Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

انشراح موسى ـ الجاسوسة التي خانت زوجها مع مسؤول الموساد في تل ابيب


(الحلقة الثانية)

لم تكن تلك الإغراءات أو التهديدات المغلفة هي وحدها السبب الأول في سقوطه.. لكن تشريح شخصيته يعطينا مؤشراً عن استعداده الفطري للخيانة.. فلا يمكن لشخص سويّ أن يستسهل بيع نفسه ووطنه هكذا بسهولة.. لمجرد منفعة مادية مؤقتة.. فالمؤكد أن خلايا الخيانة كانت قابعة بين أنسجته منذ ولادته. . وكان يجاهد كثيراً حتى وجد لها منفذاً فأخرجها.

ففي بئر سبع تغير المشهد.. إذ تحول ابراهيم شاهين من مواطن يسعى للحصول على تصريح بالسفر الى القاهرة .. الى جاسوس لإسرائيل وعيناً لها على وطنه.

تناقض شاسع بين الحالين يدعونا للبحث في تقلبات النفس البشرية التي لا يعلم سرها إلا خالقها..

أخضع الجاسوس الجديد لدورة تدريبية مكثفة تعلم أثناءها الكتابة بالحبر السري وتظهير الرسائل.. ووسائل جمع المعلومات من الأهل والأصدقاء. . درب أيضاً على كيفية التمييز بين الطائرات والأسلحة المختلفة.. واجتاز العميل الدورة بنجاح أذهل مدربيه. . فأثنوا عليه ووعدوه بالثراء وبالمستقبل الرائع. . وبحمايته في القاهرة حتى وهو بين ذويه . . فعيونهم في كل مكان لا تكل.

دربوه أيضاً على كيفية بث الإشاعات وإطلاق النكات السياسية التي تسخر من الجيش والقيادة .. الى جانب الاحتراز وامتلاك الحس الأمني العالي، ولقنوه شكل الاستجواب الذي سيتعرض له حال وصوله القاهرة من قبل أجهزة الأمن، وكيف ستكون إجاباته التي لا تثير الشكوك من حوله.

وعندما رجع الى بيته محملاً بالهدايا لزوجته وأولاده. . دهشت انشراح وسألته عن مصدر النقود .. فهمس لها بأنه أرشد اليهود عن مخبأ فدائي مصري فكافأوه بألف دولار. . ووعدوه بمنحه التصريح خلال أيام.

بهتت الزوجة البائسة لأول وهلة .. ثم سرعان ما عانقت زوجها سعيدة بما جلبه لها .. وقالت له في امتنان:
كانوا سيمسكونه لا محالة . . إن عاجلاً أم آجلاً. .

فسألها في خبث:
ألا يعد ذلك خيانة .. ؟

فغرت فاها وارتفع حاجباها في استنكار ودهشة وأجابته:
مستحيل . . كان غيرك سيبلغ عنه ويأخذ الألف دولار. . أنت ما فعلت إلا الصح.

غمغم ابراهيم كأنه مستاء مما فعل وأضاف:
لقد عاملوني بكرم شديد. . ووعدوني بالكثير بسبب إخلاصي.. وتعهدوا بحماية أهلي وأقاربي إذا ما تعاونت معهم في القاهرة . .

صرخت انشراح في هلع:
تعاونت معهم في القاهرة .. ؟ يانهار اسود يا ابراهيم .. كيف .. ؟

وهي يغلق فمها بيده:
طلبوا مني موافاتهم بأسعار الخضر والفاكهة في مصر نظير 200 دولار لكل خطاب. أذهلها المبلغ فسرحت بخيالها وألجمها الصمت ثم قالت له فيما يشبه الهمس:
أنا خائفة.

جذبها الى صدره واحتضنها بقوة وأخذ يردد:
أنا لا أملك عملاً الآن وليس لي مورد رزق. . وبالمعلومات التافهة التي طلبوها سآخذ الكثير وسنعيش في مأمن من الفقر. . ثم إنني لست عسكرياً حتى أخاف على نفسي. . ولأنني رجل مدني فمعلوماتي ستكون هزيلة ولن تفيدهم بشيء.

وظل الثعبان ينفث السم الزعاف في أذني زوجته حتى هدأت.. وشمل المنزل سكون لا يقطعه الا صوت ارتطام الرغبة .. وتصادم جسدان يلهثان بفعل رعشات الشوق وحرارة اللقاء.

وبعدما هدأت الأنفاس وجف العرق. . وارتمت الأعضاء تتوسل الراحة .. لامست بخدها خده . . ولفح وجهه شعرها الكث الناعم الرطب. . وأعلنت المفاجأة التي شلت تفكيره. . وتركيزه أيضاً. .

قالت له إنها لكي لا تكون قلقة خائفة . . يجب أن يطلعها على رسائله أولاً بأول. . وأن تقوم بشطب أية معلومات لا داع لإرسالها لهم.

ولما وافقها ابراهيم على الشرط النهائي لموافقتها. . نامت قريرة العين تتوسد ذراعه. . واستغرق هو في تفكير عميق .. بينما أنفاسها المنتظمة الرتيبة تشبه فحيح أفعى تتربص بفريستها.

أفضل تغطية
في 19 نوفمبر 1967 وصل ابراهيم وانشراح الى القاهرة بواسطة الصليب الأحمر الدولي .. فمنح سكناً مجانياً مؤقتاً في حي المطرية .. ثم أعيد الى وظيفته من جديد بعدما نقلت محافظة سيناء مكاتبها من العريش الى القاهرة.

وبعدما استقرت الأمور قليلاً. . انتقل ابراهيم الى حي الأميرية المزدحم .. ومن خلال المحيطين به في العمل والمسكن . .بدأ في جمع المعلومات وتصنيفها.. وكانت زوجته تساعده بتهيئة الجو الآمن لكتابة رسائله بالحبر السري.. وكثيراً ما كانت تعيد صياغة بعض الجمل بأسلوب أفضل .. وتكتب أيضاً حياتها الى الموساد على أنها شريكة في العمل. . واعتاد ابراهيم أن يختتم رسائله بعبارة: "تحيا اسرائيل العظمى . .موسى".

ولأجل التغطية اتجه الى تجارة الملابس والأدوات الكهربائية .. وبواسطة المال والهدايا كان يتغيب كثيراً عن العمل غالبية أيام الأسبوع، ولشهور عديدة تواصلت الرسائل الى روما مزدحمة بالأخبار .. مما حدا برجال الموساد الى دعوته الى روما لاستثمار هذا الثنائي الرائع في مهام أكثر أهمية ..

وفي أغسطس 1968 وتحت ستار التجارة لا أكثر . . أبحر الثعبان والحية الى لبنان. . ومنها طارا الى روما حيث التقيا بمندوب الموساد الذي سلمهما وثيقتي سفر إسرائيليتين باسم موسى عمر ودينا عمر .. وعلى طائرة شركة العال الاسرائيلية طارا الى مطار اللد. .

كان استقبالهما في إسرائيل بالغ الحفاوة والترحيب . . إذ عوملا معاملة كبار الزوار. . وأنزلا بفيلا خيالية في تل أبيب مكثا بها ثمانية أيام .. حصلا خلالها على دورة تدريبية مكثفة في تحديد أنواع الطائرات والأسلحة .. والتصوير الفوتوجرافي.. وجمع المعلومات .. ومنح ابراهيم رتبة عقيد في الجيش الاسرائيلي باسم موسى . أما انشراح فقد منحت رتبة ملازم أول باسم دينا.

وفي مقابلة مع أحد القيادات العليا في الموساد .. أكدت إنشراح على ضرورة زيادة المكافآت لاشتراكها في العمل يداً بيد مع ابراهيم. . ووصفت له صعوبة جمع المعلومات ما لم يشتركا معاً في جمعها وتصنيفها .. وأفاضت في سرد العديد من الحيل التي تقوم بها لانتزاع المعلومات من العسكريين الذين صادقهم زوجها ويجيئون لمنزلهم.. ومن ذلك أنها تعلن بمرارة مدى كراهيتها للإسرائيليين وتنتظر يوم الانتقام منهم .. ولأنهم يتحدثون مع امرأة جميلة سرعان ما تنفك عقدة ألسنتهم . . وتخرج الأسرار منهم بسهولة . . خاصة والخمر تدغدغ الأعصاب وتذهب بالعقل.

ونظراً لأهمية المعلومات التي حصلوا عليها من خلال الجاسوس وزوجته. . فقد قرروا لهما مكافأة سخية وأغدقوا عليهما بآلاف الدولارات التي عادا بها الى القاهرة .. حيث استغلا وجودهما وسط حي شعبي فقير في عمل الصداقات مع ذوي المراكز الحساسة من سكان الحي. . وإرسال كل ما يصل اليهما من معلومات الى الموساد فوراً..

لقد برعا خلال حرب الاستنزاف – 1967 – 1970 – في التحليل والتصنيف، وتصوير المنشآت العسكرية أثناء رحلات للأسرة بالسيارة الجديدة فيات 124.

يقول الابن الأصغر عادل في حديث نشرته جريدة معاريف الإسرائيلية عام 1997:

"
لن أنسى ذلك اليوم الملعون من صيف 1969 طيلة حياتي . . فقد استيقظت مبكراً على صوت همسات تنبعث من حجرة نوم والدي. . كان أبي وأمي مستغرقين في نقاش غريب. .وكانت أمي تمسك في يدها حقيبة جلدية بينما كان أبي يحاول إدخال كاميرا الى داخلها لم أر مثلها من قبل في ذلك الحين.

كانت أمي غاية في العصبية وقالت له: لا ليس كذلك. . هكذا سيرون الكاميرا. فأخرج أبي الكاميرا وأدخلها مرات ومرات الى الحقيبة.. فجلست أنظر اليهما وهما يتناقشان . . ثم قال لي أبي: نحن ذاهبون الى رحلة الى الاسكندرية.

وخلافاً لنا نحن الأولاد الذين سعدنا جداً بالقيام بهذه الرحلة . . كان الوالد والوالدة غاية في القلق. . ولم أرهما متوترين الى هذا الحد من قبل.

أخذ أبي يتصبب عرقاً كلما ابتعدنا عن القاهرة، الى أن بلل قميصه تماماً كلما ابعتدنا أكثر فأكثر من القاهرة. وكان يتبادل الكلمات مع أمي بصعوبة، وصمتنا نحن أيضاً لشعورنا أن هذه الرحلة ليست ككل رحلة.

وفي تلك الفترة كانت هناك قواعد عسكرية ومصانع حربية كثيرة متناثرة حول الطرق الرئيسية في مصر. لم تخف السلطات شيئاً. ربما كنوع من استعراض القوة. وعندما بدأنا في الاقتراب من إحدى القواعد العسكرية أخرجت أمي الكاميرا وأمرها أبي قائلاً: "صوري . ياللا صوري . . صوري". فقالت له وأصابعها ترتعش: "سنذهب الى الجحيم بسببك". وحركت أمي الجاكيت المعلق على النافذة وبدأت في التصوير، وامتلأت السيارة الصغيرة بصرخاتها الممزوجة بالخوف. فأجابها أبي بنفس اللهجة: "هذه نهايتنا". واستمرت أمي في احتجاجها قائلة: "سنذهب الى السجن". وفي النهاية نظر أبي اليها بعيون متوسلة: "عدة صور أخرى. . فقط عدة صور أخرى".

وحاول "محمد" أن يسأل ما الذي يحدث لكن الرد الذي تلقاه كان "اسكت" فلم نسأل أية أسئلة أخرى بعد ذلك.

عدنا للبيت سعداء في ذلك اليوم. وعلى الفور أغلق أبي حجرته على نفسه وبعد فترة طويلة خرج وعانق أمي وقال لها: "يا حبيبتي لقد قمت بالتقاط صور رائعة للغاية". وبكت أمي وقالت له: "الى هنا يجب أن نشرح الأمر للأولاد". وكنا ما زلنا في صدمة وغير مدركين لهذه الجلبة التي تحدث.

وتحولت الرحلات الأسرية في أنحاء مصر الى روتين. . وكنا نخرج في نهاية كل أسبوع وكنا نسافر الى الأقصر، وأسوان، ليس هناك مكان لم نذهب اليه.. وأحياناً كان أبي يحصل على إجازة في وسط الأسبوع وكنا نسافر لعدة أيام. . وقد صورت قواعد ومنشآت عسكرية في مصر. . وكان أبي يسجل عدد الكيلو مترات في الطريق. . وبذلك يحدد موقع المصانع والقواعد العسكرية. . وكنا نحن الأولاد أفضل تغطية".

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech