد سلاح المدرعات الإسرائيلى يوم 13 أكتوبر فقط لاغير ولم يخسر العدو احدا اخر من رجاله ذو حيثية من بعد المذكورين


لكن مصر كانت الخسائر الإنسانية فى صفوفها موجعة مؤلمة للغاية فقد إستشهد من أبطالها خمسة من كبراء قادة الألوية المدرعة الميكانيكة المصرية فى فترة وجيزة فى ذروة القتال وهم وسط رجالهم فى الخطوط الأمامية من الجبهة ..
على سبيل المثال إستشهد العقيد أ.ح / نور الدين عبد العزيز قائد لواء 3 مدرع من الفرقة الرابعة المدرعة

 

والعقيد أ.ح / محمد توفيق أبوشادى قائد اللواء الأول المدرع من الفرقة 21 المدرعة
وقد إستشهد البطلين فى يوم واحد يوم 14 أكتوبر 73 الأسود أثناء محاولة تطوير الهجوم بإتجاه ممرات سيناء الإستراتيجية فضلا عن باقى الخسائر الثقيلة الأخرى فى المعدات كما هو معروف
ويوم 16 اكتوبر1973 إستشهد قائد اللواء 116 مشاة ميكانيكى العقيد أ.ح / حسين رضوان غرب القناة فى معركة الهجوم على العدو الإسرائيلى ومحاولة حصره فى داخل الثغرة
ولا ننسى العميد الشهيد البطل أحمد عبود الزمر ـ سيد شهداء سلاح المدرعات المصرية ـ قائد الفرقة 23 مشاة ميكانيكية الذى خر شهيدا تحت جنازير دبابات العدو الإسرائيلى وهو ينظم الدفاع مع فرقته المدرعة فى غرب القناة لإيقاف توغل العدو فى الثغرة ورفض أن يتخلى عن موقعه  
وكذلك تجدر الإشارة إلى إصابة اللواء أركان حرب / حسن عبد الحميد قائد اللواء 23 مدرع صباح يوم 18 أكتوبر فى معارك الثغرة بغرب القناة
فاتورة الخسائر المصرىة فى مرحلة الثغرة كانت ثقيلة جداً وموجعة فى صفوف قادة سلاح المدرعات المصرى وكذلك المعدات ... لكن أمام عظمة النصر فى النهاية يهون كل شيئ فى سبيل تحقيقه وأبناء مصر المخلصون الأطهار لم يبخلوا بأرواحهم ولا دمائهم الزكية فداءا للوطن

 

 

الخســائــر فـــى صــفـــوف العـــدو :

 

ــ فى البيان المصرى الصادر عشية وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر 1973 ذكر اللواء عزت مختار المتحدث العسكرى المصرى آنذاك أن العدو الإسرائيلى فقد 600 دبابة و 400 عربة مدرعة على الجبهة المصرية منذ يوم 6 إلى 22 أكتوبر 1973
ــ ذكرت مجلة واشنطون ستار نيوز بقلم الخبير العسكرى جورج شيرمان " على الرغم من عدم دقة البيانات الإسرائيلية عن عدد الدبابات التى خسرتها إسرائيل خلال الأسبوع الأول من الحرب (من 6 إلى 13 أكتوبر) والتى لايمكن الوثوق بها إلا ان تقديرات البنتاجون تشير إلى أن خسائر إسرائيل فى تلك المدة تتراوح ما بين 500 ـ 650 دبابة أى حوالى ثلث قوتها المدرعة "
ولم يحدد الخبير العسكرى الأمريكى تفاصيل الرقم المذكور بــ650 دبابة إن كان على الجبهتين المصرية السورية أم على الجبهة المصرية وحدها ؟؟
ــ يكتب الكولونيل الأمريكى ستوربوخ رئيس وحدة الخبراء الأمريكيين من وزارة الدفاع المكلفين بالإشراف على عمليات نقل عتاد الجسر الجوى إلى إسرائيل إبان الحرب
" إن طاقة التفريغ فى مطار اللد كانت تبلغ 1000 طن يومياً بعد أن كادت إسرائيل تخرج من الحرب نتيجة خسائرها الفادحة التى قدرت بنحو 650 دبابة فى الأيام الثلاثة الأولى و 100 طائرة من مجموع 500 طائرة خلال نفس المدة "
ــ فى جلسة عاصفة دارت فى مجلس الوزراء الإسرائيلى دخل الجنرال ديفيد إليعازر إلى المجلس يحمل فى يده تقريراً عسكرياً متشائماً جاء فيه أن القوة المدرعة الرئيسية الإسرائيلية فى سيناء قد تلقت ضربة مخيفةً فبعد أن كان بها قبل بدء القتال 350 دبابة لم يبقى منها سليماً فى سيناء من خط المياه إلى العريش سوى90 دبابة فقط على حد تعبير رئيس الأركان الإسرائيلى

ــ تقرير أمريكى صدر بعد نهاية الحرب بعام أو أكثر كتبه لجنة كاملة من اكبر الخبراء العسكريين الأمريكين لمحاولة عمل حصر شامل بخسائر العدو الصهيونى أثناء حرب أكتوبر 1973 فى الأفراد والمعدات بالجيش الإسرائيلى وقد ترأس اللجنة المذكورة الجنرال الأمريكى رئيس مخابرات وزارة الدفاع الأمريكية الجنرال / دانييل جراهام وقد ذكر التقرير ضمن ما ذكره من خسائر الجيش الإسرائيلى فى سلاح مدرعاته بما يعادل ثلث قواته المدرعة من دبابات ومجنزرات وقد بلغ عدد الدبابات والمدرعات المدمرة بــ 1250 دبابة على الجبهتين المصرية والسورية ـ حسب التقرير ـ فى الفترة من يوم 6 إلى 22 أكتوبر 1973 تم إضافة حوالى 135 دبابة أخرى إلى الرقم السابق فى فترة كسر وقف إطلاق النار إبتداءاً من يوم 23 أكتوبر 1973 حتى 16 يناير 1974) فى مرحلة الحرب الأخيرة غير المعلنة بين الطرفين المصرى والإسرائيلى حتى توفيع إتفاقية فض الإشباك بين الطرفين ليرتفع الرقم الثابت فى التقرير إلى 1385 دبابة ومدرعة إسرائيلية ....


 

إتفقنا على أن العدو ظل يخسر الدبابات بمعدل مئوى على مدار الأيام الأربعة الأولى فوق رمال سيناء من يوم 6 إلى يوم 9 أكتوبر 1973 بفضل الوسائط المصرية العديدة المتنوعة ( صواريخ م/د ـ غارات جوية ـ قصف مدفعى ـ ألغام أرضية ..إلخ ) ما بعد يوم 9 أكتوبر وخلال مرحلة الوقفة التعبوية من يوم 10 إلى 13 أكتوبر فقد إنخفضت خسائره إلى مستوى مدهش بعد أن غير من تكتيكاته كما سلف القول لكن لا يوجد إحصاء دقيق عن معدل خسائر إسرائيل فى الدبابات وإن كان الفريق الشاذلى ذكر فى مذكراته أن خسائر العدو لم تزيد عن خمسين دبابة فقط طوال الأربعة الأيام التى شكلت الوقفة التعبوية !
إذن .. يمكن الحديث بإطمئنان أن خسائر العدو الإسرائيلى فى صفوف سلاحه المدرع طوال الأسبوع الأول من القتال وصلت إلى 450 دبابة إسرائلية وقد يشمل هذا الرقم العربات المدرعة أيضا وربما لا لأنه رقم تقديرى بالتقريب ... وتجدر الإشارة إلى ان دولة مثل فرنسا تنتج سنويا 300 دبابة معنى ذلك أن خسائر إسرائيل تخطت معدلات خطوط إنتاج دبابات دول كبرى وليس أدل على ذلك من قيام الولايات المتحدة خلال ذروة القتال بنزع أسلحة فرقتين مدرعتين من الإحتياطى الخاص بحلف الأطلنطى وإرسالها إلى إسرائيل بصفة عاجلة فى محاولة منها لسد النقص الحاد ورتق الصدع فى سلاح دبابات العدو الإسرائيلى الذى نزف كثيرا جدا على رمال سيناء ومرتفعات الجولان خلال الأيام الأولى للحرب
كان هذا العرض يشمل خسائر إسرائيل خلال الأسبوع الأول من القتال من 6 إلى 13 أكتوبر 1973 أما فى مرحلة قتال الأسبوع الثانى من الحرب فى الفترة من 14 إلى 22 أكتوبر 1973 ظهر بجلاء أثر الدعم العسكرى السافر الذى تلقاه العدو عبر الجسر الجوى والبحرى الأمريكى الشهير بما مكن العدو من تعويض الخسائر الجسيمة التى لحقت به وإستعادة توازنه العسكرى إلى حد كبير فإستطاع إمتلاك زمام المبادرة على الجبهة المصرية لأول مرة منذ إندلاع الحرب فقد كان ذلك الأسبوع حافلاً بالأحداث الدامية وإفتتح فصلا دمويا مروعا من القتال الرهيب حيث يعد من أشرس وأخطر مراحل حرب اكتوبر كلها ( شمل معارك تطوير الهجوم ـ حدوث الثغرة وتوسعها ـ معركة الدبابات الكبرى ـ صد هجمات العدو عند الإسماعيلية ـ صدور وقف طلاق النار فى يوم 22 أكتوبر 1973)
فى مرحلة تطوير الهجوم يوم 14 أكتوبر فى بدء الأسبوع الثانى من القتال فى سيناء من خلال الظروف المعاكسة التى واجهت القوات المصرية فى ذلك اليوم ومن خلال وقائع المعارك الميدانية التى دارت حول الممرات لم يتكبد العدو كثير من الخسائر فى ذلك اليوم حيث تم تدمير حوالى 43 دبابة للعدو ـ بخلاف العربات المدرعة ـ على حين ذكر البيان العسكرى المصرى الصادر فى شأن معارك هذا اليوم أن العدو تكبيد خسائر فى دباباته بلغت 150 دبابة بيد أن ذلك البيان حاد عن الدقة ... ثم نأتى على ذكر أكبر معارك الدبابات فى التاريخ وأقساها ونعنى بها معارك فتح الثغرة على الجبهة المصرية بغرض تحقيق إختراق فى الجبهة المصرية عبر عبور قوات العدو إلى غرب القناة فقد تكبد العدو خسائر مهولة فى الأرواح والمعدات وخصوصاً فى سلاح المدرعات الإسرائيلى سواء فى نطاق الفرقة 16 مشاة أو فى معارك الزحف نحو الإسماعلية إبتداء من يوم 15 إلى 22 أكتوبر 1973 يوم صدور وقف إطلاق النار ثم مرحلة كسر وقف إطلاق النار يوم 23 أكتوبر وإستمرار المعارك لإحتلال السويس حتى يوم 28 أكتوبر حيث توقف القتال بشكل نهائى ... صحيح أنه لا توجد أرقام إحصائية دقيقة بأعداد الدبابات والمدرعات مع ذلك فقد أخذت خسائر العدو فى الإرتفاع مرة أخرى إلى مايقارب المعدل شبه المئوى فى بعض الأيام نتيجة إحتدام المعارك الضارية خلال فى أيام 17 و 18 و 19 و 20 حتى يوم 22 أكتوبر 1973 .. لكن يمكن العودة إلى التحقيقات الإسرائيلية بعد الحرب كلها أقرت أن الجنرال برن دخل الثغرة بفرقة مدرعة بلغت 180 دبابة وعندما وصل إلى قرب السويس يوم 23 أكتوبر تقلص عددها إلى 50 دبابة فقط .. إذن فقد تم إبادة أغلب فرقة إبراهام آدان الشهير ببرن (تدمير 130 دبابة) والجنرال إريل شارون دخل معارك الثغرة هو الأخر بلواء مدرع ولو اء مظلى وقد خسر اللواء المدرع الأول وإستدعى اللواء الثانى المظلى المساند لإنقاذ موقفه المتداعى المزرى بعد أن خسر لواءه المدرع الأول من 80 إلى 90 دبابة أخرى تقريبا ! إذن برن وشارون فقدا معا اكثر من 200 دبابة وحدهما فى داخل الثغرة بخلاف القادة الإسرائليين الأخرين جنرال ساسون وميروا الذين أوكل إليهما حراسة مداخل الثغرة من الشرق بالإضافة إلى خسائر كالمان ماجن القائد الإسرائيلى الثالث فى معار فتح الثغرة إذ لن تقل خسائر القادة الإسرائليين الأخرين عن 200 دبابة أخرى حتى صدور وقف إطلاق النار فى 22 أكتوبر وختام الأسبوع الثانى من القتال حيث تكبدت فيه إسرائيل ما يقارب من 400 إلى 500 دبابة اخرى خلال ثمانية ايام ومن غير الممكن أبدا أن تقل خسائر العدو عن الرقم المذكور 400 دبابة ... يعنى 900 دبابة فأكثر تدمروا للعدوخلال أسبوعين من القتال الضارى المرير العنيف ...
اما فى الأسبوع الثالث والأخير من القتال من 23 إلى 28 أكتوبر والذى تركزت فيه المعارك بصفة أساسية فى نطاق الجيش الثالث الميدانى ومحاولة الإستيلاء على مدينة السويس فقد تتميز بإنخفاض معدل نزيف الدبابات فى صفوف سلاح العدو المدرع إلى اقل ما يكون
ــ إن معارك السويس وحدها إلتهمت ما يعادل كتيبة دبابات أخرى كاملة مع الملاحظة أنه فى الأسبوع الأخير من القتال تضاءلت خسائر العدو فى المدرعات كثيرا جدا كما سلف القول بحيث لم يتكبد أعدادا كبيرة من الدبابات والعربات المدرعة إبتداءاً من يوم 23 أكتوبر حيث دمرت القوات المصرية حوالى 11 دبابة ومدرعة فى ذلك اليوم عبر الستار النارى الذى أقامته لمحاولة منع تقدم العدو عبر الطريق الزراعى بغرب القناة فى طريقه للوصول إلى السويس وربما خسر أعدادا أخرى بوسائل نيرانية مصرية أخرى فى نفس اليوم المذكور لكنها غير معروفة
أما يوم 23 أكتوبر إلى 28 منه فقدت إسرائيل 43 دبابة أثناء محاولة قواتها غزو مدينة السويس الباسلة معنى ذلك أن خسائر العدو فى الأسبوع الثالث والأخير يمكن وصفها بالتافهة !! نتيجة تحول مجرى المعركة بشكل مؤقت وإندفاع القوات الإسرائيلية لتوسيع نطاق الخرق فى مناطق ما خلف الجيش الثالث وهى مناطق صحراوية خالية من القطعات المدرعة المصرية الكبيرة أو قوات برية مؤثرة الحجم والتى كان من المفروض ان تتصدى للعدو وتخوض معه معارك فاصلة ترفع أرقام معدلات خسائره فى الدبابات لأرقام أعلى بكثير مما تم ذكره


بعد الإحاطة بكافة التفاصيل وبالتحليل العميق لأحداث القتال عبر ثلاثة اسابيع من القتال يتضح أن إسرائيل خسرت على الجبهة المصرية وحدها ـ دون ذكر أرقام خسائرها فى جبهة الجولان ـ مابين تسعمائة إلى ألف دبابة إسرائيلية تقريباً ـ إن لم يكن أكثر ـ أ
ى أن العدو الإسرائيلى فقد نصف قواته المدرعة التى بدأ بها القتال على الجبهة المصرية وإذا قدرنا أن كل دبابة إسرائيلية قتل من طاقمها رجلان على الأقل سنجد انفسنا امام متوسط ألفين إلى ثلاثة آلاف قتيل إسرائيلى من سلاح المدرعات فقط على الجبهة المصرية غير باقى الأسلحة الأخرى .. وضعف العدد من الجرحى بخلاف مافقده العدو من رجال ودبابات على الجبهة السورية مع ان العدو لا يعترف إلا بخسارته لــ 840 دبابة فقط على الجبهيتين المصرية والسورية معاً لكن بالتحليل الدقيق ومحاولات الحصر يتبين لنا أن خسائر العدو هى ضعف هذا الرقم المذكور بمرة على الأقل !! مع انه تم تقدير خسائر الأطراف الثلاثة المتقاتلة خلال أول 17 يوم من من القتال بــ 2500 دبابة لكل الأطراف مع ذلك الدراسة العميقة لتفاصيل المعارك تضيف منحى جديدا


فى مذكرات الجنرال إبراهام آدان عن حرب أكتوبر المنشورة عام 1979 تحت عنوان على ضفتى القناة يتطرق الجنرال المذكور إلى دور فرقته فى معارك حرب رمضان وأشار من طرف خفى إلى كبر خسائر سلاح الدبابات الإسرائيلى وتحاشى ذكر أرقام صريحة تدل على حجم الخسائر الحقيقى فقد راح يتحدث عن دوره فى ترميم سلاح المدرعات بعد الحرب إذ قال ( تأذى كثيراً وفقد الالاف من الرجال من بينهم مئات القادة واحسست أن الواجب يقتضى منى البقاء لإعادة بناء السلاح) وفى ذلك دلالة عظيمة على حجم خسائر الجيش الإسرائيلى فى حرب أكتوبر فقد قتل آلاف الرجال بينهم مئات القادة بحسب الوصف السابق للجنرال آدان وطبعا ينبغى أن نشير إلى أسر العقيد عساف ياجورى يوم 8 أكتوبر ومقتل الجنرال ماندلر يوم 13 أكتوبر
وبناءاً على ماسبق يمكن إلتماس العذر لإسرائيل فى تكتمها الشديد على الإعتراف بخسائرها الكاملة فى حرب أكتوبر 1973 سواء فى مدرعاتها أو غيرها وإذا كان بإستعراضنا المبسط عبر التحليل والإستنباط من كافة المصادر المتاحة تأكد لنا ان العدو خسر ألف دبابة ( ومن المؤكد أن الحقيقة اكبر من ذلك ) على الجبهة المصرية ومن ألفين إلى ثلاثة آلاف قتيل وعلى الجبهة السورية العدد غير معروف فى الأفراد والمعدات لكنه شديد الوطأة على إسرائيل بالتأكيد بما يدفعها إلى عدم القدرة على الإعتراف بالأعداد الحقيقية لخسائرها فى حرب اكتوبر لأنها قطعا أرقام مهولة فادحة مخيفة ستؤثر تأثيراً فادحاً على معنويات الشعب والجيش والدولة هناك وتضعف من ثقة الشعب الإسرائيلى بجيشه الذى يعتبره درعه الوحيد الحصين الذى يبقيه قائماً فى وسط محيط عربى معادى رغم مرور 45 عاماً على إنتهاء حرب السادس من أكتوبر ...

تــلـخيــــص : ـــ

تم عمل إستعراض شامل لمحصلة معارك حرب السادس من أكتوبر فى جانبها المدرع وأداء رجال الدروع المصريين المبهر خلال الحرب ومقارنته مع نظرائهم الإسرائيليون فى مختلف الجوانب سواء فى التسليح وأعداد الدبابات للطرفين وكذلك حصر شامل للخسائر فى صفوف كلا منهما مع إبراز أهمية عنصر الصيانة ودوره المؤثر خلال سير المعارك كما تم شرح تكتيكات كلا من الطرفين مع عدم إغفال عنصر الصمود وأهمية التدريب الجيد للوحدات المدرعة ودورهما فى تحقيق الثبات فى المعركة والنصر للقوات المدرعة المصرية فى معارك كثيرة وكلمة أخيرة ينبغى أن تقال وهى ان حرب اكتوبر 1973 هى الحرب الوحيدة التى تألق فيها مقاتل الدروع المصرى وإستطاع تحقيق النصر الكامل على غرور وغطرسة العدو الإسرائيلى وبعد ان كان سلاح المدرعات المعادى يرفع شعار الفخر كل الفخر للمدرعات أصبح شعاره (الخزى كل الخزى للمدرعات) بفضل دور رجال الدبابات المصريين وشركائهم رجال الصواريخ المضادة للدبابات بعد أن أتيحت الفرصة لمقاتل الدروع المصرى لكى يلقن العدو درساً قاسيا ويشتبك معه فى معارك طاحنة بالنار والدم منزلاً به أفدح هزيمة بعد أن أنشب أنيابه فيه وجعله يتذوق طعم نيران دباباته ويبارزه وجها لوجه بحمم وسيوف من نار صبها على دباباته ومدرعاته صباً وجهاً لوجه ودبابة أمام دبابة تحت سماء محمية جيداً بدفاع جوى مصرى فعال وطيران مستبسل قدما الحماية لرجال الدروع المصريين من غدر التدخل الجوى الإسرائيلى معظم ايام المواجهات الضارية بين الطرفين وخرج مقاتل الدبابات المصرى من حرب اكتوبر مسلحاً بخبرات وتجارب ودروس تشكل مدرسة اكاديمية كاملة فى فن حرب الدبابات نهل العالم كله شرقه وغربه من خبراتها ...
إنهم رجــال الــدروع المصرييــــن ... رجـــال قهـــروا الــحديــد  


 

المــصـــادر والمـــراجـــــع : ـــــ

1ــ نظرة على حرب الشرق الأوسط ـ أندريه دويتش 1974

2ــ التقصير ـ أشعياء بن فورات وأخرون 1974

3ــ حرب الساعات الست وإحتمالات الحرب الخامسة ـ عبد الستار الطويلة 1974

4 ــ الشرارة طريق النصر ـ دار الصياد اللبنانية 1974

5 ــ وإنطلقت المدافع عند الظهر ـ لواء / محمد عبدالحليم أبوغزالة 1974

6 ــ بطولات حرب رمضان رواية شاهد عيان ـ حسين الطنطاوى 1974

7 ــ عندما سقطت السماء فوق إسرائيل ـ محمد فيصل عبد المنعم 1975

8 ــ هؤلاء الرجال العظام ومعركتهم المستحيلة ـ محمد فيصل عبد المنعم 1976

9ــ الساعة 2.5 بدأ الـــطوفـــان ـ حمدى الكنيسى 1976

10ــ مقال بعنوان (المدرعات من يونيو 67 إلى 6 أكتوبر1973) عميد أ.ح / عصمت الحبروك ـ المجلة العسكرية للقوات المسلحة عدد رقم 189 لسنة 1976

10ــ مقال بعنوان (مدير المخابرات الحربية يكشف أسرار حرب الدبابات) لواء كمال حسن على ـ كتاب الهلال الذهبى 6 أكتوبر1977

11 ــ مقال بعنوان (معارك الإلتحام بالدبابات فوق سيناء) للمحرر العسكرى حمدى لطفى ـ كتاب الهلال الذهبى 6 أكتوبر 1977

12 ـ مذكرات الجنرال إبراهام آدان بعنوان (على ضفنى القناة) ـ 1979

13ـ ــ حرب أكتوبر لاغالب ولا مغلوب ـ إدجار أوبلانس طبعة 1987

14ــ توازن القوى بين العرب وإسرائيل بين حربى 1967 ـ 1973 د/ جمال على زهران 1988

15ــ من سيناء إلى الجولان ـ جمال حماد ـ 1988

16ــ العمليات الحربية على الجبهة المصرية ـ جمال حماد 1989

17ــ فى قلب المعركة ـ لواء / عبد المنعم خليل 1995

18ــ مذكرات حرب أكتوبرـ الفريق / سعد الدين الشاذلى




           

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech